رواية حب تحت الرمال للكاتبة مجدولين محمود هي حكاية تنبض بالمشاعر وتفيض بالصراعات الداخلية والخارجية، حيث تتقاطع الأقدار وتتشابك المصائر في قصة حب مختلفة لا تخضع للمنطق أو الزمن.في رواية حب تحت الرمال، يعيش القارئ حالة من الانجذاب العاطفي والتوتر النفسي، وسط أحداث متسارعة تكشف أسرارًا مدفونة وقرارات مصيرية تغير كل شيء. الرواية لا تقدم حبًا مثاليًا، بل واقعيًا، مليئًا بالتحديات والتضحيات.
رواية حب تحت الرمال من الفصل الاول للاخير بقلم مجدولين محمود
-------------------------------------------------
كانت فاتن غارقة في نوم هانئ ، عندما أيقظتها طرقات متتاليه على باب الشقه ، تثائبت منزعجه من ذلك الطارق ، هل يستحق الأمر القادم بخصوصه كل تلك الضجه ، أزاحت الأغطيه و نزلت من فراشها متأففةً من غياب والدتها المستمر ، و اضطرراها إلى تولي كل كبيره و صغيره بشأن حياتهن اليوميه ، ألقت نظره سريعه في المرآه و همت بتصفيف شعرها المشعث من أثر النوم ، و لكن مع ازدياد الطرقات عنفا ، آثرت أن تذهب و تفتح الباب بحالها تلك ، فذلك القادم المزعج لا يستحق أن تتهندم من أجله .
خرجت من غرفتها و اتجهت لتفتح الباب و لكن عندما أدارت القفل كانت الطرقات قد توقفت ، فتحت الباب ، و نظرت لليمين ثم اليسار ، لترى على يسارها أنبوبة البوتاجاز ، اذن قد مل فتى الأنابيب من الانتظار ، و تركها وحيده لمصيرها مع تلك الأنبوبه ، ربما المره القادمه لن تعطيه الثمن مسبقا ، فذلك سيجعله ينتظر و يقوم بتركيبها ، أما الآن عليها أن تصلي من أجل حدوث معجزه لتستطيع تركيبها بالطريقه الصحيحه.
تقدمت محاولة حمل الأنبوبه و إدخالها إلى الشقه ، و لكنها أنزلتها على الفور و قالت بصوت منزعج : هو انتي مش ناويه تعملي رجيم و تخسي شويه .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أغلق يحيى باب الشقه خلفه ، و تسمر في مكانه ، فلقد رأى جارتهم الجديده تحاول فاشله حمل الأنبوبه و إدخالها إلى شقتها ، هم بالتقدم و مساعدتها ، و لكنه توقف بعد أن سمعها تحادث تلك الأنبوبه.
لم يتمالك يحيى نفسه و انفجر ضاحكا على منظرها و دعابتها .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
استدارت فاتن على الفور لدى سماعها ضحكة أحدهم ، لترى شابا طويل القامه يقف على باب الشقه المجاوره لشقتهم ، و ابتسامه عريضه تزين ثغره .
شعرت فاتن بالاحراج الشديد لبلاهتها ، و مما زاد إحراجها هو تحديق ذلك الشاب فيها بشده ، و في هذه اللحظه حاولت العمل بنصيحة والدتها التي و منذ دخولها في طور النضج ما فتأت تعطيها دروسا في كيفية التعامل مع الرجال .
و أحد دروسها تلك ، هي مبادلة النظرات و بقوه مع أي رجل يقوم بتفحصها ، و إن راقها ما رأت تنتقل للدرس الثاني و هو كيفية الايقاع به ، فبنظر والدتها الرجال ما هم الا وسيله للحصول على أهدافنا في الحياه ، و عند تحقيق الهدف ، علينا الانتقال لرجل آخر ليحقق لنا أهدافاً أخرى .
تنهدت فاتن ، و قامت بالتحديق في متفحصها الشاب جدا ، فعمره بالتأكيد لا يتجاوز الثانيه و العشرون الا أنه عريض البنيان ، طويل القامه ، و ملامح وجه وسيمه للغايه، بالرغم من أنفه الذي يوحي بالعجرفه ، على عكس عيناه اللذان تشعان دفئا بلونهما الاسود الحالك ، الذي يضاهي لون شعره الكثيف المتمرد على جبينه البرونزي اللون ، و لكنه بالتأكيد وسيم جدا ، و على مقياس والدتها سيحصل على عشرة كامله بالنسبه للوسامه و المظهر خاصه مع ارتداءه هذه البدله الداكنه .
عضت على شفتها السفلى ، و تحسست جبينها الذي ارتفعت حرارته نتيجه لتطبيقها نصيحة والدتها .
ثم رفعت يدها لا إراديا و كأنها تريد تبرير موقفها مع الأنبوبه ، ثم أنزلتها سريعا إلى جانبها و قالت : أصلها تقيله اوي .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
اختفت الابتسامه عن ثغر يحيى فور استدارة جارتهم الجديده ، فلقد هاله ما رأى ، أو بالأحرى راقه ما وقعت عليه عيناه ، فجارته و التي يبدو أنها بالكاد أتمت عامها الثامن عشر ، جذابه للغايه ، و رغم تشعث شعرها و تنافره الا أن يحيى تمنى أن يمرر أصابعه خلاله و يعيد ترتيبه من جديد ، فذلك الشعر الأبنوسي ينبىء بملمس ناعم جدا ، يتناسب مع نعومة ملامح وجهها الرقيقه ، الذي يتوسطه أنف صغير مشاكس و فم وردي ، أما عيناها فاحتار ما لونها ، و عند تلك الفكره ، انتبه للخطأ الجسيم الذي اقترفه ، فلطالما غض يحيى بصره عن الفتيات العاديات منهن و الجميلات.
هز يحيى رأسه و أخفض بصره ، مستغفرا ربه في السر.
قال يحيى : طب أنا ممكن أساعدك .
قالت على الفور : ياريت ، و الا مش هاقدر اعمل اكل انهارده.
أومأ يحيى برأسه ، تقدم خطوات قليله ثم حمل الأنبوبه و قام بدخول الشقه ، و لكنه توقف عندما سمع خطواتها تتبعه، وضع الأنبوبه أرضا ، ثم استدار قائلا : هو في حد غيرك جوه .
أجابته بالنفي ، ليقول : يبقى يا ريت تستنى بره على الباب لغاية أما أركب الأنبوبه.
نظرت له باستغراب ، فقال بارتباك : يعني عشان ميصحش أدخل البيت و انتي لوحدك.
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أومأت فاتن برأسها محرجه ، ليتسدير جارها و يختفي داخل المطبخ ، و بعد انتظار دام حوالي خمس دقائق ، عاد ليظهر من جديد قائلا : هو المفتاح فين ؟
سألت فاتن بعدم فهم : مفتاح الشقه ؟
ابتسم يحيى و قال : مفتاح الأنبوبه .
قالت فاتن : ثوان و أجبهولك ، و بعد دقيقه عادت و في يدها المفتاح : اتفضل .
تناول المفتاح منها ، و بقى متسمرا مكانه على باب الشقه من الخارج.
قالت فاتن و قد أدركت سبب تردده : متقلقش أنا هاستنى عالباب من بره ، بس أصلك .. يعني واقف فالوش و مش عارفه أخرج.
حينها تراجع يحيى إلى الخلف ، خرجت و من ثم دلف هو إلى الداخل .
و بعد حوالي خمس دقائق ، أنهى مهمته و قال : أنا ركبتهالك و تقدري تتفضلي جوه .
تمتمت فاتن : استني بره ..اتفضلي جوه ، كأنها شقة اللي خلفوك..
قال يحيى : بتقولي حاجه !
قالت فاتن بسرعه و بصوت مليء بالتهكم : بقول متشكره جدا ، أنا لو قعدت من هنا لبكره مش هاقدر أشكرك كفايه .
فطن يحيى لنبرتها الساخره فقال : لو عايزه تشكريني بجد يبقى تلبسي اسدال قبل ما تفتحي الباب.
و انطلق مغادرا إلى عمله.
تثاءبت فاتن محدثه نفسها : اسدال ، أنا سمعت الكلمه دي قبل كده !
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
بقيت ليلى في فراشها مدعية النوم ، و دعت ربها أن يغادر خطيبها سريعا حتى لا تضطر إلى الجلوس معه و تحمل ثقالة دمه و سخافته .
طرق أحدهم باب غرفتها ، بالتأكيد تلك والدتها .
دلفت خديجه إلى الغرفه قائله : ليلى ، اصحي بقى عشان تفطري مع خطيبك .
لم تجب ليلى ، أزاحت خديجه الغطاء عن وجه ابنتها و قالت : و بعدهالك يا ليلى ، ميصحش كده ، كفاية امبارح نمتي بدري و مقعدتيش مع خطيبك اللي جاي مخصوص مالبلد عشان عيد ميلادك.
جلست ليلي في فراشها و قالت برجاء : أرجوكي يا ماما ، أنا مش بطيقه و لا بطيق اقعد معاه خمس دقايق على بعض.
قالت خديجه : يا بنتي هو اللي نبات فيه هنصبح فيه ، تميم مش بس خطيبك ، ده كمان ابن عمك ، يعني لو فسختي الخطوبه ابوكي هيخسر عمك للأبد، يرضيكي ده.
قالت ليلى بحزن : لا ميصحش يخسروا بعض ، المفروض أنا اللي أخسر حياتي كلها .
قالت خديجه بعتاب : طب اديله فرصه ، اقعدي معاه ، و انتي و شطارتك تقدري تغيريه زي ما انتي عايزه .
قالت ليلى بتهكم : اغير ايه و لا ايه بس يا أمي ، ده احتمال أبوالهول ينطق ، قبل ما تتغير فتفوته في سي تميم ده.
قالت خديجه بنفاذ صبر : طب وافقتي ليه مالأول .
ضحكت ليلى بمراره و قالت : وافقت ليه ، يا ماما انا كان عندي خمستاشر سنه وقت ما اتفق عمي مع بابا على الخطوبه ، كنت فرحانه إني هابقى عروسه ، و هالبس دبله و أعيش قصة حب زي باقي البنات ، مكنتش مستوعبه يعني ايه جواز و اختيار شريك الحياه.
قالت خديجه بتردد : و دلوقتي فضالك سنه و تتخرجي ، و زي ما اتفق باباكي مع عمك هيتم الجواز ، جايه بعد كل السنين دي تغيري رأيك و تبقى سيرتك على كل لسان فالبلد.
مسحت ليلى عبره سالت على وجنتها و قالت : طب ثوان و هاخرج افطر معاكو .
أومأت خديجه برأسها و خرجت ، لتترك ليلى خائبة الأمل في والدتها ، فرغم طيبتها و فطرتها السليمه الا أن المحور الأول في حياتها هو إرضاء زوجها و إطاعته في كل كبيره و صغيره ، لاغية أي عقل أو منطق آخر ، فحتى التعاطف مع ابنتها يجب أن يحصل على التصريح و التأييد من والدها .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
جلس يحيى على مكتبه في إحدى المصالح الحكوميه التي حصل مؤخرا على وظيفه فيها بعد تسوية والده للمعاش و التوسط لدى رئيسه في العمل لتوظيف يحيى ، وظيفه لم تكن ضمن أحلام يحيى أو أهدافه ، فالعمل الحكومي روتيني و ممل للغاية ، تجلس طوال النهار للتسامر مع زملاء العمل و تناول المشروبات المختلفه و من ثم المغادره دون تحقيق أي إنجاز يذكر.
و لكن و رغم رفض يحيى لفكرة والده ، إلا أن الأخير قام بالتنفيذ و الحصول على تقاعد مبكر ، ليفاجيء يحيى و يضعه في خانة اليك ، فوالده عبدالرحمن رضوان رجل صالح و لكنه متمسك بعادات و مفاهيم و موروثات قديمه ، و من الصعب تغييرها ، لذا آثر يحيى أن يرضي والده باستلامه هذه الوظيفه ، و حينما يحقق هدفه سيتركها حتما ، مثبتا لوالده صواب قراره من البدايه .
قراره بالعمل الحر ، فلقد اتفق هو و صديقيه المقربين مالك و أنس على إنشاء شركتهم الخاصه بالبرمجه ، و لحسن الحظ مكتبه الحالي يحتوي على جهاز حاسوب يستطيع من خلاله أن يتم عمله مع صديقيه ، و حين انتهاء الدوام يمر على مقرهم المتواضع للتواصل معهم .
نعم ، لن يستغرق وقتا طويلا في هذه الوظيفه .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
جلست إنجي الشريف مستسلمه لخبيرة التزيين التي أخذت تحرك أدواتها بخفه على وجهها، محاولة خلق صوره فنيه بديعه ، لتظهرها أصغر من أعوامها الأربعين بكثير ، فالدور الجديد الذي ستلعبه يدور حول فتاة في الخامسه و العشرين ربيعا .
قالت صفا خبيرة التزيين : ها ايه رأيك يا مدام انجي .
نظرت إنجي في المرآه بتمعن ، ثم قالت بامتعاض : شفايفي معووجه كده ليه !
لوت صفا شفتيها دون أن تلاحظها إنجي و تمتمت : معووجه من البتاع اللي نفختيها فيه .
ثم قالت بصوت عال : حالا هازبطهم يا مدام .
أمضت صفا حوالي نصف ساعه أخرى مولية اهتمامها لشفتي إنجي التي قالت بعد انتهاءها : بجد تحفه .
ابتسمت صفا و قالت : قمر يا مدام قمر .
بعد مغادرة مزينتها ، تطلعت إنجي إلى مرآتها بحسره ، فقبل أعوام مضت كانت لا تحتاج إلى كل تلك البهرجه لتبدو جميله ، و لكن اليوم و بعد أن تسللت خطوط الزمن الى وجهها ، أصبحت تحتاج إلى كم هائل من الرتوش التجميليه ، فتلك الخطوط لا ترحم أحدا ، و الأدهى من ذلك هو سوء حالتها الماديه و التي جعلتها غير قادره على اللجوء للجراحات التجميليه لتخفي آثار الزمن عن وجهها الذي كان يوما حديث الناس و الصحافه نظرا لتصدره أفيشات الأفلام و تترات المسلسلات و أغلفة المجلات المختلفه.
حكيم هو من قال أن دوام الحال من المحال ، فجمالها آخذ في الرحيل ، تماما كرحيل زوجها الأخيرعنها بعد أن نصب عليها في مبلغ كبير و احتال عليها و استولى على شقتها الفاخره التي كانت تقطن بها معه و مع ابنتها فاتن ، مما اضطرها الى الانتقال لذلك الحي المتواضع و تلك الشقه الوضيعه .
تناولت هاتفها و طلبت رقم ابنتها ، التي ردت على الفور : الو ازيك يا ماما .؟
قالت انجي : كويسه ، أنا بكلمك عشان هتأخر اوي و عايزه تحضريلي مشاوي خفيفه و ضروري طبق سلطه كبير عشان الريجيم يا حبيبتي.
قالت فاتن : حاضر يا ماما ، و طالما هتتأخري يبقى أنا هانزل اشتري الحاجات ع المغرب كده ، يكون الحر خف شويه.
قالت انجي : طب كويس ، واوعي تخرجي مبهدله زي عوايدك.
قالت فاتن بانزعاج : ياماما هو أنا خارجه لمناسبه ، ده أنا هاروح السوبرماركت .
قالت انجي آمره : اسمعي الكلام ، لازم تكوني أنيقه على طول ، مش جايز حد مريَش يشوفك و يُعجب بيكي ، اوعي اوعي تلبسي الكوتشي و الجينز ، نقيلك جيبه من بتوعي و لا أي فستان كيوت من القصيرين اللي عندي.
قالت فاتن باستسلام : حاضر يا ماما .
قالت انجي قبل أن تنهي المكالمه : و متنسيش تحطي ميكب .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
ارتدت ليلى حجابها مخفيه خصلات شعرها السوداء الناعمه ، ثم جلست أمام مرآتها و التقطت الكونسيلر محاولة إخفاء الهاﻻت السوداء تحت عينيها بنية اللون ، هالات تكونت نتيجه لسهرها البارحه تتحدث مع صديقتها أماني على الفيس بوك ، حديث أدى بدوره الى اتفاقهما على التلاقي اليوم لحضور أحد الندوات التي تعدها كلية الصحافه و التي طالما تمنت الالتحاق بها كأخيها لؤي و لكن والدها كان له رأي آخر ، فالصحافه و الاعلام مجال لا يناسب الفتيات ، و بيده قدم التنسيق لكليه الاداب ، لتتخصص في اللغه العربيه .
وضعت الكونسيلر جانبا ، و أضفت بعض اللون إلى وجنتيها و ثغرها ، ثم تأكدت من احكام لفة حجابها الداكن اللون و الذي يبرز لون بشرتها القمحيه برقه.
خرجت من غرفتها و اتجهت إلى الشرفه حيث أعدت والدتها الفطور لها و لخطيبها .
وجدته منخرطا في تناول الطعام ، و كالعاده مرتديا قميصا يحتوي على ألوان الطيف بكاملها و مشمرا أكمامه ، تلاقت أعينهما ليقول : صباح الخير يا بنت عمي .
دخلت الشرفه و ردت : صباح النور ، و اسفه مقدرتش أقعد معاك امبارح كنت تعبانه شويه.
قال تميم بخبث: بكره أما يتقفل علينا باب واحد هأعرف ازاي امشيكي عالعجين متخلبطيهوش .
تأففت ليلى و قالت : أنا مش قلتلك ميت مره مش بحب الهزار السخيف ده .
لعق تميم أصابعه بطريقه مقززه و قال : و مين قال إن ده هزار يا ست ليلى هانم ، أنا صبرت عليكي كتير و على معاملتك اللي من فوق دي ، بس هانت كلها كام شهر و أطلع القديم و الجديد على جتتك .
وضعت ليلي يدها على خدها و قالت : ده كلام يطلع من واحد المفروض متعلم و بيعرف ربنا.
ضحك تميم بسخريه و قال : العلام حاجه و اللي بين الراجل و مراته حاجه تانيه خالص.
أومأت ليلي برأسها فلا فائدة من الجدال معه ، عليها أن تغامر اليوم و تُحادث والدها بشأن إنهاء هذه الخطبه .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
في مبنى الجامعه التقت ليلى بصديقتها أماني ، و اتجهتا لحضور تلك الندوه.
و في القاعه جلست ليلى بالقرب من أخيها لؤي .
قال كِنان الجالس بجوار أخيها من الجهه اليمنى : ازيك يا آنسه ليلى .
أجابت ليلى بصوت خفيض : الحمد لله .
قال لؤي منزعجاً : هششش الندوه هتبدأ عايز اسمع.
فأخيها لؤي شغوف جداً بدراسته ، و حريص على الحصول على أعلى التقديرات ، لإثبات نفسه أمام والده الكثير المتطلبات ، و خاصه بعد تعثر لؤي في شهادة الثانويه العامه و رسوبه لسنتين متتاليتين.
سنتان اضُطر فيها والده إلى تقبل وجود صديقه الانتيم كِنان في بيتهم لمساعدته على المذاكره ، فكِنان أنهى الثانويه العامه بامتياز و مرتبه أولى على الجمهوريه ، تعرف عليه لؤي من احد مواقع التواصل الاجتماعيه حينما اراد بعض الدروس الخصوصيه ليجد اعلانا من كنان عن امكانية تقديمه بعض الدروس للطلبه باسعار مخفضه للغايه ،حينها لجأ له لؤي و اصبحا منذ ذلك الحين صديقين مقربين نظرا لشغف الاثنين بالصحافه و الاعلام ، ليصبح كِنان الاستثناء الوحيد ، فلطالما منع عبدالرحمن ابنيه من احضار اي اصدقاء للبيت خوفا على ليلى ، و نظرا لتمسكه بعادات و تقاليد بلدتهم الصغيره ..
تنهدت ليلى و استرقت النظر إلى صديق أخيها لتُفاجأ بنظراته المصوبه نحوها ، أدارت وجهها بسرعة محرجه من تصرفها ، و خجلى من تحديقه بها.
لكزت ليلي صديقتها أماني الجالسه بجوارها و همست : أنا عايزه اطلع بره.
قالت أماني مستنكره : هو احنا لحقنا نعد يا بنتي.
قالت ليلى بفروغ صبر : أنا ماشيه.
نهضت من مقعدها و تبعتها أماني مرغمه .
قالت أماني بضيق : مالك ، مش جيتي عشان تشوفي حبيب القلب ، ايه اللي حصل!
شهقت ليلي و قالت : ايه الكلام اللي بتقوليه ده !
ردت أماني بهدوء : يا بنتي مش عليا الكلام ده ، الانكار مش هيفيدك ، و الواد مُز و يتحب فعلا.
ابتسمت ليلى و قالت : و الله انتي رايقه و فايقه .
قالت أماني : طب عيني فعينك كده.
قالت ليلى على الفور : اهو ، مالها عيني بقى.
نظرت أماني لصديقتها نظره المتيقن و قالت : تعالي نقعد هنا.
جلستا على أحد المقاعد و قالت ليلى : مش عارفه يا أماني حاسه إني فورطه كبيره.
سألت أماني : احكيلي ...
قالت ليلى : أصل زي ما انتي عارفه مش بطيق خطيبي خالص ، و حاولت كتير ألمح لبابا و أكلمه في الموضوع بس هو محكم رأيه و شايف إنه مصلحتي فالجوازه ديه ، و يحيى و لؤي كفايه اللي هما فيه ، انتي متتخيليش بابا ازاي بيضغط عليهم و بيدخل في كل قرار بياخدوه و لازم رأيه هو اللي يمشي ، فمش عايزه أدخلهم كمان في مشاكلي.
صمتت لتستحثها أماني على الحديث : و بعدين ، أنا حاسه إنك عملتي عمله مهببه .
قالت ليلى بخجل : أصلي ...
قالت أماني : أصلك ايه يا بت ما تنطقي ، سرك في بير.
قالت ليلى بحرج : مش عارفه ازاي لقيت نفسي بضيف كِنان عندي ع الفيس ، و بقينا نتكلم تقريبا كل يوم .
صفرت أماني بخفه و قالت : يا نهار مِلون ، ضفتي صاحب أخوكي ، و المنيل عادي كده يكلم أخت صاحبه ، وأنا اللي كنت فاكراه أرجل من كده بكتير.
قامت ليلى بضرب صديقتها بالكشكول الذي تحمله بيدها و قالت : اسمعي ، هو ميعرفش إنه أنا ، بس دلوقتي شاكه إنه عرفني .
حدقت فيها أماني قائله : مش فاهمه ، ابسلوتلي مفهمتش المقطعين اللي فاتوا دول ، نزلي الترجمه بسرعه.
تأففت ليلي و قالت : أصلي عملت اكاونت جديد مش باسمي و ضفت كِنان عليه ، و هو قبل طلب الصداقه ، لكن ميعرفش أنا مين ، مرضتش أقوله اسمي ، و امبارح قررت إني خلاص مش هاكلمه تاني ، و زي ما انتي عارفه سهرت معاكي ع الفيس ، بس مش عارفه أما شفته انهارده حسيت إنه عرفني و عنيه كأنها بتسألني ليه مردتش امبارح على مسجاته.
ضربت أماني كفاً بكف و قالت : عنيه بتسألك ، ده انتي واقعه لشوشتك ، يا بنتي غلط جداً اللي بتعمليه ده.
قالت ليلي بحسره : أعمل ايه مش لاقيه حد يفهمني ، و لا يُقف جنبي ، و مش عارفه امتى اتعلقت بيه ، يمكن لأنه بقى يجي عندنا البيت كتير و يمكن عشان بيحب الصحافه و الأخبار زيي ، يمكن بلاقي معاه حلمي اللي مقدرتش أحققه ، مش عارفه ، مش عارفه.
ربتت أماني على كتفها و قالت : طب و أخوكي يحيى مش بتقولي قريب منك و بيفهمك ، ليه متتكلميش معاه.
قالت ليلي : ما قلتلك كفايه مشاكله مع بابا ، و بعدين ده على طول مشغول بيخلص شغل الحكومه اللي بابا أجبره يقبله و بعديها بيروح عالشركه اللي عاملها مع صحابه حتى الاجازات بيقضيها فشغله ، مبعرفش أتلم عليه.
قالت أماني بهدوء : شوفي يا ليلي استمرارك مع خطيبك غلط ، و اللي عملتيه مع كِنان أكبر غلط.
قالت ليلى : طب ادعليلي انهارده هآخد حبوب الشجاعه و أحاول أتكلم مع بابا بخصوص تميم .
قالت أماني بحب : ربنا معاكي ، و ضروري تطمنيني ، هاستنى منك مكالمه .
أومأت ليلي برأسها و اتجهتها لاستكمال محاضراتهن لهذا اليوم.
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
خرج يحيى من الشقه محل شركته الصغيره مع صديقيه مالك و أنس ، اختار أن ينزل الدرج فمصعد البنايه المهترىء يستغرق وقتاً طويلاً في الصعود و الهبوط ، ناهيك عن تعطله المستمر ، وصل إلى أسفل الدرج ليسمع أصواتاً تأن من الألم ، توقف و أطرق السمع ، ليكتشف خطأه فتلك الأصوات تأن و لكن بالتأكيد ليس من الألم ، هم باستكمال سيره ليسمع صوت أنثوي يقول : أنس كفايه كده ، حرام عليك .
شعر يحيى بالضيق الشديد من تصرفات صديقه أنس ، فمن حوالي أسبوعين قام أنس بإحضار إحدي الفتيات إلى الشقه مقر عملهم ، لينهره كل من يحيى و مالك على فعلته تلك ، و لكن يبدو أن عتابهم معهم لم يأت بنتيجه مثمره ، فقط اضُطر صديقهم إلى تغيير المكان.
هز يحيى رأسه ممتعضاً و أكمل طريقه .
و في سيارة الأجره رن هاتفه ، أجاب على الفور : الو .
قالت خديجه : يحيى يا بني ، معلش لو هاتعبك بس كنت عاوزاك تجبلي كام حاجه من السوبرماركت .
حفظ يحيى طلبات والدته عن ظهر قلب أو هكذا ظن ، وبعد توقف السياره ، ترجل منها و دلف إلى السوبرماركت القريب من بنايتهم .
اتجه إلى القسم المخصص للمنظفات لإحضار حاجيات والدته ، بحث عن الأصناف التي طلبتها ، و لكنه كعادته احتار أيَاً يختار منها ، بقى دقيقه يُقيم الأنواع المعروضه على الأرفف ، عندما قرر أخيراً الاتصال بوالدته لمساعدته كعادتها في انتقاء صنفها المفضل.
أخرج هاتفه ، ليفاجأ بصوت أنثوي يقول : ده أفضل نوع ، بيشيل البقع و ريحته حلوه جداً.
التفت تجاه الصوت ، ليرى جارته الصغيره ، صغيره السن و الحجم أيضاً ، فبإمكانه بكل سهوله أن يضعها في عربة المشتروات كما يفعل الآباء مع أطفالهم الصغار ، و لِمَ العربه بإمكانه أن يضعها في جيبه و يغادر السوبرماركت ، ابتسم لهذه الفكره ، هل هي فعلا ضيئلة الحجم لهذه الدرجه أم يُهيأ له ذلك بسبب ضخامة بنيته هو شخصياً.
تفحصها قليلا لتختفي ابتسامته ، و يحل مكانها العبوس بسبب ذلك الفستان الذي ترتديه ، فستان قصير جداً بالكاد يصل إلى ركبتيها ، و بدون أكمام ، و يكشف كثيراً من معالم أنوثتها .
غض بصره للمره الثانيه هذا اليوم و استغفر ربه ، لتقول جارته : أنا بس حبيت أساعدك زي ما ساعدتني الصبح.
ثم أضافت : صدقني ده أحسن واحد فيهم .
عاود يحيى النظر إلى الرف ، و التقط الصنف الذي أشارت عليه باستخدامه و قال باقتضاب : متشكر.
قالت فاتن : العفو ، على ايه .
ثم تنحنحت ، ليعود يحيى بنظره إليها متسائلاً : افندم؟
قالت فاتن بحرج : معلش لو تجبلي واحد أنا كمان ، يعني عشان مش هقدر أطوله و انت بسم الله ما شاء الله طويل اوفر ، و اتبعت كلامها بضحكه صغيره.
ابتسم يحيى رغماً عنه، و التقط واحداً آخر ووضعه في عربتها.
قالت فاتن : ميرسي .
أومأ يحيى برأسه و حرك عربته ليغادر قسم المنظفات ، و كذلك فعلت فاتن.
ليعودا و يلتقيا عند موظف الماليه ، وضعت فاتن عربتها أمام عربته ، و اصطفت بجواره ، ثم قالت بصوت خفيض : ممكن أسألك سؤال ؟
نظر يحيى لها بطرف عينه ، ثم قال : ممكن !
سألت فاتن باهتمام : هو مش الاسدال بيلبسوه في الحج ؟
أعطاها يحيى كامل انتباهه و قال : ياريت لو حابه تهزري يبقى تختاري حاجه مناسبه .
عقدت فاتن حاجبيها و قالت : مين قالك إني بهزر !
قال يحيى : اتفضلي ، دورك .
زمت فاتن شفتيها و تقدمت لدفع ثمن مشترواتها .
حين خروجه من السوبرماركت آثر يحيى عبور الشارع و السير على الضفه الأخرى ، بعيدا عن جارته الصغيره ، و بعيدا عن المزيد من الذنوب ، فعيناه اليوم مصرتان على التحديق فيها و التأمل في كينونتها .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
وجدت فاتن صعوبة كبيره في حمل أكياس مشترواتها و السير بهذا الحذاء ذو الكعب العالي جدا ، ترنحت قليلا و كادت أن تسقط ، لولا يد غليظه قامت بإسنادها في اللحظة الأخيره .
↚
¤ عِطرُ الربيعِ ....أنتي ¤
---------------------
وجدت فاتن صعوبة كبيره في حمل أكياس مشترواتها و السير بهذا الحذاء ذو الكعب العالي جدا ، ترنحت قليلا و كادت أن تسقط ، لولا يد غليظه قامت بإسنادها في اللحظة الأخيره .
تطلعت إلى الرجل الذي قام بإسنادها و قالت : ميرسي لحضرتك .
كانت ذراعه ما تزال تطوق خصرها ، أرادت إزاحتها و الابتعاد عنه ، و لكنها لم تعِ كيف ، فيداها مشغولتان بتلك الأكياس ، عوضا عن ذلك قالت بحزم : قلتلك ميرسي و تقدر تكمل طريقك .
قال مبتسما : ميصحش ، لازم أوصلك لحد البيت ، هاتي عنك .
و مد يديه ليلتقط الأكياس ، لتقول فاتن : مفيش داعي ، و ميرسي مره تانيه .
ثم أكملت طريقها ، لتلاحظ سيره بجوارها ، أسرعت فاتن خطاها ، فقام بالمثل ، ثم و على حين غره التقط أحد الأكياس من يدها ، لتصرخ فاتن قائله : يا أستاذ عيب كده .
قال الرجل : بالراحه عليا يا طعمه ، أنا قصدي شريف ، ثم أضاف ضاحكا : أنا طالب القرب من جمال سيادتكم .
نظرت فاتن للرجل و للكيس الذي أصبح بحوزته ، تنهدت و آثرت عدم افتعال مشكله معه و أكملت مسيرها ، و لكنه لم يفهم الرساله بعد ، بل استمر في تتبعها و محاولة التلاطف معها .
أسرعت فاتن أكثر ، لتتعثر و تسقط أرضا ، و لسوء حظها قام ملاحقها بمساعدتها مره أخرى ، و لكن هذه المره بقيت يداه مطبقتان على خصرها .
صاحت فاتن بعنف : يا حيوان شيل إيدك .
قال الرجل مبتسما : تؤ تؤ ، بس برده طعم و انت متعصب .
و قال صوت ذكوري آخر : شيل ايدك ، أحسن ما أقطعهالك .
التفت الرجل بعد أن أرخى قبضته عنها و قال : و مين بقى حضرتك ، محامي بنات الليل !
شهقت فاتن ليقوم جارها بلكم الرجل قائلا : غور من هنا لاحسن أرتكب فيك جريمه الليلادي .
قال الرجل بعد أن عاد لتوازنه : و على ايه ، ثم ألقى نظره متفحصه ناحيتها و قال : ملكيش فالطيب نصيب .
و استدار مغادرا ، لتقول فاتن : ميرسي اوي ، ده واحد متخلف .
قال يحيى بغضب : ما انتي لو كنتي لابسه حاجه عدله مكنش أتعرضلك .
قالت فاتن بامتعاض : تقصد ايه ، أنا السبب في سفالته !
قال يحيى بغيظ : لا هو سافل بالفطره ، ليه بقى تديه سبب تاني يسمحله يتطاول بيه عليكي .
قالت فاتن بحنق : تاني أنا السبب .
قال يحيى بفروغ صبر : هو انتي مسمعتيش شبهك بمين .
تنهدت فاتن و قالت بحرج : لا سمعت و ميرسي إنك فكرتني .
قال يحيى : مش قصدي أدايقك .
ابتسمت فاتن ، ثم انحنت لتلتقط حاجياتها التي بعثرت في الأرض نتيجه لترنح معاكسها و إسقاط الكيس الذي كان بحوزته .
قال يحيى بحده بعد أن كشف انحناءها عن مفاتنها : بجد ميصحش كده....
قالت فاتن : هو ايه اللي ميصحش .
هز يحيى رأسه و قال : أصل ...استني أنا هالمهوملك .
قالت فاتن : مفيش داعي .
قام يحيى على عجاله بجمع حاجياتها التي بعثرت في الارض ثم قال بعصبيه : خلاص اهم و ناولها الكيس ، ثم قام بالتقاط أكياسه هو الآخر .
قالت فاتن : ميرسي مره تانيه ، تعبتك معايا .
قال يحيى باقتضاب : العفو ، ثم أكمل مسيره ، و كذلك فعلت فاتن ليسيرا متقاربين .
تعثرت فاتن مره أخرى بسبب كعب الحذاء ، ليقول يحيى : هاتي عنك .
قالت فاتن بتردد : مفيش داعي ، كلها خطوتين و نوصل .
أصر يحيى ، فاستجابت له محرجه ، قال بعد أن دلفا إلى مصعد البنايه : طالما مش بتعرفي تمشي بيه ، بلاه أحسنلك .
زمت فاتن شفتيها و قالت : لا أنا بعرف أمشي بيه كويس جدا ، بس عشان شايله حاجات تقيله .
خرجا من المصعد ، ليوصل يحيى الأكياس إلى باب شقتها قائلا : تحبي أحطهوملك جوه .
تناولت فاتن الأكياس من يده ، ثم قالت: هو انت....
لم تكمل فاتن جملتها ، فلقد استدار جارها مسرعا باتجاه شقتهم ..
تمتمت فاتن : يعني كان مصمم يساعدني و دلوقت هيعمل نفسه تقيل و لا ايه حكايته ده ..
دلفت فاتن الى الشقه محتاره من تصرف جارها الشاب ، فلقد دافع عنه و اصر على مساعدتها و من ثم رحل فجأه .. فكرت في نفسها : اهو في رجاله بتساعد لله يعني ، مش على راي ماما لازم يكون ورا مساعدتهم غرض او مصلحه....
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
استلقى كِنان على سرير صديقه لؤي محدقا في السقف ، و مذعورا من القرار الذي عزم عليه ، و لكن عاطفته تجاهها طغت على أي ذرة تفكير أو حتى تعقل .
قال لؤي مستنكرا : ايه مش هتقولي رأيك فالمقاله اللي هانزلها على مجلتي ؟
استفاق كِنان من شروده ، و عاد بانتباهه إلى صديقه لؤي ، الذي طالما طلب مشورته في مقالاته التي ينشرها على مجلته الالكترونيه و التي قام أخوه يحيى بتصميمها له .
قال كِنان معتذرا : معلش يا صاحبي ، حالا هقراها ، بس الأول ممكن أدخل الحمام .
قال لؤي : ما تروح يا بني .
تنحنح كِنان و قال : عادي يعني ..
قال لؤي : هو انت أول مره تعملها هنا ، و بعدين هما قاعدين في الصاله و ليلى فاوضتها .
أومأ كِنان برأسه و خرج من غرفة لؤي .
أغلق باب الغرفه و أسند رأسه على الحائط المجاور ، محاولا التقاط أنفاسه ، استجمع شجاعته ، و سار في الممر المؤدي إلى غرفتها ، طرق الباب .
قالت ليلي بصوت مرتفع : اتفضل .
أخذ كِنان نفسا عميقا ، و أدار مقبض الباب ، وقف لثوان يتأملها منغمسه في كتابة شيء ما على حاسوبها .
استدارت قائله : في ايه... ثم توقفت عن الحديث و فغرت فاهها مصدومه .
أغلق كِنان الباب خلفه و قال : ليلي أنا ..
نهضت ليلى من مقعدها مفزوعه و قاطعته قائله : انت اتجننت ، ايه اللي بتعمله هنا !
قال كِنان بصوت خفيض : طب أعمل ايه ، بقالك أسبوع مش راضيه تكلميني .
قالت ليلى باضطراب : أكلمك ده ايه ، هو أنا في بيني و بينك كلام أصلا .
قال كِنان بعصبيه : بلاش شغل العيال ده معايا .
و لدهشته قامت ليلي باللطم على وجنتيها قائله : أبوس ايدك ، أبوس ايدك اخرج بره .
قال كِنان برجاء : هاخرج بس قوليها .
قالت ليلى بذعر : أقول ايه ...
قال كِنان: انتي عِطر الربيع ، مش كده..؟؟؟؟
نظرت ليلى له متردده ، قال كِنان: أرجوكي .
أومأت ليلى برأسها ، ليقول كِنان : طب شيلي البلوك اللي عملتيه .
قالت ليلى : أرجوك اخرج بره ، انت مش عارف لو حد منهم شافك هنا هيحصل ايه .
قال كِنان: طب أوعديني تشيلي البلوك ، و ترجعي تكلميني من تاني .
قالت ليلى : أوعدك ، أوعدك ، بس يلا أطلع من هنا .
قال كِنان بسرعه : الساعه تمانيه ضروري نتكلم ، ها .
أومأت ليلى له ، ليخرج من غرفتها مسرعا .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
وقفت فاتن أمام خزانة والدتها ، محتاره أي تلك الأثواب سيليق بها أكثر ، و تمنت لو أن باستطاعتها أن تقضي ليلتها هنا بدلا من الذهاب مع والدتها إلى حفل افتتاح فيلمها الجديد ، فتلك الحفلات لم تعد ترق لها ، صحيح أنها في معظم الأحيان تلتقي بكبار النجوم و الاعلاميين و الذين يعاملونها بلطف شديد ، و لكن مؤخرا أصبح حضور تلك الحفلات بمثابة كابوس بالنسبه لها ، و السبب ....
قالت انجي بضيق : ايه لسه مخترتيش واحد ؟
قامت فاتن بالتقاط أحد الفساتين بسرعه و قالت : اهو يا ماما ، هالبس ده .
قالت انجي : طب يلا بسرعه ، خميس هيجي بعد شويه يوصلنا .
ارتعدت مفاصل فاتن فور سماعها اسمه و قالت : يا ماما أنا مش بحب الراجل ده ، و خلاص معدتش رايحه معاكي .
قالت انجي بعصبيه : حبتك عقربه يا شيخه ، ده اللي هينشلنا من الشقه الحقيره دي ، و تقوليلي مش بحبه.
قالت فاتن محاولة التخفيف عن والدتها : و مالها الشقه دي ياماما ، و الله جميله ، و بعدين لما ان شاء الله الفيلم بتاعك ينجح ، أكيد الشركه هتنتجلك المسلسل و هتاخدي فلوس كتير و نقدر ننقل من هنا .
قالت انجي متأففه : طب يلا البسي ، و لا عايزاني أركب معاه لوحدي .
أطاعت فاتن والدتها ، غير قادره على تركها تذهب بمفردها بصحبة ذلك الرجل البغيض خميس النونو .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أضاء اسم عِطر الربيع على صفحته من جديد ، ابتسم كِنان و على الفور أرسل لها : بحبك يا ليلى بحبك.
صفعت ليلى نفسها و أرسلت : ايه الكلام اللي بتقوله ده بس ....!
كتب كِنان: طب اديني رقم الفون بتاعك ، عشان أفهمك .
كتبت ليلى : مش هينفع .
كتب كِنان: كده هتخليني اكرر اللي عملته انهارده.
كتبت ليلى : يا نهار اسود ، انت عايز تودينا في داهيه .
كتب كِنان: اديكي قولتيها ، تودينا يعني احنا ، يعني انا و انتي بقينا في مركب واحده ، أنا هاكتبلك رقمي و ارجوكي ترني عليا دلوقتي ، و هاطلبك و نتفاهم .
بقيت ليلى دقائق تحدق في الشاشه أمامها ، تنظر إلى الرقم ، و بعد تردد كبير أمسكت هاتفها و طلبته .
قام بإلغاء الاتصال ، و بعد ثوان وجدت رقمه يضيء شاشة هاتفها ، ضغطت رد و قالت بصوت مرتعش : الو .
قال كِنان بصوت أجش : السلام عليكم .
- و عليكم السلام و رحمة الله .
- ازيك يا ليلى .
- مرعوبه .
- أرجوكي متخافيش ، أنا مستعد أقف قصاد الدنيا كلها عشانك .
- يا كِنان كلامنا مع بعض غلط ، أولا أنا مخطوبه و ثانيا انت صاحب أخويا و لو لؤي عرف هتخسروا بعض للأبد.
- جايه تقولي كده بعد ما علقتيني بيكي و مشاعري مبقتش فايدي .
- أنا آسفه ، مكنش قصدي و مكنتش أعرف إنك بسهوله هتعرف أنا مين .
- و اديني عرفت ، و خلاص معدش ينفع تستمري مع خطيبك ، ليلى انتي لازم تسيبيه.
- بالسهوله دي ....!
- وايه اللي يمنع ، أنا اللي فهمته من كلامك إنك تعيسه معاه ، ايه يجبرك تكملي فالخطوبه دي ؟
- أنا لما فتحتلك قلبي ، مكنتش أعرف إنك هتتعلق بيا و كمان تعرف أنا مين ، فأرجوك أي حاجه قلتها و أنا متخفيه باسم عطر الربيع ضروري تنساها .
-مستحيل أنسى ، ليلى أرجوكي تاخدي خطوه ، أنا مقدرش آجي و أتقدملك و انتي مخطوبه .
- يا كِنان ، أنا كلمت بابا بدل المره ألف و مش مقتنع برأيي و مصر إني بدلع و مش عارفه مصلحتي .
- طيب أنا هأكلم لؤي .
- أوعى تعمل كده ، أنا هحاول مع بابا تاني .
- طب أنتي عندك محاضرات بكره ؟
- أيوه ، ليه ؟
- عايز أشوفك .
- بلاش و النبي حكاية إننا نتقابل ، أنا مهما كان مخطوبه و كمان مش حابه أخون ثقة أهلي فيا .
- أحنا مش هنتقابل و نتكلم ، أنا بس عايز أشوفك و اطمن عليكي من بعيد لبعيد .
- طب أرجوك توفي بوعدك ، و متحاولش تكلمني .
- حاضر .
أغلق كِنان الخط ، و تنهد بحرقه ، داعيا الله أن ينزل الصبر على قلبه ، لتحمل هذا الوضع ، فمن أحبها قلبه مرتبطه رسميا برجل آخر ، رجل على حسب وصفها له يفتقد أدنى مستويات التفاهم معها ، و الأدهي أنه لا يتحلى بأي نخوه أو مروءه ، سخر كِنان من نفسه فأي نخوه يمتلكها هو و قد قام بمشاغلة أخت صديقه المقرب، أليست هذه تعد خيانه من الدرجه الأولى ، و لكن نيته و قصده شريفان ، فحالما تنهي خطبتها سيتقدم لها رسميا ، و تساءل كنان ما الذي سيحل به إن رفض والدها فسخ الخطبه .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
احتضنت ليلى هاتفها ، واضعه إياه بالقرب من صدرها ، و همست : و أنا كمان بحبك.
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
قال أنس لصديقيه المنكبين على كتابة أكواد البرمجه : مين فيكو هيروح الافتتاح ؟
قال مالك : أنا مش هاقدر و بعدين مش الفكره فكرتك ما تروح انت .
ضحك أنس بتهكم و قال : الليله مشغول ، مستني مكالمة زبون مهم من الخليج و احتمال كبير يمولنا بفلوس كتير .
قال يحيى : أصلا هنروح نعمل ايه ، ندلل على نفسنا .
قال أنس بعصبيه: ندلل ، انت مهندس انت ، اسمها نعمل دعايه و تسويق لشركتنا .
سأل مالك : و ايه علاقة شركتنا بالأفلام ؟
قال أنس : يا نهار أسود ، احنا مش افتتحنا موقع للتواصل بين الشباب ، اهي شركات الأنتاج ممكن تدفعلنا فلوس اد كده عشان تروج لأفلامها بين الشباب ، و كمان ممكن يطلبوا نعملهم تصميمات للأفيشات و حاجات كتير.
سأل يحيى : بس انت ازاي قدرت تجيب دعوه للحفله دي .
قال أنس بعد تفكير : عندي طرقي الخاصه.
لم يشأ اخبارهم بأنه حصل على الدعوه من أحد الموظفات بالمونتاج التابع لتلك الشركه ، و التي حصلت على دعوتهم بطرق بالتأكيد ملتويه من أجل إرضائه ظنا منها أنه سيقوم بالفعل بالتقدم لخطبتها ، غبيه ، هل يوجد رجل عاقل يرتبط بفتاه تتجاوز بحريه معه دون أي رباط رسمي بينهما .
تنهد مالك و قال برجاء : روح انت يا يحيى و ريحنا من زنه ، الله لا يسيئك.
أطرق يحيى مفكرا ، ثم قال : بس بشرط ، احنا مش هنقبل نعمل دعايه الا أما نتأكد إن مضمون الفيلم محترم و هادف .
ضحك أنس بسخريه و قال : مش هنقبل ، حسستني إنهم ما هيصدقوا و هيمسكوا فينا بأيديهم و سنانهم .
قال يحيى بجديه : بكره يحصل ، أنا أحلامي فوق السحاب و إن شاء الله هأحققها .
قال مالك و أنس بصوت واحد : بركاتك يا سيدنا الواثق .
ضحك يحيى لدعابتهم المعهوده ، و التي انبثقت نتيجه لايمانه المستمر بشركتهم ، فحينما تهبط همتهم و تصعب عليهم المشاكل ، يقوم بتحديهم لاخراج أفضل ما لديهم ، و حثهم على الايمان المستمر بقدراتهم ، كما آمن هو بأن بامكانه بدء مشروعهم رغم عدم اقتناعهم في البدايه ، لكن ها هم الآن في مقر شركتهم الصغيره .
قال يحيى : أديني العنوان و ربنا يسهل
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
كانت نوف تجلس بين أحبائها العصافير، تدندن معهم بصوتها العذب ، و الذي ورثته عن والدها ، فهد الشيمي .
فتحت نوف قفص عصفور الكناري ، بعد أن لاحظت اختفائه ، لتجده ملقى في قاع القفص ، فاقدا للحياه .
أغلقت نوف القفص ، حزينه على حالها و حال أحبائها العصافير الصغيره ، فحتى تلك الكائنات الرقيقه لم تسلم من الشر الكامن في قلب زوجة أبيها ، فهذا هو العصفور الخامس الذي يموت لها خلال أسبوعين .
تنهدت و حاولت طمأنة نفسها بأنها قريبا سترتاح من شرورها ، فلقد وعدها أنس ، حال تحسن حالتهم الماديه بالمجيء إلى هنا و التقدم لها رسميا.
خرجت نوف من العش الخشبي الذي أقامه والدها كي تربي فيه العصافير كيف تشاء ، بعد رفض زوجته السماح لها بالاحتفاظ بهم داخل المنزل .
و في طريقها للمنزل ، قابلت أختها الصغيره ريم ، انحنت نوف لتداعب شعر أختها قائله : شلونك حبيبتي .
ضحكت ريم و قالت : ممكن تلعبي معي بعروس الباربي .
همت نوف بالموافقه و لكن استوقفتها زوجة أبيها حصه بنهرها لريم قائله : ريم ، دشي البيت و بلا مصخره ، هالحين مو وقت لعب .
دلفت ريم إلى المنزل مستاءه ، و تبعتها نوف بعد أن رمقتها زوجة أبيها بنظره حانقه.
و فور دخولها غرفتها ، قامت بفتح الحاسوب الخاص بها ، لمحادثة أنس ، فهو الوحيد القادر على التخفيف و لو قليلا عنها .
وجدت اسمه متاحا على برنامج السكايب ، و فور دخولها أرسل لها طلب محادثه بالكاميرا ، قبلت الطلب و أضاءت الكاميرا الخاصه بحاسوبها هي أيضا .
قال أنس : ده ايه القمر اللي قدامي ده يا ربي.
ضحكت نوف ، مخفيه وجهها بيدها و قالت : بليز متكسفنيش بقى .
قال أنس : أيوه كده ، كلميني مصري ، عشان استوعب كل كلمه بتنطقها الشفايف الروز دي .
قالت نوف معاتبه : و بعدين وياك .
قال أنس : لالا أبوس ايدك ، ارجعي مصري تاني .
ضحكت نوف و قالت : من عنيا ، حاضر ، ازيك يا أنس .
ضحك أنس و قال : تعبااااان ، نفسي يجي اليوم اللي يلمنا بيت واحد ، أبقى مطمن عليكي و متغبيش لحظه واحده عن عيني .
تنهدت نوف ، ليقول أنس : نفسي نفسي آخدك في حضني و أخبيكي مالكون كله ، خصوصا الست حصه المقرفه دي .
لاحظ أنس مدى تأثر نوف بكلماته ، فاستغل الفرصه و قال : ممكن أطلب منك طلب يا روح قلب أنس .
أومأت نوف برأسها بسرعه و قالت : عيوني الك حبيبي .
قال أنس بانفعال : الله كلمة حبيبي طالعه من بؤك زي الشهد ، بس حبيبك مزنوق في قرشين .
قالت نوف على الفور : أنا ممكن أبعتلك فلوس على حسابك فالبنك .
قال أنس مدعيا الحرج : لالا مش معقول هآخد من مصروفك ...
قالت نوف : دي فلوس مش محتاجاها ، اللي بيزيد من مصروفي بيفضل فالبنك ، و بعدين انت لما ربنا يفتحها عليك ابقى رودهملي.
قال أنس : طب خدي بيانات حسابي عندك .
سجلت نوف بيانات الحساب ثم قالت : يلا بقى مضطره أقفل ، لازم أنزل أتعشى مع بابا و اخواتي.
قال أنس : كده هتقفلي من غير ما تديني السكر بتاعي .
قالت نوف بخجل : يا أنس الحاجات دي عندنا عيب جدا ، و أعتقد عندكو كمان .
قال أنس : الحاجات دي هي اللي بتثبت حبك ليا ، ثم أرسل لها قبله على الشاشه .
ثم قال : كده هزعل منك و هخاصمك .
قامت نوف محرجه بارسال قبله له ، ثم قالت : ده أنا أموت لو يوم مكلمتنيش.
قال أنس : بعد الشر عليكي يا حبيبتي .
صفر أنس مبتهجا بعد إنتهاء محادثته مع نوف ، محققا هدفه الأول و هو الحصول على بعض المال من تلك المدلله الثريه ، أما هدفه الثاني فلقد وضع اليوم حجر الأساس له ، و شيئا فشيئا سيستدرجها للحصول على ما يريده ، و تفاءل خيرا ، فاليوم أنهت حديثها بقبله ، و غدا و بعد غد سيقنعها بفعل أشياء أخرى ، أشياء ستجعلها تحت رحمته و إلى الأبد .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
في أحد الفنادق الفخمه ، أقيم حفل افتتاح الفيلم الجديد لانجي الشريف والذي قام بانتاجه رجل الأعمال خميس النونو .
دلفت فاتن مع والدتها إلى الصاله الكبيره و التي هيئت خصيصا لعرض الفيلم ، و تبعهم خميس .
حاولت فاتن أن تتلاشى الجلوس بجوار خميس ، ظلت واقفه حتى تأكدت من جلوسه في المقاعد الأماميه ، و على الفور جلست في مقعد بعيد عنه .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
قال خميس لانجي الجالسه بجواره : شايفه عمايل بنتك .
قالت انجي مدافعه : معلش يا خوخو ، البت صغيره و بدري عليها .
قال خميس مستنكرا : بدري ايه يا حلوه ، هو أنا عاملك فيلم و هاعملك مسلسل عشان بعد كل ده تيجي و تقوليلي بدري .
قالت انجي بخبث : يا خوخو ، البت محتاجه تتودك حبتين ، و أوعدك هيحصل خير إن شاء الله .
قال خميس : بقى أمها إنجي الشريف ملكة الاغراء ، و تقوليلي لسه محتاجه تتودك.
قالت انجي بحسره : أعمل ايه.. ، أنا كنت مشغوله بحياتي و نجوميتي و البت تقدر تقول اتربت على ايد الخدامات ، و شكلها طالعه عبيطه زيهم .
قال خميس بعصبيه : يعني ايه !
قالت انجي : يعني محتاجه وقت تدردح شويه و تعرف مصلحتها فين.
ثم ضحكت و قالت : متقلقش ، هو أنا هلاقي حد زيك فين يكون جوز لبنتي .
أومأ خميس ثم قال : أيوه ثبتيني بكلمتين .
قالت انجي بدلال : مش هنشوف الفيلم بقى.
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
عادت فاتن من الاستراحه و في يدها بعض من الفشار ، أرادت الجلوس في مقعدها ، و لكنها عدلت عن الفكره حينما رأت جارها الشاب يحتل أحد المقاعد الخلفيه ، ابتسمت و اتجهت إلى السطر الخلفي ، دلفت في الممر ثم جلست في المقعد الشاغر بجواره .
ألقى عليها نظره جانبيه ، ثم عاد بنظره للأمام ، ثم و كأنه استدرك شيئا ما ، عاد ينظر إليها من جديد ، لم تستطع أن تقرأ ردة فعله جيدا ، فالمكان مظلم بعض الشيء ، و لكنه بالتأكيد لم يكن ممتعضا من وجودها .
بقي لثوان يحدق بها ، مما أشعرها بالحرج ، مدت له إناء الفشار بارتباك و قالت : تاكل .
أزاح نظره للإناء و سأل : انتي هنا لوحدك ..؟
قالت فاتن : هو انت متعرفش ، ماما البطله ، الفنانه انجي الشريف .
قال يحيى : لا عارف ، بس هي معاكي هنا.
رفعت فاتن كتفيها وقالت : يعني بطلة الفيلم مش هتحضر الافتتاح برده ، اهي قاعده قدام مع المنتج .
تنهد يحيى و قال : طب مش قاعده جنبها ليه ؟
قالت فاتن بحرج : أصل مش بحب .. صمتت ثم قالت : أصل الاضاءه بتبقى صعب اوي هناك.
ثم أضافت : مش هتاكل !
هم بقول شيء ما ، ثم عدل عن ذلك ، و مد يده ملتقطا بعض حبات الفشار و قال : متشكر .
قالت فاتن بعد أن عاد بنظره لمتابعة الفيلم : انت من المعجبين بماما !
ضحك يحيى بسخريه ، ثم قال : طب هجاوبك ازاي عالسؤال ده .
قالت فاتن بعفويه : عادي يعني .
نظر يحيى تجاهها بطرف عينه ثم قال : عادي مش هتزعلي ؟
قالت فاتن : وهزعل ليه ؟
قال يحيى و قد أولاها انتباهه كاملا : لا مش معجب بيها نهائي .
قالت فاتن بانزعاج : طب بتعمل ايه هنا ، طالما مبتحبهاش !
قال يحيى باقتضاب : شغل .
عضت فاتن على شفتها السفلى ، و تساءلت عن السبب الذي جعلها تجلس بجواره ، أهي نصائح والدتها ، هل يعني هذا أنها معجبه به ، هل من المعقول أن تعجب بأحدهم بهذه السرعه ، لا يهم ، فيبدو أنه متضايق من وجودها بجواره ، على عكس ما ظنت في البدايه ، شعرت بالخزي الشديد ، و ببطء شديد أيضا حاولت النهوض دون أن تلفت انتباهه .
قال يحيى بصوت عال : انتي رايحه فين !
عادت فاتن للجلوس على مقعدها بسرعه ، بعد أن استدار جميع من في الصف الذي أمامهم على إثر صوته المرتفع .
سألت و هي تطأطأ رأسها : لسه بيبصوا ناحيتنا ....؟
ضحك يحيى و قال : آسف ، مكنش قصدي أحرجك ، و محدش بيبص خلاص .
ثم سأل : بس انتي قومتي ليه !
أجابت فاتن بلامبالاه : عادي يعني .....
قال يحيى محاولا استفزازها : شكل الفيلم مش عاجبك ...؟
قالت فاتن بحده : لا ده حلو اوي ، و ماما أداءها جامد جدا .
ثم التفت الاثنان إلى الشاشه فور سماعهم تصفير الحضور ، ليقول يحيى : فعلا أداءها جامد جدا .
شعرت فاتن بالحرج الشديد ، نظرا للمشهد المعروض الآن ، فوالدتها تظهر في وضع حميمي مع البطل ، و بالرغم من توضيحات والدتها المتكرره بشأن تلك المشاهد و بأنها جزء فني بحت ، و بدونه يخل بالسياق الدرامي للفيلم و هدفه ، الا أن فاتن لم تتغلب يوما على شعورها هذا ، و ما زاد الطين بله هو تهكم جارها الآن .
و بدون أن تشعر سالت عبراتها ، تغرق وجنتيها بللا .
قال يحيى برفق: انتي بتعيطي !
هزت رأسها نافية ، ثم نهضت من مقعدها ، و غادرت الصاله مسرعه ، اتجهت إلى الحمام الخاص بالسيدات ، نظرت في المرآه محاولة إصلاح زينتها التي أفسدتها ببكائها .
استغرقت حوالي عشر دقائق لإنهاء هذه المهمه ، أمسكت بحقيبتها و فتحت الباب ، لتفاجأ بجارها متكئا على الحائط و واضعا يديه في جيبه .
قال يحيى فور خروجها : انتي زعلتي من كلامي .
قالت فاتن محاولة لحفظ ماء وجهها : لا أبدا ، بس أنا مش بحب أشوفها في المشاهد دي .
قال يحيى : بجد !
قالت فاتن باستنكار : هو في حد يحب يشوف مامته بالشكل ده ، مع انها بتقولي انه مشهد فني و ليه هدف ، بس برده مش لطيف .
قال يحيى بجديه : بس مش لطيف !
قالت فاتن : تقصد ايه !
قال يحيى : و حرام و لا يجوز .
ضحكت فاتن برقه و قالت : اه لو تسمعك ماما ، كان زمانها شرشحتك .
قال يحيى بامتعاض : عشان بقول الحقيقه .
قالت فاتن : لا ده انت من اياهم .
قال يحيى : اياهم مين !
قالت فاتن : دول اللي بيطلعوا يحرموا الفن و التمثيل ، ماما بتتغاظ منهم جدا و بتقول عليهم متخلفين .
سأل يحيى مباغتا : وانتي ، ايه رايك فالفن و التمثيل اللي بتعمله مامتك !
لم تعرف كيف تجيب على سؤاله ، نظرت حولها محاولة إيجاد مخرج ، فقالت : لا ده سؤال محتاج قعده و فتي كتير ، زمان ماما بدور عليا ، عن اذنك بقى .
قال يحيى : استني .
نظرت فاتن بحيره ، ليقول : هو انتي اسمك ايه ؟
ابتسمت فاتن و قالت : فاتن ، و انت ؟
أجابها : يحيى .
قالت فاتن : طب عن اذنك بقى يا يحيى .
قال يحيى باستنكار : هو انتي على طول كده بتاخدي على أي حد .
قالت فاتن مستفهمه : تقصد ايه يعني !
قال يحيى : يعني جيتي قعدتي جنبي و دلوقتي بتقولي اسمي و رافعه التكليف و بتتباسطي بزياده .
قالت فاتن بحرقه : معاك حق و اسفه لو دايقتك يا أستاذ يحيى .
و استدارت بسرعه لتصطدم بأحدهم الذي اعتذر منها قائلا : اسف ..اسف...
لم تكلف نفسها عناء الرد عليه او حتى النظر لوجهه، أكملت مسيرها بسرعه كبيره..
ليقول يحيى مستغربا : أنس ، انت مش قلت مشغول و مش هتيجي!
أنس : ابدا خلصت اللي ورايا و قلت اما اجي و اتسلى فالحفله ، اول ما دخلت لئيتك واخد فوشك و لحقتك على هنا ، و معلش يا صاحبي بس غصب عني سمعت كلامكو...
صمت قليلا ، ثم أضاف : بس غريبه اوي ، البت دي مش سكتك خالص ، دي بنت انجي الشريف ، عارف مين انجي الشريف ، بجد مش سكتك .!
تنهد يحيى ، ثم سأل : هو انت تعرفها..؟
ضحك أنس : طبعا ، مين ميعرفش انجي الشريف ، يا بني دي اشهر من النار عالعلم..
قاطعه يحيى : لا قصدي بنتها ..
أومأ أنس : ايوه اعرفها ، مش معرفه شخصيه بس بشوف صورها مع مامتها ، و قريب اتعرفت على حد يعرفها شخصيا ، يعني كلامي مش من فراغ لما قولتلك مش سكتك خالص يا يحيى...
يتبع
↚
¤ تحت الاختبار ¤
---------------------------------------------------------------
استقل لؤي المصعد برفقة جارتهم الفنانه إنجي الشريف و على ما يبدو ابنتها ، حاول لؤي عدم التحديق فيهما و إزعاجهما و لكنه لاحظ نظرات جارته المصوبه نحوه ، ابتسم و قال : ازيك يا مدام انجي !
ثم أضاف عندما بقيت محدقه فيه : أنا لؤي، ساكن فالشقه اللي جنبكو على طول .
قالت إنجي بعد لحظات من التحديق المستمر في وجهه : واو انت وشك فوتوجينك خالص .
ازدادت ابتسامة لؤي و قال : شكرا لمجاملتك الرقيقه دي .
ضحكت انجي بدلال و قالت : لا بجد ، انت أمور اوي .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
نظرت فاتن إلى الشاب الذي يتشاركهم في المصعد ، و بالفعل والدتها معها حق ، فبعيونه الزرقاء و شعره الأشقر الداكن باستطاعته أن يكون نجم السينما القادم ، و لكن ليس مظهره ما لفت انتباهها ، بل كلامه .
سألت فاتن : هو انت تقرب ليحيى ؟
قال لؤي باستغراب : أيوه ، يحيى أخويا ، هو انتي تعرفتي عليه ؟
قالت فاتن : أيوه ، ساعدني مره و ركبلي الأنبوبه .
ابتسم لؤي : هو كده يحيى ، خدوم جدا .
سألت فاتن : هو أخوك الكبير مش كده ؟
أجاب لؤي : فعلا .
توقف المصعد ، قال لؤي : السيدات اولا ، اتفضلوا .
ابتسمت فاتن و قالت : ميرسي يا أستاذ لؤي ، و خرجت من المصعد برفقة والدتها ، التي لكزتها و قالت : لو حابه تكلميه شويه ، خليكي ، ثم غادرتها مسرعه .
قال لؤي : أستاذ ايه ، قوليلي لؤي كده من غير ألقاب .
قالت فاتن : غريبه ....!
سأل لؤي : هو ايه اللي غريب ؟؟؟
قالت فاتن : أصل أخوك زعل أما ندهته باسمه كده من غير ألقاب .
قال لؤي مستنكرا : لا ملوش حق ، بس هو أصله محبكها زياده عن اللزوم .
قالت فاتن : طب عن اذنك بقى .
أومأ لؤي و قال : تصبحي على خير .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
قالت فاتن لوالدتها معاتبه : انتي أحرجتيني اوي يا ماما .
قالت انجي : ازاي يعني ، مش فاهمه ....!
قالت فاتن مقلده والدتها : لو حابه تكلميه ، خليكي .... ده سمعك و ابتسامته كانت من الودن للودن .
ضحكت انجي و قالت : و ماله ما يسمع ، و بعدين سيبك ايه رأيك فيه ، مش واد مُز برده .
قالت فاتن بانزعاج : مُز لنفسه ، أنا مالي بيه ، و كنتي عايزني أكلمه ليه أصلا .
تنهدت انجي بضيق من ابنتها ، ثم قالت : يعني عشان تتعرفي على ناس جداد و يبقالك صحاب هنا .
قالت فاتن : بس أنا مبحبش أصاحب ولاد ، كلهم زي بعض ، أول ما تقولي لواحد فيهم صباح الخير يفتكرك معجبه و هات بقى تسبيل و حركات رخمه من بتاعتهم .
لوت انجي شفتيها ، فالطريق أمامها طويل و شاق لتعديل سلوك ابنتها ، و تعليمها طرق و مكائد النساء لجذب الرجال ، أرادت اليوم أن تضع حجر الأساس بحثِها على محادثة جارهم الوسيم ، حتى و إن كانت إمكانياته الماديه متواضعه ، الا أنه سيكون خطوه في طريق ابنتها لفهم الرجال و كيفية التعامل معهم ، فإن بقيت على حالها تلك منغلقه على نفسها لن تكتسب الخبره المطلوبه لايقاع الرجال في شباكها و الظفر بحياه ناعمه مرفهه .
قالت انجي بخبث : طب و أخوه ده اللي ساعدك فالانبوبه، امور كده زيه ؟
قالت فاتن بارتباك : لا مش شبهه .
لاحظت انجي على الفور ارتباك ابنتها ، فقالت : اها مش شبهه ، يعني شكله وحش .
قالت فاتن على الفور : لا بالعكس .
ابتسمت انجي و قالت : بالعكس ازاي يعني ، مش بتقولي مش شبهه .
قالت فاتن بحرج : يعني أقصد إنه ...
قالت انجي : اها فهمت هو مش اشقر زي اخوه ، بس مينمعش هو امور كمان .
قالت فاتن بضيق : ممكن بقى نبطل كلام عنهم .
ابتسمت انجي ، فذاك الشاب على ما يبدو قد حاز على إعجاب ابنتها ، الآن عليها أن تقنعها بالمضي قدما و إبداء اهتمامها به ، و البدء في مشوار اصطيادها للرجال .
رن هاتفها ، نظرت إلى الرقم و تأففت ، فالمتصل هو خميس النونو ، صحيح أنه يمتلك الملايين و معجب بابنتها ، و لكن بسذاجة ابنتها الحاليه لن تستطيع الحصول على فلس واحد من تلك الملايين ، عليها أولا أن تفهم كيفية التعامل معهم ، لذا لا بد الآن من إعطاء هذا الرجل اللحوح بعض المسكنات كي ينتج لها مسلسلها القادم .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
حيا لؤي والديه الجالسين في الصاله ، ثم سأل : يحيى فاوضته ؟
قال عبدالرحمن : أيوه ، بس كنت بتتكلم مع مين عالباب .
قال لؤي مبتسما : مع جارتنا الفنانه و بنتها .
قال عبدالرحمن بتهكم : فنانه ! ، ثم أضاف : و بعدين أنا مش محرج عليكم من يوم ما جُم ملكوش دعوه بيهم .
قال لؤي : هو أنا عيل صغير حضرتك هتقولي أكلم مين و مكلمش مين !
شهقت خديجه و قالت : لؤي ، عيب كده ، أتأسف لوالدك حالا .
قال لؤي بامتعاض : حقك عليا يا بابا ، أنا بس أقصد إنه مفيش داعي حضرتك تقلق .
قال عبدالرحمن : أنا عارف مطلعتش زي أخوك يحيى ليه .
قالت خديجه بعد أن رأت الألم على وجه ابنها : الاتنين بسم الله ماشاء الله ربنا يخليهوملك يشرفوا بلد بحالها .
ثم نهضت و ربتت على يد لؤي و قالت : هو بس بيقول كده عشان مدايق منك .
قال لؤي باقتضاب : طب تصبحو على خير ، أنا هاخش أنام تعبان و مجهد .
و في غرفتهم ، وجد يحيى كعادته منكبا على كتابة أكواده البرمجيه .
قال يحيى : ايه بابا كان بيزعئلك ليه ؟
قال لؤي بخبث : أبدا ادايق عشان كلمت البت جارتنا .
استدار يحيى لمواجهة أخيه و سأل : تقصد مين ؟
قال لؤي متصنعا اللامبالاه : بنت الفنانه ، اسمها ايه يا ربي ..
قال يحيى بضيق : تقصد فاتن !
قال لؤي مبتسما : فاتن ايه ، اعتقد اسمها انجي ، انجي الشريف .
قال يحيى : أنا قصدي بنتها اسمها فاتن .
قال لؤي : اه هي اسمها فاتن بقى ، بس البت شكلها بتعزك اوي .
سأل يحيى باهتمام : بجد ؟
قال لؤي ساخرا : جد ايه يا أهطل ، دي بتقول عنك رخم و قفل و كلك غلاسه .
قال يحيى بضيق : هي قالتلك كده !
قال لؤي : لا طبعا ، بس أنا فهمت كده من سياق الكلام .
ثم أضاف : و مالك مهتم اوي بيها .
قال يحيى : و لا مهتم و لا حاجه ، بسأل عادي يعني .
ضحك لؤي و قال : على أخوك الكلام ده ، فضفضلي و متتكسفش .
قال يحيى بجديه : و الله انت فايق و رايق .
لم يشأ لؤي ترك الموضوع فقال : عموما شكله كده هيبقى حب من طرف واحد ، بجد البت مش طايقاك انت عملتلها ايه يا كابتن ؟
دلفت ليلى إلى الغرفه و سألت باهتمام : حب ايه ده اللي من طرف واحد ...؟
قال لؤي مدعيا الجديه : انتي يا بت مش مفروض تخبطي قبل ما تدخلي .
قالت ليلى : الباب مفتوح يا فكيك .
ثم أضافت : بابا عاوز يكلمك يا يحيى .
قالت ليلى بعد أن خرج يحيى : حب ايه ده اللي كنتو بتتكلموا عليه ..؟
قال لؤي بامتعاض : بطلي تحشري نفسك فكل حاجه كده ، و عيب تسألي على الحاجات دي أصلا.
ضربته ليلى بالوساده و غادرت الغرفه محدثه نفسها : امال لو عرفت إني بكلم صاحبك هتقول عليا ايه .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
صباح جديد ، و لكنه مختلف بالنسبه لديما ، فاليوم ستودع صديقاتها مؤقتا بسبب سفرها مع والديها إلى مصر ، من أجل إجراء جراحه في قدم والدها و التي اصيبت اثناء تأديته لعمله في مقر الامم المتحده لاغاثه اللاجئين الفلسطينين في قطاع غزه ، فوالدها تمت ترقيته للعمل كمدير لاغاثة اللاجئين و تم ابتعاثه الى فلسطين ، نظرا لتفانيه الواضح و اخلاصه الشديد في مساعدة المحتاجين .
و منذ خمس سنوات انتقلت حياتهم بشكل جذري هنا في فلسطين ، مما اضطرها ايضا الى التسجيل باحدى المدارس الخاصه ذات التكلفه العاليه جدا ، و لكن نظرا لانها الابنه الوحيده لوالديها لم يكن يمثل لهم ذلك اي عبء البته ، و لكن يبقى الاشتياق الشديد لمصر و اقاربهم و خاصه خالتها واولاد خالتها خديجه...
قالت ديما لصديقتها إيمان : مش هوصيكي ، ضروري تكتبيلي الحاجات المهمه في الكراسه دي .
قالت إيمان : هما كلهم كام يوم اللي هتغيبيهم ، ما تقلقي ما راح يفوتك شي .
ثم أضافت : و شو هالصوره اللي ماسكتيها ، مين هدول...؟
أجابتها ديما مرتبكه : دول قرايبنا .
ضحكت إيمان و قالت : ام ممم مش عارفه حاستك معجبه بقرايبك دول .
قالت ديما بحرج : دول زي اخواتي .
سألت إيمان : طب شو اسمه ؟.... و أشارت باصبعها على الصوره .
قالت ديما : ده لؤي و التاني يحيى ، و البنوته ليلى ، ولاد خالتي .
قالت إيمان : كتير امور لؤي ، بتعرفي شبه ليوناردو دي كابريو .
ضحكت ديما و قالت : اكمنه أشقر يعني ، ده هو وجه الشبه الوحيد.
قالت إيمان متنهده : و عيونه الزرق كمان ، يا بختك .
قالت ديما : طب اتعدلي بقى كمان شويه الميس هتيجي .
وضعت ديما الصوره في حقيبتها ، و ابتسامه عريضه تزين ثغرها ، فغدا ستراه ثانية .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
خرجت انجي من الشقه مرتديه فستانا يصل إلى ركبتيها ، و يبرز مفاتنها بشكل صارخ ، وقفت تنتظر المصعد ، و بعد ثوان فُتح و خرج منه عبدالرحمن الذي قال باستياء : استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم.
ضحكت انجي و قالت : زي ما انت يا عبدو متغيرتش فتفوته .
قال عبدالرحمن بسخريه : كفايه علينا تغييرات حضرتك ، و يا ريت مطوليش في القعده هنا .
قالت انجي بتهكم : متقلقش ، أول ما ربنا يعدلها همشي و ابقى اكسر ورايا قله .
قال عبدالرحمن : طب اتاخدي شويه عايز اعدي .
أفسحت انجي الطريق له ، ثم قالت : امبارح قابلت لؤي ، ده طالع شبهك الخالق الناطق .
تسمر عبدالرحمن في مكانه و قال : ولادي ملكيش دعوه بيهم ، و حسك عينك تحتكي بحد منهم .
أومأت انجي و قالت : يبقى ابنك بجد ، أنا لما شفته شبهت عليه ، حتى لما قال أنه ساكن جنبنا برده كدبت احساسي ، افتكرته ساكن في الشقه التانيه ، و رغم إن أنا اللي اخترت اسمه ، برده مكنتش عايزه أصدق .
قال عبدالرحمن بفروغ صبر : انتي عايزه ايه دلوقت ...؟
قالت انجي بحسره : و لا حاجه ، بس لما شفتك حسيت بشوية شجن ، ادي كل الحكايه ، متقلقش محدش فيهم هيعرف حاجه ، و كلها كام يوم و باذن الله همشي من هنا ، ادعيلي بس انت ظروفي تتحسن .
قال عبدالرحمن : ربنا يهديكي .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
لبس يحيى بذلته و التي أشتراها والده ليرتديها خصيصا في وظيفته الجديده ، نظر في المرآه و واسى نفسه ، فإطاعة الوالدين و برهما من أولويات أخلاق المسلم الصحيح ، و لكنه في نفس الوقت تمنى لو أن باستطاعته أن يوصل وجهة نظره و أهدافه لوالده بطريقه تُرضي كلاهما ، تنهد و أمسك بالفرشاه ليهذب شعره قليلا ، ثم وضعها و خرج من غرفته.
على مائدة الافطار ، قال عبدالرحمن : ايه يا يحيى ، مش عوايدك تفوتك صلاة الفجر في المسجد .
يحيى : معلش راحت عليا نومه ، بس الحمدلله صليته فوقته .
قالت خديجه مبتسمه : الحمد لله ، و متنساش انهارده تميم عازم ليلى عالعشا بره ، ضروري الساعه سبعه تكون هنا ، عشان تروح معاهم .
قال يحيى : حاضر يا أمي .
قالت ليلى : لو مشغول ، بلاش نأجلها ليوم تاني .
قال يحيى : لا أبدا ، متقلقيش.
عضت ليلى على شفتيها ، خائبه من فشلها في التهرب من لقاء تميم .
ثم قالت : مش خالتو هتوصل انهارده ، ميصحش أخرج و مسلمش عليها .
قالت خديجه : ما جوزها عنده حجز في المستشفى و هيوصلوا و يروحوا هناك على طول ، وهروح أنا و لؤي ونجيب ديما تبات معانا انهارده .
قالت ليلى : طب هاروح معاكو عشان ميصحش لازم اسلم عليهم .
قال عبدالرحمن بعصبيه: و خطيبك ده اللي جاي مخصوص مالبلد عشانك ، يصح تكسفيه .
صممت ليلى مستاءه .... ثم قالت بشجاعه : بابا لو سمحت بعد ما نخلص اكل ، انا حابه اكلمك فموضوع خاص شويه...
قال عبدالرحمن : خلصت اهو ..تعالي ورايا البلكونه...
نهضت ليلى من مقعدها ، ليهمس يحيى : موضوع ايه ده يا ليلى ...؟
فكرت ليلى قليلا ، ثم آثرت عدم اخبار يحيى بنيتها فسخ الخطوبه ، حتى لا تسبب له مشكله إن رفض والدها ، فيحيى سوف يقف في صفها بكل تأكيد، و لكنه لا تريد أن تثقل عليه بمشاكلها هي الاخرى....
لذا اجابت بمرح : ابدا عايزه زياده فالمصروف يا هندسه
ابتسم يحيى ثم اخرج من جيبه بعضا من النقود : طب خودي دول..
ابتسمت ليلى ثم اخذت النقود قائله بمرح : بس لو مكنتش تحلف !
ضحك يحيى لتقول ليلى : عن اذنك بقى ، بابا زمانه بيتسناني
جلست ليلى على المقعد المقابل لولداها في الشرفه و قالت على استحياء : بابا انا بعد اذنك مقدرش اكمل فخطوبتي مع تميم ..
عبدالرحمن بلامبالاه : ايه هو زعلك فحاجه ، قوليلى و انا املصله ودانه العبيط ده..
ليلى : اهو قولتها انت يا بابا ، عبيط ، مش حكايه مزعلني فحاجه ، بس احنا مختلفين جدا ، و مفيش بينا اي روابط مشتركه ، هو فوادي وا نا فوادي..
عبدالرحمن بعصبيه : ايه الكلام اللي بتقوليه ده ، و عايزاني اقول لاخويا ايه ، بنتي مش عايزه ابنك عشان مختلفين ، و ما طبيعي تختلفوا هو راجل وانتي ست ..
ليلى : يا بابا انا مش مرتاحه...
قاطعها عبدالرحمن : بلاش دلع البنات المرىء ده ، انا اديت كلمه لاخويا ، و تميم مش مقصر فحاجه ، اعمل كذا جيب سوي مش بيتأخر عننا ، و اللي نعرفه احسن من اللي منعرفوش ، و انا ادرى بمصلحتك وكلام فالموضوع ده مش عايز، هتعملي زي ماكنتي بتزني تدخلي اعلام ، و اديك ماشيه زي الفل فكليتك...
ليلى باعتراض : بس ده جواز و دي حياتي كلها..!
عبدالرحمن : و انا ادرى بمصلحتك ...و كلام فالموضوع ده مش عايز نهائي....انتي فاهمه..
ليلى باستسلام : ايوه يا بابا ...فاهمه...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
ارتدت فاتن بنطال جينز و تيشيرت ، ثم انتعلت حذائها الرياضي و حملت معها حقيبتها و خرجت للذهاب إلى كليتها.
و في موقف الركوب ، أحست باقتراب أحدهم منها .
قال يحيى بارتباك : صباح الخير .
التفتت فاتن لتجد جارها الشاب يحيى ، أخفت دهشتها و حاولت التصرف بلامبالاه ، فهي بالتأكيد لا تريده أن يعلم كيف أزعجها المره الماضيه بكلماته .
ردت بهدوء : صباح الخير يا أستاذ يحيى .
قال يحيى مبتسما : شكل طريقنا واحد .
أومأت فاتن ، ثم قالت : هو انت لسه بتدرس ؟
ثم ندمت فورا على سؤالها ، و تذكرت ضيقه الشديد من تقربها منه .
ضحك يحيى و قال : لا ، بس شغلي قريب من الجامعه.
ثم سأل : هو انتي سنه كام ؟
أجابت فاتن : سنه أولى .
توقفت إحدى الباصات ، لتدلف إليه فاتن وتجلس بجوار احدى النوافذ..
لحق بها يحيى ، ليجلس بجوارها ثم قال : هو انتي بتدرسي ايه .
قالت فاتن بامتعاض : مفيش داعي .. صممت ثم قالت مشيره بيدها بينهما : مفيش داعي لده .
سأل يحيى بضيق : تقصدي ايه ..؟
أجابت فاتن : يعني أقصد إنه واضح جدا ..صمتت لتبتلع ريقها ثم أضافت : مفيش داعي للحوار ده كله .
قال يحيى بعدم فهم : حوار ايه ..
قالت فاتن بتلعثم : يعني أقصد أنك تسلم عليا و تكلمني يعني عشان احنا جيران ، مفيش داعي للمجاملات دي.
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أحس يحيى بالاحراج الشديد ، فجارته الصغيره معها حق فلا مبرر لحديثه معها الآن ، و لكنه بمجرد رؤيتها تملكه حافز شديد للتقرب منها و الحديث معها ، ربما أراد فقط أن يطيب خاطرها ، بسبب إحساسه بحرجها من انتقاده لتصرفاتها...
قال يحيى بتفهم : معاكي حق ، و آسف لو أزعجتك بكلامي ، ثم أشاح بوجهه للأمام شاعرا بالضيق من نفسه .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
نظرت فاتن لجارها العابس شاعرة بتأنيب الضمير ، و لكنه أحرجها بشده المره الماضيه ، فماذا توقع !
تذكرت نصائح والدتها : شدي و أرخي .
خبطت جبينها بيدها ، محاولة طرد أفكار والدتها عن عقلها ، فتلك النصائح في حال أرادت الايقاع بأحدهم و الارتباط به ، و هي بالتأكيد لا ترغب بالارتباط بجارها الشاب أو أي شاب آخر حاليا ، و حتى إن أرادت الارتباط لن تطبق نصائح والدتها نهائيا ، فتلك النصائح تحتاج شابه جريئه و قوية الشخصيه كوالدتها .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
استرعى انتباه يحيى حركة جارته الطفوليه ، نظر لها بطرف عينه لثوان ، ثم قال : شكلك نسيتي حاجه ؟
أجابته بسرعه : لا أبدا ، أنا بس كنت بهش دبانه معديه كده .
ابتسم يحيى و قال : اها .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
ابتسمت فاتن بدورها ، محاوله تطبيق نظرية والدتها : شدي و ارخي ، أما نشوف يا ست ماما .
قالت فاتن : ممكن أسألك سؤال ...؟
ازدادت ابتسامة يحيى و قال : عن الاسدال برده.
نظرت فاتن لجارها مندهشه من تبدل مزاجه ، هل والدتها معها حق ، فتلك المره الأولى التي يبتسم لها بغبطه شديده ...
قالت فاتن مبتسمه : لا ، بس أنا مكنتش بهزر المره اللي فاتت .
قال يحيى : يعني بجد انتي مفكره الاسدال بس بيلبسوه في الحج .
أومأت فاتن ، ليقول يحيى : انتي بتخلصي محاضرات امتى ؟
سألت فاتن : و ده علاقته ايه بالاسدال .
قال يحيى بغبطه : لو بتخلصي الساعه احدعشر ، هاخدك محاضره هتفهمك الاسدال بيلبسوه امتى .
ابتسمت فاتن : محاضره بحالها عشان الاسدال ده .
قال يحيى بجديه : طبعا ، انتي شكلك محتاجه تعرفي حاجات كتير.
قالت فاتن بحماس : و انت بقى اللي هتعرفني الحاجات دي .
أجاب يحيى : لو مكنش عندك مانع ، أنا مستعد أساعدك .
قالت فاتن بخيبه : بس أنا بخلص الساعه واحده .
ثم استدركت نفسها و تذكرت انتقاده لها البارحه ، فقالت : عموما كده كده مقدرش أروح معاك ، أنا معرفكش كفايه .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
ذهل يحيى من نفسه ، و عرضه على جارته ، أين الحدود التي وضعها لنفسه في التعامل مع الفتيات ، حتى و إن كانت نيته خيرا ...هل أراد بعرضه هذا وضعها تحت الاختبار و التيقن من حدسه عنها ، فما يراه امامه ينبؤه بانها فتاه متحرره للغايه ، اما احساسه فيخبره بملايين الاشياء المتناقضه
قالت فاتن مخرجه إياه من ضيقه : بس أنا ممكن أزوغ ، لو المحاضره اللي بتقول عليها جامده يعني ..
شعر يحيى بخيبه كبيره منها ، فا هي عادت لتوافق على الذهاب معه و بكل سهوله .
قال يحيى بعصبيه : هو انتي مش قولتي قبل شويه انك متعرفنيش كفايه ، ايه اللي غير رأيك !
قالت فاتن باستغراب : و انت متعصب كده ليه ، مش انت اللي طلبت اروح معاك المحاضره .
تنهد يحيى و قال : معاكي حق ، بس انا اصلي مش عايزك تزوغي من المحاضرات .
ابتسمت فاتن و قالت : متقلقش ، أصلا أنا نفسي أسقط و أترفد من أم الكليه دي .
شعر يحيى بالانزعاج الشديد ، فيبدو أن جارته الصغيره متسيبه من كل النواحي .
قال يحيى بضيق : طب مش لما تترفدي تبقى بتخيبي أمل أهلك فيكي .
ضحكت فاتن و قالت : لا ده انت تحفه .
ثم أضافت : ايه رأيك تزوغ انت كمان مالشغل ، و اعزمك عالفطار !
ارتبك يحيى من عرضها هذا ، أراد الموافقه و تمضية المزيد من الوقت برفقتها ، و لكن ....
قالت فاتن تستحثه على الموافقه : بس ساعه واحده يا كابتن ، و هترجع للشغل صاغ سليم ، ها قلت ايه !
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
بقيت لثوان تنظر إليه منتظره قراره ، لم تدرِ فاتن ما الذي دفعها لتصرفها ذاك ، ربما طريقته في الحديث معها ، تاره برفق ، و تاره أخرى بضيق و تعال ، أرادت أن تتيقن هل هو كباقي الرجال ، يسهل التلاعب بهم و تغيير مبادئهم كما أخبرتها والدتها ....أرادت أن تضعه تحت الاختبار
قال يحيى بتردد : معلش مش هاقدر ...
قالت فاتن على الفور و بدلع زائد : طب عشان خاطري .
ثانيتين هي المده التي انتظرتها فاتن لتعرف مدى صحة نصيحة والدتها و التي طبقتها للتو ، قليل من الدلال و تحصلي على ما تريدين منه.
ابتلع يحيى ريقه ، ثم قال : بس بشرط .
ابتسمت فاتن ، ثم قالت بمرح : و كمان هتتشرط ، ما علينا ، شرط ايه ده...؟
قال يحيى : أنا اللي عازمك .
صفقت فاتن بخفه و قالت بحماس : اوكي.
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
"ليلى ..."
استدارت ليلى لدى سماعها صوته ، و قالت : انت ايه اللي مشيك ورايا ، مش وعدتني مش هنتقابل .
قال كِنان : مش قادر يا ليلى ، حاسس اني هاموت لو مشفتكيش كل يوم .
قالت ليلى برجاء : كِنان احنا في الشارع ، حد يشوفنا ، أنا مش ناقصه مشاكل الله يخليك .
قال كِنان : طب تعالي نعد فالكافيه اللي هناك ده ، أرجوكي أحنا لازم نتفق هنعمل ايه .
قالت ليلى : مفيش حاجه اسمها نعمل ، خلاص بابا مصر على رأيه و أنا بجد مش عارفه هاعمل ايه .
قال كِنان بحرقه : الله يخليكي بلاش التشاؤم اللي انتي فيه ده ، تعالي نعد فالكافيه و إن شاء الله هنلاقي حل .
أومأت ليلى موافقه ، و محاولة للتشبث بالأمل .
دلفا إلى المقهى الشبابي ، اختارا أحد الزوايا البعيده عن الأعين ، قال كِنان بعد أن جلسا : تحبي ناكل حاجه الاول .
قالت ليلى بقلق : ناكل ايه بس ، هو أنا قادره أتلم على بعضي لما هآكل .
قال كِنان : احنا مبنعملش حاجه غلط ، ووالدك لو كان بيراعي ربنا مكنش أجبرك تكملي مع واحد مش طايقاه و مكناش هنعد هنا خايفين زي الحراميه ..
قاطعته ليلى بغضب : أنا مسمحلكش تغلط في بابا .
قال كِنان على الفور : أنا آسف ، مش قصدي أغلط فوالدك .
قالت ليلى بصوت حزين : بس معاك حق ، لو بابا بيحبني و خايف على مصلحتي مكنش يجبرني أكمل مع تميم.
كِنان بغيظ : بلاش تقولي اسمه ادامي الله يخليكي.
ليلى : أنا آسفه ، بس خلاص أنا مقدرش أكلمك تاني ، الا لو قدرت أفسخ خطوبتي ، غير كده أبقى بغلط في حقك و كمان بخون ثقة أهلي فيا ، كفايه لؤي ، ده لو عرف عمره ما هيبصلي تاني بنفس الطريقه .
كِنان بعنف : ده مستحيل يحصل ..
قاطعته ليلى : كِنان أرجوك متضغطش عليا ..
قاطعها بدوره قائلا : لو أنا متأكد إنك تقدري تقفي قصاد أبوكي ، كنت هاقولك ماشي هابعد عنك لغاية أما تحلي مشاكلك ، لكن أنا خايف تضعفي و متقدريش تواجهي و ساعتها هتروحي مني .
قالت ليلى بيأس : عشان كده لازم تنساني يا كِنان ، و متعلقش نفسك بيا اكتر من كده.
قال كِنان : أنا مش ضعيف زيك يا ليلى و هدافع عننا و هاقف قصاد الدنيا كلها ، بس محتاجك تكوني جنبي و تكوني أقوى من كده .
قالت ليلى بشرود : و أنا في ايدي ايه أعمله ...؟
قال كِنان : أنا مقدم على وظيفة مراسل في قناة عربيه ، و احتمال كبير أتقبل في الوظيفه ، عايز منك تجيبي أوراقك الرسميه و جواز السفر بتاعك .
سألت ليلى : مش فاهمه ، عايز الحاجات دي ليه ...؟
أجاب كِنان : أنا بفكر و بعمل حسابي لحاجات اودام متشغليش بالك بيها .
هتفت ليلى فجأه : يا نهار اسود ، يا نهار اسود.
كِنان بقلق : مالك في ايه ؟
قالت ليلى مذعوره : يحيى !
↚
¤ حبيبي المجهول ¤
----------------------
تحولت نظرات الفزع في عيني ليلى إلى الاستغراب الشديد ، لدى رؤية الفتاه المرافقه لأخيها ، دققت النظر ، إنها بالتأكيد ابنة جارتهم الفنانه ، و التي أوصاهم والدهم بعدم الاحتكاك بها.
قال كِنان محاولا طمأنتها : احنا فزاويه بعيده و مظنش هيشوفنا .
قالت ليلى : ربنا يستر ، ربنا يستر .
قال كِنان المعطي ظهره للباب : أنا هابص أشوف لو ممكن تخرجي من غير ما ياخد باله.
استدار كِنان ببطء شديد ، ثم قال بحنق : فاتن !
سألت ليلى على الفور : انت تعرف البنت اللي قاعده معاه دي .
التفت كِنان لليلى و قال بضيق : هو اخوكي مصاحبها !
قالت ليلى بحنق : معرفش ، و كويس إنك عرفتني قعدتنا مع بعض دي معناها ايه .
قال كِنان بأسى : حرام عليكي ..انتي اصلك مش فاهمه حاجه .
قالت ليلى بارتياب : أفهم ايه ، و بعدين هو انت كان في بينك و بين البنت دي حاجه ....؟
صمت كِنان ، لتقول ليلى : سكت ليه ...
ثم أضافت بحرقه : عارف لو مكنتش خايفه يحيى يشوفني ، مكنتش استنيت هنا ثانيه واحده.
قال كِنان بغضب : و أنا لو مكنتش خايف عليكي كنت قمت جبتها من شعرها .
قالت ليلى بتهكم : الله و كمان بتغير عليها ، ده أنا طلعت أكبر مغفله فالدنيا .
قال كِنان بحرج :مش عارف أقولك ايه ، فاتن دي تبقى أختي !
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
شعرت فاتن بالخزي الشديد من تصرفاتها مع يحيى قبل قليل ، و تساءلت هل بدأت فعلا تتأثر بنظريات والدتها ، ألم يحذرها أخاها كِنان من ذلك عندما أصرت على الاستمرار في العيش معها ، و لكن هل والدتها بالفعل كما يصفها كِنان ، أم أنه يبالغ فقط ، ففي النهايه هي لا تؤذي أحدا ، أما عن اعتراضه على استمرارها في التمثيل فذلك ناتج عن ضيق أفقه و عدم تفهمه لرسالة الفن الساميه كما أقنعتها والدتها.
سأل يحيى : تحبي نفطر ايه ...؟
فاتن بحرج : أنا كلت قبل ما أخرج .
ضحك يحيى و قال : و أنا كمان فطرت قبل ما أخرج .
قالت فاتن : يبقى خلاص خلينا نمشي .
قال يحيى بضيق : هو احنا لحقنا نقعد .
قالت فاتن بخجل : أصلي حاسه إنه قعدتنا كده غلط .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
تنهد يحيى مرتاحا ، و محتارا في نفس الوقت ، فقلبه يخبره بأنها ليست بالتسيب و الاستهتار الذي عادة ما توحيه تصرفاتها ، أما عقله فيخبره بأن مضمنوها كغلافها و لا داعي لتعليق نفسه بها ، فلا يوجد هناك أمل بتغييرها .
سأل يحيى برفق : طب ليه أصريتي إننا نيجي هنا ...؟
رفعت فاتن كتفيها و قالت : مش عارفه .
قال يحيى : طب تحبي تعرفي رأيي .....؟
أومأت ، فقال : أنا شايف إنك مش عارفه انتي عايزه ايه و بتتأرجحي ما بين الصح و الغلط ، و ده طبيعي للي في سنك .
قالت فاتن بحزم : بس دلوقتي أنا عارفه عايزه ايه بالظبط.
سأل يحيى باهتمام : و ايه بقى اللي عايزاه .
قالت بغبطه : عايزه أروح معاك ندوة الاسدال .
ضحك يحيى و قال : على فكره هي مش بالظبط ندوه عن الاسدال .
سألت فاتن : امال عن ايه !
قال يحيى : لما تحضريها هتعرفي .
قالت فاتن بضيق : بس لسه فاضل أكتر من ساعتين ، و أنا مش حابه أروح لوحدي .
قال يحيى : ما أنتي هتروحي معايا .
قالت فاتن بحرج : لا كده هتضطر تستأذن من شغلك تاني ، و أنا مش حابه أعطلك .
قال يحيى بمرح : ما أنا خلاص هازوغ النهار كله .
ابتسمت فاتن و قالت : طب أنا دلوقتي هاروح الكليه و انت بقى هتعمل ايه فالساعتين دول .
قال يحيى بثقه : هاجي معاكي و أحضر المحاضرات بتاعتك عشان أعرف انتي ليه نفسك تسقطي و تخلصي من أم الكليه دي .
ثم سأل : مقولتيش انتي بتدرسي ايه ؟
أجابته : تمثيل .
قال يحيى بانفعال : و طالما مش حابه المجال ده ، ليه تدخليه أصلا .
ضحكت فاتن برقه و قالت : أعمل ايه ، أنا مش غاويه فن و لا تمثيل ، بس ماما أصرت إني أدخل التخصص ده ، و توسطتلي جامد عشان يقبلوني عندهم فالقسم .
قال يحيى بغيظ : و ايه اللي يخليكي توافقي على كلامها ، طالما مش حابه يبقى خلاص حولي لكليه تانيه .
قالت فاتن بيأس : بالسهوله دي .
قال يحيى : طبعا ، اسمعي أحنا هانروح انهارده و نسأل لو ينفع تحولي كليه تانيه دلوقتي .
ثم أضاف : بس انتي عايزه تدرسي ايه ؟
قالت فاتن : انا كنت حابه ادرس لغات ، بحب اتعلم لغات جديده.
ابتسم يحيى و نهض من مقعده قائلا : طب يلا بينا .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
سألت ليلى باستغراب : أختك ازاي ، أنا اللي أعرفه إنه عندك أخين و مهاجرين في كندا .
قال كِنان: دي أختي من أمي ، بابا بعد ما مراته اتوفت ، اتجوز أمي .
قالت ليلى : يعني مامتك تبقى الفنانه انجي الشريف .
أومأ كِنان و أضاف : أيوه ، بس للاسف مليش علاقه بيها نهائي أو بالأحرى هي مش عايزه حاجه تربطها بيا .
قالت ليلى : طب ليه كده !
قال كِنان: أصلها شايفه جوازها من أبويا الله يرحمه كان غلطه ، كانت لسه مبتدئه في التمثيل و بابا كان صحفي كبير ، فاستغلته عشان تشهر نفسها ، لكن لما اتجوزوا و شافت حالته الماديه مش بالصوره اللي كانت متخيلاها طلبت الطلاق ، بس للاسف وقتها كانت حامل ، المهم اطلقوا و لما ولدت ، رمتني لبابا و عمرها عمرها ما حتى غلطت و سألت عليا .
قالت ليلى : انت عارف انها من كام شهر جت و سكنت هي و بنتها في الشقه اللي جنبنا .
قال كِنان: اللي فهمته آخر مره اتكلمت مع فاتن ، انه جوزها الاخير نصب عليها و اضطروا ينقلوا في شقة أهلها القديمه ، بس مكنتش أعرف إن الشقه في نفس العماره بتاعتكو .
قالت ليلى : طب و أختك ، سايبها كده ، متزعلش مني يا كنان بس أنا شفتها كذا مره و بتبقى يعني مش عارفه أقول ايه .. هدومها و لبسها ..
قاطعها كِنان: أنا أول ما خلصت كليه ، عرضت عليها تيجي تعيش معايا ، خاصه بعد وفاة بابا بقيت لوحدي في الشقه ، بس هي رفضت و قالت إنها متقدرش تسيب مامتها لوحدها ، و احنا عمرنا ما كنا قريبين من بعض ، أنا بالصدفه عرفت أن ليا أخت ، و ماما مكنتش بتحب آجي و أزورهم ، بس أنا قلت دي صلة رحم حتى لو هما مش مرحبين أنا لازم أعمل اللي عليا ، و بعدين حاولت كتير معاها لغاية أما خلاص مبقتش قادر أتعامل معاهم و أشوف الغلط و أسكت عليه ، فقطعت معاهم خالص .
قالت ليلى : بس احنا بقالنا سنين نعرفك ، أقصد يعني لؤي و انت صحاب جدا ، ليه مش بتقول إنها مامتك.
قال كِنان: ده موضوع محبش حد يعرفه ، هو انتي عمرك ما شفتي أفلامها.
أومأت ليلى و قالت : معاك حق ، فعلا أفلامها حاجه صعب جدا ، بس انت كده عقدت الحكايه جدا.
قال كِنان: ازاي يعني ..
قالت ليلى : بابا لو عرف إنها مامتك عمره ما هيوافق عليك ، هو في نظره الراجل اللي ملوش كلمه على أهله يبقى مهواش راجل ، وا نت دلوقتي تعتبر الراجل بالنسبه لمامتك و أختك.
قال كِنان: و هو ايه اللي هيعرفه ، بلاش نتوقع البلا قبل وقوعه.
قالت ليلى : انت مش شايف يحيى بيبصلها ازاي ، أنا أول مره أشوفه بيبص لبنت كده ، ده على طول بيغض البصر، و مش بعيد يكون عايز يرتبط بيها رسمي.
استدار كِنان ثانيه ، ثم ضرب المنضده بشده ، لتقول ليلي : شفت انت مدايق ازاي عشان أختك ، اللي بتقول قطعت علاقتك بيها ، ايش حال أخواتي أنا ، قعدتنا و كلامنا ده غلط.
كِنان: أنا آسف ..
ليلى : اهم قاموا اهم ...
قال كِنان بعد أن خرج يحيى و فاتن من المقهى : خليكي انتي هنا ، ثوان و راجعلك ، ها.
قالت ليلى بعتاب : انت ناوي على ايه....؟
كِنان مطمئنا : هتأكد إنهم مشيوا عشان تقدري تخرجي.
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
و على بوابة المقهى شعر كِنان بالعجز الشديد ، فا هي أخته في الطريق للسير على خطى والدتهم ، دون أن يستطيع فعل أي شيء حيال ذلك ، أغمض عينيه متجنبا النظر إليها برفقة يحيى ، هز رأسه ، لقد حاول انتشالها من ذلك المستنقع و لكنها أبت ترك والدتها ، لقد أدى واجبه و انتهى الأمر .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
ركبت ديما في السياره مع خالتها و ابن خالتها لؤي بعد أن اودع والدها المستشفى لاجراء الفحوصات اللازمه للعمليه و بقيت والدتها مقيمه معه في غرفة المشفى...
قال لؤي مازحا : لسه كلبوزه زي ما انتي.
ارتبكت ديما من دعابته ، فلطالما كانت طفلة سمينه ، و لكن اليوم و بعد أن أتمت عامها الخامس عشر ظنت أنها فقدت الكثير من الوزن ، و استطاعت أن تمحي صورة الطفله السمينه من حياتها و إلى الأبد ، و لكن يبدو أن فتى أحلامها لا يرى ذلك.
قالت خديجه : كلبوزه ده ايه ، دي ديما زي القمر.
قال لؤي : بس برده كلبوزه ، وبعدين مالك ساكته كده ، اوعي تكوني جعانه.
قال دعابته ثم انفجر ضاحكاً.
قالت خديجه معاتبه : و بعدين يا لؤي .
قالت ديما مصطعنه المرح : سيبيه يا خالتو ، أنا مش بدايق من هزاره.
قال لؤي : شفتي اللي بدافعي عنها ، اهي قالتلك اطلعي منها انتي.
قالت ديما : لا مش قصدي كده.
ربتت خديجه على يدها و قالت : أنا فاهمه قصدك يا حبيبتي متقلقيش .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
استيقظت نوف على صوت هاتفها معلنا وصول رساله جديده ، أزاحت الغطاء و تناولت هاتفها ثم ابتسمت بعد أن قرأت محتوى الرساله المرسله إليها من أنس ، و التي يطلب منها أن تحادثه وجها لوجه حتى تكون أول ما تقع عيناه عليه هذا الصباح.
و قبل أن تدلف إلى الحمام ، توجهت إلى حاسوبها و قامت بفتح برنامج السكايب ، لتجد أنس بانتظارها قبلت طلب المحادثه و أضاءت كاميرا الحاسوب الخاص بها.
قال أنس : صباح الجمال يا أجمل نوف في الدنيا.
قالت نوف بخجل : جمال ايه بس و أنا شعري منكوش كده.
قال أنس : امممممم منكوش و لا متسرح برده طعمه.
قالت نوف : طب يلا بقى عشان تشوف شغلك.
قال أنس : كده بسرعه زهقتي مني ، طب أنا ماشي اهو و مخاصمك كمان.
قالت نوف على الفور : لا مش قصدي ، ارجوك متزعلش مني.
قال أنس بخبث : لو مش عايزاني أزعل يبقى تسمعي الكلام.
سألت نوف باهتمام : كلام ايه....؟
قال أنس : مش انتي قولتي امبارح أنك هتخرجي انهارده و تعملي شوبنج .
قالت نوف : مزبوط.
قال أنس : طب أنا هبعتلك صورة موديل عايزك تجيبي زيه و تلبسيهولي لما نتكلم الليله.
قالت نوف بمرح : بس كده ، من عنيا ، ابعتلي الصوره يلا.
قام أنس بإرسال الصوره ، لتفتحها نوف ثم تشهق : لا مش هاقدر ألبس حاجه كده ادامك.
قال أنس بغضب : طيب ، و أنهى المكالمه دون أي كلمة أخرى .
و على الفور اتصلت به نوف ، رد قائلا : طالما زعلي هين عندك كده بتتصلي ليه.
قالت نوف : حرام عليك ،أنا قولت ايه يزعلك.
قال أنس : عشان مش بتسمعي الكلام.
قالت نوف : طب خلاص خلاص ، هاشتري الموديل و أمري لله.
قال أنس بضيق : أما نشوف .
أغلقت نوف الخط غير مقتنعه بما وعدته به ، و لكنها لا تقوى على خصامه ، فآخر مره تخاصما فيها لم يحادثها لمدة شهر كامل و ذلك بسبب رفضها أعطاءه قبله على الهواء كما طلب منها ، تنهدت نوف ساخره من نفسها، فتلك القبله قربت بينهما أكثر فأصبح حديثه معها يوميا، و لم تعد تخجل من إرسال تلك القبلات له ،بل و رأت السعاده في عينيه ، طبعا معه حق ، عليها أن تفعل الأشياء التي تسعده فذلك سيقربهما من بعض بصوره أسرع.
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
دلفت فاتن إلى قاعة الندوه برفقه يحيى بعد أن عادا من الجامعه دون ان تتقدم فاتن بطلب النقل و ذلك لعدم احضارها اي اوراق ثبوتيه ....
اقتادها يحيى ليجلسا في الصف الثاني ....
قالت فاتن : مش هتقولي الندوه دي مين الشيخ بتاعها و عن ايه.
ضحك يحيى و قال : انتي فهمتي الحكايه كلها غلط ، مفيش شيخ و لا حاجه.
قالت فاتن بانزعاج : طب ما تفهمني بدل ما انتي سايبني كده.
قال يحيى : دي ندوه الجمهور بيشارك في تجاربه فيها و كله بتمنه.
تأففت فاتن و قالت : برده مش فاهمه ، بلاش أسلوب التنقيط ده و قولي الحكايه من طأطأ لسلامو عليكو.
ابتسم يحيى و قال : و عليكم السلام.
ضربته فاتن بخفه على كتفه و قالت : أنا الحق عليا اللي سمعت كلام واحد معرفوش كفايه.
قال يحيى : بس أنا حاسس كأننا نعرف بعض من زمان.
ابتسمت فاتن بارتباك ليقول يحيى : أنا هأشرحلك الندوه دي عن ايه ، شوفي يا ستي ، احنا كشباب مشاكلنا كتيره و كلنا بنبقى عايزين حد يسمعنا و يفهمنا ، و أوقات كتير الواحد لما بيتكلم بيرتاح ، طبعا سمعتي عن فايدة الدكاتره النفسيين ، هنا يا ستي ، بنحاول نكون كلنا دكاتره نفسيين لبعض ، عن طريق إننا نقول مشكلتنا بس على شكل شعر.
قالت فاتن : يعني دي بس اللي بيشارك فيها الناس الموهوبه فالشعر.
قال يحيى : لا مش كده ، أي حد بيقدر يشارك ، مش ضروري تكون عندك موهبه الشعر ، لان الشعر هنا مش ضروري يكون راكب مع بعضه و ليه وزن ، ده مجرد فضفضه بس المُلقِي مطلوب منه يحاول على اد ما يقدر يخلي الكلام منمق شويه.
قالت فاتن بحماس : فكره تحفه ، بس برده ايه علاقتها بالاسدال.
قال يحيى : قلتلك مش عن الاسدال تحديدا ، لكن انهارده تاني أسبوع في الشهر ، و ده المعاد اللي مخصصينه يحكي كل واحد عن علاقته مع ربنا عامله ازاي ، و انهارده واحده من مؤسسي الجروب المسئول عن الندوه هتطلع و تلقى شعر عن حياتها ازاي اتغيرت لما قربت من ربنا.
قالت فاتن بانزعاج : ده لازم انت و هي صحاب عشان تعرف مواعيدها.
ضحك يحيى و قال : و لا صحاب و لا حاجه ، انتي مسمعتيش عن اختراع اسمه الفيس ، كل معاد للندوه بيجيني تفصيل عن الضيوف و البروجرام بتاع الندوه .
قالت فاتن : اها ، بس ليه قلت كله بتمنه ، احنا مدفعناش حاجه و احنا داخلين.
قال يحيى : اللي بيحب يقوم و يُلقي لازم يدفع جنيه مقابل نص ساعه هوا ، و لو حب ساعه اتنين جنيه و هكذا ، دي التسعيره ، طبعا دي فلوس رمزيه ، لكن زي ما بيقولوا قرش على قرش قدروا يحجزوا القاعه دي لمدة سنه عشان يقيموا فيها الندوه .
قالت فاتن باعجاب : الله ، اهي دي الناس اللي بتفكر صح.
ابتسم يحيى لحماسها و قال :شكلهم هيبتدوا.
نظر كلاهما باتجاه المنصه ، التي يتوسطها مكبر للصوت ، و على الجانب يوجد شاب جالس على منضده يتوسطها إناء زجاجي ، نهض من مقعده و توجه إلى المايك و قال من خلاله ، و دلوقتي رحبوا معايا بالبشمهندسه سلوى منصور ، صعدت شابه ترتدي ثيابا فضفاضه و حجاب طويل درجات المنصه ، و بعد أن توقف التصفيق ، قال الشاب : قبل أي كلام ، ايدك ع الجنيه يا هندسه.
ضحك الجمهور ، لتقول سلوى : أنا برده هادفع جنيه ، اتفضل خمسه جنيه بحالهم .
ضحك الجمهور مره أخرى ، لتقول فاتن : كنت فاكراها هتقول مية جنيه.
قال يحيى : أصلا ممنوع حد يدفع أكتر من جنيه ، ما عدا الجروب المؤسس للندوه ، ممكن يدفعوا أقصى حد خمسه جنيه بس.
قالت فاتن باستغراب : اشمعني يعني .؟
قال يحيى : عشان ميحرجوش حد ، معظم الموجودين شباب ، و كتير منهم لسه بياخد المصروف من أهاليهم ، و طبعا في فروقات بين الحضور ، فتخيلي واحد يطلع و يدفع مبلغ و قدره ، أكيد الأقل ماديا هيتحرج إنه يطلع و يدفع جنيه بس.
قالت فاتن باعجاب : دول فكروا في كل حاجه.
أومأ يحيى ثم انصت كلاهما لكلمات سلوى منصور .
تنحنت سلوى ناقله أعينها بين الحضور ، ثم اقتربت من المايك و قالت : السلام عليكم ، طبعا الناس اللي مواظبه على الحضور أسبوعيا يمكن سمعوا الالقاء اللي هاقوله دلوقتي ، بعتذر منكم على التكرار ، لكن أنا جتني طلبات كتير عالفيس من بنات حضروا الندوه و عايزين كمان صحابهم و قرايبهم البنات يسمعوا تجربتي مره تانيه ، و أنا استجبت لطلبلهم.
ثم أضافت : عشان كده اقتضى التنويه .
شرعت سلوى في الالقاء قائلةً : زمان
يعني مش زمان كتير ، يمكن قبل تلات أربع سنين.
زمان ... حبيت
حبيت .. حاجات كتير
و زي كل البنات .. حبيت شكلي
حبيت ألبس و أتشيك و أحط ميكب و بيرفيوم
و طبعا كل الحاجات اللذيذه دي ...
فطبعا تابعت الموضه
مش مهم بقى .. الموضه تبقى قصير ضيق و لا ملزق
المهم ..إني أكون أشيك واحده
ده كان أهم حب في حياتي ..لغاية أما قابلته
قابلت مجهول ، طبعا مش هقول اسمه
قابلت مجهول
زمان حبيت
حبيت مجهول
حبيته أكتر ما حبيت نفسي و أهلي ومذاكرتي و الموضه و أي حاجه تانيه
تفتكروا مجهول حبني !
أنا كنت فاكره إنه حبني
بس ازاي حبني
ازاي حبني و خلاني بقيت كده
بقيت بكدب على أهلي عشانه
بزوغ من محاضراتي عشانه
بسهر لحد الفجر عشانه
لما اقوله هقوم أصلي ، يقولي بدري خليكي كمان شويه معايا
و زي أي علاقه بين اتنين
جه وقت الحسم و القرار
اتخرج مجهول
و اشتغل مجهول
و شقته جاهزه سي مجهول
طب يا عم مجهول
مش هتيجي تتقدملي
يقولي معلش مامتي تعبانه
يفوت شهر ، بابا هيعمل عمليه
فاتت سنه ، و لقيت مجهول
تتوقعوا لقيته ايه
صاح الجمهور : خطب
ضحكت سلوى و قالت : المفروض القُدام مكنوش جاوبوا ، كنت عايزه أعرف رأي الناس اللي أول مره بتحضر .
ثم أكملت : خطب مجهول
خطب مجهول و سابني للمجهول
سابني مصدومه تايهه حزينه ملخبطه
ازاي حبني و قدر يخطب واحده تانيه
يتجوز واحده تانيه
كان لازم أواجهه ، و لو بس عشان أعرف ليه
قالي ساعتها اهله أجبروه
و إن عمره ما حب و لا هايحب حد غيري
و صدقته
صدقت مجهول
و رجعت تاني أحب مجهول
و استنى مجهول ووعود مجهول
وعدني إنه هيسبها و يرجعلي
بس الأول يتفاهم مع أهله
و استنيت شهر و اتنين و تلاته
لغاية أما اتجوز سي مجهول
و بعد جوازه بشهر
بعتلي أنا لسه بحبك و مش قادر أعيش من غيرك
و لأني عبيطه فرحت
فرحت إنه لسه بيحبني
و رجعت تاني أحب مجهول
و استنى مجهول ووعود مجهول
لغاية اما طلب مني
طلب فوقني
طلب نتجوز
و مش على سنة الله و رسوله
لا ...عرفي
ساعتها فقت
فقت من مجهول و حب مجهول ووعود مجهول
بس لسه مصدومه و تايهه و مش عارفه حاجه فأي حاجه
مبقتش أفرح باللبس و الموضه و الخروجات
و على طول حاسه إنه في حاجه نقصاني
لغاية أما قابلته
قابلت اللي حطني عأول الطريق
قابلت اللي مكنش عجبه شكلي و لا لبسي و لا تصرفاتي
بس غصب عنه كان لازم يتعامل معايا
و مش هوضح كتير ، لأحسن اتفقس و تعرفوا هو مين
و هاقول تاني
زمان حبيت
حبيت فارس
فارس من زمن الفرسان
و عشانه غيرت من نفسي و شكلي و تصرفاتي
بس للأسف برده ، يبقى الحال على ما هو عليه
محبنيش
و رجعت تاني مصدومه و تايهه
بس مش كتير
عشان هو علمني حاجه تخليني قويه
علمني ازاي أحب نفسي ، و ده بيبدأ بحبي لربنا
زمان حبيت
و دلوقتي و على طول
بحبك يا رب
ثم أضافت : شكرا لحسن إصغاءكم .
عاد المضيف ليشكرها مره أخرى .
صفقت فاتن مع الحضور بحراره شديده ، ثم قالت ليحيى : انت عمرك طلعت و ألقيت .
أجابها يحيى : كتير .
قالت فاتن : أنا عايزه اسمعك .
قال يحيى : بس دلوقتي معنديش حاجه جديده أقولها .
قالت فاتن برجاء : طب أي حاجه قديمه .
ثم أضافت : بليييييييييييز .
ابتسم يحيى و قال : بس بشرط .
عقدت فاتن ذراعيها أمام صدرها و قالت : انت من الصبح نازل تتشرط عليا ، ها قول شرط ايه المرادي .
قال يحيى : لما نيجي هنا المره الجايه ، عايزك انتي كمان تطلعي و تقولي اللي حاسه بيه .
أومأت فاتن و قالت مداعبه : معاك جنيه و لا تحب أسلفك.
ضحك يحيى و قال : أنا من بتوع الخمسه جنيه .
ثم نهض من مقعده و اتجه إلى المنصه .
↚
¤ حب من طرف واحد ¤
--------------------------
صعد يحيى إلى المنصه لتسجيل اسمه ، و على الفور تقدم المضيف لتحيته ، قائلا للحضور : دلوقتي هيُلقي البشمهندس يحيى عبدالرحمن ، اللي رجعلنا بعد غياب طويل ، و أحب أعرف الناس الجداد هنا ، إن يحيى من مؤسسي الندوه ، بس الشغل خده مننا شويه ، و من غير كلام كتير ، ايدك ع الخمسه جنيه يا هندسه .
ضحك الحضور ، و قام يحيى بوضع الخمس جنيهات في الإناء الزجاجي ، ثم تقدم باتجاه المايك ، و قال : أول حاجه أنا بعتذر على غيابي الكتير ده ، الشغل خدني زي ما قال مصطفى ، و الحقيقه معنديش حاجه جديده أقولها ، و مش عايز أقلب في الدفاتر القديمه ، فعشان كده كلامي هيكون مرتجل ، أتحملوني .
و شرع في الالقاء خاصته ، قائلا : بقالي كتير مضحكتش
مفرحتش
مدايقتش
مزعلتش
حتى متعصبتش
قال أحد الحضور بصوت عال : مكلتش مشربتش منمتش
ضحك يحيى مع الحضور و قال : أنا حذرت و قولت ارتجال .
صاح الحضور : كمل كمل ..
قال يحيى : بقالي كتير
متحيرتش
مغضبتش
بقالي كتير و عندي نفس الاحساس
مضغوط مشغول ، مش قادر أحس بأي حاجه
الليل شبه النهار
التعب زي الراحه
بكره زي بعدو
مضغوط مشغول مش قادر أحس بأي حاجه
أو مش فاضي أحس بأي حاجه
و كله ده عشان ايه
عشان أحقق حلمي
عشان أحس إن طموحي ممكن يبقى واقع
و في وسط كل ده ، تهت مني و بقيت
بقيت
مضغوط مشغول مش قادر أحس بأي حاجه
لغاية
لغاية من كام يوم
رجعت من تاني
أضحك
أفرح
أتنرفز
أدايق
أتحير
رجعت أحس من تاني
صحيح إني لسه
لسه مضغوط و مشغول
بس الجديد إني بقيت حاسس بحاجات كتير
حاسس ان بقى عندي قلب جديد
قلب فرحان و مدايق و ملهوف و خايف ووو
ومليان احساسات كتيييييييييير
صحيح مضغوط و مشغول
بس دلوقت حاسس
حاسس بحاجات كتير
صفق الحضور و معهم فاتن ، التي نهضت من مقعدها سعيده بالقائه البسيط و المعبر.
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
قالت شيرين لصديقتها سلوى بعد انتهاء الندوه : ايه مش هتروحي تسلمي عليه !
قالت سلوي بضيق : مش عارفه ...
قالت شيرين مشجعه : يا بنتي متبقيش سلبيه كده ، اتحركي خدي خطوه .
قالت سلوى بعتاب : ما أنا خدت خطوه قبل كده و النتيجه كانت زفت فوق دماغي .
قالت شيرين بتعاطف : ده كان قبل ما تتغيري و تبقي البشمهندسه سلوى منصور اللي الفيس كله بيسأل و بيطالب يسمعها .
قالت سلوى : و عشان كده مش عايزه أرجع لحاجه أنا ما صدقت أنساها .
قالت شيرين : متكدبيش على نفسك ، انتي عمرك ما نسيتيه ، و الا ليه بترفضي شلال العرسان الي بيتقدمولك .
قالت سلوى : طب ليه هو ميجيش و يسلم ..
قاطعتها شيرين : انتي عبيطه ، مش شايفه البت اللي واقفه جنبه ، أكيد عامله عليه حصار أرض جو .
قالت سلوى بمراره : و هو مبسوط و عاجبه ، احنا مالنا .
قالت شيرين بعتاب : مالنا ، بقى شاب زي يحيى و بأخلاقه و تفوقه تاخده واحده زي دي ، ده حتى يبقى حرام و لا يجوز .
قالت سلوى : بلاش نحكم على الناس بالمظهر ، انتي ناسيه احنا كنا بنلبس و بنتصرف ازاي قبل ما ربنا يهدينا .
قالت شيرين : لا لا عمرنا ما كنا كده ..
ابتسمت سلوى بخبث و قالت : انتي هتضحكي على مين يا بت انتي ، ده احنا دافنينه سوا .
هتفت شيرين : اوبا ، سابته اهي ، يلا انطلقي ..
سلوى : و انتي مش هتيجي تسلمي عليه .
شيرين : هآجي ، بس ازبط المُزه الاول .
سلوى بانزعاج : تقصدي ايه ...؟
شيرين : ملكيش دعوه ، يلا قبل ما ترجع ، و دفعتها باتجاه يحيى الواقف بجوار بعض زملائهم في الكليه .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
شاهدها و هي تتقدم بخجل في اتجاه مجموعتهم ، ابتسم يحيى للتغيير الذي طرأ عليها ، و لكنه سرعان ما تذكر آخر لقاء بينهم لتنطفىء ابتسامته و يحل مكانها الحرج.
قال مصطفى الواقف بجواره : أهلا بنجمة الفيس و الندوات .
ضحكت سلوى و قالت : بلاش الاوفر ده .
قال مصطفى : طب عن اذنكو ، هاروح ااوفر ع الناس اللي هناك ، و كذلك فعل زميلهم أحمد ، و كأنهم اتفقوا على تركهم بمفردهم .
قال يحيى : ازيك يا بشمهندسه ، و ألف مبروك على النجاح اللي حققتوه في الندوه .
ابتسمت سلوى و قالت : الله يبارك فيك ، و كويس إنك لسه فاكرنا و ياريت مجيك ده يتكرر كتير.
ابتسم يحيى بدوره و قال : معلش مضغوط في شغلي ، و انتي بتشتغلي في شركة باباكي .
قالت سلوى : مؤقتا ، لحد ما الاقي شغلانه في تخصصي .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
وقفت فاتن أمام المرآه تعدل من هيئتها ، لتقول الفتاه الواقفه بجوارها على مرآة الحمام الثانيه : احم احم .
التفتت فاتن باتجاهها ، فسألت : هو انتي تقربي ليحيى ....؟
قالت فاتن : لا احنا جيران ، ثم سألت : و انتي كنتي زميلته فالكليه !
أجابتها : أيوه و اسمي شيرين ، و انتي .
ردت : فاتن .
ضحكت شيرين و قالت : فاتن المشروع الجديد .
ابتسمت فاتن غير مستوعبه دعابتها و قالت : مشروع ايه !
ردت شيرين مبتسمه : مشروع يحيى الجديد للاصلاح و التهذيب .
ثم أضافت : هافهمك ، يحيى أصله غاوي النصح و الارشاد للبنات اللي يا عيني زيك ، انتي مسمعتيش سلوى منصور انهارده ، اهي كانت تقصده بالفارس اللي قابلته و قدر يغيرها ، بس للاسف بعد نجاح مشروعه بتيجي النهايه و يبتدي يدور على مشروع جديد و هكذا .
حملت حقيبتها ، ثم قالت : يعني نصيحتي متعلقيش نفسك بيه اوي يا حلوه ، لانك بالنسباله مجرد لعبه أو تحدي بيحب يكسبه بينه و بين نفسه و بالمره ياخد فيكي ثواب.
قالت كلماتها تلك و غادرت تاركه فاتن مصدومه و محتاره ، فأي صوره تلك التي يراها يحيى بها تجعله عازم على تغييرها ، هل هي لعبته الجديده كما قالت زميلته ، شعرت فاتن بالحرقه و طعم غير مستساغ في فمها ، و لكن الحق كل الحق عليها ، لم وافقت أصلا أن تأتي برفقته ، لم اختارت أن تثق به ، تنهدت ساخره من انزعاجها من غايته ، ألم تكن هذا الصباح عازمه على إخضاعه لنظريات والدتها ، حسنا الجزاء من جنس العمل كما يقولون ، كلاهما أراد التقرب من الآخر لأجل تحد داخلي ، لملمت أغراضها في حقيبتها عازمه على المغادره دون رفقته .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
كانت سلوى مندمجه مع يحيى و حديثه عن شركته الصغيره ، عندما أتت شيرين بجوارهم و قالت : ازيك يا يحيى ، و الله عاش من شافك .
رد يحيى : ازيك انتي ، و آسف إني مش بآجي كتير ، بس الشغل بقى .
قالت سلوى بحماس : أصل يحيى عمل شركه صغيره مع مالك و أنس .
قالت شيرين على الفور : طب ما ينوبك فيا ثواب و تشغلني معاكو .
قال يحيى معتذرا : أدعلينا الشركه تقف على حيلها و انتي هتكوني أول حد نعينه ، بس حاليا مفيش إمكانيات توظيف .
قالت سلوى بدورها : احم احم و أنا كمان عايزه احجز مكان ، أصل شغل بابا بتاع الاستيراد و التصدير مليش فيه و اخواتي قايمين بالواجب .
ابتسم يحيى و قال : دي حاجه تشرفني أكيد و دعواتكو بقى .
شاهدت سلوى انطفاء ابتسامته ، ثم قال باضطراب : طب عن اذنكو يا جماعه .
تابعته بنظرها ، لتراه يلحق بالفتاه التي أتى برفقتها و التي على ما يبدو في طريقها لمغادرة القاعه .
قالت شيرين بعد أن رأت الضيق باد على محيا صديقتها : و الله ما تيجي حاجه جنبك ، مش عارفه ايه اللي عاجبه فيها .
قالت سلوى : يمكن شخصيتها ، أخلاقها ، بس في النهايه احنا مالنا ، ربنا يوفقه .
قالت شيرين بامتعاض : آه يا قلبي ، و الله انتي عبيطه .
ثم قالت مبتسمه : بصي بصي ، شكلهم بيتخانقوا .
قالت سلوى بعتاب ناجم عن معرفتها لأساليب صديقتها : انتي قولتيلها ايه !
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
رفعت شيرين كتيفيها و قالت ببراءه : و لا حاجه !
فصديقتها بالتأكيد لن توافقها على تصرفها قبل قليل ، و تابعت بابتسامه عريضه نتائج فعلتها ، محدثه نفسها : المثل بيقول اسعى يا عبد و أنا اسعى معاك ، أما أقعد حاطه ايدي على خدي و أسيب حب حياتي يهرب ادام عنيا ، ده العبط بعينه ، و يمكن لو يحيى ارتبط بسلوى ، قلب اللي بحبه يفضى و ياخد باله مني ، يا رب .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
تنهدت سلوى و تابعت مشاهدة فارسها ينخرط في جدال مزعج مع رفيقته للندوه ، و بدون أن تعي ترقرقت العبرات في مقلتيها ، متنميه أن تتخلص قريبا من حبها له ، ذلك الحب الذي يجعلها تغبط تلك الفتاه حتى في هذا الموقف و الذي يبدو فيه غاضبا منها و بشده ، فالغضب أهون بكثير من شعوره باللامبالاه تجاهها ، فلا أصعب من الحب من طرف واحد ، تمتمت : ياربي امتى هارتاح من قلبي ده.
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
للمره الثالثه على التوالي يرن هاتفها و يضيء برقم كِنان ، و لكن بعد الذي حدث هذا الصباح ، اتخذت قرارا بالابتعاد عنه ، على الأقل حتى تُنهي خطبتها ، و لكن للقلب رأي آخر ، أدمعت عيناها و في اتصاله الرابع ، أجابت بصوت خفيض : كِنان أرجوك ، أنا تعبت ....
كِنان : أنا بس حبيت اطمن عليكي ، يعني عشان الموقف اللي حصل انهارده .
ليلى : أنا كويسه ..
كِنان :طب متنسيش طلبي ، بكره هآجي و آخد منك الأوراق المهمه .
ليلى : مش هاقدر ..
كِنان : أرجوكي تسمعي الكلام ، و أنا بس هآجي اخدهم و امشي ، مش هاتكلم معاكي ، أوعدك.
ليلى : حاضر .
كِنان بفرح : طب انتي في البيت .
ليلى :أيوه ، ليه ...؟
كِنان : طب ايه رأيك نتكلم سكايب ...
ليلى :معلش عندي مذاكره كتير ، مش هاقدر .
سمعت صوت أخيها لؤي مناديا : ليلى ..
قالت ليلى بذعر: ده لؤي بينده عليا مضطره أقفل ، باي.
دخل لؤي غرفتها قائلا بمرح : العشا اتحول لغدا.
قالت ليلى : هاا..
لؤي : صحصحي معايا ، يحيى اتصل بيقول مش هيقدر يجي معاكي انتي و تميم عالعشا ، فطلب مني اروح معاكو ، و بما اني معزوم على حفلة بالليل ، كلمت تميم و هنخرج دلوقتي و تتغدو سوا .
ليلى بضيق : ما كنت اعتذرت منه و خلاص .
لؤي : آه ، عشان الحاج أبوكي يقطمني ، و بعدين أنا متفق مع الواد وائل و كنا هنتغدى بره ، فمش هاكون عزول هاقعد على طربيزه مع صحابي و انتو طربيزه لوحدكو ، يلا عيشي بقى .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
دلفت ديما إلى غرفة ابنة خالتها ليلى ، حيث ستشاركها فيها طوال مدة إقامتها في مصر .
قالت ديما بعد أن لاحظت احمرار عيني ليلى : انتي كنتي بتعيطي يا ليلى !
قالت ليلى بصوت مخنوق : محدش حاسس بيا يا ديما ، محدش .
ديما باهتمام : ليه ايه اللي حصل ؟
ليلى : مش هتفهمي انتي لسه صغيره على وجع القلب ده .
ديما مبتسمه : يبقى لسه متعرفيش بنت خالتك ، ثم أضافت بمرح : أنا سابقه سني بمراحل .
ابتسمت ليلى و قالت : طيب بس أوعديني الكلام ده يفضل بينا .
ديما : أوعدك ، ها احكيلي .
ليلى : أنا بحب واحد تاني غير خطيبي ..
شهقت ديما ، لتقول ليلى : مش قلتلك لسه صغيره .
ديما : تاني صغيره ، و بعدين معاكي حق أنا الكام مره اللي شفت تميم فيهم مستريحتلوش خالص .
دخلت خديجه الغرفه لتقطع عليهن استرسالهن في الحديث قائله : برده ضاربه بوز ، حرام عليكي افرديها شويه.
ليلى بحزن : يا ماما مش قادره ، ده بني ادم لا يطاق ، كله كلامه دبش و تهديد و حاجات تطهق .
خديجه : يا حبيبتي كل الرجاله كده ، و هنا يجي دورك و شطارتك و ازاي تقدري تطبعيه بطبعك ، و ده مش بيجي بوش البومه اللي عاملاه ده ، بيجي بالكلمه الحلوه .
قالت ديما متسائله بحرج : يعني يا خالتو البنت اللي لازم تبتدي تبين اهتمامها .
خديجه : طبعا ، الراجل بيشقى و يتعب و يحب يرجع بيته يلاقي هدومه نضيفه ، أكلته جاهزه ، الدنيا رايقه ، كفايه الضغط اللي عليه بره ، كمان هيبقى مش مرتاح في بيته .
أومأت ديما برأسها ، و قد عنت لها أفكار كثيره ، ثم قالت : طب أنا هاخرج عشان تلبسي براحتك .
خديجه : خديني معاكي يا بنتي ، و انتي يا ليلى يا ضنايا ربنا يهديكي.
في الصاله وجدت لؤي جالسا يقلب في قنوات التلفاز ، جلست على المقعد المجاور له ، سأل لؤي و نظراته ما زالت مصوبه باتجاه التلفاز : ليلى جهزت ...؟
أجابت ديما : لا لسه شويه .
ثم سألت : انتو هتروحوا فين ؟
قال لؤي محاولا استفزازها : رايحين نتغدى ، بس متقلقيش مش هننساكي هجبلك طبق كشري و أنا جاي.
ابتسمت ديما بحرج و قالت : لا متشكره ، أنا أصلا بعمل دايت .
ضحك لؤي و قال : هو انتي من دلوقتي شايله الهم .
سألت ديما : هم ايه ؟
نظر لها لؤي و قال مبتسما: شايله هم العريس ، و الحموات اللي بينقوا العروسه عالفرازه و طبعا مش لازم تكون تخينه و الكلام ده ، بس خليكي كده أحسن ، أساسا أنا مش متخيل إنك تتخطبي و تتجوزي و الحوار ده كله.
قالت ديما بحرقه : لا متقلقش ، أنا كل همي دلوقتي مذاكرتي و بس ، الحاجات دي مش بفكر فيها .
قال لؤي مداعبا : اوعى تكوني زعلتي مني أنا بهزر .
رفعت ديما كتفيها ، وقالت باقتضاب : لا مزعلتش و لا حاجه .
قال لؤي : طب بما إنك مهتمه اوي بمذاكرتك ، ايه رأيك إني هاخدك معايا الجامعه بكره و اهو تتعرفي على كليتي يمكن تعجبك و نبقى زمايل .
ابتسمت ديما و قالت بمرح : طب خالتو هتوافق إننا نروح لوحدنا .
سأل لؤي : و مش هتوافق ليه ...؟
قالت ديما بتلعثم : يعني عشان ميصحش ، يعني ..
قال لؤي مندهشا : هو ايه اللي ميصحش !
قالت ديما مبتسمه بخجل : مش انت او يحيى لازم تخرجوا مع ليلى و خطيبها ، عشان ميصحش ، و انا و انت كمان ميصحش نخرج لوحدنا ...
ضحك لؤي بشده ، و قال : هو في حد هايفكر إني ممكن ابص لواحده مفعوصه زيك ، ده انتي طلعتي تحفه.
قالت ليلى التي دلفت لتوها إلى الصاله : أنا جهزت اهو .
خرج لؤي برفقة ليلى لملاقاة خطيبها في المطعم ، تاركا ديما لأفكارها ، عادت مره أخرى إلى غرفة ليلى ، نظرت في المرآه ، متسائله لما نعتها لؤي بالمفعوصه ، ربما بسبب بيجامتها المليئه برسوم الكارتون ، و تذكرت ما فعلته البطله في أحد المسلسلات الاجنبيه لجذب البطل إليها ، و على الفور أغلقت باب الغرفه بالمفتاح ، ثم بحثت في الأكياس الموضوعه في طرف الغرفه و الخاصه بجهاز ليلى ، التي رفضت إطلاعها على محتواها متحججه بأنها تخص الفتيات اللواتي على وشك الزواج .
فتحتها كيسا تلو الآخر ، محتاره أي تلك القطع تختار ، فجميعها فاضحه للغايه ، و في النهايه انتقت بيبي دول أسود اللون ، نعم ، فالألوان الداكنه تظهرها أنحف ، أعادت الكيس إلى مكانه ، و من ثم خبأت البيبي دول في الرف المخصص لملابسها .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
مرر مالك سهم الماوس على مربع إضافة صديق ، ثم أبعده ، ليعود و يمرره مره أخرى على نفس المربع الأزرق ، و لكن ما الجدوى من إضافتها ، حتى و إن كان قلبها خاليا ، ستظل مشكلة الفرق في المستوى المادي بينهما ، فوالدها ملتي مليونير ، و بالتأكيد لن يقبل بمصاهرة شاب في بداية حياته ، و خاصه إن كانت أسرته من الطبقه الوسطى ، أغمض عينيه قليلا ، ليعود و يفتحهما على صوت أنس : اهو ضفتهالك يا عم .
نظر مالك إلى شاشة الحاسوب ليصيح قائلا : ايه اللي انت هببته ده .!
جلس أنس على مكتبه و قال : بسرعلك المسائل ، و لو تحب اديك دروس كمان ازاي توقعها، بنت الباشا دي.
مالك بغضب : أنا غلطان أساسا إني حكتلك .
أنس مبتسما : أنا عارف إنك انت و يحيى سركو مع بعض ، الا الحاجه دي يا جدع .
ضحك و أضاف : هتقوله أنا بحب البنت اللي كانت راميه نفسها عليك و انت مش معبرها ، الصراحه شكلك هيبقى وحش جدا .
قال مالك بعصبيه : متتكلمش عنها كده ..
قاطعه أنس : ليه عشان دلوقتي اتحجبت و بقت تدي البنات مواعظ و حكم ، يا بني مش بعيد تكون بتعمل كده على أمل إن يحيى يديها ريق حلو .
مالك بحسره : ده مش صحيح ، احنا بقالنا فتره ملناش أي احتكاك بزمايلنا فالكليه .
لؤي بخبث : طب أنا عندي فكره تقربك منها .
مالك بتردد : أنا خلاص شلتها من دماغي .
أنس : بامارة ايه ، ده انت بتخش البيج بتاعها مية مره فالدقيقه ، اسمع ..ايه رايك تطلب منها تيجي تشتغل معانا ، يعني مش شغل شغل ، مثلا تقولها ممكن تيجي تساعدنا ساعه كل يوم ، تطوع يعني ، بما اننا مش قادرين نوظف حد ، و هي كده كده مش هتفرق معاها الفلوس .
قال مالك بعد تفكير : احنا فعلا محتاجين حد يساعدنا ، خاصه انه يحيى عنده شغل الحكومه و مش بيكون موجود على طول .
أنس : يعني هنضرب عصفورين بحجر واحد .
مالك : بس يا ريت انت اللي تعرض عليها الموضوع .
أنس : و لا يهمك ، دلوقتي هاكلمها .
أومأ مالك معيدا نظره إلى شاشة الحاسوب ، و في قلبه أمل كبير بنجاح فكرة أنس ، و متمنيا ان يصبح حبه لها متبادلا وليس من طرف واحد فقط ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
لم يفهم يحيى سبب تكدرها ، فقبل قليل كانت تشع فرحا ، قال بغضب : ممكن أفهم واخده فوشك و رايحه فين؟
فاتن بلامبالاه : أبدا زهقت و عايزه أروح .
يحيى : طب مش كنتي تقوليلي ، عشان أوصلك .
ضحكت فاتن و قالت بتهكم : توصلني بايه ، عربيتك الB M!
يحيى بضيق : انتي ايه اللي حصلك ...؟
قاطعته قائله : مصدعه و عايزه أروح ، عن اذنك !
يحيى بعصبيه : أنا مبحبش الأسلوب ده ، لو في حاجه دايقتك يا ريت تكوني صريحه و تقولي ، أما شغل العيال ده مش بفهمه و لا بطيقه.
تأففت فاتن و قالت : و المصحف مصدعه ، عايزني أقولك ايه ، اخترع حاجه عشان تصدق .
قال يحيى : أولا بلاش تحلفي بغير الله ، ثانيا صحيح أنا معنديش بي أم ، بس الأصول بتقول زي ما جيتي معايا ، ملزوم أروحك .
ضحكت فاتن برقه ، و قد تبدل مزاجها بعد أن رأت الاهتمام الصادق في عينيه ، ثم قالت : طب يا أستاذ ملزوم ، اتفضل روحني .
أومأ يحيى ، و خرجا من القاعه لتقول فاتن مذكره إياه بكلماته: مش صاحبتك و لا حاجه !
نظر يحيى لها مستفهما ، لتقول: سلوى منصور ، اللي كانت واقفه معاك قبل شويه.
ابتسم يحيى و قال : انتي شاغله نفسك بيها ليه !
قالت فاتن : أبدا ، بس مش عارفه كده جالي إحساس إنها كانت تقصدك بكلامها .
قال يحيى مبتسما بخبث : يعني انتي شايفاني فارس من زمن الفرسان زي ما قالت .
قالت فاتن مداعبه : تؤ تؤ أنا أقصد مجهول .
ضحك يحيى و قال : بقى كده ، طب مجهول ده حسب كلامها اتجوز ، ثم رفع كفيه و قال : و انا زي ما انتي شايفه سنجل .
ضربت فاتن جبينها بأناملها و قالت بطريقه مسرحيه : فاتتني ازاي ، ده أنا ذكيه جدا .
ضحك يحيى و قال بعد أن توقفت إحدي سيارات الأجره لتقلهم : معلش مش BM بس هتقضي الغرض .
سألت فاتن بعد أن ركبا السياره : هو انت زعلت ...؟
يحيى : لا ابدا ، هازعل ليه ، انتي من حقك ترتبطي بواحد عنده بي ام ، و يعملك كل اللي نفسك فيه ، و أنا إن شاء الله هاشتغل بايدي و سناني عشان أحققلك كل اللي بتتمنيه ...
قاطعته فاتن مصدومه : مش فاهمه ، هو انت عايزنا نرتبط !
↚
¤ حب مُتَسَرِّع ¤
-------------------------------------------------
نظر يحيى لفاتن التي فغرت فاهها مصدومه ، فمعرفتهما لا تتعدى أيام ، أحس فيها بمشاعر لم يختبرها من قبل تجاه أي فتاه ، مشاعر جعلته بدون وعي يتلفظ بما قاله قبل قليل ، لم يستطع الاجابه على سؤالها العفوي فورا ، عليه البوح لها بمشاعره بطريقه مقنعه .
قال يحيى محدثا السائق : لو سمحت ، على جنب يا اسطى .
أوقف السائق السياره ، ناوله يحيى الأجره ، ثم قال : احنا محتاجين نتكلم .
ترجل من السياره و تبعته فاتن ، و التي بدا عليها الاحراج الشديد .
يحيى : تعالي نقعد هنا ...
سارا في صمت حتى جلسا على مقعد في أحد الحدائق العامه ، تنحنح يحيى قائلا : أنا مش عارف ابتدى ازاي ، بس من يوم ما شفتك و في حاجه شدتني ليكي جدا ، ومش عارف ليه قلبي اتعلق بيكي بسرعه ، بس اللي أعرفه إني عمري ما حسيت بالمشاعر دي قبل كده .
صمت لحظه ، ثم أضاف : فاتن أنا عارف إننا يمكن مش شبه بعض في حاجات كتير ، بس أوعدك إننا خطوه خطوه هنفهم بعض ، و نوصل لمكان نبقى احنا الاتنين واحد .
راقبها و هي تفرك يديها بتوتر ، ليقول : آسف ، مش عارف أرتب الكلام بس باختصار أنا بحبك و عايز آجي و أطلب ايدك من باباكي .
نظرت له بارتياب و قالت : انت بتتكلم جد !
قال يحيى بجديه : طبعا .. قاطعته فاتن قائله : هو انت لحقت تعرفني عشان تحب...
لم تكمل جملتها ، ربما بسبب الحرج ، قال يحيى : أيوه بحبك ، ثم أضاف بمرح : ايه مسمعتيش عن الحب من النظره الأولى .
حينها نهضت فاتن من مقعدها قائله بسرعه : أنا لازم أمشي دلوقتي .
أمسكها يحيى من مرفقها قائلا برجاء : أنا عايز اسمع ردك .
تسمرت في مكانها للحظات ، ليقول يحيى : أرجوكي ، متسبنيش متعلق كده .
عادت للجلوس مره أخرى ، قالت و هي تزيح خصلات من شعرها خلف أذنيها : مش عارفه أرد أقلك ايه .
يحيى بتوتر : تقولي اللي حاسه بيه .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أحست فاتن بالاحراج الشديد ، و الحيره ، هل تخبره باحساسها كما طلب منها أم تستمع لنصائح والدتها ، و التي تحثها على إخفاء مشاعرها و اللجوء للمناورات .
قالت فاتن : انت فاجئتني ، ثم أضافت بثقه : أنا لسه معرفكش كويس .
يحيى بحرج : معاكي حق ، بس الخطوبه معموله عشان نتعرف على بعض ..
قاطعته فاتن : و خطوبه ليه ، احنا نتعرف على بعض الاول ، و بعدين نقرر لو حابين نكمل و نتخطب .
يحيى بتكدر : بس كده ميصحش ، ثم أضاف : هو انتي ارتبطتي بحد قبل كده ....؟؟؟
أجابت فاتن : لا عمري ، ثم سألت : و انت ؟
رد يحيى مبتسما : لا عمري ، ابتسمت فاتن و قالت : و لا سلوى منصور؟
ضحك يحيى و قال : يادي سلوى منصور ، خلاص مش هاخدك هناك تاني .
قالت فاتن على الفور : لا أرجوك أنا نفسي أروح تاني .
يحيى بجديه : أنا لو عليا هاخدك تحضري كل ندوه ، و أعملك أي حاجه بتحبيها ، بس انتي تديني فرصه.
عادت فاتن لتزيح شعرها خلف أذنيها ، ليعود و ينسدل مخفيا وجهها مره أخرى ، قال يحيى بعد أن طال الصمت بينهما : أنا كده فهمت ، و يلا بينا هاروحك .
قالت فاتن بحرج : فهمت ايه ...
قال يحيى بضيق : اللي انتي حاسه بيه ، و آسف إني أحرجتك .
نهض من مقعده ، لتقول فاتن بتلعثم : انت شكلك فهمت غلط .
استدار يحيى ناظرا لها و الأمل يملأ عينيه : يعني انتي مستعده تديني فرصه ....؟
أومأت فاتن برأسها ، و نظرها مصوب إلى الأرض من فرط إحراجها ، قال يحيى : طب خلاص اديني رقم باباكي و أنا هاكلمه .
قالت فاتن بحزن : بابا ...بابا ...مسافر ومش بيسأل عني ، يعني علاقتنا مش زي اب ببنته .
صمت يحيى محتارا هل يسألها عن السبب ثم آثر أن يؤجل هذا الحديث لوقت آخر عندما يشعر بأنها تستطيع الوثوق به ، قال : أنا آسف ، بس أوعدك إني هاكونلك كل حاجه ، أب و أخ و صديق ، و عمري ما هاخذلك أبدا .
حاولت فاتن جاهده السيطره على مشاعرها ، وضعت يدها على فمها لتسترد أنفاسها، فحديثه الرقيق و مشاعره الواضحه أربكتها ، كما أنها تأكدت من عدم صدق تلك الفتاه ، فا هو يطلب ان يتقدم لها رسميا ، اي انه لا ينوي التلاعب بها او جعلها مشروعا او تحديا خاصا به كما اشارت زميلته ...
قالت فاتن بعفويه : أنا عمر ما حد كلمني كده .
ابتسم يحيى و قال : و إن شاء الله عمر ما حد هيكلمك كده ، ثم أضاف بمرح : الحاجات دي هتسمعيها مني أنا و بس .
ضحكت فاتن برقه ، ليقول يحيى : طب دلوقتي محتاج تحدديلي معاد مع ماما عشان آجي و أطلب ايد حضرتك .
أومأت فاتن ، ثم قالت : يلا بقى أنا لازم أروح.
قال يحيى بتردد : طب أنا لازم آخد نمرتك ، عشان أعرف احدد المعاد.
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
دلفت ليلى برفقة لؤي إلى المطعم حيث كان بانتظارهم خطيبها تميم ، الذي قام باختيار مائدة في المنتصف ، جلست في المقعد المقابل له بعد أن استأذن لؤي ليجلس مع صديقه .
قال تميم بعد أن ترك النادل قائمة الطعام : متطلبيش حاجه غاليه ، أنا وسطي اتقطم من المصاريف بتاعتك .
قالت ليلى بحنق : مصاريف ايه دي، و بعدين هو أنا طلبت منك تعزمني ، أما حاجه غرييه .
قال تميم : اتكلمي عدل أحسنلك .
أومأت ليلى برأسها و آثرت الصمت على أن تدخل في جدالاته السخيفه ، ثم ابتسمت عند حضور النادل .
و قالت : أنا عايزه الطبق السبيشل بتاع النهارده ، و كمان هاتلي أغلى طبق حلو عندكو .
لاحظت نظرات تميم الحانقه تجاهها ولكنها لم تأبه ، أرادت أن تغيظه بطلبها ذاك ، و قررت من الآن فصاعدا ستتعمد فعل كل ما يُكدره ، و ربما سيدفعه ذلك إلى فسخ الخطبه .
قال تميم بعد انصراف النادل : أنا فاهمك كويس ، العبي غيرها .
انزعجت ليلى بعض الشيء لفهمه خطتها ، و سألت : انت مطلبتش حاجه ليه ...؟
قال تميم مبتسما : كفايه اللي طلبتيه ، و لقمه هنيه تكفي ميه .
قالت ليلى بضيق : تقصد ايه !
قال تميم بنشوة المنتصر : يعني هنآكل أنا و انتي من نفس الطبق السبيشل الغالي اللي طلبتيه يا خطيبتي العزيزه.
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
و على مائدة قريبه من أخته و خطيبها جلس لؤي برفقة صديقه وائل منشغلين في الحديث عن آخر مشروع لهما في الكليه ، ليباغتهما صديقهما كِنان بحضوره ، و الذي جذب أحد المقاعد و جلس بجوارهما قائلا : طلبتو الاكل و لا لسه.
أجابه لؤي : هو انت مش قلت مش جاي معانا.
كِنان : غيرت رأيي ، عندكو مانع .
وائل مازحا : مانع ايه بس ، طالما هتدفع الحساب اتفضل اهلا و سهلا.
قال كِنان مدعيا الضيق : هو انا خلفتكو و نسيتكو ، كل واحد يدفع عن نفسه.
لؤي مبتسما : يا ساتر .
استمر الثلاثه في المزاح ، إلى أن لاحظ كِنان ليلى الجالسه على بُعد مائدتين منهم ، و الأدهى أنها كانت برفقة خطيبها .
قال كِنان لصديقيه : أنا هاروح الحمام ، و نهض مسرعا من مكانه .
و في الطرقه المؤديه إلى الحمام ، أمسك هاتفه و كتب " هي دي المذاكره اللي وراكي !" ، ثم وقف و الغضب يتآكله .
أتاه الرد سريعا : " أعمل ايه ، غصب عني ، أرجوك متزعلش".
كتب بسرعه : " لو خايفه على زعلي ، يبقى تروحي و دلوقتي حالا ".
أرسلت ليلى : " مقدرش ، هاستنى لؤي يخلص الأول و هاروح معاه " .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
راقبها تميم و هي تبعث رساله تلو الأخرى و على محياها الاضطراب الشديد ، لقد أحس منذ فتره بتغيرها الكبير تجاهه ، صحيح أنها دوما ما كانت تعامله بجفاف و برود ، و لكن في الشهور الماضيه لاحظ تبدل أسلوبها معه ، و كأن هناك شيء كبير تخفيه .
جز على أسنانه ، و جذب الهاتف منها بعنف ، لتقول بارتباك : ايه اللي بتعمله ده ...؟
ارتباكها زاد شكوكه ، عبث بهاتفها متنقلا بين الرسائل ، حاولت جذب الهاتف منه ، و لكن دون جدوى فلقد أحكم قبضته عليه قائلا : انتي خايفه كده ليه ..؟
و في نفس اللحظه ، أعلن هاتفها وصول رساله جديده ، لتقول ليلى : لو سمحت هات الموبايل ، دي واحده صاحبتي و عايزني فحاجة طارئه.
لم يعبأ تميم بطلبها ، فتح الرساله و قرأ : " انتي عارفه انك كده بتموتيني و انتي قاعده معاه ، أرجوكي اتحججي بأي حاجه و امشي "
غلى الدم في عروقه ، قرأ الرسائل المبعوثه من ذلك المرسل و المسجل على هاتفها باسم دموع ، ليشتاط غضبا فوق غضبه .
قال تميم بعنف : بتستغفليني يا واطيه .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
شعرت ليلي بالذعر الشديد ، نهضت من مقعدها و همت بالمغادره حتى لا يحدث تميم فضيحه لهم أمام الملأ ، و لكنه أمسك بمعصمها بشده و قال : رايحه فين ، ده أنا انهارده هربيكي من أول و جديد.
نهض بدوره و مازال مطبقا بقبضته على معصمها ، و جرها باتجاه مائدة أخيها لؤي ، الذي ما إن رأى الذعر باديا عليها ، انتفض من مقعده قائلا : مالك يا ليلى حصل ايه ؟
قال تميم : حصل ده ، ثم ناوله الهاتف ، و قال : شوف أختك المحترمه بتعمل ايه..
أمسك لؤي الهاتف ، ثم قال لصديقه وائل بحرج : أنا مضطر أمشي .
سارت الثلاثه باتجاه المخرج ، و فور خروجهم قال لؤي : اظن ميصحش اللي عملته ده ..
قاطعه تميم و قال : مش تقرأ المسجات اللي على موبايل أختك الأول ، و بعدين تبقى تقولي ايه اللي يصح و ايه اللي ميصحش.
قال لؤي بغضب : كلامنا ميبقاش في الشارع و ادام الناس زي ما عملت فالمطعم ، في بيت نتكلم فيه .
قال تميم بحده : عموما أنا كلامي هيكون مع عمي ، و استدار مغادرا المكان .
نظر لؤي لليلى التي وقفت تغالب دموعها ، و قال : أنا مش محتاج أفتش وراكي ، أنا عارف أختي كويس ، و اتفضلي الموبايل اهو ..
أمسكت ليلى بالهاتف ، و قالت بتلعثم : ده زميل كان بعتلي بيسأل عن حاجه في......
قاطعها لؤي : مش محتاجه تبرري حاجه ، أنا ثقتي فيكي كبيره جدا ، و يلا بينا خلينا نروح و أوعدك هأكلم بابا و أشرحله كل حاجه .
أومأت ليلى مبتسمه لتفهم أخيها للموقف و ووقوفه بجوارها ، و لكنها شعرت بتأنيب الضمير نتيجه لثقته المفرطه بها ، ثقه لا تستحقها بالتأكيد .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
وضعت نوف أكياس المشتروات على سريرها ، و ركضت مسرعه باتجاه الحاسوب الخاص بها ، فالساعه شارفت على السادسه موعد حديثها مع أنس ، فتحت الحاسوب ، و بالفعل وجدته منتظرا على برنامج السكايب .
قبلت طلب المحادثه ، و حيته قائله : هاي .. ازيك يا أنوسي ..
ضحك أنس و قال : أيوه كده ..خليكي دلوعه و فرفوشه ..
ابتسمت نوف بخجل ..
تنهد أنس بشده و قال : وحشتيني يا أحلى نوف فالدنيا..
نوف : ما أنا لسه مكلماك الصبح ، لحقت اوحشك ..
أنس : طبعا ، قوليلي اشتريتي الفستان اللي طلبته منك .
أجابت نوف بتردد : أيوه ، بس ...
أنس بحده : مفيش بس ، اوعي تزعليني منك ، أنا نفسي أشوفه عليكي ..
نوف : معلش خليها مره تانيه .
أنس متصنعا الزعل : أنا كده عرفت قيمتي و غلاوتي عندك ، و خلاص اعتبري ده آخر طلب مني ، و ربنا يوفقك .
نوف بذعر : لا لا أرجوك متزعلش ..أنا بس مكسوفه منك ..
أنس : في حد يتكسف من حبيبه اللي هيبقى كل دنيته ، طب لو انتي معملتيش الحاجات اللي بحبها ، حاضطر ابص بره ، هتخليني اعمل حاجات حرام و متصحش ..
نوف بتردد : انا مش عايزاك تبص لحد غيري ، ده انا اموت ، خلاص ثوان هألبسه و آجي أوريهولك ..
و بعد دقائق عادت نوف مرتديه ذلك الفستان ، الذي بالكاد يصل إلى ركبتيها ، و يبرز مفاتنها بشكل فج .
جلست نوف أمام الحاسوب غير قادره على رفع عينيها باتجاه أنس ، بقيت على حالها تلك لثوان ..
صفر أنس جاذبا انتباهها : ايه الطعامه دي ، كنتي عايزه تحرميني من الجمال ده كله ..
نظرت نوف له بخجل : بجد ...!
أجابها : طبعا ، و استمر يُمطر عليها سيلا من الكلمات المعسوله و الغزل الصريح ، جاعلا قلبها يخفق بشده متناسيا أي منطق ، و لاغيا فطرتها السليمه و التي ترى تصرفها خاطئا جدا .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
ترجلت فاتن من سيارة الأجره بعد أن توقفت أمام البنايه حيث تقطن هي و يحيى ، الذي تبعها قائلا : تحبي أوصلك فوق !
نظرت فاتن له بعدم فهم ، و سألت : ازاي يعني ... ثم أضافت : هو انت مش هتطلع بيتكو !
يحيى : لا .. أنا هاروح الشغل .
فاتن : شغل ايه الدوام أكيد خلص .
يحيى :لا مش شغل الحكومه ، أنا رايح شركتي .
ابتسمت فاتن و قالت باعجاب : هو انت عندك شركه ؟
أومأ يحيى مسرورا ، فقد لاحظ نظرة الاعجاب في عينيها .
هتفت فاتن بغبطه : طب ما تاخدني معاك ، أتفرج على شركتك .
فرك يحيى جبينه و قال بحرج : خليها وقت تاني .
أومأت فاتن بخيبه ، ليقول يحيى : أحم ،..أنا هاطلع اوصلك ..
نظرت له بطرف عينها ، و التزمت الصمت مغتاظه من رفضه اصطحابها معه إلى شركته ، ألم يعدها قبل قليل أن ينفذ كل طلباتها ، و أن يفعل ما بوسعه لإسعادها ، ربما هو مثل كل الرجال ، و نظريات والدتها تنطبق عليه أيضا ، تمنت لو استمعت لنصائح والدتها ، و عذبته قليلا قبل أن تبدي موافقتها على الارتباط به ...
هزت راسها نادمه ، و أكملت مسيرها إلى داخل البنايه بجواره ، مفكره : " ماما معاها حق ، اول ما يحس انك معجبه بيه ، يتقل ....امال ليه رفض ياخدني الشركه ، انا فعلا عبيييييييطه ".
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
في المصعد ، أحس يحيى بانزعاجها لرفضه اصطحابها معه إلى الشركه ، قال محاولا تطييب خاطرها : معلش أصل الشركه فشقه و مكان بعيد عن هنا ، و كمان مفيش بنات بيشتغلوا معانا ، فمش هيكون لطيف لو خدتك دلوقتي معايا .
أومأت له بصمت ، فأكمل : و بعدين هي مش شركه شركه ، احنا يدوب لسه بنبتدي ...
قاطعته فاتن بحده : خلاص فهمت ...
يحيى بضيق : يا ريت تتكلمي بأسلوب أحسن من كده !
فُتح باب المصعد ، خرجت فاتن مسرعه ، تبعها يحيى قائلا :استني أنا بكلمك ...
لم تعبأ فاتن و أكملت سيرها ، اغتاظ يحيى منها بشده ، قبض على معصمها ليوقفها ، لتهتف : لو سمحت شيل ايدك !
أرخى يحيى قبضته ، ثم قال : لما أكون بكلمك ، تقفي تسمعي و متمشيش الا ما اخلص كلامي !
نظرت فاتن بتحد ، ثم قالت بسخريه : و ده من ايه إن شاء الله !
جز يحيى على أسنانه و قال بغضب : قلتلك اتكلمي باسلوب كويس .
عقدت فاتن ذراعيها أمام صدرها : و ماله أسلوبي بقى !
قال يحيى بجديه : انتي لو عايزه علاقتنا تنجح يبقى لازم يكون في بينا احترام اولا ، و أساس الاحترام ده انك مهما حصل متعليش صوتك و احنا بنتناقش ، و لا تسبيني و تمشي ، البنت مهما حصل مش مفروض تعلي صوتها على الراجل .
فغرت فاتن فاهها مصدومه ، ثم انفجرت ضاحكه : بجد انت تحفةةةةةةة...
قال يحيى بخيبه : الظاهر إني اتسرعت .. من فضلك تنسي اي حاجه قولتها الساعات اللي فاتت .
شاهد يحيى الصدمه تكسو ملامحها الرقيقه ، ثم انفجرت بالبكاء ، و من ثم هرولت مسرعه إلى الشقه و دلفت إلى الداخل بعد أن أسقطت المفتاح من يدها مرتين ، ووقف هو متفرجا على المشهد الذي لم يتعد الثوان ، و في الثوان التي تلت بقي متسمرا في مكانه ، لقد وقع في حب طفله ، فتصرفاتها ليست مستهتره ، بل طفوليه و عفويه ، و خير دليل على ذلك هو عدم قدرتها على السيطره على مشاعرها و انخراطها في البكاء قبل قليل .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أنهت ليلى مسح جميع الرسائل الوارده من كِنان على هاتفها ، و كذلك أزالت مكالماته من سجل الهاتف ، و تنفست الصعداء ، و لكن ليس لمده طويله ، فلقد رن هاتفها مضيئا برقم كنان .
أجابت بتردد :كنان ...
كِنان: ليلى ، انتي كويسه ، بقالي نص ساعه بحاول اكلمك و تليفونك مغلق ..
ليلى : معلش مش هاقدر اكلمك دلوقتي ..
قاطعها كنان : يعني ايه مش هتكلميني ، أنا مت مالقلق عليكي ، وائل قال إن الزفت خطيبك عملك مشكله ..
ليلى : أصله شاف المسج بتاعتك ، و دلوقتي هيقول لبابا و يعملي مشكله ..
كِنان بغضب : اما بني ادم معندوش دم ، يعني شاف المسجات و لسه مصر يتجوزك ..
ليلى بضيق : انت بتقول ايه .. مش فاهماك ، أنا فهمت إنه هيتكلم مع بابا و خلاص هيفركش الخطوبه .
كِنان بحده : مظنش ، ده شكله بارد اوي .
ليلى بحزن : طب انت ضروري متكلمنيش و لا تبعتلي اي مسج .
كِنان: انا خلاص قررت اني هاكلم باباكي و اللي يحصل يحصل .
ليلى بفزع : لا اوعى ، خليني الاول اشوف بابا هيعمل ايه ، يمكن تتحل لوحدها .
كِنان: مش قادر اصبر اكتر من كده ..
ليلى : معلش ، و انا خلاص حاسه انه تميم هيتكلم مع بابا و يفسخ الخطوبه .
كِنان: مظنش يا ليلى ، مظنش ..
ليلى : بلاش تشاؤم ، ها ، انا مضطره اقفل معاك دلوقتي ، اوك ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
دلفت انجي إلى الشقه حاملة معها العديد من الأكياس المليئه بالملابس من أحدث و أغلى الماركات العالميه ، و التي دفع ثمنها خميس النونو ، ذلك العاشق الولهان لابنتها الصغيره .
انجي :فتوونه ، انتي فين ، تعالي شوفي جبتلك ايه ...
خرجت فاتن من غرفتها محمرة العينين ، و ركضت باتجاه والدتها و احتضنتها بشده .
انجي : في ايه يا حبيبتي ، مالك ...؟
فاتن بحرقه : عندك حق يا ماما ...
انجي : طب اهدي عشان أفهم ..
مسحت انجي على شعر ابنتها ، ثم اقتادتها ليجلسا في غرفة المعيشه : ايه اللي حصل ، انا مش فاهمه حاجه .
فاتن بحزن : يحيى ...
ابتسمت انجي رغما عنها ، فيبدو أن ابنتها بطريقه أو أخرى على علاقه به، وسألت بلهفه : ماله !
فاتن من بين دموعها : مبقاش يحبني خلاص ...
نظرت انجي لابنتها غير مستوعبه مشكلتها : اسمعي ، انا مش فاهمه حاجه خالص ، واحده واحده فهميني يحيى ده ماله !
تنهدت فاتن : قالي انه عايز يرتبط بيا و يجي يتقدملي و انه بيحبني ، بعدين شدينا مع بعض ، قام مغير رأيه و قالي انسي كل الكلام اللي قولته .
أرادت انجي أن تنهض من مقعدها و ترقص من الفرحه ، فابنتها و التي طالما رفضت تقرب الرجال منها أصبحت على علاقه بأحدهم ، ربما ليس الشخص المناسب و لكنها البدايه .
انجي بخبث : و انتي ناويه على ايه ..؟
رفعت فاتن كتفيها ، ثم أنزلتهما بخيبه : و لا حاجه .
انجي بحده : يعني ايه و لا حاجه ، هو انتي لعبه فايده .
فاتن بحزن : هاعمل ايه يعني ، أنا اصلا مكنتش مستوعبه انه يقولي الكلام ده ، كل حاجه حصلت بسرعه ، حتى قلتله بلاش خطوبه ، خلينا نتعرف على بعض الاول ، بس هو قالي ميصحش و انه الخطوبه معموله عشان نتعرف على بعض ...
انزعجت انجي من سذاجة ابنتها ،الواضح أن قلبها متعلق بذلك الشاب ، و لكنها غير مستعده لفعل أي شيء لاستعادته مره ثانيه ، هزت انجي رأسها خائبه من ابنتها ، و في نفس الوقت متفائله بأن يحيى سيكون تجربه جيده لابنتها لتتقن فن التلاعب بالرجال ، فعلى ما يبدو أنه من النوع الملتزم ، فإن استطاعت أن تخضعه لرغباتها سيكون من السهل عليها فيما بعد التعامل مع باقي النوعيات و الوصول إلى احتراف الايقاع بالرجال ، الأثرياء طبعا ، و الحصول على ملذات الحياه ، و على ابنتها و بسرعه أن تتقن تلك اللعبه ، حتى تستطيعا العوده إلى الحياه المرفهه التي اعتادت عليها انجي منذ فتره طويله ، فعلى ما يبدو أن سحر جمالها قد ولى و ما عادت قادره على اصطياد الاثرياء او حتى الحصول على بطولات تمثيليه كما فالسابق ، و أملها الوحيد لانتشالها من هذا الوضع هو فاتن...
انجي : طب احكيلي بالتفصيل ، امتى و ازاي اتقابلتوا و رحتوا فين ؟
روت فاتن ما حدث بالتفصيل كما طلبت والدتها، لتقول انجي محاوله التلاعب بابنتها : معتقدش هو كان جد فكلامه...
فاتن بلهفه : بجد يا ماما ، طب قال كده ليه ؟
انجي بخبث : كان عايز يعرف غلاوته عندك ..
فاتن : ازاي يعني ..
انجي : يعني لما قالك انسي الكلام اللي قولته ، كان فاكر انك هتحاولي تعتذريله و يعني تقوليله كلمتين حلوين ، مش تقومي معيطه و تسبيه و تمشي .
فاتن : لا لا ده كان بيتكلم جد ..
قاطعتها انجي : جد ايه بس، بصي تعالي الاول افرجك عالحاجات التحفه اللي جبتهوملك و بعدين هاحللك مشكلة سي يحيى بتاعك ده .
فاتن بحرج : و لا مشكله و لا حاجه ، أنا خلاص نسيت الموضوع اصلا ..
انجي مقلده ابنتها : نسيتيه أصلا ، طب عيني فعينك كده ..
ارجعت فاتن شعرها خلف أذنيها مبتسمه بخجل ، لتقول انجي : متقلقيش الليله هاعملك خطه متخرش الميه ، هتخليه يرجعلك ولهان و ندمان ، و دلوقتي تعالي قيسي الفساتين دي .
أخرجت انجي الفساتين التي أحضرتها لابنتها واحدا تلو الآخر ، ثم سألت : ايه مش عاجبينك .
فاتن بتردد : لا حلوين و شيك اوي ، بس دول مش هينفع أخرج بيهم .
انجي : تقصدي دول ، و أشارت إلى اللانجيريهات .
أومأت فاتن ، لتضحك انجي : طبعا يا عبيطه ، مش هينفع تخرجي بيهم ، دول لانجيريهات ، يعني لاوضة النوم فقط.
فاتن : طب متشكره اوي يا ماما ، تعبتي نفسك ، ما انتي عارفه مش بحب البس الا بيجامة و انا نايمه .
انجي بضيق : لا لا انتي كبرتي و بقيتي عروسه ، و لازم تلبسي الحاجات دي ، عشان لما تتجوزي متتكسفيش من جوزك و تقدري تملي عينه .
فاتن بحرج : ماما ..
قاطعتها انجي : بصي اولا ، انا هازعل منك جدا لو مش لبستي الحاجات دي ، طول ما انتي فاوضتك ضروري تلبسي حاجه منهم ، انا مش عاوزاكي تكوني زي البنات العبيطه اللي بتتكسف من جسمها ، لا عاوزاكي تحسي بانوثتك و جمالك ، عشان فالمستقبل ان شاء الله تقدري تنجحي كزوجه ..
فاتن غير فاهمه لمقصد والدتها : حاضر ...
أرادت انجي أن تتخلص ابنتها من الخجل الذي يرافقها كلما ارتدت فستانا مثيرا ، و الطريقه المثلى هي اعتيادها على ارتداء تلك الملابس في كل الأوقات ، فالطريق إلى رصيد بنك مفتوح من الرجل يأتي أولا عن طريق الاستحواذ على حاسة البصر لديه بكل ما هو ملفت و جريء .
انجي : حاضر من غير فعل مينفعش ، أنا كل يوم قبل ما أنام هاجي بنفسي و اتاكد .
فاتن : أمري لله ..
ثم أضافت بتردد : ها بقى مش هتقوليلي أعمل ايه مع يحيى ...
ابتسمت انجي : طب اعمليلي قهوه عشان الحكايه محتاجه سهر و مخمخمه ...
↚
¤ صدمه ¤
--------------------------
ندم يحيى على تصرفه المتهور مع فاتن ، أولا لقد تسرع في طلب الارتباط بها ، صحيح أنها حركت بداخله مشاعر قويه و لكن كان عليه أن يتريث قبل أن يصارحها ، و ثانيا وجب عليه أن يكون أكثر صبرا و مقدرة على احتوائها ، نظرا لصغر سنها و قلة خبرتها في الحياه عموما ...
قطع عليه حبل أفكاره ، سؤال صديقه مالك : ايه يا يحيى ، سرحان في ايه ...
طرقع يحيى أصابعه و أجاب بتردد : مش عارف أقلك ايه ...
ابتسم مالك قائلا : مش عارف تقولي ايه ، اوعى تكون الحكايه تتعلق بالجنس الناعم ..
عقد يحيى حاجبيه مفكرا ثم أجاب : مش عارف..
قاطعه مالك مداعبا : هو انت كل شويه هتقولي مش عارف ، انجز ...هي مين و فين و ليه و امتى و ازاي ...
ابتسم يحيى : قولي الاول ، هو السن بيفرق فالحاجات دي ...
سأل مالك : ليه هي عندها كام سنه ...؟
أجاب يحيى : أنا بتكلم بشكل عام ...
قاطعه مالك منزعجا : هو انت مش بتثق فيا و لا ايه ، بلاش اللف و الدوران ، أصلك مفضوح اوي و باين انك وقعت وقعه جامده ..
تنهد يحيى ، ليقول مالك : هي ايه المشكله فسنها ، اكبر منك ...
يحيى : لا العكس ، أنا حاسس إنها لسه طفله ..
مالك : طفله ازاي ، كام سنه يعني ...
يحيى : اعتقد سبعتاشر تمناشر سنه يمكن ..
مالك : هي صغيره فعلا ، بس عادي يعني فرق السن ما بينكو مش كبير هما خمس سنين بالكتير..
أومأ يحيى ، ليعود مالك بالسؤال : ايه لسه في مشاكل تاني ...
يحيى بضيق : أنا عكيت الدنيا خالص...
مالك : لا دي الحكايه محتاجه قعده و تفكير قوم بينا نروح ميدنايت ..
أومأ يحيى ثانيه ، و خرج برفقة صديقه إلى مقهى ميدنايت ، عل الحديث معه يخفف قليلا من الضيق الذي يجثم على صدره ..
وفي المقهى ، وضع مالك قهوته على المنضده بعد أن رشف القليل منها وقال : ها احكيلي ، عكيت الدنيا ازاي؟
مط يحيى مرفقيه إلى الامام و قال غير راغب في ابداء الكثير من التفاصيل : ابدا اعجبت ببنت ، بس هي مختلفه عني فكل حاجه ، و اهلها متحررين بزياده و هي كمان ، بس معرفش ليه قلبي اتعلق بيها بصوره مكنتش اتوقعها و بالسرعه دي..و لئيت نفسي بعرض اني اتقدملها بس حسيت اني اتسرعت ...
ليقول مالك : فعلا انت اتسرعت ، بس هي اسمها ايه ؟
يحيى بعصبيه : هيفرق معاك اسمها فايه ...
مالك بعد تنهيده طويله و محاولا اغاظة يحيى : بلاش اسمها ، طب ممكن أعرف لون عينيها ايه !
يحيى : أنا الحق عليا اللي حكتلك ، و نهض من مقعده عازما على المغادره ، ليوقفه مالك قائلا من بين ضحكاته : اعد يا بني ، بهزر ...
جلس يحيى بعد محايلات عديده من مالك ، الذي بادر بالحديث : لو عايز الحق ، انت اتسرعت فعلا ، و معتقدش ان اللي انت فيه ده حب ..
يحيى : ايوه أنا عارف إني اتسرعت ، بس أنا فعلا شكلي حبيتها بجد .
مالك : لا لا حب ايه ، هي بالعربي كده و بصراحه يعني عجبتك ، تقدر تقول دخلت دماغك بس مش أكتر .
صمت يحيى ليكمل مالك : يعني حسب كلامك هي فري اوي ، و مش شبهك فأي حاجه ، ايه اللي هيخليك تحبها و تبقى عاوز ترتبط بيها و في المده القليله دي....
يحيى : ما احنا لما نتعرف على بعض هاقدر اخليها تتغير خصوصا انها لسه صغيره و معندهاش تجارب ، و معندهاش حد قدوه ينصحها و لا يبينلها الصح مالغلط.
مالك : يبقى على بركة الله ، خد وقتك و اتعرف عليها زي ما هي اقترحت و لو شفت انك تقدر تكمل معاها ، ساعتها يا سيدي روح اتقدم و اطلبها رسمي .
يحيى بتردد : بس انا بحب كل حاجه تكون فالنور و مش حابب انها تعمل حاجه من ورا اهلها بسببي ، و بعدين ما انت عارف انا مليش فجو الارتباط ده.
مالك : مين قالك انها هتخبي على اهلها ، واضح من كلامك انها من عيله متحرره ، و بعدين تعال هنا هتتقدملها دلوقتي ازاي اصلا ، هو انت تقدر على تكاليف الخطوبه و اللازي منه ..
يحيى : معاك حق ، ازاي مفكرتش فالحاجات دي قبل كده ..
ضحك مالك : عشان مفتون بالبنت دي ، فلغيت عقلك تماما .
نظر يحيى لصديقه متعجبا كيف أجاد اختيار تلك الكلمه المقاربه لاسم فاتنته و في نفس الوقت تصف حالته بدقه ، بالفعل هو مفتون بجارته الصغيره فاتن .
قال مالك : طب معلش بقى انا مضطر امشي عشان هاروح بابا من المستشفى...
فلقد اجرى والده عمليه بسيطه الاسبوع الماضي..
قال يحيى : طب انا جاي معاك و بالمره اطمن على الحاج..
مالك بحرج : انا هاروحه البيت ، وانت عارف الحاج محرج عليا اجيب صحابي البيت و لا انت ناسي ..
فلمالك خمس اخوات شقيقات، ابتسم يحيى متذكرا أول زياره لبيت مالك ، حين توافدت شقيقاته لتفحص صديق اخيهن الأكبر و الذي و لاول مره يحضره الى البيت ، و كانت المره الأخيره ، فلقد أخبره مالك على استحياء بأن والده تكدر بشده من زيارته و ذلك خوفا على اخواته ، حينها تفهم يحيى الموقف ، فوالده ايضا جعل من المحرمات احضاره هو و اخيه اي صديق للبيت ما عدا كِنان و الذي كان استثناء بسبب حاجة لؤي لمساعدته في الدراسه بعد فشل الاخير لمرتين متتاليتين في الثانويه العامه ، و من يومها لم تطأ قدمي يحيى بيت مالك و لا العكس...
ابتسم يحيى متعجبا كيف جمعه القدر بصديق يشبهه من كل النواحي الماديه و الاجتماعيه..و مع ذلك آثر عدم ذكر معلومات محدده عن فاتن فلربما لم يوفقا معا ....
يحيى : طب سلملي عليه جدا
مالك : الله يسلمك...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
دلف عبدالرحمن إلى غرفة ابنته ليلى و الغضب يكسو ملامحه الجاده ، قال موجها حديثه لديما : خالتك عايزاكي فالمطبخ ..
ديما بصوت خفيض : أنا هاروحلها حالا ..
أغلق عبدالرحمن الباب خلفها بعنف ، حينها ارتعدت مفاصل ليلى ، بالتأكيد تميم أخبره عن رسائل كنان ..
تراجعت ليلى إلى الخلف مذعوره : بابا من فضلك تسمعني ..
نفث عبدالرحمن بفروغ صبر : اسمع ايه ، سفالتك و قلة أدبك ، الظاهر إني معرفتش اربي كويس ..
ليلى : ده كداب ، و انا خلاص مش عايزه اكمل معاه يا بابا ..
عبدالرحمن بغضب : هتكملي و رجلك فوق رقبتك ، مش كفايه بعد اللي شافه و لسه مستعد يتجوزك .
ليلى بغضب مماثل : شاف ايه المتخلف ده ..
قاطعها عبدالرحمن : مش عايز رغي كتير ، و من هنا لغاية اما تروحي بيته مفيش خروج الا وقت الامتحانات ، و موبايلك مش هيرجعلك الا لو خطيبك وافق ..
ليلى بحرقه : يا بابا أرجوك تسمعني....
عبدالرحمن : انتي اللي من هنا و رايح تسمعي و تنفذي و بدون نقاش ، فاهمه !
ليلى برجاء : لا يا بابا أنا بني ادمه و ليا كيان و عقل افكر بيه و اكيد ليا رأي و لازم حضرتك تسمعني ...
عبدالرحمن : ما انا كنت فاكر كده لكن للاسف خيبتي املي و ثقتي فيكي.
تحركت ليلى خطوتين للامام لتواجه والدها قائلة : بابا أرجوك متغصبنيش أعمل حاجه تزعلك مني ، ..
قاطعها عبدالرحمن ضاغطا على مرفقها بشده : انتي هتهدديني ..يا خسارة تعبنا انا و امك فيكي..
ثم اضاف : لو سمعت بس كلمه منه انك مزعلاه فحاجه ، الكليه دي مش هخليكي تعتبيها تاني لا فامتحانات و لا غيره...انتي فاهمه
ليلى : فاهمه يا بابا فاهمه
ثم غادر غرفتها كما أتى غاضبا و بشده ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
تسللت أشعة الشمس لغرفة نوف معلنة صباحا جديدا ، تمطت نوف في فراشها متذكرة أن عليها اليوم الاستعداد لاستقبال ضيوف والدها القادمين من لندن ، حيث سيأتي صديق والدها منذ الطفوله سالم عبدالعزيز و برفقته زوجته جيداء و ابنه الأكبر تركي .
بعد أن أنهت روتينها الصباحي ، اتجهت إلى المطبخ لإعطاء التعليمات للخدم لتهييء الغرف التي سيقيم فيها الضيوف ، و التأكد من إعداد طعام كاف لهم ، فزوجة أبيها و فور علمها بقدومهم أصرت على السفر لتمضية بعض الوقت لدى أهلها ، لتريح نفسها من عبء الضيافه ، تنهدت نوف متحسرة على أبيها ، و حظه السيء مع زوجاته ، سواء والدتها أو زوجته الحاليه حصه ، و لكنها سرعان ما ابتسمت لدى تلقيها رساله من أنس ، قرأتها و أسرعت إلى غرفتها ، فكما اعتادت منه ، أراد أن تكون أول ما تقع عليه عيناه هذا الصباح .
فتحت حاسوبها و شغلت الكاميرا : صباح الخير أنوسي ..
أنس متثائبا : صباح الحب و الجمال يا أحلى نوف ...
لاحظت نوف كدمه سوداء على عينه اليمنى لتسأل بقلق : وش صايرلك ..؟
أنس : واحد ابن حرام اتهجم على بيتنا و هددنا بالسلاح و لما حاولت أمنعه اعتدى عليا بس ربنا ستر .
شهقت نوف و قالت مفزوعه : ده كان ممكن يقتلك و تروح فيها و هو اتهجم عبيتكو ليه ...
قاطعها أنس : أصله جاي يسرق ، و للأسف خاد الفلوس اللي استلفتها منك ..
نوف : فداهيه الفلوس المهم إنك بخير .
أنس : فداهيه ايه بس ، دي فلوس ناس و لازم توصلهم فمعاد محدد و الا هاقع فورطه .
نوف بلهفه : و لا يهمك أنا هحاول ابعتلك غيرهم ، بس أطلب من بابا الاول ..
أنس : لا لا مفيش داعي ، أنا هادبر أموري ..
نوف : هادبرها ازاي يعني
أنس : مش عارف ، بس مش معقول هارجع تاني استلف منك .
نوف بعتاب : انت مش قلت امبارح اننا واحد و مفيش فرق بينا ، يبقى خلاص فلوسي هي فلوسك ..
أنس : معاكي حق ، و ربنا يقدرني و اردهوملك يا أحلى ما في حياتي ..
تنهدت نوف ، ليستغل أنس الفرصه : الليله كانت صعبه اوي عليا ، ممكن نوف حبيبتي توريني حاجه حلوه تخفف عني ...
نوف بحب : من عيوني حاضر ..
أنس : طب يلا ..
نوف : يلا ايه ...
أنس : انتي نسيتي اللي اتفقنا عليه امبارح ..
نوف : اه ، بس مش عارفه ، حتى لو مش حرام أنا بتكسف جدا ..
أنس بضيق : براحتك ، و الحمد لله اني عرفت غلاوتي عندك ، و اد ايه بتثقي فيا ..
نوف بحزن : أرجوك متزعلش ، انا مقدرش على زعلك، ده انت الحاجه الوحيده الحلوه فحياتي .
أنس بامتعاض : ما هو باين ...
نوف : يعني حبي مش هيبان الا بالحاجات دي .
أنس محاولا اقناعها :طبعا ، انا عايز احس انه مفيش فرق بينا ، عايز احس انك بتثقي فيا ، عايز احس اننا قريبين من بعض و مفيش بينا رسميات ، و مش عايز اضطر ابص لواحده غيرك ، عايزك زي ما انتي ماليه قلبي و كياني كمان تملي عيني و معملش حاجه حرام و اعد ابص على دي و دي ، انتي مش عارفه البنات عندنا بيعملوا البدع فنفسهم و انا مش عايز اضعف و اخون ثقتك فيا .
نوف : انا بس ..
أنس بغضب : تاني بس ، ده انا بشتغل ليل نهار عشانك ، مش حاسس بطعم حاجه عشانك ، وانتي بتبخلي عليا بالحاجه البسيطه دي ، ليه مش عايزه تريحيني ، حرام عليكي ..
نوف : طب انا مش هقدر فيس تو فيس كده ، بجد صعب عليا ..
أنس بلهفه : يبقى خلاص ابعتيلي صوره و شويه شويه هتاخدي عليا و مش هتتكسفي ..
أومأت نوف قائله : بس يعني مش هتفكر فيا بطريقه وحشه ..
قاطعها أنس : اوعي تكملي كلامك ، احسن بجد هتزعليني ..
ابتسمت نوف ، و بعد عدة دقائق ابتسم أنس لدى تلقيه صورة نوف المتجرده من ملابسها المحتشمه و مرتديه قطعتي الملابس الداخليه فقط، و ابتسم أكثر عند انهائه المحادثه ، فلقد وقعت في يده و تبقى فقط بعض الرتوش لاتمام الاحكام على هذه الفريسه ، نهض من مقعده و اتجه إلى الحمام ليغسل الماكياج الذي وضعه على عينه لاتقان الدور .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
ابتلع يحيى ريقه و تقدم إلى ناصية الشارع حيث تقف منتظره الباص ، و عندما أصبح خلفها تماما ، تنحنح قائلا :صباح الخير .
استدارت و ألقت عليه نظره ، ثم عادت تنظر للامام دون أن ترد تحيته .
تقدم يحيى قليلا ليقف بجوارها : فاتن متعمليش زي العيال ، احنا محتاجين نتكلم .
جزت فاتن على أسنانها ، محاولة اظهار عدم المبالاه به كما نصحتها والدتها ، و لكن رغما عنها لم تستطع السيطره على أعصابها ، فقالت بغيظ : اهو أنا كل تصرفاتي زي العيال ، شوفلك حد كبير و روح كلمه .
توقف الباص لتستقله على الفور و تبعها يحيى متخذا مقعدا بجوارها ، و قال بعد أن استمرت في التحديق في النافذه متجاهله وجوده : مش انتي وعدتيني تديني فرصه ..
التفت لتنظر إليه بعيون دامعه : انا بعمل بالظبط زي ما طلبت مني ، ثم أضافت مقلده صوته : ارجوكي تنسي اللي قولته الساعات اللي فاتت ، ثم أكملت : و اديني نسيت .
عادت فاتن تنظر من خلال النافذه ، لاعنة دموعها التي أبت أن تبقى في مكانها ، فنزلت منسابه ببطء على وجنتيها ، مسحتها بسرعه و حاولت استحضار كلمات والدتها التي حثتها على البقاء قويه لامباليه .
دموعها أصابته في مقتل ، فللمره الثانيه يشاهدها تبكي و بسببه ، لم يستطع كبح مشاعره و التريث كما خطط البارحه ، ليقول بلهفة العاشق النادم : فاتن أنا آسف ، أرجوكي بلاش دموع ، انتي مش عارفه منظرك ده بيعمل فيا ايه ..
قاطعته فاتن : خلاص خلاص و بعدين وطي صوتك انت عايز تفرج الناس علينا ..
تتبع يحيى نظرات فاتن القلقه ، ليلاحظ الشاب الواقف على مقربه منهم ، و الناظر بتركيز شديد في اتجاههم ، او بالأحرى في اتجاه فاتن ، أشار ناحيته هاتفا : بص ادامك يا أخينا ...
ارتبك الشاب المرتدي زي أحد المدارس الخاصه و أشاح بنظره بعيدا عنهم ، ليعود يحيى محاولا تبرير موقفه و لكنه توقف حينما لاحظ الجينز الذي ترتديه فاتن و الممزق من موضع ركبتيها ، و بغضب : ايه اللي انتي لابساه ده ..
فغرت فاتن فاهها مندهشه من تبدل مزاجه ، فقبل قليل كان يستعطفها أن تسامحه ، و الآن غاضب منها و بشده ، رفعت كتفيها بلامبالاه قائله : انت هتعمل زي ماما ، و بعدين انت مالك ، لبسي ميخصكش فحاجه .
أخذ يحيى نفسا عميقا محاولا السيطره على غضبه : بس أنا عايزه يخصني ..
سألت فاتن بعدم فهم : هو ايه ده !
ابتسم يحيى و قال : لبسك هدومك مذاكرتك عيلتك انتي و كل حاجه تخصك ، عايزها تخصني أنا كمان ..
ابتسمت فاتن رغما عنها و لكنها استدركت نفسها ، فقالت : اه و بعد شويه تغير رأيك ، لا يا عم خلينا جيران و بس.
قال يحيى على الفور : و أنا موافق ..
ارتبكت فاتن و شعرت بالخيبه من إجابته ، قالت محاوله إخفاء تكدرها : عظيم ..
يحيى مرواغا : طب طالما احنا جيران ممكن بقى اطلب منك طلب صغير جدا خالص .
أومأت فاتن ، ليقول يحيى : أنا مش عايزنا نبقى جيران زي أي جيران ..
ابتسمت فاتن : فزوره دي يعني ..
ابتسم يحيى بدوره : شوفي أنا حاسس إننا تسرعنا جدا ، توقف عن الكلام ، ثم أكمل : أقصد يعني فطلبي منك إننا نرتبط و احنا لسه مش فاهمين بعض كويس ..
صمت متنهدا ، لتقول فاتن : أنا فهمت خلاص ، و مش زعلانه ، انت اكتشتفت إني عيله و مفيش فيا مواصفات البنت اللي بتتمنى ترتبط فيها عاد...
قاطعها يحيى قائلا بلهفه : بالعكس انتي فيكي كل حاجه أنا بتمناها ...
ابتلعت فاتن ريقها و أشاحت بوجهها خجلى من تصريحه .
تتبع يحيى حركتها و هي تفرك يديها بقلق ، ليعود و يلاحظ بنطالها الممزق ، تأفف ممسكا بحقيبتها وواضعا إياها على ركبتيها ، حينها عادت تنظر له متسائله ، ليقول : كده أحسن ..و مش عايزك تلبسي البتاع ده تاني ..
ضحكت فاتن : البتاع اللي مش عاجبك ده آخر صيحه و ماركه غاليه كمان ..
ضحكتها أسرته ، و لكن حديثها سرعان ما أعاد الضيق إلى صدره ، فمن الواضح أنها معتاده على نمط حياه معين ، و بامكانياته الحاليه ربما لن يستطيع أن يكفل لها نفس المستوى من الرفاهيه .
لاحظت فاتن تغير مزاجه للمره المليون فقالت : على فكره انت مودي اوي ..
ابتسم يحيى : و دي حاجه كويسه و لا وحشه .
وضعت فاتن سبابتها على شفتيها مدعيه التفكير : امممممم مش متأكده .
يحيى : يعني دي حاجه تحبي أغيرها و لا عادي ممكن تتعايشي معاها ..
ضحكت فاتن برقه و قالت محاولة استفزازه : انت بتقول كلام غريب اوي ، اتعايش معاها ليه يعني ، احنا جست جيران ، مودي مش مودي دي حاجه متخصنيش .
فطن يحيى لمحاولتها ، فقال بجديه : لا احنا مش جست جيران ، بس أنا عارف إني اتسرعت لما طلبت إننا نرتبط ، و ده عشانك انتي ، أنا حاسس إني فاجئتك بمشاعري و انتي مقدرتيش تستوعبيها او تستوعبي ...
صمت محاولا انتقاء مفرداته ، ثم أكمل : أقصد يعني انتي لسه صغيره و معندكيش خبره تخليكي قادره تستوعبي يعني ايه ترتبطي بشخص اللي هيكون شريك حياتك ، عشان كده أنا وافقت قبل شويه على طلبك إننا نفضل جيران و بس ، لكن الحقيقه أنا بس كنت بطاوعك عشان تاخدي وقت و تتأقلمي من غير ما أضغط عليكي ..
حاولت فاتن تذكر ما نصحتها به والدتها ، و لكن كل تلك الدروس تبخرت تماما من عقلها أمام حديثه الصريح و لهفته الواضحه في نبرته و نظراته لها .
ابتسمت فاتن بحرج ، ليتشجع يحيى : بصي ، أنا عندي فكره كويسه جدا و هتوضحلك ازاي تعرفي لو انتي فعلا مقتنعه بيا و تقدري تكملي بقية عمرك معايا ..
سأل يحيى بعد أن التزمت الصمت : ايه مش عايزه تعرفيها ...
قالت فاتن دون تفكير : لا ده أنا هموت و أعرفها ..
ضحك يحيى : بعد الشر عليكي ..شوفي كل واحد فينا هيقول للتاني ايه اللي مبدئيا معترض عليه فشكله و شخصه .
سألت فاتن : طب اتفضل ابتدي انت الاول ..
قال يحيى : بصراحه لبسك ..
أرجعت فاتن شعرها خلف أذنيها و قالت بحرج : عشان بلبس زي الولاد ، مش بنوته يعني ..
يحيى : ولاد ايه بس ..!
قاطعته فاتن : أصل ماما دايما تقولي كده و إني لازم ألبس فساتين و حاجات تبين إني بنوته .
توقف الباص لتقول فاتن بخيبه : يي وصلنا ..
تأفف يحيى بدوره : هو احنا مش اتفقنا إنك هتحولي لكليه تانيه .
أومأت فاتن ، ليقول : خلاص خلينا ننزل نشوف الاجراءات و بالمره نكمل كلامنا .
نظرت له فاتن بتردد : لكن انت عندك شغل ..
قاطعها يحيى : الشغل ده مش مهم بالنسبالي ، و يلا بينا كده هتتأخري ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
جلست ديما في المدرج بجوار لؤي مبهوره بالكم الهائل من الطلبه ، قالت مستفسره : انت تعرف الناس دي كلها ....!
ضحك لؤي : ايه يا بنتي انتي عامله كده ليه..؟
ديما ببراءه : كده ازاي يعني !
لؤي : زي الفلاح اللي نازل المدينه لأول مره ..
عبست ديما و قالت : اخص عليك ، أنا كنت بهزر ، أكيد يعني مش هتعرف الناس دي كلها !
لؤي : طووويب..
ضحكت ديما : طب فين اسمه ايه صاحبك... كِنان..!
لؤي بامتعاض : أولا كِنان خلص كليته ، ما انتي عارفه اني عدت الثانويه مرتين ، ثانيا انتي مالك و ماله عايزه ايه يعني ..
ديما بحرج : لا أبدا ، بس كان نفسي أشوفه..
قاطعها لؤي : نعم ، نفسك تشوفيه ليه إن شاء الله..
ديما : أصل ليلى دايما بتجيب فسيرته و إنكو صحاب اوي..
نظر لؤي لها بتمعن و قد اعترته شكوك كثيره ، سأل محاولا استدراج ديما في الحديث : بتقول عنه ايه بالظبط..؟
أحست ديما و كأنما أفشت لتوها سر ابنة خالتها ، حتى و إن كانت ليلي لم تبح لها باسم مَن تحب إلا أنها استنتجت من حديثها المستمر عن كِنان بأنه ربما هو مَن استطاع أن يحرك مشاعرها بالرغم من خطبتها لرجل آخر .
أجابت ديما محاولة تصحيح الموقف : أبدا يعني انتو وهو صحاب وإنه كان بيساعدك فالمذاكره و كده.
ثم أضافت بارتباك ، بعد أن أحست بعدم اقتناعه : والله كلام عادي جدا...
ارتباكها عزز الشكوك لدى لؤي ، أراد أن يستدرجها لتفصح عن المزيد ، و لكن لم تواتيه الفرصه فقد حضر الدكتور طالبا الصمت من الجميع و الانتباه .
و بعد انتهاء المحاضره ، وقف لؤي لتبادل الملاحظات و النقاش مع زملائه ، أما ديما استأذنت للذهاب إلى الحمام ، و حين عودتها وجدت لؤي يتبادل الحديث معطيا ظهره لها ، و لكن هذه المره مع فتاتين ، ربما زميليته أيضا.
أرادت ديما التقدم و الانضمام لهم ، فبالتأكيد لن يعارض وجودها كما فعل قبل قليل عندما تحدث مع زملائه الأولاد ، و لكن استوقفها سؤال إحداهن للؤي : و ايه البت اللي جايبها معاك دي ، أوعى تكون الجو الجديد ، كده هازعل .
ضحك لؤي مجيبا : بقى أنا هابص للتريله دي ، حضرتها تبقى بنت خالتي و شبطت فيا عايزه تشوف الكليه .
لم تصدق ديما أذنيها ، هل قال فعلا عنها ذلك اللفظ المهين أم فقط هُيء لها .
قالت الفتاه: بس هي اموره ميمنعش..
ضحك لؤي ثم قال :ايه احنا هنفضل نتكلم عنها ، أخباركو انتو ايه ؟ .
أرادت ديما البكاء و لكن لا لن تقف هنا تبكي و تشعر بالأسى على نفسها ، قريبا ستثبت له بأنها ليست كما وصفها ، ربما ما زالت صورتها القديمه محفوره في ذاكرته و ملابسها الفضفاضه و التي تصر والدتها على ارتدائها لها هي من تخفي ملامح جسدها الجديد.
وقفت تنتظره ريثما ينهي حديثه ، عندما سألها احدهم : ديما ، مش كده ؟
نظرت ديما إلى يمينها و سألت باستغراب : انت عرفت اسمي ازاي!
أجابها : أبدا ، سمعت الواد اللي ماشيه معاه بيندهك ، و لو عايزه رأيي سيبك منه .
سألت ديما باهتمام : انت بتقول كده ليه .
رد عليها : زي ما انتي شايفه البنات حواليه كتير و كل يوم ماشي مع بنت شكل.
ديما بخيبه : انت بتتكلم جد !
أومأ لها ، ثم قال : بقولك ايه ، عندك فيس.
نظرت ديما له بتردد : انت بتسأل ليه...؟
رد : عشان أضيفك عندي و أثبتلك إن كلامي عنه صحيح.
هزت ديما رأسها بالنفي : لا معلش أنا معرفكش و مش بضيف ولاد عندي.
قال بغضب : ليه هو أنا مشبهش .
توترت ديما و حاولت الابتعاد عنه ، لتفاجىء به يضغط على مرفقها بشده : استني انتي رايحه فين
قالت ديما بهلع : سيب ايدي ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
قالت هبه للؤي مداعبه : الحق الجو بتاعك بيخونك ...
نظر لؤي لها بعدم فهم ، لتقول : قريبتك ، بص وراك.
استدار لؤي بسرعه ، ليعتريه الغضب الشديد ، و فور رؤيته قادما اختفى الشاب و بسرعه .
لؤي بغضب : مين ده اللي كنتي واقفه معاه...؟
ديما بتلعثم : معرفش ..
لؤي بحنق : متعرفيش ، امال واقفه بترغي معاه كده عادي عندك تكلمي حد متعرفيهوش
ديما : ده هو اللي جه و كلمني ، و كنت مدايقه جدا
لؤي : اه ما هو باين
ديما : الله انت محموق كده ليه ، ده حتى شكله يعرفك
لؤي : و افرضي يعرفني ، ده ميمنعش ان وقفتك و كلامك معاه غلط
ديما : يعني هو يعرفك بجد !
تأفف لؤي : أنا الحق عليا اللي جبتك معايا ، اتفضلي يلا هنروح..
ابتسمت ديما من انفعال لؤي ، هل يعني هذا انه يشعر بالغيره ، تمتمت : يارب يا رب...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
فور عودتها ....وقفت ديما أمام مرآه الحمام تنظر إلى هيئتها الجديده ، فلقد ارتدت البيبي دول الخاص بابنة خالتها ليلى ، و الذي أظهرها أكبر بكثير من أعوامها الخمس عشر ، التقطت صوره على هاتفها بمظهرها الحالي و ابتسمت ، فقريبا جدا سيراها لؤي بشكل مختلف .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
قال يحيى بعد ان وصلا المكتب الخاص بتقديم طلبات التحويل من كليه لأخرى : هاتي الورق بتاعك انا هاخش و افهم ايه الاجراءات اللي لازم تعمليها ...
قامت فاتن بالعبث بمحتويات حقيبتها مخرجه رزمه من الاوراق ..ثم قالت : اهم ، بس كده هاتعبك معايا
يحيي بابتسامه : تعبك راحه ...
ابتسمت فاتن ، ليقول يحيى بمرح : خليني الاول اشوف مجموعك كان عامل ازاي فالثانويه
ضحكت فاتن و قالت : لا ده انا شطوره خالص ..
ابتسم يحيى ، ثم امسك باحدى الاوراق ، لتلاحظ فاتن اختفاء ابتسامته تدريجيا، ليحل مكانها نظره مليئه بالصدمه...
قالت فاتن بمرح : ايه كنت فاكرني فاشله مثلا ، لا ده انا كنت دحيحه اووووووووي
نظر لها يحيى ثم قال مصدوما : انتي ازاي تخبي عليا حاجه كده ..!
فاتن : اخبي ايه ، ما الشهاده ادامك اهيه
يحيى بغضب كبير : اسمك ...فاتن ميخائيل اندراوس
ثم أكمل بحرقه : و سايباني آخدك ندوات واكلمك عن الاسدال ، وبعدين ازاي توافقي نرتبط اصلا ...
تنهد مضيفا بغضب : انتي ايه معندكيش ذرة عقل ....!
↚
¤ و العينُ تزني ¤
--------------------------
نظرت فاتن له باضطراب و قالت بتلعثم : اااصل
يحيى بغضب : اصل ايه ....
فاتن بهدوء : يا ريت بس تبطل زعيق ...انت فاهم غلط
يحيى : ازاي يعني ، فاهم غلط ، مش ابوكي مسيحي ؟؟؟
فاتن : اعتقد ..
قاطعها يحيى : يعني ايه تعتقدي ؟
فاتن : طب اديني فرصه اتكلم ، كل حاجه هتقفش عليها كده ، وبعدين انا مسلمه زيك متقلقش و سبني افهمك
تنهد يحيى و قال : اتفضلي
فاتن : بص انا قولتلك قبل كده انا تقريبا مفيش علاقه مع بابا ..
يحيى بفضول : طيب ليه ..؟
فاتن : عشان هو مش عايز ..
يحيى : برده مش فاهم .
فاتن : انا هاقولك حكايته مع ماما و يمكن تفهم ، بابا اصلا مش مصري
يحيى مقاطعا : امال ايه...؟
فاتن : تاني اديني فرصه اشرحلك
يحيى : اسف ، كملي
فاتن : بابا ايطالي ، هو و ماما اتعرفوا على بعض في مهرجان فينسيا للافلام ، كانت ماما مشاركه بفيلم ليها هناك ، يعني اول ما بدأت تاخد ادوار كويسه و كده ، و هناك قابلت بابا برده كان لسه فبدايته و بيشتغل مخرج ، و حبو بعض و اتجوزوا ...و بعدين مع اختلافهم فشل الجواز فشل ذريع واطلقوا
يحيى : و ازاي مامتك تتجوز مسيحي !
فاتن : ما هو اسلم علشانها ، و بعدين اطلقوا و هي حامل ، و ساعتها رجع تاني لديانته ، و ماما قالتلي انه كان رافض الحمل و عشان كده اطلقوا ...و ادبست هي معايا
يحيى بضيق : يعني ايه ادبست ..انتي بنتها
ثم اضاف : و باباكي دلوقتي مفيش بينكو اي اتصال ؟
فاتن بحزن : يعني يمكن شفته مرتين تلاته ، لما كان بينزل هنا لشغل ، و اكن جاي يقابل واحد صاحبه يعد يحكيلي حكايات عنه و عن ماما... و دلوقتي مش بنتكلم خالص
صعق يحيى من حديث فاتن عن والدها و مما صعب عليه الامر لمجرد حتى التفكير و مصارحة والديه بنيته للارتباط بها ، و لكن ما افجعه حقا هو نبرة الحزن التي تتملك منها كلما تحدثت عن والدتها..مما أكد شكوكه بشأنها....
قال يحيى محاولا التخفيف عنها : انا برده اول ما شفتك قولت البنت دي شكلها طلياني فرنساوي... حاجه كده شغل بره...
ضحكت فاتن برقه ، ليقول يحيى : طب خلينا نشوف هنعمل ايه في طلب النقل بتاعك ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أنهى يحيى معظم الاجراءات الضروريه لانتقال فاتن إلى كلية الألسن ، و حاول تشجيعها بعد أن صارحته بتخوفها من معارضة والدتها للفكره ، قال بعد أن اتخذا طاولة في كافتيريا الجامعه : هي أكيد لما تلاقيكي مبسوطه و بتجيبي تقديرات كويسه ، أكيد هتعرف إنك خدتي الخطوة الصح ، بس الحكايه محتاجه وقت و انتي شدي حيلك و عوضي المحاضرات اللي فاتتك .
ابتسمت فاتن : متقلقش أنا من الناس الدحيحه و إن شاء الله هاقدر أعوض اللي فاتني ، بس الأول ادعيلي إن طلبي يتقبل .
ابتسم يحيى بدوره : لا متقلقيش انتي ، طلبك إن شاء الله هايتقبل ، و بعدين في أسوء الحالات لو متقبلش دلوقتي ، الترم الجاي أكيد هيقبلوكي ده شيء مفروغ منه .
فاتن بامتنان : ميرسي جدا إنك ساعدتني و آسفه عطلتك عن شغلك .
ثم أضافت بارتباك : تقدر دلوقتي تتفضل تروح شغلك ..
قاطعها يحيى : ايه زهقتي مني ، و بعدين أنا قلتلك الشغل ده مش مهم بالنسبالي ..
فاتن : شركتك هي المهمه ، صح كده ..
أومأ يحيى : بالظبط ، بعدين احنا لسه مكملناش كلامنا ، مش هتقوليلي ايه اللي مش بيعجبك فيا ؟
فاتن بتلعثم : يعني مش عارفه ..
شعرت فاتن بالاحراج الشديد لعدم قدرتها على الاتيان بشيء يعيبه ، نظرا لانبهارها بشخصه و شكله ، و حتى الآن لم تستوعب بعد بأن شخص بنضوجه و عقله أُعجب بها ..
يحيى : امممم لو مقلتيش حاجه هتخليني اتغر ، أو أسوء ، هافكر إني مش فارق عندك ..
فاتن على الفور : لا ازاي ..
ابتسم يحيى لردها الصريح ، و ابتسم أكثر عندما لاحظ احمرار وجنتيها خجلا مما قالته .
يحيى بعد تفكير : طب بلاش عيوب ، قوليلي انتي شايفاني ازاي ؟
فاتن بعفويه : أنا شايفاك حد كبير و بتعرف كل حاجه و بحسك بتفهم جدا ، عندك مبادىء و طموح و حاجات كتيييير ، و مش عارفه ازاي انت اصلا بتفكر ترتبط بيا ، حاسه إني حاجه هبله كده جنبك .
لم يتوقع يحيى أن تكون إجابتها بتلك الصراحه أو العفويه التي لامست قلبه ، فإن كانت لديه مخاوف بشأن تسرعه في الحكم على مشاعره تجاهها ، فكلامها الآن بدد كل تلك المخاوف .
خانته الكلمات ، بقى محدقا فيها ، لتقول بحرج : ايه كلامي دايقك !
أجابها يحيى : بالعكس ..
سألته : طب قولي انت ليه مش بتحب طريقة لبسي ..
يحيى بعد تفكير : بصي أنا شايف نأجل كلامنا دلوقتي عن لبسك ..
فاتن مداعبه : كلامنا عن لبسي ، الظاهر إن لبسي ده موضوع حساس جدا و خطير .
يحيى مبتسما : ما هو دلوقتي مش هينفع أطلب منك تغيريه الا لما نرتبط رسمي ..
فاتن مستفهمه : لا عادي ، و بعدين أنا تقريبا دلوقت فهمت ، انت تقصد يعني اتحجب ، صح !
يحيى بتردد : طب هو انتي مفكرتيش فالحجاب قبل كده .
رفعت فاتن كتفيها و أجابت : بصراحه لا ، بس لو انت مصر ، ممكن أجربه ..
يحيى بضيق : أولا انتي لو هتتحجبي لازم يكون عشان انتي مقتنعه بالحجاب ، مش تلبسيه يومين و لو معجبكيش تقلعيه ..
فاتن مبتسمه : امممم شكل الموضوع ده مهم اوي بالنسبالك ، طب خليك جدع و اقنعني بيه ..
يحيى بجديه : أرجوكي متهزريش فالموضوع ده ..
أومأت فاتن : آسفه ، بس أوعدك إني هافكر جديا فالموضوع ، ايه رأيك بقى .
ثم أضافت : يلا مش هتفك التكشيره دي بقى ..
ابتسم يحيى : و أنا هاساعدك و إن شاء الله هتلبسيه باقتناع .
ضحكت فاتن : عارف حتى لو اقتنعت ، هاعمل ساعتها ايه فماما ، دي طردت اعز داده عندي عشان مره نصحتني وكلمتني عن الحجاب و كانت عايزاني ادخل فجروب لتحفيظ القران..
أحس يحيى بالضيق الشديد ، لأنه و عن قصد أراد أن يتناسى حقيقة والدتها ، و لكنها ستبقى موجوده على الدوام شاء أم أبى .
يحيى محاولا تحفيزها : المهم انتي تقتنعي و لو اقتنعتي هيبقى سهل عليكي تقنعي والدتك باذن الله .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أشرفت نوف على إعداد مائدة العشاء لضيوف والدها ، سالم عبدالعزيز و ابنه تركي ، أما زوجته جيداء ففضلت المكوث في بيت أهلها ، و احتارت نوف هل تجلس و تشاركهم العشاء ، أم الأفضل أن تمكث في غرفتها ، لم تطل حيرتها كثيرا فلقد أصر والدها على حضورها العشاء ..
التزمت نوف الصمت ، مفضله الاستماع إلى حديث والدها مع صديقه ، ليقول تركي : ايش فيك نوف ، ليش ما تحكين ...
رفعت نوف كتفيها بلامبالاه : ابدا ، حابه اسمع و ما عندي شي قوله ..
تركي مبتسما : معقول في بنت ما عندها شي تقوله ، انا اخواتي ما يبطلون كلام ، يا ريت جبتهم معي يتعلمون منك شوي ...
ضحكت نوف برقه : الله يخليهم الك ...
تركي : طيب انتي شنو تدرسين ..
نوف : بيزنس ..
تركي باعجاب : و انا كمان درست بيزنس ، يعني حتى الحين بينا شغلتين مشتركتين .
نوف باستغراب : ما فهمت شنو الشغله الثانيه ..
تدخل والد تركي مداعبا : انكو الاتنين ما تحبون الكلام و الرغي الكتير ..
ابتسمت نوف ناظرة لتركي الذي بادلها الابتسامه ، ثم أشاح بوجهه بعيدا بطريقه أثارت استغرابها ..
لينتهي العشاء و هو على حاله تلك ، و كأن شيئا أقلقه أو عكر مزاجه ، انتقل والدها مع ضيوفه إلى الشرفه لتناول القهوه التي أعدتها خصيصا بناء على رغبة والدها ، كانت في المطبخ عندما دق أحدهم الباب مستئذنا ..
التفتت لتجد تركي يقف على الباب واضعا يديه في جيبي بنطاله و ناظرا للأرض بشكل ملفت للانتباه..
سألت نوف بحرج : خير ، تبغي شي أحضرهولك ..؟
تركي و مازال ينظر للأرض : عم طلال ، تعرفينه صديق والدك ، جه الحين ، و والدك بعثني مشان اخبرك تعملي حسابه فالقهوه معنا ..
أومأت نوف ، ثم استدركت أنه لن يرى حركتها تلك بسبب نظره المصوب للأرض ، فقالت : تكرم ، دقايق و القهوه تكون جاهزه ..
تركي : طب انا هاستنى فالصاله مشان اخد القهوه ، اول ما تخلصي نادي علي ..
نوف : لالا ما تعذب حالك ، أنا راح جيبها لعندكم ..
حينها رفع عينيه عن الأرض لتلتقي نظرته الحرجه بنظرتها المتسائله ، ليقول : احم، ما اعرف كيف اقولك ، بس يا ريت تعدلين حجابك ..
فغرت نوف فاهها ، ثم قالت مدافعه بعد أن تحسست حجابها : حجابي زين و فمكانه ..
عقد تركي حاجبيه ، قائلا بضيق : من ورا ، شعرك كله نازل على ظهرك و من احنا نتغدى ، و من ثم خرج مسرعا.
بعد خروجه ، قامت نوف بتعديل حجابها بعد أن أعادت تجميع شعرها في شنيون بسيط كالذي صففته هذا الصباح و لكن باحكام هذه المره حتى لا يعود و ينسدل من جديد دون أن تشعر به ، فعلى ما يبدو أن ضيف والدها شديد الملاحظه و أيضا الضيق من رؤيته لانفلات شعرها دون قصد منها .
أعدت القهوه ، و اتجهت إلى الشرفه حيث يجلس والدها برفقة ضيوفه ، حيتهم و وضعت القهوه منصرفه بسرعه بعد أن وصلتها رساله من أنس يطلب منها أن تحادثه فورا ...
و في غرفتها ، أضاءت حاسوبها و الكاميرا لتحادث أنس الذي بدا عليه الضيق ..
أنس باقتضاب : ازيك ..
نوف بقلق : الحمد لله ، انت اللي ازيك ، شكل في حاجه مدايقاك ..
أنس : أصل الناس عايزه فلوسها و زي ما انتي عارفه الحرامي خاد كل اللي حيلتي ..
شهقت نوف : يااه ده انا نسيت اطلب من بابا ، بس و لا يهمك الليله ان شاء الله هاطلب يحولي فلوس عحسابي فالبنك ، و بالكتير يومين و يكونوا عندك ..
ابتسم أنس : ربنا ما يحرمني منك يا أحلى و أجدع نوف فالدنيا ، أنا من غيرك مسواش حاجه ..
ابتسمت نوف ، ليقول أنس : ايه بقى مش هتشيلي البتاع ده عن شعرك ، عايز امتع نفسي بجمالك ..
لثوان تذكرت نوف انزعاج تركي من رؤيته لجزء من شعرها ، و لكنها سرعان ما نحت تلك الحادثه من رأسها ، و قالت : معلش أصل عندنا ضيوف ..
أنس : طب عظيم ، كده باباكي مشغول و انا و انت يا جميل نقدر ناخد راحتنا ..
نوف بضيق : بالعكس ، انا مضطره انهي الاتصال لان بابا هيحتجاني ، يعني عشان اشوف طلبات ضيوفه ، اصل الست حصه راحت عند اهلها و مش بتسمح للخدامه تعد هنا الا للمغرب طالما هي مش موجوده فالبيت
أنس متأففا : طب اول ما تفضي كلميني ، ضروري ..
أومأت نوف منهية الاتصال بعد أن سمعت نداء والدها .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
دقات قلوب تعشق للمره الأولى ، ، تتقلب ما بين الغبطه و الخوف ، خوف من أن يتحكم العجز من عدم المقدره على تغيير الواقع ، و تغيير أفكار متأصله في قلوب أخرى تدق بالحب لنا و لكن حب من نوع آخر ، ربما في أحيان كثيره يتجاهل حقنا في الاختيار ....
ابتسمت ديما الجالسه بجوار ليلى تتبع ما تكتبه الأخيره على صفحة الفيس بوك ، ثم قالت بحزن : كلام جميل اوي يا ليلى ، بس ليه حاسه انك فقدتي الأمل ....
تنهدت ليلى بأسى : ما انتي شفتي بابا حبسني هنا ازاي ، ومصمم اتجوز الزفت اللي اسمه تميم..
أطرقت ديما مفكره : طب تحبي اكلم ماما و بابا يكلموا عمو عبدالرحمن...
قاطعتها ليلى : لا يا قمر متشغليش بالك انتي لسه صغيره عالهم ده ، و بعدين تعالي هنا انتي مش كنتي عايزه تسجلي رقم يحيى و لؤي عندك ، اجري هاتي الموب بتاعك عشان تسجليهم..
ابتسمت ديما و اسرعت لاحضار هاتفها لتسجيل الأرقام ، أو بالأحرى رقم لؤي ، فلقد أحرجت أن تطلب رقمه وحده لذا اضطرت أن تطلب رقمي ابني خالتها حتى لا تثير الاستغراب لدى ليلى .
أنهت ديما حفظ الأرقام في هاتفها ثم عادت للانخراط في الحديث مع ليلى و محاولة التخفيف عنها ، ليقطع استرسالهما صوت جرس الباب .
ليلى بذعر : بس ميكنش تميم يارب مش هتحمل اشوفه دلوقت.
ديما باندفاع : أنا هشوفلك مين و اجي اطمنك .
و بعد ثوان عادت ديما و الابتسامه تزين ثغرها ..
سألت ليلى بقلق : مين ؟
صفقت ديما بمرح و أجابت : كِيييييينااااااان .
ليلى بانزعاج : ايه ده وطي صوتك ، زمانه دخل اوضة لؤي هيقول علينا ايه ..
ديما بعفويه : طب انا هاروح الصاله عشان معاد المسلسل جه ، ما تيجي تفكي عن نفسك شويه .
ليلى : لا انا ورايا مذاكره كتير ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
كِنان باستغراب : مين البنت اللي كانت واقفه بتبص علينا.
لؤي مستفهما : بت مين ؟!!!!
كِنان : لما فتحت الباب كان في بنوته كيوت بتبص من ورا باب الصاله .
لؤي بانزعاج : دي ديما بنت خالتي جايه تعد معانا شويه عشان باباها فالمستشفى .
صرح لؤي بذلك ثم نهض من مقعده قائلا : معلش خمسه و راجعلك ها..
أومأ كِنان و ما إن خرج لؤي و على ما يبدو في اتجاه الصاله ، استغل كِنان الفرصه و انطلق في الممر المؤدي إلى غرفة ليلى .
وجد الباب مغلقا ، لم يكلف نفسه عناء القرع ، دخل مباشره لتشهق ليلى : انت مجنون رسمي و بعدين ازاي تدخل كده من غير ما تخبط ..
كِنان بعصبيه : مفيش وقت ، هاتي الورق اللي طلبته منك ..
ليلى : بس..
كِنان هامسا بفروغ صبر : الورق يا ليلى ...هاتيه ..
ليلى : حاضر ثانيه بس ..
عبثت ليلى بمحتويات الدرج العلوي لمكتبها ثم اخرجت مغلف بني اللون و قالت : اهو اتفضل ..
كِنان : انتي موبايلك مغلق على طول ليه ؟
ليلى : بابا منعني من الموبايل ..
نظر كِنان إلى مكتبها : طب ما عندك نت اهو ..
أومأت ليلى ، ليقول كِنان : خلاص نتكلم عشره بليل فيس.. اوك.
ليلى باضطراب : اوك بس اخرج ابوس ايدك ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
نهضت ديما من مقعدها على الأريكه مفزوعه : سيب ودني سيب ودني ..
قال لؤي بغضب : مش هسيب ودانك الا اما اعرف انتي مهتمه بكِنان كده ليه ..!!!!!
أدارت ديما رأسها لتطبق بأسنانها على كف لؤي..
و كانت النتيجه مرضيه ، فلقد أفلت أذنها قائلا : يا بت ال...
قاطعته ديما ملوحه بسبابتها في وجهه : بت اما تبتك ، احترم نفسك و بطل شغل العيال ده ..
نفث لؤي : انا بعمل شغل عيال ، طب يا محترمه يا كبيره يصح تبصي على راجل غريب عنك من ورا البيبان ، ده بقى شغل عيال و لا قلة ادب و لا ايه بالظبط...!
ديما مدافعه : انا مكنتش ببص على سي بتاع صاحبك ده ، انا كنت بشوف مين عالباب عشان خاطر ليلى كانت عايزه تعرف تميم و لا مش تميم ..
لؤي بانزعاج : طب بصيتي و شفتي مين ، ليه بقى تعدي تبحلقى لغاية اما يشوفك و تخلي منظري وحش ادامه ...
همت ديما بالمدافعه عن نفسها مره أخرى و لكن منعها دخول زوج خالتها عبدالرحمن الذي قال : ايه صوتوكو عالي كده ليه ...
أخبرته ديما عن توبيخ لؤي لها ، ليقول عبدالرحمن بسخريه : سيبك منه ده واد فاشل..
صاح لؤي مستنكرا : بابا ..
ضحك عبدالرحمن قائلا : ايه هتتكسف من بنت خالتك ما كل العيله عارفه انك ساقط ثانويه مرتين و داخل كلية الارجوزات ربنا يهديك يا بني ، و انتي يا ديما انتي ست البنات و البيت بيتك اعملي اللي يريحك تبصي مورا الباب ..الشباك و لو اخينا ده دايقك تاني قولولي و انا هملصله ودانه ..
ضحكت ديما مشاركه زوج خالتها دعابته ، غير مدركه حجم الألم الذي تسببته تلك الكلمات في نفس لؤي .
غادر لؤي الصاله متجها إلى حجرته حيث ينتظره كِنان .
كِنان : ايه يا بني مال وشك قالب كده ليه ..
جلس لؤي على طرف سريره محاولا كبح غضبه و قال و هو ينفث : بابا مصر دايما يحرجني و دلوقتي كمان اودام المفعوصه ديما ...
جلس كِنان على طرف السرير المقابل و قال : معلش يا لؤي ، باباك و لازم تلتسمه العذر ، انا بتمنى بابا يكون موجود معايا و لو حتى يتريق كل دقيقه بس احس ان ليا ضهر ..
هز لؤي رأسه و قال بحسره : باباك الله يرحمه كان غير يا كِنان ،كان غير..
حاول كِنان تغيير مزاج صديقه فقال ممازحا : اممم اقطع دراعي ياض ان ما كنت عايز تظبط مع بت خالتك و جه بباك خرب الرسم اللي كنت هترسمه عليها ..
صاح لؤي : كِنان .. لو سمحت انا مقبلش تتكلم على قريبتي بالطريقه دي و ..
قاطعه كِنان : اسف اسف انا كنت بس بحاول اطلعك من مود الكآبه مش قصدي حاجه و انت عارف اخلاقي كويس .
صمت لؤي ، ليقول كِنان : ياض فكها بقى ..
ابتسم لؤي ، ليُسدد طعنه أخرى إلى ضمير كِنان و محدثا نفسه : ال عارف أخلاقي ، ده اتنرفز لما جبت سيره قريبته بهزار ، امال لو عرف اني...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
عادت فاتن إلى البيت و قد حققت انجازا صغيرا اليوم ، و تمنت أن يتكلل طلب التحاقها بكلية الألسن بالقبول ، خلعت حذائها الرياضي ، و من ثم بنطالها الجينز الذي أثار الضيق في نفس يحيى ، ارتدت بيجامتها و أمسكت بالبنطال لتقلى به في سلة المهملات ، محدثه نفسها و الابتسامه تزين ثغرها : كله عشان ننول الرضا يا بشمهندس يحيى .
التفتت لتلقى نظره على نفسها فالمرآه علها تفهم سبب اعجاب يحيى الواضح بها ، بقيت تحدق فالمرآه لدقائق ، لتدرك أنها ارتدت بيجامتها المفضله و لم تفعل كما أوصتها والدتها بارتداء ملابس النوم النسائيه .
تأففت فاتن ، و قامت باحضار الأكياس التي ابتاعتها لها والدتها ، أخرجت جميع محتوياتها لتنتقى شيئا مقبولا ترتديه الليله لتتجنب انزعاج الأخيره .
اختارت قميصا زهري اللون بحمالات رفيعه و فتحة أماميه تعطي تفصيلا دقيقا عن مفاتنها ، و بالكاد يصل إلى ركبتيها ، لم يعجبها تصميمه الجرىء و لكنه كان الأقل جرأه من بين الموجود كما أن لونه راقها كثيرا .
ارتدت القميص و بقيت دقائق تعبث في غرفتها ، حين سمعت باب الشقه يفتح و صوت والدتها يملأ المكان : هلوووووووو
كانت تلك تحية والدتها المعتاده حينما تعود محمله بالاخبار الساره ، ثوان و كانت في غرفة فاتن تهتف بمرح: هلووو هلوو هلووو عندي ليكي خبر بمليوووون جنيه.
ابتسمت فاتن : اكيد حاجه فالمسلسل بتاعك صح ؟
انجي : اها برافو عليكي ...المسلسل بتاعي طالبين فيه وجوه جديده ، عايزين بنت قمرايه وواد مُز ..
صفقت انجي من شدة انفعالها...
لتقول فاتن باستغراب : اها كملي ايه بقى الخبر الحلو !
انجي بخيبه : ايه الخبر الحلو ... ده سؤال ... الخبر الحلو انك هتكوني معايا فالمسلسل ..
فاتن بانفعال : قلتلك يا ماما ميت مره انا مش بحب التمثيل و مش هانجح فيه زي حضرتك.
ألقت انجي حقيبتها على السرير بعنف و قالت : اسمعي يا حببتي انتي اللي ادك فالدول الاجنبيه يعني الناس اللي بتفهم عندهم بيسيبوا بيت اهاليهم و هما من نفسهم بيصرفوا على روحهم ، و انا مش قايلالك روحي و استقلي و شيلي مسئولية نفسك ، كل اللي طلباه منك مساعده ، انتي مش شايفه الشقه الحقيره اللي احنا عايشين فيها ، مش شايفه بهدلتنا فالمواصلات ، مش شايفه وشي بقى عامل ازاي ...ها وشي ده اللي كان سبب العز اللي تربيتي فيه طول عمرك ، دلوقت جه دورك تردي الجميل و تساعدي امك ، فيها ايه لما تروحي تعملي دور فمسلسل ايه هيختل ميزان الكون ....
صمتت انجي لتجفف دموعها الزائفه ثم أضافت : حرام عليكي عايزاني اتبهدل يعد كل اللي عملته عشانك ، على الاقل مثلي لغاية اما نجمع فلوس و نشتري شقه عدله .
ربتت فاتن على يد والدتها قائله : خلاص يا مااما متزعليش نفسك ، انا هاروح معاكي بكره و لو اتقبلت هامثل ان شاء الله بس بطلي عياط عشان خاطري ...
تنهدت انجي : اهو كده يا روح قلب ماما و دلوقت تعالي نتعشى و بعدين هاحفظك المشاهد بتاعة بكره..
فاتن : الله مش الاول المخرج لازم يشوفني و بعدين يقرر ..
قاطعتها انجي : هو مين اللي هيقرر ، انا كلمت المخرج و انتي معانا من بكره بس كان فاضل موافقتك يا جميل .
ابتسمت فاتن بدون حماسه و قالت : اوك يا ماا ما اوك ..
قالت انجي مستدركه : الا قوليلي الواد جارنا ده لؤي ، معاكي نمرته ؟
فاتن : و انا هتكون نمرته معاايا ليه !
انجي : امممم طب تقدري تجبيهالي ، اصل برده شايفه فيه وجه جديد هينفع معانا فالمسلسل ..
فاتن بتردد : بس دول يعني عيلتهم مختلفين عننا اوي ..
ابتسمت انجي بسخريه : مختلفين!
ثم أضافت : متشغليش بالك انتي بس هاتي نمرته من سي يحيى بتاعك و انا هاكلمه ..
فركت فاتن كفيها ثم أومأت : حاضر هجبهالك بكره ..
شهقت انجي : يا نهار اسوح بكره ليه ، اوعي اوعي تقوليلي انك مخدتيش رقم يحيى بتاعك ده ..
فاتن بانزعاج : ماما ...
تأففت انجي : معاكي رقمه و لا لا ..
أومأت فاتن ، لتقول انجي : خلاص كلميه الليله و ضروري تاخدي رقم اخوه ، مفهوم....
فاتن : حاااااضر
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
صعد يحيى الدرج المؤدي للشقه حيث مقر شركته المتواضعه ، و كالعاده وجد الباب مفتوحا على مصراعيه ، و لكن هذه المره فوجىء بسماع ضحكات و أصوات نسائيه ، قبض كفيه من شدة الغضب ظانا أن أنس عاد لفعلته و أحضر فتيات للشقه .
دلف و الغضب يتملكه ، و ما هي الا ثوان حتى تبخر الغضب لتحل مكانه المفاجأه.
بادرت شيرين الجالسه على مقعد بجوار مكتب مالك : مش ترد السلام يا حضرة البشمهندس ...
صمت يحيى و قد أخرسته المفاجأه فخلال يومين متتاليين يعود ليلتقي بزميلتيه او بالاخص زميلته سلوى منصور ..
قالت سلوى بحرج : الظاهر وجودنا مش مرحب بيه ..
قاطعها مالك على الفور : ايه الكلام اللي بتقوليه ده ..يحيى بس مكنش..
ليقاطعه يحيى بدوره : لا ازاي انتو تشرفوا فاي وقت ، انا بس مكنتش متوقع حد ، بس انتو عرفتوا العنوان ازاي..
قال مالك بارتباك : انت مالك يا يحيى ، بقيت تنسى بسرعه كده ...
ثم نهض من مقعده مكملا حديثه و مقتربا من يحيى : احنا مش قلنا هنشوف حد يتطوع و يساعدنا و سلوى و شيرين كتر خيرهم وافقوا و هييجوا ساعه او ساعتين كل يوم حسب ظروفهم ..
نظر يحيى لصديقه باستغراب ، ليربت مالك على كتفه هامسا : بعدين هافهمك ..و دلوقتي خليني اكمل شرح تفاصيل شغلنا للمهندسات
بقيت الفتاتان لبضع دقائق أخرى يتبادلن الحديث مع مالك ، ثم انصرفتا ، و فور خروجهما صاح يحيى بمالك : من امتى بقى بتاخد قرارات من غير ما ترجعلي ...
مالك مدافعا : ما انت بقالك يومين غاطس و محدش بيشوفك و بعدين احنا فعلا محتاجين موظفين معانا ..و دول هيجوا تطوع يعني شغل بدون مقابل ، شوف انت هيفدنا ده ازاي
يحيى : بس كده احنا بنستغلهم و هما زيهم زينا لسه فبداية الطريق...
قاطعه مالك : نستغل مين ، انت ناسي دول اهلهم من اصحاب الملايين ، يعني هيجوا تسليه و تضييع وقت و بعدين سيبك من ده كله ، عندي ليك خبر بمليوووووون جنيه ..
يحيى و قد تذكر : الشركه الكوريه اختارونا .....صح ؟
ابتسم مالك : فعلا ختارتنا من ضمن شركات كتير عشان نكون تحت رعايتها و عجبتهم اوي فكرة الابليكشن بتاع الشرق الاوسط و حضر نفسك بقى للسفريه ...
اضطرب يحيى و تدافعت بداخله مشاعر كثيره ، الفخر بان مساعيه تحققت لتنمو شركته بمقاييس عالميه ، و الخيبه لانه حتما لن يستطيع السفر الان و تكملة مسيرته بسبب تعنت والده و اصراره على الانقاص من اهمية طموحه ، و كعادته نفض عنه مشاعر الاحباط و نظر للجانب المشرق فلقد تكللت مساعيه بالنجاح و باستطاعة مالك ان يحل مكانه على الاقل في هذه السفريه التعريفيه ، و ربما مع الوقت سيستطيع اقناع والده و السفر شخصيا ..و حتما سيفعل المره القادمه و لكن الان ليدع والده يرى بأم عينه النتائج الملموسه و من ثم سيقتنع دون الحوجه للدخول في صدام معه و اغضابه ، فلقد نشأ يحيى على ان بر الوالدين يأتي دوما فالمقام الاول ، فرضا الله من رضا الوالدين ..
رن هاتفه ليخرجه من استغراقه فالتفكير ، نظر للشاشه و تبدد تكدره الناتج عن قراره بعدم السفر ، عندما راي اسمها يزين هاتفه ..و على الفور استاذن من صديقه و دلف إلى مكتبه و أجاب : فاتن ..
ووعلى الطرف الاخر ، اجابته بتلعثم : امم مساء الخير ،ازيك يا يحيى ...
- الحمد لله ، ازيك انتي ؟
- كويسه بس ..بس ..
- بس ايه ، قولي من فضلك ..
- احم كنت عايزه يعني لو سمحت رقم اخوك لؤي
- اخويا لؤي ، و انتي تعرفيه منين و هتعوزيه فايه ان شاء الله !
- مش عشاني ، ماما كانت عايزه تديه للمخرج بتاع المسلسل عشان شايفه ان ممكن ينفع يمثل معانا .
- معاكو مييييين ؟
- اصل ... انا جاني دور فمسلسل و قررت اجرب امثل ...
- بزعيق : تمثلي ... انا مش فاهم حاجه ، من امتى عايزه تمثلى
- اصل...معلش انا هابقى افهمك بعدين ، بس بليز تديني الرقم دلوقت
- مفيش حاجه هتحصل بعدين ، هو ايه الي هتمثلي و بعدين لؤي انسي بابا مش هيسمحله ..
- بس انت اديني نمرته
قاطعها بعنف : اسمعي انا لازم اشوفك و دلوقت حالا ..
- بس دلوقت متأخر اوي هنتقابل فين ...
تأفف يحيى : طب كلميني اسكايب ما هو مش هينفع نتكلم فون بعد القنابل اللي عمّاله تقوليهالي ..
فاتن : اوك ، مليني ايميك و اضيفك عندي
و بعد دقائق ارسلت فاتن طلب محادثه ليحيى و الذي قبله على الفور ..
يحيى بغضب : ايه بقى حوار التمثيل ده ...
أراد أن يكمل حديثه و لكنه توقف حين رؤيته فاتن ، بقى ثوان يحدق في الشاشه غير مصدق جرأتها لارتدائها تلك الملابس دون خجل أمامه ، صحح نفسه أي ملابس ، فما ترتديه بالكاد أن نطلق عليه قطعه قماش صغيره تغطي القليل و تكشف الكثير .
لم يكن يحيى ليطيل التحديق فيها و لكنه في النهايه رجل ...
فاتن ببراءه : انت بتبصلي كده ليه ؟؟ اسمع انا مش قصدي ادايقك بس ماما محتاجه فعلا رقم..
حين سماع صوتها ارتد إليه عقله و غض بصره فالحال و قاطعها قائلا بعصبيه : روحي البسي اسدال او اي حاجه و غطي نفسك...
فاتن بدهشه : اغطي نفسي ، ثم سمع شهقتها عبر السماعات ..
بعد دقيقتين عاد صوتها: و الله انا نسيت اني لابسه كده ، اصل اول مره البسه ...
تطلع يحيى إلى الشاشه و قاطعها بغضب : نسيتي .. في واحده تنسى انها لابسه .. توقف و ضحك باستهزاء قائلا : لابسه ايه اصلا .. في واحده تنسى انها قاعده عريانه اودام الكاميرا و لا ده بروفه لزوم الدور الجديد.
ردت فاتن بحرج : لاااا على فكره الدور محترم جدا ...و بعدين ..
يحيى مقاطعا : محترم و لا غيره .. انتي حره انا مالي .. انا بجد غلطت غلطه كبيره ..
قال ذلك و أنهى المحادثه ، و في داخله أيضا عزم على إنهاء مشاعره تجاهها ، فليست هي بالفتاه التي ستصون بيته و لا التي ستساعده على المزيد من الالتزام ، ألم يقم للتو بالسماح لنظره بالتحديق بأريحيه في مفاتنها ، أليس ذلك يندرج تحت قول النبي و العين تزني .
نعم العين تزني ، فبدلا من أن يشكر الله على توفيقه مع الشركه الكوريه و تحقيقه أول سلمه في طريق النمو بشركته ، قام باقتراف كبيره من الكبائر ..
أراح رأسه على مكتبه علّ تلك الراحه تصل إلى قلبه الخائن ، الذي سمح له أن يتعلق بفتاه بعيده كل البعد عن مبادئه و قيمه و الأهم عن ما يحبه الله و يرضاه رسوله ...
يتبع
↚
¤ أميره تنقُصها الأسطوره ¤
--------------------------
تفقدت نوف خزائن المطبخ و محتويات الثلاجه ، و من ثم جلست على المائدة الصغيره الموجوده في إحدى زوايا مطبخهم الفسيح لتدون ما ينقصها من حاجيات لزوم إعداد طعام كاف لضيوف والدها .
بعد ربع ساعه انتهت من مهمتها و انطلقت بسيارتها إلى السوبرماركت القريب من سكنهم ابتاعت حاجياتها و عادت ادراجها إلى البيت .
في الداخل وجدت تركي جالسا على أحد المقاعد في الحديقه و في يده عصفور ، أمعنت النظر لتجد أنه عصفور الكناري ذو اللون الأزرق السماوي خاصتها ، هرولت صارخه : شنو تسوي رجعه مكانه.
انتبه تركي لصراخها ، قال محرجا : بعتذر منك بس لونه كتير رائع ..
نوف بعصبيه : طب رجعه الحين خلاص مش شفته..
أومأ تركي معيدا العصفور إلى قفصه ، قائلا : انا راح ساعدك فالاغراض.
انتبهت نوف أنها ألقت جميع الأكياس عند هرولتها في اتجاه تركي .
نوف : ما في داع أنا راح دخلهم جوه .
تركي : ما يصير ، و تقدم جامعا الأكياس الملقاه على الأرض ، و استبقها إلى المطبخ واضعا الأكياس على المائده .
تبعته نوف : شكرا تبعتك وياي .
أومأ تركي : تعبك راحه ..
هم بالمغادره و لكن استوقفه رنين هاتف نوف ، و التي ما إن رأت رقم المتصل حتى أشرق وجهها بابتسامه عريضه ، و كأنها نست العالم من حولها ، أجابت بسرعه : أنس ...
لم تكمل جملتها و بسرعه تبدلت ابتسامتها بخيبة كبيره و انزعاج باد على وجهها.
همت بالحديث و لكن انتبهت لوجوده ، فاستأذنت مهروله إلى الطابق العلوي.
ركل تركي الباب بقدمه ، فعروسه المنتقاه من قبل والده و التي دق قلبه لها ، للاسف قلبها مشغول برجل اخر اسمه أنس.
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
نظرت خديجه لابنائها الثلاث الملتفين حول مائدة الافطار و قالت : مالكم كلكلم مكلضمين كده ليه ..!
تبرع لؤي باجابه : ابدا يا ست الكل كلنا بس مضغوطين ما انتي عارفه امتحانات و كده ..
خديجه : و يحيى مالك ؟ ايه عندك امتحانات انت الاخر..!
ألقى يحيى نظره على والدته و قال : لا يا أمي ده انا حتى عندي خبر حلو جدا...
خديجه بحماس : و ساكت ..... ما تقول يا بني و فرحنا.
شعر يحيى بتأنيب الضمير ، نظرا لانشغاله الكلي بحماقته ، نعم حماقته مع جارته فاتن ، لدرجة ان ينسى اخبار والدته بقبولهم لدى الشركه الكوريه ، فلقد كانت هي الأخرى تنتظر النتيجه على أحر من الجمر..
يحيى : الشركه الكوريه قبلت إننا نكون تحت رعايتها ...
زغردت خديجه فور سماعها الخبر ، و نهضت من مقعدها محتضنه يحيى : الف مبروك يا حبيبي الف مليون مبروك..
ربت يحيى على رأس والدته و قام بتقبيل يدها و قال : الله يبارك فيكي ده بركة دعاكي يا ست الكل..
قال عبدالرحمن : و الله كل اللي بتعمله ده عالفاضي ، شركة برمجه فمصر ، يعني الناس هنا هتسيب الياباني و الكوري و تشتري المصري ، بلاش تضيع وقتك يا بني ..
لؤي مدافعا : ازاي يا بابا تقول الكلام ده ، احنا عندنا عقول أحسن من بره مليون مره ،بس للاسف مفيش فرص فالبلد ..
قاطعه عبدالرحمن كعادته : مفيش فرص ، دي حجتك ، عدت ثانوي مرتين عشان مفيش فرص..
قهقهت ديما بصوت خفيض ، لتلفت انتباه لؤي ، مما أمعن لديه شعور الخزي فللمره الثانيه يهينه في وجودها ، لم يعِ لم يغضبه الأمر كثيرا فلقد اعتاد طبع والده ، الذي لم يقتصر فقط على احراجه و لكن مقارنته المستمره مع أخيه الأكبر ... و لكن لسبب ما لم يشأ أن تشوه صورته في نظر ابنة خالته الصغرى ...
همس لؤي بحنق لديما الجالسه بجواره : طب مش هاخدك الكليه انهارده ..
لوت ديما شفتيها : الله انت زعلت ، ده عمو بيهزر عادي يعني ...
خديجه بضيق : بتتودودو فايه انتو الجوز !
ديما بانزعاج طفولي : آل مش هياخدني الكليه انهارده ..
خديجه باستغراب : هو انتي مش ناويه تيجي معايا المستشفى تشوفي ابوكي ..
ديما : لؤي وعدني ياخدني الكليه وبعديها نعدي على بابا عشان هو كمان يزوره .
نظرت خديجه لابنها بضيق و قالت بسخريه : و من امتى ان شاء الله بتتفقوا سوا كده ..و مش مديني خبر هتروحوا فين !
عبدالرحمن باستهزاء : هو لو كان يفهم فالاصول زي يحيى كان يعرفك اول باول..
تنهدت ليلى و التي كانت غارقه في بؤسها الخاص و قالت : الحمد لله شبعت و غادرت المائده.
ليقول لؤي متعمدا استفزاز ديما : شوفي ليلى كلت زي العصفوره و قامت ، كده بيعملوا البنات الامامير مش زيك لسه بتضربي فطبق الفول ..
نهره جميع مَن على المائده ، و لكن حديث اليوم وسخرية والده كانت فوق الاحتمال ، أراد أن ينفث عن غضبه و لم يجد صيدا سهلا سوى ديما ..
غادرت ديما المائده و الدموع تملأ عينيها ، قال لؤي : ما انتي السبب يا ماما..
شهقت خديجه : شوفوا الواد ..انا السبب ازاي يعني هو انا اللي كسفتها..!
لؤي مدافعا : ما هو كله بسبب الكلام اللي قولتيه قبل شويه ، هو انا هاكل بنت اختك دي زي اختي ...
خديجه : ربنا يهديك يا بني ...
يحيى : ابقى اعتذرها على الي قولته ما انت عارف هي اد ايه حساسه عشان وزنها..
لؤي بحنق : حاضر من عنيا ، انت تؤمر و احنا فالخدمه ، ما انت مفيش زيك اتنين..
عبدالرحمن بغضب : عيب عليك تكلم اخوك الكبير بالاسلوب ده ..و فوجودي كمان !
لؤي : لا اله الا الله ، هو مفيش حاجه بقولها تعجب..
يحيى : معلش يا بابا ده بيهزر متاخدش فبالك
لؤي : انت بجد مستفز
يحيى : هي طالبه خناق معاك عالصبح و لا ايه
عبدالرحمن : سيبك منه يا يحيى ، ده ممنوش فايده ..و الحمد لله اتسدت نفسي..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
نهض عبد الرحمن فاتجاه الصاله ليقرأ الجريده كعادته ، و بقى كلا من يحيى و لؤي .
نظر يحيى أمامه لتتلاقي نظراته بأخيه ليرى الألم في عينيه ، لثوان لمح ضعف أخيه و حاجته لكلمة ثناء او شكر من والده ، و لكنه سرعان ما أخفى تلك النظره و حل مكانها نظرة اللامبالاه ..
و في محاوله منه لتخفيف حدة الموقف و الذي تأزم بدون سبب واضح ، قال يحيى : انا اسف مكنش لازم انتقدك ادام بابا انا عارف انه قاسي عليك بزياده بس انا متأكد هو بيعمل كده عشان مصلحتك...
قاطعه لؤي : بس يا يحيى الله يخليك ، انا مش محتاج شفقه من حد و بكره هاقدر اثبت نفسي و يعرف ازاي كان غلطان فحقي ..
أومأ يحيى ثم قال : اقولك حاجه و متزعلش مني..
لؤي بامتعاض : قول و اشجيني
يحيى : اهو... شايف اسلوبك ، ده اللي كنت هقوله ، انا حاسس انك بقيت مش طايئلي كلمه و كأني عملت حاجه زعلتك ، لو مدايق مني فحاجه يا ريت تفضفض و تقولي ، و انا اوعدك مش هازعل..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
كلمات يحيى كانت كالسوط تجلد ضميره ، فأخيه لم يخطىء يوما في حقه بل على النقيض دوما ما وقف بجواره في أحلك لحظات حياته تعاسه ، عندما أتاه خبر رسوبه للمره الثانيه في الثانويه العامه ..
تحسر لؤي على تلك الأيام ، فحينها و رغم المصيبه التي حلت به ، كان يكن حبا و احتراما كبيرا لأخيه و لكن اليوم لم يعد ذلك الحب او الاحترام بنفس الدرجه و العله تكمن في مقارنات والده الدائمه له بيحيى ..
شيئا فشيئا بدأت مشاعر أخرى تتسلل إلى نفسه ، و أبرزها و أشدها هي النقمه عليه و على حب و احترام والده له ...
قال لؤي شاعرا بالضيق : ابدا مفيش حاجه معينه بس أنا مخنوق شويه مالكليه و معلش بطلع غلبي فيكم
يحيى : طب يا سيدي طلع غلبك براحتك بس سيبك من ديما دي حساسه اوي
لؤي : انا هاقوم اهو وا صالحها
ابتسم يحيى قائلا : انا لو منها مبصش فوشك تاني
لؤي بثقه : لا انسى ديما لا يمكن تعمل كده ، هما كلمتين و آكل بعقلها حلاوه..
و بالفعل توجه لؤي إلى غرفة أخته ليلي ، طرق الباب ، لتأذن له ليلى بالدخول ..
فتح لؤي الباب و قال : معلش يا ليلو انا عارف عندك مذاكره ياما ، بس في حد هنا مقموص و لازم استمسحه
ابتسمت ليلى و قالت : مفيش حد هنا مقموص ، كلنا زي الفل اهو ، و لا ايه يا ديما ؟
قالت ديما المنشغله باحدي الالعاب على هاتفها : اها ، اصلا مفيش حد يستاهل نزعل عشانه
ليلى : شفت محدش زعلان يلى بقى متعطلناش
لؤي و قد فطن لشيء ما : الله ايه الحكايه
ديما : و حياتك يا ليلى تيجي تكملي الLevel ده معايا ....عشان وحش اووووووووووي
ليلى : اها الLevel التاني ، فعلا بشع جدا
ديما : جدا و قليل ذوق و تحسي انه ناقصه تكه و يقلب ليفل بيئه كده
ليلى : لا و بعدين اعتقد الوحش اللي على باب المغاره ده ريحة بؤه وحشه
استرقت ديما النظر لترى لؤي و الحنق يعلو وجهه فقالت : اوووووووووووي
حينها تقدم لؤي و اختطف الهاتف من كف ديما و قال : وحش و مغاره و انتي فاتحه لعبة عروسه و ميكب
مدت ديما يدها لتسحب الهاتف منه و لكنه كان أسرع منها ، رفع معصمه عاليا : وريني هتاخديه ازاي يا اوزعه ..
ديما بحنق طفولي : ليلى خليه يديني الفون بتاعي
ضحكت ليلى و رفعت يديها عاليا باستسلام : انا مليش دعوه ، منك له.. اخلصوا
ديما بتوعد : طيب
و في لحظتها وقفت ديما على كرسي التسريحه و حاولت جذب هاتفها ، ليتراجع لؤي للخلف مما أدي إلى ترنحها ، و كادت أن تسقط لولا التقاط لؤي لها في اللحظه الأخيره .
تشبثت ديما بعنق لؤي خوفا من أن يفلتها و تسقط أرضا ، لتقول بعد أن هدأت : لو سمحت نزلني ..
لؤي مداعبا : استنى اما اخدك لفه كده....
دار لؤي بها في أنحاء الغرفه قائلا : ايه ده فراشه يا نااااس
ضحكت ديما و معها ليلى التي وقفت مستمتعه بمشاكستهما معا ..
وضع لؤي ديما أرضا لتتلاقي عينيه بتوسلاتها الطفوليه ، لتقول ديما : كمان مره كمان مره..
أحست ليلى بثقل نظرات لؤي ، و فطنت لتغير في مزاجه ..
تنهد لؤي ، فقالت ليلي بحزم : كفايه هزار و لعب ، برده يا ديما ميصحش انسه حلوه زيك تلعب مع شحط سئيل زي لؤي..
و وجهت نظره ذات مغزى لأخيها ، ليقول محاولا طمأنه أخته : كمان ايه ! انا ضهري اتقطم منك ، آل فراشه آل..
ضحكت ديما غير واعيه للتوتر الذي ألقى بثقله على المكان : فراشه غصب عنك
قال لؤي : طب يا فراشه حضري نفسك عشان هاخدك معايا للكليه و امري لله..
ديما بمرح : هييييييييييه يعيش لؤي يااا.. يااعيش
ليلى بضيق : طب اهون عليكي و تسيبني لوحدي ..
لؤي مقاطعا : ليلى ... متقلقيش كلها كام ساعه و ترجعلك ...
عقدت ليلى ذراعيها على صدرها قائله : طب خلي بالك لحد يدايق ديما ..
ثم قرصت وجنة ابنة خالتها و أضافت : هي هتفضل بالنسبالنا طفله كيوت بس الشباب فالكليه اكيد هيكونلهم رأي تاني..
فطن لؤي لتلميح ليلى فقال بحزم : ليلى مفيش داعي توصيني ..
ليلى : اتمنى تكون فاهم بجد..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أمضت فاتن الساعه الماضيه في التنقيب داخل خزانتها لانتقاء أكثر ملابسها احتشاما ، و بعد جهود مضنيه استقرت على ارتداء بلوزه ذات أكمام طويله و لون أخضر يوحي بالوقار ، و رافقتها بتنوره شانل طويله و فضفاضه ، ثم عادت لتنظر ف المرآه محدثه نفسها : اشطه ، بس على الله نعجب..
أنهت تدقيقها الأخير على مظهرها ثم اندفعت باتجاه باب الشقه ، لتنظر من العين السحريه مترقبة خروج يحيى في أي لحظه الان.
بعد ثوان لمحته يخرج من الشقه المقابله ، لتتوتر أعصابها ، أخذت نفسا عميقا ، ثم أدارت مقبض الباب و خرجت لتتلاقى أعينهما قبل أن يشيح بنظراته عنها سريعا و يكمل طريقه إلى المصعد.
تبعته بخطى سريعه علها تغتنم فرصه استقلالهم المصعد لتعتذر منه عما بدر منها البارحه ، و لكن لسوء حظها تعثرت قدامها بطرف تنورتها لتسقط أرضا محدثه صوتا جعله يتسدير ملقيا نظره خلفه ..
شعرت فاتن بالاحراج الشديد و البلاهه ، و على الفور نهضت و عدلت هندامها ، لتتلاقى أعينهما مره أخرى في حوار صامت، هي تتدفق عيونها حرجا و من جانبه عيونه تخبر بقلقه عليها ، و لكن كما فعل قبل قليل أشاح بنظره عنها و استدار مكملا مسيره .
لتتبعه بدورها ، و لثوان وقفا جنبا لجنب في انتظار وصول المصعد ، أحست فاتن بالعجز و بأن لسانها مكبل ، فهدوءه يوحي بأنه يخفي غضبا كبيرا ..
همست بصوت خافت: يحيى
ألقى عليها نظره جانبيه ، ثم عاود تحديقه في باب المصعد و كأنها لم تنبس بشفه
استقلا المصعد بعد ثوان في صمت ، لتستجمع فاتن شجاعتها حين ايقنت انه لن يبادر بالحديث قالت بسرعه وعيناها معلقتان بازرار المصعد : انا اسفه ، بس والله دي اول مره البسه و كنت فاكره اني لابسه البيجامه بتاعتي و الله ما خدت بالي ..
نظرت إليه لتلاحظ عبوس حاجبيه و توتره الشديد ..
عادت لتقول: والله نسيت مكنش قصدي و بعدين مفروض انا اللي ازعل على نفسي و بصراحه مش فاهمه انت مأفور الموقف كده ليه .. هو انا اللي شفتك فوضع مش تمام و لا العكس
تمتم يحيى بخشونه: فعلا سؤال وجيه ، هو انا ليه مأفور الموقف ، عادي جدا طبعا ده بالنسبالك لان الظاهر دي سمة عيشتك كلها ، كله عادي و اشطه و فاللذيذ و مكبره اوي حضرتك
تذمرت فاتن مبديه انزعاجها من اتهاماته : مش هتبطل طريقتك دي ..
ليرد يحيى بلامبالاه : تحبي اقولك خبر حلو ، مبقتيش مضطره تتحملي طريقتي دي ، لاننا خلاص اوفر انتهينا
فغرت فاتن فاهها مصدومه فللمره الثانيه يتخلى عنها بكل سهوله ،و تألمت بشده ، فلقد ظنت أن مشاعره تجاهها أقوى من أن تنهى لمجرد سوء تفاهم ...
و لكنها تصنعت عدم الاكتراث و قالت : طيب براحتك
وصل المصعد للطابق الارضي ، ليخرجا كلا في طريقه ، و على ناصية الشارع وقفا بعيدان كلا عن الاخر ، ليعودا و يلتيقا في نفس الحافله ..
جلست فاتن بجوار النافذه كعادتها ، و جلس هو في اخر الحافله على غير عادته ..
تنحنح أحدهم ، لترفع عيناها في تساؤل نحو الشاب الواقف بجوار مقعدها :ممكن اعد هنا لو ميدايقش حضرتك
حركت فاتن كتفيها بلامبالاه .. وقالت : اتفضل هو الاتوبيس ده بتاعي عشان تستأذن مني
جلس الشاب قائلا : اصلك دايما بتقعدي جنبه
فاتن بحده : نعم !
ارتبك الشاب و قال : اسف مش قصدي ادايقك ، بس كويس انك اديته استمارته ، اصل شكله خنيق اوي
فاتن بحده : من فضلك تخليك فحالك ، فاهم
الشاب بتردد : والله انا بس قلبي عليكي
نهضت فاتن من مقعدها قائله : حاجه تقرف !
و جالت بعينيها باحثه عن مقعد خال ، لم تجد مقاعد خاليه سوى في الصفوف الاخيره حيث يحيى ..
و حينما تلاقت نظراتهما للمره المليووون ، اشاح وجهه بسرعه ، لتستفزها حركته و دون ان تفكر ، تقدمت و جلست بجواره .
لم يصدر منه اي رد فعل ، ليتمكن منها الغضب و بشده من تجاهله و لامبالاته تجاهها ، و اخذت قرارها ..
قالت بتهور: انت فاكر نفسك مين ، شويه هتموت و تكلمني و شويه عامل نفسك من بنها ، انا مسحملكش تعاملني بالاسلوب ده ، انت فاهم
أدار يحيى راسه و قال ببرود : ما قلتلك مش مضطره تتحملني لا انا و لا اسلوبي ، انتي مبتفهميش قلتلك احنا خلصنا ، كنت اتهفيت فنافوخي و دلوقت فُقت ، ماشي يا نجمه
شهقت فاتن و الدموع تترقرق في مقلتيها من وقع كلماته : انا اللي حماره اني صدقت واحد زيك
ضعف يحيى امام دموعها ليقول : طب بتعيطي ليه دلوقت ، خلاص خلصتي مني و من اسلوبي
قالت فاتن غير عابئه بكرامتها التي دهست قبل قليل من وقع كلامته : بس انا مش عايزه اخلص منك ووالله انا مش وحشه حتى شوف...
عبثت بحقيبتها و اخرجت مغلفا ورقيا و قالت : خود افتحه
تناول يحيى المغلف منها و فتحه بتردد، لتقول : انا قطعته ميت حته و مش هالبس حاجه كده تاني بس متزعلش
نظر يحيى لمحتويات المغلف ليجد قطع صغيره جدا من القماش الزهري اللون ، نفس اللون الذي ظهرت به على الكاميرا البارحه.
أضافت فاتن :و كمان البنطلون رميته فالزباله وأي حاجه مش عجباك مش هاعملها...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
لم يستطع يحيى أن يقاوم التوسلات التي احتلت عينيها ، بالرغم من إقناع نفسه في الساعات الماضيه ..مرارا و تكرارا بأنها غير مناسبه له قط ، و لكن تأثيرها عليه من الواضح أنه أقوى من أي منطق ،
فقبلها كانت جدران قلبه خاليه ، تنتظر تلك الساحره التي ستأتي يوما لتسطر فيها بمثاليه قصة حبهما كما تخيلها.. واقعيه ...سلسله... خاليه من المطبات ..
و لكن الواقع شيء مخالف تماما ، فساحرته بعيده كل البُعد عن المثاليه ، و بأخطائها حفرت أول سطر في تلك الجدران ... "الحب لا يتبع أي قوانين..."
فرك يحيى جبينه و قال باضطراب : انااا مش عارف ...
حدقت فاتن فيه بخيبة أمل : خلاص فهمت ..
قاطعها يحيى و علق قائلا : فهمتي ، طب يا ريت تفهميني ...
بدت الحيره على وجه فاتن ، ليقول : لو احنا الاتنين اصلا بنفهم مكناش ...
صمت قليلا لتحثه فاتن على المتابعه : مكناش ايه ...
ابتسم يحيى قائلا : مكناش كل شويه نتخانق ، المفروض لما حد يزعل مالتاني يعاتبه و نتكلم و نحل المشكله.
فاتن بسخريه : و الله ..
يحيى : اها
فاتن متصنعه البراءه : طب ممكن اسألك سؤال رفيع كده ؟
يحيى : طبعا
فاتن : ايه رأيك في اللي يقول حاجه و يعمل عكسها ..
يحيى : ده شخص اكيد مش متوازن و مش عارف هو عايز ايه
فاتن مؤنبه : طب ليه بتعمل كده ، ليه على طول مستنيلي غلطه ..
قاطعها يحيى : انا عارف اني قسيت عليكي اوي ، بس و الله غصب عني ، انتي يمكن لسه مش مستوعبه احنا مختلفين عن بعض اد ايه ، و حاجات كتير ممكن تقف فطريقنا مش وقت اقولها ، بس امبارح مكنش بس الموقف اللي تعبني ، هي حاجات بفكر فيها من يوم ما عرفتك بتقولي اننا هيكون صعب اوي نكمل ..
لتقاطعه فاتن بدورها : ياااه كل ده ، طب خلاص يا سيدي انا بعفيك من التعب ده كله و خلينا صحاب احسن..
تذمر يحيى قائلا : اهو انتي كمان لما حسيتي انه صعب اخترتي الطريق السهل و اننا نسيب بعض..
فاتن مدافعه : امال هقولك ايه ، انا جيت عكرامتي كتير اوي عشانك ، و طالما مش مستريح انا احبلك الراحه برده ...
يحيى : يا ستي افهميني... افهميني ، انا بفتحلك قلبي مش بشتكيلك منك ، عايزك تفهميني و لو حصل موقف زي امبارح تقدري تستوعبي اني ممكن اتصرف او اقول حاجه مش حاسسها بس غصب عني..
أومأت فاتن : دلوقت فهمت بس يا ترى انت كمان هتفهم ..
عقد يحيى حاجبيه و قال بخيبه : تقصدي التمثيل مش كده
فاتن : ايوه ، انت كمان لازم تفهم انا هاعمل كده ليه ...
يحيى بنظره اتهاميه : هتعملي كده ليه ؟
فاتن : هو انت لو مامتك او باباك طلب منك حاجه و الحاجه دي لو معلمتهاش ممكن يحصلهم مشاكل كتير ، هتعملها و لا لا .
يحيى : و انتي لو معملتيش المسلسل هتحصل مشاكل لمامتك ازاي يعني !
توقف الباص ، لتعض فاتن على شفتيها قائله : يي وصلنا ، بس انا ممكن ازوغ عشان نقدر نكمل كلامنا.
يحيى بحزم : لا احضري انهارده ، انتي ناسيه لازم تتابعي المحضرات اللي فاتتك ..
فاتن : انت متفاؤل اوي ، مش يمكن ميقبلوش طلبي و اكون تعبت نفسي عالفاضي ..
يحيى مبتسما : انا بقى متأكد انك هتتقبلي و يلا عشان اوصلك ..
ضحكت فاتن ، و تبعته لينزلا سويا من الباص : طب احنا لازم نكمل كلامنا
يحيى : هيحصل متقلقيش ..انا هاكلمك انهارده و نتفق..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أومأت فاتن شاعره بثقل كبير يجثم على صدرها ، فبعد قليل ستتوجه إلى الاستديو الخاص بالمسلسل لتقف أمام الكاميرا لاول مره ...و لكن على الأقل ستكون والدتها بجوارها ، سخرت فاتن من كلامتها الأخيره ، ف قط ما كانت انجي الشريف يوما بجوارها ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أغلقت نوف المحادثه مع أنس شاعره بالقرف الشديد من نفسها ...و دون أن تعي تساقطت عبراتها مبلله وجنتيها ، لم تع كيف سولت لها نفسها بأن تطاوعه و تنفذ طلبه الأخير ، ان ترتكتب تلك الخطيئه بحجه امتاعه و غض بصره عن الحرام ، و كأن ما تفعله معه يندرج من ضمن الحلال ، فركت عينيها بقوه و عزمت على وضع حدود و قوانين جديده في علاقتهم ، فما حدث قبل قليل لن تكرره قط..
نهضت من فراشها حيث ارتكبت أكبر خطيئه في حياتها ، و عزمت على التوبه ، نعم ، فالله غفور رحيم و حتما سيقبل توبتها ، المهم عدم العوده مره أخرى لنفس الذنب.
دلفت إلى الحمام ، اغتسلت و توضأت لتصلي لمن يغفر الذنوب جميعا..
أنهت صلاتها ، و توجهت إلى النافذه لتناجي ربها و رفعت نظرها للسماء ، ولكن استوقفها خيال أحدهم يمشي في الحديقه ، تابعت حركته ، إنه تركي يحمل بيده سجادة الصلاه ..
ارتكزت بمعصمها على النافذه و شاهدته يصلي ، ابتسمت و في نفسها تتساءل ترى ماذا يفعل أنس الآن ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
قبعت ليلى في غرفتها ، واعيه بما يدور في صالة شقتهم المتواضعه ، حيث يتفق والدها مع تميم على موعد نحرها ، عفوا زفافها ....
تنهدت ليلى شاعره باليأس الشديد ، فقصتها لن تكون كالأميرات في الأساطير ، فالأمير المنقذ ليس بيده حيله ، و الأميره النائمه ستستيقظ قريبا على واقع مرير ، حتى و إن أُذيبت فيه كل ملاعق السكر سيبقى غير مستساغا في فمها .
نظرت ليلى إلى جهاز حاسوبها يضيء مره تلو الأخرى برسائل كِنان ، و لكن ما الفائده المرجوه من الحديث معه ، سيعلقها بأمل من الصعب تحقيقه ، على الأقل الآن وصلت لمرحلة اللامبالاه ، فما عاد زواجها من تميم يخيفها بقدر ما تخشى أن يزرع كِنان في نفسها الأمل مره أخرى لتفيق بصدمه على واقعها المرير...
همت باغلاق الحاسوب لتعود و تفتح حسابها على الفيس بوك ، لم تكلف نفسها عناء قراءة رسائله ، مالجدوى، لكن ضميرها يحتم عليها أن تريحه ولو باجابه فكتبت : كنان معدش ينفع خلاص ، أنا يئست من كل حاجه و مفيش أمل ، بلاش تضيع وقتك معايا ، شوف حالك يابن الناس، انا مش فارق معايا خلاص هاتجوزه و اللي ربنا كاتبه انا راضيه بيه
أتاها الرد سريعا : كدابه ، منتيش مش فارق معاكي ، طالما يئستي يبقى في جواكي حاجه لسه بتتحرك لسه بتعاتب و يمكن بتصرخ ، عايزه حد يحس بيها .. يقف جنبها ، و انا الحد ده يا ليلى ، انا مش هاسيبك و هنلاقي حل و مش هتتجوزي تميم و حياتنا كلها هتبقى فارقه معانا ، و ساعتها بجد اللي ربنا كاتبه هنرضي بيه لاننا مضعفناش و دافعنا عن حقنا ، و دلوقتي مش طالب الا انك تؤمني بينا شويه ، طالما مش فارق معاكي يبقى مش هتخسري حاجه ، انا خلاص نويت اخد خطوه بس محتاجك جنبي ، هديكي من هنا لبكره تفكري ، فكري كويس اوي ، دي حياتك كلها متستحقش انك تحاربي عشانها ، مستسحقش انك تلغي الخوف شويه ، و صدقيني اللي يزعل منك انهارده اكيد هيجي يوم و يرضي ..
أغلقت ليلى حاسوبها ، و تمددت على فراشها و كلمات كِنان تتردد في جدران عقلها ، .." اللي يزعل انهارده هيجي يوم و يرضى..."
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أنهت فاتن تمثيل أول مشهد لها في المسلسل ، تنفست الصعداء فلم تكن التجربه بالسوء الذي توقعته...
قالت انجي : ها يا جميل ، ايه رايك ..
فاتن : مش صعب اوي ...
انجي مقلده لها : مش صعب اوي ... طب استعدي بقى للمشهد اللي جاي هيكون مع باباكي ..
أخذت فاتن نفساعميقا وقالت بتأثر : بابا ..
ربتت انجي على شعرها قائله : بابا المسلسل ، و عايزاكي بقى تستحضري اللحظه اللي فاتت و تتعاملي كأنه بباكي بجد ، اوكشن يا قمر..
هزت فاتن رأسها ، و تتبعت أوامر المخرج ، حيث ستقف الآن في ديكور الصاله ...
دخلت في الكادر مع الممثل الذي سيقوم بدور والدها ، و فور سماعهم اشارة المخرج ، ابتدأ الممثل بالقاء الحوار الخاص به ...
و كذلك فعلت فاتن .. لتفاجأ في نهايه المشهد باقتراب الممثل منها و احتضانها ..
تصلبت فاتن بين ذراعيه ، و حين أعلن المخرج انتهاء المشهد ، تدفقت دموعها بغزاره بعد أن أفلتها أباها المزيف ...
اقتربت انجي منها قائله : الله شكلك اندمجتي اوي يا حببتي تعالي نعد فالاستراحه و هاجبلك حاجه تشربيها ..
تبعت فاتن والدتها ، و جلست منتظره اياها ، لتعود بعد دقائق حامله معها كوبا من الماء ، ناولتها الكوب و قالت على عجاله : مش عايزاكي تندمجي اوي ، اصلا المشهد مكنش يستدعي انك تعيطي ، ها ..
خليكي كيوت و لذيذه و دورك البنت الشقيه مش النكديه ، متنسيش ...
شعرت فاتن بخيبة كبيره ، فوالدتها لم تفهم سبب بكاءها ، و ربما لن تفهم أبدا ..
قالت محاوله توضيح موقفها : انا مكنتش عارفه انه هيحضني .. انتي قولتي مش هيكون في حاجات كده
ارتبكت انجي و قالت : اه طبعا ، بس ده باباكي مش حبيبك يعني عادي ، الممثل ده قدير و راق جدا و المشهد مفهوش حاجه خارجه و لا عيب ، اب بيحضن بنته عادي يا حببتي ، متأوفريش بقى
و نهضت مسرعه : يلا بقى انا مضطره امشي عشان عندي اوردر فيلم جديد ..
فاتن بدهشه : الله ،فيلم ايه ، انتي مش قولتي معدش بيجي ادوار كتير ليكي
انجي بغضب : و جاني دلوقت فيلم ، ايه مالك ، هتُقفيلي عالكلمه ، ده انا كنت بعمل 3 افلام فوقت واحد
فاتن : مش قصدي ...بس المخرج بيقول مش هنخلص الا 2 الفجر هاروح ازاي لوحدي..
انجي مطمأنه : المنتج وعدني بعربيه مخصوص ليكي هتجيبك كل يوم و تروحك ..
فاتن : اه صحيح هو مين المنتج ؟
انجي : هيكون مين يعني ، خميس
↚
¤ حين يتقابل المستحيل مع الجنون ¤
----------------------------------------------------
" مين الست اللي مش لابسه دي"
سألت ديما بعد أن اقتربا من المصعد ، حيث تقف سيدة أربعينيه ترتدي فستانا عاري الأكمام ، و بالكاد يغطي ركبتيها ، عدا أنه يفصل كل شبر من جسدها الممتلىء نوعا ما ..
ابتسم لؤي : دي انجي الشريف ، جارتنا النجمه ...
تصنعت ديما الدهشه و قالت : انجي الشريف بتاعة فيلم "جعلوني راقصه .."....
انفجر لؤي ضاحكا على اثر كلماتها : حرام عليكي بقى في فيلم اسمه جعلوني راقصه بردو
اقترب الاثنان من المصعد ، لتهمس ديما بغيظ : غض البصر عيب عليك
همس لؤي : بس يا مفعوصه... دي اد امي
ديما بحنق : امك ... !
لكز لؤي ديما لتكف عن الحديث حين اصبحا وجها لوجه مع إنجي ، و قال محييا: ازيك يا مدام انجي و ازاي فاتن ؟
انجي : تمام ، بس انت ابن حلال اوي..، انا كنت عايزاك فموضوع مهم ..
لؤي : خير...
انجي : مش هينفع و احنا واقفين كده ، اتفضل عندي و هافهمك...
تدخلت ديما : يتفضل عندك فين يا ست انتي...
نهرها لؤي بشده : ديما ، عيب كده
ثم وجه حديثه لانجي : معلش اعذريها دي عيله ...
ضحكت انجي و قالت : ايه يا حلوه انتي بتغيري عليه ، ده احنا هنتكلم فشغل متقلقيش ..
حاولت ديما الرد و لكن لؤي اسكتها هامسا : لونطقتي كلمه تانيه عمر لساني ما هيخاطب لسانك
سكتت ديما مغتاظه
لتقول انجي بعد أن لاحظت التوتر السائد بين لؤي و رفيقته : طب اديني الرقم بتاعك و هاكلمك اشرحلك..
أومأ لؤي مسجلا رقمه في هاتف انجي و قال : كلميني فاي وقت انا فالخدمه
انجي : ميرسي اوي..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
احيانا تضعنا الحياه في مفترق طرق ، لا ندري أين منها نختار لنكمل مسيرنا ، فجميعها طرق شائكه بشكل او آخر ، و لكن في النهايه علينا أن نقرر ، لاذت ليلى بالصمت مستمعه لحديث والدها عن الاتفاقات التي ابرمها مع تميم بخصوص زفافهما ، و تساءلت ، هل حان وقت الاستسلام ، و عليها الان أن تعبر الطريق الذي سارت به الكثير من الفتيات و اللواتي عبرنه ظنا منهن أن رأي الاهل دوما على صواب ، حتى و إن شعرن في قرارة أنفسهن بأنه ليس الطريق الصحيح.
أنهى عبدالرحمن حديثه قائلا:انا عارف انتي بتفكري فايه ، بس انا ادرى بمصلحتك يا بنتي..!
ابتسمت ليلى مجامله والدها :ربنا يخليك لينا يا بابا..
و انصرفت إلى غرفتها متيقنة ان ساعة الاستسلام قد دقت لامحاله
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
عندما أخبر فاتن بأنه سوف يحادثها ليكملا نقاشهما ، لم يكن يتوقع أن يكون يومه حافلا في الشركه ، حيث يستعد مالك للسفر ، مما اضطرهما إلى إعادة توزيع الأدوار في الوقت الراهن و الذي استغرق وقتا طويلا ، و مع غياب أنس تأزم الموقف ..
كانت الساعه الواحده بعد منتصف الليل حين خروجه من الشركه ، و اذا أراد محادثتها الآن سيوقظها من نوم عميق على الأرجح ، لذا اختار أن يرسل برساله يعتذر فيها لانشغاله عنها ..
بعث الرساله ، ثم وضع الهاتف في جيبه ، بعد لحظات ، أعلن هاتفه وصول رساله جديده ..
ابتسم مندهشا من سرعة ردها ، و أخرج هاتفه ليقرأ رسالتها ...
"معلش سماح المرادي ، أصل انا كمان مشغوله برده"
بعث يحيى محتارا : " مشغوله بايه فالوقت ده احنا 1 بليل "
ردت فاتن بسرعه : " شغل "
اعترى يحيى قلقا بالغا بعد قرائته لرسالتها الأخيره ، لذا طلبها على الفور ...و على الفور أجابت..
فاتن : معلش مش هاقدر اكلمك دلوقتي ، المخرج هيزعقلي ..
يحيى بغضب : ده اللي اتفقنا عليه ..
فاتن : يحيى الله يخليك انا مش ناقصه ، بجد اليوم ده كان صعب اوي متصعبهوش بزياده ..
تنفس يحيى بعمق محاولا تهدئة تيار الغضب الذي سرى في شرايينه ، ثم قال بانفعال : طب انت هتروحي ازاي دلوقت ؟
فاتن : أصل لسه كمان ساعه عبال ما نخلص
يحيى بتوتر : هي مامتك معاكي ؟؟
فاتن : لا مشيت و انا مضطره اقفل المخرج بينده عليا
يحيى صارخا : استنى ... انتي فين ، ايه العنوان بسرعه
فاتن : لما اخلص هاكلمك ...
هم يحيى بالصراخ عليها و لكن شريط التسجيل أعلن أن هاتفها مغلق..و معه أغلقت كل ذرة تعقل بقيت لديه..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
عضت ديما على أظفارها من شدة الغيظ ، لتقول ليلى المستلقيه على فراشها : مش هتنامي الساعة قربت على واحده ؟
أشعلت ليلى المصباح المجاور لسريرها و قالت : مالك ، هطقي من جنابك كده ليه .؟
تركت ديما أظفارها و التقطت خصله من شعرها الطويل لتلفها حول معصمها و قالت : نفسي أقص شعري و اعمل نيو لوك و ابقى انسه كبيره ومُزه كمان
ضحكت ليلى لاجابة ابنة خالتها الغير متوقعه : و ده من ايه يا حاااااجه ، اعده مبوزه من ساعة ما جيتي عشان نفسك تعملي نيو لوك ، انتي يا بت مش المفروض تكوني قلقانه على باباكي ..
قاطعتها ديما قائله بسرعه : بابا كويس الحمدلله ، ومااما مش بتفارقه مفيش داعي اقلق نفسي و بعدين انا بدعيله و انا بصلي و بشوفه كل يوم ، متتحسسنيش بالذنب بقى
ليلى : مش قصدي بس انتي كأنك فدنيا تانيه ، او حاطه فدماغك حاجه معينه ، اسمعي يا بت انتي ،هو انتي In Love ولا عندك سخونيه باين
ابتسمت ديما : ان لوووووووووف ، يارب يارب قريب اكون ان لوف و ان خطوبه و ان جواز و كل الحاجات ديه
ضربت ليلى كفا بكف و قالت : شوف ازاي ، ده انا و انا ادك..لا ده حتى و انا اكبر منك بسنتين تلاته كل تفكيري كان بينحصر ازاي اقنع يحيى و لؤي يسبولي الريموت عشان اتفرج على هانا مونتانا
ضحكت ديما بسخريه : عليا الكلام ده انتي كنتي مخطوبه وانتي اصغر من كده
ليلى بحسره : اه بس مكنتش هموت عالجواز و الخطوبه ، برده تفكيري كان طفولي
ادركت ديما أنها تسبتت في تكدير ليلى ، لذا حاولت تلطيف الجو ، فقالت بمرح : هانا مونتانا ، طب ايه رأيك بقى ان البت اللي كانت بتمثل الدور عملت زي ما انا عايزه اعمل بالظبط ..
سألت ليلى بحنين لتلك الأيام الخاليه من الهموم و ليس فضولا عن تلك الممثله : عملت ايه ، انا بطلت اتابع اخبارها من فتره طويله
نهضت ديما و توجهت حيث حاسوب ليلى و قالت : انا هاوريكي عملت ايه
أحضرت اللاب توب و جلست بجوار ليلى : استنى دلوقت اعملك سيرش و تشوفي بنفسك
كتبت ديما اسم الممثله على صفحة جوجل للبحث ، لتظهر صفحات و صور عديده ، نقرت على احداها و قالت : شوفي بقت ازاي..
جالت ليلى بنظرها على الصور المعروضه لمن كانت يوما قدوة لها ، في البدايه قصت تلك الممثله شعرها قليلا و اصبحت ملابسها اكثر جرأه ، و لكن في الصور الاحدث تغيرت كليا ، لتقول ليلى بحسره : دي قتلت براءتها بايدها
قالت ديما : سيبك من الصور الاخيره و هي قالعه خالص ، بس للي قبل لما غيرت نفسها من البنوته الكيوت للبنوته الناضجه ، شوفي بتبص لحبيبها ازاي
زفرت ليلي بضيق و أغلقت شاشة الحاسوب و قالت:يا ريتني ما شفت حاجه ، على الاقل ذكراها كانت هتفضل حلوه بس دلوقت كل حاجه اتشوهت حتى الذكريات مبقاش ليها طعم زي الاول
ربتت ديما على يد ليلى و ازاحت الحاسوب و اقتربت منها محتضنة اياها بشده ، لتجهش ليلى بالبكاء ...
رددت ديما : انا اسفه مكنتش اعرف انك بتحبيها اوي كده
انتزعت ليلى نفسها من حضن ديما و قالت:انا مزعلتش بسببها ، انا بس افتكرت الدنيا كانت عامله ازاي و انا صغيره و دلوقت ازاي كل حاجه اتغيرت و خايفه بكره لتتغير اكتر و اكتر
أومأت ديما ، لتقول ليلى محاولة تغيير مجرة الحديث:تعرفي انا لو جتني بنت مش هخليها تتفرج عالمسلسلات زي بتاع هانامونتانا
ديما بحيره : ليه بقى !
ليلى : عشان المبادىء و الافكار اللي بيعرضوها الاجانب مش مناسبه لعادتنا و ديننا و انا من حسن حظ اهلي مكنتش بجري و اقلد البنات اللي فالمسلسلات و الافلام اللي بحضرها..
اصغت ديما لحديث ابنة خالتها غير مقتنعه بحرف واحد مما قالته ، فالفتيات فالمسلسلات الاجنبيه يعرفن مايردن و يسعين بكل ما اوتين من وسائل لتحقيقه ، و في النهايه يحققنواحلامهن بغض النظر عن الوسيله
اما ليلى فقريبا سترتبط و لنهاية عمرها بذلك البشع المدعو تميم ، لو كانت لديها ذرة عقل او حكم جيد على الامور لكان احرى بها ان تقلد تلك الفتيات ...
همست ديما لنفسها : انا عمري ما هغلط غلطتك يا ليلى و اكتب على نفسي التعاسه لبقية عمري ، و مش هاضيع اللي بحبه عشان شوية عادات و تقاليد باليه ، و مش مهم ان انا اللي اكون المبادره فمشاعري ، مش مهم ، المهم النتيجه...
قالت ليلى منهيه حديثها : انتي عارفه يمكن انا السبب فاللي انا فيه دلوقت ، يمكن لو مبعتش طلب صداقه له مكنتش هعلق قلبي بيه عالفاضي ، برده انا عملت زيهم و اتاثرت شويه بيهم و ابتدت حاجه غلط ، بس من حسن حظي انه طلع انسان كويس ، عشان كده انا هاخد بالي من بنتي اوي اوي
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
تنفست فاتن الصعداء بعد أن أعلن المخرج انتهاء التصوير موصيا الجميع بالالتزام بالموعد غدا ، توجهت إلى غرفة الملابس لتغيير ثيابها و الاستعداد للعوده إلى البيت..
دق أحدهم الباب ، لتقول فاتن : ثوان بس..
أنهت ترتيب هندامها ، و فتحت الباب لتواجه برجل ذو قامه متوسطه و لحيه خفيفه ، بادرها قائلا:العربيه جاهزه و اتفضلي معايا هاوصلك للبيت يا هانم
شكرته ممتنه و تبعته للخارج حيث تقف السياره ، فتح الباب الخلفي قائلا:اتفضلي حضرتك.
دلفت و جلست في المقعد الخلفي ، ليغلق خلفها الباب و يتوجه بدوره إلى مقعد القياده..
أرخت فاتن جسدها على المقعد لتنال قسطا من الراحه بعد أن أمضت يومها تتبع أوامر المخرج و الفنيين ، و تمنت أن يكون الأمر أكثر سهوله غدا..
قاطع استراخائها صوت اغلاق الباب ، الذي لم تنتبه لفتحه من شدة ارهاقها ، أجبرت نفسها على النهوض من وضع الاسترخاء الذي نعمت به قبل قليل ، لتفاجأ باحتلال خميس المقعد بجوارها...
و تلقائيا وضعت يدها على مقبض الباب و لكن انطلقت السياره في مسيرها مانعة إياها من الترجل و الهروب من صحبة ذلك البغيض الجاثم بجوارها..
ابتسم خميس قائلا :ايه انتي خايفه مني ، ده انا عملت الهوليله دي كلها عشان خاطر عيونك...
شي ء ما في كلامه ، جعل نواقيس الخطر تدق في رأسها ، هدأت من روعها و سألت بلطف : تقصد ايه مش فاهمه ؟
خميس بخبث : الله هي الست الوالده مقلتيكيش
فاتن بضيق : تقولي ايه ؟
خميس مبتسما : المسلسل ده انا قبلت انتجه لما قالتلي ان نفسك تمثلي و تبقي نجمه ، و اي حاجه نفسك فيها انا ماعلين دي قبل العين دي ، بس ننول الرضا يا جميل
لم تصغ فاتن إلى بقية ثرثرته ، فلقد صدمت من تصرف والدتها و التي تعرف تمام المعرفه كم تبغض هذا الخميس، عضت على شفتها السفلى بغيظ و عزمت على الحديث مع والدتها مره أخرى بشأنه ...
كانت غارقه في تلك الأفكار عندما تنبهت إلى اقتراب خميس و التصاقه بجوارها ، لتقول بحنق : لو سمحت كده ميصحش..
قال خميس مبتسما : هو ايه اللي ميصحش...
ابتعدت عنه قدر ما سمحت لها المسافه المتبقيه بينها و بين باب السياره ، ليقترب منها مجددا ..
أعترتها رجفه قويه ، تنفست بعمق ، ثم لاحظت اقتراب السياره من اشارة المرور ..
قال خميس : شكلك خايفه مني ، بس ليه... ده انا عنيا ليكي
مرت الثوان ببطء شديد حتى توقفت السياره عند اشارة المرور ، استغلت فاتن الفرصه و فتحت الباب و ترجلت بسرعه غير مكترثه بما قاله خميس و سائقه ..
انطلقت مهروله بين السيارات لتعبر الطريق إلى الضفه الثانيه ، حيث توجد إحدى المقاهي الشبابيه ، فتحت الباب و دلفت لتجلس على أقرب منضده متاحه ..
التقطت أنفاسها و طلبت كوبا من القهوه عند حضور النادل ، ثم أخرجت هاتفها لتستنجد بوالدتها ..
تأففت عندما وجدت أن هاتف الأخيره مشغول ، ارتشفت قليلا من القهوه التي أحضرها النادل توا و أعادت الطلب مره أخرى لتلقى نفس النتيجه ، وضعت هاتفها على المنضده و بقيت تحملق فيه بشده ، ثم قررت أن تهاتفه كما وعدته ...
حالما طلبته ، رد و كأنه كان ينتظر مكالمتها مما جعلها تشعر بالسوء الشديد..
يحيى بلهفه : فاتن .. انتي فين دلوقت ، خلصتي ..؟
فاتن بضعف : ايوه ، ايوه خلصت بس..
يحيى : بس ايه ..
فاتن : لسه مستنيه اكلم ماما تيجي تاخدني ..بس الظاهر مشغوله و هاضطر استنى كمان
سأل يحيى بضيق : انتي فالاستديو دلوقت
أجابت فاتن بعد أن ترددت لثوان : لا انا اعده فكافيه
يحيى : طب قوليلي اسم الكافيه و انا هاجي اخدك
فاتن : بس الوقت متأخر اوي و انا مش عايزه اتعبك
يحيى بهدوء يخفي الكثير من الغضب : بجد مش وقت تسميع اسطوانات ، اخلصي فليلتك اللي مش فايته دي
فاتن منزعجه : لو سمحت بلاش اسلو..
أرادت أن تقرعه على أسلوبه في الرد عليها و لكن أتاها صوته عبر الهاتف غاضبا ليزيد حجم توترها لهذه الأمسيه المليئه بالمطبات
صرخ يحيى : كافيه ايه ، اخلصي !
أخبرته باسم المقهى ، و ما كادت تفعل حتى أغلق الخط في وجهها
تمتمت بحسره : يا رب عدي الليله دي من غير خناق ، يار ب
ارتشفت المزيد من قهوتها ، علها تعيد إليها بعض التوازن ، فلقد كانت كل ثنيه من ثنايا جسدها تأن من شدة التوتر ، و تدافعت في رأسها أحداث هذا اليوم ، من الجدال الذي نشأ مع يحيى صباحا و كيف كانا على شفا الفراق ، ثم صدمتها من المشهد مع الممثل صاحب دور والدها في المسلسل ليأتي خميس و يزيد الطين بله ، جل ما أرادته الآن أن تمحي اثر لمسة ذلك الرجل عن جسدها و ان تزيل رائحة خميس التي ما زالت تعبق في أنفها ...التفتت تنظر خلفها حينما سمعت صوت اغلاق الباب، لتجد يحيى واقفا يجول بنظره في أنحاء المقهى..
نهضت من مقعدها و سارت باتجاه المدخل ، لتتشابك أعينهما في مطارحة تبدو صامته ، و لكنها محشوه بالتوتر من ناحيتها ، و غاضبه ترسل تقريعا مُبرحا من جانبه..
وقفت أمامه لا تدري ما تقول ، ليتحدث هو مبددا الصمت المربك : اتفضلي اروحك..
هزت فاتن كتفيها ، و قالت بلامبالاه : sorry..
ليهز يحيى رأسه باستهجان : سوري ، ده اللي ربنا قدرك عليه ..
لم تشأ فاتن أن تعطيه فرصه أخرى لتقريعها لذا اختارت أن تظهر لامبلاتها و كأن تأخيرها لهذه الساعه شيء طبيعي و لا يدعو للتذمر من قبله ، و احتارت كيف تناوشه لتتفادى موجة غضبه القادمه لا محاله
فركت يديها و قالت : معلش بقى ، انا اديت الناس كلمه و لازم اكون اد كلمتي و الا هيفتكروني مش بروفيشنال و ..
جذبها يحيى من معصمها ، قاطعا عليها استرسالها في الأعذار ، فتح الباب ليخرج و يخرجها معه ، ثم أفلت معصمها ووقفا جنبا إلى جنب على قارعة الطريق ...
مرر يحيى أصابعه في شعره و قال بعد أن أدار وجهه عنها : انا مش عايز ازعلك ..
استدارت فاتن لتقف وجها لوجه أمامه و قالت : يبقى خلاص خلينا نروح و بكره نتكلم ..
هز يحيى رأسه باستهجان و قال : انتي عارفه انا قضيت الساعه اللي فاتت بفكر فايه ..
فاتن بتردد : في ايه
يحيى مبتسما بسخريه : فيكي ، و فينا ، و عارفه طلعت بايه ؟
صمتت فاتن ، ليقول : ان من الجنون اني اكمل معاكي ، بس من المستحيل إني اسيبك ، قوليلي انتي اعمل ايه !
فاتن بحزن : خلاص مفيش داعي..
قاطعها يحيى بعنف : ايه مفيش داعي اجي على نفسي و دلوقتي هتقوليلي انك جيتي على كرامتك اوي علشاني..
لتقاطعه فاتن بدورها : اسمع انت مش عارف انت عايز ايه و انا خلاص معدتش قادره استحمل اسلوبك ده و مفيش حاجه تجبرني اصلا..
ليعود و يقاطعها من جديد : بالظبط ، مفيش حاجه تجبرك ، و مفيش حاجه تديني الحق إني امنعك تعملي اي حاجه ، مليش حق اقولك سيبي المسلسل ، و لا مترجعيش متأخره و لا تلبسي ايه و لا اي حاجه ، مليش حق حتى اني اقف معاكي هنا وا كلمك ... ولو عملت الحاجات دي ابقى اكبر منافق فالدنيا ، لاني مقبلش حد يعد يتحكم فاختي و هو مفيش بينه و بينها اي صلة رسميه ...
فردت فاتن كفيها أمامها بقلة حيله و قالت بصوت مخنوق : طب انا المفروض اعمل ايه ، انا مبقتش فاهماك نهائي...
ثم رفعت كفها لتوقفه حين هم بالرد عليها و قالت : و مش هاقولك كرامتي ، انا هادوس عكرامتي للمره الالف بس افهم انت ايه اللي يريحك و انا لو اقدر هاعمله ..
فرك يحيى جبينه و قال : الوقت متأخر خليني اروحك و بكره يحلها ربنا
ضربت فاتن الارض بقدمها كالأطفال و قالت بغيظ : لا مش هنروح الا ما اعرف انت عايز ايه و افهم راسي من رجليا
رمقها يحيى بنظرة تحذير و قال امرا : بقولك اتفضلي دلوقت و بكره نتكلم ...!
أحست فاتن بالاختناق الشديد من أحداث الليله و من أسلوبه المستفز معها ، لذا قالت منهاره : مش هاروح معاك..
وقبل أن تسمع رده ، انطلقت لتقطع الطريق ، لم تدر هل تبعها و لم تكلف نفسها عناء المعرفه ، و سارت على غير هدى ، المهم أن تبتعد عنه و عن تلك الضوضاء التي تفتك برأسها بالرغم من السكون النسبي المحيط بهذا الحي الراقي ، توقفت حينما رأت المنتزه و بسرعه كبيره دلفت إليه ، حينها أعلمها بوجوده قائلا بنفاذ صبر : مش هتبطلي شغل العيال ده !
التفتت لتقلى نظره لا مباليه باتجاهه ، ثم قالت : و انا هاقولك نفس كلامك ، منتاش مضطر تتحمل شغل العيال ده ، احنا انتهينا اوفر خلصنا ..فهمت و لاتحب افهمك ..
اتكأ يحيى بذراعه على بوابة المنتزه الحديديه و قال بعناد واضح : طيب اديني واقف هنا لغاية اما تفهميني احنا خلصنا ازاي..؟
لفت انتباههما مرور إحدى السيارات المزينه بالورود و التي تنبعث منها مزامير الفرح ، لتبتسم فاتن قائله بحسره : احنا خلصنا عشان انا مش متخيله انه هيجي يوم و اتزف كده و ابقى عروسه لك ، عشان خلاص معدش ينفع و انت عمرك ما هتسامحيني لانك قفل و معقد و خنيق و خلاص بقى سيبني في حالي ، سبني في حالي..
رددت كلماتها تلك مره تلو الأخرى ، لتدخل في نوبة بكاء مريره، مخفيه شهقاتها بباطن كفيها..
اقترب يحيى منها قائلا : متعيطيش عشان خاطري متعيطيش ..
لم تجد كلماته نفعا في منع استرسال شهقاتها ، ووقف عاجزا و آملا فالوقت ذاته أن تحدث معجزه ما لتوقف شلالات دموعها الآخذه في التعاظم مع كل كلمه ينطقها ليخفف عنها ، لذا آثر الصمت فلربما كان مفعوله أجدى بكثير من الكلام..
أزاحت فاتن كفيها عن وجهها و قالت بصوت مليء بالبكاء : انا مكنتش اعرف مكنتش اعرف ومش عايزه افتكر ، مش عايز افتكر..عايزه امحي الذكرى دي عايزه امحيها...
وضعت يديها على صدرها ، في محاولة منها لاسكات شهقاتها و قالت : كان نفسي يكون هو ، ينفع انت تكون هو ولو لثوان ، انا بس مش عايزه افضل فاكره الذكرى ديه
تمعن يحيى فيها للحظات ، ثم قال بصدق : انا مش فاهم حاجه ، بس هاكون هو لو ده يريحك ..
ثم حاول أن يضفي مرحا على اجابته ليخرجها من الضيق الذي تصارعه : بس بشرط أعرف هو مين الاول و ليه عايزاني اكون بداله...
" فاااااتن .....! "
صاح يحيى مستنكرا حين ركضت فاتن باتجاهه و احتضنته مغلفة عنقه ب ذارعيها و قالت بنحيب يائس : بابا كان نفسي يكون بابا معايا ، كان نفسي هو اللي يضمني ، كان نفسي احس و لو مره واحده بالامان ...
ثم انفجرت ثانيه في نوبة بكاء هستيريه ..
ليربت يحيى على رأسها الجاثم على صدره ،مرتجفا في داخله من المرحله الجديده التي وطآ فيها نتيجه لهذا الاندفاع الذي حل بها دون سبب واضح ، و الأدهى أنه لم يستنكر تصرفها ، من الممكن أن يكون قد شعر بالصدمه في البدايه و لكن صدمته سرعان ما دَبُرت ليحل مكانها مشاعر أخرى ، و أحاسيس لطالما هجاها و ألجمها بوضعها في قمم و احكم اغلاقه بمفتاح الانشغال بأحلامه و تحقيق ذاته ، و لكن أتت فاتنته بكتلة جنونها لتعطيه مفتاحا سحريا ، لتذيقه حلاوة تلك الأحاسيس و لكنه يعلم جيدا انها حلوها زائل لا يدوم ..
لذا عاد إلى رشده و أحل يديها عن عنقه ، و أبعدها عنه برفق ، متفرسا في وجهها و هو يقول : واحد غيري كان فهمك غلط ، و يمكن استغل الضعف اللي انت فيه ، بس مش وقته الكلام ده ، دلوقت خلينا نروح و بكره اوعدك هنتكلم و بهدوء و تفهميني ايه اللي مدايقك للدرجادي
رفعت فاتن كفيها تتحس وجهها الذي تسللت إليه حمرة الخجل من تصرفها الجرىء قبل قليل ..
ليقول يحيى محاولا التخفيف من احراجها : شكلك كنتي ناويه يخادونا شيله بيله فالبوكس ..
ابتعلت فاتن ريقها و همست : اسفه انا مش عارفه عملت كده ازاي..
وضع يحيى سبابته على فهمه في اشاره منه لاسكاتها و قال : خلاص نتكلم بكره و يلا اتفضلي هنروح
أومأت فاتن ، و خطت مع يحيى إلى خارج المنتزه ليقتادها و يستقلا اول سيارة اجرت اتيحت لهما في تلك الساعة المتأخره من الليل ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
استفاق لؤي من نومه على صوت رنين هاتفه ، نظر إلى الشاشه بأعين نصف مفتوحه ، محاولا معرفة هوية المتصل ، تمتم عند رؤيته رقم انجي الشريف : الوليه دي عايزه ايه دلوقت بس..
هم بالنهوض واستقبال المكالمه في الخارج حتى لا يوقظ يحيى ، و لكنه عدل عن ذلك عندما لاحظ سرير أخيه الفارغ..
أجاب بتثاؤب : الو ...
لترد انجي بدلال : ايه صحيتك ..؟
لؤي : يعني بس مش مهم ..
ضحكت انجي برقه و قالت : يبقى سوري اوي انا افتكرت من الناس اللي بتسهر و بتحب الشقاوه..
لؤي مستدركا : لا لا ده انا بحب السهر و الليل جدا ، بس الليله كانت استثناء ، ها خير كنتي عايزاني فايه انا تحت امرك...
انجي : اممممم ما انت لازم تكون مصحصح معايا ها
لؤي : اهو مصحصح ميه ميه
انجي : طيب ، باختصار كده انا شايف فيك خامة ممثل كويس جدا ، ووشك ما شاء الله فوتوجينك ، فايه رأيك لو تمثل معانا دور صغير فالمسلسل اللي احنا بنشتغل فيه
أزاح لؤي الغطاء عنه و هب واقفا من شدة الفرحه : حضرتك بتتكلمي جد ؟
انجي : طبعا ، بس المخرج الاول عايز يعملك اختبار و لو نجحت هتكون معانا في المسلسل باذن الله
لؤي بلهفه : و انا تحت امرك ، لو تحبي نعمل الاختبار دلوقت معنديش مانع
ضحكت انجي : لالا .. شوف انا بكره هاكلمك و ابلغك المعاد و العنوان ، بس انت استعد ها
لؤي مستفهما : يعني احفظ حاجه و امثلها ادام المخرج مش كده
انجي : ميضرش خليك مستعد ...
لؤي : انا متشكر جدا انا مش عارف اشكرك ازاي على الفرصه ديه
انجي : متشكرنيش دلوقت ، استنى اما تتقبل الاول
و انهت انجي المحادثه مجدده وعدها له بالاتصال غدا و اخباره بالتفاصيل .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
تقلبت ديما في فراشها، محتضنة وسادتها باحكام شديد حول معدتها ، لعلها بذلك تُخمد أنين الجوع الصادر منها ، و وبخت نفسها لرفضها تناول السندويتشات مع ليلى قبل قليل ، و ذلك لحرصها على الحفاظ على الحميه الغذائيه التي اتبعتها منذ وصولها إلى مصر ، و مما زاد الامر سوءا امتناعها ايضا عن تناول وجبة كامله وقت الغداء ، حين كان لؤي متواجدا معها في المشفي ، حينها تناولت بضعا من اللقيمات الصغيره خوفا من تكراره للسخريه منها كما فعل على مائدة الافطار في الصباح.
و لكن نداء الجوع انتصر في النهايه ، لتنهض من فراشها ، متوجهة على أطراف أصابعها إلى المطبخ ، كان الظلام يخيم على شقة خالتها ، تحسست ببطء طريقها حرصا منها على عدم ايقاظ اهل البيت ، وصلت إلى المطبخ و أشعلت النور ، فتحت الثلاجه و اخرجت قطعتين من الجبن يكفيان لصنع سندويشا يسد رمقها ..
بحثت عن ارغفة الخبز ، ووجدتها ملقاه على المائده الصغيره في زاوية المطبخ ، التقطت أحد الأرغفه ، ثم احضرت سكينا لتقسمه إلى نصفين ..
أمسكت قطعة الخبز التي قسمتها قبل قليل و تمتمت قبل أن تحشوها بالجبن :" اهو انتي هتبوظيلي الدايت ..بس اعمل ايه جعااانه ..جعااانه .."
" اوبا .بتعملي ايه يا مفعوصه..."
تجمدت ديما في مكانها حين سماعها صوت لؤي الساخر من خلفها ، ابتلعت ريقها و استدارت قائله بمرح زائف : بملا التنك..
ابتسم لؤي الواقف بباب المطبخ قائلا : مين علمك الكلام البيئه ده
أجابته ديما ساخره : الموووجتمع
لؤي: الموووجتمع مره واحده ..
ديما : لا مرتين يا فكيك ...
ثم أضافت : و خد جنب عايزه اذهب لاوضتي..
ضحك لؤي و قال : تذهبي لحجرتك مش اوضتك ..
رفعت ديما ابهامها في اشاره منها إلى صحة قوله و أضافت : انت ميه ميه ، يلا بقى خود جنب عشان اكمل مسيري
ابتسم لؤي و في محاولة لاغاظتها ، اسند كلتا يديه على طرفي الباب و قال : مش الاول تملي التنك..
أرادت ديما بردودها المرحه ان تُلهيه عن السبب الحقيقي لتواجدها في المطبخ الان ، و لكن يبدو أن محاولتها باءت بالفشل ..
قالت ديما محبطه : يووه بقى وسع شويه متبقاش غتيت
هز لؤي راسه و قال بجديه مصطنعه : مش هاتزحزح من مكاني ..
عضت ديما على شفتها السفلى قائله بغيظ : و ربنا لو فضلت واقف كده لاصوت و اصحي البيت كله..
رفع لؤي كتفيه و قال دون اكتراث : so what ..؟
قالت ديما بخبث : يعني مش خايف عمو يصحى و يهزءك
ارخى لؤي ذراعيه عن الباب و تقدم منها قائلا : انا مش عيل عشان اخاف منه ...
تفاجأت ديما بالغضب الذي اعتراه و قالت : انت زعلت ، انا بهزر
قال لؤي بعصبيه : هزارك بايخ و متصدقيش اللي يقولك كل التُخان دمهم خفيف ...
أطبقت ديما على أسنانها و قالت ثائرة لكرامتها : التخين يقدر يخس ، لكن الفاشل اللي زيك يعمل ايه..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
فاشل ..اخترقت تلك الكلمه أذني لؤي لتخرج تراكمات الغضب الكامن بداخله ، غضب أخطأ التوقيت و المكان و الشخص و دون أن يعي ما يفعله نزل بكفه على وجنة ديما صافعا إياها بقوه ..
شهقت ديما بنبرة مكلومه و تطلعت إليه بعينين دامعتين ، ليعتريه الندم سريعا ..
قال لؤي بأنفاس لاهثه : انا اسف ، انا مش عارف عملت كده ليه ..
" بطلع عقدك على طفله يا جبان "
تطلعت ديما مستنجده بالقادم الغاضب واستدار لؤي في نفس اللحظه ليواجهه .
↚
¤ ما بين ظُلمة اليأس و بصيص الأمل ¤
-----------------------------------------------
وقف يحيى مصدوما من تصرف أخيه الأصغر ، و تمنى أن يقدر على التماس العذر له كما فعل في الفتره الأخيره ، و لكن أي عذر هذا الذي يجعل ضرب فتاه صغيره كديما مبررا ، ربما حان الوقت لاتخاذ موقف حاسم تجاه التقلبات التي عصفت بأخيه مؤخرا و اعطائها رد الفعل المناسب ، فالرسول اوصى رفقا بالقوارير ، و اوصي بأن انصر اخاك ظالما او مظلوما، و أخاه هنا ظالما لمن تُرِكت أمانه في كنفهم ظنا من والديها بأنها ستلقى الرعايه و المعالمه بالحسنى.
استدار لؤي قائلا بغضب : اه جتلك عالطبطاب بقى..
يحيى باستهجان : هو ايه االي جاني عالطبطاب !
لؤي : انك تظهر البطل اللي مفيش منك و لا فاخلاقك و يا عيني هتيجي و تنقذ السنيوره من الولد الفاشل التلفان
هز يحيى راسه بخيبه و قال : مش هتبطل الحقد اللي مالي قلبك ده ، انا بس نفسي افهم انا غلطت فحقك فايه و لا المسكينه دي كانت عملتلك ايه ، لو عندك مشكله يبقى تخليك راجل وواجهها و حلها مش تقرفنا و تطلع عقدك علينا ..
ضحك لؤي بسخريه و قال : شوف مين بيتكلم عن العقد ، ده انت اكبر معقد فالدنيا و لا فاكر عشان بنت الفنانه بصتلك تبقى خلاص كووول، لا يا نجم انزل من عالمسرح ، دي اكيد بتتسلى على الهبل اللي انت فيه
ظهرت ملامح الاستغراب على وجه يحيى ، ليقول لؤي : ايه فاكر محدش يعرف انك ماشي معاها ، شفت بقى لو انا حقود و معقد زيك كنت جريت على الوالد و قولتله بس انا احسن منك ، سامع احسن منك ميت مره ، و بكره هاثبت للكل اني احسن منك سامع .... سامع !
زفر يحيى بضيق شاعرا بالاختناق ، و الحسره على مَن كان يوما رفيق الدرب .... والظل الذي يلازمه ...شريك المؤامرات و كاتم الاسرار ...الاخ الصغير و الصديق الكبير ..كبير بحجم مساندته لاخيه في كل المواقف ...كلها صفات دُثِرت منذ مده و الان فقط أُعلن عن استلام رُفاتِها ، ربما في قرارة نفسه أحس يحيى بتغيير كبير في علاقته بأخيه ، تغيير لم يستسيغه ولم يشأ أن يقر بوجوده ، لقد تمنى ان تكون سحابة صيف عابره ، و لكن اليوم بات من المستحيل عليه ان يضع راسه في الرمال و يتغاضى عن الحقيقه الماثله امامه...
همست ديما بخوف : دي خالتي صحيت !
استدار الاثنان ليواجها والدتهما خديجه التي هرولت مسرعه في اتجاه المطبخ بعد أن أغلقت باب غرفة النوم على زوجها بهدوء شديد
قالت باستنكار حين اصبحت وجها لوجه مع ابنيها : ايه الحكايه ده داحنا داخلين الفجر و لو ابوكو صحي و شافكو بتتخانقوا مش هيحصل طيب !
يحيى مدافعا : يعني عايزاني اشوفه بيضربها و اقوله تسلم ايدك
خديجه باستغراب : يضرب مين !
و تنقلت بنظرها بين ديما و لؤي الذي ارتسمت على ملامحه سيمات المذنب ، لتسأل بصوت خفيض مُتْرَع بالغضب : هو ضربك ؟
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أن تحب للمره الأولى تعني عند البعض أن يدق قلبك بطريقة مختلفه حين ذكر اسم الحبيب وأن تعلن قسمات وجهك تهاليل الفرح عند رؤيته ، و استغلال كل فرصه للتندر بكل كبيره و صغيره حصلت في موقف ما جمع بينكما ، و لكن بالنسبه لديما هناك تبعات اخرى لذلك الحب ، و بالرغم من صغر سنها ، فلقد فَطِنت إليها ، فأن تحب في نظرها تعني أن تتحمل مسئولية مَن احببت ، و إن كان أخطأ لؤي في حقها الا انها لن تتخلى عنه في هذا الموقف العصيب ..
قالت ديما بثقه : طبعا لا يا خالتو ، ده احنا كنا بنهزر ، بس الظاهر يحيى ملوش فالهزار ..
ثم أضافت ناظره ليحيى : ايه يا ابيه مش تفكها شويه
كانت الدقائق القليله التي تلت انكار ديما لحادثة ضربها.. مَلْأَى بالصمت المُكبل بقلة الحيله ، فيحيى وقف عاجزا عن تكذيب ما رأى بأم عينيه خوفا من اشعال مزيدا من البغضاء بينه و بين أخيه ، ووالدته ارتأت ان تؤجل هذا الجدال حتى الصباح لتستطيع الانفراد بديما و محادثتها دون حرج ، أما لؤي و ديما فقد تبادلا النظرات الصامته التي تشع ندما و امتنانا من قبل لؤي و عتابا حزينا أخفته ديما حين قالت بمرح : ده حتى لؤي اصر يقعد معايا لحد اما اكل الساندويتش عشان بخاف بليل
و التفتت لتشتبك نظراتها بيحيى باحثه عن تأييد ما ، ليفطن يحيى إلى نيتها ، فقال رافضا التواطء معها في كذبه لن تضُر سواها : طب انا يدوب لسه راجع ، اما الحق اناملي ساعتين ، تصبحو على خير
و أمسك براس والدته يقبله قائلا : تصبحي على خير يا ست الكل و اسف لو صوتنا فوقك
ربتت خديجه على يده ، و بادلته نظره متفهمه و ردت : و انت من اهله يا حيلتي ..
افلت يحيى راس والدته و استدار ليرى النقمه مرسومه مره أخرى على وجه أخيه ، وجه إليه نظره معاتبه ثم غادر إلى غرفته..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
حسنا لقد رآها ، تلك النظره القاتله في عيني أخيه الأكبر و لكنه سمع أيضا وصف والدته الأخير، "حيلتي "، لتُمحِي شعوره بالذنب تجاهه ، قبل قليل كان سماع كلمة فاشل من فم ديما كافيا لجعله يصب جام غضبه عليها ، لتأتي كلمة والدته و تعيد اشعال هذا الفتيل ، و لكن الفرق انه لن يتسطيع النفث عن غضبه الان من والدته و التي على ما يبدو انضمت إلى قافلة أنصار يحيى كما فعل والده منذ مده ، حتى ليلى و إن لم تنطقها يوما الا أن أفعالها دوما تُفصح عن ما عجز لسانها عن قوله فيحيى هو الاقرب إلى شخصها و قلبها ...
نظر لؤي في اثر ديما التي رافقت والدته خارج المطبخ ليذهبا لاكمال نومهما ، و ابتسم ، فاخيرا أصبح المفضل عند أحدهم ، ألم تُكذِب يحيى جهارا و أمام عينه ، لقد دافعت عنه غير عابئه بالعواقب ..
و المهم .. المهم.. أنها كَذَبت يحيى و لم تلق بالا ان كان ذلك سيغضبه ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
استيقظت فاتن مبكره بالرغم من سهرها لساعة متأخره الليله الماضيه ، تمطت في فراشها لتزيل اثار النوم عن جسدها ، ثم أخرجت هاتفها من الشحن ، و نظرت للشاشه التي أخبرتها بأن الساعه لم تتعد السابعه بعد ، بالتأكيد لن يهاتفها يحيى في مثل هذا الوقت المبكر ، و عليها الانتظار ريثما يحين موعد خروجه إلى العمل ..
نزلت من فراشها و اتجهت إلى الحمام ، أنهت اتمام أمورها الصباحيه ، ثم توجهت إلى المطبخ لصنع كوبا من الشاي و عنت لها فكره ...
ركضت باتجاه غرفتها ، لتدخل و تحضر هاتفها وبعض الأقلام الملونه ، ثم عادت إلى المطبخ ، صنعت الشاي ، ثم تناولت كوبا أبيض اللون ، و سطرت عليه من الخارج بالاستعانه بالأقلام الملونه :
"بشرب شاي و انت (-: "
وضعت الأقلام جانبا ، و أحضرت هاتفها ملتقطه صوره للكوب ، ابتسمت و أرسلتها إلى هاتف يحيى ..
بعد دقيقه وصلتها رساله من يحيى : "كمان بشرب شاي و بفكر فاللي جاي و انتي بتفكري فايه ): "
فاتن : فيك (;
يحيى : طب جاهزه تخرجي دلوقت و لا كمان شويه
فاتن : انا ready و دلوقت اخرج لو تحب ..
يحيى : اوك ..
أسرعت فاتن بتغيير ملابسها و ارتدت قميصا لبني و بنطلون جينز أزرق ، و لململت شعرها في شنيون بسيط ، ثم تناولت حقيبتها و تهيأت للخروج ..
وقفت على باب الشقه بعد أن أغلقته منتظره خروج يحيى ، الذي أطل بعد قليل ، مخالفا عادته و مرتديا ملابس غير رسميه عباره عن تيشرت بسيط و بنطلونا من الجينز يضاهي في لونه لون خاصتها ..
ابتسمت فاتن قائله : you look so hot
ابتسم يحيى بارتباك و تنهد قائلا : اتفضلي عشان في حاجات كتير لازم نتكلم فيها
غضنت فاتن حاجبيها و قالت بمرح : و مالك جد كده ليه ..؟
قال يحيى بنبره حازمه : فاتن ، مش هينفع كده
رفعت فاتن كتفيها و قالت : انا بس بحاول الطف الجو عشان حسيت اني زعلتك امبارح جامد
أومأ يحيى برأسه و قال : اوك بس في كلام ميصحش تقوليه ..
قاطعته فاتن و سألت بحرج : تقصد ايه..؟
نظر يحيى لها بضيق ، لتقول : اها فهمت عشان عاكستك يعني ، سوري ، بس طلعت تلقائي ، اصلك كول اوي فاللبس ده ..
قال يحيى شاعرا بالذنب : مش قصدي ، بس في حاجات مش من حقنا نقولها لبعض ، لأننا لو قولناها دلوقت مش هيبقى ليها طعم بعدين ، فهماني ، كل حاجه حلوه فوقتها ..
أومأت فاتن مبديه تأييدها لوجهة نظره و لكن في قرارة نفسها لم تفهم لِمَ كل هذا الجدال حول مجامله رقيقه صدرت بتلقائيه منها ، و تنافرت برأسها الأفكار ما بين مرحبه بحرصه على علاقتهما و وَهِلة من أن يكون هذا الحرص ما هو الا قناع يخفي ولعه بالتحكم و فرض رأيه في كل حركه أو بادرة تصدر منها ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أنهت سلوى تمارينها الصباحيه بتنهيدة ارتياح ، و بعد حمام سريع ، دلفت إلى غرفة الملابس الخاصه بها و التي تحتوي على أحدث الماركات العالميه المنتقاه من قبلها بعنايه فائقه لتتناسب مع التزامها بالحجاب و في نفس الوقت تمكنها من الاحتفاظ بأناقتها ، انتقت فستانا باللون الوردي ، ذو اكمام طويله ، و تصميم بسيط ، و تُزين خصره الورود مضيفة إليه طابعا أنثويا رقيقا ..
ابتسمت و نزعت البطاقه المرفقه به ... ارتدت الفستان و بعد القاء نظره في المرآه اطمئنت بأنه سيليق تماما بيومها الأول في شركة يحيى ، فلقد هاتفها مالك البارحه مخبرا إياها بسفره غدا للاتفاق مع الشركه الكوريه ، و طالبا منها الحضور اليوم هي و رفيقتها شيرين إن أمكن ليحلا محله و مساعدة يحيى في تنظيم أمور الشركه خاصه بعد النقله النوعيه التي حصلت مؤخراً ..
ارتدت حجابها ، و استعدت للخروج و المرور بشيرين للذهاب باكرا إلى مقر الشركه ..
ابتسمت سلوى و في جعبتها العديد من الأفكار و الكثير من الآمال ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أغلقت نوف هاتفها غير مكترثه بالاتصالين الواردين إليها من أنس ، و شعرت بالارتياح نوعا ما ، أرادت بذلك أن تبعد نفسها عن المستنقع الذي دخلته البارحه باطاعتها لأنس و الاشتراك معه في تلك الخطيئه .
نزلت إلى المطبخ لتحضير طعام الافطار لضيوف والدها ، حيت الخادمه بلطف و طلبت منها المساعده ،لتنهيا عملهما في غضون نصف ساعه ..
قالت نوف : أنا راح روح بنفسي و حضر السفره بالجنينه ...
خرجت نوف إلى الحديقه ، و قامت بتغيير المفرش ، ثم جلست لثوان تستمع لتغريد عصافيرها ..
" صباح الخير ..."
التفتت نوف لتجد تركي متكئا على أحد الاشجار خلفها ، و عاقدا ذراعيه أمام صدره ..
ردت نوف التحيه : صباح النور
تقدم تركي قليلا ، ثم سأل مستأذنا : ممكن اجلس وياك
ترددت نوف في الاجابه ، ليقول تركي : في موضوع مهم ابغي احكي معك بخصوصه
أومأت نوف قائله : اتفضل
جلس تركي ، واضعا يديه على المائده ، ثم تنحنح قائلا : نوف ، انا ابغي اسأل سؤال و يا ريت تجاوبيني بصراحه ، و قبل ما اسال انا عارف انه ما بيخصني و لكن اتمنى تعتبريني مثل اخوكي و تفهمي انه سؤالي نابع من خوفي عليكي..
نظرت له نوف بتشجيع ، ليسأل تركي : مين أنس اللي كنت تكلمينه امبارح ...؟
عضت نوف على شفتها السفلى ، ثم نظرت لتركي بارتياب ، و لكن سرعان ما تبددت الرهبه بقلبها ، فلقد أحست بصدق نيته و أنه بالفعل يشعر بالقلق عليها ، لذا اجابت بصراحه : شخص اتعرفت عليه من النت ، و بعدين انا الحين قطعت صلتي بيه نهائي...
تنهد تركي مرتاحا : يعني هالحين ما في اتصالات بينكو ؟
هزت نوف رأسها و قالت : اكيد ، و امبارح كانت اخر مكالمه و انا انهيت كل علاقتي فيه..
تململ تركي بتردد ثم سأل : طب ممكن اعرف ليش قطعتي علاقتك معه
أجابت نوف بصدق : لانه ابتدا يتجاوز حدوده معي ، فكان من المستحيل اني كمل وياه..
ظهرت نظرات الاعجاب على محيا تركي ، الذي قال بصدق : و انا بحييكي على صراحتك ، و ما تتخيلي شلون صرتي كبيره فنظري ، واحده غيرك كانت لفت و دارت بس انتي وايد صريحه، و انا راح كون مطمن و انا معطيكي اسمي و مستأمنك على بيتي...
حدّقَت نوف فيه باستغراب ، ليقول تركي بهدوء : اي ، انا ودي ارتبط فيك و تكوني زوجتي ، انا و الوالد جينا مخصوص هالمره لاجل نطلب ايدك ، بس انا قلت نأجل الحكي شوي حتى اتعرف عليكي أكثر ، لكن بعد صراحتك هاي زاد اعجابي فيك ، لا تستغربي انا من كثر حكي ابوي عنك اتعلقت فيكي حتى بدون ما يكون في بينا معرفه كبيره ، بس اللي خلاني الحين فاتحك فالموضوع هو صراحتك و صدقك معاي ، صدقيني هاي عندي بالدنيا ...
فركت نوف يديها بارتباك ثم هبت من مقعدها قائله : عن اذنك..
هرولت نوف مسرعه إلى داخل البيت و صعدت الدرج المؤدي إلى غرفتها بسرعه كبيره و كأن شياطين الدنيا تطاردها ..
دخلت غرفتها و أغلقت الباب باحكام ، ثم ارتمت على سريرها واضعة الوساده على رأسها ، علها تخفف من كم الأفكار التي تعتريها الآن..
أحست بقشعريرة تعتري جسدها بقوه ، فلطالما خشيت هذا الموقف منذ بدء علاقتها بأنس .. أن يتقدم لخطبتها من لا تستطع رفضه ...
أغمضت عينيها ، شاعره بالخجل الشديد من كذبتها على تركي ، هل حقا قطعت كل علاقه لها بأنس ، اذن لم شعرت بكل هذا الاضطراب حين صرح تركي بمشاعره تجاهها ..
و لم يكن الاضطراب حينها سيد الموقف ، بل تخللته مشاعر أخرى ، لقد شعرت بالاطراء الشديد لاعجاب شاب مثل تركي بها ، صحيح أنها لا تكن له مشاعر خاصه مثل أنس ، و لكن من الصعب أن تحدد ماهية مشاعرها تجاهه و تجاه عرضه الآن ، خاصه بعد الشرخ الذي حدث بعلاقتها مع أنس ..
نهضت من فراشها و توجهت إلى اللاب توب الخاص بها ، فتحت برنامج الاسكايب مره أخرى ، لم تعثر على ضالتها ، بالتأكيد أنس الان في العمل ، تركت له رساله تخبره بضروره أن يتحادثا مساء ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
بعد نصف ساعه من السير معا ، اختار يحيى أن يجلسا في أحد المقاهي الشبابيه و التي تفتح أبوابها باكرا، دلف إلى المقهى و برفقته فاتن ، و انتقى مائدة بعيده عن أعين الماره ، ثم قال موجها فاتن : تعالي نقعد هناك ،أحسن ما نبقى فرجه للرايح و الجاي..
ابتسمت فاتن بتسليه و تبعته متمتمه : يا خراشي علي اللي بيتكسفوا
جلس الاثنان ، ليقول يحيى : على فكره.. سمعتك...!
ضحكت فاتن بحرج و قالت هي تفرك بيديها من الارتباك : أصلك غريب اوي ، هي الناس هتعد تبحلق فينا يعني...
عقد يحيى حاجبيه و قال : الحق علياعشان مش عايز حد ياخد عنك فكره وحشه ...
عقدت فاتن ذراعيها واضعة اياهم على المنضده و سألت : ليه هو احنا بنعمل حاجه غلط ، عشان ياخدوا عني فكره وحشه..
وضع يحيى بدوره ذراعيه على المنضده و قال : يعني لو شافك حد يعرفك مش هتحصلك مشكله بسببي..
تنهدت فاتن و لم تدرِ لِمَ تَجلت صورة كِنان أمام عينيها ، ثم و بسرعه نفضتها عن مخيلتها و أجابت باقتضاب و نبره ملؤها الحسره : لأ...
أحس يحيى بتغير مزاجها ، أراد التخفيف عنها ، و دون أن يفكر مد يده ليربت على كفها مواسيا ، لتسحب فاتن كفها بسرعه أدهشته ، لقد ظن أنها لن تمانع نظرا لتصرفها الليله السابقه ، تطلع إليها و هي تحاول التهرب من نظراته ..
قالت أخيرا : خلينا نطلب حاجه ...
أومأ مستدعيا النادل الذي دون طلباتهما في عجاله و انصرف ، ليعود الصمت المربك سيدا للموقف مرة أخرى..
كان هناك الكثير من الاسئله و الافكار التي تعج برأسه و لكن لم يشأ يحيى أن يخترق السكون الذي نثر هيبته على المكان ، فالوقت ما زال مبكرا على اكتظاظ المقهى برواده الشباب ..
تطّلع يحيى لفاتن ، لتتشابك نظراتهما في هالة من الشغف الصامت ، انضويا فيها عاجزين عن الافلات من بريق سناها ...
أشاحت فاتن بنظرها اولا ، لتعود وترنو نحوه من جديد ، و كأن هناك قوة خارجه عن إرادتها تجذبها إليه ، بَيْد أنها زَجرت الشغف بعيدا هذه المره ، و قايضته بنظرة مشاكسه ، تعلن فيها بدء مبارزة طفوليه ، ابتسم يحيى فلن يكون الخاسر أبدا في منازلة العيون ...
أقبل النادل محضرا طلبهم ، شكره يحيى ، ثم عاد ليصوب نظره إلى الجالسه إزاءه ، قائلا : اتفضلي
نظرت إليه فاتن بمزيج من المرح الطفولي ، لتخبره بدون كلمات بأنها من انتصرت ، فلقد أشاح بنظره عنها حين حضور النادل...
صوب يحيى نظره ذات مغزى باتجاهها ثم قال مباغتاً : مش هتقوليلي ايه اللي حصل فالتصوير امبارح خلاكي مدايقه و مش على طبيعتك ؟
بدا الارتباك على محياها ، و تجولت بنظرها في المقهى ، و كأنها تبحث عن مخرج ما ، ثم قالت و هي تحل شعرها من ربطته بتوتر : أصل ... مش عارفه .. بس انا مش عايزاك تغير نظرتك و رأيك فيا..
تتبعت عيني يحيى أناملها التي أخذت تتغلغل في خصلات شعرها الأبنوسي ، محاولة إعادة ترتيبه ، و في نفس الوقت اتخذتها وسيله لازاحة التوتر الذي حل ببدنها إثر سؤاله الأخير..
ثم أضافت بعد أن رأت الجمود يَدبُج قسماته : و الله كان غصب عني...
أغمض يحيى عينيه ، امرا بنفاذ صبر : لميه تاني..
سألت فاتن بعد فهم : هو ايه !
تطلع يحيى إلى يُمناه ، و قال بفك مطبق : شعرك ، مش من حقي اشوفه و لا من حق حد هنا يشوفه ، لميه تاني ...
عضت فاتن على شفتها السفلى ، و قالت بخفوت : حاضر..
أعادته إلى وضعه السابق في شنيون بسيط ، ثم نقرت بأناملها على المنضده قائله : خلاويص ، ربطته اهو..
عاود يحيى النظر إليها قائلا : كده أحسن على الأقل لغاية أما تت...
بتر يحيى كلماته مستدركا شيئا ما، لتقول فاتن : كمل... لغاية اما البس الحجاب ، صح
تنهدت رافعه كتفيها و قالت : انا معنديش مانع ، لو عايزني اتحجب ، no problem عشان خاطرك هاتحجب..المهم مشوفش التكشيره دي على وشك تاني
حاول يحيى أن يُخفي غبطته لاستعدادها بأن تقوم بكل ما يرضيه ، و لكن هنا الأمر مختلف ..
سأل يحيى : انا قلتلك قبل كده لو هتلبسيه يبقى عشان ربنا مش عشان ترضيني ...
قاطعته فاتن قائله : عارف انا فعلا فكرت جد فالموضوع و نفسي اقرب من ربنا اكتر ، بس على طول بخاف من ردة فعل ماما...
يحيى : انتي لو بجد مؤمنه بيه مش هتخافي من ردة فعلها بالعكس هتحاولي تقنعيها هي كمان ..
ضحكت فاتن برقه : اقنعها ... ياااه ده انت متفاؤل اوي
ارتشف يحيى القليل من قهوته ، ثم أعاد الفنجان على المنضده ، و قال : انتي عارفه زمان و انا فسنك ..
قاطعته فاتن : و انت فسني ، و زماااااااااااان ، يا نهار ابيض انت محسسني ان عندك تلاتين سنه مثلا..
ضحك يحيى ، لتسأل فاتن : دلوقت وحالا عايزه اعرف امتى حضرتك جيت للدنيا دي ..
صمت يحيى لتقول فاتن : يلا كان يوم ايه و شهر و سنه كام
أجاب يحيى بسرعه : يوم حد 17 يناير سنة 1988
هتفت فاتن : يعني كلهم 22 سنه و عمال تقولي زمااان و بتاع يااا راجل ده اللي يسمعك يفتكر راجل عجوز اللي بيتكلم ..
استحضرت كلماتها الأخيره إلى ذهنه ، سخرية أخيه منه " دي أكيد بتتسلى عالهبل اللي انت فيه" ، هز رأسه صارفا عنه تلك الأفكار في الحال..
و سأل بدوره : و انتي جيت للدنيا امتى ، ممكن اعرف و لا هتعملي زي معظم الستات ...
أشاحت بيدها في وجهه و قالت : لالالا ، انا عمري ما هتكسف من سني ، مش هاعمل زي ماما ، ابداااااااا
ثم أكملت : شوف يا هندسه انا اتولدت يوم حد برده ، ابتسمت ثم تابعت : و بالظبط في 23 اكتوبر سنة 1992
لفت انتباه يحيى دخول بعض الشباب إلى المقهي ، ليدرك بأن الوقت قد مر بسرعه كبيره و لم يبدآ حتى في الحديث الجاد...
قال يحيى : طب مش هتقوليلي بقى ايه اللي كان مدايقك امبارح لدرجة انك تنسى نفسك زي ما حصل و...
لم ينهي حديثه ، فهي تعلم جيدا مقصده و لا حاجة لذكر الموقف مره أخرى و احراجها..
أخفت فاتن عينيها خلف أناملها غير قادره على مواجهته و قالت : عشان حصلت حاجه غصب عني و مكنتش ناويه اعمل كده ، بس اتفاجأت و جسمي كله تلج و مقدرتش اتحرك ، بجد مقدرتش اعمل اي ردة فعل ، مش عارفه جات فدماغي افكار عن....
قاطعها يحيى بقلق : استني هو ايه اللي حصل اصلا ، انا مش فاهم حاجه ..
اتخذت نفسا عميقا و أجابت : في التصوير ، اول مشهد كان بيني و بين الممثل اللي مفروض يكون بابا فالمسلسل ، كان في حوار مؤثر بين الاب و بنته و بعدين اتفاجأت فاخر المشهد بيه بيحضني ..معرفتش اتصرف انا مكنتش عارفه ان المشهد هيكون كده ، انا كنت محرجه على ماما مش هاعمل الحاجات دي...
صمتت لتلتقط أنفاسها ، ثم تجرأت و رفعت نظرها باتجاهه لترى الجمود يعتلي قسماته ، قالت بعد ان طال الصمت : ايه مش هتقول حاجه ..
هز يحيى رأسه ثم قال بغضب : مستنى تكملي كلامك و تقولي الكلام اللي مفروض يتقال ...
قالت فاتن بريبه : ازاي يعني ده الموقف اللي حصل..
سأل يحيى بقسوه : يعني مش ناويه تضيفي حاجه تانيه ...
فاتن بضيق : اضيف حاجه هو احنا فتحقيق...
يحيى بغضب : يعني بعد كل اللي حصل مفروض تقولي خلاص معدتش راجعه المسلسل و مش هامثل تاني
قاطعته فاتن معتذره : مقدرش يا يحيى ..انت مش فاهم...
ليقاطعها بدوره : مش فاهم ايه ، مش فاهم انك خلاص ابتديتي مسلسل التنازلات ، المرادي حضنك غصب ، و المرات الجايه هيحصل و برده غصب ، و بعدين هتبقى الحكايه عادي بالنسبالك و هتفوقي يوم و تلاقي نفسك غصتي فالوسط ده و ساعتها هتخسري نفسك و مش هتلاقيني جنبك يا فاتن ...
همست فاتن : ارجووك يا يحيى ، انا مش وحشه و مش عايزه اكون زيهم ، هو المسلسل ده و بس عشان وعدت ماما ، و بعدين خلاص مش هارجع تاني..ارجوك
قال يحيى ببرود : مفيش بعدين ، اختاري دلوقت ، يا نكمل احنا ، يا تكملي فطريق مامتك..
فاتن بضعف : انا مش عايزه اكمل فطريق ماما ، ارجوك تفهمني ..
يحيى بأمل : افهم ايه ، انا مقدرش اشوفك بتمشي فالطريق ده و اقف ساكت ، مقدرش يا فاتن ، ارجوكي تفوقي ...ارجوكي
فاتن بحرقه : و انا مقدرش دلوقت ..
قاطعها يحيى بنبره ملؤها الخيبه : خلاص انا فهمت ، مفيش داعي احرج نفسي و احرجك اكتر من كده..
نهض من مقعده ، تاركا بعض الاوراق النقديه على المنضده ، لتهمس فاتن و الدموع تترقرق في مقلتيها : يحيى ارجوك متبعدش عني انا ما صدقت الاقي حد يخاف عليا زيك..
طالعها يحيى بحزن قائلا : انتي اللي اخترتي يا فاتن ، انتي اللي اخترتي نبعد ...
و سار مبتعدا بأقصى ما سمحت له قدماه ، كان عليه أن يتركها سريعا و الا لن يستطيع أن يتركها ابدا ، لقد تململ طويلا ما بين عقله و قلبه و كانت دوما دفة القلب هي الغالبه ، لكنه اليوم لن يستطيع خداع عقله و غمسه مرة أخرى فالرمال ليعميه عن الحقيقه الماثله امامه منذ لقائه بها ، لقد وقع في حب الفتاة الخطأ..
خرج يحيى من المقهي محملا بغصه كبيره في قلبه ، و قرارا باعادة النظر في اولوياته ، لم يكن صادقا تماما عندما أذن لمالك بالسفر محله خوفا من إغضاب والده ، بل كانت الذريعه الأكبر هي عدم رغبته في الابتعاد عنها ، تلك التي ملكت عقله و فؤاده ، لم يتخيل أن تفصل بينهما كل تلك المسافات ، أن يصبح في قارة غير التي تطئها قدماها ، كان خائفا من أن يتركها في كنف تلك التي كُتبت في شهادة ميلادها أما ، أراد أن يكون السند و العون لها في مواجهة تأثيرات و أفكار والدتها التي لا تمت للأمومه بصله ، و مع الأسف ها هي تلك المخاوف قد تجسدت فعليا أمامه و لا جدوى من التفكير فيها أكثر من ذلك ، عليه المضي قدما في أهدافه و التي لا يوجد حيز فيها للتفكير في العواطف ..
استقل سيارة أجره إلى موضع شركته ، لن يذهب إلى وظيفته الحكوميه بعد الآن ، فاليوم على ما يبدو هو يوم اتخاذ القرارات الصعبه ، فإن كان قادرا على التخلي عن أول حب دق له قلبه ، فحتما سيستطيع مواجهة غضب والده ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
لقد كرهت فاتن الضعف الذي جعلها تستكين و تمتثل لطلبات والدتها ، و ما النتيجه ، لقد خسرت الشخص الوحيد الذي أحدث فرقا في حياتها ، أمسكت بحقيبتها و عزمت على العوده إلى البيت لتواجه والدتها و تخبرها بقرارها بترك المسلسل...
دقائق و كانت في الشقه ، دلفت إلى المطبخ حيث سمعت اصواتا تنبىء بجلوس والدتها على المائده الصغيره و ربما تناولها الافطار..
و بالفعل كانت جالسه تلتقم بضع من لقيمات السلطه ، اقتربت منها ووضعت حقيبتها على الكرسي المقابل لمقعد والدتها و قالت بانفعال : مااما ، انا خلاص هاسيب المسلسل...
أمسكت انجي بالمنديل الموضوع على طرف طبقها ، و مسحت فمها ببطء ، ثم قالت بسخريه : هو كان لعب عيال ، انتي ناسيه انك مضيتي العقد وفي شرط جزائي...
ضربت فاتن الارض بقدمها و قالت : ولو .. انا قلت مش هاكمل يعني مش هاكمل ، انا مش مستعده اخسر يحيى و عشان ايه كام مليم ..
صاحت انجي : اه قوليلي بقى حبيب القلب مش موافق ، طب طالما عامل فيها سبع الرجال ما يصرف عليكي ، يعدك فشقه عدله ، و الا اقولك ميدفعلك الشرط الجزائي اللي فالعقد ، فوقي يا حببتي ده بيتسلى فوقي متضيعناش عشان واحد راح و لا جه اخرته هيبقى موظف بيستنى الملاليم اللي بيقبضها اول كل شهر و باقي الشهر عشاكي هيبقى دقه..
قالت فاتن منهاره : كل اللي هامك الفلوس ، الفلوس... انا هاخسر الشخص الوحيد اللي حبني بجد و انتي .ده بس اللي يهمك ، ...الفلوس الفلوس...
قالت انجي مناوره بعد أن لاحظت حالة ابنتها السيئه : يا حببتي غصب عني ، انا مكنتش عايزه اقولك ، و احملك همي ، بس انا عليا ديون كتيره وماضيه شيكات على نفسي و لو مدفعتهمش هادخل السجن ، يرضيكي اتبهدل ، و انا مش طالبه منك غير مساعده بسيطه ، ماستهلش تضحي شويه عشاني ، انا خلاص مضيت فيلم جديد و ان شاء الله هاخد اول دفعه فاجري و اسدد شويه من الشيكات و هيفضل مبلغ بسيط ، هتعملي المسلسل ده و بس ، اوعدك مش هجبلك سيرة التمثيل دي تاني ، بس ارجوكي و حياة غلاوة سي يحيى عندك ما تتخلي عني ، ده انا هاتفضح و ادخل السجن يرضيكي و بعدين هتعملي ايه فالشرط الجزائي مش نفكر شويه بعقلنا يا حببتي..
تنهدت انجي محاولة استحضار الدموع إلى عينيها كما فعلت مرارا امام الكاميرات ، لتجهش في بكاء مرير و لكنه تنقصه الدموع الحقيقيه ..
هرعت فاتن لتربت على كتف والدتها : ارجوكي يامااما متعيطيش ، خلاص انا هاكمل المسلسل و ان شاء الله هتسددي كل ديونك ، و مش هاسمح لحد يبهدلك ، ارجوكي كفايه عياط عشان خاطري يا ماما...
مسحت انجي دموعها المفقوده و قالت متظاهره بالضعف الذي يكمن في طياته خبثا كبيرا : ربنا يخليكي ليا يا حببتي ، و يحيى لو بيحبك بجد كان عذرك ووقف جنبك مش هددك ، اللي بيحب بيراعي ظروف حبيبه ، مش عند اول مطب بدال ما يساعدك يصعبهالك بزياده..
تنهدت فاتن و قالت بحسره : خلاص يا مااما ملوش لزمه الكلام ده ، طالما كملت فالمسلسل يبقى انا وهو انتهينا....
ابتسمت انجي بانتصار و قالت : و لا يهمك بكره يرجعلك زاحف و ندمان وساعتها انتي اللي مش هتقبلي بيه اصلا ، و ربنا هيرزقك باللي احسن منه بتاع الملاليم ده ، شايف نفسه على ايه مش فاهمه!
قالت فاتن بضيق منهيه الحديث مع والدتها : كفايه ياماما ارجوكي كفايه..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
ما بين ظُلمة اليأس و بصيص الأمل ، ما بين عظمة الاقدام و رهبة الفشل ، متنافرات تصارعت في عقل كنان ، و الذي لم يشعر بالرهبه كشعوره الان ، و لكن هل يمتلك كنان الشجاعه الكافيه في ظل ذلك الخوف الذي يعتريه في هذه اللحظه ، خوف من فشل خطته ، خوف من اصرار ليلى على موقفها و فقدانها الأمل و بلا رجعه ، خوف من أن يخرج المخطط عن سيطرته ، نهض قائلا : معلش يا لؤي ، اخوك مزنوق...
لؤي : يادي النيله هوانت على طول مزنوق ، اتفضل يا سيدي الطريق اامان بس ادي صوت كده و انت معدي احتياطا
أومأ كنان و خرج من الغرفه متحليا بجسارته المطعمه بالخوف ، خوف لم يشأ أن يفقده الآن ، فهو الوقود الذي يحرك شجاعته ...
سار في الممر المؤدي لغرفتها كمل فعل سابقا ، وضع يده على مقبض الباب و دلف إلى الداخل ، و لكن هذه المره لم يرى المفاجأه تغزو ملامحها ، بل قابلته بابتسامه باهته قائله : معدش ينفع ارجوك تخرج،ارجوك
لم يأبه كنان لتوسلاتها ، أغلق الباب ، و اقترب جالسا على السرير بجوارها..
قال كنان بعد أن التقط أنفاسه : ليلى انا اتقبلت فوظيفة المراسل و خلاص هاسافر بكره ، بس متقلقيش انا هازبط وضعي هناك ، و ارجع ان شاء الله قبل معاد الفرح ، وكل شيء هيتحل انا مخطط لكل حاجه متقلقيش، و مش عايز اشوف دموعك دي ابدا..
همست ليلي : والله ما عاد ينفع ، ارجوك متعلقنيش بالامل انا ما صدقت اتعايش مع اللي انا فيه ارجوك
ابتسم كِنان و قال : صدقيني كل شيء هيتحل ، اوعدك ، انا بس جيت اقولك اني هسافر لانك مش مدياني فرصه اكلمك ، و بعدين عشان متفتكريش اني يئست زيك ، اطمني انا هارجعلك و هتشوفي اني اد المسئوليه و اني لا يمكن اسيبك لنفسك تضيعيها بايديكي ،فاهمه يا ليلى ، مش هاسيبك...
نهض و قبل أن يغادر صارحها : انا بحبك اوي يا ليلى بحبك و مش هاسمح تكوني لراجل غيري...
كان منغمسا في التصريح عن مكنونات قلبه عندما طرق أحدهم الباب ، انتفضت ليلى مذعوره : يا نهار اسود
لينادي الطارق : ليلى ممكن ادخل...
ارتعد كنان و تزايدت ضربات قلبه عنفا حين سماعه صوت لؤي بالباب..
↚
¤ عليك أن تفهم ... أحيانا سأختار الرمادي ¤
----------------------------------------------------
لا تعني الشجاعه انعدام الخوف ، بل هي مُحصلته ، فهناك رجلان ، رجل يخاف ليصبح جبانا ، أما الآخر يتحدى خوفه ليبحث عن شجاعته الكامنه بالفطره في قلبه ، و كِنان لم و لن يكون جبانا متخاذلا عن تحمل مسئولية ما اقترفت يداه ...
قال هامسا لليلى : متخفيش ، أنا هقوله اني دخلت هنا غصب عنك و مش هايعرف حاجه من اللي بينا ، صحيح هأخسره للابد بس المهم انتي يا ليلى...
قاطعته ليلي واضعه اصبعها على فمها في اشاره منها لاسكاته ، و همست : انا هاحلها ، بس انت اقف بين التسريحه و الدولاب هناك ، و متتحركش الا اما اقولك ..اوك
أومأ كِنان ، و سار حيث أشارت..
اتجهت ليلى إلى الباب ، و قالت من خلفه : احم ..معلش يا لؤي جيت فوقت مش كول ، عايز ايه ...؟
قال لؤي : اللاب بتاعي هنج ، ممكن اخد اللاب بتاعك عشان كِنان كان هيوريني شوية حاجات جديده قبل ما يمشي ..
صاحت ليلي : اوك ، ثوان بس...
أحضرت اللاب مسرعه ، و ناولته لأخيها بعد أن فتحت الباب نصف فتحه ، و قالت : sorry..
ابتسم لؤي : اه فاهم فاهم بتعملي شغل بنات ، عروسه بقى و بتاع...
ضحكت ليلي بزيف قائله : طب يلا منعطلكش ، خود سكه..
لؤي : الله يسهلو ...
أغلقت ليلى الباب بعد مغادرة لؤي ، ثم اتجهت حيث كِنان ، و قالت : يلا بقى اهو راح اوضته ، بسرعه اخرج احسن حد يشوفك..
اومأ كِنان ، ثم قال : اوعي تنسي ، خليكي فاكره كلامي ، ها يا ليلي ، انا وعدتك و هاوفي بوعدي..
قالت ليلي : طيب طيب ، بس يلا بسرعه اخرج ، زمان ديما خلصت المسلسل ..
خرج كِنان بعد أن أمنّت ليلى له الطريق و دلف إلى غرفة لؤي ، ليكملا ما بدآه قبل قليل ..
سأل كِنان دون مقدمات : تفتكر ايه هو اكتر نوع بيوجع من الخيانه ..؟
نظر لؤي له باستغراب قائلا : ايه لزمته السؤال ده ..
قال كِنان : ابدا فكره جت فبالي..
أجاب لؤي : لما تحس انك متقرطس جامد ..و من أقرب الناس ليك.
قام كِنان بتغيير الموضوع فور سماعه إجابة لؤي ، ففكرة اللجوء إليه الآن ستكون مضارها أكثر من منافعها
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أمضى لؤي الدقائق الماضيه مترددا ، يحرك قدمه تاره إلى اليمين و تارة إلى اليسار ، محتارا كيف الطريق إلى مراضاتها ، صوب نظره ناحية شاشة التلفاز التي أعلنت عن الفاصل الدعائي ، استغل الفرصه و تقدم مصدرا صوتا بسيطا ، استدارت على اثره ديما و التي كانت غارقه قبل دقائق في متابعة أحد المسلسلات التركيه..
ألقت عليه نظره لامباليه ، ثم عادت بتركيزها إلى شاشة التلفاز...
تحرك ليجلس على الكنبه المجاوره لخاصتها ، و تنحنح قائلا : انتي عارفه انا رايح فين دلوقت؟
رفعت ديما كتفيها و قالت ببرود : مطرح ما تروح .. انا مالي..!
قال لؤي مازحا : خلاص مبقتش فارق معاكي ، نسيتي العصير و السندويتشات اللي بينا
عضت ديما على شفتها السفلى ، ثم قالت بغيظ : على فكره انا مش همي على بطني زي ما انت فاكر ، و كنت بس بجاملك لما تعزم عليا ناكل او نشرب حاجه مكنتش حابه اكسفك بس الظاهر انك بتفهم غلط..
ادرك لؤي بأن مزاحه أزعجها بشكل ما ليقول : ايه ده ، انا بهزر مالك خدتي كلامي جد..
تابع لؤي : بصي انا مش بعرف اعتذر و مبحبش اعتذر ، بس بجد انا غلطت جامد فحقك و يا ستي انا اهو جاي اقولك اسف بس انتي بردو قولتي كلمه دايقتني جدا ، و انا مسامحك عشان موقف الجدعنه اللي عملتيه ادام ماما ، و كمان عرفت انها حاولت تقررك بس انتي فضلتي على كلمتك ، فكمان لازم اشكرك و جامد جدا
صمت ثم أضاف : ايه مش عايزه تعرفي هاشكرك ازاي...؟
قالت ديما باحباط : عارفه ومش عايزه شكرا
لؤي: عارفه ايه ، قاطعته ديما : هتقولي هاعزمك عالغدا و لا نروح ماك و لا حاجه فيها اكل ..عارفه..
ابتسم لؤي : لا يا طفسه ... انا عازمك على مكان عمرك ما حلمتي تروحيه و لا تقابلي الناس اللي فيه
ديما بسخريه : ايه هتاخدني السيرك مثلا
قال لؤي بعصبيه : الحق عليا اللي جاي و عاملك خاطر ..
ارتبكت ديما و التي لا تقوى على خصامه ، و قالت مستدركه : ايه بهزر معاك ، قولي هتاخدني فين ؟
ابتسم لؤي و تبدل مزاجه قائلا : هاخدك معايا التصوير
ابتسمت ديما و قالت بحماسه : تصوير ايه ، هو احنا هنتصور مع بعض ؟
نفى لؤي و قال : لا ، اسمعي انا هاقولك حاجه محدش فالبيت ده يعرفها ، بس الاول توعديني..
ديما بلفهه : اوعدك بايه ..؟
لؤي : انك مش هتجيبي سيره لحد و لا حتى ليلي ، فاهماني ، لو الخبر وصل لبابا هتحصلي مشاكل ياما ، و شوفي بقى انا بثق فيكي اد ايه ، هتكوني اد الثقه دي و لا هتطلعي عيله..؟
قالت ديما بجديه : طبعا اوعدك مجبش سيره لحد و هاكون اد الثقه ، بس قولي ايه السر
لؤي : انا اتعرض عليا دور في مسلسل و عملت الاختبار و المخرج قرر يديني دور صغير ، و كمان ساعه هاروح الاستديو و ابدا التصوير و هاخدك معايا كمان ... ايه رايك بقى ؟
هتفت ديما غير مصدقه : يعني هتبقى نجم كبير و مشهور كمان ، انا كنت عارفه و متأكده انك موهوب و اهو دي بداية الطريق..
قال لؤي مقاطعا حماستها : وطي صوتك ، حد ياخد باله ، و يلا بقى غيري هدومي و استعدي عشان تتعرفي على زملائي كبار النجوم
قفزت ديما من مقعدها ، و همست : حالا يا نجم السنوات الجايه ..
ابتسم لؤي مزهوا باطرائها الصادق و ايمانها بموهبته و بشخصه ، عكس باقي افراد أسرته ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
مرت الأيام و تلتها الأسابيع ... بحُلوها و مرها ... و ما ظنته نوف علقما في السابق انْبَلج عنه طعمٌ مُسْتَطاب ، و العكس صحيح ، فلقد آمنت قبل فتره ليست بالوجيزه بأن أنس سيكون ذاك الفارس المغوار الذي سيأتي على الحصان الأبيض و ينتشلها من كآبة حياتها الرتيبه و تنغيصات زوجة أبيها ...
و لكن حين دقت ساعة الحسم ، حين أخبرته بتقدم تركي لخطبتها بل و ترجته بأن يحضر لطلب يدها ، أو أضعف الايمان فليهاتف والدها و يخبره برغبته في الارتباط بها ، قابلها ببرود كبير ، و حملها المسئوليه كاملة إن وافقت على الاقتران بتركي تحت ضغوط والدها ، تركها تعافر وحيده ، محاولة اقناع والدها بالتريث و إعطائها فرصه التعرف على تركي ، و لكن مع ضغوط زوجة أبيها للتخلص منها ، صار من المستحيل عليها المماطله و اضطرت إلى الاقتران بتركي ، و حينها قررت أن تقطع كل طرق التواصل بينها و بين أنس ، فلم تعد ترد على مكالمته أو رسائله حرصا منها على اسم الرجل الذي ستقترن به قريبا أمام الله و الناس...
فرقع تركي بأنامله في وجه نوف قائلا : وين سرحتي ، الله يخليك ركزي معي شوي ..
ابتسمت نوف باضطراب و قالت : اسفه ، شنو كنت تقول تركي...؟
رفع تركي حاجبيه و قال : كنت اسألك وين تحبي نقضي شهر العسل ، انا كان نفسي ازور تركيا مره ثانيه ، لانها بلد حلوه وايد و كمان الناس عاداتهم و تقاليدهم فيها من العرب وايد ، و ما فيها مناظر استغفر الله زي باقي دول اوروبا ، انا ما اريد شي يجرح مشاعرك و حيائك..
شعرت نوف بغصه في حلقها ، نتيجه لثقة تركي بها و إيمانه بأنها مازالت فتاه بريئه لم تكشف جسدها بشكل رخيص أمام رجل آخر..
همست نوف محرجه : مصر..
سأل تركي : شنو ؟
فركت نوف يديها محرجه ثم قالت : انا ودي اقضي شهر العسل بمصر اذا ما كان عندك مانع...
سأل تركي باستغراب : ليش مصر بالذات ، ممكن نزورها بأي وقت ، أنا عامل ميزانيه كبيره لشهر العسل و بكيفك تختاري اي دوله و ما يهمك التكاليف..
كرمه لامس قلبها ، لذا أرادت الافصاح عن ما ينغصها حقا منذ فتره طويله ، قالت بعد تنهيده طويله : الاول في اشياء كثير ودي خبرك عنها ..
أومأ تركي مشجعا ..لتبوح نوف بما يختلج في صدرها : انت تعرف مين هي والدتي ..؟
قاطعها تركي : ايي اعرف انها الممثله المصريه انجي الشريف ، و اعرف انها تركتك لابوك و من انتي بيبي فاللفه و ما عادت سألت فيج و لا عن اخبارك ... بس انا مستغربك يعني هالحين ودك نقضي شهر العسل بمصر لاجل تشوفينها ...
هزت نوف رأسها نافيه : لا مو لاجل اني شوفها ، انا من زمان ما عندي اي اخبار شخصيه عنها ، بس من فتره يمكن ثلاث سنين ، نزلت مصر ، و انت عارف والدي يحتك بالفنانين المصاروه كتير ، و كنا بحفله و كانت فيها انجي الشريف ما ريد قول امي لانها اصلا ما معترفه بوجودي و لا تبغى تتحمل مسئوليتي تريد بس تعيش للنجوميه و المعجبين ، المهم كانت موجوده و معها بنوته اصغر مني ، اتعرفت عليها و اكتشفت انها بنت انجي يعني اختي الغير شقيقه ، و من خلال كلام نص ساعه حبيتها وايد ، و اخذنا ارقام بعض و صرنا نتواصل دايما ، بس من زمان و انا نفسي انزل مصر وازورها ، نفسي اخدها بحضني ، نفسي اشوفها تركي ، تعرف انا كل ما اتحدث وياها احس بشجن غريب احس اني عوضت فقدان امي و هي عايشه... فاهمني تركي ...!
ابتسم تركي و قال : و انا الحين ودي اتعرف على اختك ، مو معقول اتزوجك و انا ما اعرف باقي افراد العيله الكريمه ..
تنهدت نوف بارتياح ، و خطر لها أن تخبره بأن لها أخ آخر من والدتها و الذي عرفت عنه من خلال حديثها مع فاتن ، ولكن حسب اخر معلوماتها فكِنان لا يعلم بوجودها هو الآخر ، و عندما اقترحت فاتن أن تخبره ، رفضت نوف لأنها أحست بأن علاقة فاتن بأخيهن ليست على ما يرام و لم ترد أن تسبب لها المزيد من الحرج..
أضاف تركي مخرجا نوف من تلك الأفكار : خلاص رح ننزل مصر بشهر العسل و كلمي أختك و خليها تنبسط هي كمان ، و راح ناخذها ويانا و نلف مصر حته حته ، المهم تكون نوفتي مبسوطه ...
ابتسمت نوف شاكرة تركي : الله يخليلي اياك ، انا ما عارفه شلون بدي اشكرك ...
قال تركي مداعبا : هالحين و بعد ما كتبنا الكتاب اعرف طريقه او ثنتين تقدري تشكريني فيهم
اضطربت نوف ، و لم تدرِ لم ظهرت لها صورة أنس الآن ، تُرى هل لدى تركي طلبات كأنس..؟
ضحك تركي عندما رأى امتقاع وجهها و قال : انا امزح وياك ، بس شكل مخك وداك لتفكير شيطاني
، انا مستحيل ارغمك على شي انتي مش مرتاحه اله ، صحيح احنا زوجين قدام ربنا بس بعد فيه عادات و تقاليد ، و انا مجبور احترم بيت الراجل اللي استأمني على بنته...
كلماته جعلتها تشعر بوجع كبير ، و في نفس الوقت ازداد اعجابها به ، بل ربما بدا في التسلسل إلى جدران قلبها رويدا رويدا ، فالان و عند مقارنته بأنس تضعف كفة الأخير بشكل يثير الاستغراب في نفسها كثيرا ، و يجعلها تتساءل ما الذي أعجبها فيه أصلا ، ما الذي حركها لتطيعه و تقترف المعاصي باسم حبه و حب ارضائه ، فالرجل الحقيقي عندما يحب يتصرف بمسئوليه كما يفعل تركي الآن ..
ابتسمت نوف أخيرا ابتسامه تصل إلى قلبها و عينيها ، ربما فشلت في اختيار من دق له قلبها و لكن من حسن حظها أن لديها أبا لم يخطىء في اختيار من يكون زوجا لكريمته...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
خمس و ثلاثون يوما و اثني عشر ساعه و ربما بضع دقائق زائده في مخيلته و تنقص في الواقع ...منذ أن وقعت عليها عيناه ، و على النقيض مما توقع ، لم يرها في تلك المده بل لم يلمح لها أثرا لدرجة ان ظن بأنها قد رحلت مع والدتها عن حيهم ، و لكن ها هي الآن تقف كما اعتادها على قارعة الطريق تنتظر ربما مواصلة إلى غايتها ، تُرى هل ستذهب لجامعتها أم إلى تصوير ذلك المسلسل البغيض الذي كان السبب في فراقه عنها ، بالتأكيد إلى المسلسل ، فالوقت متأخر بالنسبه للذهاب إلى الجامعه فالساعه الآن تجاوزت العاشرة بنصف ساعه...و حسب معلوماته فمواعيدها كانت ابكر بكثير ....
سار يستحث خطواته ليقف بجوارها ، و كأن هناك قوه مغناطيسيه تجذبه إليها ، أراد أن يختبر سطوة عقله ، ذلك الذي نهره مرارا و تكرارا عن التفكير فيها ، و ساعده على ذلك اختفاءها الغير متوقع من أمام ناظريه ..
بعد دقيقه من وصوله إلى جوارها ، أحس بقشعريره اجتاحت جسدها منبأة إياها بوجوده ، لتستدير برأسها ناظرة إليه بوجه مُتْرَع بالألم ، غضنت حاجبيها ثم عادت و أدارت رأسها في اتجاه الحافلات القادمه ...
همس بصوت خفيض : فاتن...
لتتنهد محركه رأسها باشارة النفي ، لتقول له دون أن تبنس ببنت شفه : اصمت .. دعني وشأني...
عاد ليقول بنبره معانده : فاتن...
لتُعيد حركتها مره أخرى ، صارخة دون أن تَنُضّ بالكلمات : اصمت ... لأجلِ اللهِ ...اصمت...
ركل يحيى الأرض بقدمه ، و قال بصوت مملوء بالغيظ الغير مبرر منها : فاتن ارجوكي بلاش تتبعي اسلوب التجاهل ، احنا مش عيال عشان نتعامل مع بعض بالشكل ده ومهما كان اللي حصل بينا لازم يفضل الاحترام موجود لاننا فالاول و الاخر جيران و هنشوف بعض كتير سواء عجبنا الوضع او لا..
ابتلعت فاتن ريقها ، و استجمعت شجاعتها ، ثم صوبت نحوه نظره تحد و قالت : افندم ، يا حضرة الجار ...
فرك يحيى عنقه ، قائلا ببلاهه : ازيك ، بقالي كتير مش بشوفك يعني ...
صمت ثم تابع : ممكن تطمنيني عليكي ...؟
تأملته فاتن بعيون خاويه ، لا تريد تصديق تصرفه اللامبالي تجاهها ، بكل بساطه يعود ليسأل عن حالها ، بكل بساطه يقف بجوارها طالبا بل آمرا أن تعامله بصوره طبيعيه ، أن تتناسى كيف فطر قلبها ، اهذا هو اتكيت الحب في القرن الحادي و العشرين ، يعطيك سويعات من السعاده ثم يأتي ضباب التعقيدات يتبعه الانفصال ، ليتحتم علينا في النهايه التحضر و التصرف و كأن شيئا لم يكن ...
ابتسمت فاتن بسخريه و أجابت : كويسه ، انا كويسه ، تقدر تطمن و تحط فبطنك بطيخه فول اوبشن..
أشاح بوجهه عنها قائلا : طب الحمد لله ...
توقفت إحدي الحافلات ، لتسرع فاتن بالصعود و ركوبها ، لم يدرِ لمَ تبعها مسرعا ، فالحافله لن توصله إلى غايته ، و لكنه تيقن الآن بأن وجهتها ليست بالجامعه..
و كما عهدها جلست بجوار النافذه ، عاد و تبعها ليجلس كعادته هو الآخر بجوارها ..
ألقت عليه نظره مضطربه ثم سألت : بس ده مش طريقك..يعني...؟
ابتسم يحيى : هو انتي تعرفي طريقي ازاي ...؟
أجابت فاتن : مش هتروح شغل الحكومه بردو ؟
يحيى : لا ما خلاص سبته من فتره ..
قال ذلك لتعود ذاكرته و تستحضر مواجهته مع أبيه و اخباره بعزمه على الاستقاله ، مما كدر والده بصوره كبيره و لكن أمل يحيى مع الوقت أن يستوعب والده دوافعه ، ربما مع الوقت ، و لكن الآن عليه أن يعود للحاضر و إلى تلك الجالسه بجواره و التي تبعها دون أن يدرِ ما الهدف الذي سيحققه من وراء فعلته ...
نأى المنطق و التفكير جانبا و سأل : و انتي رايحه فين ، المسلسل !!!
نقرت على أنفها بسبابتها و أجابت باقتضاب : المسلسل خلص..
ليسأل يحيى غير قادر على السيطره على سخريته : و ما فيش مسلسل جديد و لا فيلم ...؟
مسحت بيدها على ساقها و قالت بجمود : لا.. مفيش..
هم بسؤال اخر ، عندما استوقفته قائله : لو سمحت .. انا مش مرتاحه ، و بعدين انا مفهمش فالاسلوب ده..
سأل يحيى مستفسرا : اسلوب ايه ، مش فاهمك ؟
أجابته بصدق : يعني نعمل ان احنا عادي و كده ، زي ما بيقولوا نتعامل بتحضر و كلام البطيخ ده...
ضحك يحيى و سأل : هي ايه حكاية البطيخ معاكي انهادره...؟
رمقته بنظرة جانبيه و قالت بحسره : اهو اللي جه فبالي...
تنهد يحيى محاولا السيطره على مشاعره التي و بدون أن يقصد تسببت في ايذائها ، ألم يكفِ قيامه بانهاء علاقتهما حتى بعد أن توسلته للبقاء ، ماذا يريد الآن ، العوده مستحيله ، فالفروقات بينهما كبيره و قاتله ، لن يستطيع التنازل عن مبادئه لاجل ارضائها ، و التجربه أوضحت له بأن من السهل التأثير و التلاعب بمبادئها ، فلقد أعلمته في البدايه لرفضها التمثيل و بُغضها طريقة والدتها ، و لكن الواقع شيء آخر ، فما زرعته والدتها أقوى بكثير من أي رفض بداخلها على ما يبدو ...
توقف الباص لتصعد إليه مجموعة جديده من الركاب ، و بعد ثوان ، نادت إحداهن باسمها : فاتن..
تململت فاتن بجواره ، ثم أدارت رأسها و قامت بالتلويح بيدها للمناديه : سما تعالي حجزتلك جنبي..
ثم وجههت حديثها ليحيى قائله : معلش حضرتك لازم تقوم لان ده مكان صاحبتي ، و وعدتها اني احجزلها جنبي ، sorry...
نهض يحيى من مقعده ، و استدار ليهتف غير مصدق : سما ..مش معقول..!
ضحكت سما و قالت : يحيى، الله ايه الصدفه دي، ياااااه عاش من شافك ..
ضحك يحيى بدوره و قال : مش دي الصدفه ، الصدفه انك انتي و فاتن كمان صحاب..
ابتسمت سما بدهشه و سألت : الله انتو تعرفوا بعض !
قالت فاتن بعجاله : اه احنا جيران .. و انتو؟
يحيى : زمايل فالكليه
أومأت سما مؤكده كلامه ثم قالت : بما ان طلع زيتنا فدقيقنا كده ، ايه رأيك يا يحيى تيجي و تحضر الندوه معانا..
سأل يحيى باستغراب : ندوه ايه ؟
قالت سما باستنكار : ندوة الشباب النااااااااااااجح ، فاكرها ، الندوه اللي كنت من مؤسيسنها!
توقف الباص لتقول سما : وصلنا يا فتون ، يلا بينا و انا هاعرفك بالشله كلها..
ابتلعت فاتن ريقها اثر نظرات يحيى المصوبه بضيق نحوها ، ترجلت الفتاتان من الباص و تبعهما يحيى الذي سأل قائلا : من امتى و انتو بتحضروا الندوه سوا...
التفتت سما قائله : دي اول مره ، شوف يا سيدي القصه كبيره اوووووووووووي ، تعال ادخل معانا و انا هاحكيهالك من طأطأ لسلامو عليكو
قالت فاتن بانزعاج : ده يحيى اكيد عنده شغل ، بلاش نعطله ، يلا..
قاطعها يحيى : لا ازاي ، انا هاجي و احضر و اسمع الحكايه كلها ..
ثم نظر بعتاب تجاه فاتن و أضاف : كلها
تمنت فاتن أن تهبط مركبة فضائيه لتخطفها و تريحها من هذا الاحراج ، لقد أعجبت جدا بفكرة الندوه منذ ان عرفها بها يحيى ، و لم تدر لم وجدت نفسها تبحث عن صفحتهم على الفيس و شيئا ادى الى الاخر ، لتتفق اخيرا مع سما على الحضور و الالقاء ، خاصه مع شعورها بالوحده الشديده أثناء سفرها لشرم الشيخ حيث تطلب المسلسل تصوير بعض المشاهد هناك ، مما جعلها تشعر بالتعاسه و فقدان الرفقه الحقيقه او بالأحرى افتقاد يحيى بدرجه كبيره ، ربما أرادت في ذلك الوقت أن تحس بوجوده بقربها عن طريق متابعة شباب الندوه ، و لكن ماذا سيظن يحيى بها الآن ، هل سيفهم أنها ما زالت معلقه به و ما حضورها هنا الا بكاء على أطلاله ، شعرت بالحماقه الشديده و النقمه على ثرثرة سما ، لو أن لسانها توقف قليلا قبل اخباره عن ذهابهن إلى الندوه ، اه ، تمنت فعلا أن تحضر تلك المركبه الفضائيه و الان ..
بعد دقائق اتخذ ثلاثتهم مقاعد في الصفوف الأماميه من القاعه ، لتقول سما : شوف يا سيدي ، انا اتعرفت على فاتن من خلال صفحة الجروب ، لقيتها على طول اون لاين و بتعمل لايكات وكومنتات و معجبه جدا بالفكره ، فبعتلها اد عندي و اتعرفنا على بعض و بقالنا مده عايزين نيجي و نحضر سوا بس كنا مشغولين الفتره اللي فاتت ، لغاية ما ربك عدلها و ادينا اتلاقينا .. ادي يا سيدي الحكايه ...
ابتدأ المنظمون للحفله باعتلاء المسرح ، و قدم المعد مقدمه عن الجروب و نشاطاتها ..
لتهمس سما الجالسه على يمين يحيى : على فكره ، اوعي تمشي بدري ، انا وفاتن اتفقنا هنطلع نلقى انهارده و محتاجين ناس تشجعنا ، حتى لو قولنا كلام اهطل و ده اللي هنقوله ..بس برده ميمنعمش لازم تصقف جامد و ترفع روحنا المعنويه..
ابتسم يحيى بفتور من تلك الجالسه على بعد مقعد منه و قال : اكيد ، متقلقيش اجمد تشجيع لكو انتو الاتنين
شكرته سما و أدارت وجهها لتتابع المُلقى التالي ، و بعد انتهائه ، نهضت من مقعدها قائله : انا هاروح اخد دور ، تحبي تيجي معايا يا فاتن...
قالت فاتن على الفور : لا لا روحي انتي ، انا هاتفرج انهارده ، مره جايه بقى..
ضحكت سما قائله بمرح : اه يا جبانه ، بس ملحوقه المره الجايه قعدالك لغاية اما تقومي و تبوحي بمكنوناتك يا جبااااااااااانه..
ابتسمت فاتن و تصلبت في مكانها اثر تحديق يحيى المستمر باتجاهها ، لينهض و يحتل مقعد سما الملاصق لمقعدها .. قال بعد برهه : انتي ليه غيرتي رأيك ، لو وجودي دايقك ، انا هامشي..
أخفت فاتن وجهها بباطن كفيها و قالت بصوت محشرج : ارجوك .. قلتلك انا مش بعرف اتعامل عادي كده..يا ريت تسبني فحالي بقى ..
شعر يحيى بالاستفزاز الشديد ، صحيح أنه هو من قام بإنهاء علاقتهما و لكن ذلك لا يعطيها الحق في تقمص شخصية المكلومه المغلوبة على أمرها ، خاصه و ان سبب الانفصال كان لاصرارها على اكمال المسلسل ، و ليس لسبب آخر من جهته ..
قال يحيى ببرود : دور الضحيه اللي انتي ماخده مش لايق عليكي ابدا ، متنسيش اصرارك على تكملة المسلسل كان السبب الوحيد اللي خلانا نسيب بعض مش حاجه تانيه ، فياريت بلاش تأوفري كده ...
نهضت فاتن من مقعدها ، غير قادره على تحمل المزيد من تُرهاته الغاضبة ، ركضت في اتجاه حمام السيدات لتتمكن من حفظ ماء وجهها و السيطره على دموعها التي أبت الا ان تُعلن حضورها..
حاولت السيطره على أعصابها و لكن دون جدوى ، شعرت بالحنق الشديد ، لقد حضرت هنا من أجل أن تنفث عن مكنونات صدرها و تنتهي من داءِ يحيى ، مسحت دموعها و عزمت على فعل ذلك بالتحديد ، لن تسمح له بأن يسبب لها مزيدا من الألم ، ستُخرج ما بصدرها و تنفيه من قلبها و إلى الأبد...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
فوجىء يحيى بجلوس احدهم بجواره قائلا : ازيك يا صاحبي ؟
تطلع يحيى اليه ثم قال : انس..انت لسه بتحضر هنا بردو؟
انس بابتسامه : اعمل ايه الشله بتوع زمان اصروا نتقابل هنا
ثم سأل : بس هو انت لسه على علاقه بالبنت دي ؟
يحيى بضيق : لو سمحت...
قاطعه انس : انا قصدي مصلحتك ، انت ناسي مين امها وفي حاجات كتير متعرفهاش عنها
يحيى بتصميم : ارجوك ، انا مبحبش اتكلم فالموضوع ده ، اوك
أنس : انا قصدي مصلحتك...
تنهد أنس ، فصديقه على ما يبدو يكن مشاعر قويه لتلك الفتاه ، و تمتم : كان قصدي اخدمه ، هيدبس مع واحده امها تيت و اختها تيت و كل العيله زباله..هتبقى هي ايه خضره الشريفه مثلا ....
قال أنس : طب عن اذنك انا كنت ماشي بس لما شفتك قلت اسلم الاول ، انت مش جاي الشركه ؟
يحيى : لا ، بس هتأخر شويه
أومأ أنس مغادرا...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
فوجىء يحيى بصعود فاتن على منصة المسرح ، و بعد أن قدمت الجنيه الخاص بالالقاء ، تقدمت متردده من الميكرفون ، لتنظر أسفل قدميها ، ثم و كأنها وجدت شجاعتها ، رفعت رأسها و حيت الحضور : السلام عليكم
صمتت ، ليشعر يحيى بتأنيب الضمير ، لتعود مقتربه من المايك قائله : دي اول مره القي هنا ، فبعتذر منكم لو كلامي هيكون ملخبط او مش مفهموم ، بجد المسرح له رهبه كبيره ..
صفق الحضور تشجيعا لها ..لتبدأ فاتن : بسم الله الرحمن الرحيم
تابعت : كان نفسي
كان نفسي يفهم
كان نفسي يفهم اني مش على طول هابقى ابيض و اسود
مش على طول هاكون واضحه و تصرفاتي مفهومه
كان نفسي يفهم اني ساعات كتير هاكون رمادي
ايوه رمادي
لاني لسه مش عارفه نفسي
و انا صغيره كان سهل اني اميز بين الصح و الغلط
بين الوجع و الفرحه
بين الابيض و الاسود
لان حياتي كانت سهله مفيهاش تعقيد
فيها ابيض و اسود
فيها شرير و طيب
يا احبك يا اكرهك
بس دلوقت مبقتش قادره افرق الابيض من الاسود
الصح من الغلط
احب مين و اكره مين
كان نفسي يفهم اني لسه محتاجه افهم
افهم من تاني
افهم من تاني الصح من الغلط
الابيض من الاسود
احب مين و مكرهش مين
ايوه مش هكره
حتى لو الحد ده اذاني
اكيد مش قاصد
لان مفيش حد ابيض على طول و لا اسود على طول
لازم يجي وقت و يبقى رمادي
زي ما جيه وقت وكنت رمادي
كان نفسي يفهم اني مش على طول هاكون ابيض واسود
كان نفسي يفهم
كان نفسي يفهمني و انا رمادي
لانه لو مفهمش الرمادي عمره ما يستحق يفهمني و انا ابيض و اسود
أنهت فاتن القائها : متشكره اوي لحسن اصغاؤكم
و هرولت مغادرة المسرح بسرعه كبيره ، تتبعت عينا يحيى خطواتها ، و حين اقترابها من بوابة القاعه ، هب واقفا و اسرع الخطوات للحاق بها...
و إلى المخرج سبقها ، و حين اقتربت وقف حائلا بينها و بين الباب ، ليقول : فاتن ، ارجوكي تسمعيني..
رفعت معصميها بحركه استسلام ثم أخفضتهما قائله : ارجوك انا سمعت كفايه ، سبني فحالي بقى..
ابتعد يحيى عن الباب مفسحا لها المجال للخروج ، ثم تبعها قائلا : انا اسف ، مكنتش فاهم ، كنت خايف ، خايف من حاجات كتير ، عشان كده كان اسهل حاجه اني ابعد ، ياريت تديني فرصه تاني عشان افهمك..
توقفت فاتن عن السير ، و نظرت له بتحد قائله : تفهمني ايه ، انك معندكش اي استعداد انك تسمعني ، مكلفتش خاطرك تعرف ليه انا اصلا وافقت اكمل فالمسلسل ، طبعا لا ، انا مش مهم ، المهم اللي انت شايفه صح لازم يمشي بدون اي نقاش ، و انا خلاص اكتفيت من الاسلوب ده فشكرا مش عايزه افهم حاجه تاني..
نفث يحيى بضيق و قال : حقك عليا ، انا غلطت ، بس كنتي متوقعه مني ايه ، جايه تقوليلي راجل غريب حضنك متوقعه ايه ، ازغرت ، عارفه الراجل اللي يقبل كده على مراته بيقولوا عنه ايه ؟
صوبت له نظره توحي بعدم معرفتها ، ليقول : ديوث ، اسمه ديوث اللي مش بيغير على اهل بيته ،و انا متربتش على كده ، بس برده انا كان لازم اسمعك و افهم انتي ليه وافقتي و بعدين اقرر اكمل او لا ، بس دلوقتي فهمتك يا فاتن ، فهمت و مستعد اكمل و عارف انه هيكون صعب بس بالتفاهم نقدر نوصل للحياه اللي بنتمناها ، واوعدك هحاول دايما افهمك و انتي رمادي..
رفعت فاتن كتفيها بيأس وقالت : اسكت ، من فضلك.. اسكت ... كفايه..
يحيى محاولا التخفيف من حده الموقف : هافهمك فكل حالاتك ابيض و اسود و رمادي و بمبي و كل الالوان يا فاتن ، اوعدك ....
فاتن بحسره : قولتلك اسكت من فضلك ...
يحيى بنبره تصميم : لا مش هاسكت يا فاتن ، و اوعدك ...
قاطعته فاتن ببرود : خلاص معدش ينفع ، انا فرحي كمان اسبوعين !
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
نهض أنس من على حاسوبه و الغضب يتملكه من تلك الثريه المدلله ، هل تظن أنها و بكل بساطه ستُخرجه من حياتها دون أن تدفع الثمن ، قال محدثا نفسه : ماشي يا حلوه ، هاديكي فرصه ، بس ساعة الجد قربت ..
لاحظ قنوط شيرين التي تجلس بالغرفه المجاوره لمكتبه ، كانت تنظر بجفاء تجاه مالك و سلوى اللذان على ما يبدو منخرطان في حديث جاد في الغالب حول أحد أكواد البرمجه...
دلف إلى مكتب مالك ، و قال محييا : صباحو يا جماعه
رد الجميع التحيه ، ليعود مالك و سلوى لنقاشهما الجاد ..
قالت شيرين : هو يحيى مش جاي انهارده ..؟
أجاب انس : هو قال هيتأخر شويه ، زمانه على وصول..
تمتمت شيرين : يارب يجي بسرعه بقى..
ابتسم أنس و جذب كرسيا ، ليجلس بجوارها ، ثم قال : ايه ، مالك ، عصافير الكناريا مزعلينك فحاجه..
زمت شيرين شفتيها ثم سألت : ايه الكلام ده ، عيب عليك ، سلوى ملهاش فالسكه دي..
ضحك أنس و قال : بس مالك له ، و شكله مستوي عالاخر ، شوفي بيبصلها ازاي..
تأففت شيرين و قالت بعصبيه : انت عايز ايه دلوقت...؟
رفع أنس كتفيه بلا مبالاه و أجاب وقد عنت له فكره مربحه : عايز اخدم و الله
سألت شيرين باستغراب : تخدم ازاي يعني !
أنس : يعني اوفق راسين فالحلال ، بصي انا عارف ان سلوى معجبه بيحيى ، و مالك معجب بسلوى ، و انتي معجبه بمالك ، يعني كلوو كلوو حب من طرف واحد ، يبقى احنا نعمل ايه نشيل ده من ده يقوم ده يزبط مع ده و انتي تزبطي مع حبيب القلب و الحكايه تبقى فله ..
عبست شيرين قائله : ايه الهباب اللي بتقوله ده ..!
أنس ببرود : الحقيقه ، بصي نصيحه مني ليكي ، متبقيش مثاليه زياده عن اللزوم و الحاجه اللي نفسك فيها حاولي توصليلها و مش مهم الطريقه المهم انك توصلي و تحققي هدفك و ده شعاري فالحياه على فكره..
فكري فكلامي كويس ، و انا فالخدمه و كله بتمنه يا حلوه..
تركها تصارع أفكارها ، حسنا لقد القى الطعم بامكانه الان الجلوس وا لانتظار ، فتلك الفتيات كسلوى و شيرين و خاصته نوف ، ينعمن بثراء فاحش دون أي وجه حق ، لم لا يلاعبهن كالعرائس و يكسب بعض المال ، فهو بحاجه إلى كل قرش لينتشل نفسه من ذلك الحي الشعبي الحقير الذي يقطنه ، و في نفس الوقت أفكاره تلك لن تضر يحيى و لا مالك ، هم فقط موهومون بالحب الاول ، و سيكونون أفضل حالا عندما يتركون الحكم لعقلهم في اختيار شريكة الحياه ، فيحيى سيكون أفضل حالا إن ارتبط بفتاه كسلوى ، و مالك لن يضيره كثيرا ارتباطه بفتاه مثل شيرين فهي ايضا لا تقل مالا و لا نسبا عن رفيقتها سلوى و الأهم أنها تحبه على النقيض من الأخيره ، اذن الكل رابح..
↚
¤ أمِن الجيد أن تعرف نقطة ضعفِ أحدهم ؟ ¤
----------------------------------------------------------------
قالت فاتن : خلاص معدش ينفع ، انا فرحي كمان اسبوعين !
تمنى يحيى أن تكون تلك مجرد مزحه ، او ألعوبه أخرجتها من صندوق تساليها ثائرةً فيها لكرامتها ، أو لربما هلوسةً التقطتها مخيلتها من ذلك الدور الذي لعبته في مَن كان العلة وراء افتراقهما..
تمنى...و لكن الواقع عارضَ أمنياته ، شاهدها تبتعد عنه بخطوات متثاقله ، وقف لبرهه عاجزا عن اصدار اي رد فعل ، لتلوح له نظرة الانكسار في عينيها ، تلك التي طالعته بها وقت القاء خبرها المشؤوم قبل قليل..
تحرك مسرعا ، و لحق بها ، سارا جنب إلى جنب ، قال يحيى من بين أنفاس متقطعه : استنى ، مش هنعمل زي كل مره ، حد يرمي للتاني كلمه ، و نبقى خلاص خلصنا ، أنا من حقي أفهم ، فرح ايه ده اللي بعد اسبوعين ، و امتي و ازاي و قابلتيه فين ، و لحقتي تنسينا كده بسرعه ، ده انا مفيش يوم مر عليا الا و انتي اول حاجه بصحى افكر فيها وانام قلقان عليها ...فهميني ازاي...!
تسمرت فاتن في مكانها ، و قالت بصوت متحشرج : مش لما افهم انا الاول .. انا مبقتش فاهمه حاجه خلاص...ماما عايزه كده و انا مقدرش اشوفها بتتبهدل و اقف ممدش ايدي ليها..
قال و الغضب لم يبارح وجهه بعد : يعني ايه ، هتتجوزي عشان مامتك عايزه كده ..!
تململت فاتن محركه قدمها في حركات دائريه ، و قالت : اصلها مديونه و كاتبه شيكات على نفسها لناس كتير ، و بعدين لو مسددتش هيترفع عليها قواضي و مش بعيد تتسجن ، و انا مش عايزه ماما تتبهدل ...
تتبع يحيى تلك الدوائر التي ترسمها بقدمها ، و التي تكشف عن مدى توترها ...
قال بصوت هادىء ليبعث الطمأنينه إلى نفسها : طب ازاي جوازك هيحل المشكله ...؟
توقفت فاتن عن رسم الدوائر ، و تصلبت قدماها و جسدها بأكمله ، ثم قالت : عشان اللي هاتجوزه وعدها أنه هيسددلها كل المبالغ ديه بس الاول نتجوز...
صعق يحيى قائلا : يعني هتبيعك مقابل انها تنقذ نفسها ، امك دي..
قاطعته فاتن بانكسار : يحيى ارجوك.. مفيش داعي..
ليقاطعها بدوره : مفيش داعي لايه بالظبط ، اظن الوقت جه عشان تشوفي امك على حقيقتها ، الام التي تبيع بنتها متستاهلش اصلا لقب ام ، و انتي مستلسمه كده ليه ، هتضيعي حياتك عشان واحده ضيعت حياتها بارادتها ، اوعي تكدبي على نفسك يا فاتن ، امك دي عمرها ما كانت الام التي تستاهل تضحي بحياتك كلها عشانها ، اوعي تفتكري اني مكنتش حاسس بيكي ، في كل موقف بتيجي فيه سيرتها كنت بشوف الالم مالي عينكي ، انا فاهم يا فاتن.. فاهم اوي مش زي ما قولتي عالمسرح ...
أمسكت فاتن بعنقها ضاغطه عليه بشده لتمنع صدور شهقاتها ...
ثم قالت بعد أن تمكنت من السيطره على انفعالها : اللي ايده فالميه يا يحيى ...
ضحك يحيى بمراره : بس انتي كده هتفضل ايدك فالنار على طول يا فاتن ..
فاتن بحسره : بس دي امي ، مقدرش اتخلى عنها فعز ما هي محتاجاني..
رفع يحيى رأسه إلى السماء ، طالبا العون من الله ، قال بعد أن عنّت له فكره : طب ايه رأيك لو جه حد تاني و ساعد مامتك ، و بكده مش هتضطري تتجوزي ....
بتر كلماته ، ليعود و يسأل بنبره مشتعله بالغيره : صحيح ، مين بقى الفارس الهمام اللي هينقذ مامتك و ياخدك كادو لخدماته الجليله...
ردت فاتن بأسى : منتج المسلسل ، و ارجوك بلاش الاسلوب ده ، انا فيا اللي مكفيني ..
قال يحيى بتصميم : انا عايز اقابل والدتك ، يا ريت تحدديلي معاد معاها و بسرعه..
فاتن : ليه ..؟
يحيى : من غير ليه ، انا ضروري جدا اقابلها ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
ابتسمت ليلى سعيده لاجل كِنان ، فصحفته على الفيس زاخره بالصور الحديثه و التي التقطها خلال ممارسته لوظيفته الجديده كمراسل لقناة الحقيقه في فلسطين ، تابعت نقرها على باقي الصور لتقف متأمله احداها بقلق بالغ، حيث يقف كِنان على احدى الحواجز المَلئى بالجنود الاسرائيلين و التي تُنصب في العاده بين مفترقات الطرق لتفتيش المواطنين الفلسطينين من قبل أولئك الجنود ، و خلف كِنان كانت تقف مجموعه من الفلسطينين معظهم سيدات و اطفال و رجال كبار فالسن ، و بحدسها الصحفي استنتجت ما يفعله كِنان و هو توثيق الظلم و الاهانه التي يتعرض لها الفلسطينيون على يد المتغرطسين الصهاينه ...
ابتسمت و لكن بفخر هذه المره و نحت القلق جانبا ، فكِنان و كما حَلُم دوما ..انطلق ليحقق طموحاته و يحدث فرقا في العالم ، و تذكرت حديثهما ذات مره ، عندما أخبرها بأننا سنعيش حياتنا مره واحده فقط ، فاذا عشناها وفق قناعاتنا ستكون المره كافيه ، و لن نبكي بحسره على ما كان باماكننا ان نحققه و نحن على فراش الموت.
انهت مشاهدة الصور ، ثم ظلت متردده لبضع ثوان ، هل تقرا رسالته الاخيره ام تحتفظ بها دون قراءه كالرسائل التي بعثها سابقا او بالاحرى يوميا ، فمنذ وصوله الى مقر عمله في فلسطين ما انفك يبعث لها برسائل لم تعرف محتواها و لم تجرؤ على قرائتها ...
انتهت حيرتها حين دلفت والدتها الى الغرفه لتخبرها بحضور تميم ، و بضرورة خروجها لملاقاته..
حذفت الرساله دون قراءتها ، معيدة اياها الى ذلك العالم الافتراضي بضغطة زر Delete، و تمنت لو ان الحياه الحقيقه ملئى بازرار الDelete ، لتحذف تميم من حياتها ، ثم تعود و تحذفه من ذكرياتها ، لتعود مجددا و تضغط زر التأكيد بعدم السماح له بالعوده مجددا...
و على شرفة شقتهم المتواضعه ، وجدته جالسا على احد المقاعد ، ابتسم بتشفى عندما رآها قادمه ، دلفت ليلى و حيته قائلا : ازيك يا تميم..؟
تميم : بخير يا بنت عمي ، بخير ..
اتخذت ليلى مقعدا بعيدا عنه و سألت : ها ايه الجديد ..؟
طرقع تميم أصابعه و قال : الجديد بقى اني قررت ان شاء الله لما نتجوز نعد ويا اهلي ، لان بصراحه يا بنت عمي انا معنديش ثقه فيكي نهائي و لازم تكونلي عيون تبلغني اللي بتعمليه فغيابي ...
تلقت ليلى نبأه بلامبالاه ازعجتها هي شخصيا ، الهذا الحد وصل بها الاستسلام ، تجلس متفرجه على حياتها بلا حول و لا قوه...
تنفست بعمق محاولة طرد صورة كِنان على ذلك الحاجز من ذاكرتها ، و لكن تأثيرها كان اقوى من كل ازرار الDelete، لتقول دون أن تفكر في كلماتها : انت ازاي هتضيع حياتك مع واحده انت متاكد مليوون فالميه مش بتحبك ، ليه تعمل كده فنفسك ، ليه متتجوزش واحده مستعده تسعدك ، ليه مصمم عالجوازه دي ليه تضيع عمري و عمرك ...
ضحك تميم بسخريه ضاربا كفا بكف : اضيع عمري ، و الله انتي نكته ، متقلقيش عليا يا وزه ، انا مصمم اتجوزك عشان اطلع البلا الازرق على جتتك ، و لا انتي فاكره نفسك هتبقى الهانم.. لا انتي للخلفه و خدمة امي ، اما مزاجي فليه اعتبارات تانيه ، بس متقلقيش هلاقي برده اللي يحبوني و يسعدوني ده البنات على افا مين يشيل ، ال هضيع عمر ال ..
قالت ليلى بحسره : انت مش خايف اقول كلامك ده لبابا ...
ابتسم تميم قائلا : مشكلتك يا بنت عمي ، انك مش عارفه ابوكي كويس و لا فاهمه تقالدينا و عادتنا اللي مترسخه فقلب ابوكي قبل عقله ، و اديكي بقالك سنين بتتعاركي وياه على جوزنا ، جبتي نتيجه ، طبعا لا ، لان عمي شارب سلو بلدنا و يوم ما فكر يغلط و يخرج عن العادات ديه ابويا اضطر يدخل و كان الدم هيبقى للركب لولا ان ابوكي فاق قبل فوات الاوان ، عشان كده لا يمكن ابوكي يزعل اخوه الكبير و الا هايبقى في حوار تاني خالص اكبر من مجرد جوازه ما تمتش ..
لم تفهم ليلى مقصده الحقيقي ، بل اثارت كلماته في نفسها تساؤلات كثيره ، سألت بفضول : تقصد ايه بالغلطه اللي عملها ابويا ...؟
ارتبك تميم ، و أجاب بفتور : هو احنا هنقلب فالدفاتر القديمه ، سيبك و قوليلي انتي بتستحمي كام يوم فالاسبوع ، اصل الوالده وصتني مخصوص اسألك عشان ننظم المواعيد و ميحصلش احراج ..
ضحك بشكل هستيري ثم اضاف : اصلها بتغير على ابويا لحد دلوقت ، و مش عايزاه يلمحلك ضفر يعني انتي ست العارفين بقى عرايس جداد وكل شويه هيلزمنا الحموم ...
نهضت ليلى من مقعدها ناظره له بتقزز و قالت : انا قايمه اصلي و صدقني من قلبي هادعيلك ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
شعرت ديما بالخجل الشديد من نفسها ، فلتوها عادت من المشفى بعد زيارة طويله لأبيها ، و الذي أخبره الأطباء بأن بامكانه الخروج من المشفى غدا و العوده لممارسة حياته بشكل طبيعي ، ليقرر اباها السفر خلال يومين و العوده لعمله ، مما أثار الحزن لديها ، بدلا من ان تفرح لسلامة والدها ، فقريبا ستغادر و تترك لؤي ، و لن تراه مجددا ، ربما لسنين اذا ما سمحت ظروف عمل والدها بالسفر وا لحضور لمصر مره أخرى ..
عدا عن شعورها بالخزي من نفسها ، سيطر التوتر على كل ثنايا جسدها ، ستترك لؤي محاطا بكل تلك الجميلات و اللاتي يشاركنه في ذلك المسلسل ، حتى و ان انتهى منه ، بالتأكيد ستلوح له فرصه أخرى و ربما دور أكبر ، فلقد أخبرها بحماس المخرج الشديد تجاه موهبته ووعده بدور أكبر قريبا ليدخل في مصاف النجوم الشباب ، عليها أن تتحرك سريعا من أجل تغيير صورتها المحفوره في جدران عقله ، فحتى الان لم يغير نظرته تجاهها ، بالنسبه له هي تلك الطفله السمينه محبة الاكل والتسالي...
خرجت من الغرفه و اتجهت إلى غرفة المعيشه حيث تجتمع العائله ، حيّت الجالسين و اتخذت مقعدا لتتفرج بدورها معهم على نشرة الأخبار ...
راقبت لؤي و الذي ما انفك يعبث في هاتفه ، لتستحضر تلك الفكره و التي جَبُنت عن تنفيذها سابقا ..
لكن اليوم لا وقت للتردد.. عليها أن تثبت نفسها و جدارتها بحبه ، كما فعلت قدوتها في احد المسلسلات الاجنبيه..
أمسكت بهاتفها ، ليدلف يحيى إلى البيت محييا الجميع بابتسامه باهته ....
سألت خديجه : يحيى ، احضرلك الاكل يا ضنايا...؟
يحيى : متشكر يا ست الكل ، انا هاخد دش الاول و بعدين ابقى اشوف اي حاجه و اكلها متتعبيش نفسك..
اتجه يحيى إلى غرفته ، و عاودت ديما العبث في هاتفها ، باحثه عن تلك الصوره التي التقطتها حين ارتدت البيبي دول الخاص بليلى ، و الذي يظهر مفاتنها بشكل فاضح ..
بعد بحث استغرق ثوان ، وجدتها لتقوم على الفور و دون أي لحظة تفكير بارسالها إلى هاتف لؤي ..
و الان حان وقت الانتظار و التلذذ بردة فعل لؤي ...
انتظرت دقيقه ، تلتها دقيقه أخرى ، و لم يصدر هاتف لؤي أي صوت يدل على وصول تلك الصوره إلى هاتفه ، والذي ما زال ممسكا به يتطلع ربما الى احد المواقع الاكترونيه...
التقطت هاتفها لتتأكد إن كانت قامت فعلا بارسال الصوره ، أظهر هاتفها بأن الصوره قد تم ارسالها فعلا ، و لكن ...
شهقت ديما رعبا ، و اسرعت عاديه في اتجاه غرفة اولاد خالتها ...
لم تطرق الباب ، فيحيى بالتأكيد ما زال في الحمام ، و لحسن حظها وجدت سترته ملقاه على السرير ، أمسكت بها باحثة عن هاتفه ...
ليقول لؤي الواقف بالباب : فيه ايه ، مالك قمتي مفزوعه كده .. و بعدين بتفتشي جاكت يحيى ليه...؟
وقفت ديما تبحلق فيه عاجزه عن النطق ، ليقول لؤي : الله مالك يا بنتي ما تنطقي ...؟
ألقت الستره على السرير مره أخرى ، و قالت : مفيش...
لاحظ لؤي قبضتها الشديده على هاتفها ، دقق النظر ثم قال : الله .. مش ده موبايل يحيى ....؟
ارتبكت ديما و قالت : اصل ....
ابتسم لؤي : اصل ايه يا مفعوصه ، عايزه تكلمي مين ، و بعدين مش انا من يومين شحنتلك ، لحقتي تخلصي رصيدك ..عموما سيبك من يحيى ، خودي موبايلي اهو ..
تقدم لؤي لاعطائها هاتفه ، لتتراجع ديما على الفور ، قائله : لا بس موبايل يحيى احسن...
صوب لؤي نحوها نظرة مشككه ، ثم قال : هي ايه الحكايه .؟
ليدلف يحيى إلى الغرفه بعد ان أنهى حمامه السريع و دون ان يلاحظ وجود ديما ، نظرا لانشغاله بتجفيف شعره
نهر اخيه قائلا : مالك..صوتك عالي ليه يا لؤي ، بتخانق الحيطان و لا ايه نظامك !
شعرت ديما بالحرج الشديد نظرا لحال يحيى ، فلقد خرج لتوه من الحمام و لم يكن يرتدي سوى منشفه الحمام على وسطه ، ألقت هاتف يحيى أرضا ، و ركضت بسرعه إلى خارج الغرفه...
تطلع الاثنان في اثرها ، ليسأل يحيى : عملتلها ايه المرادي ..؟
رفع لؤي كتفيه و قال : و الله و لا حاجه ، قامت مفزوعه و لحقتها لئتها بتفتش في جاكتتك و بعدين شكلها كانت عايزه الموبايل بتاعك قولتلها تقدر تتكلم من موبايلي مرضيتش...
صمت لؤي ثم استدرك شيئا ما قائلا : بس هي قامت مفزوعه ليه !
التقط هاتف يحيى من الارض ، و قال بعد أن رأى الشاشه تضيء معلنه وصول ملف جديد : حد بعتلك صوره يا كابتن !
فتح يحيى ملف الصوره ،و خلفه لؤي الذي اعتراه الفضول بعد موقف ديما الغير مفهوم ، ليشاهدا بأعين غير مصدقه صورة ديما في قميص للنوم فاضح جدا ...
بقيا لثوان يحدقان في تلك الصوره محاولان أن يجدا تفسيرا ما ، ليقول يحيى بحرج : شكلها بعتتها غلط ..
قال لؤي بغضب : انا هاروح اكسر دماغها العبيطه دي..
يحيى بهدوء : سيبك منها ، و انا هاكلم ليلى و توصيها تبقى تاخد بالها بعد كده...
أومأ لؤي موافقا أخيه في الظاهر فقط ، خرج من الغرفه و اتجه باحثا عنها .. وجدها جالسه على احد المقاعد في الشرفه ، حاول السيطره على غضبه والذي تداخلت به مشاعر أخرى ، لم يعتقد قط أنها موجوده تجاه ابنة خالته ، و لكنه انزعج و بشده من وقوع تلك الصوره تحت ناظري أخيه ، أهي الغيره على ديما ، نحى تلك الفكره من رأسه ، فلِمَ يغار عليها ...؟
دلف إلى الشرفه ، محاولا تلقينها درسا دون الافصاح عن مشاعره ، فقال بسخريه محاولا اغاظتها : كمان طلعتي عبيطه و مش بتفهمي فالموبايلات ، صحيح انك عيله بجد...
فغرت ديما فاهها ، و شعرت بالخزي الشديد ، فبدلا من تحسين صورتها في نظره ، أضافت الغباء لتزيد الطين بله ، هذا عدا عن موقفها المحرج جدا مع يحيى ، قالت بعد أن استدركت غباءها : و يحيى شاف الصوره ؟
أومأ لؤي : اها ، ثم أضاف بلهجه غاضبه : اوعي تكوني قاصده تبعتيهاله ، ده انا كنت اموتك ....
صمتت ديما ، منذهله من تغير مزاجه ، عاد ليقول : انطقي كنتي بعتهاله مخصوص!
عضت ديما على شفتها السفلى ، لتضيف واحد إلى واحد ، لتحصل على بصيص أمل في طريقها المظلم نحو قلب لؤي ، ربما إن ظن أنها معجبه بيحيى ستتحرك بداخله مشاعر الغيره كما هو واضح أمامها ، و بالتأكيد سيدفعه ذلك الى الافصاح عن مشاعره تجاهها خوفا من ضياعها من يديه ...
ابتسمت ببرود و قالت : و افرض ، انت مالك !
ركل لؤي المنضده القابعه أمامها ، شاعرا بالخيبه و أحاسيس أخرى لم يُعرها اهتماما الان ، فلقد خسر من ظنها نصيره الوحيد ضد يحيى ، فعلى ما يبدو أنها من أكبر معجبينه و تلك الصوره خير دليل..
قال لؤي محاولا اخفاء مشاعره الحقيقيه و رد القلم الذي صوبته إلى قلبه : ابدا ، بس انا قلبي عليكي ، شوفي الحاجات دي بتلبسها البنات الموزز ، اللي جسمها مانيكان مش الدباديب اللي زيك..
شعرت ديما بالاهانه الشديده ، قالت مقاطعه اياه : عموما اللي يهمني رأي يحيى ، مش رأي حد فاشل زيك..
لقد علم كلاهما نقطة الضعف لدى الآخر ، و بكل سهوله و دون تردد استلا سكينتهما ووجها لبعضهما الطعنه القاتله ، و للحظات اشتبكت نظراتهما الجريحه في لقاء أبكم ، حرص فيه كلاهما على إخفاء مشاعره الحقيقه ، فديما قابلته بنظره متحديه ، فما عاد رأيه يهم بعد الآن ، أما لؤي أنزل ستارة اللامبالاه على عينيه ، محاولا إخفاء تأثير تلك الكلمه في نفسه...
أشاح كلاهما بنظره في نفس الوقت ، و كأنهما اعلنا و بصمت ان لحظة الفراق قد حانت ...
ابتسم لؤي بمراره ، فلقد خسر مؤيدته الوحيده ، و لكن المضحك المحزن انها أيدته أيضا في اعلان لحظة الوداع...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
شعرت شيرين بمدى صدق المقوله بأن الحب كما يجلب السعاده فإنه يحمل في طياته ألما كبيرا ، لقد كان من الصعب عليها اليوم الجلوس و مشاهده مالك يتودد إلى سلوى بتلك الطريقه التي تفضح مشاعره القويه تجاهها ، لم تستطع المكوث دقيقه أخرى ، حملت حقيبتها و همت بالمغادره..
قال مالك بنبره متفاجئه : ايه يا شيري انتي مروحه ؟؟؟
ابتسمت شيرين و انتعش الامل بداخلها ، فقد لاحظها اخيرا ، قالت : ايوه ، الوقت اتأخر و مضطره اروح..
نظر مالك بضيق وقال : طب احنا فضلنا يدوب عشر دقايق و نخلص ، استني كمان شويه ، بلاش سلوى تروح لوحدها فالوقت المتأخر ده ...
عادت لتجلس و قد انطفأ الأمل بداخلها ، قال أنس الملاحظ لتصرفاتها : ما قلتلك حلها عندي ...
قالت شيرين و كأنها تبرر مجاراتها له فالحديث : عندك حق ، سلوى مش بتحبه ، يبقى حرام اوي يعلق نفسه بيها بالشكل ده ، بجد حرام ، ليه كلنا لازم نتعذب كده ، انا و سلوى و مالك ، ايه الحكمه فكده ، ليه اللي بنحبهم مش بيحسوا بينا ، ليه مش فاهمه ليه ...!
قال أنس : شوفي انا عمالي بمخمخ في حاجه كده و لو قدرت اسبكها هنطلع كلنا بمصلحه جامده..
نظرت شيرين تجاهه بقلق و سألت : انت ناوي على ايه بالظبط ؟
أجاب انس : لما اسبك الحكايه ، هاكلمك و انتي حره لو حابه انفذ هانفذ بس طبعا كله بتمنه ، و انا هاضطر اجل حاجات ضروري اعملها ، بس عشان خاطرك تتأجل و بدال ما بقى انا المستفيد الوحيد ، كمان انتي تزيحي انتيمتك من طريق حبيبك و برده كمان هي الاوخرى نفضيلها الطريق لقلب يحيى ، وكله كله كسبان و ربنا ، بس انتي جمدي قلبك كده ، التكتيك ده محتاج قلب أسد مش قطه يا قطه...
لم يفصح أنس عن ما أطلق عليه " تكتيك " و لكن في قرارة نفسها أيقنت بأنه بالتأكيد سيتبع طريقا ملتويا ، و لكن عدا النقود التي سيحصل عليها منها ، ما هي مصلحته تحديدا...
همت بالسؤال و لكنه أوقفها بعد أن استطاع قراءة مقصدها دون كلمات : مستأليش حاجه دلوقتي ، فكري انتي مستعده تروحي للاخر عشان تنولي اللي عايزاه و لا مش اد المخاطره و هتنخي بسهوله ، فكري و كلميني و ياريت بسرعه ، اصل اخوكي مزنوق اوووي...
ابتلعت شيرين ريقها قلقه من نفسها التي بدأت تسول لها بالموافقه على خطته ايا كانت ، فكل شيء جائز في الحب و الحرب كما يقولون ...أو هكذا بررت ضعفها
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
في صباح اليوم التالي حضّرت ديما حقيبتها ، و ودعت ليلى متنميه لها التوفيق في حياتها ، و سرا دعت لها بأن يزيح الله غمة تميم عنها و إلى الأبد ، سلمت على زوج خالتها و احتضنت خالتها التي أوصتها بنفسها خيرا .
حضر يحيى و الذي سيرافقها حيث الفندق الذي يقطن فيه حاليا والديها بعد خروج أبيها من المشفى ..
قال يحيى : مش يلا بينا ...
ترددت ديما لثوان ، ظنا منها بأن لؤي سيخرج لوداعها ، و لكن يبدو أن ستارة النهايه على ما كان بينهما ، أيّا كان تعريفه ، قد أُسدلت و إلى الأبد ...
ابتسمت نصف ابتسامه و قالت : اها انا جاهزه ، و اسفه هاتعبك معايا...
فرك يحيى جبينه و قال : تعب ايه بس ، ده احنا هنفقتدك جدا ..
ثم اقترب منها هامسا : خصوصا الواد لؤي ، بس يلا ربنا بيحبك و هتخلصي منه و من رخامته...
ابتسمت ديما اثر كلماته ، و نحت حرجها منه بسبب تلك الصوره و سألت بصوت خفيض : بجد ؟
أومأ يحيى برأسه ، غير مدرك لمدى تأثرها بكلماته ، ثم أضاف : ايوه ..ده سألني ميت مره امتى هاوصلك
حمل حقيبتها و فتح الباب ، لتسأل ديما بعد أن أصبحا خارج الشقه : احم.. طب ليه مصحيش يودعني...؟
نظر لها يحيى بحيره ، لتقول ديما بتوتر : اقصد يعني هو دايما اللي كان بيوصلني ، انت على طول مشغول ، ووراك حاجات مهمه ، ثم أضافت بمرح لتخفي حرجها : مش فاضي تشتغل الشوفير بتاعي زيه...
قطع عليها استرسالها في الحديث ، ظهور لؤي بالباب ...
قال لؤي بقنط : طب كويس اني عرفت مقامي عندك..شوفير و فاشل و ايه كمان ...
قالت ديما و قد تذكرت كلماته القاتله لها البارحه : مقصدش بس يحيى اكيد وراه مسئوليات اكبر منك بكتييييير
تدخل يحيى قائلا : صلوا عالنبي يا جماعه ، وانت يا لؤي ديما خلاص هتسافر بكره ، مفيش داعي لاي زعل بينكو ، أضاف يحيى مازحا بعد أن لاحظ مدى التوتر بينهما : يلا يا ولاد كل واحد يعتذر للتاني و يا دار مدخلك شر..
بقى الاثنان مسمران يحدق كل منهما للاخر بعناد واضح، ليقول يحيى : ها هنفضل عالحال ده كتير ..!
قال لؤي بحنق : لا ازاي ، حقك عليا يا ديما ، و ابقى خودي بالك من روحك ودراستك وعايزينك الزياره الجايه تظبطي نفسك كده عشان تقدري تبعتي صور عِدله لمعجبينك..
قال يحيى بغضب : الظاهر مفيش فايده فيك ، يلا بينا يا ديما ...
تبعته ديما بعيون دامعه و تبعتهما نظرات لؤي الحانقه عليها و على أخيه ....غير عابئا بصوت ضميره..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
استيقظت نوف شاعره بالارهاق الشديد من ليلة امس حيث تم زفافها على تركي ، و لكن تحاملت على نفسها و نهصت من الفراش لتستعد لسفرهم اليوم لقضاء شهر العسل في مصر كما وعدها زوجها المحب ..
ابتسمت و دلفت إلى الحمام ، لتجد رساله على المرآه من تركي ، يخبرها فيها بأنه يحبها و سوف يعود قريبا بعد أن يقوم بدفع الحساب للفندق...
شعرت بالغبطه الشديده ، و تساءلت كيف يوما أحبت رجلا غيره ، وعند هذه الفكره شعرت بالقلق الشديد ، فالرساله الأخيره من أنس كانت توحي بتلميحات مقلقه ، ولكن ستتفاءل خيرا ، بالتأكيد رسائله كانت وسيله لينفث عن غضبه ليس الا ، و مع الوقت سينساها ، كما تناسته هي في خضم فرحتها بمعاملة تركي الحانيه معها ، أنهت حمامها و فتحت الخزانه لتختار ملابسا مريحه للسفر ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
بعد أن قام بتوصيل ديما إلى وجهتها ، هاتف فاتن ، و التي ردت عليه فالحال ..
يحيى : ها كلمتي مامتك..؟
فاتن بتردد : اصل..لو حابب تكلمها يبقى دلوقتي ، لانها عندها تصوير كمان ساعه ..
يحيى : و مالك قلقانه كده ليه..؟
فاتن : اسمع ، تعال دلوقتي و بسرعه ، و سوري انا مقلتلهاش انك عايزها فموضوع ، مش عارفه بقى ، اتصرف انت بمعرفتك ...
تأفف يحيى : حاضر ، انا طالع فالاسانسير ثوان واكون عندكو...
و بعد ثوان ، دق جرس الباب ، فتحت فاتن قائله : انا هاديها خبر دلوقتي ، اتفضل فالصاله عبال ما اقولها
أومأ يحيى تابعا فاتن حيث أشارت إليه بالجلوس ...
دلفت فاتن إلى غرفة والدتها ، و التي كانت تتزين من أجل المغادره بعد دقائق ..
سألت انجي : مين ؟؟؟
قالت فاتن بتوتر : ده يحيى ، جاي مخصوص عشان يتكلم معاكي..
ضحكت انجي بسخريه : و ده عايز ايه ، مش انتو خلاص فركشتو..!
تململت فاتن ، لتصرخ انجي بغضب : هو انتي رجعتيله يا حيلة امك !
فاتن : ماما ، وطي صوتك ، يحيى فالصاله..
انجي بغضب : عايز ايه انطقي....
فاتن بذعر : معرفش ... و ربنا ما اعرف
سددت انجي نظره حانقه باتجاهها و خرجت لملاقاة يحيى و تبعتها فاتن لتدلفا الصاله سويا...
انجي : اهلا و سهلا بجارنا الكريم ، فاتن قالتلي عايزني فموضوع ها ..خير..؟
نهض يحيى من مقعده قائلا : اتفضلي حضرتك عشان نقدر نتكلم ..
جلست انجي بتأفف ، و جلس يحيى قائلا : انا جاي اطلب ايد الانسه فاتن ..
قاطعته انجي : فاتن مخطوبه وفرحها بعد اسبوعين ، اسفه جيت متأخر اوووي
قال يحيى ببرود : لو تقصدي عالصفقه اللي عملتيها فانا مستعد اسددلك الديون و الشيكات اللي عليكي ، و كمان نقدر نوكل محامي شاطر و هو ينظملك الدفع بطريقه قانونيه و يتفاهم مع الديّانه ..
قالت فاتن بدهشه : منين يا يحيى ..؟
ضحكت انجي بسخريه : هو انت حيلتك اللضا ، قومي يا بني شوف اللي وراك و متعطلنيش اكتر من كده..
قال يحيى بحنق : يا ريت حضرتك تتكلمي باسلوب احسن من كده ...
انجي : و كمان هتعلميني اتكلم ازاي يا جربوع انت..
نهض يحيى من مقعده قائلا : عموما انا هاعمل خاطر لفاتن ومش هارد عليكي..
انجي باستهزاء: لا والله كتر خيرك ..
فاتن : ماما ارجوكي ..ميصحش كده !
يحيى بغضب : مفيش داعي يا فاتن ، انا ماشي و هاكلمك بعدين ...
خرج يحيى ، لتقول فاتن : انتي ايه مشكلتك ، الفلوس ، ووعدك يحيى يدفعهالك ، ليه تعامليه بالطريقه دي..؟
صرخت انجي بغضب : انتي اتهطلتي فنافوخك ، فلوس منين اللي هيدفعها دي ، هو اي حد يقولك بؤين حمضانين تقومي مصدقاه ، يا خيبتك التقيله يا انجي ، يا بت ادردحي شويه ..
قالت فاتن مختبره والدتها : طب افرضي افرضي كلامه صحيح ، يبقى مشكلتك اتحلت و انا كمان مش هاضطر اتجوز اللي اسمه خميس ده !
حتى و ان امتلك يحيى مالا وفيرا ، لم تكن فاتن لتوافق على تسديده ديون والدتها ، و لكن أرادت بنقاشها ذاك أن تضع النقاط على الحروف بالنسبه لبعض الشكوك التي اقلقتها تجاه والدتها ، فأثناء تصوير المسلسل وعدتها بأن يكون الأخير و بأنها ستسدد جميع ديونها حال حصولها على اجر فيلمها الحالي ، و لكن كل شيء تغير بعد انتهاء المسلسل ، لتبوح لها انجي بأخبار جديده عن ديونها المزعومه ...
قالت انجي بحنق : هتتجوزيه و رجلك فوق رقبتك ، ده هو الوحيد اللي لسه مستعد ينتجلي..
قالت فاتن بغضب : يعني مش حكايه ديون و فلوس و شيكات ، انتي بس خايفه لنجوميتك تنتهي و عايزاني انا ادفع التمن عشان تفضلي عايشه فالمجد والشهره بتوعك..
قالت انجي بازدراء : مش عاجباكي الشهره والمجد ، دول اللي دخلوكي احسن مدارس و لبسوكي احسن لبس ، ده انتي الوحيده فولادي اللي اتنازلت و قررت اربيكي ، عارفه يعني ايه صوري تتنشر و معايا بنت شحطه ادك ، عارفه يعني اسمع بوداني الناس بتتكلم اني عجزت و بقت عندي بنت عروسه ، و مع ذلك اتحملت و مرضتش ارميكي ، لان ابوكي لا يمكن كان يتحمل مسئوليتك و لقتني باجي على نفسي و اقول ما اربيها يمكن تنفعني بعدين ، و دلوقتي دي جزاتي ..جزات معروفي معاكي ، عايزاني ادفن بالحيا ...
ثم أضافت انجي بتأفف : ده كل اللي يهمك نفسك و بس .. انا فين .. فين تقديرك لتضحياتي اللي عملتها عشانك ...
قالت فاتن : انا اسفه مقدرش اضيع حياتي مع واحد زي خميس ، اطلبي اي حاجه تانيه لكن ده مستحيل ، مستحيل ارتبط بيه بس عشان المجد و الشهره بتوعك ، و صدقيني دوام الحال من المحال ، و قبلك فنانات كتير ملو الدنيا شهره و صيت و دلوقتي محدش بيسمع عنهم حاجه ، ارضي بنصيبك يا ماما ، ارضي باللي ربنا كتبهولنا ، و انا والله مستعده اديي عنيا ليكي بس جواز من الراجل ده مش هاقدر ..مش هاقدر
قالت انجي بحزم : اقسم بالله لو ما اتجوزتيه لكون طارداكي بره البيت و ابقى وريني هينفعك ازاي سي يحيى بتاعك..
قالت فاتن بانكسار : و انا قلتلك رايي و مصممه على قراري...
قالت انجي : يبقى خلاص ، لمي هلاهيلك و تفضلي بره بيتي ..
فاتن : ماما ارجوكي ..
قاطعتها انجي : انهارده ارجع ملاقيش اثر ليكي فالبيت ده انتي فاهمه ..!
خرجت انجي لمقصدها تاركه فاتن في حيره من أمرها ، بالتأكيد كانت تلك لحظة غضب من والدتها و حين عودتها سيتصالحان كما يفعلان دوما ...
أمسكت فاتن بهاتفها لتحادث يحيى و تطيب خاطره بعد معاملة والدتها الجافه ...
أجابها فور تلقيه المكالمه : كويس انك طلبتيني ، كنت لسه هاكلمك حالا..
فاتن : انا اسفه يا يحيى ، بس هي ماما كده ، مش بتفكر الا بالفلوس و الشهره و بتقيم عالناس على الاساس ده ، بس عايزك تعرف ان انا مش هي ، و لا يمكن كنت اقبل انك تسدد الديون اللي عليها ، لا يمكن استغلك بالشكل ده ..
قاطعها يحيى : انا عارف انك مش شبهها فاي حاجه ، يمكن بس ملامحكو شبه بعض، لكن اللي جوه غير يا فاتن ...غير اوي ، و بعدين انا لسه عند كلمتي و مش هسيبك تضيعي نفسك..
قالت فاتن : مفيش داعي للكلام ده ، انا خلاص مش هاتجوز اللي اسمه خميس ده ، تصور ماما كدبت عليا و مكنش فيه ديون و لا حاجه و لا كنت مضطره امثل فالمسلسل كمان ، كل همها كان ازاي تقنعه يفضل ينتجلها عشان تحافظ على الشهره و النجوميه بتاعتها..
لعن يحيى بغضب ، ثم قال : انا كان عندي احساس كده بردو
قاطعته فاتن : بس انت كنت هتجبلها فلوس منين يعني ؟؟
قال يحيى : الشركه الكوريه عملت منحه للشركه بتاعتنا كمساعده لينا في بداية الطريق..
هتفت فاتن غير مصدقه : يعني كنت هضيع شركتك و حلمك عشاني ، انا مش عارفه اقولك ايه يا يحيى ، بجد انا ربنا بيحبني اوي انه بعتلي حد زيك ..
قال يحيى : حلمي مش هيكون له معني وانتي مش معايا يا فاتن ، مفيش حاجه هيكون ليها طعم من غيرك ..
ابتسمت فاتن محرجه من افصاحه عن مشاعره و قالت بتلعثم : طب مش هاعطلك اكتر من كده كفايه امبارح
ابتسم يحيى قائلا و قد شعر بخجلها : طب خلي بالك من نفسك ...لا اله الا الله
فاتن : محمد رسول الله...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أرادت فاتن السهر و انتظار والدتها لتتمكن من مصالحتها ، بعد النقاش الحاد بينهما هذا الصباح ، و لكن نظرا لارهاق فاتن ، فضلت النوم و تأجيل ذلك لصباح الغد...
كانت تغط في نوم عميق ، حين أستفاقت على صوت والدتها الغاضب : انتي لسه هنا ، قومي ، قومي يلا بره بيتي ...شدت عنها الغطاء و أمسكتها من ذراعها : يلا قومي روحي لحبيب القلب اللي بعتي أمك عشانه..
بعد دقيقه من استيعاب فاتن لما يحدث حولها ، قالت : ماما ..اهدي الله يخليكي الساعه تيجي 2 الفجر..
جذبتها انجي بكل قوتها ، لتنهض فاتن من الفراش ، قالت انجي : يلا بره .. بره بيتي..
فاتن بتوسل : انا اسفه يا ماما ، بس ارجوكي تهدي ...
انجي بتصميم : مش اهدى الا ما تخرجي بره البيت ، عشان تشوفي المرمطه و الذل على اصولهم ، و ساعتها تتمني ترجعي عندي و لو خدامه..
فاتن بضيق : هو انا عملت ايه لده كله ، حرام عليكي ، هو انا عدوتك
انجي : ايوه ، عدوتي ،عندك كل حاجه ..كل حاجه مش عندي ، الشباب و الجمال و الجسم و الرجاله اللي هتتهوس عليكي و ياريتك حاسه بالنعمه اللي انتي فيها و بتحاولي تستغليها و تستفيدي منها ، لا بس اعده فوشي تخليني اتحسر على نفسي ، اخرجي بره منيش طايقه اشوف خِلقتك ...
جدبتها انجي ، ساحبة اياها حيث باب الشقه ، فتحت الباب ، و دفعتها للخارج قائله : ابقى خليه ينفعك..
أغلقت انجي الباب ، وسط ذهول فاتن من تصرف والدتها ، صحيح أنهن اختلفن كثيرا في السابق و لكن لم يصل الأمر لهذا الحد ابدا..
دقت فاتن الجرس ، لتفتح والدتها قائله : انت مبتفهميش ، خلاص رجلك عمرها ما هتعتب البيت ده ..انتي فاهمه..
قالت فاتن بتوسل : ماما ارجوكي ، احنا داخلين الفجر ، هاروح فين دلوقت..
انجي : في ستين داهيه...
فاتن : طب خليني اغير هدومي ، طيب...
أغلقت انجي الباب غير عابئه بتوسلات ابنتها...
أسندت فاتن رأسها على الباب مفجوعه و لا تدري كيف ستتصرف...
↚
¤ و أُعلِنَت الحرب ¤
-----------------------------------------------------
جلست فاتن على الدرج آملة أن يرق قلب والدتها بعد أن تهدأ موجة غضبها ، حاولت البقاء قويه و عدم الاستسلام لدموعها الموشكه على الانفجار ، نهضت و اتجهت لتدق الجرس مره اخرى ، انتظرت برهه ، ثم أعادت الكره ، و لكن دون جدوى ، حينها أنهارت فاتن بالبكاء و النحيب ...
لم تستطع قدماها حملها فسقطت على الارض ، لتجلس مسندة راسها على باب الشقه ، و توقف عقلها عن العمل تماما ، فأين ستذهب في هذه الساعه و بملابسها تلك ...
شاهدت المصعد يفتح ، لتهُب واقفه على قدميها ، خائفة من ان يراها احدهم بهذا الوضع المخزي ، همت بصعود الدرج و الاختباء من نظرات القادمين عبر المصعد ، لينادي احدهم : فاتن...
استدارت فاتن حين سماعها صوته ، لتقول بنبره غير مفهومه من شدة شهقاتها : يحيى ، ماما طردتني ...
تقدم يحيى بخطوات مسرعه باتجاهها و القلق يعتري قسماته المرهقه من العمل في شركته لهذه الساعه المتأخره ، قال بعد أن وصل حيث تقف : ارجوكي بطلي عياط عشان افهم ...
أحاطت عنقها بكفيها محاولة السيطره على نوبة البكاء التي اعترتها ، تأجج القلق في نفس يحيى لدى رؤيتها منهاره تماما ، قال محاولا التخفيف عنها : كل شيء و له حل يا فاتن ، بس اهدي الله يخليكي و فهميني عشان اقدر اساعدك ... ايه بس اللي موقفك هنا فساعه زي دي.. هي مامتك لا قدر الله جرالها حاجه !
هزت فاتن رأسها و قالت بعد أن سيطرت على شهقاتها : ماما ، ماما يا يحيى طردتني و مش راضيه تفتح الباب ، اصلنا شدينا مع بعض و بعدين لقيتها زقتني بره و طردتني ، تصور طردتني يا يحيى ..طردتني...
لعن يحيى بشكل فج ، ثم خلع سترته و وضعها على كتفيها بعد أن تنبه لما ترتديه ، حيث كانت ببجامتها المكونه من توب بحمالات رفيعه ، وشورت قصيرجدا...
ادخلت فاتن ذراعيها في أكمام الستره محرجه ، ليقول يحيى : طب انا دلوقتي هاكلمها ، حافظه رقمها...؟
أومأت فاتن ، و ادخلت الرقم في هاتفه ، طلب يحيى الرقم ، لترد عليه انجي بصوت متثائب : خير...مين حضرتك؟
يحيى : انا يحيى ، و دلوقت واقف بره مع فاتن ، من فضلك تفتحيلها الباب ، عشان بجد ميصحش اللي بتعمليه ده
انجي بغضب : و المصحف لو حاولت تكلمني تاني بخصوصها او لو رجعت تاني ترن الجرس ، لاكون مجرساها بفضيحه ، قولها خلاص معدش في ماما ، انا اتبريت منها خلاص و مش عايزه اشوف خلقتها تاني ، انت فاهم ...
اغلق يحيى الخط ، دون ان يرد على سموم والدتها مراعيا مشاعر فاتن و حالتها السيئه ..
قالت فاتن بيأس : مش راضيه .. صح..؟
أومأ يحيى و علامات الغضب تكسو وجهه من فعل تلك المراه المتجرده من كل مشاعر الامومه..
قالت فاتن بحرج : طب معلش لو تديني الموبايل اكلم اخويا يجي ياخدني عنده ...
سأل يحيى بدهشه : هو انتي عندك اخوات ؟
أومأت فاتن بحرج : ايوه ، اخويا من ماما ، بس مش قريبين من بعض ، لكن اكيد لما يعرف مش هيتاخر عن مساعدتي..
قال يحيى : اتفضلي ..
طلبت فاتن الرقم ، اكثر من مره ، و لكن على ما يبدو ان الرقم خارج نطاق الخدمه ..
قالت فاتن بيأس : مش بيرد ، بيقولي خارج الخدمه....طب ممكن توصلني عنده البيت ، مش هاقدر انزل لوحدي الساعه دي و بهدوم البيت...
قال يحيى بحزم : الصبح له عنين ، دلوقتي اتفضلي معايا ، ارتاحي و بكره هاوصلك عنده..
فاتن بتردد : اتفضل فين ؟
يحيى : عندنا فالبيت ، انا هاصحي ماما و ليلى دلوقتي ..
قاطعته فاتن : لالا ميصحش ...مش هاقدر...ارجوك ارجوك توصلني عنده ...
جز يحيى على أسنانه من شدة الغضب الموجه لوالدتها ، و التي تجردت من الرحمه لتلقى بابنتها و في هذه الساعه المتأخره و بتلك الملابس خارج الشقه ، و تحامل على نفسه و رغبته في حمايتها ، فكلامها منطقي أكثر ..و سيكون مطمئنا عليها و هي بعيده عن تلك البغيضه ..و في كنف رجل ..
قال يحيى بهدوء لا يعكس نار الغضب المتقده في داخله : طيب ، بس الاول تغيري هدومك عشان ميصحش تنزلي كده ..حتى لو انا معاكي ، احنا لسه هنستنى مواصله تحت...
مسحت فاتن جانبيها بباطن كفيها محرجه من رؤيته لها في بيجامة النوم و قالت بتلعثم : بس ما انت شايف مش راضيه تفتحلي ، هاغيرهم ازاي..!
قال يحيى : عندنا طبعا ، انا هاصحي ليلى , اخليها تشوفلك حاجه مناسبه من عندها ...
أومأت فاتن ، ليقول يحيى : طب يلا تعالي معايا جوه ، هاصحي ليلى بس متقلقيش اكيد كلهم نايمين...
تبعته فاتن ، و دلفت خلفه إلى شقتهم المتوشحه بالظلام ، أغلق يحيى الباب هامسا : خليكي هنا ، و هاصحي ليلي ، و افهمها الوضع ، اوك....
في داخل غرفة ليلى ، و بعد أن استفاقت و اخبرها يحيى بوضع فاتن الحالي، قالت بتردد : طيب طيب.. انا قايمه اهو اروحلها...
خرجت ليلى برفقه يحيى و اتجها حيث تنتظر فاتن على باب الشقه
قالت ليلى بعد أن تبادلاتا التحيه : مش لو تباتي انهارده فاوضتي هيكون احسن و بكره يحيى يوصلك
نظرت فاتن بحرج تجاه يحيى ، ليتدخل قائلا : معلش فاتن مصره ، ياريت تاخديها اوضتك عشان تغير هدومها...
أومأت ليلى ، شاعره بالحيره و الارتباك ، فكما تعلم جيدا أن كِنان الان في فلسطين ، و ستضطر فاتن للمبيت هنا الا اذا كان لديها اخا اخر ...
في داخل غرفتها ، قالت ليلى مستفسره : اخوكي ده اللي من مامتك اسمه ايه ؟
أجابت فاتن : كِنان ... لتقول ليلى : اسمعي بقى ، اخوكي مسافر و مش هينفع تنزلي انتي و يحيى دلوقت..
فاتن بدهشه : مسافر فين ، و انتي عرفتي ازاي !
قالت ليلى : مش اسمه الكامل كِنان محمد مرتجى، اومأت فاتن ..
لتكمل ليلى : ده يبقى صاحب أخويا لؤي الانتيم ، و من فتره قريبه سافر لفلسطين وبيشتغل مراسل هناك ، انتي ازاي متعرفيش الكلام ده..
قالت فاتن : اصل احنا مش قريبين من بعض و بقالي فتره مش بشوفه ، بس انتي عرفتي ازاي انه اخويا !
تململت ليلى مضطربه ، ثم قالت : احم... ما كلنا عارفين منه !
قالت فاتن مشككه : ازاي كلكم ، يحيى مكنش عارف ان ليا اخوات اصلا ، يمكن انتي تقصدي حد تاني و ده مجرد تشابه اسماء..
أرادت فاتن التعلق باخر قشه لايجاد مئوي لها الليله ، لتقول ليلى : و كمان صحفي زيه ، طب استني شويه
هرعت ليلى و اشغلت حاسوبها الخاص ، ثم فتحت صفحة الفيس و قالت : اهو مش دي صفحة اخوكي ، و ادي صوره في فلسطين ، بصي الصوره دي منزلها من يومين ادام المسجد الاقصى ...
ارتبكت فاتن ، و شعرت بالعجز ، فأين ستبيت الليله وكيف ستتصرف إن لم يرق قلب والدتها غدا ، لقد املت أن يستقبلها كِنان للعيش معه كما عرض عليها سابقا ، و لكن يبدو أنه أخرجها من حساباته تماما ، و سافر دون أن يترك لها خبرا ...
قالت ليلى بعد أن أحست بضيق فاتن : و لا يهمك يا حببتي ، انتي تباتي معايا انهارده و بكره يحلها الحلال
نهضت فاتن قائله : لا مقدرش ، ميصحش..
ليلى : هو ايه اللي ميصحش ، و اصلا هتروحي فين فساعه زي دي..ليكي قرايب يعني هتروحيلهم..
فاتن بحرج : لا ، بس ممكن اكلم الداده بتاعتي او اروحلها ..
قالت ليلى بتأنيب : ليه هو احنا مش اد المقام ، و لا انتي مش عايزه تعتبرينا صحاب ، ده انتي اخت كِنان .
بترت ليلى كلماتها ، لتقول فاتن : هو انتي و كِنان صحاب كمان..؟
ارتبكت ليلى و قالت : انا هاقول ليحيى ..
صمتت ثم قالت : اسمعي محدش يعرف انك اخته غيري ، و انا هافهم يحيى انك بالصدفه قولتيلي اسمه ها و بعدين مش مشكله كلنا عارفين انه سافر فلسطين من لؤي ..
أومأت فاتن و قد أدركت بأن هناك علاقه ما بين أخيها و ليلى ، و لكن على ما يبدو ليست معلنه للجميع..
خرجت ليلى من الغرفه و اتجهت إلى الصاله حيث ينتظر يحيى ، الذي سألها بقلق : فين فاتن ؟
ابتسمت ليلى للهفة أخيها التي تفضح مشاعره تجاه جارتهم ، و قالت : فاتن هتبات معايا انهارده ، اخوها مسافر و ملهاش قرايب هنا غيره..
سأل يحيى : و ازاي عرفت انه مسافر هي كلمته من موبايلك ؟
ليلى : لا بس بالصدفه بتقولي اسم اخوها كِنان ، فانا استغربت اصل الاسم ده مميز و جه فبالي كِنان صاحب لؤي مش عارفه ليه ، فسألتها اسمه ايه كامل ، طلع هو نفسه كِنان صاحب لؤي ...و زي ما انت عارف ده مسافر فلسطين و بيشتغل هناك بقاله فتره..
تنهد يحيى قائلا : ياااه الدنيا دي صغيره اووي، بس غريبه كِنان عمره ما جاب سيره ان عنده اخت !
رفعت ليلى كتفيها و قالت : انا عارفه بقى ، اصبر لبكره و ابقى اسأل اخته..
ثم تنحنت و قالت : ممكن اسألك سؤال خاص شويه يا يحيى ؟
يحيى : مش وقت تحقيقاتك يا ليلى ، و بعدين المفروض دلوقتي تصحي ماما و تفهميها الوضع ، و بعدين فاتن تفضل فالاوضه عندك لغاية اما يعرفوا هنا فالبيت ..
قاطعته ليلى : ليه ، مش هي هتمشي الصبح ..!
فرك يحيى جبينه و قال بتوتر : هتمشي تروح فين ، مش بتقولي ملهاش حد ، هاسيبها تقعد فالشارع يعني..
عضت ليلى على شفتها السفلى ، ثم قالت منبهه : بس انت عارف بابا مش بيطيق امها و محرج علينا منحتكش بيهم ، ايشحال اما يعرف ان بنتها هتعد معانا ، ده مش حل ابدا ، انت تشوفلها حتة تانيه او تروح تقعد عند حد من صحابها لغاية اما تتصالح مع مامتها..
هز يحيى رأسه باستنكار ، ثم قال : انتي مش فاهمه ، انا لا يمكن اسمحلها ترجع تعيش مع مامتها بعد اللي عملته الليله ، دي ست لا تؤتمن على بنت ، و لما كلمتها الليله عشان تفتح الباب كان بس عشان اكون متأكد من قراري ، يعني كانت عارفه ان بنتها واقفه بالمنظر ده و مع راجل غريب عنها و برده مهمهاش ، يعني لا دين و لا اخلاق و لا حتى ذرة حب أو حنيه لبنتها اللي ملهاش فالدنيا حد غيرها...
نظرت ليلى له بعتاب قائله : طب بصفتك ايه بقى هتمنعها تعد مع مامتها ..؟
صوب يحيى نظرة تحد تجاه تشكيك اخته وقال : بصفتي جوزها ، انا خلاص قررت اني على الاقل نكتب الكتاب لغاية اما ربنا يفرجها و تتحسن الظروف و اقدر افتح بيت ..
قاطعته ليلى : و بابا .. انت معتقد انه هيوافق ترتبط ببنت انجي الشريف ، ده انت بتحلم !
تنهد يحيى و قال : في حاجات مينفعش الواحد يستنى ياخد الاذن عشان يعملها ، و انا هحاول اقنع بابا بأي طريقه ، بس فالنهايه دي حياتي و المفروض ارتبط بالانسانه اللي انا مقتنع فيها ...
شردت ليلى بأفكارها ، و تمنت لو كان بامكانها أن تتحدى رغبة والدها ، وان تصمم على قرارها بالانفصال عن تميم ، و لكن كلها أمنيات ...
قال يحيى قاطعا عليها استرسالها في بؤسها : مش هتروحي بقى تصحي ماما و تديها خبر..
قالت ليلى : حاضر حاضر و ربنا يستر.. ربنا يستر...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
كانت خديجه تغط في نوم متقلب عندما سمعت طرقات خفيفه على باب الغرفه ، تسللت من السرير بهدوء حتى لا توقظ زوجها ، نزلت من الفراش و فتحت الباب ، لتجد ليلى تفرك يديها بتوتر..
أغلقت خديجه الباب بهدوء ، ثم سألت بهمس : مالك ، ايه اللي مصحيكي دلوقت ..؟
قالت ليلى بصوت خفيض : اسفه يا ماما صحيتك ، بس في حاجه ضروري تعرفيها ..
خديجه بقلق : خير يارب اللهم اجعله خير..
ليلى : طب تعالي نتكلم فالمطبخ أحسن بابا يسمعنا ..
أومأت خديجه و تبعت ابنتها ، و في المطبخ قص عليها يحيى ما حدث مع فاتن وكيف لم يجد وسيله سوى احضارها هنا لتبيت ليلتها بعد أن طردتها والدتها ..
سألت خديجه بصوت مصدوم : فاتن دي بنت الوليه انجي الشريف..؟
يحيى : ايوه يا ماما ، بنتها ..
قاطعته خديجه : يا بني ليه بس كده ليه ... و تمتمت في نفسها : هتقلب عليا المواجع تاني ليه ..!
قال يحيى : معلش يا امي ، تخيلي ليلى فموقف صعب مش هتحبي برده حد يساعدها..
قالت خديجه بغضب : تف من بؤك ، بقى ليلي هتبقى زي السنكوحه بنت السنكوحه دي..
يحيى مصدوما : ماما ، انا اول مره اشوفك بتغلطي في حد كده ، و هي ملهاش ذنب فاللي والدتها بتعمله، فاتن غير ، مهياش ابدا زي امها.. بلاش تظلميها...
صمت يحيى عندما لاحظ الظل المحاذي للباب ، لتدخل فاتن المطبخ قائله بانكسار : مفيش داعي يا يحيى ، انا هانزل دلوقتي و ابات فاي حته ، ان شاء الله عالرصيف ، بس المهم ميحصلكش مشاكل بسببي..
لوت خديجه شفتيها ، و تمتمت : زي امها ، هتتمسكن لغاية اما تتمكن..
قال يحيى بغضب : رصيف ايه ، بطلي الكلام العبيط ده ...
تدخلت خديجه بحزم : احنا نفهم فالاصول يا بنتي ، دلوقت روحي مع ليلى اوضتها، والصبح يبقالنا كلام تاني ، سامع يا يحيى ..
قالت فاتن : متشكره يا طنط ، بس انا مقبلش اكون ضيفه تقيله على حد ..
قال يحيى بغضب : الليله كانت كحل ، مطينهاش بزياده ، اسمعي الكلام و فوتي جوه مع ليلى..
تقدمت ليلى مسرعه تسحب فاتن من ذراعها هامسه : و حياة كِنان لتيجي معايا ، ده لو عرف انك مشيتي هيزعل مني جدا ، ارجوكي عشان خاطره يا فاتن..
تبعتها فاتن بعيون دامعه حين تذكيرها بكِنان ، لم أصر على قطع كل الاوصال بينهما ، لم كان قاسيا معها ، إما والدتها و إما هو ، و الان فقط فهمت السبب ، فانجي الشريف كالداء المعد ، من الافضل ان تبتعد عنه طالما امتلكت المقدره ، لم تندم على قرارها سابقا ، فلقد اتضحت لها حقيقة والدتها و التي حاولت انكارها منذ زمن بعيد ، فالنجمه انجي لا تهتم سوى بمصلحتها ...
استلقت في الفراش بجوار ليلى التي قالت لها و كأنها أحست بما يختلج في صدرها : مش انتي بس اللي نفسك يكون هنا ، انا كمان يا فاتن ، انا كمان ، بحبه اووي...
سألت فاتن بدهشه : تقصدي مين ..كِنااااااااان!
همست ليلى : ايوه كِنان ...
قالت فاتن بتردد : و الدبله اللي فايدك دي !
ليلى بحزن : مش بحبه و هاتجوزه غصب...استرسلت ليلى بالحديث بعد ان احست بالراحه الشديده تجاه فاتن ، لا تدري من أين منبعها ، ربما لانها أخت الغائب الغالي ، او لانها الفتاه الوحيده التي زحزحت كتلة الصرامه المغلفه لقلب أخيها العزيز يحيى و الذي و رغم وسامته و تفوقه و كثرة معجباته على حد علمها ، فمعظم صديقاتها بشكل او باخر لمحن لها بذلك ، الا انه دوما ما وضع اهدافه و احلامه في المقدمه تاركا المشاعر في المرتبه الاخيره ...
قالت فاتن بعد أن استمعت لتفاصيل علاقة ليلى بكِنان : ياااااه ، و انتي ازاي هتقبلي ترتبطي باللي اسمه تميم ده ، اوعي تعملي كده هتندمي اوي يا ليلى ، انا يمكن قبل يومين كنت فمكان شبه اللي انتي فيه ، بس الحمد لله غمه و انزاحت عشان كده انا حاسه بيكي اوي ، ارجوكي متستسلميش .
قاطعتها ليلى : ازاي يعني كنتي هتتجوزي غصب ، ده يحيى كان يجراله حاجه ، انا عمري ما شفته كده ، دايما مشاعره متخبيه جوه مش بيحب يظهر ضعفه ، بس معاكي انتي غير يا فاتن غير اوي..
ثم أضافت : مقلتيش ازاي يعني كنتي زيي؟
روت فاتن ما حدث معها و كيف تلاعبت بها والدتها لتوافق على الزواج بخميس ..
لتقول ليلى : على فكره انا حبيتك اوي يا فاتن ، انتي دخلتي قلبي بسرعه..
قالت فاتن مازحه و محاولة كسر الحزن المخيم على قلبيهما : اممم مش يمكن عشان من ريحة حبيب القلب..
تنهدت ليلى و قالت : مش من حقي اسميه كده ، حتى لومش بحب خطيبي ، مش من حقي...
قالت فاتن : انا اسفه مكنش قصدي ادايقك ..
ابتسمت ليلى : و لا يهمك ، انا اللي مدايقه من نفسي اصلا..و يلا كفايه رغي هاسيبك تناميلك ساعتين... تصبحي على خير..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
ازاحت نوف الستائر لتدع الشمس تلقى بنورها على جناح الفندق المقيمان به في مصر ، و الذي حجزه تركي ليقضيا فيه شهر العسل ، ابتسمت نوف فتركي و بالرغم من تسلل اشعة الشمس القويه للغرفه ما زال يغط في نوم عميق.
استغلت نوف الفرصه ، للعوده و طلب فاتن من جديد ، فالليله الماضيه عندما حادثتها كان الوقت متأخر جدا و لم تتلق ردا على مكالمتها ، ربما كانت فاتن مستغرقة في النوم و لم تسمع هاتفها...
طلبت الرقم ، و انتظرت طويلا ، ولكن لا يوجد رد ، أرادت نوف أن تفاجىء أختها بحضورها الى مصر ، ولكن اين هي فاتن ، ولم لا تجيب ...!
لمع هاتفها برساله جديده ، و على الفور فتحتها ، لتجدها مرسله من أنس ، قرأتها ليدب الرعب في قلبها ، هل بات يهددها الان ...
أفاق تركي من نومه ، قائلا بنعاس : نووووف ، حرام عليج ، سكري الستاره الله يخليك ، ودي نام بعد..
ابتسمت نوف بقلق تجاه تركي ، و اسرعت باغلاق الستائر ، فلقد تبخرت كل حماستها لمخططات اليوم..
فتحت الرساله مره أخرى و أعادت قرائتها : " نوف متخلنيش اعمل حاجه تزعلك ، و يا ستي الف مبروك عالجواز ، بس مش برده استاهل الحلاوه ، ده العريس اكيد مبسوط بالحاجات اللي علمتهالك ، عموما انا هاسيبك تقلبي كلامي فدماغك و تشوفي استاهل حلاوه اد ايه ، و انتي وضميرك بقى ..! "
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
قبل أن تجتمع العائله على مائدة الافطار ، أصرت خديجه على الانفراد بزوجها و الحديث معه ..
قال عبدالرحمن بتأفف : فيه ايه ، انا لازم افطر عشان الدوا .. ماانتي عارفه يا خديجه..
قالت خديجه بحزم : الاول لازم تعرف المصيبه اللي ابنك رجعهالنا ..
عبدالرحمن : يا ساتر يا رب ، مصيبة ايه ما تنطقي..؟
خديجه بعصبيه : ما انا عمّاله اتحايل عليك مالفجر نتكلم و انت اللي مش راضي..
عبدالرحمن : الله ما تقولي فيه ايه .. سيبتي ركبي...
خديجه ببرود يخفي غضبا كبيرا : المحروسه انجي الشريف..
ارتبك عبدالرحمن و قال : احنا هنعيده تاني ، ما قلتلك ملناش دعوه بيها ، ومسيرها هتغور من هنا..
قالت خديجه بقسوه : صدق اللي قال الواد سر ابوه ، ابنك الكبير الحيله جايلنا امبارح فنصاص الليالي و فايده بنت الهانم النجمه ...قولي بقى ازاي هتغور من هنا
قال عبدالرحمن بغضب : ما كفايه تقطيم و انطقي حصل ايه بالظبط و ماله يحيى و مال بنتها !
روت خديجه ما حدث الليله الماضيه ، ليقول عبدالرحمن بعصبيه : و مصحتنيش ليه امبارح ..
قاطعته خديجه : كنت هتعمل ايه يعني ، احنا برضه نفهم فالاصول و مش هنزلها فنصاص الليالي تدور على مكان تبات فيه ، بس اديك عرفت ، و اتصرف مع ابنك حالا ، انا كفايه اللي تحملته من تحت راس الوليه دي ، ما تجيش بقى بنتها وتكمل عليا، اتصرف و الا منيش قعدالك فيها يا حاج ..
تنهد عبدالرحمن باعياء من وقع الخبر على نفسه و قال : اسمعي لو اللي بتقوليه صحيح ، يبقى مفيش غير السياسه مع يحيى ، و الا هيضيع مننا ، سامعه يا خديجه ، هيضيع لبنت المؤذيه ..
قاطعته خديجه بغضب : سياسة ايه ، انت تطلع تفهمه يقطع كل صلته بالبنت دي ، الله جرالك ايه يا حاج..
ليقاطعها عبدالرحمن بدوره : مش هاينفع مع يحيى ، واديكي شفتي ازاي اتحداني و ساب شغل الحكومه ، و بقى ليل نهار بينحت و هالك نفسه فالشغل عشان يثبت رايه لينا ، معدش ينفع ، اصلا مش هيسمع كلامنا و اللي فدماغه هيعمله ، و لو البنت زي امها تبقى المصيبه اكبر ، عشان كده لازم ناخده بالهدواه لغاية اما نوريه البنت دي على حقيقتها ، عشان منخسروش يا خديجه ، مش هنسمحلها تفرقنا تاني ، يبقى لازم نلاعبها عالشناكل ، مش العكس يا حاجه مش العكس..
رمقته خديجه بنظره عتاب قاتله و قالت : طيب يا حاج ، طيب ، لكن و ربنا لو ضاع يحيى ما هاعود باقيه على حاجه فالبيت ده ،كله الا يحيى ، زمان سامحت عشانه لكن دلوقت فات زمن السماح ..انت فاهم..!
تداخلت المشاعر بنفس عبدالرحمن ، فهو يعلم جيدا ما آلت اليه الامور سابقا ، و ها هو يعود لنفس الامتحان و لكن بصوره أشد ضرواه ، و موقف زوجته خير دليل على ان شياطين الامس ما زالت تخيم و تهدد باسقاط البيت على شاغريه ، فبعد ان تخطيا الازمه السابقه عادت خديجه الزوجه المطيعه له في كل كبيره و صغيره و الحريصه على ارضائه في ادق تفاصيل حياتهما ، و لكن لهجتها الان بدت مغايره تماما لطبعها ، مما يعني أن الأمر جلل ..و ان سفينته مهدده بالغرق الوشيك ، بَيْد أنه اليوم تعلم الدرس جيدا ، وعليه بالصبر و التكتيك السليم ليتخلص و للابد من انجي الشريف و توابعها...مهما كلفه الأمر ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
رن هاتف يحيى ، ليتطلع إلى الرقم باستغراب ، رد قائلا : الو..
الطرف الاخر : الو انا انجي .. بدون ما نغلط فبعض ، حاجة فاتن و موبايلها اهم على باب الشقه ، تعال خودهم عشان متفتكروش ان معنديش قلب ، بس تنسى ان لها عيش تاني معايا الا اذا وافقت تتجوز خميس ، يا ريت تسمعها البؤين دول..اوكي يا حضرة الفارس الهمام..
يحيى بغضب : انتي متستهليش الواحد يرد عليكي حتى ، و انتي اللي تنسي ان ليكي بنت اصلا ميشرفهاش تكوني امها ..
ضحكت انجي بسخريه : اه من كلام الافلام بتاعنا اللي بتحفظوه و بعدين تقولوا عن افلامنا كخه.. يلا اصل فاتن دي مش وش نعمه..
اغلقت الخط ليخرج يحيى محضرا الحقيبه القابعه على باب الشقه المقابله و بها حاجيات فاتن...
دلف إلى البيت ، ليصطدم بوالده و الذي تبدو عليه ملامح الغضب
قال يحيى محييا : صباح الخير ..
بتر عبدالرحمن كلمات ابنه و قال : و ايه دي ، شنطة السنيوره..
عبس يحيى قائلا : ارجوك يا بابا تتفهم الموقف..!
نظر عبدالرحمن لابنه مطولا ، و تذكر عزمه على مسايسة الامور ، فتلك الطريقه المثلى و لكن التنفيذ يحتاج لارادة من حديد
قال عبدالرحمن : طب اتفضل عشان تفهمني الموقف عشان اتفهمه يا بشمهندس يحيى..!
جلسا سويا في غرفة الضيوف ، ليقص يحيى ما حدث الليله الماضيه ..و حديث انجي معه قبل قليل...
أومأ عبدالرحمن متفهما : انت فعلا عملت اللي المفروض اي راجل يعمله فالموقف ده ، مكنتش تقدر تتخلى عنها ، بس دلوقتي يا ابني مينفعش تفضل اعده معانا ، و بكل بساطه نقدر نكلم كِنان ، ده مننا و علينا ، وهو اكيد سايب مفتاح شقتهم مع البواب او حد من قرايبه عشان يشقروا عالشقه لو حصل حاجه كده و لا كده ، فنكلمه دلوقت و تروح تجيب المفتاح و تعد معززه مكرمه في بيت اخوها..
قال يحيى بضيق : ميصحش بنت تقعد فشقه لوحدها ، الايام دي معدش في امان خالص ..
قاطعه عبدالرحمن : امال يصح تعد في بيت مع تلات رجاله اغراب عنها ، ايه اللي بتقوله ده يا يحيى ، انا مربيك بتفهم فالاصول و اللي يصح و ايه اللي ميصحش...
قال يحيى : انا هاخليه يصح يا بابا..
اضطرب عبدالرحمن ، و تنبأ بما سيقوله ابنه ، قال يحيى : انا بحبها يا بابا و عايز اتجوزها ، دلوقتي هاكتب عليها و يبقى قعادها معانا معلهوش كلام ، هتبقى مراتي ادام ربنا وا لناس ، و هتعد مع ليلى فالاوضه ، هيكون بس جواز ادام الناس ، و من هنا لغاية ما ربنا يكرمني هجبلها شبكه و اعملها فرح و نجيب شقه لينا اما قعاد لوحدها انا مش هاسمح...
حاول عبدالرحمن السيطره على انفعاله و قال : طيب نحسب الامور بالعقل الاول و بلاش التهور ده ، مش يمكن في قريبه لكِنان مستعده تيجي و تعد معاها فالشقه ، و بعدين البنت لسه صغيره عالجواز و مش عايزين نضغط عليها و نستغل ازمتها تقوم توافق عليك عشان بس تلاقي مأوي ليها ، انت تقبلها على نفسك يا يحيى!
قاطعه يحيى : لا... انا متأكد من مشاعرها ناحيتي و بعدين..
هز عبدالرحمن راسه قائلا بنفاذ صبر : طاوعني يا بني الله لا يسيئك ، حتى لو هانفذ كلامك مش لازم برده نكلم اخوها و ناخد رأيه ، مش دي الاصول يا يحيى..!
أومأ يحيى محرجا من صدق كلمات والده ، ليقول : انا هشوف لؤي لو يعرف رقمه في فلسطين و هاكلمه حالا...
أومأ عبدالرحمن قائلا : معلش الكلام هيكون مني له ..
خرج يحيى باحثا عن لؤي ، ليجده على مائدة الافطار مع والدتهم وليلى و فاتن التي تجلس معهم بحرج بالغ..
سأل يحيى : لؤي ، انت معاك رقم كِنان في فلسطين ..؟
قال لؤي بتردد : ايوه ، بس اصل...
قالت فاتن بقلق : اصل ايه ، ارجوك لازم رقمه يكون معاك..
قال لؤي بتلعثم : هو انتو مش بتسمعو اخبار..كِنان دلوقتي نقل شغله من القدس لغزه عشان الجيش الصهيوني أعلن الحرب و دلوقتي طياراتهم بتقصف كل شبر فقطاع غزه ...
شهقت ليلى فزعا : انت بتقول ايه ، ده لسه شايفه صورته فالفيس عند المسجد الاقصي...
نظر لؤي بشك تجاه ليلى و قال : دي اتصورها اول ما وصل ، و بعدين هو قالي من يومين انه هينقل غزه .
قالت فاتن و ثقل كبير من القلق يجثم على صدرها : طب مش خدت رقمه في غزه..
أجاب لؤي باضطراب : ما انا اول ما عرفت الليله من يحيى كلمته و كلمته كمان الصبح ، بس مفيش خدمه ، انا قريت ان القصف عطل كل خطوط التليفونات وا لنت عندهم...
قالت فاتن و الدموع تملأعينيها : طب هاطمن عليه ازاي دلوقت..!
لتقول ليلى بأسى : يعني منقدرش نكلمه ، طب نعمل ايه عشان نطمن عليه طيب...
قال لؤي قلقا من أسلوب أخته في الحديث عن صديقه : معرفش ، لغاية اما يصلحوا الخطوط مش هانقدر نعمل حاجه ، دلوقتي مقدمناش غير ندعيله و ندعي لاهل فلسطين المساكين دول..
قال يحيى مطمئنا : اطمني يا فاتن ، كِنان من ضمن صحفيين كتير هناك بيغطوا الحرب ، و اكيد القناه عامله كافة احتياطاتها الامنيه و مش هتعرّض صحفيينها للخطر ، الصحافه خط احمر محدش هيتعرضلهم
قال لؤي بأسى : و الله الصهاينه دول كلاب و لا بيهمهم صحافه و لا اسعاف انت مش بتشوف الاخبار..
غمز يحيى لأخيه يمنعه من الاسترسال و زرع القلق في نفس فاتن على أخيها
فهم لؤي قائلا : بس هو تقريبا بيغطي الاحداث الانسانيه ، ملوش فجو المقاومه و لا جنب ضرب النار ، اطمني يا فاتن ..كلها كام يوم و الخطوط تتصلح و نكلمه ونطمن عليه كلنا ..
ثم قال محاولا نزع القلق الذي سيطر على المكان : بس غريب الواد كِنان ده ، مقليش عمره انه عنده اخت قمرو بسكوته كده ..
تنحنح يحيى قائلا : و الله شكله كان عنده حق..
ابتسم لؤي بعد أن أثار غيرة أخيه ، ليقول مستفزا اياه أكثر : شوفي بقى كِنان ده صاحبي الروح بالروح ، يعني اي حاجه تعوزيها تعتبريني مكانه بالظبط ، اي حاجه ..اوعي تترددي ثانيه ...كِنان مكنش بيتأخر عليا فاي خدمه .. و انا عنيا له و لاخته و عيون اخته ..
حضر عبدالرحمن ليقطع على يحيى التوبيخ الذي كان سيقرع اخيه به
قال عبدالرحمن : السلام عليكم ...
ثم توجه بالحديث لفاتن بعد أن رد الجميع تحيته : ازيك يا بنتي ، يا ريت تعتبري البيت بيتك لغاية اما نوصلك بالسلامه لبيت اخوكي..
قص لؤي الاحوال في غزه على والده ، ليقول عبدالرحمن محرجا : طبعا يا بنتي تقدري تعدي هنا لغاية اما نطمن على اخوكي ، و ربنا يرجعهولك سالم غانم يا رب..
تأففت خديجه ليغمز عبدالرحمن لها ، ثم قال : تعالي يا خديجه شوفيلي النضاره فين ، عايز اقرا الجرنال..
انسحب عبدالرحمن من الجلسه و تبعته خديجه ، ليقول يحيى : طب يا فاتن دلوقتي هتفضلي مع ليلى ، و لو حصل اي حاجه او احتجتي حاجه كلميني فورا ، انا مضطر اروح الشركه دلوقت..
قاطعه لؤي قائلا : اللي يسمعه يفتكرها شركه بجد ..
قالت فاتن بفخر: بكره انشاء الله هتكون احسن شركه فمصر كلها
ليقول لؤي مغتاظا: اكيد
قال يحيى متكدرا من تعليق اخيه : انا حطيت شنطتك جوه الاوضه و معاها موبايلك ، و لما اوصل هاكلمك..
قالت فاتن : خلي بالك من نفسك ... لا اله الا الله
يحيى مبتسما : محمد رسول الله..
خرج يحيى ، لتلتفت فاتن بحرج الى زوج العيون التي راقبتهما ، لتتنهد ليلى و تقول : ربنا يسعدكو يارب ، ده الحب اجمل حاجه فالدنيا..
ليقول لؤي مستدركا حديثها قبل قليل : هو انتي متابعه فيس كِنان اوي كده ليه!
قالت ليلى باضطراب: انا متابعه اخبار الحرب و الصحافه بشكل عام ما انت عارف ، و صاحبك في قلب الحدث فعندي فضول رهيب عن شغله وازاي مصري هناك بالشجاعه دي و بينقل الاخبار بكل جساره..
رفع لؤي كفه قائلا : خلاص وصلت ، ثم قال موجها حديثه لفاتن : اصل البت دي بتموت فالصحافه و الاخبار بس الحاج ربنا يهديه رفض يخليها تخش الكليه زيي .. فبطلع عقدها علينا بقى..
لتقول ليلى : طب عن اذنكو ، ثوان و راجعه يا فاتن اوك، ثم همست لفاتن : هاروح الحمام و راجعه.
قال لؤي بعد أن غادرت ليلى : من فضلك يا فاتن..
فاتن : خير يا لؤي..
لؤي باضطراب : ياريت نفضل على اتفاقنا و متجبيش سيره ليحيى او اي حد هنا اني اشتغلت معاكي فالمسلسل ، الحاج كان يطين عيشتي..
تذكرت فاتن محادثتها مع لؤي ، عندما التقيا سويه لتصوير احد المشاهد في المسلسل حيث قام لؤي بدور صغير جدا ، و رجاءه لها بعدم اخبار يحيى بالموضوع ، حينها كانت على فراق مع يحيى بعد غضبه منها لاكمال المسلسل ولكن اليوم مختلف..
قالت فاتن : بس يحيى اكيد مش هيقول لباباك حاجه.. يعني مش هايفضحك عمد ادامه..
قال لؤي بضيق : اهو يحيى بالذات مش عايزه يعرف حاجه ، و يا ريت تكوني اد كلمتك ومتجبيش سيره له.
أومأت فاتن متكدره من فكرة اخفائها أي معلومه عن يحيى ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
قاربت الساعه على الواحده ظهرا ، ليقول مالك : ايه رايكم يا جماعه نطلع كلنا نتغدا سوا، انا هاموت مالجوع ، ها قلتو ايه..؟
قال يحيى الغارق في كتابة احد الاكواد البرمجيه : pass، مش هاقدر انا محتاج اركز دلوقت فاضلي تكه و اخلص العقده اللي فالكود ده..
قالت شيرين بغبطه : انا موافقه ، لتقول سلوى : اوك و انا كمان .. ليقول انس : و انا كمان و الحساب مش عليا طبعا..
ضحكت الفتاتان ليقول مالك : دايما كسفنا كده على طول ..
ليقول انس : كفايه علينا انت مغرقنا فعزوماتك
استمر التناوش بين أنس و مالك ، لحين خروجهم إلى الشارع ، كانت سلوى مستغرقه بالنقار الدائر بينها و لم تنتبه للموتوسيكل الذي فقد سائقه السيطره عليه و كاد أن يصطدم بها ، لولا قيام مالك في اللحظه الاخيره بابعادها عنه بصعوبه ، واصطدام الموتسكيل به شخصيا
هتفت سلوى برعب : مالك مالك... لتهتف شيرين بفزع هي الاخري: مالك انت كويس..؟
هبط أنس على الارض بجانب مالك الذي طرح ارضا من شدة الاصطدام ، ليقول : مالك انت سامعنا ..
قال مالك بتأوه : رجلي ، رجلي اتفرمت ..
قال أنس بسرعه : انا هاوقف تاكسي و ناخدك المستشفى حالا..
قالت سلوى : عربيتي اهيه ، ثوان اشغلها و ننقله اقرب مستشفى..
و في غضون ربع ساعه ، وصل ثلاثتهم مع مالك الى المشفى ، و الذي نقل حالا لغرفة العمليات..
و بعد قلق دام لمده ساعتين ، خرج الطبيب مطمئنا بأن الاصابه و الحمد لله جاءت هينه مقارنه بحوادث السير الاخرى ، مجرد كسر بالقدم و بعد شهر سيتطيع العوده و السير بصوره طبيعيه دون الحاجه لاي علاج اخر
تنهدت سلوى قائله : الحمد لله الحمد لله ، انا مكنتش اعرف ان مالك شهم وجدع للدرجه دي ، لولاه كنت انا دلوقتي اللي متجبسه... بجد مالك ده راجل اووووي
ابتسمت شيرين موافقه سلوى ، و بداخلها مشاعر قلق ، أيعقل أن تتغير نظرة سلوى تجاه مالك بسبب شهامته قبل قليل ، عليها التصرف الان و الا سوف تخسر حب العمر و صديقتها منذ ايام الطفوله ..
نهضت من مقعدها ، متعلله بحاجتها للذهاب الى الحمام ، و دلفت إلى الاستراحه حيث يجلس أنس
قالت بعد أن جلست بجواره : أنس ، انا مستعده اكمل معاك للاخر ، بس يا ريت اللي هتعمله يجيب نتيجه و بسرعه...
ابتسم أنس قائلا : هو ده الكلام...!
↚
¤ مرارة طعم الرقم 2 ¤
-----------------------------------------------------------
مبهجه ... تلك الاحاسيس التي تتواصل بها قلوب الأحبه دون الحاجه للكلمات أو الوعود الشفهيه ، فقط تكفي نظره منه تخبرها بأنه سيكون سندها إلى النهايه ، تنُض بوعد جازم بأنه من المستحيل أن يتخلى عنها ، حتى و إن واجه صعوبات جمه من أقرب الناس إليه ...
جلست فاتن على سجادة الصلاه ، تكمل قيامها الليل بالدعاء ، لتتوصل إلى قرار لطالما خافت من تبعاته ، ولكن ليس بعد أن كافئها الله بيحيى ، لم تعلم لم أنزل الله هذا الحب في قلب يحيى تجاه من لم تكن موليه اهتماما كبيرا بطاعته ، عضت على أناملها من شدة الندم على تقصيرها السابق في شئون دينها ...
ابتسمت سعيده بقرارها ، و بالرغم من كل الأحداث المحيطه بها ، الا انها لم تشعر بالسكينه قط كشعورها الان و هي تناجي ربها و لأول مره بصدق كبير...
تثاءبت ليلى المستلقيه على فراشها قائله بنعاس : تصبحي على خير ، انا هنام بقى مش قادره ، ادعي لكنان ادعيله اوي يا فاتن..
فاتن : مش محتاجه وصايه ...ربنا يرجعه سالم يااااارب ...تصبحي على خير...
انهت الدعاء و نهضت من على سجادة الصلاه ، لم تستطع العوده للنوم ، ارادت أن تقرأ جزءا اخر من القران الكريم ، ليُثلج صدرها و ينور طريقها ...
طوت السجاده ، و خرجت من الغرفه بخفه حتى لا توقظ ليلى الغارقه في النوم ، كانت في طريقها إلى المطبخ لجلب كوب من الماء حين فُتح الباب ، ليدلف يحيى الى الشقه و بيده مجموعه من الأكياس...
ابتسمت فاتن محرجه ، ليقول يحيى بعد أن أغلق الباب بهدوء : ايه اللي مصحيكي لغاية دلوقت...!
ردت فاتن بصوت خفيض : مش جيلي نوم ...!
اقترب يحيى منها قائلا بهمس : طب تعالي المطبخ ،هوريكي انا جبتلك ايه معايا ..
فاتن بغبطه : بجد ... ثم قالت بخجل : قصدي يعني مكنش مفيش داعي تتعب نفسك
ابتسم يحيى : تعبك راحه ، و بعدين هنفضل واقفين فالضلمه هنا كتير ، تعالي ورايا
تبعته فاتن الى المطبخ ، حيث اخرج من تلك الاكياس ثوبا ذو الوان زاهيه .. ثم قال : هو ده الاسدال ..
ضحكت فاتن و قالت : هو انت فاكرني لسه مش عارفه ايه الاسدال ، انا من زمان عملت سيرش ، ربنا يخليلنا سي جوجل ، و عرفت كل تفصيله و فتفوته عنه ..
سأل يحيى بهدوء : و ايه رايك فيه ؟
فاتن بحماس : حبيته جدا ، و كان نفسي اشتري واحد ، بس انت عارف يعني ماما كانت ...
قاطعها يحيى : بلاش السيره دي و حياتك ، و خلاص انا اشترتلك مش بس واحد ..لا اتنين ، شوفي كده
ناولها الكيس الاخر ، لتخرج منه اسدالا اخر بلون داكن ، لتقول فاتن : جمال جمال اوي ، تسلم ايدك ...
ثم قالت بفضول : امممم و ايه بقى فالكيس التالت و لا ده سر !
ابتسم يحيى و قال : مش سر و لا حاجه ، ده يا ستي لليلى احسن تزعل اني جبتلك و مش افتكرتها ...
ابتسمت فاتن ، لبادرته اللطيفه تجاهها و مراعاته لمشاعر اخته ، و تنهدت متحسره على الفرصه التي سنحت لها لتكون قريبه من اخيها كِنان و لكن اهدرتها وفاء لوالدتها ...
لتقول بدون مقدمات : يحيى انا قررت البس الحجاب ..
سأل يحيى بحذر : بجد !
فاتن : ايوه .. ثم اضافت بمرح : و مش عشانك ، عشان ربنا يا يحيى ، عشان ربنا اللي بعتك ليا فوقت كنت ضايعه و مش عارفه هروح فين ، فوقت ما اعز حد عندي اتخلت عني ..
ترقرقت الدموع في عينيها : عشان حسيت اد ايه ربنا بيحبني ، و مش عارفه ليه كافئني بيك ، مع اني كنت مقصره اوي فحقه السنين اللي فاتت دي كلها ...
قال يحيى بتأثر : السنين اللي فاتت دي كلها ! ده انتي يدوب لسه طالعه من مرحلة الطفوله ، يعني العمر ادامك طويل و هتعوضي التقصير ده و بعدين انتي قلبتيها غم كده ليه ، ده احنا لازم نحتفل بيكي ...
قاطعته فاتن : خلاص خلينا سهرانين هنا للصبح ..انا نفسي اقولك حاجات كتير اوي يا يحيى
فرك يحيى عنقه و قال بتوتر : و انا كمان يا فاتن ، بس كده ميصحش ، انا و انتي لوحدنا يعني ..
صمت ثم اضاف مازحا : الشيطان شاطر زي ما بيقولوا ..
قالت فاتن : بس انا بثق فيك اووي يا يحيى ...
قال يحيى : مش حكاية ثقه ، بس احنا لازم نبتعد عن الشبهات و الرسول بيقول من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس بينها وبينه محرم.،يبقى ليه نحط نفسنا جنب النار و نقول مستحيل تطولنا ، فاهماني
فاتن : ايوه ، فاهمه ، بس محتاجه افهم اكتر ، انا لسه في حاجات كتير مش بفهمها اوي في الدين و ايه اللي يصح و ايه اللي مش مزبوط ،اوعدني يا يحيى تساعدني دايما و تخليك صريح معايا زي ما عملت دلوقتي ...
يحيى : اوعدك يا فاتن ، اوعدك....بس انتي كمان لازم تكوني صريحه معايا و متخبيش حاجه تاني عني...
و تابع قائلا : انا مدايق منك جدا على فكره
هتفت فاتن بضيق : ليه ..؟
يحيى : عشان خبيتي عليا ان عندك اخ و كمان يطلع كِنان ..
ابتسمت فاتن : sorry بس اصل احنا مش قريبين من بعض خالص و كمان انا عندي اخت..
يحيى : بجد و لا بتهرجي ؟
ضحكت فاتن برقه : مش قلتلك في كلام كتير نفسي اقولهولك..
كانا غارقين في الحديث ، عندما دلفت خديجه الى المطبخ مصوبة نظرات غاضبه تجاههم ..
قالت خديجه بعصبيه موجهه حديثها لفاتن : انتي ايه اللي مصحيكي لغاية دلوقتي ، و بعدين لو محتاجه حاجه كنتي صحي ليلى و تجبهالك ، كده مش اصول..
فاتن باحراج : انا اسفه ..
تدخل يحيى قائلا : ماما بلاش... لتنهره خديجه : بلا ماما بلا بابا ، انت يا عاقل يا متربي ، ترضاها على اختك تقف تتودود مع راجل غريب عنها فنصاص الليالي..
فاتن مدافعه : حضرتك فاهمه غلط ، ده يحيى لسه قايلي بلسانه ميصحش وقفتنا كده دلوقت
خديجه : ارجوكي متدخليش بيني وبين ابني ...
تأفف يحيى ثم قال : ارجوكي يا فاتن تروحي تكملي نومك
نظرت فاتن له بقلق ، ليقول : متقلقيش ..و تصبحي على خير
قالت فاتن : تصبحوا على خير ، و غادرت المطبخ متكدره من تسببها في كل تلك المشاكل ليحيى..
قالت خديجه بعد خروج فاتن : اسمع يا يحيى ، انا افهم انك تتعاطف معاها ، تقف جنبها لغاية اما ربنا يفرجها و نكلم اخوها ، لكن اي حاجه تانيه اعرف اني قلبي هيكون مش راضي عنك يا يحيى ، الدنيا مليانه بنات و الف الف واحده تتمناك يا بني ، بلاش تكسر بخاطر امك عشان بنت الرقاصه دي...
تنحنح يحيى قائلا : معاش اللي يكسر قلبك يا امي ، بس انا كل اللي طالبه منك تديها فرصه ، و تتعرفي عليها و صدقيني لو جيتي بعد كده و قولتي انها مش مناسبه ليا ، ساعتها يبقى ملناش نصيب فبعض ، لكن متحكميش عليها بذنب مامتها ..
ابتلعت خديجه غصتها و تذكرت كلام زوجها عن اتباع السياسه مع يحيى ، لتقول : حاضر يا بني ، هاديها فرصه و اتعرف عليها
ابتسم يحيى و قبل رأس والدته مستأذنا ، أما خديجه فعادت إلى غرفتها ، لتفيق زوجها بغضب كبير..
عبدالرحمن باضطراب : يا ساتر يا رب ، مالك فزعتيني من عز نومتي كده ليه..؟
خديجه و الدموع تملأ عينيها : اتصرف يا حاج ، اتصرف احسن و المصحف ما انا قاعدالك فيها..
عبدالرحمن باستغراب : مش احنا اتفقنا نصبر شويه ، جرالك ايه يا خديجه ، كده الواد هيعند اكتر..
خديجه بهستيريا : البت بلفت عقله ، بقى يحيى اللي ربيته عالحلال و الحرام اصحي الاقيه واقف معاها و لوحدهم .. و لو شفت بيبصلها ازاي يا حاج ، خلاص يحيى راح مني ..راح مني ...
قال عبدالرحمن شاعرا بالذنب : الصبر يا حاجه الصبر...و مسيرنا نلاقي طريقه و نخلص منها..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
قالت سلوى : احنا لازم نروح نطمن على مالك ..
شيرين : دلوقت ، خلينا نأجلها ..ده اكيد لسه نايم..
سلوى : طب انا هاكلمه و اطمن عليه ، ميصحش ده انا السبب في اللي حصله..
أخرجت هاتفها ، و بعد حديث دام ربع ساعه انهت المكالمه مع مالك..
لتقول شيرين : ايه كل الرغي ده ..؟
سلوى : ابدا ، بيحكيلي الدكاتره قالوله ايه و هيخرج امتى..
قالت شيرين بخبث : و يحيى عرف اللي حصل لمالك ؟
سلوى : مش عارفه ، قالت شيرين : طب ايه رايك تكلميه و تديه خبر
سلوى : ما زمانا هنقابله فالشركه و هايعرف ..
شيرين : اقصد يعني عشان تبيني انك مهتمه بيه و بصحابه ..
قاطعتها سلوى : خلاص انا بحاول اشيله من دماغي ، مالك كذا مره يلمحلي انه مرتبط ببنت و بيحبها جدا
شيرين باضطراب : طب لو مفيش حد في حياته ، برده هتنسيه
سلوى : هو انا نسيته اساسا ، يحيى ده له فضل كبير عليا اوي ، ده غير حياتي تماما من غير حتى ما يكون قاصد ، بس طالما مرتبط هحاول اد ما اقدر اتغلب على مشاعري ناحيته مش اعد اكلمه فالفاضيه و المليانه
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
استيقظت ليلى على صوت طرقات خفيفه على باب غرفتها ، لتنهض مسرعه لفتح الباب قبل أن تستفيق فاتن.
فتحت الباب ، لتجد لؤي ، الذي قال على عجاله : اللاب بتاعي باظ ، و لازم اكتب مقاله وابعتها دلوقتي للدكتور ، هاتي اللاب بتاعك بسرعه..
أومأت ليلى ، و دخلت مسرعه محضرة جهاز الحاسوب الخاص بها : اتفضل ..
لؤي بفضول : هي لسه نايمه ...؟
ليلى : ايوه ، اصلها سهرت امبارح
لؤي : طب سلميلي عليها اما تفوق ... سلام حار جدا
ابتسمت ليلى : اه لو يسمعك يحيى ..
ضحك لؤي : يا ريت ... لتقول ليلى بحزم : لؤي ، بطل حركاتك دي ، رخم عليه فاي حاجه ، الا فاتن ..
لؤي: طب متشكرين على النصيحه ....ثم تنحنح قائلا : ماما قالتلي انكو كلمتو خالتي و اطمنتو عليهم امبارح
ليلى : ايوه ، دول كانوا لسه هيدخلوا غزه ، بس ربك سترها معاهم و المعبر اتقفل عشان الحرب..
لؤي بلهفه : طب دلوقتي هيرجعوا هنا تاني ؟
ليلى : لا لا ، دول هيروحوا الاردن ، عند قرايب جوز خالتي..
فرك لؤي عنقه و قال : طيب و ديما هاتعمل ايه ...!
ليلى بعدم فهم : هتعمل ايه فايه ...؟
لؤي : يعني عشان مدرستها ..كده هتعيد السنه..
ليلى : لا متقلقش ، هما في حالة حرب ، ومفيش مدارس عندهم دلوقت ..
لؤي بتردد : اه طب كويس ، بس هي كويسه اتكلمتي معاها ... يعني..
ابتسمت ليلى : يعني ايه .. اكيد كويسه هتسافر الاردن و تغير جو ، و تقابل قرايبهم
ثم أضافت محاوله اغاظه اخيها : ومين عارف ، يمكن ربنا يرزقها بابن الحلال هناك..
قاطعها لؤي بعنف : ايه ده ، ابن حلال و حرام مين ... دي لسه عيله !
ليلى : طب كويس انك عارف انها لسه عيله..
لؤي : تقصدي ايه يعني ..؟
ليلى : اقصد مهما عملت مفروض تلتمسلها العذر و مكنش يصح تسبها تسافر و انتو زعلانين من بعض...
ثم أضافت : لو جدع تكلمها و تتصافوا..
قال لؤي بغضب : انا مبعتذرش لحد سامعه ، و مغلطتش فيها اصلا... هي اللي خانتني ..
شهقت ليلى : خانتك ، يا راجل ...ايه الكلام الكبير ده
لؤي : انتي مش فاهمه حاجه و لا عمر حد فيكم هايفهم..
نظرت ليلى في اثر اخيها الذي عاد الى غرفته و الشرر يتطاير من عينيه..
لتتعجب ليلى متمتمه : خانته ، الواد ده اوفر.. اوووفر ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
قال أنس بعد أن اصبح بمفرده مع شيرين : ايه مستعده نتكلم دلوقتي..؟
شيرين : ايوه ، بس افهم الاول ، و اقيم خطتك هتفدني فايه اساسا..
قال أنس : هتفيدك اوي اوي ..
أخرج هاتفه ، و قال : شوفي كده الصور دي الاول..
تطلعت شيرين على الصور و قالت : مش دي البت اللي يحيى مصاحبها...استنى ..لا لا مش هي ، في شبه كبير بس مش نفس البنت..
أنس : برافو عليكي ، هي شبهها ، بس مع شويه تعديلات بسيطه هتبقى نسخه طبق الاصل منها..
شيرين : و ايه علاقتها بمالك و سلوى ، مش فاهمه !
أنس : علاقتها ان يحيى بيحبها ، و لما يكتشف انها بنت مش تمام ، هيسبها و يرجع الامل لقلب انتيمتك سلوى ، و انتي يفضالك الطريق ادام مالك.. فهمتي !
شيرين : يا سلام هي دي خطتك العبقريه ، هتدفعني عشرة تلاف جنيه عشان الهطل ده ..
أنس : طب انتي حره ..
تذكرت شيرين لهفة سلوى على مالك عند حديثها معه على الهاتف هذا الصباح ، لتقول : طب اعمل الصور و انا هدفع النص و لو كلامك جاب نتيجه هتاخد الباقي..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
هتفت فاتن غير مصدقه : نوف انتي بتتكلمي جد ، انا مش قادره اصدق اني هاشوفك تاني
نوف : انا حاولت اكلمك اول ما وصلت و الله عشان افرحك ، بس شكلك كنتي نايمه ومردتيش على مكالمتي
فاتن و قد تذكرت طرد والدتها له ، فقالت : ياااه يا نوف انتي جيتي فوقتك ، بجد انا محتاجاكي جنبي اوي
نوف : طب اديني العنوان ، و هاجي انا و تركي بكره و ناخدك تتفسحي معانا..
قالت فاتن : يادي غبائي ، انا نسيت انكم عرسان جداد .. لا اجي معاكي فين ، لازم تتبسطوا و تتفسحوا و الكلام اللي بيعملوه العرسان ده
نوف : يا عبيطه تركي شخصيا هو اللي اصر عشان عايز يتعرف عليكي ، يلا مليني العنوان و هاكلمك تاني و اقولك امتى هنيجي ، ده تركي عملنا بروجرام حلو جدا ، هنلف مصر حته حته ..
بعد أن ودعت أختها ، ابتسمت فاتن فلقد عوضها الله بفرحه كبيره ، لقد اشتاقت جدا لرؤيه نوف..و على الفور حادثت يحيى مخبره اياه بكل التفاصيل ....
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
سار يحيى عبر الممر المؤدي لغرفة مالك فالمشفى بقلق جم ، دلف الى الحجره قائلا : انا لسه عارف حالا من أنس..ازيك دلوقتي و الدكاتره قالوا ايه ...
مالك : بالراحه بالراحه ، جت سليمه ، بس زي ما انت شايف ، رجلى فيها كسر بسيط و االدكتور اصر أن يحطني تحت المراقبه لمده اسبوع...
يحيى : الحمد لله ، بس كده مش هتقدر تسافر و احتمال الشركه الكوريه تبعتلنا قريب !
مالك : البركه فيك بقى و ده اصلا دورك مالبدايه ..
يحيى : بس انا ورايا التزامات كتير هنا ، هاشوف أنس..
قاطعه مالك : يحيى ، هتسيب مستقبلنا فايد انس ، انا مش بثق لا فتصرفاته و لا قراراته ، لازم يكون حد بيوجهه و الا هيكبر و يتصرف من دماغه
تنهد يحيى قائلا بتكدر بالغ : امري لله ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أنهى لؤي كتابة المقال ، و قام بارساله عبر البريد الالكتروني إلى استاذه الجامعي ، استعد للخروج و لكن قبلا عليه الاطمئنان على كِنان ، أراد أن يدلف صفحته على الفيس ليفحص ان كانت وصلته رساله منه
ليجد أن ليلى نسيت تسجيل الخروج من صفحتها ، ليتغلب عليه فضوله ، خاصه مع قلق ليلى و اهتمامها الشديد بكنان و مراقبتها لصفحته على الفيس بوك..
تنقل بين المواضيع والتعليقات ، ثم دلف الى الرسائل ، ليجد كما مهولا من الرسائل المبعوثه من حساب صديقه كِنان..
غلى الدم في عروقه ، قام بفتح احداها و قرائتها غير مصدق لما تراه عيناه ، ليفتح رساله تلو الاخرى ، ويصطدم بالحقيقه القميئه ، لقد خانه صديقه بأبشع صوره ...
أراد أن يذهب إلى غرفة أخته و ينفث عن غضبه منها و من ذلك الخائن ، و لكن ..
تراجع لؤي عن قراره و حاول السيطره على غضبه ، فالانتقام سيكون من جنس العمل ، و ها هي اخت كِنان موجوده و تحت سقف واحد معه..
سجل خروج من صفحة ليلى ، و أغلق الحاسوب ..متخذا قرارا جديدا يُحركه الانتقام ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
عاد يحيى إلى المنزل لتحضيرنفسه للسفر ، فلقد تلقى بريدا الكترونيا من الشركه الكوريه الراعيه لمشروعهم تفيد بأن على ممثلهم الحضور لاكمال الاتفاقات ، خاصه مع اعجابهم الشديد بالأفكار التي طرحها يحيى مؤخرا و التي تواكب و بشده متطلبات الزوار الشباب من المواقع الاكترونيه...
حيى والدته و أبلغها بالخبر ، و على غير عادتها ، فرحت و بشده ، فطالما رفضت فكرة سفر ابنائها سواء للعمل او في الرحلات المدرسيه و الجامعيه معللة ذلك بخوفها الشديد عليهم ..
قالت خديجه : انا حالا هاحضرلك الشنطه يا يحيى ، و يا بني خود راحتك هناك ، اه ، لازم تدرس العقود كويس جدا ، و اوعى تتهاون معاهم ، انت مش قليل يا بني و ربنا يباركلك ياااا رب و يجعلك في كل خطوه سلامه ، و ينولك مرادك و يبعد عنك بنات الحرام.. قادر يا كريم...
زالت ابتسامه يحيى حين انتهاء والدته من الدعاء ، فهو يعلم جيدا مقصدها ببنات الحرام ، تركت تلك الملاحظه شعورا مقيتا في نفس يحيى ، فسوف يترك فاتن بدون سند ، خاصه مع رفض والديه لفكرة ارتباطه بها شكلا وموضوعا ...
قال يحيى : ربنا يخليكي ليا يا ست الكل و متحرمش من دعواتك الجميله دي..
ربتت خديجه على كتفه ، ليسأل : لؤي هنا..؟
خديجه : اه بيذاكر فالبلكونه ...
يحيى : طب انا محتاجه فكلمتين عن اذنك ..
وفي الشرفه ، وجد أخيه مصوبا نظراته في الفراغ ، و يبدو وكأنه دفن عزيزا على قلبه..
قال يحيى : هيه ، مالك سرحان فايه !
لؤي بضيق : ابدا ، بريح دماغي مالمذاكره ...
يحيى : طيب ..انا جاي اقولك اني مسافر بكره على كوريا يعني لو محتاج حاجه من هناك ..
قاطعه لؤي : ال يعني الواد مليونير و انا هاطلب يقوم ينفذ على طول !
يحيى : الحق عليا ...
لؤي : انا اسف ، و مبروك السفريه ، شكلها شركتك هتنجح فعلا
أومأ يحيى ثم قال : انا كنت عايز اطلب منك حاجه
لؤي : اؤمر يا هندسه ..
يحيى : انت عارف موقف بابا و ماما من فاتن ، و شفت ماما وقفلها عالواحده ازاي ، يا ريت تبقى تخلي بالك منها و لو احتاجت حاجه ارجوك متكسلش و تساعدها فيها ، هي دلوقتي ملهاش حد غيرنا
أومأ لؤي ساخرا في نفسه : انت هتوصيني على اخت الغالي .. متقلقش هاحطها فعنيا من جوه
يحيى : و ده عشمي فيك ، بس اوعي اوعي لو قدرت تتواصل مع كِنان ، تسمع كلام بابا و تخليها تروح تعد فالشقه لوحدها ، فاهم ، اللي منرضهوش لليلى مش عايزك ترضاه لفاتن يا لؤي ...
ابتسم لؤي بمراره : اه مفهوم ، مفهوم ، ده حتى تبقى عيبه فحقي ادام كِنان..
يحيى : طب لو غيرت رأيك و احتجت حاجه من هناك ، مترددش و كلمني ..
أومأ لؤي ، ليدلف عبدالرحمن الى الشرفه مهللا و مبتهجا : الف مبروك يا يحيى الف مليوون مبروك..
استغرب يحيى و لؤي ردة فعل والدهما ، و الذي بدوره طالما كره فكرة السفر و ايضا لم يكن مشجعا ابدا ليحيى في تاسيس شركته ..
قال لؤي مستنكرا : الله .. انت يا بابا موافق ان يحيى يسافر عادي كده..
عبدالرحمن : امال ، يحيى اجتهد و ربنا بيكافئه و الحمد لله .مش زي خيبتك
هتف يحيى مستنكرا : بابا ...ايه لزمته الكلام ده دلوقت !
ليقول لؤي : خيبتي ليه هو انا اللي جبت بنت ال.... عندنا البيت و عايز اتجوزها
أراد يحيى أن يلكم اخاه من شدة غضبه ، و لكن كف والده كان أسرع لينزل على وجه لؤي مقرعا اياه و بشده
عبدالرحمن بعصبيه : بدال ما تفرح لاخوك ، واقف هنا تعمله محاكمه .. اخص عليك ..
لؤي بلامبالاه : حتى و هو غلطان برده بتيجي عليا ، عموما مش مهم ، معدش في حاجه مهمه..
غادر لؤي الشرفه ، ناقما على كل مَن في البيت ، و مصمما على تنفيذ انتقامه و بشده ، و الان لن يكون كِنان هو الدافع الوحيد ، فلقد سأم من تلك الهاله المثاليه المحيطه بأخيه و التي تظهره دوما كالفاشل مقارنه به ، عليه أن ينتصر و لو مره واحده أمامه ،أن يذيقه مرارة طعم الرقم 2 ، فمهما اجتهد لؤي لم يستطع يوما أن يزحزح يحيى عن الصداره ، و لكن و بالحيله سيذيقه طعم الخساره ...قريبا...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
سأل كِنان المتواجد في مقر محطة الحقيقه الفضائيه في غزه : ايه يا جماعه محدش عنده خبر امتى الخطوط دي هتتصلح ..؟
أجابه " ابو فراس " المدير للقناه في غزه : ربنا يسهل ، بس العمال مش راح يقدروا يطلعوا في ظل القصف الحالي مشان يعملوا تصليحات، فمستحيل هلاء ترجع الخطوط ، بس املنا فالله كبير ...
كِنان بتوتر : و نعم بالله ، بس انت عارف يا ابوفراس ، انا لازم اطمن على ليلى ..و خايف الحرب دي طول ، دي فرحها قرب ، و لازم ارجع مصر قبل الفرح ..
ابوفراس : و الله انت حكايتك حكايه يا كِنان ، بس انت بتقدر تسجل اسمك على المعبر لانك مصري..و حسب معاهدة السلام اللي بينكم اسرائيل مجبوره انها تحافظ على الاتفاقيه معكم
قال كِنان باستنكار: لو تقصد المعبراللي عليه جنود اسرائليين ، فلا يمكن ، انا هتعامل زيي زي اي فلسطيني هنا ، هاستنى معبر رفح لغاية ما يفتح ...
ابوفراس : و الله احنا هون كلنا بنعتبرك واحد منا ، كفاية مخاطرتك و نقلك للحقيقه في عز الحرب و القصف اللي ما هو مستثني لا صحفي و لا مسعف و لا حتى الاطفال..
كِنان : ده عهد خدت على نفسي ، اول ما اتخرجت ، اني انقل الحقيقه ، فمصر ففلسطين ، الهند ,اوروبا ، اي كانت الدوله ، لازم الحق و الحقيقه يكون صوتهم مجلجل..
ابوفراس : بارك الله فيك يا كِنان ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
صرخ المخرج : كااااااااااات
أسرع خميس إلى انجي التي أنهت و لتوها تصوير أحد المشاهد في الفيلم الممول من قبله ..
هتف خميس : استني يا هانم ، مش خميس اللي يضحك عليه..
انجي مناوره : ما عاش و لا كان اللي يضحك على اكبر منتج فيكي يا مصر ، اهدى كده و انا هافهمك
خميس : هاتفهميني ايه يا وليه ..!
هتفت انجي : خميس ..حاسب على لسانك يا روحي و بعدين بنتي و انا عارفاها هتلف و تلف و ترجع لحضني ، و ساعتها هقدمهالك على طبق من فضه...
خميس : مبكلش مالكلام ده يا نجمه...
تمايلت امامه بدلع قائله : امال ايه اللي بياكل معاك ، انا تحت امرك لغاية اما البت تعقل ..و تحس بقيمتك
قال خميس بزفاره : و ماله ، ناكل دلوقت جوافه لغاية اما يرضى علينا المشمش...
ابتسمت انجي له بمراره ، و زاد سخطها على فاتن ، فتلك الغبيه كانت ستوفر عليها جلسة التودد مع هذا البغيض .. تمتمت : طيب يا فاتن ، مسيرك ترجعيلي مذلوله..!
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
قال يحيى الواقف خارج غرفة ليلى : ايه يا بنات ممكن ادخل ..؟
ليلى بمرح :الطريق امان..
اتفضل يا يحيى .. و مبروك السفريه لسه ماما مبلغاني ...الف مبروك
فاتن بضيق : مبروك ....
ليقول يحيى الذي دخل لتوه الغرفه : ايه يا ليلى مش اديتني الامان برده
ليلى : مش فاهمه . .. ثم هتفت مبتسمه : اه فهمت ، انا هاروح اعمل شاي ..
يحيى : لا استني.. يا بت انتي فهمتي غلط...
غادرت ليلى الغرفه غير مكترثه لتوضيحات يحيى ...
قال يحيى لفاتن الجالسه بحزن على السرير : على فكره مكنش قصدي اوزعها المجنونه دي
استمرت فاتن في صمتها ، ليقول يحيى : كنت اقصد يعني انتي مش لابسه الاسدال زي ما اتفقنا..
شهقت فاتن : يا خبر ، ده انا نسيت ، معلش اصلي لسه مش متعوده.
نهضت مسرعه من مكانها ، لتلبس الاسدال مخفيه شعرها ، و قالت : اهو ، كده امان..
ابتسم يحيى : بعد اايه ، زمانها ليلى فهمتني غلط خالص على فكره ..
ابتسمت فاتن ، ليقول يحيى : كده احسن ، ومش عايز اشوفك مكشره تاني ، انا كلها كام يوم و هارجع ..
فركت فاتن يديها بتوتر وقالت : بس انا مقدرش اعد هنا من غيرك..مش عايزه ادايقهم اكتر من كده
يحيى : ايه الكلام اللي بتقوليه ده ، و بعدين انا وصيت لؤي ياخد باله منك و اي حاجه تعوزيها تقوليله على طول ، و لو حسيتي نفسك مدايقه كلميني ، هاكون فثانيتها معاكي عالخط ...
قالت فاتن : طب انت مش هتقولي معترض على خروجتي بكره مع نوف ليه ؟
قال يحيى : مش عارف ، يعني عشان مقابلتش جوزها و لا اعرفه ، فقلقان عليكي ...
قاطعته فاتن مطمئنه : اطمن يا يحيى ، دي نوف بتقول فيه شعر ، و اد ايه كان محافظ عليها حتي بعد ما كتبوا الكتاب ، يعني مش زي شباب اليومين دول..
يحيى برجاء : طب لو قلتلك عشان خاطري متخرجيش معاهم بكره ، استني لغاية اما ارجع و اقابله و احكم عليه بنفسي، هتكسفيني ..
قالت فاتن بامتعاض : لا طبعا ، بس و الله ما في داعي لقلقك ده..
يحيى : معلش ، انا مش هاكون مرتاح و انتي بعيده عني و كمان مع راجل غريب محدش فينا قابله قبل كده..
فاتن باستسلام : امري لله، بس خليك عارف ان نوف هتزعل مني جامد ، دي نفسها تشوفني و انا كمان
يحيى : طب ما تيجي تزورك هنا ، ايه المانع..
قالت فاتن : لا انا مش عايزه اتقل على اهلك ، هاجيب زوار كمان!
يحيى : فاتن .....
رفعت فاتن يدها موقفه اياه عن الحديث: ارجوك يا يحيى ..
عادت ليلى و بيدها كوبا من الشاي ، لتقول بمرح : سوري بس ماما بعتتني عشان اكبس على نفسكو ، و لا مؤاخذه يا يحيى مقدرش ازعل الحاجه مني ابدا ..
ابتسم يحيى وقال : انا كنت خارج اصلا...
فاتن بفضول : على فين ...!
يحيى : عشان اخلص اللي ورايا ، انتي ناسيه انا مسافر بكره...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
فتحت نوف رساله أخرى من أنس ، لتفاجىء بتهديده الواضح و الصريح : " افتحي الايميل بتاعك ، عندي لكي مفاجأه ، و لو منفذتيش الكلام ، هتبقى المفاجأه دي لعريسك يا عروسه "
هرعت نوف بعد أن دلف تركي إلى الحمام بالاسراع و فتح البريد الاكتروني الخاص بها ، وجدت بداخله رسالتين من أنس ..
فتحت الرساله الاولى لتفاجأ بصورها بملابس فاضحه و بدون ملابس ايضا، لعنت نفسها مئة مره ، فبيدها كتبت النهايه لسعادتها مع تركي
فتحت الرساله الثانيه و التي تحتوي على فيديو ، شغلته لتلقى النتيجه التي توقعتها بعد رؤية تلك الصور، كان الفيديو عباره عن اخر لقاء لها مع أنس حين طلب منها أن تتجرد من ملابسها تماما أمام الكاميرا.. عدا عن الافعال المشينه وا لحركات القذره التي اقنعها بفعلها..
أغلقت الايميل بسرعه ، و صرخات الندم تعصف بها ، كيف طاوعت هذا الحقير ، و لكن لاوقت للندم الان عليها التصرف قبل ان تُفضح ..
بعثت برساله لانس : انت عايز ايه دلوقت..؟
انس: 100 الف جنيه و كاش و معاكي يومين عشان تدبري المبلغ والا فضايحك هتكون عند عريس الغفله يا عروسه..
↚
¤ و غادرها الأمان ¤
-------------------------------------------------------
سافر يحيى و غادر معه الامان الذي حظيت به في الايام القليله الماضيه خاصه بعد سماعها صوت نوف المضطرب على الهاتف ...
قالت فاتن : يا بنتي اهدي و فهميني حصل ايه بس !
نوف : مش هينفع فالتليفون ، لازم اقابلك عشان انتي الوحيده اللي تقدري تساعديني ، انا معرفش الشوارع و لا اروح و لا اجي هنا لوحدي..
فاتن : بس ده يحيى محرج عليا مخرجش فغيابه..
نوف : ما انا هاجي مع تركي و اخدك معايا و هافهمك كل حاجه
عضت فاتن على شفتيها من الاحراج ، لن تستطيع اخبار نوف برفض يحيى بخروجها برفقة تركي ، و لكن في نفس الوقت لن تستطيع التخلي عن اختها في وضعها الحرج ..
فاتن : طب هتيجوا امتى عشان احضر نفسي..؟
نوف بلهفه : دلوقتي لو ينفع ..
احست فاتن بالخطب الجلل الذي حل بنوف ، لذا اسرعت بالقول : اوك ، معنديش مانع..
انهت فاتن المكالمه و اسرعت بارتداء ملابسها ، لم يكن لديها الوقت الكافي لاختيار ملابس مناسبه مع التزامها الحالي بالحجاب ، و الحاجيات التي وضعتها والدتها في الحقيبه لا تفي بالغرض ، ارادت استعاره بعض القطع من ليلى و لكن لا وقت لديها للقياس و التجريب خاصه ان ليلى تفوقها طولا ...
انهت ارتداء ملابسها و خرجت باحثه عن اهل المنزل ، وجدت خديجه في المطبخ ، حيتها و اخبرتها بضرورة خروجها في مشوار مهم..
قالت خديجه بلامبالاه : براحتك ، انتي مش محتاجه تاخدي اذني ..
فاتن بضيق : انا هاخرج مع اخـ....
قاطعتها خديجه بتهكم : مامتك اهي جنبنا ، الاولى تعدي عليها و تاخدي اذنها ..
رن هاتفها ، لتقول فاتن بضيق: انا مضطره امشي دلوقت
خديجه بتهكم : مع السلامه و القلب داعيلك..
ازاحت فاتن تكدرها من معاملة والدة يحيى جانبا ، و انطلقت مهروله لمساعدة نوف و التي انتظرتها على بوابة البنايه برفقة زوجها تركي الجالس على مقود احدى السيارات الفارهه
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
وقفت خديجه على شرفة الشقه مناديه بصوت غاضب : يا حاج ، يا حاج ، تعال شوف بعنيك ...
هرع عبدالرحمن الى الشرفه قائلا : اشوف ايه ؟
خديجه : السُهنه اللي اسمها فاتن ، شايف راكبه مع مين ؟
ألقى عبدالرحمن نظره الي الاسفل حيث شاهد احدى السيارات الفارهه مصطفه امام البنايه خاصتهم ، و على المقود يجلس رجلا يرتدي الزي الخليجي و بجانبه امراه ، لتركب فاتن في المقعد الخلفي ..
انطلقت السياره ، لتقول خديجه : شايف ، ده اكيد زبون عندها و بتاخد منه الشيء الفلاني ..
عبدالرحمن بتردد : ان بعض الظن اثم ....
خديجه : ظن ايه يا راجل ، مش شايف لبسه ، ده خليجي ...ايه بقى هتكون علاقتها بواحد خليجي ، اخوها فالرضاعه مثلا ، انت ناسي امها مين !
عبدالرحمن بتافف : ربنا يسامحك يا يحيى عالي عملته فينا
خديجه : انت دلوقت و حالا تكلمه ، و تبلغه باللي شفناه و نخلص ..
عبدالرحمن : يعني هاعكنن عليه فسفره ، خليه يعرف يركز فشغله و لما يجي يحلها الحلال
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
قالت نوف بعد ان اوقف تركي السياره : معلش تركي خليني اعد مع فاتن شوي قبل ما نكمل البروجرام ، وايد وحشتني ..
تركي مبتسما : اه مين لقى احبابه .. طب انا هانزل عالجيم ، اريض جسمي شوي و لما تشبعوا من بعض كلموني ..
سألت فاتن بقلق ، بعد أن جلست مع نوف في الجناح الخاص بالفندق : قلقتيني عليكي ، ايه اللي حصل ، تركي مدايقك فحاجه ..؟
تنهدت نوف و قالت بحسره : تركي ده هدية ربنا ليا ، بس انا مستهلش حد زيه يا فاتن ..
فاتن بحنان : ليه بس بتقولي كده ، ده انتي اطيب و ارق و احن اخت فالدنيا
قالت نوف بحسره : اسمعي مفيش وقت ، زمانه تركي هيرجع ، ده مش بيفارقني لحظه من ليلة الفرح ، انا عملت مصيبه فنفسي و دلوقتي بدفع التمن...
روت نوف ما حدث مع انس و كيف تطورت علاقتهم و كيف وصل بها الحال الان ...
قالت فاتن بصدمه : يا نهار اسود ، و انتي ايش ضمنلك لو دفعتي الفلوس مش يرجع يهددك تاني و تالت
نوف بتوتر : معرفش معرفش ، بس ده بقاله مده ملاحقني بمكالمات و رسايل ، و انا اعصابي تعبت و معدتش قادره استحمل ، يمكن لو خاد قرشين ضميره يصحى و يحل عن دماغي ، مش قادره اتخيل اني هاتفضح ادام تركي ، انا بحبه اوي يا فاتن ...
قالت فاتن بعينين دامعتين : طيب يعني هتديه الفلوس امتى و ازاي، تركي ممكن ياخد باله و تبقى مصيبه
نوف بتوتر : انا اصلا ممعيش المبلغ ده دلوقت، الفلوس اللي كانت فحسابي سلفتهاله اخر مره زي ما حكتلك
فاتن بحيره : امال ناويه تعملي ايه؟
نوف : انا مضطره ابيع جزء من شبكتي ، تركي جبلي دهب كتير و كام حته الماظ ، و انا مش بلبسهم كلهم اكيد مش هياخد باله و لما نرجع هاستلف من بابا و ابقى اشتري زيهم
فاتن : طيب انا عندي فكره احسن
نوف : الحقيني بيها
فاتن : بصي ايه رايك لو نكلمه و تسجليله و نقدم فيه بلاغ للبوليس
نوف بعصبيه : انتي بتهرجي ، بوليس يعني تحقيق و استدعاء و تركي اكيد هايعرف و مش بعيد انس ينتقم مني و يبعتله الصور و الفيديو..
فاتن بتردد : بس انا مش مرتاحه يا نوف ..
نوف : مفيش وقت معايا للتردد ، دلوقتي هنزل و نقابل تركي ، و عايزاكي ضروري تطلبي نروح اماكن فيها محلات للدهب او اي حته اقدر اتصرف و ابيع و لو جزء انهارده من دهبي ..
فاتن : طب تركي مش هياخد باله ؟
نوف : مش عارفه مقداميش حل تاني ...
فاتن : اسمعي انتي اديني الدهب و انا ان شاء الله هاروح عندالصايغ بتاع ماما و بكره تيجي و تاخدي الفلوس
نوف بتاثر : ربنا يخليكي ليا يا فاتن ، بس انتي تقدري تروحي لوحدك
فاتن : متقلقيش ...اانا...هادبر اموري
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
هتفت شيرين : يخرب عقلك جبت صورها منين ؟
أنس : قولتلك مش هي ، دي اختها ، بس هما بيشبهوا بعض اوي ، بس نوف شعرها اسود و مناخيرها طويله حبتين
شيرين : طول عمرك خبير الفوتوشوب بتاع الشله ، بس مكنتش متصوره انك حريف اوي كده ، تقريبا مفيش فرق خالص ، أكنها هي تمام ..
انس : طيب هنقضيها رغي ، مش ايدك عالخمسه بتوعي
شيرين : اوك ، بس اشوف باقي الصور ..
انس : عنيا ، اهو شوفي و ملي عنيكي..
شيرين بعد ان طالعت جميع الصور : عظيم ، بس على الله سلوى تقتنع ..
انس : تقتنع بايه ، احنا مش مفروض نفرج يحيى عالصور دي..
شيرين : لا لا احنا مالنا ، انا عندي تكتيك احسن
انس : اللي هو !
شيرين : مش خدت فلوسك ، اطلع انت منها بقى
انس : ماشي ماشي ، بقينا محترفين لوحدنا اهو
ابتسمت شيرين ، و توجهت حيث تنكب سلوى على العمل في مكتب مالك الغائب ، دخلت المكتب حامله بيدها الفلاشه الموجوده بها الصور..
قالت شيرين بعد ان لاحظت سلوى وجودها : سلوى احنا محتاجين نتكلم فموضوع يخص يحيى
سلوى : خير ماله يحيى ؟
شيرين : انتي فاكره البنت اللي جابها معاه عالندوه ..؟
اومأت سلوى ، لتقول شيرين : اهي هي دي اللي بيحبها و مرتبط بيها دلوقتى
تكدرت سلوى ، لتقول شيرين : ده شكله هيتجوزها يا سلوى ، و البنت دي مش كويسه و ليها علاقات مع ولاد و حتى و هي مرتبطه بيحيى علاقاتها لسه مستمره
سلوى باضطراب : و انتي عرفتي ازاي..؟
شيرين : انا هاوريكي عرفت ازاي..
وضعت شيرين الفلاشه في الحاسوب و شغلتها ، لتفتح الصور ، صوره تلو الاخرى
قالت سلوى : جبت صورها دي منين..!
شيرين : انتي عايزه الحق ، دي مش صورها ، دول بتوع اختها ، بس هي و اختها من نفس البيئه
سلوى : يعني ايه ؟
شيرين : يعني حرام يحيى يرتبط بواحده زي دي ، حرام تسيبيه يا سلوى مخدوع فيها بالشكل ده
سلوى : بس انت بتقولي دول بتوع اختها ..!
شيرين : طيب واحده اختها كده ، هتطلع هي ايه مثلا !
سلوى : احنا مالنا ..
شيرين : دي فرصتك يا سلوى ، فرصتك تقربي من يحيى ، صدقيني دلوقت اكتر من اي وقت هو محتاجلك جنبه ، شوفي ازاي بيعتمد عليكي فالشركه فكل حاجه ، مع انه كان ممكن يوكل انس شريكه بحاجات كتير ، بس فضلك انتي ، عشان ابتدى يحس بيكي و اكيد بيقارن بين اخلاقك و بين سوء اخلاقها ، بس كفتها هي الي راجحه لغاية دلوقت ، عارفه ليه...؟
سلوى : ارجوكي يا شيرين...
قاطعتها شيرين : عشان هي فاتحاها عالبحري معاه و مهما كان هو لسه شاب و اكيد بيتأثر بالحاجات دي زي كل الرجاله ، لكن لو شاف الصور دي اكيد اكيد نظرته ليها هتتغير ...هايفهم انها سلعه للكل مش بس له و اللي بتعمله وياه بتعمل العن منه مع غيره...
سلوى : يعني هاعمل ايه ، مش بلسانك قولتي دي صور اختها ..
شيرين : يا بنتي اختها و لا هي مش هتفرق كتير ، المهم انك تنقذي يحيى من المستنقع ده ، و تكسبي ثواب بنفسك بالمره !
و تابعت : انا هاسيبلك الصور و انتي و ضميرك ، لو تقبلي انه يرتبط بواحده بالاخلاق دي و تخسري حب عمرك عشانها ، انتي حره ، بس هايبقى حرام عليكي نفسك و يحيى ...
خرجت شيرين امله ان تقتنع سلوى بفكرتها ، و التي لم تستطع هي شخصيا الاقدام عليها ، فتلك الصور لا تخص تلك الفتاه رفيقه يحيى ، و لم تشأ شيرين ان تتحمل عبء الذنب ان اقنعت يحيى بذلك ، اما سلوى فلديها الدافع الاكبر ، و هو حبها ليحيى ، فاحيانا الحب يعطينا جراءه لفعل اشياء يعجز ضميرنا عن استساغتها و لكن ياتي بلسم الحب ليضمد جراح الضمير..
حسنا ، ان لم تقتنع سلوى بافكارها ، هنالك انس ، صحيح ان ذلك المستغل سيطالب بباقي المبلغ المتفق عليه ، و لكن لا يهم ، عليها المواصله فالطريق الذي اختطته ، كل شيء جائز في الحب و الحرب...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
بذلت فاتن جهدا مضنيا في التنقل بين محلات الذهب ، لتحصل على سعرا جيدا لمجوهرات نوف، و لكن النتيجه كانت مرضيه فلقد حصلت على المبلغ المطلوب.
وصلت الى الشقه حيث فتحت لها ليلي الباب ، و التي سألت بفضول : كنتي فين ؟
أجابت فاتن باضطراب : بشتري شوية حاجات ..
ليلى : انا بس كنت قلقانه عليكي عشان اتاخرتي جدا
قالت خديجه الواقفه بباب المطبخ : ليلى تعالي ساعديني جوه
توجهت ليلى لمساعدة والدتها ، لتدلف فاتن الى الغرفه التي تقيم فيها مع ليلى ، وضعت حقيبتها الثقيله على السرير ، لتأتي خديجه قائله : انا تعبت من شغل البيت ، يا ريت تروحي تساعدي ليلى فالمطبخ
فاتن بابتسامه متعبه : حاضر يا طنط ، انا رايحه اهو
خرجت فاتن من الغرفه ، لتستغل خديجه تلك الفرصه للتفتيش في حقيبة فاتن بعد أن لاحظت انتفاخ حقيبتها و بشده ، عكس هذا الصباح عندما خرجت كانت تبدو خفيفه للغايه ، مما أثار فضولها بشكل كبير.
فتحت الحقيبه بسرعه شديده ، لتشهق متفاجئه من كم النقود المحشوره في تلك الحقيبه الصغيره
تمتمت خديجه : يا نهاري ، هو الشغل البطّال بيكسب كده !
أغلقت خديجه الحقيبه بسرعه كبيره ، ثم عرجت إلى المطبخ موكلة فاتن بمهام كثيره تبقيها مشغوله ريثما تخبر عبدالرحمن بما بصرته قبل قليل ليتأكد بأم عينه..
في غرفة المعيشه وجدت زوجها يقرأ ما تيسر له من القران الكريم ، لتلطم خديجه على وجهها بحسره و حزن...
التفت عبدالرحمن على اثر سماعه لطم خديجه ، ليقول بغضب : ايه اللي بتعمليه ده ..!
خديجه : بلطم على وكستنا ، على الراجل اللي ربى ولاده على قال الله و قال الرسول ، ودلوقتي بيته بقى مضيفه لحتة بت *******..
هتف عبدالرحمن : هنعيده تاني ، استنى لما يوصل يحيى بالسلامه..
قاطعته خديجه : استنى ايه ، انت دلوقت تيجي و تشوف بعينك ان كلامي الصبح مكنش ظن ، عشان متجيش بعد كده و تقولي ظلمتيها..
عبدالرحمن : آجي فين ..؟
تقدمت خديجه و امسكت بذراعه قائله : تعال يا حاج ...تعال بس..
تبعها عبدالرحمن الى غرفة ليلى ، دلفا سويه ، لتقول خديجه بعد أن فتحت حقيبه فاتن : بص يا حاج ، بص ، عشان متقوليش ظن تاني ، ادي تمن الخروجه بتاعت انهارده ...
تمتم عبدالرحمن : استغفر الله ، استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم ، بقى دي اخرتها يا يحيى !
خديجه : انت هتعد تندب ، اتصرف ، اطردها مالبيت و خلينا نخلص
عبدالرحمن :مش هينفع يا خديجه مش هينفع ، لازم الاول نثبت ليحيى حقيقتها ..
خديجه بغضب : يا نهار اسود ، كل ده ولسه هانثبت..
عبدالرحمن : اما يجي اما يجي يا خديجه ، بس دلوقت خلي عنيكي مفنجله عليها ، دي يتخاف منها على ليلى ، ده غير لؤي ربنا يهديه ، من امبارح و انا ملاحظ انه قاطرها فالرايحه و الجايه..
خديجه : ما تخليها تغور من هنا و تريح قلبي يا حاج ، و يحيى اكيد مش هيكدّبنا..!
قال عبدالرحمن بأسى : شكلك متعلمتيش الدرس يا خديجه ..!
تذكرت خديجه بأسى أحداثا مره كانت دفنتها منذ فتره بعيده لتقول : معاك حق ، كنت صدقت انت !
عبدالرحمن : عشان كده لازم يقتنع الاول ، فاهمه يا خديجه ، و دلوقت خلي عنيكي وسط راسك ، لغاية اما الغُمه دي تنزاح ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
في صباح اليوم التالي استيقظت فاتن مبكره ، لتقوم بتسليم ثمن المجوهرات الخاصه بنوف ، حيث هاتفتها واتفقتا على ان تأتي فاتن للفندق في الصباح الباكر قبل أن يفيق تركي...
كانت الساعه السابعه عندما خرجت فاتن من الشقه بعد أن اخبرت ليلى بضرورة ذهابها لمشوار طارىء يتعلق باحدى صديقاتها ..
في صالة الفندق ، تبادلت الاختان العناق ، و من ثم جلستا على أحد الموائد ، لتقول فاتن : الحمد لله المبلغ هيقضي و زياده شويه...
نوف بقلق : متشكره اوي يا فاتن ، بس المشكله دلوقت ازاي ازوغ من تركي و اروح اقابل الزفت ده ...
فاتن : اتحججي باي حاجه و انا هاجي معاكي ..
قاطعتها نوف : لا يا فاتن ، كفايه اللي عملتيه ووقفتك معايا ، انا مش عايزاكي تقربي من الاشكال دي نهائي
فاتن : امال يعني هتقابليه لوحدك ، ده يمكن محضرلك مصيبه تانيه.
نوف بتوتر : و الله ما انا عارفه هاعمل ايه ، انا مرعوبه جدا
فاتن : اسمعي كلميه و قوليله انك حضرتي المبلغ ، بس التسليم يكون فالوقت اللي انتي تحدديه..
أومأت نوف : طيب ، هاكلمه دلوقت قبل ما تركي يصحى....
بأنامل متردده ، طلبت الرقم ، ليرد أنس بعد الرنه الخامسه بصوت متثائب : نوفتي ، ضروري يكون خبر كويس و الا مش هاسامحك ، انتي فوقتيني من احلاها نومه
وضعت نوف الهاتف على السبيكر ثم قالت بامتعاض : المبلغ جاهز ..
هتف أنس : الله ، هي دي الناس اللي بتقدر ، طب تحبي نتقابل دلوقت ؟
نوف : طبعا لا ، انا هابقى اكلمك و اقولك عالمعاد اللي يناسبني
أنس : ماشي ، انا هاكلمك كمان ساعتين اكون صحصحت كده و ضروري تحددي المعاد و الا ... انتي عارفه بقى اللي فيها
نوف : ربنا ياخدك
انس : قولتي حاجه !
نوف : بقول اتفقنا ، كمان ساعتين ..
أغلقت نوف الخط و تطلعت لفاتن التي قالت مقترحه : انتي ممكن تقولي لتركي اننا عايزين نعمل شوبنج ، يعني حاجات بنات و كده و عايزين نروح لوحدنا عشان انا بتكسف منه
أومأت نوف : هاقوله ، وربنا يعدي اليوم ده على خير
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أحضر لؤي الكاميرا التي استعارها من صديقه لتسجيل خطته بالصوت والصوره ، ليؤدب كِنان على خداعه و يذيقه من نفس الكاس ، اما بالنسبه ليحيى ... لم يرس على بر حتى الان ...فما ذنبه تحديدا في معاملة عائلته له ، و لكن ....الم يسرق قلب ديما ، و تلك الصوره خير دليل ...
لقد فطر قلبه حين تيقن أنها بعثت الصوره متعمده ليحيى ، لا تراجع الان ، عليه أن يمضي قدما في تعريف يحيى بمرارة طعم الخساره ، و لا مجال للمقارنه ، فلقد خسر لؤي ابنة خالته ، أما يحيى فلن يخسر سوى فتاه جلبت له الكثير من المشاكل مع اهله...
ربما عليه اعادة التفكير في امر يحيى ، ربما لا يستحق منه ذلك ، عليه الان العمل و من ثم سيفكر لاحقا
اختار مكانا مخفيا للكاميرا بحيث لا تلاحظها فاتن و توجه باحثا عنها ....
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
تنهدت نوف الصعداء بعد استطاعتها اقناع تركي بتركها تتجول وحيده مع فاتن لشراء بعض الحاجيات الخاصه جدا بالنساء
قالت فاتن بعد أن جلستا في احد المولات في انتظار أنس : مع اني شايفه كده غلط جدا ، هتضمني منين انه ميرجعش ويهددك تاني..؟
نوف : طب انا فايدي ايه اعمله ، لو مدفعتش هيفضحني عند تركي ، ومش بعيد بابا كمان يعرف و ابقى وقعت فايدين الست حصه و دي ما هتصدق و تقوم بابا عليا..
هزت فاتن رأسها بحسره : منها لله و منه لله الحقير ده
نوف بقلق : اهو جاي اهو ، ربنا يستر
جال أنس بنظره على الموائد المرصوصه في أحد المقاهي داخل المول ، ليعثر على ضالته ، تقدم باتجاه نوف والتي تجلس في زاويه بعيده عن الاعين ، و برفقتها فتاه موليه ظهرها له..
توجه حيث تجلس نوف ، و حينما وصل ، قال بتهكم : ازيك يا نوفتي ، بس زعلان منك ، احنا متفقناش على كده ، مين....
توقف أنس ليقول : الله ، فاتن ، ايه الفرصه السعيده دي ، ده القعده احلوت اكتر و اكتر
جذب كرسيا و جلس على المائده قائلا : ها ، تحبو تشربوا ايه ؟
سألت فاتن بضيق : هو انت تعرفني منين ؟
أنس بثقه : بعيدا عن ان نوف حكتلي كل حاجه عنها و عن عيلتها ، انا ابقى شريك حبيب القلب يحيى ، الظاهر مش بيحكيلك عن صحابه ؟
فاتن بضيق : بقى انت شريكه !
قالت نوف بضيق : مش وقته يا فاتن ، اسمع فلوسك جاهزه ، ايدك بقى على الصور..كل النسخ
ابتسم انس : اكيد اكيد كلها ..
عبث في جيبه ، و اخرج فلاشه صغيره ، و قال : اهم ، بس اشوف الفلوس الاول...
فتحت نوف حقيبتها ، وقالت : اتفضل ..
كانت فاتن تجلس صامته من شدة التوتر ، تشاهد بأعين قلقه الموقف أمامها ، مدت نوف يدها بالنقود ...
" شنو قاعده تعملي هني نوف"
شهقت نوف ، واستدارت فاتن بسرعه لترى تركي ، واقفا خلفهم مباشره و الغضب يلون قسماته الرجوليه ..
تلعثمت نوف : تركي ... انا....
تركي : بتكذبي علي نوف ، و منو هاذ الرجال..؟
نهض أنس و قال : المهندس أنس...
لكمه تركي في فكه ، ليتراجع أنس مستلقيا على المقعد من جديد ، قال بغضب بعد أن استعاد توازنه : انت فاكر نفسك مين ، هتيجوا البلد و تبيعوا و تشتروا فينا بفلوسكم..
تركي بعصبيه : ليش كل هالفلوس هاي...؟
قالت فاتن بسرعه : ده انا يا تركي..
تركي : انتي شنو ؟
فاتن : كنت مديونه بمبلغ للمهندس انس ، و نوف كتر خيرها سلفتني الفلوس دي عشان اردهومله
قال أنس خوفا من عدم حصوله على المال: ايوه صح ، انا و الانسه فاتن كان بينا شغل و دلوقتي بنصفيه و عيب اوي اللي عملته يا حضرة
نوف باضطراب : صحيح و مرضتش اقولك عشان فاتن كانت محروجه اوي منك
تركي و الشرر يتطاير من عينيه : طب اتفضلي الحين معاي و انت يا بشمهندس انس ، بعتذر منك على تصرفي قبل شوي..
قال انس بامتعاض : معلش ، المسامح كريم
ليقول تركي موجها حديثه لفاتن : احنا هنكون بانتظارك بره ، لحين ما تخلصي شغلك مع المهندس أنس..
وجهت نوف اشاره لفاتن لكي تأخذ الفلاشه من أنس ، و غادرت والوان الطيف تعبث بوجهها اثر تلك المواجهه مع تركي و كيف كانت قيد أنمله و تفضح لولا سرعة بديهة فاتن..
قال أنس بعد أن غادرا : تخيلي انا نسيت نسخه تانيه عندي فالجهاز..
قالت فاتن بضيق : انت مش خدت الفلوس خلاص يبقى تمسح كل الصور اللي عندك ، وحسك عينك تفكر تهددها تاني ، و الا انا بنفسي هابلغ عنك البوليس..
ابتسم أنس قائلا : لا انتي فهمتي غلط ، النسخه دي متخصش نوف ...
قالت فاتن بامتعاض : انت عايز ايه ما تخلص..؟
اخرج أنس هاتفه ، ثم قال : شوفي كده
نظرت فاتن بأعين مصدومه على مجموعه من الصور لفتاه صوره طبق الاصل عنها بوضعيات و ملابس مخله و فاضحه ، و دون ان تتردد رفعت كفها و صفعت انس بشكل قوي
ليقول أنس بغضب : اتلمي احسن و ماتخلينيش اتهور.. و الا هاوريهم ليحيى حبيب القلب
فاتن بسخريه : انت تبلهم و تشرب ميتهم ، يحيى لا يمكن يصدقك ، و بعدين هو مهندس و يقدر يفرق بين الحقيقي و المتفبرك
ثم مدت يدها و اختطفت الفلاشه منه بعنف ، قائله : عن اذنك
قال أنس : استني استني ، ده جوز المحروسه لسه بره وكلمه مني تضيع مستقبل السنيوره اختك
فاتن : متقدرش تفتح بؤك ، الصور اهي معايا
أنس : طب يعني تفتكري ان معنديش نسخه تانيه
فاتن : صحيح انك واطي وحقير..
انس : تؤتؤ بلاش الغلط ، عيب كده ، و انا مش عايز فلوس منك و لا من نوف ، كل الحكايه انك دخلت مزاجي ، و عايز نقضي ليله حلوه سوا و كل الصور والفيديوهات نعملها ديليت للابد يا قطه...
قالت فاتن مباغته : و انا موافقه ، هات رقمك و اكلمك نحدد المكان و المعاد...
ارتاب أنس و لكنه لم يظهر ذلك : اوك ..
تبادلا الارقام ، لتنصرف فاتن و في نيتها التوجه لاقرب قسم شرطه و الابلاغ عنه ، اما أنس فلقد تنبهت جميع حواسه اثر ردها المفاجىء ، ليتمتم : مش على انس الحركات دي ، بس انا وراكي و الزمن طويل، ان ما وقعتك فشر أعمالك...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
قالت نوف بعد أن وصلا الى الفندق : انت ليش كنت ماشي ورايا انا و فاتن ؟
تركي بحرج : كنت ودي اطمن عليكي ، ما قدرت ما امشي وراكم خفت حد يضايقك بكلمه او شي
قالت نوف شاعره بتأنيب الضمير : انا ما استحق حبك تركي ، انت مش عارف ..
قاطعها تركي : بالعكس انا اللي ما استاهل حد بالطيبه و الحنان اللي فيج ، يعني كان فيكي تخبريني عن وضع اختك بس انتي ما حبيتي تحرجيها قدامي ..
نوف ببكاء : لا تركي ، انا ماني طيبه ...و ما استاهلك ما استاهلك ..انت تستاهل واحده احسن مني بكتير
تركي مقاطعا مره اخرى : بالعكس بالعكس حبيبتي ، انتي اللي تستاهلي حد احسن مني ، حد يكون بنفس نقاءك و طيبتك ، تعرفي في اشياء كثير ما تعرفينها عني ، يمكن لو خبرتك ياها راح تغيري نظرتك في نوف ،بس انا ودي تبطلي هالسالفه اني استاهل حد احسن منك ، بالعكس ....
جففت نوف دموعها و سألت : شنو تقصد تركي ، انا مستحيل غير نظرتي فيج مهما صار
تركي بابتسامه : اسمعي نوف ، انا فبداية دراستي الجامعيه ، طبعا كنت فلندن مثل ما تعرفين ، شوي اتاثرت بعادتهم كنت لسه شاب صغير بس الحمد لله ربك شاء اني ما اتوه كثير و انخرط فعادات و تصرفات غلط ، و الحمد لله قدرت ابتعد عن اصدقاء السوء ، لاجل هالغلطات كنت خايف ربنا يعاقبني و ما ارتاح فحياتي لانه من استعجل شيء قبل اوانه عوقب بحرمانه بس ربنا قبل توبتي و بعتك ليا نوف
نوف بتأثر : و ربنا بعتك الي تركي
ثم تمتمت في نفسها : و ربنا يتقبل توبتي و يخفف عني ، و يسترني و ما انفضح
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
وصلت فاتن مرهقه ذهنيا و جسديا من أحداث هذا اليوم ، خاصه بعد ذهابها إلى قسم الشرطه و تقديمها بلاغا ضد أنس ، ليتم تحويلها إلى ما يسمى بمباحث الانترنت ، و هناك اخبرت الضابط بتهديد أنس لها ، وفبركة صورها ، و تم الاتفاق معها على تسجيل مكالمتهم القادمه كدليل ضده ، ومن ثم ستضبط الشرطه كمينا له و ذلك يعتمد على ما سينتج عن محادثتهما غدا
كانت فاتن مرتابه للغايه، خاصه انها لم ترد توريط نوف او ذكر اسمها في التحقيق ، و لكن ربما أنس سيفعل ذلك انتقاما منها ، لم تفكر فالامر كثيرا قبل ذهابها للشرطه ، كانت مغتاظه جدا من ذلك الحقير و نسيت كيف سيؤثر ذلك على نوف...
ودت لو أن باستطاعتها مكالمة يحيى ، لتتلقي منه الدعم و المشوره ، و لكن لن تثقل عليه في غربته ، يكفي ضغوطات العمل ، و تذكرت وصيته لها بالاعتماد على لؤي..
ترددت و لكن لا يوجد احد اخر تستطيع الاعتماد عليه ، تركت ليلى غارقه في النوم ، و بهدوء شديد توجهت الى غرفة لؤي ..لاحظت ان الغرفه ما زالت مضاءه ، اذن لحسن حظها لم ينم بعد..
طرقت الباب طرقات خفيفه ، ليفتح لها لؤي في الحال قائلا : الله فاتن ، بنت حلال كنت عايزك فخدمه ضروري، بس لما لئيتك اتاخرتي سبتك ترتاحي شويه..
فاتن : خير ، خدمه ايه ...؟
لؤي : طب اتفضلي جوه ، اصل الموضوع محتاج اعده..
دلفت فاتن الى الغرفه ، ليجلس لؤي على السرير قائلا : اتفضلي اقعدي...
همت فاتن بالجلوس ، لتتذكر كلام يحيى عن حرمانية جلوس رجل و امراه بدون محرم..
قالت فاتن : بس كده ميصحش نعد لوحدنا..
قال لؤي : ليه ان شاء الله ، هو انتي مش هتبقى مراة اخويا ، يعني انا زي اخوكي تمام ..
ابتسمت فاتن باحراج : يعني كده مش غلط ...
لؤي : لا طبعا ، و بعدين ده يحيى شخصيا موصيني عليكي جامد
فاتن : اه هو قالي برده لو احتجت حاجه متكسفش و اطلبها منك
قال لؤي: شفتي ، يبقى انا في مقام اخوكي و بشهاده يحيى و الا مكنش سمحلك تلجأيلي .. ده طبعه حامي جدا
اقتنعت فاتن و جلست على المقعد المخصص لمكتب يحيى ، ليقول لؤي : بصي انا اتعرض عليا دور بطوله ففيلم ، و هايبقى فرصة العمر ، بس الاول المنتج عايز يصورني في كام مشهد و يختبر ادائي ، يعني يشوف لو ممكن الفيلم ينجح بوجه جديد..
فاتن : الف مبروك يا لؤي ...
لؤي: بس انا مش عارف امثل المشاهد دي لوحدي ، محتاج حد قصادي عشان اقدر احسن من ادائي..
فاتن : اها ..تحب اسمعلك يعني ؟
لؤي: لا ، انا حفظت المشاهد صم ، بس محتاج اطبق عملي ، ايه رايك لو تقرأي المشاهد و تمثلي دور البطله قصادي ، عشان اقدر اقيم نفسي...
فاتن بتردد : دلوقتي؟
لؤي : ضروري اصل بكره اول بروفه..
فاتن : طب اوك ، فين بقى السيناريو...؟
أعطااها لؤي ورقه ، و قال : ده مشهد بكره ، يا ريت تحفظي كلام البطله ، و لما تجهزي هنبتدي ، اوك
اومأت فاتن ، و قرأت المشهد ، ثم قالت : ده سهل اوي ، بس مش مكتوب اسم البطل ، دي بتقوله انا بحبك اوي يا .. ومفيش اسم ..
قال لؤي : ما هو لسه مش محددين الاسماء و التفاصيل دي ، انتي ممكن تقولي اسمي و انا هاستخدم اسمك و كده هيكون اسهل و مش هتتلخبطي...
فاتن : فعلا اسهل
لؤي : اوك انا هابتدي..و تعال هنا جنبي عالسرير اصل المشهد فيس تو فيس
↚
¤ حان وقت المواجهه ¤
--------------------------------------------------
بعد أن جلست فاتن على السرير مقابله للؤي ، بدأ الأخير في القاء الحوار الخاص به ....
لؤي : فاتن ، انتي لازم تقوليله الحقيقه ، لازم يعرف اننا بنحب بعض ، احنا لو استمرينا كده هنكون بنخونه، و عمره ما هيسامحنا ...
فاتن: انا بحبك اوي يا لؤي ، بس مش هاقدر اعترفله بحاجه ، مش هاقدر ، كده هابقى بثبت نظرته ليا.. اني متسيبه و معنديش مبادىء و مش بيهمني حد ...
لؤي : بس انا مش قادر تكوني جنبي و مش من حقي ، مش قادر لحظات الحب اللي بينا تكون فالسر ، انا مش هاقدر ارجع للوضع ده بعد ما يجي من السفر ، مش بعد ما بقيتي ملكي هارجع تاني اعمل زي الحراميه و اسرق لحظات الحب منك...
للحظات أفاق ضمير لؤي ، فما ذنب فاتن ليشوه صورتها في نظر أخيها و في نظر يحيى ، لقد صُعق من برائتها ، فالحوار الذي كتبه ينطبق تماما على كِنان و يحيى ، فكلاهما مسافر و كلاهما سيُصدم من مضمون هذا السيناريو... و ما هو مقدم عليه بعد قليل....
فاتن مكمله المشهد : احنا مقابلتنا هنا غلط ، انت ناسي اخر مره كان هيحصل ايه لولا مامتك ندهت علينا...
لؤي : متقلقيش هما كلهم فسابع نومه دلوقتي ، و نقدر ناخد راحتنا ، انا بحبك اوي.. بحبك اوي يا فاتن
فاتن : و انا كمان بحبك اوي
لؤي : انتي جميله اوي
همس بذلك ، ثم اقترب منها و دون تردد ، طبع قبله على فمها ، نهضت فاتن على اثرها بسرعه قائله : ايه اللي عملته ده ، انت اتجننت...
لؤي : انا اسف .. انا عارف اني وعدتك مش هاعمل كده تاني ، بس غصب عني انا مقدرتش اقاوم رقتك وجمالك...
فاتن بغضب : انا بتكلم جد مش تمثيل...
هتف لؤي باضطراب : ماما
استدارت فاتن لتصرخ مفزوعه من الالم ، فلقد جذبتها خديجه من شعرها ، قائله بعنف : يا واطيه ، بقى يسافر واحد تشتغلي التاني ...
حاولت فاتن التخلص من قبضة خديجه على شعرها و لكن دون جدوى ، ليقول لؤي : سيبيها يا ماما ارجوكي
دلف عبدالرحمن الى الغرفه : فيه ايه ..خديجه سيبي البت ، سيبيها
و تقدم مخلصا فاتن ، لتقول فاتن مغالبة دموعها : انا مش اعدالكو فيها دقيقه تاني...
خرجت مسرعه من الغرفه لتصطدم بليلى التي سألتها مفزوعه : ايه اللي حصل ..؟
لم تجب فاتن ، و هرعت الى غرفة ليلى ، لتتبعها الاخيره قائله : يا بنتي ما تردي عليا...
فاتن : انا هامشي من هنا ، و لما يجي يحيى يا ريت تفهميه موقفي..
ليلى : موقف ايه ، مش افهم انا الاول..
دلفت خديجه الى الغرفه قائله : تعال يا بت يا ليلى ، متعديش في حتة واحده مع الاشكال دي
هتفت ليلى : ماما ..ايه الكلام اللي بتقوليه ده !
خديجه بعنف : بقولك اسمعي الكلام..
فاتن و هي تلملم حاجياتها : متزعليش مامتك يا ليلى ، و انا اهو كلها دقايق الم حاجتي و مش هازعجكو بعد كده نهائي..
خديجه بسخريه : المركب اللي تودي ما تجيب يا بعيده
ليلى : ماما ، هتروح فين كده فالوقت المتاخر ده !
خديجه : في ستين داهيه
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
بعد أن جمعت فاتن حاجياتها ، هاتفت نوف مستنجده بها ، لتحضر الاخيره مع زوجها تركي في غضون نصف ساعه ، لتغادر فاتن البيت وسط احتجاج ليلى و توبيخ خديجه لها ، اما لؤي و عبدالرحمن فلقد اختفيا تماما عن المشهد..
ما إن وصلت فاتن الى الجناح المخصص لنوف و تركي ، حتى انسابت دموعها معلنه انهيارها التام بعد يوم طويل مملوء بالاحداث العصيبه ..
بقيت نوف بجوارها محاولة التخفيف عنها ، اما تركي غادر الجناح ليحجز غرفة في الفندق ليبيت ليلته..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
جلس عبدالرحمن مع لؤي قائلا : الكلام اللي قالته والدتك ده صحيح ، البت دي بتشتغلك انت كمان
ابتلع لؤي ريقه و قال بتردد : بابا .. انا مش عايز..
قال عبدالرحمن : اسمع يا لؤي ، البنت دي هدمر مستقبل يحيى تماما ، فلو كلام والدتك مزبوط ،ياريت اعرف الحكايه من اولها ...
قال لؤي : يعني حضرتك متأكد انها مش تمام..
عبدالرحمن : ايوه يا بني ، ايوه ، بس احنا محتاجين حاجه نقنع بيها يحيى ، لانه شايفها ملاك و مش شايف البلاوي اللي بتعملها من وراه ، و انا املي فيك كبير يا لؤي ، انت متعرفش معزتك هتزيد في قلبي ازاي..
قال لؤي محاولا تخليص نفسه من المأزق : انا غلطت يا بابا و مش عارف ازاي قدرت تخدعني و تخليني اخون اخويا ، و شويه بشويه علقتني بيها ..
قال عبدالرحمن بحماس : المهم يعني تقدر تقول الكلام ده ادام يحيى ؟
قال لؤي محاولا الظفر بالرضا و اخيرا من والده : انا مش بس هاقوله ، انا كمان هاوريه
عبدالرحمن :ازاي يعني ؟
لؤي : اصلها يا بابا انهارده قالتلي انها هتيجي اوضتي بالليل ، و انا بالصدفه كنت مشغل الكاميرا عشان اسجل الفيديو بتاع اليوميات لمجلتي عالنت ، فدخلت و الكاميرا شغاله و كلامنا كله اتسجل..
هتف عبدالرحمن : ينصر دينك يا شيخه ، اهو ده الكلام ، اخيرا يا بني قدرت تفش غلي اخيرا
ابتسم لؤي سعيدا بالفخر في لهجة والده و قال : بجد يا بابا ، يعني حضرتك مش مدايق مني ؟
عبدالرحمن : لا ابدا ، انا عارف النوعيه دي تفضل تتمسكن وتتدحلب و تقدر تورط امام المسجد مش شاب لسه صغير و معندوش تجارب زيك، بس اطمن انا هادافع عنك ادام يحيى و هافهمه انك كنت بتجاريها عشان تقدر تكشف حقيقتها له ، لغاية اما جتك الفرصه ..
لؤي : اه يا بابا ، ارجوك انا مش عايز يحيى يدايق مني و يحصل بينا قطيعه بسببها..
عبدالرحمن مطمئنا : متقلقش يا لؤي ، انا لا يمكن اسمح بده ابدا ، كفايه انك انقذت البيت من الانهيار ، انت عليت فنظري اوي يا بني..
ابتسم لؤي ، سعيدا بالنتيجه غير المتوقعه لخطته في الانتقام من كِنان و تلقين يحيى درسا ..
تمتم قائلا : و من غير تأنيب ضمير ، اهو بابا متأكد أنها مش كويسه ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
لم يصدق يحيى تصرفات والدته فسأل : طب ايه اللي خلاها تقلب عليها كده ؟
ليلى : معرفش ، و محدش هنا بيقولي حاجه ما انت عارف وضعي ، و حاولت اتصل بيها تليفونها مغلق
يحيى : طب انا هحاول اكلمها دلوقت ، و ارجع اطمنك
انهي يحيى مكالمته مع ليلى ، و حاول مرات عدة مهاتفة فاتن و لكن دون اي رد..
تملكه القلق بشكل بالغ، و دون ان يفكر كثيرا هاتف المطار ليحجز على اول رحله متجهه الى القاهره ، فلقد وعد فاتن ان يقف بجوارها مهما كلفه اﻻمر...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
استيقظت فاتن بعد ليله شاقه مليئه بالالم و الدموع ، تطلعت في انحاء الغرفه خجلى من نفسها لتطفلها على شهر العسل الخاص بنوف و تركي و تكديرهم بحضورها منهاره الليله الماضيه...
و لكن لم يكن لديها بديل اخر ، عليها الان التصرف و بسرعه لايجاد مئوى لها في الايام القادمه ، امسكت هاتفها ، لتجد رساله من انس ...
فتحتها و قرات : فينك ... متخلنيش اتهور .. ضروري تكلميني انهارده..
اما عن الرسائل الاخرى فمعظمها من يحيى ، قراتها واحده تلو الاخرى لتفاجأ برسالته الاخيره يخبرها بعزمه على العوده الى القاهره في اقرب فرصه...
عادت لتتكدر و بشده ، بسببها سيعطل يحيى عمله و احلامه ، عدا عن المشاكل الجمه التي سيقابلها من اهله..لتغلق الهاتف مره اخرى
قالت نوف الواقفه بباب الغرفه : صباح الخير يا فتوون
ابتسمت فاتن بارتباك : صباح النور عليكي ، و انا بجد اسفه ازعجتكو جدا امبارح..
قاطعتها نوف : ازعاج ايه يا عبيطه ، اصلا تركي كان مدايق جدا مني عشان رحت و قابلت الزفت انس من دون ما ابلغه و اخد ازنه...
قالت فاتن: صحيح هو ايه الي عرفه اننا هناك
نوف : ال يا ستي كان قلقان علينا ، فخد عربيته و قال يراقبنا من بعيد عشان يكون مطمن محدش هيدايقنا والباقي عندك..
صمتت فاتن و لم تشأ اخبارها بما فعله انس بعد ذلك ..
قالت فاتن : طب انا هاكلم الداده رقيه ، و اروح اعد معاها لحد ما الاقي طريقه و اكلم كِنان
نوف : الداده رقيه ، دي اللي حكتيلي ان انجي هانم طردتها لما كانت بتحاول تقنعك بالحجاب و الصلاه..
فاتن : بالظبط ... هي اعده لوحدها بعد ما جوزت بناتها و كانت بتعتبرني زيهم تمام ، بس هاقول ايه ربنا يسامحها ماما ، لعبت بعقلي و خلتني اقطع كل صله بيها
نوف : مش محتاجه تحكيلي ، دي امي انا برده ، امي اللي اتخلت عني و مش عايزه تعرف حتى اخباري ، و كل ده ليه عشان ابويا رفض استغلالها ليه ...
فاتن بحسره : على الاقل انتي عندك اب تعتمدي عليه و يكونلك سند و ضهر
نوف : اخص عليكي يا فاتن ، انا ميت مره قلتلك بابا تقدري تعتبريه فمقام والدك و انا و هو سند و ضهر ليكي و لا احنا مش عاجبين ..
ابتسمت فاتن : لا ازاي ، انت تعجب الباشا يا باشا..
ضحكت نوف ثم قالت : يبقى خلاص تفضلي معايا هنا لغاية اما نكلم كِنان..
حاولت فاتن أن تضفي المرح على حديثهما حتى لا تقلق نوف و تكدرها في شهر العسل ...
فقاطعتها قائله : ايه يا بت انتي ، ناويه تطلقي و لا حاجه ، ده انتو عرسان جداد ، و انا مستحيل ابقى عزول و بعدين انا بجد نفسي ازور الداده رقيه و اطمن عليها ، و دي فرصه اعد وياها يومين و الله وحشتني جدا..
نوف : بس كده انتي بتصغريني و حاسه انك مش معتبرانا واحد
فاتن : يا حببتي و الله انا كنت لما يحيى يرجع هاروح اعد عندها ، مش عارفه حاسه اني محتاجاها اوي ، و بعدين انتي تعالي كل يوم و زورينا ، و لا مستر تركي مش هيسمحلك
نوف بثقه : هو يقدر ، يا عيني ده واقع فاختك لشوشته...
ضحكت الفتاتان ، لتقول فاتن : طب يلا ، خلينا نفطر سوا و توصلوني للداده رقيه و بعدين تتابعوا مهمتكم القوميه في شهر العسل..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
خرج يحيى من المطار مهرولا ، ليركب اول سيارة اجره متاحه ، و في الطريق اعاد الاتصال بفاتن ، و لكن للاسف وجد هاتفها مغلق كالبارحه ...ليطلب ليلى و التي اخبرته بانها لم تتلق منها خبرا بعد...
وصل يحيى الى البيت ، ليستقبله والديه بغضب جم ...
قال عبدالرحمن : هي كلمتك و خلتك تسيب شغلك و حالك ..؟
يحيى مدافعا : مش مزبوط ، و مش وقت الكلام ده ، انا نازل ادور عليها ، انا مش عارف ازاي قلبكم طاوعكم تسيبوها تخرج و انتو متاكدين ان ملهاش مكان تروحه..
كان يحيى عازما على الذهاب و البحث في الفنادق الفخمه في القاهره ، فحتما لجأت لاختها نوف و التي اخبرته بانها تقيم هنا لقضاء شهر العسل مع زوجها تركي..
استوقفته خديجه قائله : تدور عليها فين بالظبط ، انا اعرف ان الكباريهات مش بتفتح بدري كده !
يحيى بغضب : انا نازل ، لاني مش حابب ازعل حد فيكو ، و كفايه كده..
امسكه عبدالرحمن من معصمه قائلا : يا بني كلامنا ده لمصلحتك و لو مش مصدقنا يبقى تعال اعد و شوف بعينك... احنا مش ظالمينها يا بني ، بس احنا قدرنا نشوف معدنها الحقيقي ، اما انت فالحب عامل غشاوه على عنيك و مش شايف غير انها ملاك...
يحيى : لو سمحت يا بابا ، انا قلت مش حابب ازعلكم... متخلنيش اقول كلام يدايق حد فيكم ..
عبدالرحمن بغضب : لؤي ، مالك مخروس كده ليه ، ما تقول لاخوك كانت بتعمل ايه فغيابه..
صوب يحيى نظرته باتجاه لؤي : انت كمان يا لؤي ..!
لؤي مقاطعا اياه : انا اسف يا يحيى ، بس انا مقدرش اشوفك مخدوع فيها واقف ساكت..
عبدالرحمن : خليه يشوف بعينه يا لؤي ، لانه مش مصدق اهله اللي كل همهم فالدنيا مصلحته..
يحيى : اشوف ايه انتو هتجننوني ، الله اعلم هي فين ولا على انهي رصيف ..
قاطعه عبدالرحمن : شوف الاول و بعدين براحتك اعمل اللي انت شايفه صح
احضر لؤي هاتفه و المحتوي على الفيديو الخاص بحواره مع فاتن بعد أن قام بقطع باقي المشاهد التي تحتوي على غضب فاتن و كذلك مجيء والدته للغرفه
لؤي : اتفضل موبايلي هتلاقي عليه فيديو اسمه يوميات المجله ، افتحه و انت تشوف بنفسك...
امسك يحيى الهاتف بتردد ، و فتح الفيديو ، ليشاهد بأعين غير مصدقه تلك الكلمات التي تبثها محبوبته إلى أخيه الأصغر ، شلته الصدمه عن النطق ، هز رأسه منكرا ما رأته عيناه ، أعاد الفيديو مره أخرى ، عله يجد تفسيرا منطقيا لما تصوره الشاشه أمامه ، كانت تجلس قرابة أخيه و الابتسامه تزين ثغرها لتنطلق منه كلمات الحب و اللوعه ، تلك الكلمات التي لم تنطقها يوما له ، ارتجفت يده ليسقط الهاتف أرضا...
قال عبدالرحمن : تعال تعال يا بني نعد فالاوضه جوه ، انا عارف ان الصدمه شديده عليك ، بس لؤي ملهوش ذنب ..
استفاق يحيى من حالة الصدمه ، لينظر لوالده بأعين تائهه تبحث عن مخرج ما ، عن اعجوبه تخبره بأن تلك مجرد مزحه او اي تفسير اخر عدا ما هو واضح للعيان..
شده عبدالرحمن من ذراعه ، ليتبعه يحيى مستسلما ، جلسا في الغرفه ، و اغلق عبدالرحمن الباب...
قال عبدالرحمن : لؤي حكالي على كل حاجه كانت بتعملها من وراك ، و هو لما لاقها مهتمه بيه ، حاول يجاريها عشان يبينلك حقيقتها و اخلاقها عامله ازاي...
يحيى : ازاي يعني ... دول ما يعرفوش بعض الا من ساعة ما جت هنا
عبدالرحمن : لؤي ربنا يهديه ، اتاريه كان مخبي علينا ان الوليه امها عرضت عليه يمثل و هو راح و اشترك معاهم فمسلسل و هناك ابتدته تتقربله و ابتدى يلاحظ تصرفاتها المش مزبوطه ، لغاية ما ربنا قدره و قدر يكشفهالك على حقيقتها ...
ثم اضاف : و غير ده كله ، انا و امك شفناها بتركب عربيه واحد خليجي ، و لما رجعت متأخره ، امك شكت فيها لان شنطتها كانت منفوخه اوي ، و لما امك فتحتها لقيتها مليانه فلوس ، فلوس كتير يا يحيى ، فلوس تمن الخروجه مع الزبون الخليجي..
يحيى : ده جوز اختها..
عبدالرحمن بتهكم : هي قالتلك كده ، طب و الفلوس ، و سيبك من ده كله ، انت بعد الفيديو اللي شفته لسه بدافع عنها ، فوق يا يحيى فوق ...
ابتلع يحيى ريقه ، وقال : لا يا بابا مش بدافع عنها ... عن اذنك...
نهض ، ليقول عبدالرحمن : على فين يا بني ، ريح بالي الله يريح بالك
يحيى : متقلقش يا والدي ، خلاص معدتش تقلق من ناحية الموضوع ده ، بس انا لازم اعرف هي فين ، انا وعدتها اني اساعدها لغاية اما نكلم اخوها و لما بوعد.. لازم اوفي..
عبدالرحمن : يا بني الوعد مش للناس اللي بالشكل ده ، و صدقني اللي زيها مش هيغلب زمانها اعده ففندق خمس نجوم مع راجلها الخليجي ده او غيره..
يحيى بضيق : عن اذنك...
توجه يحيى حيث يجلس لؤي، قائلا : انا عايزك تبعتلي الفيديو ده حالا..
لؤي: انت مش مصدقني يا يحيى
يحيى : ارجوك ..من غير كتر كلام
اطاعه لؤي ، لينطلق يحيى باحثا عن من فطرت قلبه و خانته مع اقرب الناس اليه..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
طرقت فاتن باب شقة الداده رقيه ، بعد أن ودعت نوف و تركي الذي قام بايصالها وسط انزعاجه من اصرارها على الرحيل من جناح الفندق خاصتهم...
بعد ثوان فُتح الباب ، لتطل منه الداده رقيه بوجهها البشوش و الذي تحولت قسماته إلى الدهشه المطلقه حين رؤيتها ...لتبتسم فاتن قائله : ازيك يا داده ، وحشاني اوي اوي
لجمت الدهشه لسان رقيه ، لتقول فاتن : ايه مش هتقوليلي اتفضلي..
قالت رقيه مستدركه : تتفضلي بس، ده انتي تآنسي و تنوري...
احتضنتها بحب ، مربته على راسها ، ثم افلتتها لتنظر مليا في وجهها ، و تقول : الحجاب زايدك نور و جمال ، بسم الله ما شاء الله ، طول عمرك قمر ، بس دلوقتي بقيتي بدر مصور زي ما الكتاب بيقول...
ابتسمت فاتن ، و عادت لتحتضن رقيه ، قائله : ياااه وحشني كلامك اللي طالع مالقلب ده يا داده ...
قالت رقيه : احنا هانفضل كده عالباب ، فوتي يا بنتي جوه ...
تنحنحت فاتن قائله : متشكره يا داده ...انا ناويه اعد معاكي كام يوم لو معندكيش مانع
قالت رقيه بعد أن لاحظت الحقيبه الموضوعه على يمين فاتن : مانع ايه ، انتي هتملي عليا البيت الفاضي ده، وبدال ما اكلم الحيطان ، الاقي حد يونسني..
دلفت فاتن البيت ، واضعه حقيبتها عند المدخل ، لتقول رقيه : الاول فوتي الحمام و استريحي شويه و بعدين نعد وتحكيلي اخبارك ايه يا بنت قلبي...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
لم يشعر لؤي بالراحه أو اي مشاعر تدفء قلبه بعد أن نفذ خطته للانتقام ، لقد راعه مرأى يحيى مكسورا ، و لكن ذلك للافضل برأي والده ، و تردد كثيرا في تنفيذ خطوته القادمه ، فالانتقام ليس له طعم مستساغ كما اعتقد سابقا ، بل العكس ...
كِنان ، و إن أخطأ في حقه ، الا انه اليوم مفقود ،و لا توجد اي بادره للاتصال به و الاطمئنان على حاله ، يكفي ما صنع بيحيى ، لن يتسبب بمشاكل أخرى لأهله ، و قريبا ستتزوج ليلى و سينتهي أمر علاقتها بكِنان ، فقد لاحظ انها لا تقوم بالرد على رسائله مما يعني أنها أخرجته من حياتها ، اما إن عاد للظهور فسيكون هناك تصرف اخر و لكن ليس الان ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
حرب شعواء تُشن على الصغير قبل الكبير ، على الشجر و الحجر ، على السليم و السقيم ، فقبل ثوان قامت احدى طائرات الF16 التابعه لسلاح الطيران الاسرائيلي بقصف مدخل احدى المستشفيات الخاصه بقطاع غزه و التي توجه اليها كِنان برفقة طاقم قناة الحقيقه لينقل حالة المصابين و المتضررين من الحرب..
هرول كِنان و معه زملائه مختبيئن في المشفى خوفا من أن تصيبهم شظايا الصواريخ المستمره بالهطول بالقرب من المشفى بحجه وجود مبنى تابع للشرطه الفلسطينيه بالجوار....
قال أحد زملائه لاهثا : ما حد يتحرك الا اما تبعد الطياره ، لانه لو لاحظو حركه بيقصفوا على طول..
كِنان : ربنا يستر ، بس احنا لازم نكمل و نصور المصابين ، لازم صوتنا يوصل للعالم
قال كِنان ذلك راجيا ، أن يصل صوته أيضا إلى ليلى ، و التي طال البعد عنها بسبب تعطل خطوط هواتف الاتصالات ، و دعا ربه أن تنتهي تلك الحرب سريعا ليعود إلى ليلى قبل أن يتم زفافها على ابن عمها...
ابتلع الغصه الموجوده في حلقه ، حين رؤيته لأحد الفلسطينين مهرولا إلى مبنى المستشفى المقصوف حاملا بين ذراعيه فتاه مصابه تبدو في العشرينات من عمرها ، و غير عابىء بكم الصواريخ و النيران التي تنفثها الطائرات فوق رؤوس مَن بالمنطقه...
على الفور تقدم المسعفون ، ليقول الشاب : اختي اختي ، مِشان الله ساعدوها ....
امتلأت عينا كِنان بالدموع ، و لم يعرف لِمَ تضاعفت تلك الغصه في نفسه ، متذكرا أخته فاتن ، لِمَ لم يصر و يحارب من اجل أن يُريها الطريق الصحيح..
خجل من نفسه حين رؤيته لذلك الشاب و الذي خاطر بحياته من أجل انقاذ شقيقته ....
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
سقطت ديما أرضا محدثه جلبه كبيره أثناء تجولها في احد المولات الموجوده بالعاصمه الاردنيه عمان ، ليتقدم منها طفل يبدو عليه في السادسه من عمره قائلا : انسه .. انتي منيحه و لا اناديلك ماما تساعدك..
ابتسمت ديما ، ونهضت قائله : لا يا حبيبي انا كويسه اهو ، و ميرسي اوي على ذوقك..
ابتسم الصبي بخجل ، لتسأل ديما : امال فين ماما عنك ..؟
التفت الصبي باحثا عن والدته ، ليقول بانكسار : كانت هون قبل شوي ، وين راحت...!
ديما : انت متأكد ..؟
الصبي : ايوه ..
ديما : يمكن دخلت محل الهدوم اللي هناك ، خلينا نروح ندور عليها..
أومأ الصبي ، وانطلق سابقا ديما الى المحل ، دلف بسرعه و تبعته ديما ، جال بنظره في المحل ، ليقول بخيبه : كمان مش هون ، وين بدها تكون راحت..؟
ديما : بسيطه يا كابتن ، اديني رقمها وانا هاكلمها حالا و هنلاقيها كده اسرع...
فرك الصبي رقبته قائلا بخيبه : هي على طول بتحفظني الرقم ، بس الصراحه نسيته ...
ديما باستسلام : طب اسمع احنا هندور عليها فالمحلات الموجوده هنا ، واكيد هنعتر فيها متقلقش
انطلقا ليبحثا عن والدته ، و لكن لم يلق لها الصبي أثرا...
نظرت ديما الى ساعتها ، واعيه الى تأخرها بشكل كبير عن العوده للبيت كما وعدت والدتها والتي سمحت لها بالخروج بمفردها نظرا لقرب المول من المنزل المقيمان فيه..
قالت ديما : طب خلينا نرجع لنقطه اللي وقعت فيها ، يمكن مامتك مستنياك هناك
عادا مسرعين ، لتهتف احدى السيدات : لؤي لؤي ..حبيبي لؤي
هرول الصبي مرتميا في حضنها ، لتشعر ديما بغصه كبيره من المشهد المؤثر و لكن ما أثار عواطفها فعلا هو تشابه اسم الصبي مع مَن كسر بخاطرها...
ابتسمت ديما مقتربه منهم ، ليقول الصبي : ماما بدي اتصور معها
استفسرت السيده عن مقصده ، ليقص عليها كيف ساعدته ديما وانتظرت معه
قالت السيده : طب مش الاول تستأذن منها
قالت ديما : انا معنديش مانع ، وكمان عايزه صوره للذكرى معاكو لو مفيش مانع
التقطا الصور التذكاريه ثم غادرت ديما بعد أن شكرتها السيده الاردنيه بحراره بالغه ، لترتسم البسمه على محيا ديما طوال طريق العوده ، و لتتخذ قرارا جديدا متسامحا ، متخيله لو أن مكروها أصاب لؤي و هما متخاصمين فسوف تندم اشد الندم .
بعد تناولها العشاء مع والديها ، فتحت ديما صفحة الفيس الخاصه بها ، و التي لم تدخلها منذ رحيلها من مصر
و بأنامل مضطربه فتحت قائمة الاقارب الموجوده لديها ، لتشاهد اسمه مضاء على الشاشه..
أرادت أن توجه له رساله ، و لكن عنّت لها فكره أخرى ..
بحثت عن الصوره مع لؤي الصبي ، و أنزلتها على صفحتها على الفيس مرفقه اياها بما حدث قبل قليل في المول...و انتظرت أن تلفت نظره بتلك القصه خاصه مع تشابه الاسماء بينه و بين الصبي ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
تطلع لؤي الى الصور المعروضه حديثا على صفحة ديما ، و تملكه الغضب الشديد ، فالقشه التي قصمت ظهر البعير و جعلته يشحذ الهمه لتلقين أخاه الأكبر درسا ، ها هي هانئة البال ، تتمختر بين المحال التجاريه ملتقطه الصور التذكاريه ، و كأن جرحها له غير ذي أهميه ، في الوقت الذي يأن فيه من شدة الندم ، تذهب للتسوق و التنزه و التعرف على ناس جدد ...
أحس بخيبة شديده ،وكأن طعنه جديده سُددت الى قلبه المكسور ، لقد اقنعته ليلى بأنها مجرد طفله ، ولكن تصرفاتها لا توحي بذلك البته ، كيف و تأثيرها عليه هز كيانه و تسبب في شرخا كبيرا بينه و بين أخيه..
لقد ظن حينما لفق حب فاتن له بأنه سينتصر على يحيى في مجال الحب و اعجاب الفتيات به ، و لكن ما الجدوي عندما لا تبالي به تلك التي سكنت قلبه ...
هيهات أن يقف متفرجا ، غارقا في الألم وحده ، من الجيد أن تعرف نقطة ضعف أحدهم ...
كتب معلقا على الصوره : " جميل الموقف جدا زي الحكايات ، بس الأجمل لو كانت البنت اللي انقذت الولد الصغير زي ما الاميرات فالقصص بتكون رشيقه وجميله ، لكن للاسف الصوره شوهت القصه جدا و الحدق يفهم...! "
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
انهالت على ديما اشارات الاعجاب والتعليقات ، تنقلت مندهشه من كم الردود من الاقارب و الاصدقاء و مددى تأثرهم بالموقف و اعجابهم بالصور...
و لكن عيناها كانت تتنقل لاهثه من تعليق لاخر باحثه عنه ، عن تعليق مَن كسر بخاطرها مرارا و تكرارا ، ودت بعرضها للموقف أن تبُث له برساله خفيه ، لتقول له سأقف بجوارك في احلك الظروف كما فعلت مع الصبي لؤي ، أرادت أن تبدأ صفحه جديده...
وقعت عيناها على اسمه ، ليقفز قلبها فرحا و قلقا ...
قرأت التعليق مبتسمه ، لتتحول ابتسامتها الى جرحا كبيرا حين قرائتها السطر الاخير من تعليقه...
لقد أخطأت في تقديرها ، من الصعب احيانا أن نعود لفتح صفحه جديده ، حينما يستمر الطرف الاخر في أسلوبه و كأن هناك قوه تحركه و بكل سهوله لايلامك...
حسنا ، لقد اكتفت ، من الان فصاعدا ستغلق ابواب قلبها بقفل حديدي ، و لن تعطي المفتاح الا لمن يُثبت جدارته و ينجح في عبور جدران عقلها اولا ... و بامتياز
حذفت اسم لؤي من صفحتها ، و من قلبها و الى الابد ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
جلست فاتن مع الداده رقيه لتخبرها عما حل بها في الفتره الماضيه ، ليرن هاتفها معلنا وصول رساله جديده من يحيى..
سألت رقيه : منه يا بنتي..؟
فاتن بابتسامه : ايوه يا داده ...
رقيه : طب ما تردي عليه و تريحي باله يا بنتي ، ده زمانه قلقان عليكي ، و من كلامك بينله جدع وابن حلال حتى لو اهلو غلطو فيكي ، لازم تفتكري جميله بردك يا حببتي
فاتن : انا بس مش عايزه اسببله مشاكل تاني...
رقيه : بس كده بتكسري بقلبه على الاقل تطمنيه انك بخير ..
أومأت فاتن ، فيحيى لا يستحق منها ذلك ، على الاقل ستودعه مخبره اياه باسبابها...
أرادت فاتن بمجيئها هنا ، أن تعود لتلك الطمأنينه والسكون الذي حظيت به في طفولتها في كنف رعاية الداده رقيه ، ولكن يبدو أن العالم يأبى أن يستحضر ذكريات الماضي الجميله ، فهي ستبقى ذكريات تشد أزرنا وقت الخيبه والانكسارات ، و لكن لن تنوء عنا من المواجهه ، مواجهه والدتها و أنس و الان مواجهة الحقيقه بأن علاقتها بحيى لن يُكتب لها النجاح في ظل رفض أهله القاطع لوجودها بقربه دون سبب واضح...
تنهدت فاتن ، فلقد حان وقت المواجهه و قطع صلتها به نهائيا و ذلك من أجل مصلحته ، لن تقبل أبدا أن تُسبب له أي مشاكل مع أهله ، فيحيى بالرغم من رجولته الواضحه و اعتماده على نفسه بشكل كبير ما زال شابا في مُقتبل العمر ، ما زال بحاجه للدعم و السند من اهله ، لن تكون ابدا سببا في حدوث قطيعه بينهم ...
قامت بطلب رقمه ، ليأتيها صوته الغاضب : فاتن ، انتي فين...؟
فاتن : يحيى ، انا اسفه مكنت..
يحيى مقاطعا : ردي ، انتي فين ؟؟
فاتن : انا عند الداده بتاعتي ، و بخير و الحمد لله...
يحيى : العنوان بسرعه ...
فاتن : مفيش داعي تيجي و تتعب نفسك ، انا كويسه و الداده هي اللي تقريبا مربياني..
يحيى بعنف : لا في داع ، اخلصي العنوان ايه..؟
فاتن : لو مصر نتقابل ، يبقى انا كمان ساعه هاكون فكافيه ميدنايت ..
يحيى : ساعه ... ازود مش هيحصل طيب
أغلق الهاتف ، لتقول رقيه : انتي هتخرجي يا فاتن ..؟
فاتن : ايوه يا داده في كلام كتير لازم اوضحه ليحيى ، و هو كمان مُصر يقابلني
رقيه : تحبي آجي معاكي
فاتن : لا مفيش داعي ، انا مش هاطول..
↚
¤ فَلنُعطي للوداعِ حقه ¤
-----------------------------------------------------------
إن كنت مستمعا جيدا لأصدقائك ، أو مطلعا على تجارب الاخرين ، أو حتى قارئا لبعض للروايات ، ستعلمُ حتما أن الحب لا يموت أبدا موتة طبيعيه ، بل تُزهِق روحه عوامل عده منها اللامبالاه ، الاهمال ، ظروف الحياه ، و الكثير الكثير...
لكنها عوامل قابله للاصلاح و التعديل و ربما ان اجتهد الطرفان سيصحو الحب معلنا انتصاره على كل تلك الظروف ...بَيْد أنه ما يفجع الحب حقا و بدون اي خط رجعه هي ... الخيانه ...
التي تغتال الحب في عقر داره ، موجهة سهام اللوم و العتاب للقلب الذي أخطأ حينما وضع ثقته في غير محلها ، و حينها لن تكفي كل جهود الاصلاح والنوايا الحسنه لبعث الحب من رفاته ، و لقد ظن يحيى أن المطبات التي سيواجهها مع محبوبته لن تتعدى بعض الظروف والمشاكل اليوميه ، لم يتوقع حتى في أسوء كوابيسه ان يكون احد ضحايا الغدر و الخيانه ...
شاهدها تدخل المقهى ، مرتديه الحجاب ، الذي زاد وجهها الملائكي نورا وبراءه ، و ربما أكمل الحجاب ذلك القناع الذي تستحضره أمامه ...
جالت بنظرها في المقهى ، لتقع عيناها عليه أخيرا ، تشابكت نظراتهما من بعيد ، مرسلة تيارات من التردد و الريبه على غير عادتها ، بينما استوطن الجمود في عينيه...
اقتربت منه متردده ، ليقول بعد أن اصبحت أمامه : مالك ؟ زي اللي عمله عامله..
جلست فاتن ، لتقول بضيق : اولا حمدالله عالسلامه ، ثانيا انا معرفش اهلك قالولك ايه عن اللي حصل ...
قاطعها يحيى ساخرا : اولا .. الله يسلمك .... ثانيا : اهلي مجبوليش سيره باللي حصل ، انا مستنى اسمع منك
صمتت فاتن ، ليقول يحيى : ها سبتي البيت ليه ....؟
قالت فاتن : عشان معدش ينفع افضل هناك و انا متاكده اني هاعملك مشاكل.. كفايه لحد كده...
يحيى : امممم طب انا عندي سؤال تاني ، ده لو مش يدايقك..
ارتابت فاتن من اسلوبه ، و القسوه التي تطل من عينيه ، لتقول بقلق : سؤال ايه ؟
يحيى : انتي خرجتي مع اختك و جوزها ...؟؟؟
ارتبكت فاتن : اصل ..حصل حاجه طارئه و اضطريت اخرج معاهم ..
يحيى : تمام...
فاتن : تمام ايه..؟
يحيى بجمود : انا فكرت كويس و شايف اننا معدناش لبعض و لا ينفع نكمل اساسا...
ابتعلت فاتن الغصه التي باغتت روحها ، صحيح أنها قدِمت هنا عازمه على انهاء علاقتها به حرصا منها على عدم التسبب باية مشاكل له مع اهله ، و لكن وقع الخبر من فمه كان صادما جدا...
همست بضعف : انت بتتكلم جد ، عشان يعني خرجت مع نوف من غير موافقتك...!
ابتسم يحيى ببرود : ياااه ، انتي فاكره عقلي صغير للدرجادي...!
فاتن بحزن : طب انا كده فهمت و عندك حق ، انت لازم تعمل خاطر لاهلك ، يمكن تفتكر اني مش هاعذرلك عشان انا اصلا عمري ما حسيت يعني ايه اهل و سند ، بس متقلقش انا فاهمه و مقدره و مش هازعل منك..
يحيى بغضب : انتي فاهمه غلط ، اهلي ملهمش دخل ، انا لو حابب كنت اقدر اقنعهم و مكنش هيبقى في اي نوع من المشاكل...
فاتن بتردد : عموما ربنا يوفقك ... بس انا من حقي اعرف ليه ؟
يحيى : اهو انا مش هاديكي الحق ده ، لانك متستاهليش حتى اني اريح بالك..
نهض يحيى من مقعده ، مغادرا المكان ، قبل أن تفلت سيطرته على أعصابه ، فهو لم يفق بعد من صدمة خيانتها ، لم يشأ أن يعطيها الفرصه لتستمتع بنجاح تسليتها ، فهذا بالضبط ما مثله في حياتها ، سيتركها محتاره اين أخطأت في رسم خطتها ، فذلك ربما يعطيه نوعا من الانتصار الداخلي ، فسيبقى في ذاكرتها الرقم الذي لم تستطع خداعه حتى النهايه...
عدا انه بعتابه لها سيعلمها كم تركت أثرا في نفسه ، نفسه التي سولت له و زينت علاقته بها ، و اقنعته بانه حتما سيستطيع تغييرها ، و لكن هيهات ..لقد صدق قول الرسول عليه الصلاه و السلام حين قال .." إياكم وخضراء الدمن، قالوا: وما خضراء الدمن؟ يا رسول الله، قال: المرأة الحسناء في المنبت السوء".
لقد كان من السذاجه بحيث اقنع نفسه بأن نشأتها و تربيتها طوال تلك السنوات ستُمحى بسهوله ، و لكن عبقها ما زال قابعا و بقوه في ثنايا روحها ، حتى وان ادعت عكس ذلك ، كان عليه أن يكون أكثر حكمه و يفطن للضعف الكامن في شخصيتها ، و الذي يجعل مبادئها عرضه للتزعزع في اي لحظه و خير دليل على ذلك هو اشتركها في المسلسل بالرغم من تيقنه بانها لا تهوى التمثيل فكره و لا موضوعا ، و لكن شخصيتها مهزوزه و من السهل التأثير عليها ووقوعها في النزوات ...
استقل أول سيارة اجره ، و انطلق إلى عمله ، عليه الان أن يعيد النظر في أولوياته ، فاحلامه و طموحه سيأتيان دوما في المقدمه ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
شاهدته يستقل السياره ، و دون أن تفكر اوقفت هي الاخرى احدي سيارات الأجره ...
دلفت اليها قائله : ورا التاكسي اللي ادام لو سمحت
أومأ السائق منطلقا حيث أشارت ، لتنكمش فاتن على نفسها في المقعد الخلفي ، خائفة من القرار الذي اتخذته، و متعجبه من كم التناقضات التي تعتمل بداخلها ، فقبل رؤيته كانت عازمه على انهاء كل صلة به و ذلك خوفا على مصلحته ، أما الآن وبعد أن ألقى بجملته الاخيره اعتراها الغضب ..
و تمتمت بخفوت : " يعني ايه مستاهلش انه يريح بالي "
تنهدت محتاره هل تتبعه و تواجهه على الاقل لتعرف السبب ، نعم ، من حقها أن تعرف لما تركها اول حب في حياتها ، و لكن الم تكن عازمه قبل قليل على تركه بدورها...
ابتسمت من الألم ، اينطبق عليها ما يقال عن تصرفات المراهقين ، فهي بالكاد اتمت عامها الثامن عشر، والتناقضات الموجوده في عقلها الآن لا تفسر الا أنها تصرفات ناجمه عن عدم النضوج...
أخمدت المتنافرات المتصارعه في رأسها ، و تركت للغضب دفة القياده...
قالت فاتن بعد أن توقفت السياره التي يستقلها يحيى : اركن بعيد عنها شويه...
توقف السائق حيث أشارت ، لتعطيه الأجره ، ثم ترجلت من السياره و كل ذره في جسدها تضج من شدة التوتر ، ملهيه اياها عن نزيف قلبها الآخذ في التعاظم منذ اعلان يحيى لحظة الوداع بتلك الطريقه القاسيه.
انتظرت بضع ثوان ، بعد أن دلف يحيى إلى احدى البنايات ، و تساءلت هل يقبع هناك مقر شركته ، انطلقت في اثره ، لتقابل حارس البنايه ، سألته لتتأكد : هي شركة المهندس يحيى انهي دور؟؟؟
ابتسم الحارس : شركه !، يارب يا بنتي ، والله الجدع ده طيب وابن حلال ، عموما هي شركته الدور الرابع..
همت بالدخول ليقول الحارس : هو انتي كمان هتشتغلي معاهم زي البنتين الجُداد..؟
اضطربت فاتن ، ثم قالت : هو في بنات بتشتغل معاهم..؟
الحارس : ايوه يا بنتي ....
لم تبقى لتستمع الى ثرثرة الحارس ، بل انطلقت تصعد الدرجات بغضب عارم ، ألم يخبرها يحيى مرارا بأن شركته لا يوجد بها أي موظفات ، لِمَ كذب عليها !
وصلت الدور الرابع لاهثه ، لتدخل الى الشقه حيث شركة يحيى ، و التي تُرك بابها مفتوحا ، في الداخل تأكدت من كذب يحيى ، حيث توجد احدى الفتيات جالسه تتصفح هاتفها النقال...
قالت الفتاه و التي تبدو مألوفه جدا لفاتن : ايه رايحه فين ، هي وكاله من غير بواب..!
فاتن بضيق : انا جايه ليحيى ...
الفتاه : يحيى مشغول جدا ...
لم تعر فاتن اهتماما لقول الفتاه ، و بسرعه توجهت للغرفه الموجوده في الواجهه و دون أن تطرق الباب دلفت ، لتشاهد يحيى جالسا على المكتب و على الجهه الاخرى تجلس احدى الفتيات تثرثر بمصطلحات متتعدده لم تفهم فاتن منها شيئا...
هتف يحيى بعد أن لاحظ وجودها : فااتن..
وقفت فاتن مرتبكه ، مسحت يديها في جانبي ملابسها بتوتر، و قالت بحرج : يحيى ، ممكن نتكلم ..!
استدارت الفتاه الجالسه ، لتفاجأ فاتن و دون أن تحسب كلماتها قالت : الله .. مش دي سلوى منصور !
قالت سلوى بضيق : ايوه ، انا سلوى منصور .. ثم أضافت موجهه حديثها ليحيى : تحب نكمل الشغل بعد ما تخلص مع الانسه ...
قال يحيى بحزم : لا خليكي هنا ..احنا معدش بينا كلام يتقال ...
ارتجفت شفتي فاتن و كانت على شفا البكاء ، ولكنها استجمعت شجاعتها وقالت : عشان كده ، عشانها ، دلوقتي فهمت بجد ...
نظر يحيى بارتباك تجاه سلوى ، ليقول : معلش يا بشهمندسه ، يا ريت تتفضلي ، ثوان و نكمل شغلنا..
خرجت سلوى موجهه لفاتن نظرة احتقار..
قال يحيى بعد خروجها : انتي اتجننتي ، جايه هنا تحرجيني مع زمايلي ، مش كفايه اللي عملتيه فالبيت ..
فاتن بحنق : عملت ايه ، اتهجمت على اهلك زي ما والدتك عملت معايا ، و لا ايه اللي قالوهولك ..!
قاطعها يحيى بغضب : عايزه تعرفي ليه ، اهو
قام يحيى بامساك هاتفه و النقر عليه ، ثم وجهه أمامها قائلا : عشان ده ...
نظرت فاتن للهاتف و الذي يعرض فيديو المشهد الذي ساعدت لؤي به ....
هزت فاتن رأسها و قالت : بس...
يحيى مقاطعا اياها بغضب جم : بس ايه ... !
فاتن بنحيب : ده مش جد ، ده تمثيل ...
يحيى ضاحكا بسخريه : ايوه ، زي ما كنتي بتمثلي معايا ، قولتي تسلي نفسك فغيابي و تمثلي على اخويا .. يمكن في دور جديد معروض عليكي و بدربي نفسك
فاتن ببكاء : و الله تمثيل ، حتى اسال لؤي..
ثم قالت بأمل : اه .. اسال لؤي ، هو هيأكدلك كلامي ، بس والدتك دخلت و فهمت غلط ..
يحيى بغضب : متجبيش سيرة امي على لسانك...
فاتن : انا اسفه لكن .. هي فسرتلك اللي حصل غلط ، لازم تسأل لؤي ، مامتك فهمت غلط و الله ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
على الجانب الاخر ، استمعت سلوى و برفقتها شيرين الى الحديث الدائر بين يحيى و فاتن..
لتقول شيرين : مستنيه ايه ، اهي بانت على حقيقتها ، كمان بتشاغل اخوه ...
سلوى بغضب : الحمد لله ربنا كشفهاله ..يحيى طيب و جدع و ميستحقش يقع فواحده بالاخلاق دي..
شيرين : يا عبيطه كشفهاله ايه ، دي هتتسهوك و تنزل كام دمعه ومش بعيد يسامحها ، مش سامعه بتقوله تثميل و لا لعبه و بتاع .. مش بعيد يصدقها..
سلوى بضيق : لا مش معقول ، بعد كلامها فالفيديو ، خيانتها باينه زي الشمس
شيرين: ياعبيطه و ليه نجازف و انتي معاكي دليل تاني يثبت ادانتها..
سلوى : بس انتي قولتي دي اختها...
شيرين : و بعدين معاكي ، اختها ..هي.. مفرقتش ، مش سمعتي بودانك خيانتها ليحيى ، يبقى اكيد بتعمل العن من اختها ، حرام عليكي ..
سلوى : حرام عليا ايه ، يحيى اهو مش مصدقها..
شيرين : يا حببتي اللي بيحب بيسامح ، وجايز تفهمه انه اخوه استغلها و لا اي حجه و يحيى عشان بيحبها يقوم مديها فرصه و لاتعمل تمثيليه تانيه و تضحك عليه...وريه الصور يا سلوى ..
سلوى : مقدرش اتبلى عليها ، مهما كان دي مش صورها !
شيرين محاوله اقناعها : لازم عشان قلبه يرتاح و يقطع الشك باليقين ، عارفه لو هو مصدق خيانتها ميه فالميه ..مكنش واقف دلوقتي ياخد و يدي معاها حتى لو بزعيق ، كان كرشها من اول ما عتبت رجلها المكتب .. دي خانته مع اخوه في افظع من دي خيانه ...لو مصدق مكنش هيطيق يبص فوشها حتى..
سلوى بتردد : بس انا ...
شيرين : دافعي عن حبك يا بنتي ، هتسبيه لل..***** دي...
دمعت عيني سلوى ، متعجبه كيف استطاعت تلك الفتاه بأخلاقها المنحله التأثير على يحيى ، و جالت في مخيلتها نماذج كثيره حين يقع احد الطرفين في حب الشخص الخطأ ، بالرغم من التزامه و قربه من الله،
و احتارت ما الحكمه من ذلك ، ألم يرد في القران " الطيبون للطيبات " ، ربما يكون ذلك اختبار للمؤمن ، فكلما احب الله عبدا زاد في امتحانه ، و لكن بامكانها الان تخفيف الاختبار على من سكن قلبها و روحها ، فلم لا تعاونه على ذلك ، لم تدعه عرضه للفشل في هذا الاختبار ، و لم دوما تحظى كثير من الفتيات كفاتن برجال مثل يحيى بالرغم من سوء اخلاقهن ، ربما لسكوت البعض عن قول كلمة الحق.....
نهضت سلوى متوجهه الى مكتب يحيى ، في الداخل قالت : يحيى.. انا اسفه ..دخلت من غير اذن بس في حاجه ضروري تشوفها وهتأكدلك حاجات كتير....
قال يحيى : معلش يا بشمهندسه ، مش وقته الكلام ده..
قاطعته قائله بحزم : لا ضروري ... ووقته جدا..
نقرت على هاتفها ، في حين مسحت فاتن دموعها مستاءه من اصرار سلوى على قطع الحديث المصيري الدائر بينها وبين يحيى ...
قالت سلوى : امسك يا بشهمندس و شوف بعينك ، عشان مترجعش تاني و تندم...!
ثم خرجت مهروله ، فلم تستطع أن تبقى لتشاهد مدى الألم في عينيه و مشاعره تجاه فتاة اخرى ..!
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
تنقل يحيى بين الصور الموجوده على هاتف سلوى ، و التي تعرض الواقفه ازاءه في ملابس فاضحه ووضعيات مخله للغايه ، ثم صوب نظره لها ، عله يجد خطأ ما ، ربما نسى في فتره سفره بعض التفاصيل في وجهها الملائكي ، بَيْدَّ أنه لم ينسى ، فملامحها محفوره في ذاكرته ، ومشابهه طبق الاصل للصور الظاهره امامه الان....
قال بغضب ممزوج بالازدراء : ودول ايه...؟
شهقت فاتن لدى رؤيتها الصور و قالت مستنتجه : دي اكيد شريكته و بتكسب من وراه...
يحيى : انتي لسه واقفه و بتبرري ، اخرجي بره ، مش عايز اشوف وشك تاني..
فاتن بدفاع : طب اسال نفسك الصور دي جابتها ازاي ومنين ، هو انا اعرفها اصلا...
ابتسم يحيى بسخريه : اه فعلا مش مهم اللي فالصور ، المهم ازاي ربنا كشفك و اتفضحتي فعلا معاكي حق..
نظرت فاتن له باستسلام ، لِمَ تكبد نفسها كل هذا العناء ، ألم تكن عاقدة العزم على انهاء صلتها به ، و لكن لم تشأ أن تشوه في نظره بتلك الطريقه البشعه..
عادت لتدافع عن نفسها : اسمع أنا بلغت عن اللي عمل الصور دي...
وقف يحيى غير قادر على الانصات لها ، رغم رؤيته لفمها يتحرك ربما بأكاذيب أخرى ، فقد كانت صدمته اليوم كبيره ، فالبدايه ذلك الفيديو و الان هذه الصور ، سيكون مغفلا ان اضاع دقيقه اخرى و سمح لها بالتأثير عليه ، لقد صدقها و أعطاها فرصا مرات عده ، و تدافعت في راسه مواقفها المتحرره ، من عناقها له في مكان عام ، و لبسها الفاضح عندما حادثها على السكايب ، و لكن الان لا مجال للشك ، لن يكذب عليه والده ، فالحاج عبدالرحمن رضوان لن يحمل في رقبته اثما كالتجني على شرف احدهم ...
أمسكها من مرفقها ، دافعا اياها خارج الغرفه ..
قالت فاتن بانكسار : اديني فرصه افهمك..
ليعود و يمكسها من جديد ، قائلا : سيبني في حالي بقى ..
افلتت فاتن من قبضته و صرخت : كله كدب ، و الحقيقه متخبيه ومش محتاج غير انك تهف على شويه التراب اللي فوقيها و صدقني هتلاقيها كانت مطموسه تحت الرمله ، صدقني الحقيقه مدفونه و فوقيها شوية رمال، هتخسر ايه لما تزيح الرمله ...
نظر يحيى متأملا عينيها والتي تبدو صادقه للغايه ، و لكن الممثل الجيد عليه أن يتقمص الدور ببراعه ليصل و يحقق النجاح ..
كان يعلم مدى تأثيرها في نفسه ..و لكن لن يقع في نفس الخطأ مره أخرى ، سيكون من الغباء ان كذب والده واخوه و الان سلوى ... فحبه لها حتما سيعيمه عن وزن الامور بعقلانيه...فحبها غائر في قلبه لدرجه ان يرى الحقيقه جاثمه امام عينيه بالصوت و الصوره و يضعف ويصدق دموع التماسيح التي ما فتأت تنهمر من عينيها...لذا عليه التخلص منها و سريعا....
قال ببرود لا يعكس الثوره الجاثمه في صدره : انتي هتخرجي بره و لا هاتخليني اعمل اللي عمري ما في حياتي تخليت اني اعمله ، انا مش هامد ايدي على واحده ست ، متخلنيش كمان اخسر مبادئي كفايه كده ..!
هزت فاتن رأسها بخيبه ممزوجه بالألم الرهيب ، ربما حان فعلا وقت الوداع ، حتى وإن لم يكن سيناريو النهايه كما توقعته ، لقد تخيلت عندما عزمت على انهاء علاقتهم ، ان يبقى الود موجود ، و تمنت ان تسير يوما في الشارع بعد عدة سنوات و تتلاقي أعينهما لتبث الحنين إلى الحب الذي كان ، أما الآن فلن تلقى منه الا نظرات الازدراء ، و لن يجد منها الا نظرات اللوم و ربما تحول الحب إلى كراهيه في قلبها ، كراهيه لانه لم يكلف نفسه عناء البحث عن الحقيقه و الماثله أمامه و بوضوح ، وكأنه اراد أن يصدق ليريح نفسه من عناء المشاكل و المطبات التي ستواجه ارتباطهما...ألم ينفصل عنها مرات عده ...كان عليها أن تفهم ذلك التردد جيدا ، ربما وقتها ما كانت سمحت لنفسها بالتعلق به بتلك الدرجه التي ملكت روحها و قلبها ..
ابتسمت بانكسار و قالت : مع السلامه يا يحيى ..
ثم أضافت مذكره اياه بكلامته عندما افترقا المره الماضيه : و خليك فاكر انت اللي اخترت اننا نبعد...
شاهدها تغادر بأعين ملئى بالجمود ، لن يسمح لنفسه بالبكاء على الأطلال ، لن تنزل دموعه الا على فتاه تستحق أن يكسر رجولته من أجلها ، و لكن هذا لم يمنعه من تتبعها حتى غابت عن ناظريه ، ليسرع الى نافذه المكتب راغبا أن يملي عينيه منها ، أن يعطي للوداع حقه ، فاليوم ستنتهي حقبه مهمه في حياته ، من الان فصاعدا ستعلو كلمة العقل و الى ما شاء الله أن يمد في عمره ...
راقب وقوفها بجوار احدى الأكشاك ، تشتري علبة من المناديل، و تساءل ... لِمَ الدموع الان ، بالتأكيد تلك دموع الندم ، لقد اضاعت فرصه تغيير حياتها ، ان تجد شخصا مستعدا لمساندتها في احلك الظروف شده..
أو ربما ذلك كما يقال تقمص الدور حتى النهايه ، و قريبا سيرى اسمها لامعا في المجلات و على شاشات التلفزيون بأدوار البطوله المطلقه ، فموهبتها عاليه لدرجه أنه و لوهله أراد تصديقها قبل قليل...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
بعد هدنه دامت يومين ، قام الكيان الصهيوني بتجديد غاراته على قطاع غزه ، و قصف المحطه الوحيده المولده للكهرباء في القطاع ، مما أدى الى اغراق القطاع بالظلام ...
توجه ابوفراس الى مكتب كِنان ليبلغه باخر تطورات الوضع الميداني : معلش يا كِنان ، معبر رفح مش راح يفتح الا للحالات الانسانيه ... للاسف الصهاينه اخلوا بالهدنه وجددوا القصف..
كِنان : الله يلعنهم ولاد الكلب دول...بس انت متأكد ان المعبر مش هيسمح لللصحافه بالدخول
ابوفراس : الوضع الامني كتير صعب ، و القصف كمان قريب من المعبر ، عم يقصفوا الانفاق اللي برفح ، و الوضع كتير خطير ، حتى لو تم السماح بالعبور للصحافه ما هنسمحلك تخاطر بحياتك كِنان..
كنان : بس انا لازم ارجع ، مقدرش اعد هنا..انت عارف فرح ليلى قرب
ابو فراس : انا مش فاهم مين اللي ممكن يرفض شاب زيك ، ياريتك كنت فاتحت اهلها او اخوها بالموضوع ، لانه اكيد كانوا طفشوا كل العرسان و اختاروك انت زوج لبنتهم ، انت رجل و الرجال قليل يا كِنان
كِنان : متشكر يا ابوفراس انك بتحاول تهون عليا ، بس الواقع غير كده خالص ، و انا ان مرجعتش كمان كام يوم، ليلى هتضيع نفسها و تضيعني معاها
ابوفراس : اصبر كمان كام يوم ، و في تحركات كتير مِشان توقف الحرب ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
لا تأتي المصائب فرادى بل دفعه واحده ، جففت فاتن دموعها ، وأجابت على ذلك الحقير...
فاتن : الو ..
أنس : فينك ، احنا مش اتفقنا نتقابل و لا تحبي اختك المصونه تتبهدل..
فاتن : حدد المكان و الوقت ، وانا تحت امرك..
أنس : جميل ، انا هبعتلك العنوان في مسج و الساعه 7 ضروري تكوني هناك...
فاتن : اوك....
أغلقت فاتن الهاتف ، و ركبت أول سياره أجره متجه إلى قسم الشرطه ، حيث يتواجد الضابط الذي يتولى البلاغ الذي قدمته ضد أنس...
في داخل مكتبه ، اعلمته فاتن بالتفاصيل ، ليتفقا على نصب كمين له ، و زرع الميكرفون في ملابس فاتن لتسجيل ما يدين أنس و يقدمه للمحاكمه..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
اغلقت انجي باب الشقه ثم ابتسمت لدى رؤيتها عبدالرحمن خارجا هو الآخر من شقته ، و عندما لمحها تلّون وجهه بالغضب الجم ....
و مباغتا تقدم باتجاهها قائلا : ابعدي انتي و بنتك عن ولادي ، انتي فاهمه ؟
ضحكت انجي و قالت : و الله نفس الطلب هاطلبه منك ، ابعد ابنك يحيى عن بنتي خليها تشوف حالها...
عبدالرحمن : لا متقلقيش ان شاء الله هيبعد اوي و اوي كمان ، المهم تلمي بنتك و نفسك عن ولادي
انجي بسخريه : بنتي و فهمنا ، اما انا علاقتي ايه بولاد حضرتك...؟
عبدالرحمن بازدراء : لؤي....
قاطعته انجي : فهمت فهمت ، انا كان قصدي خير ، يمكن متصدقنيش بس فعلا انا كنت بقدمله خدمه مش اكتر ، يمكن لانه شبهك اوي ، مش عارفه حسيت بشجن غريب لما قابلته ، يمكن لانك الراجل الوحيد اللي وقف جنبي بجد و بدون اي مقابل ....
ضحك عبدالرحمن مقاطعا : و الله شويه وكنت هاصدقك ، لا بجد ممثله محترفه ...
ثم اضاف بغضب : ابعدي عن ولادي ، لا عايزين خدمات و لا عايزين اي صله بيكي ..
قال كلماته و انصرف بسرعه ، لتتنهد انجي : اه ، ربنا يتوب عليا بقى مالمكان ده !
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
في تمام الساعه السابعه ، دلفت فاتن الى المقهى الذي بعث أنس بعنوانه إليها ، و اختارت المنضده التي قامت الشرطه بضبط أجهزة التنصت عليها...
أما أنس فحضر بعد السابعه بعشر دقائق ، و تقدم جالسا معها على نفس المنضده ...
أنس : ازيك ، ها تحبي نروح فين ...؟
فاتن محاوله استدراجه : تقصد يعني مقابل الصور ...
أنس : صور مين...؟
فاتن : صوري المتفبركه ..
لقد راوده الشك في المره الماضيه حين وافقت و بكل سهوله على مقترحه و الان تأكد من أنها تكيد لشىء ما..
أنس في نفسه : طيب ان ما دفعتك التمن غالي ، يعني هتيجي عندي و تعملي الشريفه بعد ما كنت مقضياها مع يحيى ، لا و عايزه تدبسني فمصيبه و مش بعيد تكون مبلغة البوليس..
قال أنس : يااااه ده انا نسيت معاد مهم ، معلش هاكلمك بكره و نحدد معاد تاني ، اوك
فاتن : استنى استنى ، انا عايزه اخلص ...
أنس و قد تأكد الان من شكوكه : معلش يا حلوه ، فكري فاختك ..ها
خرج مغادرا المقهى بسرعه كبيره ، و بسرعه أكبر فكر في طريقة للانتقام منها ...
أنس متمتما : ماشي ماشي ، ان ما لبستك تهمه مبقاش انس اللي مقطع السمكه وديلها...
بعد قلق دام ليومين ، تلقت فاتن رساله من أنس يخبرها بالموعد و المكان الجديدين ، استعدت للذهاب الى قسم الشرطه لايفادهم باخر التطورات ، و تنهدت فرب ضاره نافعه من جهة اخرى ، فلولا قلقها البالغ على نوف لكانت الان صرعى الفراش حزنا على فراق يحيى و تصديقه تلك الاكاذيب عنها...
هزت رأسها محاولة طرده من تفكيرها فلا مجال للانهيار الان ، عليها أن تكون قويه من أجل نوف ، و حتى تضع حدا لذلك الحقير ... و ربما انقاذ فتيات اخروات من بين براثنه الفاسده ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
"انطلقت هتافات النصر ، لم يكن نصرا عاديا بالمعنى المتعارف عليه ، فالخسائر البشريه و الماديه تفوق احتمال البشر ، ولكن من الممكن أن نقول أنه نصر معنوي من نواح شتى...
فلقد خسر المتغطرس الصهيوني الكثير بشنه تلك الحرب الشعواء على شعب فلسطين الأعزل ، ليكسب الفلسطينيون تعاطف المجتمع الدولي بأسره ...
صدق من قال " الصوره تغني عن الاف الكلمات "
فصور الأطفال الجرحى و الشهداء ، ملأت الصحف و المدونات و وسائل التواصل الاجتماعي في العالم بأسره ، فاليوم تجد صوره للطفله يارا ممكسه بيد أخيها الاصغر والذي فارق الحياه بعد قصف منزلهم ، تنظر اليه بعيون غير مصدقه ، تظن أن تلك خدعه من الاعيبهم اليوميه
و امس صوره لطفل اخر ، و اول امس صوره لاطفال عده ، استطاعت ان تغير نظرة العالم الغربي للكيان الاسرائيلي و مدى صدق ادعاءاتهم بأنهم الطرف المحق في الصراع الدائر مع اخواننا الفلسطينيين.."
قرأت ليلى تلك الكلمات على صفحة كِنان غير مصدقه أنه مازال بخير و على قيد الحياه ..
لم تعِ بنفسها و هي ترسل له : كِنان لو انت فعلا اون لاين يا ريت تطمني عليك...
كان الاتصال على جانب كِنان ما زال ضعيفا ، قام بتحديث الصفحه ليتأكد من ارسال كلماته التي كتبها قبل قليل ، ليفاجىء برساله من ليلى...
على الفور أرسل : انا بخير و كويس وا لحمد لله ،ا لمهم انتي عامله ايه..؟
ليلى : الحمد لله على كل حال ، المهم اني اطمنت عليك ، في حاجات كتير حصلت و لازم تعرفها..
كِنان : ايه ، حصل ايه ، اوعي تكوني اتجوزتي الزفت ده
ليلى : لا طبعا ، لسه فاضل عالفرح كام يوم
كِنان : اسمعي انا مش عارف النت هيفضل شغال و لا هيفصل ، انا خدت تصريح صحافه و هارجع مصر بكره ان شاء الله من معبر رفح ..
ليلى : طب الحمد لله ، عشان فعلا لازم تيجي عشان فاتن ، اصل مامتها طردتها و مش عارفه اطمن عليها..
لم يصل لكِنان ما قامت ليلى بارساله قبل قليل ..
ليعود و يرسل : اطمني انا بكره ان شاء الله هاجي و كل شيء هيتصلح ...
ليلى : طب كويس عشان بجد انا قلقانه عليها اوي...
صرخ كِنان متسائلا : هو النت رجع فصل يا جماعه
احد الزملاء : الظاهر هيك ..
اغلق كِنان الحاسوب ، و انطلق الى الشقه حيث يقيم ، استعدادا لمغادرته غدا...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
في قسم الشرطه ، قال الضابط : شوفي الراجل ده شكله مش سهل خالص و احنا منقدرش نغامر و نقولك روحي معاه الشقه لوحدكو ، انا هابعت معاكي زميلتنا هدى و دي متخصصه في التنكر لحالات شبه كده ، و ضروري تصري انها تدخل معاكي الشقه ، و دلوقتي هي هتيجي و تفهمك دورها وا زاي هتقدروا انتو الاتنين تتلاعبوا بيه و تخلوه يكشف نفسه بدون ما يمس شعره منكم ...
فاتن بريبه : يعني كده احنا هنروحله الشقه ديه..؟
الضابط : مفيش حل تاني عشان نوقعه فشر أعماله ، لكن اطمني هتكون في قوه من الشرطه قريبه من المكان ، و اي حاجه طارئه او فيها خطر عليكو ، هدى هتدينا اشاره من خلال جهاز التنصت و احنا هنتدخل و فورا ، متقلقيش ، الحثاله ده لازم يتوقف عند حده ، ياما بنات كملوا فطريق الغلط بسبب خوفهم ، انا بحييكي على جرأتك و ياريت الجرأه دي تستمر عشان نقدر فعلا نجبلك حقك و حق بنات كتير ممكن يكون خدعهم...
لم تكن فاتن بالجرأه التي وصفها بها الضابط قبل قليل ، و لكنها اصبحت يائسه تماما من كل الظروف المحيطه بها ، لذا تمتمت : معدش في حاجه اخاف عليها ، خليني على الاقل اساعد نوف...
دلفت الشرطيه هدى الى المكتب ، لتتفق مع فاتن على الخطه التي سيوقعان بها أنس...
و في الموعد المحدد اتجهتا للعنوان ، تحرسهما بخفيه قوه تابعه للشرطه...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
استوقف انس احد المتسولين في الشارع و قال : انا هاديك المية جنيه دي في مقابل تعمل مكالمه للرقم ده و تقول نفس اللي هاحفظهولك ...
الرجل المتسول : عنيا يا بيه ، انا احفظ فوريره ..
لقن أنس الرجل الكلام و حفظه عن ظهر قلب ، ثم طلب رقم يحيى من احدى الهواتف العموميه ..قائلا : امسك ، و لو غلطت فالكلام مش هتاخد و لا مليم ، زي ما اتفقنا ..
أومأ الرجل ليقول عبر الهاتف: حضرتك يحيى عبدالرحمن رضوان..؟
يحيى على الطرف الاخر : ايوه ، اي خدمه ؟
الرجل : بشمهندس يحيى ، اانا شخص مقرب جدا من عيلتك و يصعب عليا اشوفك مخدوع بالشكل ده ، البنت اللي حضرتك مرتبط بيها ، فاتن، كمان نص ساعه هتكون في شارع عبدالعزيز ، عمارة الخلوصي ، شقة 14 ، و الشقه دي فيها تصرفات مشبوهه ، روح و اتاكد بنفسك لو مش مصدقني ...
و اغلق الخط بعد أن كرر العنوان مره أخرى ..
قال الرجل : ايدك يا بيه عالمية جنيه ..
أنس : لا لسه شويه ، دلوقتي هاطلبلك رقم بوليس الاداب و تبلغ عن الشقه دي....
اوما الرجل قائلا : عنيا ، بس اوعى تكون بتشتغلني
انس : طب خود ادي نص المبلغ والنص التاني بعد ما تبلغ البوليس
قام الرجل باجراء المكالمه و تبليغ شرطة الاداب عن الشقه التي ستتوجه اليها فاتن بعد نصف ساعه ، ثم انصرف مغادرا بسرور بعد أن تحصل على الخمسين جنيها المتبقيه من الاتفاقيه ...
تنهد انس بعد ابتعاد الرجل بغنيمته : و كمان حبيب القلب هيشوف بعينه فضيحتك...
↚
¤ أتحيا أم تموت حَيَّة ! ¤
-------------------------------------------------------
لم يتعرف يحيى على صوت المتكلم في الهاتف و الذي أخبره بنية فاتن الذهاب الى تلك الشقه ، و تساءل اي حظ هذا الذي ساق إليه كل تلك الأدله ضد محبوبته و في فترة بسيطه ، لم يكن يحيى بالشخص الغبي أو المسلم بالأمور بظاهرها فقط ، لذا أثارت تلك المكالمه الريبة في نفسه ...
و بدون تردد قرر الذهاب الى الشقه ، ليس لرؤية فاتن بالجُرم المشهود ، ولكن لتيقنه من أن هناك خطأ ما ، أو محاوله للاذيه ، تجاه فاتن تحديدا ، و بالرغم من كل ما حدث بينهما ، لم يكن يحيى ليصدق بأنها انحدرت إلى ذلك المستوى الحقير ، صحيح أنه عزم على قطع كل صلة بينهما ، و لكنه لن يتردد في مد يد العون لها الآن ، على الأقل حتى يعود أخاها و يتحمل مسئوليتها ، فلقد وعدها و عليه أن يفي بوعده ، خاصه انها ما زالت صغيرة السن و على ما يبدو لا تفكر بعقلانيه بتاتا ، و الا كيف تورط نفسها بالذهاب الى شقه مشبوهه كما قال المتصل ، هناك مَن قام بخداعها بالتأكيد ، لذا اسرع بالذهاب الى العنوان لانقاذها من تلك الورطه
خرج من الشركه ، مستقلا أول سيارة اجره ، حاول محادثتها عبر الهاتف ، و لكن لم يتلق ردا ، بالتأكيد لن تجب على اتصاله بعد الذي دار بينهما في اخر مره تقابلا فيها...
وصل إلى الشارع المقصود ، و اقترب من أحد الباعه المصطفين على الرصيف في تلك المنطقه الشعبيه ..
سأل يحيى : تعرف عماره الخلوصي فين بالظبط ؟
البائع : لا ده لسه كتير ، انت تنك ماشي لقدام لحد اول لفه عاليمين ، ساعتها تحود هناك و هتلاقي عمارتين او تلاته ههههه مش فاكر يا بني ، بس عموما هي انضف واحده فيهم..
أومأ يحيى شاكرا و انطلق حيث أشار البائع...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
وصلت فاتن و برفقتها الشرطيه المتخفيه هدى الى الشقه المقصوده ، لتقول هدى : خليكي هاديه زي ما اتفقنا ، انا على اتصال مباشر مع القوه تحت ، متقلقيش...
دقت فاتن الجرس ، لتفتح الباب سيده تبدو في الخمسينيات من عمرها ، و ترتدي ملابس فاضحه للغايه..
قالت السيده بضيق : خير عايزين ايه انتو الجوز...!
فاتن بريبه : هو انس موجود هنا ؟؟؟
السيده : اه ، هو انتو اللي من طرف انس ، اتفضلوا اتفضلوا ، لمؤاخذه اصله قالي بنوته واحده اللي هتيجي
دلفت فاتن و برفقتها هدى الى الشقه ، لتقول فاتن : ممكن تدي انس خبر لو سمحتي...!
أومأت السيده ، ثم قالت : هوكلمنى قبل شويه و قالي اعمل الواجب و زمانه على وصول ، مش هيعوق ...
تعالت اصوات الضحكات من احدى الغرف ، لترتبك فاتن مقتربه من هدى و التي بدورها أحست بأن هناك شيء مشبوه في هذه الشقه...
قالت هدى بعد انصراف السيده الى المطبخ : طب انتي ضروري تكلمي انس دلوقتي و تشوفي هيوصل امتى.
أخرجت فاتن هاتفها لتقوم بالاتصال ، ولكنها توقفت حين دق احدهم الجرس ، لتقول : بينله جه اهو...
خرجت السيده من المطبخ ، و بعد ثوان فتحت الباب ، لتفاجىء و معها فاتن و هدى ، بدخول قوة الشرطه ، لتقول هدى : الله هما ايه اللي طلعهم دلوقتي احنا لسه معملناش حاجه...
قال الضابط آمرا : فتشوا الشقه حته حته ..
دلف العساكر الى الشقه ، مقتحمين جميع الغرف ، لتصعق فاتن بمنظر الرجال و النساء الملفوفين بالملاءات، و الذين ساقهم العساكر خارج الغرف...
تقدمت هدى من الضابط و تبعتها فاتن مرعوبه ، لتقول هدى : حضرتك مش تبع القسم عندنا ...؟
ابتسم الضابط ساخرا : و الله ، ده انتي متعوده بقى و عارفانا نفر نفر ...
هدى بتصحيح : يا فندم انا هاوريك البطاقه حالا..
قاطعها الضابط : خدوهم عالبوكس ، كل الموجودين ..!
هدى باعتراض : لو سمحت ...
الضابط : اتفضلي من غير شوشره و في القسم قولي كل اللي نفسك فيه يا حضرة المدمزيل
فاتن ببكاء و قد اقتيدت خلف مجموعة الرجال وا لنساء العرايا : الله يا استاذه ما تعملي حاجه ..
هدى بغيظ : متقلقيش ، كلها كام دقيقه ، و هيجي البقف ده و يعتذرلنا ، ومش بعيد ياخد لفت نظر لانه بوظ الكمين كله ...
فاتن منهاره : ربنا ينتقم منك يا أنس ...
حاولت هدى طمأنتها ، و لكن الصدمه و مناظر الممسوك بهم اخلت بتوازن فاتن و جعلتها تهذي ببكاء..
وصل الجميع الى بوابة البنايه ، ليخرجوا منها تحت قيادة العساكر ، و من ثم استلقوا سيارة الحجز ..
لتقول هدى : اهو الظابط امير جاي علينا دلوقتي ، متقلقيش...
نظرت فاتن حيث تركزت عيني هدى ، و لكنها لم تهتم بقدوم الضابط ، ما لفت نظرها فعلا هو تقدم شابا يشبه في طلته الى حد كبير من أتعب قلبها و روحها في الايام الماضيه...
تمتمت بخفوت حين تلاقت نظراتهما : يحيى !
ثم سقطت مغشيا عليها .....
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
تنفس كِنان عبق الصحراء الممتده على جانبي الطريق ، باعثه الهدوء و الريبه الى نفسه في الوقت ذاته و لكنه ابتسم ، فأخيرا عاد لحضن وطنه ، و تمنى أن يعود قريبا و يتواصل مع ليلى ...
قال سائق السياره التي أقلته من معبر رفح و ستوصله الى القاهره : احنا هنريح فالاستراحه الجايه ان شاء الله
كِنان : تمام ، و يا رب يكون عندهم نت المرادي...
ابتسم السائق : انتو جيل ما يعلم بيه الا ربنا ، ما احنا كنا عايشين من غير نت و لا موبايلات ، و انتو لو قعدتو ساعه من غير الحاجات دي تبقوا هتولعوا زي حالات ساعتك كده...
ابتسم كِنان بمراره و قال : انتو زمن غير زمانا خالص...
تمتم السائق : كل و قت و له ادان فعلا ...
أوقف السائق السياره أمام احدى الاستراحات ، ليترجل كِنان بسرعه ، دلفا الى الاستراحه ، و لكن بعد سؤاله لم يجد هناك أي اتصال بالانترنت مما أثار ضيقه ..
تمتم قائلا : هانت كلها كام ساعه و نوصل ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
استفاقت فاتن لتجد نفسها مستلقيه على سرير في احد المشافي ، اعتدلت في جلستها لتلاحظ جلوس الضابطه هدى على مقعد في زاوية الغرفه ، و حين لاحظت استفاقتها تقدمت منها قائله : حمد الله عالسلامه ، خضتينا عليكي اوي ، ايه يا بنتي لازم تجمدي قلبك شويه...
فاتن بخفوت : و انس قبضتوا عليه ...
تنهدت هدى بضيق و قالت : ابن ال... عرف يلعب علينا ، بس جت سليمه و القوه ادخلت و فهمنا بتوع الاداب انك كنتي معانا صمن مأموريه تبع القسم عندنا ، عموما مش وقته الكلام ده
ثم تابعت بمرح : دلوقتي خليني اخرج و اطمن المُز اللي بره ده عليكي ....
فاتن مستفسره : تقصدي مين ...؟
هدى بضحكه : اخوكي اللي مش اخوكي ده !
فاتن : الله ... هو كِنان بره ؟
ابتسمت هدى : لا ده قالي اسمه يحيى مش كِنان، كان معانا وقت ما اغمى عليكي ، و لئيته جاي جري و مخضوض و بيصرخ فاتن و اصر يجي معانا المستشفى ، بس حاجه لله بتقولي انه مش اخوكي ...
صمتت فاتن ، لتقول هدى : طب انا هاخرج و اخليه يدخلك هنا..
فاتن : لا لا ارجوكي ، انتي اشكريه و بس ..
قاطعتها هدى بهدوء : انتي اشكريه بنفسك ، ده كان قلقان عليكي جدا ..ها
أومأت فاتن ، لتخرج هدى ، و يدلف يحيى الى الغرفه بعد دقائق مكتسيا التجهم على قسمات وجهه الوسيم ..
قالت فاتن بتردد : متشكره اوي ، تعبت نفسك جدا..!
يحيى باقتضاب : العفو ...
صمت و كذلك فاتن ، ليقول : ايه مش هتسأليني ايه اللي وداني المكان ده ؟
نظرت فاتن له بريبه ثم قالت : و انا مالي ، انت حر تروح مطرح ما تحب...
استنتجت فاتن بان أنس بالتأكيد من أخبره عن عزمها التوجه الى تلك الشقه ، منتقما منها ، ووبخت نفسها على سذاجتها و عدم مقدرتها على خداعه و الان ماذا ، هل سيفضح ستر أختها !
قال يحيى مخرجا اياها من شرودها : عموما ، انا بس جيت عشان انصحك ، يا ريت تنتبهي على نفسك ، و مش معنى انك غلطتي مره يبقى تستمرى على طول فالطريق ده ، ربنا دايما بيدينا فرص عشان نفوق لنفسنا و منكررش غلطنا ، يمكن انتي ضيعتي اول فرصه ، بس ربنا مفيش اكرم منه و اكيد هيوقفلك ناس تانيه تساعدك عشان مترجعيش للسكه دي تاني...!
قاطعته فاتن بغيظ : ميرسي بجد ميرسي ، انت محسسني انك كنت مشقطني من شارع الدول و لا حاجه ، سكه ايه دي اللي كنتي ماشيه فيها ، ما تحاسب على الفاظك...
يحيى بعصبيه : انت اللي تحاسبي على الفاظك ، مسمعتيش نفسك قولتي ايه !
تأففت فاتن قائله : نهايته ، انت عايز ايه دلوقت ، سبني فحالي و سكتي اللي مش عجباك دي !
يحيى بامتعاض : حاجه اخيره بس عشان انا وعدتك ... ليلى بتقول ان كِنان رجع تاني يكتب على صفحته عالفيس و بيقول انه قريب هيكون فمصر !
فاتن بلهفه : بجد !
يحيى : ايوه ، و يا ريت بجد تكلميه لانك محتاجه حد يفوقك من اللي انتي فيه ده ! ..
فاتن بعصبيه : ميرسي مره تانيه ، و يا ريت حضرتك تتفضل ...!
يحيى بضيق : طب هتعملي ايه لو كِنان طول ؟
فاتن : اعمل ايه فايه !
يحيى : يعني انتي قولتي اعده مع الداده بتاعتك ...
صمت ... لتسأل فاتن : اسمع انت عايز تقول ايه بالظبط !
يحيى : يعني مش مدايقه من قعادك هناك ؟
فاتن بتنهيده : لا ابدا ، انا بحبها جدا و هي بتعتبرني زي بناتها بالظبط
فرك يحيى عنقه و قال بتوتر : طيب ...يعني ...
فاتن بتأفف : يعني ايه ..؟
يحيى بقلق : يعني انا خايف ليكون مثلا جوزها او حد من ولادها بيدايقك او....
قاطعته فاتن بسخريه : لا اطمن هي عايشه لوحدها ، جوزها االله يرحمه و بناتها متجوزين و مفيش حد فالشقه غيرها ، متقلقش يا بشمهندس!
وقف يحيى صامتا مره اخرى لتقول فاتن : طب حضرتك تقدر تتفضل يعني انا كمان شويه هاخرج من هنا...
يحيى بحنق : اسمعي انا مش هاخرج الا اما اعرف كنتي بتعملي ايه و رايحه الشقه دي ليه و ايه علاقة البوليس بمراوحك هناك ، البنت اللي معاكي مرضيتش تقولي تفاصيل و بتقول دي حاجه سريه ، انتي متورطه فايه بالظبط؟
فاتن بهدوء : طب قبل ما اجاوبك ، يا ريت تجاوب انت على سؤال وحيد ليا..
يحيى مشجعا : سؤال ايه ؟
فاتن بحسره : انت غيرت رأيك من اخر مره اتقابلنا و لا لسه مصدق اللي شفته عني ....؟
نظر يحيى لها بعينين مَلْئى بالاتهامات ، لتقول فاتن : تمام ، انا كده فهمت ، و ردا على سؤالك ، بعمل ايه و متورطه فايه دي حاجه معدتش تخصك ، و ياريت تكون اد كلمتك و انت اللي تسبني فحالي بقى ، انا مش هاقبل شفقه و لا احسان من حد ، خاصه لو الحد ده نظرته ليا بالوضاعه دي...!
لن يستيطع مساعدتها بعد الان ، ليس بعد تورطها مع اخيه ، كان بامكانه غفران اي شيء لها و لكن خيانتها له مع اقرب الناس اليه قطعت كل جسور المصالحه و الغفران ، و الان ماذا يريد منها ، أهو الفضول لما كان سيكون بينهما ، أم الشفقه كما قالت ، أم ذلك كله بسبب قلبه اللعين الذي لم يقو بعد على فراقها ، تنهد موبخا نفسه ، قريبا سيعود اخاها و يتولى مسئوليتها ، أما هو فصار من المستحيل أن يخدع نفسه أكثر من ذلك ، عليه البدء في النسيان و المضي قدما محاولا التغلب على نزغات قلبه التي ما فتأت تحركه من جديد باتجاه مساعدتها و حمايتها بالرغم مما فعلته بقلبه....
يحيى بتأثر : عندك حق ، حاجه متخصنيش فعلا ، حمدالله عالسلامه و حاجه اخيره هاقولها .. انتي عندك حاجات كتير كويسه و زي ما قلت مش معني اننا نغلط مره يبقى خلاص نضيع عمرنا كله فالغلط ، ربنا غفور رحيم ، انتي قولتي مره انك عايزه تفهمي اكتر ، يا ريت فعلا تحاولي تفهمي و دوري بنفسك و متستنيش حد يدلك عالطريق ، دوري بنفسك يا فاتن ....و ارجوكي قبل ما تعملي اي حاجه فكري .. فكري كتير ، احسن تلاقي نفسك فموقف شبه انهارده ، و مش اي حد تثقي فيه ، ارجوكي تخلي بالك من نفسك ، و كلمي كِنان ، كلميه يا فاتن هو هيساعدك.. انا متأكد....
زفر بضيق محاولا عدم التأثر برجفتها و عينينها الدامعتين ، ثم قال : عن اذنك...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
لم تفق فاتن بعد من صدمة ما حدث في تلك الشقه المشبوهه و لقائها المهين مع يحيى للمره الثانيه على التوالي ، لتفاجأ باتصال نوف بها و التي قالت بصوت مذعور : فاتن .. الحقيني الزفت هددني تاني ..
شهقت فاتن شاعرة بتأنيب الضمير: انتي بتقولي ايه بس ، طب قالك ايه المجرم ده.؟
نوف : كلمني و قال عايز فلوس تاني و ان معاه نسخ كتير مالصور و الفيديو ، و لا مدفعتش هيبعتها لجوزي
فاتن بهدوء : نوف ، اسمعي انتي دلوقتي تنيميه خالص ، لحد ما اتصرف و اقولك هنعمل ايه..
نوف : انيمه ازاي يعني ؟
فاتن : يعني ابعتيله انك هتتصرفي ففلوس بس محتاجه وقت ، تمام ..
نوف : اوك، بس انتي هتتصرفي تعملي ايه بالظبط..؟
فاتن : مش وقت تفاصيل ، هابقى اكلمك قريب اوي..
اغلقت فاتن الخط ، و اتجهت لمحادثه هدى ، مخبره اياها بكل تفاصيل تهديد انس لها و لاختها نوف...
هدى : انا مقدره ان اختك وضعها حرج جدا ، بس مقدمهاش حل الا انها تقدم بلاغ ضده ، زي ما بتقولي متقدرش تصارح جوزها ، يبقى هيفضل يبتزها العمر كله !
فاتن : طب ما انا قدمت بلاغ اهو و مفيش حاجه حصلت...
هدى : اسمعي ، انتي مكنش معاكي دليل ملموس ، لكن اختك بتقولي انه بعتلها مسجات تهديد كتير ، ده غير الفلوس اللي خدها منها ، و اللي كانت بتحولها عحسابه ، دي ممكن تفدنا جدا فالبلاغ ضده..
فاتن : طب هي متقدرش تتحرك الا مع جوزها ، ازاي هتيجي القسم و تقدم بلاغ اصلا..!
هدى : انا هادبر الامور بمعرفتي ، بس انتي ضروري تلاقي حجه و تخرجوا من غيرجوزها ، على الاقل لغاية ما نشوف الادله كفايه ضده ، و لا محتاجين نُمسكه متلبس ..
أومأت فاتن ، لتقول هدى : طب انا هاظبط الامور عندنا فالقسم عشان الاجراءات متخدش وقت كبير ، لاننا عارفين في بنات كتير بيوقعوا فنفس مشكلتكم و بيبقوا خايفين يلجأو للبوليس رغم ان الموضوع بيتم بسريه تامه و الاسماء محدش بيطلع عليها الا المسئولين بس..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
اتصل كِنان بليلى أول ما وطأت قدماه القاهره ، و لكن كالعاده هاتفها مغلق ، حاول الوصول اليها عن طريق الفيس و لكن دون جدوى فلم تكن اون لاين ...
قرر محادثة لؤي و جس النبض ، فربما زل لسانه بمعلومه ما عن اخته و فرحها المرتقب..
على الهاتف حياه لؤي : انت دلوقت بجد هنا..؟
كِنان : ايوه لسه واصل حالا..
لؤي : طب انا جايلك دلوقتي ، ها ، اوعى تخرج..
كِنان :استنى بس طمني على اخباركم ايه...
لم يكمل كِنان حديثه ، فلقد أغلق لؤي الخط ن ليتمتم كِنان : ما له متسربع كده ليه !
ليفاجأ و بعد نصف ساعه بطرقات شديده على باب الشقه...
كِنان بخضه : خير اللهم جعله خير ، طيب يا اللي بتخبط جاي اهو..
فتح كِنان الباب ، ليتلقى لكمه قويه في فكه من الطارق الذي لم يتبين ملامحه بعد...
استعاد كِنان توازنه بسرعه كبيره ، ليصدم حين رؤيته للؤي الغاضب
قال كِنان بغضب : ايه الهزار البايخ ده ، انت اتهفيت فنافوخك !
تقدم لؤي مسددا لكمه اخرى لكِنان ، قائلا بغضب : بتستغفلني يا واطي ..
كِنان : انت بتقول ايه !
لؤي بحرقه : ليلى ، ليلى يا جبان ، بتشاغلها من ورايا ، و عاملي بتاع مبادىء و شعارات ، اخس على شكلك يا **** يا *******..
كِنان مدافعا : اسمعني يا لؤي ، عشان خاطر العشره اللي بينا تسمعني و تحاول تفهم..
لؤي بغضب : متقلقش انا مش زعلان منك ، لانك متستهلتش الواحد يعكر مزاجه عشانك ، و خلاص الرووس اتساوت...
كِنان : ليلى ملهاش دخل بحاجه ، ارجوك متعملهاش مشاكل...
ضحك لؤي بسخريه : انت هتوصيني على اختي يا ابوالكباتن ، مش تشوف اختك الاول...
ثم أضاف : و لا اقولك انا عندي فيديو حلو اوي ليها ، استنى شويه..
كِنان بعدم فهم : هي ليلى حكتلك عن فاتن..!
لؤي عابثا بهاتفه : ليلى بس اللي حكتلي ، استنى استنى ، اهو ده ، شوف كده
شغل لؤي الفيديو حيث تخبره فاتن بحبها المزعوم ، ثم أوقف التشغيل على مشهد قبلته لفاتن...
ليلكمه كِنان بدوره بعنف قائلا : يا واطي ..
رد لؤي بلكمه أعنف ، ثم انقض على كِنان المتعب من السفر مسددا اليه ضربات قويه ...
قال لؤي بعد أن توجعت قبضته : من انهارده ، لو شفتني فطريق تدور وشك الناحيه التانيه ، انت فاهم ، انا مش عايز اقابلك اشكالك المعفنه و لو حتى صدفه...
خرج لؤي تاركا كِنان ممدا على الاريكه من شدة الارهاق و الوجع من لكماته الغاضبه
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
تأكدت نوف من عدم تتبع تركي لها كما حدث المره الماضيه حين خرجت بانفراد مع فاتن ، لتخرج الفتاتان من المول ، مسرعتين في استقلال اول سياره اجره الى قسم الشرطه ..
في داخل القسم ، جلستا قبالة الضابط الذي قال بعد اطلاعه على رسائل التهديد الوارده من انس على هاتف نوف : كده الحكايه بقت سهله خالص...
فاتن باضطراب : يعني هيحصل ايه دلوقت ، ارجوك انا مش عايزه نوف تتورط اكتر من كده..
نوف بقلق : انا مش عايزه اقدم بلاغ ضده ، مقدرش اخاطر ، جوزي لو عرف حاجه هاتفضح
الضابط : بس احنا محتاجين حضرتك تقدمي البلاغ عشان ناخد الاجراءات الرسميه
نوف بحده : مقدرش مقدرش
تنهد الضابط امير ثم قال : بصوا ، بما ان الموقف حساس اوي كده بالنسبه لمدام نوف، فمش هانقدر نكمل باقي الاجراءات بدون بلاغ رسمي .. يعني اللي اسمه انس ده مش هنقدر نحاكمه ..و مقدرش اورطك يا انسه فاتن تاني في اي كمين له ، واضح انه مش سهل خالص ....لكن..
فاتن بأمل : لكن ايه !
ضحك الضابط ناظرا لزميلته هدى : بما اننا اتأكدنا فعلا من وساخته ، هانقدر نزبطه !
نوف و فاتن في نفس الوقت : ازاي يعني !
الضابط أمير : يعني مش هيرجع تاني و يبتزكوا بالصور دي ، و لا يقدر يفتح بؤه معاكو بنص كلمه ...
فاتن بأمل : بجد يا حضرة الظابط...؟
الضابط : طبعا ، و لو بس حاول يحتك بيكو باي طريقه او اي صفه على طول رقمي موجود ، و رقم هدى كمان معاكو ، مكالمه بسيطه لينا و هنوديه فستين داهيه باذن الله ...
ثم أضاف : و انا اتحريت عنه شويه و طالما هو مش ابن حد مهم و لا ليه صلات مش هيكون في مشاكل ، صحيح مش هينال العقوبه الكافيه لكن على الاقل هيكف اذاه عنكم
فاتن : احنا متشكرين جدا ، بس يا ريت حضرتك تفهمنا ايه الاجراءات اللي هتعملوها ضده ، يعني عشان نكون فالصوره ، زي ماحضرتك فاهم موقف نوف و جوزها مش عايزين نتفاجأ بحاجه..
ضحك الضابط مره اخرى و قال موجها حديثه لهدى : ابقى فهيميهم انتي يا هدى ، بس تأكدوا انه مش هيحصلكو اي ضرر ، الموضوع هيكون بشكل سري ، وده اللي بنعمله فالحالات دي مراعاة لسمعة الضحيه ، و ياريت بنات كتير يكون عندهم الوعي الكافي زيكو كده و ميستسلموش للابتزاز ..
نوف :يارب تقدروا تزيحو هالمصيبه من طريقي..
هدى : متقلقيش ، كل ده هيكون في خبر كان بكره ، اطمني..
نوف : متشكره ليكو بجد
الضابط : احنا فالخدمه يا فندم ..
فاتن : طب احنا مضطرين نمشي دلوقتي ، و لا لسه في اجراءات تانيه ؟
الضابط : في امان لله ، و زي ما قلت لو بس حاول يكلم حد فيكو على طول تكلموني او تكلموا الاداره هنا لانه هيكون عندها تفاصيل الموضوع كله ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
احتضنت فاتن الداده رقيه بارتياح كبير : انهارده هم كبير و انزاح من على صدري يا داده..
رقيه : الحمد لله يا بنتي ، مع اني مش فاهمه حاجه ...
فاتن : مفيش داعي اوجع دماغك بالتفاصيل ، دلوقت انا هاكلم كِنان تاني اشوف يمكن رجع القاهره ، لاني سمعت فالاخبار ان الحرب خلصت و اكيد الخطوط رجعت من تاني..
رقيه : طب انا هادخل احضر الاكل ، و ياريت تبقى طمنيني على اخوكي الاستاذ كِنان..
فاتن : حاضر يا داده...
قامت فاتن بطلب رقم كِنان ، و بعد انتظار دقيقه اتاها رده بفتور: ايوه يا فاتن ، خير .؟
توقعت فاتن رده البارد ، و لكنها احرجت و بشده ان تعلمه بمدى حاجتها له ، لتقول : خير ، المهم انت كويس
كِنان : اكيد يعني كويس ..
فاتن : طب الحمد لله ، انا كنت قلقانه عليك جدا عشان الحرب..
قاطعها كِنان بغضب : ما هو واضح جدا ، بدليل اللي عملتيه مع صاحبي !
فاتن بقلق : تقصد ايه ؟
كِنان بازدراء : غرامياتك مع لؤي ، تصدقي انا كنت فاكر انك مأنتمه مع اخوه بس شكلك واخداهم بالجمله !
فاتن باحراج : ايه الكلام اللي بتقوله ده !
كِنان : عموما اقفلي دلوقتي ، حسابنا بعدين!
اغلقت فاتن الخط شاعره باليأس الشديد ، على ما يبدو بطريقه ما .. قام ذوي يحيى باخبار كِنان بذلك الفيديو الملفق لها مع اخيه ...
اما كِنان فاغلق الخط ساخطا من نفسه ، ألم ينوي على مساعدة فاتن و الوقوف بجوارها ...
تنهد مثقلا بقلقه على ليلى ، اما فاتن و بعد رؤيته لذلك الفيديو فيبدو أنها قضيه محتاجه للنفس الطويل و لكنه بالتأكيد لن يتخلى عنها ، اما الان عليه التركيز على من تستحق فعلا الوقوف بجوارها.. ليلى ...
ترى ما حالها بعد معرفة لؤي بعلاقتهما ، هل أخبر أبيها أيضا ...لم يجد وسيلة للاطمئنان عليها ، حتى الفيس لم تعد تدلف الى صفحتها كعادتها ...و لكن !!!
اسرع بالولوج الى صفحته ، ثم بحث عن اسمها ، وقام على الفور باضافتها...ومن حسن حظه قامت بقبول الطلب في الحال...
لم يضع وقتا ، ارسل لها : انسه ديما من فضلك محتاج من وقتك خمس دقايق بس..
ديما : اتفضل يا استاذ كِنان ، خير..؟
كِنان : اولا ، اوعديني الكلام ما بينا يفضل سري ، انا مش عايز حد ياخد خبر...
ديما : حد مين ، و سري ليه ، انا مش فاهمه حاجه..!
كِنان : دلوقتي هافهمك ...
قام كِنان ببث مكنونات قلبه و علاقته بليلى وكل الظروف المحيطه بزيجتها المرتقبه..
لترسل ديما : انا برده كان عندي احساس انكم بتحبو بعض..
كِنان : طب دلوقتي يا ريت تساعديني ..
ديما : ازاي بس..؟
كِنان : انا عايز اعرف ، معاد الفرح ، و المكان ؟
ديما : بسيطه ، بس هتستفاد ايه يعني ..؟
كِنان : ده دورك انتي ، مش انتو تحضروا فرحها ..
ديما : ده سؤال ، طبعا هنحضر ، انا مش هافوت فرح ليلى و لا بكنوز الدنيا ، دي اختي ..!
كِنان : يبقى هتقدري تساعديني و تساعديني جدا كمان ..
ديما : ازاي بس..
كنان : انا هافهمك دلوقتي ، الاول تديني رقم تليفونك
تبادلا الارقام ... ثم وضح لها ما ستفعله لمساعدتهما
لتقول ديما : طبعا انا مقدرش اعمل حاجه من دي الا طبعا بموافقة ليلى ..
كِنان : طب يا ريت متجبيش سيره ليها الا ليلة الفرح ، انا مش عايزها تضرب اخماس فاسداس من دلوقتي ، انا عارفها كويس ، هتفكر فاهلها قبل اي حد ، و مش هتوافق ، بس ليلة الفرح مش هيكون عندها وقت تفكر و هنقدر نأثر عليها ، متنسيش يا انسه ديما ، دي رايحه للقبر برجليها عشان اهلها اللي مش حاسين بيها اساسا
ديما : عارفه و فاهمه يعني ايه تحب حد و يبقى مش من نصيبك ، انا هاساعدها على اد ما اقدر..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
جلس يحيى بجوار أخته المرتديه فستان الزفاف الأبيض ، والذي تعجب من انتقاءها له ، فذوق ليلى دوما اتسم بالبساطه على عكس الحله التي ترتديها الآن..
قال يحيى : انا اسف يا ليلى ، من زمان معدناش مع بعض و اتكلمنا ، كنت مشغول عنك بحاجات كتير وياريت تستاهل ، بس الوقت مفاتش انك تفتحيلي قلبك ...
ليلى بحزن : الله يكون فعونك ، بس بجد وحشني كلامنا مع بعض ، وضروري نرجع زي الاول ، بس زي ما انت شايف كمان ساعتين تلاته هاكون مشغوله جدا..
يحيى : ما هو ده اللي عايز اكلمك فيه ، انتي مبسوطه يا ليلى ؟
ليلى بابتسامه مزيفه : اكيد مش عروسه و كتب كتابي كمان شويه..
يحيى : ليلى ، ارجوكي ..
قاطعته ليلى غير راغبه في تحميله ثقل مشاكلها : متقلقش ، هي بس رهبة بتبقى جوا اي بنت في الليله دي..
يحيى : طب انا هاسيبك تكملي لبسك ، ولو حسيتي انك محتاجاني انا مش هاتاخر عنك ، ان شاء الله حتى لو رسيت اني اقف قصاد بابا عشانك ، صدقيني الوضع مش هيكون بالسوء اللي انتي متصوراه ..
ليلى : ايه الكلام الكبير ده يا عم ، سوء ايه و بتاع ايه ، اطمن كل شيء تحت السيطره..
خرج يحيى ، تاركا ليلى تواجه المجهول مع تميم بدون اي ظهر ، لم تشأ ان تسبب بمشاكل جديده ليحيى مع والدهما ، يكفي عليه مشاكله الشخصيه ، و انطفاء روحه بعد الذي حل مع فاتن ، و الذي في قرارة نفسها لم تصدقه ، و لكن ...
تنهدت مبعده مأساه فاتن عن عقلها ، ليرن هاتفها و الذي سمح لها والدها باستخدامه اخيرا ..
أجابت ليلى : ايه يا بنتي مش هتطلعي تساعديني اجهز
ديما : ايوه جايه ، بس كنت بوزع مامتي و مامتك ، عشان في حاجات مهمه لازم تعرفيها...
ليلى : طب انجزي يا ام العُريف .....
القت ليلى الهاتف على السرير الموجود في الغرفه التي جهزت لها خصيصا في البلد ، لتقوم بالتحضيرات للعرس بداخلها و الذي سيتم في فناء منزل عمها الكبير...
تمتمت ليلى : ال حاجات مهمه ال، تكونش ناويه تكلمني عن ليله الدخله العبيطه دي ، ما هو جيل ما يعلم بيه الا ربنا ، تلاقيها فاهمه عني في الحاجات دي !
دلفت ديما الى الغرفه و علامات القلق تزين قسمات وجهها الطفولي ، لتقول ليلى : مالك يا بنتي قالبه خلقتك كده ليه ؟
ابتعلت ديما ريقها وقالت بقلق : اسمعي ، كِنان كلمني..
قاطعتها ليلى بصدمه : كِنان كلمك ، ليه وا متى و كان عايز ايه ..؟
ديما : واحده واحده الله يخليكي ، انا ركبي سايبه اساسا..
ليلى : ركبك سايبه ، ده انتي اللي سيبتي مفاصلي ، اوعي يكون جه هنا..
ديما و هي تقضم اناملها : ايوه...
ليلى : يا نهار اسود ، وده جاي يعمل ايه...
ديما : اسمعي ، دي فرصتك الوحيده انك تخلصي من ام الجوازه دي ، خدي قرارك دلوقتي يا ليلى ، اصلا الوضع تحت ميطمنش ، حاجه تخوف ...
ليلى : هو ايه اللي يخوف ؟
ديما : يا بنتي شكل البلد كلها جايه ، و مش هتقدري تفتحي بؤك بنص كلمه ، و لا حتى يحيى يقدر يساعدك !
ليلى : يساعدني فايه ، ما انا موافقه اني اتجوزه و سلمت امري لله...
ضحكت ديما بحزن: ده دلوقتي بتقولي كده ، بس تحت لما يجي المأذون ويسألك تقبلي تربطي حياتك بالراجل ده ، هتحسي ان شريط ايامك الجايه هيمر ادامك ، ومش هتلاقي فيه ذره امل و لا حب و لا ريحة التفاهم ، ساعتها قلبك و عقلك هيرفضوا بس متأخر ، مش هتقدري تواجهي يا ليلى ، مش هتقدري...
ليلى ببكاء: ادعي عليكي دلوقتي ، انتي جايه تقلبي عليا المواجع و تزيدي همي ، انا خلاص كنت اقلمت نفسي على العيشه دي ، حرام عليكي..
ديما : حرام عليكي انتي نفسك ، ليه كده ، ليه مكلمتيش يحيى ، انا مظنش يحيى كان وقف ساكت و هو شايفك بتدبحي نفسك ...
ليلى بتهكم : ايوه بس كان هيخسر بابا ، و مش بعيد تحصل قطيعه ما بينهم بسببي ، انا مش اد اني اشيل ذنب يحيى و احمله ضعفي و خيبتي..ايوه يا ستي انا ضعيفه و مش قادره اواجه و مش عارفه اواجه ..ارتحتي!
ثم أضافت : وبعدين حاولت بدل المره الف ، محدش فيهم مقدر اني بني ادمه و ليا كيان و رأي...
ديما : يبقى تتصرفي ، فات وقت المحاولات ، كِنان مستنيكي على الشارع العام ، و معاه عربيه ...
قاطعتها ليلى : مستنيني ليه !
ديما : ركزي معايا ، بعد ما نرجع من عند الست اللي هتعملك شعرك و الميكب ، هتبتدي الستات تتجمع تحت عشان يحيوا الفرح ..و يغنوا و الجو ده ....تمام..
ليلى : اخلصي..
ديما : هاوزع خالتي و ماما ... و يهتليهوا بالغناو الرقص الداير.. و بعدين انتي هتستغلي الفرصه ، وتقلعي البتاع ده فالحمام اللي ورا ، ده اللي له باب من الجنينه ، و هاسبلك هدوم تلبسيها و هابقى مستنايكي عالباب ، هاوصلك لاول الشارع و هناك هتلاقي كِنان ، تركبي معاه و تُكتي من ام البلد دي...و ارجع انا عادي كأني كنت موجوده اصلا مع الستات محدش هياخد باله !
ليلى : انتي اتجننتي ، ايه الكلام اللي بتقوليه ده !
ديما : ليلى ، دي اخر فرصه ليكي ، اخر فرصه عشان تعيشي حياتك بالطريقه اللي انتي شايفاها صح ، سامحيني بس مامتك سلبيه اوي ، و ابوكي ظلمك جدا من اول ما منعك تدخلي الكليه اللي نفسك فيها ، وحاجات كتير كنت بشوفك مقهوره عليها ، بس ده جواز يا ليلى ، و ربنا مقالش اننا نكره بناتنا على الجواز ، ابوكي هو اللي بيعمل الغلط مش انتي ، انتي متخيله ازاي راجل مش بطيقيه يلمسك ، يبقى اب لاولادك ، لو مش عشانك يبقى عشان الولاد اللي هتخلفيهم ذنبهم ايه ان تميم يكون ابوهم ...
قالت ليلى بحسره : انا لو طاوعته عمري ما هاقدر ارجع ، انتي مش فاهمه يا ديما ، هابقى كده حطيت راس اهلي فالتراب
ديما : و ليه هما مش هاممهم و ابتسامتهم مالودن للودن وهما بيحطو راسك فقبر ضلمه لباقي عمرك !
رن هاتف ديما ، لتقول : ده كِنان ، كلميه يا ليلى ، ارجوكي كلميه و اسمعيه ..و مضيعيش نفسك...!
تنهدت ليلى بحرقه كبيره .... هل تختار أن تحيا ...... أو أن تتزوج تميم و تموت كل يوم حَيَّة !
↚
¤ مَعكَ ... سأعبُرُ دَربَ البحرِ مَسْجُوراً ¤
----------------------------------------
مَنْ مِنا لم يقف يوما بين المطرقه و السندان ، بين خيارين أحلاهما مُر ، فإما تنصاع ليلى لرغبة والديها و تسطر تعاستها بيدها و تكسب رضاهما ، أو تختار ممارسه أدنى حقوقها في الحياه ، باختيار مَن سيكون شريك حياتها و أبا لأولادها ، ذلك الذي ستتبع قلبه وحكمته و ستشعر دوما بالأمان جواره ، حتى لو اختار أن يَسْلُكَ دَرب البحر مَسْجُوراً ....
ارتجفت ليلى حين رؤيتها اسم كِنان يُزين شاشة الهاتف الخاص بديما ، لتحثها الأخيره على الاجابه..
ديما : كلميه ، مش هتخسري حاجه ، مش هتخسري اد اللي ناويه بايدك تخسريه...
نظرت ليلى إلى ابنة خالتها التي لم تكمل عامها السادس عشر ، و احتارت من أين جلبت كل تلك القوه وذلك الادراك بما هو حق لها و بما هو واجب عليها ...
قالت ليلى غير عابئه برنين الهاتف : انتي ازاي قويه كده ؟
تمعنت ديما في سؤالها للحظات ، ثم قالت : عشان انا عندي اب ، عرفني ايه حقوقي ، و ايه واجباتي ، ايه اللي ليا و اللي عليا ، عشان كل قرار عندنا لازم يكون بالتفاهم ، انتي عارفه يمكن عشان انا بنتهم الوحيده اللي اتولدت بعد شوق سنين ، يمكن عشان كده اهلي حسوا بقيمة الضنا غالي اد ايه ، مش زي باقي الناس بتخلف زي الارانب من غير ما تفهم ان الولاد دول ليهم حقوق على اباهاتهم ، و لو الحقوق دي اتهضمت يبقوا عاقين لولادهم...
ثم أضافت : هتردي و لا ارد انا ....؟
أمسكت ليلى الهاتف بأنامل ترتجف ، ضغطت رد ، ليأتيها صوت كِنان : ديما ، طمنيني ايه الاخبار...؟
ليلى بخفوت : كِنان .. انا مش مصدقه انك هنا !
هتف كِنان بفرح : ليلى ، ياااه اخيرا سمعت صوتك ، ليلى ارجوكي تسمعي كلام ديما ، ومتضيعيش وقت...
ليلى : انا خايفه اوي يا كِنان ..
كِنان : متخافيش ابدا و انا جنبك ، انا رتبت كل حاجه ، متقلقيش ..!
ليلى ببكاء : و بابا وماما و اخواتي ، هافضحهم يا كِنان ، هافضحهم بهروبي دلوقتي...
كِنان : مسيرهم مع الوقت ينسوا و يسامحوا ، بس انتي لو كملتي فالجوازه دي عمرك ما هتنسي يا ليلى ..
ليلى : انت مش فاهم ، لو انا هربت دلوقتي ، محدش هينسى ده هيبقى عار ليهم طول العمر ...
كِنان : يعني ايه يا ليلى ، هتسلمي للامر الواقع ، طب انا هسألك سؤال و تجاوبيني بمنتهى الصراحه ..
صمتت ليلى ، ليستأنف كِنان : بناتك ، هتربيهم زي ما انتي عايزه ، زي ما كنتي بتحكيلي عايزه بناتك تكون فحياء فاطمه و قوة اسماء ، و حكمه ستنا عايشه ، هيحصل ده ، و لا هيتكتب عليهم نفس اللي حصلك و يعيشوا نفس القهر اللي انتي فيه دلوقتي ، قوليلي تقدري ساعتها تتحملي العاراللي صنعتيه بنفسك و اللي هيشيلوا همه باقم عمرهم زيك...!
ليلى : حرام عليك يا كِنان..
كِنان : حرام عليكي نفسك ...
ألقت ليلى بالهاتف مذعوره حين سماعها طرقات عنيفه على الباب ، لتسرع ديما باغلاق هاتفها بعد أن أخبرت كِنان بأنها ستعاود الاتصال به قريبا...
تنهدت ديما : انا هاشوف مين !
فتحت ديما الباب لتفاجأ بتميم ، قالت ديما : خير !
تميم : كل خير ، بعد اذنك انا عايز اتكلم مع عروستي ...!
نظرت ديما بطرف عينيها الى ليلى المنهاره بالبكاء: مش وقته ، ليلى محتاجه تجهز عشان هنروح الكوافير دلوقت ، عن اذنك...
تميم بعد أن حاولت ديما اغلاق الباب : حيلك حيلك ، شايفاني خيال مآته ، قلت أنا عايز اكلم عروستي يبقى هاكلم عروستي ، و انتي خودي سكه متخليش اعصابي تفلت مني ...
جففت ليلى دموعها بسرعه ، ثم نهضت باتجاه الباب : خير يا تميم ، عايز ايه السعادي ؟
تميم : حاجه خاصه ، معلش يا انسه ديما تتفضلي من هنا ، ها ؟
نظرت ديما باتجاه ليلى ، التي أشارت لها بالانصراف الآن ، لتجنب ردة فعل خطيبها المتهوره ...
قال تميم بعد مغادرة ديما : اشطه كده هنقدر ناخد راحتنا...
ليلى : من فضلك تختصر ، انا ورايا تحضيرات كتير ، عايز ايه ؟
تميم دافعا ليلى الى داخل الغرفه : خليني ادخل الاول طيب..
ليلى بصريخ : ايه اللي عملته ده يا حيوان !
اغلق تميم الباب بالمفتاح ، ثم قال بغضب : كده بتغلطي عليا فيوم فرحنا ، كده يا متربيه..
ليلى بذعر : اسفه ، والله غصب عني ، بس انت اصلك زقتني جامد ...
تميم بغل : اسفه ، هاصرفها منين دي ، و انا اللي جاي اقولك كلمتين حلوين ، تشتميني ..ده جزاتي..
ليلى : قولتلك اسفه كان...
لم تكمل ليلى حديثها ، فقد تلقت صفعه قويه من تميم على وجهها ، لتشهق ببكاء ..
تميم : يااااه من زمان و نفسي اديكي القلم ده ، من زمان و انا مكبود من كبرك وتعاليكي عليا و استحقارك لكل حاجه بقولها او بعملها ....بس دلوقتي خلاص مش هتقدري تفتحي بؤك بنص كلمه ، كلها كام ساعه واوريكي قيمتك بجد يا بنت عمي...
جلست ليلى على السرير ، فلم تعد قدماها تحملان ثقلها و ثقل قلبها المتعب ، تمعنت في الواقف يهذر بغضب قِبالتها ، مفكره هل أخطأت في حقه ، هل قامت فعلا بتفريغ شحنة غضبها من اجبار أهلها على هذه الزيجه تجاهه ، و آذت مشاعره دون أن تقصد ، و لكن ما الذي يجبره على اتمام زيجته بفتاه يعلم كل العلم بانها تبغضه ، أي نوع من الرجال هو ، ألا يحمل و لو ذره من الكرامه ...!
قالت ليلى بصدق: انا اسفه يا تميم ، انت عندك حق ، انا فعلا غلطت فحقك كتير...
كانت تريد أن تؤثر عليه ، ان تستنجد بالرجل الشهم بداخله ، هذا إن وجد ، ان تعطيه الفرصه لتحرير نفسه من قتامة الغضب الذي يعتمر بصدره ، ليدع الانتقام جانبا ، كانت محاوله أخيره للافلات من هذه الزيجه ..
قال تميم : اهو مش باخد منك غير الكلام ..
ليلى بأمل : طب عايزني اعمل ايه ، فهمني ارجوك عشان ...
قاطعها مقبلا اياها بعنف ، و ضاما جسدها الضيئل لتلتصق به مكرهه ..
حاولت ليلى ابعاده عنها : تميم سبني ، هاصوت و الم عليك الناس ، سيبني يا بني ادم...
تميم بعد أن ابتعد عنها : مسيرك يا ملوخيه تيجي تحت المخرطه ، هانت يا بنت عمي ، هانت..
خرج تميم ، لتسرع ليلى بالاتصال بديما : تعالي عندي بسرعه اوام...
أغلقت الهاتف ، مرتابه من قرارها ، و لكن الى متي ستخدع روحها بأن بامكانها التأقلم معه ، لقد عنفها مرات عده في غضون الدقائق الماضيه ، بدايه من دفعها بشده داخل الغرفه ، ثم صفعها ، حتى حينما أراد أن يعبر عن مشاعره تجاهها استخدم العنف و فرض القوه ، دون أن يمهد لها أو يستثير عواطفها بكلمات رقيقه كما يفعل أي عريس تجاه من ستُزف اليه بعد سويعات..
حينما دلفت ديما الى الغرفه ، كانت ليلى ترتجف و بشده ، قالت ديما : انتي بردانه يا ليلى !
ليلى بضعف : انا مرعوووبه مرعوووبه من اللي هاعمله
ديما غير مصدقه : انت خلاص قررتي تهربي مع كِنان ؟
ليلى : ايوه ، مش قادره اكمل ، انا بخاف منه جدا ، و مش عارفه هاعيش معه ازاي تحت سقف واحد ..
ديما بحسره : ربنا يهديلك اهلك ، اسمعي اجمدي مينفعش كده ، لازم تكوني اد القرار اللي اخدتيه ، مش عايزين كل حاجه تبوظ فاخر ثانيه...
ليلى : حاضر ، حاضر ، طب احنا هنعمل ايه دلوقتي...؟
ديما : احنا هنروح للست اللي هتزبطك ، و بعد كده هاوزع ماما و خالتي وسط الستات ، و تزوغي انتي عالحمام اياه ، تغيري هدومك و هاكون مستنياكي بره ، اول اما اكلمك تخرجي ،واوعي تخرجي قبل مكالمتي ، فاهمه يا ليلى ..!
أومأت ليلى ، و استعدت للانصراف مع ديما ووالدتيهما الى السيده التي ستتولى القيام بزينتها لهذه الليله ....
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
كان كِنان يقبع بسيارته على الطريق العام المؤدي لتلك البلده الصغيره ، حيث سيقام حفل زفاف ليلى قريبا ، و تآكله القلق حين أقر بذلك في نفسه ، فيبدو أنها استسلمت للضعف..
قطع عليه حبل أفكاره رنين هاتفه ، ليجد اسم فاتن ...
تمتم : مش وقته ، احتمال كبير ديما تكلمني دلوقت..
الغى المكالمه ، عازما على محادثة أخته في اقرب فرصه ، كما وعد نفسه بأنه سيقف بجوارها ، و لكن ليس الآن ، في خضم مفترق الطرق هذا ....
كان محقا ، فلتوه تلقى اتصالا من ديما ، أجاب بلهفه : ها ايه الاخبار..؟
ديما : خليك مستعد ، احنا دلوقتي هنروح الكوافير ، و لو كل حاجه مشيت زي ما انا راسمه ليلى هتكون عندك بعد ساعتين ...
كِنان بقلق : طب خلي بالك ، ممكن تديني اكلمها...
ديما : معلش ، مش هتقدر تتكلم دلوقتي..
كِنان : طيب سلميلي عليها اوي ، و قوليلها متخفش ، ها يا ديما ارجوكي تطمنيها انا عمري ما هاتخلى عنها
ديما : اوك ، و سلام دلوقتي..
اسند كِنان راسه على مقود السياره ، متمتما بكل أنواع الدعاء التي يحفظها ، راجيا من الله أن يقف بجواره ، و يخلص ليلى من تلك الزيجه بالاكراه ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
عاد أنس من قسم الشرطه و كل ذره في جسده تأن من شدة الألم ، دلف الى حجرته دون أن يحيي والديه ، رتمى على السرير ، ناقما بشده على سوء حظه و على مدعية الشرف ...هي و اختها الثريه المدلله ...
اغمض عينيه ، متوعدا ، يوما ما ستنال عقابها على ما اقترفت بحقه ...تمتم بحنق : و الايام دوَل يا فاتن ، الايام دوَل...مسيري هاردلك القلم
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
خرجت ديما من غرفة ليلى ، لتستدعي والدتها و خالتها ليذهبا مع ليلى الى خبيرة التزيين ، عدت بسرعه كبيره و حين وصولها الى السلم ..أتاها صوته مناديا : ديما ، استني يا ديما...
التفتت ديما لترى لؤي ، يهرع باتجاهها ، قال حين اصبح مواجها لها : ازيك
ديما بحنق : كويسه اوي ...
فلقد تجنبها لؤي منذ عودتها الى مصر ، و لم يكلف خاطره حتى بالاطمئنان على أحوالها ...
لؤي بتردد : انا ..
ديما مقاطعه : معلش انا لازم انزل و ادور على ماما و خالتو عشان هنروح الكوافير دلوقتي...
فغر لؤي فاهه ، ثم قال : و هتخرجي كده ؟؟؟
ديما ساخره : لا كدهون..!
لؤي بحنق : مش عشان فرح و هيصه يبقى تقلعي حجابك ، غطي شعرك احسن و ربنا ...
توقف جازا على اسنانه بغضب ، لتقول ديما محاولة التخلص منه : هو انت فاكرني هاخرج من غير طرحه ، ده بس هنا... عشان مفيش رجاله
لؤي بغضب : و انا ابقى ايه ، مش راجل و لازم متبينيش شعرك اودامي ..!
ديما مرتبكه : هي طالبه خناق معاك و لا ايه ؟
" ديما "
كانت تلك راويه والدتها ، تنتظر اسفل السلم
قالت ديما : جايه اهو ...
نزلت اول درجه ، ليقول لؤي امرا : شعرك
تاففت ديما واضعه الطرحه على راسها و قالت بحنق : اهو ..ارتحت
و عدت الدرجات بسرعه كبيره ، فما زال امامها مهمة توصيل ليلى لكِنان...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أصرت سلوى على حضور حفل زفاف شقيقة يحيى ، و الذي قام بدعوتها هي و شيرين الى الحفل المرتقب اليوم..لتتفق مع شيرين على الذهاب الى بلدة يحيى بسيارتها سويا ...
قالت شيرين بامتعاض : و الله شكلنا هنتوه فالحته المقطوعه دي..
سلوى : اللي يسأل ميتهش يا شيري ، بمناسبة الاسئله ، انا كان نفسي اعرف انتي جبتي صور اللي اسمها فاتن ازاي ..قصدي صور اختها وهما توأم و لا ايه الحكايه ..؟
شيرين : معرفش اذا كانوا توأم ، بس أنس عدل الصور بتاعة اختها و بقت شبهها بالمللي...
هتفت سلوى : أنس ، و دخله ايه في الموضوع ..؟
شيرين : هو اللي جابلي الصور ، و عدلها عالفوتوشوب لما عرف ان يحيى مصمم يرتبط بالبنت دي ...!
سلوى باستغراب : بقى انس خايف على يحيى ، مش اولى يخاف على نفسه ..
شيرين : احنا مالنا ، اهي خادت الشر و راحت..
أكملت سلوى الطريق ، لحين دلوفهن الى البلد ، هناك اخرجت هاتفها واجرت مكالمه هاتفيه مع يحيى ..
يحيى : الو .. ......
سلوى : ازيك يا يحيى ، انا وشيرين وصلنا بس مش عارفين البيت فين ..
يحيى : طب قوليلي انتو فين بالظبط و هاجي اخدكو
اغلقت سلوى الهاتف بعدما اخبرت يحيى بمكانهما ، ليأتي بعد ربع ساعه محييا : ازيكم يا بشمهندسات.
سلوى : الحمد لله و الف مبروك ربنا يتمملها على خير..
يحيى : الله يبارك فيكم ، و تفضلوا معايا انا هاوصلكم للبيت...
شيرين بعد ان لاحظت الوجوم على محياه : مالك يا يحيى ، شكلك مدايق او حاجه..؟
يحيى : ها ...
سلوى : لا ده الحكايه فيها إن ...في ايه .؟
يحيى : يعني انا كان نفسي اسالك انتي جبتي صور فاتن دي منين ...؟
شيرين باندفاع : انس هو اللي ورانا الصور ..؟
يحيى بامتعاض : الحكايه فيها أنس ، يبقى احتمال ...
شيرين مقاطعه : احتمال ايه ، انا و سلوى شفناها بعينا و انت مسافر جت الشركه لانس و دخلوا المكتب و وقفلوا على نفسهم لاخر النهار كمان ...
يحيى مصدوما : الكلام ده صحيح يا سلوى ؟
سلوى : آآآآ
لكزت شيرين سلوى بجانبها ، و قالت : طبعا صحيح ، امال انا هاكدب يعني ...
يحيى : ارجوكي يا سلوى تجاوبي على سؤالي ، شفتي فاتن مع انس زي ما قالت ....؟
همست شيرين لسلوى : ده شكله بيراجع نفسه ، و هيرجع يتورط تاني معاها ، لاجل ربنا انقذيه من الوحله دي....
سلوى باستسلام خوفا على يحيى : ايوه ، زي ما قالت شيرين بالظبط !
أوصلهما ثم أسرع في خطواته راغبا بالانفراد بنفسه ، فلقد امضى الايام الماضيه يقلب في الاحداث الاخيره ، محاولا أن ينتزع فاتن من عقله اولا ، فالمعطيات أمامه كانت تدل على سوء سلوكها من حديثها الملتهب مع اخيه الى صورها الفاضحه ، ناهيك عن ذهابها الى تلك الشقه المشبوهه و اشتراكها ربما في كمين مع الشرطه هناك ، و لكن لِمَ اختاروها هي بالذات ، لربما كانت لديه صله مع مَن تم القبض عليهم ، و لكن بقي هامس يخبره بأن هناك خطأ ما ، شيء غير منطقي ، لتأتي كلمات شيرين و تأكيد سلوى لتكون القشه التي قسمت ظهر البعير ، فما مصلحتهما في الكذب عليه ، خاصه سلوى ، لقد عهد دوما منها الصراحه و الوضوح التام ...
و حتى ان أجيبت كل تساؤلاته ، ما الفائده ، لقد خانته مع أخيه ، لن يستطيع أن يغفر لها ذلك ، لن يغيب عقله و يُكذّب والده ، و الذي و بشكل غير مسبوق دعم كلام لؤي ، مما يعني أن لؤي صادق تماما
أما أنس ، فمن المستحيل بعد اليوم أن يبقى على شراكته معه ، ليس بعد أن طعنه بخنجر قاتل ، لقد علم مدى تعلقه بفاتن ، لو كان صديقا حقيقيا لما تلاعب معها من وراء ظهره ..!
ابتسم ساخرا ، و تمتم : يعني كانت مقضايها مع لؤي و انس و يا ترى مين كمان ؟
ثم هز رأسه نافيا .. مش معقول ، بجد مش معقول ...بس خلاص مقدرش ادخل فالدوامه دي تاني ، مقدرش اكدب كل الناس دي و اصدقها ، مقدرش ، ربنا يهديها ، ويهديني ، واقدر انساها واريح نفسي من الحيره دي!
أوصل زميليته ، ثم توجه الى الحمام الخارجي ، عازما على انعاش نفسه ببعض الماء ، فالان عليه أن يقف في فرح ليلى مدعيا السعاده...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
كانت ديما مختبئه خلف الأشجار تترقب انتهاء ليلى من تغيير ملابسها ، حين رأت يحيى قادما باتجاه الحمام الخلفي ، ليجن جنونها ، و احتارت كيف تمنعه من دلوف الحمام...
هرعت مسرعه من خلف الأشجار ، تصرخ : يحيى ، يحيى ...
التفت يحيى الى مصدر الصوت ، لتستمر ديما في الاستغاثه : يحيى ، رجلي ..مش قادره ...
عدا باتجاهها ، يسأل بقلق : ديما انتي كويسه ؟؟
ديما لاهثه : رجلي بتوجعني شويه ، شكلها اتلوت و لا حاجه ...!
يحيى : طب اسندي عليا و هاوصلك البيت ..
ديما : متشكره اوي يا يحيى ، هاتعبك معايا...
يحيى : لا مفيش تعب و لا حاجه .
سارت ديما ملاصقه ليحيى ، و الذي قام بايصالها الى با ب المنزل ، حيث تعلو اصوات الزغاريد و الهرج من الداخل ، لتقول ديما : انت هتروح فين دلوقت ؟؟
يحيى : ليه عايزه حاجه ؟؟
ديما : اصل ...
ابتسم يحيى : اصل ايه ، قولي متتكسفيش انا زي بابا ..تحبي اجبلك دكتور ؟
ضحكت ديما على دعابته و قالت : لا رجلي كويسه دلوقتي بس اصلي جعانه و هاموت على حته شكولاته ، متقدرش تجبلي اي حته ان شاء الله من ام نص جنيه دي..
ابتسم يحيى : حالا ، عشر دقايق و هيكون عندك كل الانواع اللي بتحبيها...
تنهدت ديما حين تأكدها من مغادرته بعيدا عن المنزل ، و انطلقت حيث ليلى منتظره بالحمام ..
" ديما ، استني ،واخده فوشك كده ورايحه فين "
استدارت ديما ، حين سماعها صوته ...فتحت فاهها ثم أغلقته
لؤي بحرج : ديما ، انا كنت عايز....
صمت مترددا..
ديما في نفسها : هو ده وقته ، انجز ، البت هتخلل فالحمام ..!
لؤي بتلعثم : انتي عملتيلي بلوك عندك عالفيس ولا ...
صمت ثانيه ، لتتأفف ديما ، بعد كل ما جرى بينهما و بعد اهانته المستمره لها ، لم يفرق معه سوى حذفه من الفيس ، بالتأكيد لا يهم سوى كرامته ....
قالت ديما بجفاء محاوله التخلص منه ، و غير عابئه بالطريقه : اه ...اصلي مبحبش يكون عندي ناس فاشله
شاهدت امتقاع وجهه ، لتشعر بتأنيب الضمير ، و لكن لا وقت للانغماس في حبه لذاته الان ، عليها مساعدة ليلى و بسرعه قبل أن تكتشف غيابها النسوه...
لؤي بغضب : انا الحق عليا اللي عملتلك قيمه اصلا ...
استدار على عقبيه مغادرا بخيبه ، لتسرع ديما لمعاونة ليلى ، غير عابئه بدقات قلبها المتسارعه في لومها على جرح لؤي مره اخرى بتلك الطريقه...و لكنها تمتمت : يستاهل ، اه ، انا مش هاعيده تاني !
طلبت رقم ليلى بعد تأكدها من خلو الفناء من الموجودين ، فلقد توجه الرجال الى الصوان المنصوب لاحتفالهم بالقرب من ملعب البلده ، اما النساء فتوافدن من الباب الرئيسي للسمر و الغناء في المنزل..
خرجت ليلى تتلفت يمينا و يسارا ، مطمئنه بعض الشيء حين ملاحظتها لبدء الليل في اسدال عتمته..
قالت ديما الواقفه بجوار الباب : امان يا بنتي ، يلا خليني اوصلك ..
سارتا جنبا الى جنب بسرعه تسابقان الريح ، ليلى بخوف : انا مرعوووبه
ديما : ومين سمعك ، انا هموووت مالرعب..
ليلى : يخربيتك ، ايش حال لو مكنتيش انتي اللي طلعتيها فدماغي !
توقفت ديما عن السير ، لتسأل بجديه : ليلى ، من فضلك ، لو هتكملي يبقى ياريت تكوني واضحه معايا ، انا السبب فقرارك و لا انتي اخدتيه و انتي متأكده ان ده هو القرار الصح بالنسبالك..؟
هزت ليلى رأسها نافيه : لا يا ديما مش انتي السبب ، انا اللي كنت محتاجه زقه.. حد يفوقني ، يرجعني تاني اصدق فاحلامي و حياتي اللي رسمتها فخيالي و انها ممكن جدا تكون حقيقه ، انا مش هاقدر اوفيكي حقك و اشكرك كفايه ..
ديما مداعبه : انتي هتقوليلي ، ده انتي لازم تعمليلي تمثال ، واول بنت ضروري تسميها ديما و لو خلفتك كلها اولاد برده يعني ممكن تسمي حد فيهم ديم على وزن تيّم مثلا ...
ابتسمت ليلى قائله : يخرب عقلك ، انا تقريبا كنت نسيت ازاي اضحك..
ديما بجديه : طب يلا بلاش نضيع وقت ، زمانه كِنان مستنيكي على نار...
امسكت ليلى بكتفي ديما مانعه اياها من التقدم ، وقالت : ديما مش هاوصيكي ، ياريت تحنني قلبهم عليا ، وتحاولي على اد ما تقدري تخليهم يسامحوني..
صمتت محاوله السيطره على دموعها : ارجوكي يا ديما ، ارجوكي ، و خلي بالك من ماما ، انا خايفه ليجرالها حاجه ... انا خايفه عليها اووووي
ديما بدموع هي الاخرى : متقلقيش ، انا دايما هدافع عنك ، و مش هيجي الاكل خير ،انتي مش بتاخدي حاجه مش من حقك ، انتي بدافعي عن ابسط حقوقك و عمرربنا ما يرضي بالظلم يا حببتي ، و مسيرهم يا ليلى هينسوا ويسامحوا ، انا متأكده
ليلى : مفتكرش يا ديما مفتكرش، خلي بالك من ماما اووووي ، قوليلها ازاي انا بحبها جدا ، بس كان نفسي تفهمني و تقف جنبي ، كان نفسي معملش كده بس مقداميش حل تاني ..
ديما بتأثر : اوعدك يا ليلى ، كل يوم هاكلمها و اطمن عليها وهاطمنك لغاية اما ربنا يفرجها ، ادعي يا ليلى ربنا كبير و قادر فثانيه يحنن قلبهم عليكي..
جففت ليلى دموعها ، و اكملت طريقها مع ديما باتجاه الشارع العام...
من مسافة عدة أمتار ، لمحته يقف بجوار احدى السيارات ، لتقول ديما : اهو كِنان مستنيكي ، بسرعه يا ليلى ، انا دلوقتي لازم ارجع قبل ما حد ياخد باله...
احتضنتها ليلى بشده : خلي بالك من نفسك ، و طمنيني اول ما توصلي البيت ، لو مكلمتنيش هارجع تاني ، ضروري تطمنيني انك وصلتي..
ديما : حاضر ، متقلقيش احنا هنا فالبلد و الناس جدعه وطيبه محناش فشيكاغو عشان تقلقي ، كلها عشر دقايق و هاوصل البيت
ليلى : برده ضروري تطمنيني عليكي ...
ديما : عنيا ، و انتي خلي بالك من نفسك ، واول ما توصلي فلسطين كلميني ضروري..
ليلى بدهشه : فلسطين، هو كِنان هياخدني معاه فلسطين...
ديما : ها .. مش وقته الكلا م ده، كِنان هيفهمك هتعملوا ايه ، دلوقتي يلا ...
ليلى : طيب ... لا اله الا الله
ديما : محمد رسول الله ، محمد رسول الله ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
سألت فضيلة ..والدة تميم : مالها العروسه عوقت كده ليه .؟
خديجه : ياباي عليكي ، عروسه و بتظبط روحها ، بس انا اهو طالعه اجيبها ..
فضيله : ايوه الستات كلهم هاتك يالوك لوك عايزين يشوفوا مين اللي ربنا اراد تبقى مرات ابني تميم اللي كل بنات البلد هتموت نفسها عليه..
لوت خديجه شفتيها : ربنا يحميه يا ام تميم ، عن اذنك بقى هاجيب ليلى تسلم عالمعازيم ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
تسارعت دقات قلبه حين رؤيته لليلى تهرول مسرعه في اتجاهه ، ضبط أعصابه و انتظر ريثما تخرج من حدود تلك البلده ، فلا داعي للاستعجال و افساد خطته ...
و في غضون دقائق كانت تلهث على مقربه منه ، ليقول كِنان بهمس : ليلى ، انا مش مصدق..
ليلى بأنفاس متقطعه : مش وقت تسبيل الله لا يسئيك ، احنا هنعمل ايه دلوقتي...؟
ابتسم كِنان بالرغم من صعوبة الموقف : كل خير ، دلوقتي هنركب و نبعد عن هنا لغاية اما الامور تستقر..
ليلى بقلق : طب يلا شغل العربيه ، مستني ايه..
كِنان بحب : عايز املي عنيا منك ..
قاطعته ليلى : يا نهار اسود ، ده زمانهم بيدورا عليا ..
كِنان : ايوه ايوه اتفضلي اركبي ..
فتح لها الباب ، لتدلف مسرعه في المقعد الامامي ، و ليتقدم كِنان جالسا خلف مقود السياره..
كِنان بعد أن قام بتشغيل السياره : متقلقيش يا ليلى ، انا عامل حسابي على كل حاجه ..
ليلى بعد أن اجتازا حدود البلده : ها احنا رايحين فين دلوقتي !
كِنان باضطراب : احنا دلوقتي هنكمل طريقنا لغاية المطار..
هتفت ليلى : مطار ، احنا رايحين فين بالظبط..؟
كِنان : هنركب طياره العريش ، انا حجزت التذاكر ، و من العريش هناخد عربيه لغاية اما نوصل رفح...و بعدين هندخل فلسطين ، مطرح ما شغلي دلوقت ، في قطاع غزه..
ليلى بذعر : انت بتقول ايه.... انا مكنتش فاكره كده !
كِنان : امال يعني هتفضلي هنا ، اكيد اهلك هيعتروا فيكي ، بعد ما لؤي عرف ، مش هاقدر اخبيكي عندي .
هتفت ليلى : هو لؤي عرف ، انت حكتله..؟
كِنان : طبعا لا ، بس معرفش هو عرف ازاي ، عموما انا كنت عامل احتياطي فاكره لما طلبت منك اوراقك وجواز السفر ، كان عندي احساس ان الحكايه مش هتكون بالساهل..
أسندت ليلى راسها على المقعد ، ثم سألت : و انا هادخل فلسطين بصفتي ايه..؟
تنحنح كِنان : بصفتك مراسله صحفيه في قناة الحقيقه ، المدير ففلسطين ابوفراس كان متعاطف معايا جدا وهو اللي ساعدني ازبط اوراقك ..
تنهدت ليلى ثم قالت بريبه : و هاعد هناك مع مين ، خالتي وجوزها لسه فمصر...
كِنان : ده اللي ساعدتني فيه ديما ، كلمت صحابهم هناك ، وامنتلك سكن مع طالبات ، لغاية اما خالتك ترجع و ونكتب كتابنا..
ليلى : احنا هنتجوز ازاي و انا بعيد عن اهلي ...
كِنان : ديما وعدتني هاتكلم باباها و هو هيكون وكيلك يا ليلى ..
ليلى : انا دماغي هتنفجر ، انا مكنتش عامله حسابي لحاجه ابدا ، كان كل همي ازاي اخلص من تميم ...
كِنان : معلش يا ليلى ، لازم تصبري و تتحملي و اوعدك بكره هيكون احسن بكتير ، بس هي الاحلام كده ، لازم نتحمل الشوك عشان نقدر نوصلها...و متشيلش هم حاجه و انا معاكي ...
ابتسمت ليلى ، بالرغم من عدم استيعابها لما قاله من خطط وتحركات ، الا أنها أغمضت عينيها شاعره بالأمان جواره ، نعم ، تستطيع أن تعبر البحر مسجورا طالما كِنان بقربها..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
دلفت ديما الى المنزل ، لتجلس بين مجموعه من النساء الملتفات لمشاهده احدى الفتيات و التي ترقص ببراعه ، و عندما رفعت نظرها للأعلى ، شاهدت خالتها خديجه تهرول الدرجات باحثه بين الحضور...
تلاقت عيناهما ، لتشير خديجه اليها بالحضور، نهضت من مقعدها بتوتر ، و اتجهت حيث تقف خالتها..
سألت خديجه بصوت يخنقه الهرج و المرج الدائر حولهم : ليلى مش فالاوضه ، هي فين .؟
ديما مصطنعه الدهشه : انا سيباها هناك بقالي نص ساعه ، قالتلي هترتاح شويه و هتنزل هنا..
خديجه بقلق : لا مش فالاوضه ، طب خلينا ندور عليها يمكن فالاوض التانيه..
عز على ديما خداع خالتها ، و لكن ما باليد حيله ، انهتا البحث في جميع الغرف ، و لم يعثرا عليها..
لتقول خديجه : طب ما تكلميها تشوفي غطست فانهي نصيبه..!
ارتبكت ديما ، ولكنها مضطره أن تكمل الخطه ، فتحت هاتفها ثم شهقت ، لتسأل خديجه بفزع : مالك ؟
ديما : دي ليلى بعتالي مسج ، بتقول انها قررت مش هتتجوز تميم و دلوقتي مشيت مع واحده من صحابها..
خديجه تلطم: يا نهارد اسود ، يا نهار اسود ، فين ابوها ، كلمي ابوها ، كلمي يحيى ، كلميهم يجوا يلحقوها قبل ما نتفضح..
ديما : حاضر يا خالتو ، حاضر ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أمن المعقول أن تتلاحق المصائب دفعه واحده ، فكر يحيى المترع بالقلق اثر اختفاء ليلى المفاجىء ، والذي أحدث بلبله كبيره في بلدتهم الصغيره..
حاول محادثتها مرارا و لكن هاتفها مغلق ، لم تبق منها سوى تلك الرساله التي تركت على هاتف ديما ، أو لا يعني هذا الكثير ، لِمَ لم تلجأ اليه ، أكان بعيدا عنها بتلك الصوره ، أخافت من مصارحته ، لقد انشغل عنها بمن لا تستحق وقته ، و الآن ضاعت ليلى و ...
اخترق مجلس الرجال احد الفلاحين قائلا : تميم بيه ، تميم بيه..
رد تميم و الغضب يتملك منه : عترتوا عليها..
الفلاح لاهثا : للاسف لا يا بيه ، بس في حد شاف بنت خارجه مالبلد بتجري و ركبت مع راجل و كأنه كان واقف يستناها..
تميم بغضب جم : انت متأكد ؟
الفلاح : ايوه ، الراجل ده كان راكن عربيته طول اليوم عالطريق ، و عالمغرب كده شافوا بنت بتركب معاه..
تميم :سامع يا عمي ، سامعين يا ولاد عمي ، الهانم المصونه هربت مع واحد ، مش زي ما بتقول راحت عند صاحبتها ، دي تستاهل قطع رقبتها و لا انا غلطان...
عبدالرحمن بغضب : دي تستاهل الشنق في ميدان عام لو الكلام ده صحيح ...
يحيى : بابا ، ان جاءكم فاسق بنبأ...
لؤي هامسا ليحيى : كِنان...
يحيى : نعم ؟
لؤي ساحبا اخيه من ذراعه و مخبرا اياه بما عرفه من علاقة ليلى به...
يحيى : ليه كده يا ليلى ، ليه !
جلس يحيى على اقرب مقعد ، غير قادر على الوقوف على قدميه ، شاهد الغضب ينفر صارخا من وجه ابيه مع كل كلمه ينطقها الشهود على ذلك الشاب و الزاعمين بمغادره ليلى معه ، ليتعالي صراخ و توعد ابيه مع كل تشجيع يصدر عن تميم ، ثم شاهد بعينين وجلتين انقضاض لؤي على تميم مسددا له لكمه تلو الأخرى..
لم يفهم سبب تكدر لؤي من تميم لحد التهجم عليه ، فلقد فقد جميع حواسه ، كان يرى أفواها يبدو أنها تتحدث ، و لكن اذانه رفضت أن توصل تلك القماءه إلى مسمعيه ..
ليقتدم منه عبدالرحمن ناهرا : يحيى ، يحيى ، مش شايف الفاشل ده بيعمل ايه ، ما تحوشه عن ابن عمك...
اخترقت كلمة فاشل مسامع يحيى ، لتعيده أخيرا إلى الصراع الدائر حوله ، و هنا تكمن العله في هذه الكلمه ، في أسلوب والده و صرامته ، في تعنت عقليته ، لو أنه أعطى مساحه من الحريه أو الرأي في تربية أبنائه لما كانت اختارت طريق الهروب ..
هب يحيى واقفا من مقعده ، لا ليمنع لؤي كما طلب والده ... بل ليشترك معه في تسديد اللكمات لمن تفوه لتوه بالأباطيل عن أخته ، محاولا تلويث سمعتها و انقاذ نفسه من الموقف المحرج الذي ورطته فيه بهروبها المفاجىء ليلة زفافهما..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
قد تضعنا الحياه في مواقف عده ... تستدعي اتخاذ القرارات المصيريه ، لكن لا تكمن الصعوبه في اتخاذ القرار بحد ذاته ، بل فيما بعد ، في كيفية التعايش مع تلك القرارات...
قررت ليلى الهرب مع كِنان ، لكنها لم تعِ فعلا توابع قرارها هذا ، و مع صعودها الطائره المتجهه بهم إلى مطار العريش ، بدأت تنجلي لها الصوره القادمه ، لقد قررت أن تحيا مع الشخص الذي اختارته بملء ارادتها ، بَيْد أن حياتها ستكون خاليه من أولئك الذين لم يكن لها الفضل في اختيار أي منهم ، بل كانوا هبة الله لها ،
لقد تخلت عن الصدر الحنون ، و الأخ الشغوف المساند ، و الأخ المشاكس ، و الأب ....توقفت أفكارها عن وصفه ، فما زال قلبها متحجرا من ارغامه لها على اختيار هذا الطريق الوعر ...أن تتخلى عن كل أحبتها من أجل انقاذ نفسها من تلك الحفره التي صنعها بيديه ...
نظرت لكِنان الجالس بجوارها في مقعد الطائره ، و ابتسمت محتاره ، هل سيكون قربه كافيا ، هل سيعوضها عن حنان والدتها ، و كرم أخيها الأكبر ، و دماثة أخيها الأصغر ....كانت متيقنه قبل قليل ، عندما لم تُقيم خسائرها بشكل جيد ...و لكن ما الخيار الآخر ، أن ترثي روحها الضائعه كل ليله بجوار تميم...
ابتسم كِنان بدوره ، قارئا كل اشارات الحيره في عيني من ارتاءها شريكه عمره ، ليصوب لها نظره تخبرها بأنه سيكون كل ما تمنت و أكثر ، و يوما ما ستعود المياه لتتدفق من منابعها ، يوما ما ستعود إلى كنف أهلها غير نادمه على اتخاذها هذا القرار ....
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
لم يستطع عبدالرحمن رضوان ، أن يبحث عن أعذار لابنته ، ليس بعد أن جلبت له العار ، لقد أقسم لتوه أمام أخيه و ابن أخيه ببذل كل ما في سعته لجلبها حيه ، ليتقصوا منها أمام الملء ، فلن يكفي لغسل شرفهم سوا ازهاق روحها كما دارت العاده في بلدهم مع كل من سولت لها نفسها تلطيخ سمعة عائلتها و شرفها...
لقد اتخذ قراره ، و لن يتراجع ... لا امام دموع زوجته .... أو عصيان ابنائه ...
↚
¤ الشقه القديمه ¤
---------------------------------------------------------
قاد يحيى سيارته كعادته كل مساء في طريقه إلى المنزل ، فتح النافذه ليدخل بعض الهواء ، فلقد مل طوال اليوم من الحُجر المغلقه و أجهزة التكييف ، و بالرغم من حرارة الجو الا أنه فضل إغلاق التكييف الموجود بسيارته و ترك العنان لهواء المساء العليل ليدغدغ وجهه الوسيم ذو القسمات الرجوليه ، و الذي تزينه اللحيه الخفيفه .. التي أطلقها منذ خمس سنوات مضت ، حين تكالبت الدنيا على آماله و أحلامه و حتى أحبائه ....
تحديدا بعد رحيل ليلى ، لا.. لن يطلق عليه هروبا ، فالهارب دوما يجد طريقه للعوده ، أما ليلى فلقد انتزعت نفسها من بينهم ، باتره أي خط للرجعه..
ففي تقاليد بلدهم و معتقدات والدهم... عودتها تعني ازهاق روحها لا محاله ، لاعاده شرف العائله الذي تبدد بفعلتها...و هذا ما خبُرته ليلى جيدا ..
لقد بحث عنها في كل الأمكنه ، سأل عنها كل الصديقات و لكن بلا نتيجه ، ليعود و يسأل في المحطه التلفزيونيه التي يعمل بها كِنان ، ليتلقى الصفعه فقد سافرت معه إلى فلسطين في تلك الليله ، مؤكده مزاعم ابن عمه و الشهود ...
لكنه قرر ان يحتفظ بتلك المعلومه دون أن يشاركها مع باقي عائلته ، ريثما يجد وسيلة للتواصل معها ، و لكن باءت كل محاولاته بالفشل ، ليتسنجد أخيرا بزوج خالته المقيم في فلسطين آنذاك و الذي فاجأه باخباره بأنه قام بتزويجها لكِنان بعد قدومهم إلى فلسطين بأسبوع موصيا اياه بعدم اخبار أي طرف في عائلته خوفا من احداث قطيعه بين زوجته و اختها خديجه ...
و لم يتطوع زوج خالته بأي تفاصيل أخرى ، متعللا بأن كِنان قد تم ابتعاثه لدوله عربيه في وظيفة اداريه ، ومنذ وقتها انقطعت كل اخباره ...
لم يكن يحيى مقتنعا بأن زوج خالته أخبره الحقيقه كامله ، لذا عاد بالتوجه الى المحطه للسؤال عن كِنان ، حينها أُطبقت كل الألسنه عن ابداء أي معلومات ، و كأن هناك مَن طلب منهم عدم البوح بأي شيء يخص كِنان ، متعللين له بأنها سياسة المحطه ...
لم يبح يحيى بدور زوج خالته في تزويج ليلى ، حتى لا يتسبب في قطيعه بين أمه و خالته إن وصل الخبر لوالده ، لقد أخبره بأنها لجأت إليه و لم يستطع أن يتخلى عنها ، و هذا ما في الأمر ، فخالته و حتى ديما أنكرتا أمامه على الدوام معرفة أي تفاصيل اخرى ، عدا أنها حضرت إلى بيتهم عند عودتهم الى فلسطين طالبة أن يقوم زوج خالتها بدور الوكيل في زواجها من كِنان ..
لتسافر بعدها مع كِنان ، دون أن تخبرهم عن وجهتها...ليعود يحيى و يطلب من زوج خالته معاونته في تتبع أثرها ، فبالتأكيد سيكون اسمها موجودا عند أحد المعابر الفلسطيينيه ...ليخبره زوج خالته بأنها لم تخرج عبر معبر رفح ، و لربما اختارت السفر عن طريق المعابر الفلسطينيه الأخرى و التي يتحكم الجانب الاسرائيلي فيها ، و من شبه المستحيل الحصول على أي معلومات عن طريقهم ...
لتنقطع اخبارها جمله و تفصيلا ، و كأنها لم تكن يوما اختا و ابنه في عائلتهم ، لم يعد يراها سوى في عيني أخيه لؤي... الدائم السؤال عن أي جديد عنها ...
أما والده فكأنه ارتاح من عبء تنفيذ القرار الذي يتحتم عليه فعله ، ليبقى رجلا في نظر أهله و بلدته..
أما ما أثار حيرته دوما ، هي تلك الحاله التي تملكت قلب والدته ، بعد أن مضى على رحيل ليلى بضع أسابيع ، قامت والدته باحضار كل متعلقاتها و التبرع بها إلى إحدى الجمعيات الخيريه ، لتُعلن فيما بعد أثناء اجتماعهم على مائدة الطعام بأن ابنتها ماتت ، مانعه أي منهم أن يذكر اسمها و لو بالخطأ...
أزاح عنه سيل الذكريات التي تقبض قلبه خوفا و قلقا على حال أخته ، لم يرد الآن سوى الوصول إلى الفيلا و الاسترخاء بالقرب من حمام السباحة ، و ابتسم متذكرا كيف تغلب على فشله في المحافظه على عقده مع الشركه الكوريه ...
و لكن كما يقال " رب ضاره نافعه " .. فا هو الان أصبح حر نفسه و مالكا لأعماله دون اي رقابه من احدهم ...
حينذاك كان مشغولا بايجاد ليلى ، أما مالك فلم يكن تعافي بعد من حادث كسر قدمه ، و لم تكن سلوى بكفائتها الحاليه ، اما أنس فلقد أنهي يحيى شراكته معهم فور علمه بتورطه مع...... لم يشأ أن يذكر اسمها ، فلقد درب عقله جيدا على تجاهلها حتى في ذكرياته...
لتقوم الشركه الكوريه بسحب عرضها حين لم ترق شركة يحيى الى النتائج المطلوبه منها ، ليقوم يحيى بفض الشركه و التركيز في البحث عن ليلى و لكن دون جدوى...
حلت به حالة اكتئاب شديده ، ليقبع في غرفته ليل نهار ، غارقا في فشله على كافة النواحي ، الاسره ..العمل و الحب ، و بعد فتره تحول الاكتئاب الى حالة من الغضب الشديد ، و ايمانه بربه هو من منعه عن الانحدار الى مستنقع الخطأ ، ليختار أن يكون مدونه لينفث فيها عن مكنونات غضبه ...
ما لم يتوقعه هو نجاح تلك المدونه و زيارة الالاف من المتصفحين لها يوميا...فلقد لامس احباطه نفوس الكثير من الشباب الذين يعانون مشاق القدره على تحويل احلامهم الى واقع في ظل الكثير من التعقيدات الاجتماعيه و الماديه ...ناهيك عن حال البلد بأسره...
ليقوم يحيى بتطويرها لتصبح من أنجح مواقع التواصل الاجتماعي و التي تتخصص في كل ما يعني شباب اليوم ، من امال و احباطات و أهداف ، تاركا المجال للشباب نفسه للتعبير عن تجاربهم ...
لتقوم احدى الشركات الاجنبيه و التي تمول الاسواق ببضاعتها بطلب عرض اعلاناتها على موقعه ، ليبدا يحيى في جني ثمار مجهوده و أفكاره ، و ليوسع عمله و يؤسس شركته الخاصه بالبرمجه داعيا مالك و سلوى للعوده و العمل معه ، بعد أن وقفت شركته على قدميها و ذلك بعد ثلاث سنوات مضنيه من العمل منفردا ...أما الان فشركته تعد من أكبر الشركات في الوطن العربي بأسره....
فهذا حال سوق التكنولوجيا ، يتوجب عليك فقط ايجاد تلك الفكره الفذه التي تستقطب اعجاب الناس ، لتصبح من أصحاب الملايين ، كما حصل مع مؤسس الفيس بوك ...
صحيح أن يحيى لم يرتقي لنفس المستوي المادي و العالمي ... و لكنه أصبح ميسور الحال في غضون السنتين المنصرمتين...
أضاء هاتفه النقال للمره الثالثه على التوالي ، تأفف و أوقف السياره على جانب الطريق لتلقي المكالمه من هذا الرقم المجهول .
ضغط رد و أجاب : السلام عليكم .
المتصل : و عليكم السلام و رحمة الله .
سأل يحيى : مين معايا ؟
المتصل : أنا منير كامل ، جاركو في العماره القديمه .
طرق يحيى بأنامله على مقود السياره متسائلا في نفسه : و ده عايز ايه ...؟
قال يحيى : أهلا وسهلا يا أستاذ منير ، أي خدمه أقدر أقدمهالك .
منير : أنا فعلا محتاج خدمه من حضرتك ، و هتكون خدمة العمر بالنسبه ليا .
يحيى : اتفضل حضرتك .
منير : شقتكو القديمه ....
قال يحيى بعد أن توقف منير عن الاسترسال في الحديث : مالها !
أجاب منير : بقالها مقفوله فتره كبيره ، و بسم الله ما شاء الله ربنا فتح على حضرتك و نقلت انت و العيله ، فبصراحه طمعان في موافقه حضرتك إني اشتري الشقه ، و أنا مستعد لأي مبلغ تؤمر بيه .
قال يحيى بتردد : هي الشقه فعلا مقفوله بقالها فتره ، بس حاليا مقدرش أديك رأي نهائي ، انت عارف الشقه دي مش ملكي ..لازم استشير الحاج ...
قاطعه منير : بس انت الكل في الكل يا باشا...!
قال يحيى : طيب اديني يومين و هارد عليك .
قال منير : و هو كذلك ....
أغلق يحيى الهاتف ، و ألقى به على التابلوه ، أدار محرك السياره مستعداً للانطلاق ، و غير مستعدا بتاتا للمشاعر التي أثارتها تلك المكالمه في نفسه...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
عادت فاتن الى البيت تجرل أذيال الخيبه ، بعد يوم طويل من البحث عن عمل يناسب درجتها العلميه ، فلقد تخرجت منذ أشهر و بدرجه الامتياز من كلية الألسن ، و ارادت البدء في تخفيف العبء عن أخيها كِنان ، الذي قام بتحمل مصاريفها طوال السنوات الخمس الماضيه...
بعد اتصالهما الأخير و الذي بدا فيه غاضبا منها و بشده ، فاجأها باصراره على التواصل معها ، لتعلم أن ليلى أخبرته بما حدث من اقامتها معهم و طرد والدتها لها و ثم ما حل بها لاحقا ، لكن ما فاجأها انذاك هو هروب ليلى و زواجها من كِنان...و ما تبع ذلك من عواقب...
تنهدت واضعه المفتاح في باب الشقه ، لتدلف الى الداخل مشتمه روائح تفتح الشهيه...
قالت من على الباب : تسلم ايدك يا احلى داده فالدنيا...
قابلتها رقيه بابتسامه حنون : الله يسلمك يا ضنايا ،ها ايه الاخبار عترتي فشغلانه ..؟
فاتن بخيبه : للاسف كله بيقول سيبي الCV و هنكلمك لو احتجنا حد جديد..
ابتسمت رقيه ، لتقول فاتن : الله ، انتي مبسوطه اني رجعت ايد ورا وا يد اودام !!!
ضحكت رقيه : شوفي البت ، انا هافرح ليه يعني ، بس حصلت حاجه انهارده و ان شاء الله هيكون فيها خير ليكي يا حببتي...
ألقت فاتن بمفاتيحها و حقيبتها على أقرب منضده ، و سألت بلهفه : ها احكيلي يا داده ، حصل ايه انهارده ؟
رقيه : طب الاول خشي غيري هدومك ، عبال ما احضر السفره و ساعتها هاحكيلك التفاصيل فتفوته فتفوته
ابتسمت فاتن : حاضر يا داده ، خمس دقايق و اكون جاهزه و انا اللي هاحضر السفره متتعبيش نفسك..
رقيه : تعبك راحه يا حببتي ، ده لولا قعادكك معايا كنت طئيت مالوحده ، بعد جواز بناتي و سفرهم مع اجوازهم يدوروا على رزقهم ، دعيت ربنا ياخدني عنده عشان ارتاح من الوحده ..لحد ما جيتي انتي و مليتي دنيتي عليا ، ربنا ما يحرمني من طلتك دي ابدا...
فاتن بتأثر : بعد الشر عليكي يا داده ، و بعدين ما امال و سحر بينزلو كل سنه بعيالهم و تعدي تقولي العيال جننتي ...العيال ربتلي الخفيف....
ضحكت رقيه مقاطعه فاتن : ايوه ، ده البيت بيتقلب مورستان ، يلا الواحد يقول الحمد لله على كل حال..
قالت فاتن بتردد : اوعي تكوني يا داده رافضه تسافري و تعدي مع سحر عشاني ، انا اقدر ادبر اموري ..
رقيه : كلام ايه اللي بتقوليه ، اروح عند سحر اعمل ايه ، دي شقتهم يدوب واسعهم هي و عيالها ، ولو جوزها تحملني يوم مش هيتحملني التاني ...
فاتن : ايش معني انت متحملاني السنين دي كلها ..
رقيه : اخص عليكي ، بجد اخص عليكي ، ده كلام تقوليه ، متحملاكي ، ده انتي دنيتي بحالها ..
فاتن : مش قصدي يا داده..
رقيه : طب بذمتك لولا اعدتك معايا ، كنت اقدر افتح اللي اسمه ايه السكايب ده و اكلم بناتي و احفادي وقت ما احب ، مش كنت هستنى مالزياره للزياره كل سنه عشان املى عنيا منهم ..ده انا خايفه لاكون حمل عليكي ، مش العكس...
فاتن بضيق: اوعي تقولي كده يا داده ..
ثم اضافت بمرح : حمل ايه ... ده انتي خُف الريشه ، حتي شوفي كده
تقدمت فاتن محيطه رقيه من وسطها ، لتحاول رفعها عن الارض قائله : اهو زي ما قلت خُف الريشه
ضحكت رقيه : طب بطلي بكش و خشي غير هدومي عشان احكيلك الاخبار الحلوه..
فاتن : هوا ...
جلست فاتن مع رقيه على مائدة الطعام ، لتسأل فاتن : ها يا روكا يا جميل ايه الاخبار الحلوه بقى؟
رقيه : انهارده و انا عند جارتنا الست أم مالك ، بتحكيلي عن مالك و ازاي جهز اخته احسن جهاز ..
ابتسمت فاتن : اه .. مالك ده رجل المهمات الصعبه ...
رقيه : ربنا يحميه ، مش بيتأخر عننا في حاجه...
فاتن : انت هتقوليلي يا داده ، ده مفيش حاجه عطلت هنا الا ما جه و صلحها بعد ما طبعا حضرتك تكوني اشتيكي لوالدته ، تقوم هي بعتاه هنا عشان يساعدنا..
رقيه : من قلة حيلتنا يا بنتي ، اصل الراجل بيفرق وجوده اوي فالبيت ، ياما نفسي اشوفك عروسه تحت حماية راجل ...
قاطتعها فاتن : ايه اللي وصلنا لهنا ، احنا كنا بنتكلم عن الست ام مالك ، مش عن حالتي الاجتماعيه..
رقيه : طيب يا غلباويه ، انتي عارفه بقى ان ربنا فتحها عليه من فتره ، و بقاله وضعه في شغله...
فاتن : ربنا يوسع رزقه يا داده ، ده يستاهل كل خير...
رقيه : اها ، دلوقتي لما انا حكيت لام مالك عن شحططك كل يوم بتدوي على شغل ، قامت وعدتني هاتكلم مالك يتوسطلك عندهم فالشركه اللي بيشتغل فيها ، دي بيتقول انهم هيفتتحوا فرع جديد و محتاجين موظفين
فاتن : ليه الاحراج ده بس يا داده ، انا لما اشتغل عايزه يكون بمجهودي مش حسنه من حد ، ارجوكي تكلميها تصرف نظر عن الموضوع ...
رقيه باستياء : ليه كده يا بنتي ...؟
فاتن :ارجوكي يا داده ، انا مش بحب اتحمل جمايل من حد ..حابه اعتمد على نفسي و اثبت جدراتي بدون اي مساعده من اي حد و ان شاء الله هاقدر
رقيه : حاضر يا بنتي ، حاضر هاكلمها تاني و اقولها متجبلوش سيره ، بس متزعليش نفسك كده..
ابتسمت فاتن : مش زعلانه و لا حاجه ، و بكره اعتر فشغلانه كويسه متقلقيش نفسك ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
استلقى يحيى على احد المقاعد المرصوصه بجوار حمام السباحه ، ليأتيه اتصال اخر ..
يحيى متمتما بضيق : انا قلت اقفلك احسن ...
تطلع يحيى الى هاتفه ، ليجد أن المتصل مالك..
رد يحيى : خير ، لحئت اوحشك ، ده مبقاليش نص ساعه سايب الشركه ...
مالك : يا ساتر ، امال لو تعرف اني دلوقت حالا ، دخلت الى فيلا سيادتكم
هب يحيى من مقعده : ليه ، حصل حاجه فالشغل..
مالك : لا يا هندسه ، بس حبيت اغير جو من شلة النسوان اللي عندي ، اصلهم قرروا يعملوا حفلة حنه و لا على راي اختي الصغيره حفلة عزوبيه لاختنا الكبيره في شقتنا المتواضعه ، و الحاج فلسع عالقهوه ، وانا قلت اما اارف اللي جابوك..
ضحك يحيى : طب يلا وريني جمال طلتك ، لف من ورا ، انا اعد عالبسين ...
قدم مالك مرتديا البذله ذاتها التي حضر بها الى العمل اليوم ، ليقول يحيى : فوت جوه الاوضه ..
قاطعه مالك : عارف عاارف هو انا اول مره اجي هنا ، هاخش اغير الهباب اللي هيخنقني ده
بعد دقائق عاد مالك مرتديا تيشرت و شورت مناسبين لجو الليله الحار، ليقول يحيى : الف مبروك لاختك و عقبال الباقي ..
فلمالك خمس اخوات شقيقات ، و غدا سيتم زفاف الشقيقه الكبرى ، ليتبقى أربعه ، ابتسم يحيى بمراره ، فلقد اصبحت زيارة مالك لبيتهم من المسموحات بعد رحيل ليلى ، فما عاد والده يعارض قدوم اصدقائه او اصدقاء لؤي ، او ربما هو الحرج من يحيى ، لانه من قام بدفع ثمن الفيلا ، تنهد مفكرا بأن الوضع عند مالك ما زال على حاله ، فوالده ما زال يرفض حضور اصدقائه الى البيت
مالك : الله يبارك فيك ..
يحيى : ها لسه اهلك مش ناويين ينقلوا مالشقه دي بردو ؟
مالك : و الله غلبت اقنع فيهم ، ماما مش قادره تسيب البيت عشان خالتي ساكنه جنبها و كمان الناس معارفها ، بتقول مش هتقدر تعيش وسط ناس جديده وجو جديد ، بس البنات هيطئوا و ننقل ..
يحيى : مسيرها توافق ، مفيش امر من زن البنات ، اركن انت على جنب و سيب الباقي عليهم ..
مالك : عموما لسه شويه عبال ما اوضب السكن الجديد..
يحيى : good luck .
ضحك مالك : الله انت اتعديت من سلوى و هتبتدي ترطن انجليزي..
ابتسم يحيى :اه صحيح ، هتروح عيد ميلادها..؟
مالك : طبعا ..ثم سأل بتردد : ليه هو انت مش ناوي تحضر الحفله...؟
يحيى بلامبالاه : مش عارف ، مليش فجو الparties ده ...
مالك مشجعا : خلاص هابقى اعتذرلها بالنيابه عنك
يحيى : طب كويس ...و بالمره خودلها حاجه فايدك كادو مني يعني ..
ضحك مالك مقلدا يحيى : خودلها حاجه فايدك ، ايه يعني اجبلها كيلومشمش مثلا ...اه لو تسمعك كانت هتديك كورس فالاتيكيت..
يحيى مبتسما: عارف من ساعة ما ليلى ... توقف عن الحديث قليلا .. ثم أكمل : كانت هي اللي بتوصيني اجبلها ايه و كمان لامي و لديما ، كانت عارفه اخوها ميح اازاي فالحاجات دي...
مالك : ربنا يطمنكو عليها ...
أومأ يحيى مبتسما ، اما مالك فقام بخلع التيشرت لينزل حمام السباحه ، ممارسا رياضته الجديده ، فمع تحسن حالته الماديه بشكل كبير منذ بدء عمله مع يحيى مره ثانيه ، استطاع أن يؤمن ثروه صغيره و معها انبثقت هوايات جديده ، سبح محتارا هل ثروته ستكون كافيه في نظر أهل سلوى عندما يحين الوقت ليتقدم لخطبتها..
لقد أجل مصارحتها بمشاعره لاسباب عده ، في البدايه كان هناك الفارق المهول في المستوى المادي بين عائلته و ذويها ، أما الان فلقد تحسن وضعه بشكل كبير ، و السبب الآخر هو احساسه بأنها ما زالت تكن بعض المشاعر تجاه صديقه المقرب ، و لكن يبدو أن يحيى ما زال على حاله ، يراها كأخت و صديقه فقط
و في الفتره الأخيره أحس مالك بتغيير في نظرة سلوى له ، مما زاد أمله في تحقيق حلم طالما تمناه و هو الارتباط بأول من دق لها قلبه ... حبه الأول .. الذي لم يستطع أن يتخلص منه بالرغم من اختلاطه بالكثير الكثير من الفتيات سواء من الاقارب او زميلات العمل...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
كانت تهم بالاستلقاء في فراشها ، حينها جاءها اتصال والدتها انجي الشريف...
تنهدت فاتن : خير اللهم اجعله خير ..
ردت فاتن : ازيك يا ماما...
انجي : كويسه ، بقولك...
فاتن : اتفضلي ...
انجي : الشقه القديمه بتاعتي ، انا بعتها مع العفش و قبضت مبلغ حلو ...
فاتن : اها و بعدين ....
انجي : عايزاكي تروحي هناك و تجبيلي الهدوم بتاعتي...
فاتن : هدوم ايه ، ده انتي سبتي الشقه دي من زمان ...
تأففت انجي : متقاطعنيش ، انا سايبه فيها كل ذكرياتي، الهدوم اللي كنت بلبسها فافلامي ، انا بفكر اعمل عليهم مزاد و اكسب الشيئ الفلاني ، بس مش وقته اما اعتزل ابقى افضى للتسالي دي..
فاتن : طب و انا هانقلهم ازاي ، مش لازم اجيب عربيه ...
قاطعتها انجي : خلاص انا هابعت حد من موظفين بودي يساعدك ، بس انا مش هآمن عليهم غير معاكي ، مضمنش الهدوم تتقطع و هما بيعبوها فالشنط ، و لا يسرقوا منها ، انتي اللي لازم توضبيهم و بعدين يحملوهم فالعربيه
فاتن : طب ، انا كده هاحتاج مفتاح الشقه..
انجي : هابعته مع الموظف اللي هيساعدك فالنقل ، بعدين المشتري عايز المفتاح ، تعرفيه ده الراجل اللي كان ساكن فوقينا اسمه منير كامل تفوتي عليهم و تديه المفتاح ، او اي حد موجود تبعه ، ده بعد ما تخلصي نقل الحاجه ...
انجي : اوك يا حبي..
فاتن : اوك ...
اغلقت انجي الهاتف ، دون حتى أن تتمنى ليله سعيده لابنتها ، ابتسمت فاتن بسخريه ، ثم تمتمت : معلش هي مهما عملت هتفضل أمي و انا قررت من زمان اني اسامحها ...
تحديدا حين فهمت أمور دينها بشكل جيد ، فالأبناء ملزمون بحسن معاملة اهلهم مهما اقترف الاهل من ذنوب ، أو حتى اساءوا اليهم كما فعلت انجي ليلة طردها لفاتن ثم عدم سؤالها عن ابنتها و كأن أمرها لا يعنيها ...
تناست فاتن تخلي والدتها عنها ، بعد أن مَن الله عليها بمحبة أخيها كِنان و رعايته لها ، قامت وقتها بمحادثه والدتها ، و التي تلقت مكالمتها بلامبالاه و كأنها لم تقلق على أحوالها البته...
و لكن فاتن أصرت على الاستمرار في التواصل مع انجي ، لتعود العلاقه من جديد بينها و بين والدتها ، صحيح أنها دوما المبادره في الاتصال و الاطمئنان و لكن لا يهم فهذا واجبها ...
أو كما حدث هذه الليله ، تبادر انجي للاتصال إن احتاجت خدمه من ابنتها...
دلفت رقيه الى الغرفه مستفسره : سمعت صوت تليفونك ، مين اللي بيكلمك السعادي..؟
فاتن : دي مااما ..
رقيه : و بتكلمك السعادي ليه ، يكونش جوزها طلقها ..
هزت فاتن رأسها نافيه ، لتقول رقيه : الا جوزها ده يطلع رقم كام...
ضحكت فاتن : ده يمكن رقم خمسه او سته ، شوفي من بعد ما جيت اعيش هنا ، اتجوزت رجل اعمال عربي يعني فتره قصيره و بعدين طلقها بس خدت منه هبره كويسه ، قدرت تشتري شقه و عربيه و تزبط امورها ، بعد كده اعتقد اتجوزت المنتج الخليجي بتاع مسلسل لا تزهق روحي ، و انفصلوا ، و دلوقتي حاليا جوزها بودي ده رجل اعمال برده ، مع ان شكله ميطمنش خالص ، بس جوازهم فالسر ..
رقيه : ربنا يهديها ، بس خدمة ايه دي اللي عايزاها منك ؟
روت فاتن ما طلبته منها والدته ، لتتمنى رقيه لها ليله سعيده ، و لكن لم تكن ليله سعيده على فاتن ، فقد أثار طلب والدتها ذكريات كثيره ودت لو استطاعت يوما أن تمحيها من قلبها ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أرتدت ديما ملابسها الفضفاضه و أحكمت وضع حجابها المحتشم ، و نزلت الدرجات لتلتقي بوالدتها المنتظره
قالت والدتها راويه مبتهجه : أيوه كده يا حبيبتي.
قالت ديما بتهكم : انتي مبسوطه باللبس ده عشان خاطر ابن أخت حضرتك ، مش كده.!
قالت راويه بجديه : ربنا يسامحك ، بس فيها ايه مش يمكن يكون السبب إن ربنا يهديكي.
قالت ديما بعصبيه : يهديني ، ليه هو انتي شايفاني عاصيه .
قالت راويه مستدركه : يوه يا حبيبتي ، مش قصدي ، أقصد يعني تلتزمي أكتر.
قالت ديما ضاحكه : و الله انتي طيبه اوي يا ماما ، و ابن أختك ده عمري ما هيبُصلي ، انتي أصلك مش مستوعبة كمية البنات اللي حواليه و لا بتشوفي البدع اللي بيعملوها فنفسهم .
قالت راويه بهدوء : آه ، بس البنات دول ميعرفوش إنه عايز زوجه محترمه و متدينه ، مش واحده فلتانه .
قاطعتها ديما قائله : و البركه فخالتي ، بتقولك أخباره أول بأول ، بيحب ايه ، مبيحبش ايه .
راويه : دي بتحبك اوي ، و بتعتبرك زي بنتها تمام.
ديما متأففه : بنتها ايه ، بعد الشر عليا.
قالت راويه بعتاب : اخص عليكي ، و يعني هي كان فايدها ايه تعمله .؟
ديما : كان فايدها تحس بيها و تاخد موقف .
راويه : ممنوش فايده الكلام ده ، و حسك عينك لسانك يقول كلمه كده و لا كده عن الموضوع ده ، انتي عارفه انها من زمان معتبراها ماتت..
تنهدت ديما : ربنا يهديها ....
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
فتحت خديجه الباب مستقبله أختها وابنتها بترحاب شديد .
خديجه مقبلة ديما : بسم الله ما شاء الله ، الحجاب زايدك نور و جمال يا ديما يا حبيبتي .
ردت ديما باقتضاب : ربنا يخليكي يا خالتو .
فخالتها و منذ ارتداءها للحجاب بشكل اكثر التزاما ، لا تفوت فرصه لمدحها هي و حجابها ، لم يكن ذلك مزعجاً لديما ، و لكن ما يزعجها هو تلك الخطه التي تحيكها خالتها بالتضامن مع والدتها للتقريب بينها و بين يحيى ، فمنذ اجازتها قام يحيى بعرض العمل عليها كنوع من التدريب قبل تخرجها ، فالبدايه رحبت جدا و شكرته ممتنه ، خاصه و أنها فرصه جيده في ظل تزايد البطاله بين الشباب ، ففرص حصولها على عمل و بشركه مرموقه كشركة يحيى يُعد من المستحيلات ، و لكن بعد فتره أيقنت أنه قدم لها ذاك العرض بالإيعاز من والدته.
سألت خديجه باهتمام : ايه مالك ، اوعي يكون الواد يحيى عمل مدير عليكي و زعلك فحاجه ؟
أجابتها ديما على الفور : طبعا مش مزعلني و لا حاجه ، و هو المدير و أكيد من حقه يعمل مدير عالكل و أنا أكيد من ضمنهم ....
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
دلف يحيى إلى الفيلا بعد أن ارسلت والدته في طلبه ، ليقابل بترحاب شديد من خالته راويه ، حياها بترحاب مماثل ، ثم توجه بنظره إلى ابنة خالته ديما و قال : ازيك يا ديما ؟
قالت ديما مبتسمه : الحمد لله ، و ازاي حضرة المدير ، اوعى يكون كمان هنا في شخت و أوامر.
ضحك يحيى و قال : حرام عليكي ، أنا بشخط برده.
ابتسمت ديما و قالت : امال صوت مين اللي كان طالع فالاجتماع انهارده .
لكزت راويه ابنتها وقالت : الله مش لازم ياخد باله و يشد عالموظفين و الا محدش هيشتغل بضمير.
قالت خديجه : انت هتفضل واقف ، تعال اعد مع خالتك و ديما شويه .
يحيى : معلش ، اصل مالك بره ، مش هاقدر اسيبه لوحده .
غادر يحيى لتقول خديجه : يا ما نفسي افرح فيه و اشوف ولاده بيتنططوا حواليا كده و يرجع البيت يتملي علينا من تاني...
ديما بتردد : صحيح يا خالتو ، هو لؤي هيرجع امتى ؟
خديجه بامتعاض : بيقول انه معروض عليه فكرة برنامج جديد لقناه هنا ، بس لسه عايز يتفق معاهم على اجره ، اصلهم بيدوه فالقناه العربيه اجر كبير ، فمش عايز يتسرع و يسيب هناك ، الا اما يتأكد الاول انه وضعه هنا هيكون احسن ..
راويه : ربنا يوفقه ، بس عايزينه يعمل برامج هادفه ، و ان شاء الله يبقى اكبر مذيع فيكي يا مصر..
خديجه : تسلمي يا حببتي .. و ربنا يهديه و يعمل كده بدال برامج الهشك بشك اللي بيعملها ..
ديما معترضه : حرام عليكي يا خالتو ، ده برنامجه حلو و بيناقش مشاكل الشباب...فين الهشك بشك ده!
ضحكت خديجه : اه منك انتي ، دايما بدافعي عنه ، مع انكو عاملين زي ناقر و نقير...
راويه : اه ، على عكس يحيى ، تحسي انهم متفاهمين اوي...
خديجه : فعلا ، و لايقين على بعض...
ديما مقاطعه و محاوله تغيير مجرى الحديث: امال فين عمو عبدالرحمن ...؟
خديجه : اه .. فكرتيني ، انا لازم اديه الدوا ، احسن ده بينسى...
انصرفت خديجه مسرعه ، لتقول ديما بغيظ : و النبي يا ماما تبطلي تشجعيها على موضوع يحيى ، ده لو شم خبر هيبقى احراج جامد ليا...
راويه : طب يا ريت.. خليه يتحرك ..
ديما باستسلام : آخ يا ربي ... مفيش فايده !
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
بعد مغادرة مالك ، توجه يحيى الى شرفة الفيلا و التي يجلس فيها والده برفقة والدته ، ليخبرهما عن موضوع الشقه ...
عبدالرحمن : طالما الاستاذ منير ربنا فتحها عليه و عايز يأمن سكن لاولاده جنبه يبقى على بركة الله ... بس الاول نكلم عمك عز لانه زي ما انت عارف نص الشقه باسمه
يحيى : اه طبعا هنديه خبر ، بس الاستاذ منير شكله كلمك فالموضوع ..؟
عبدالرحمن : ده زمان ، كان بيقول انه عايز ولاده تفضل جنبه لما تتجوز فاكيد عايز يشتري الشقه عشان حد من ولاده يسكن فيها ...
يحيى : تمام ، كده انا هاكلم عمي و اتفق معاه باذن الله...
عبدالرحمن : لا متتعبش نفسك ، انا خاطري اروح البلد اغير جو و بالمره ابلغه بعرض الاستاذ منير
خديجه : طيب..و العفش اللي فيها ؟
يحيى : انا هاخلي حد ينقله ، ونشوف جمعيه خيريه من بتوع تزويج الشباب و نتبرع بيه ..
خديجه بتردد : بس في حاجات كنت عاينها هناك ..
قاطعها يحيى : خلاص يا ست الكل ، قوليلي عايزه ايه و انا هاروح بكره و اجبهولك مالشقه
خديجه بتردد : متتعبش نفسك ، انا هاخطف رجلي بكره واروح اجيبهم..
يحيى : ده معقول يا ماما ، انتي تعدي مرتاحه و احنا كلنا نتعب و نتبهدل عشانك يا جميل..
ابتسمت خديجه : طب ابقى فكرني بكره الصبح اقولك مكانهم فين بالظبط عشان متتعبش و انت بدور
يحيى : و هو كذلك ....
↚
¤ حيث بدآ ¤
--------------------------------------------------------
وضعت فاتن اخر قطعه من الملابس الخاصه بوالدتها في الحقيبة ، ثم أغلقتها باحكام ، واضعة اياها بالقرب من الخمس حقائب الأخرى و المملوءه أيضا بملابس انجي الشريف ، أخرجت هاتفها لتطلب رقم السائق الذي أوصلها إلى الشقه ، ليصعد و ينقل الحقائب في السياره ...
بعد دقائق ، صعد لتقوم فاتن بمعاونته على احضار الحقائب من داخل الشقه و ايصالها الى باب المصعد ..
قالت فاتن : طب نزلهم تحت فالعربيه ، عبال ما اطلع للاستاذ منير ... اديه المفتاح ...
أومأ السائق ، و استدارت فاتن لتصعد الى الطابق العلوي ، لتتوقف حين سماعها صوت باب الشقه المقابله يُفتح من الداخل ، وقفت مسمره لثوان ، مرتعده من مقابلة أيا من اصحاب الشقه و تحديدا ذلك الماثل أمامها الآن بأعين تحتلها المفاجأه...
تسمرت فاتن في مكانها ،غير قادره على الحركه، تشابكت نظراتهما و كأن الزمن عاد بهم حيث بدآ ، عندما عاونها في تركيب تلك الانبوبه ، و كان اللقاء الأول ، و تساءلت هل سيكون الان لقاءهما الأخير ، فلقد مضت خمس سنوات منذ رأته آخر مره ، لذا ارادت ان تشبع نظرها منه ، فلربما ضَنّت عليها الايام بصدفه اخرى تتيح لها رؤيته ، تفحصته خجلى ، مازال كما عهدته جادا في هيئته و وسيما بمعنى الكلمه ، تتدفق منه امارات الهيبة و الرجوله ...و لكن شيئا ما تغير ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
وضع يحيى الحقيبه التي أخبرته والدته باحضارها جانبا ، ثم أغلق الباب ، مديرا وجهه عنها ، أراد أن يلتقط أنفاسه ، التي تسارعت بقوه حين بصُرتها عيناه ، لم يكن يتوقع حين رؤيتها مجددا ان تبعث فيه كل تلك الاحاسيس القويه مره أخرى ، لقد ظن أنه استطاع التغلب على مشاعره تجاهها ، مكونا واقعا خاليا حتى من ذكراها ، صحيح انه لم يستطع السيطره على احلامه بنفس القدره التي سيطر فيها على واقعه ، و لكنه اعتقد أنها مجرد احلام ليس لها أي قيمه ..
أما الآن لو اتيحت لاحلامه هبة النطق لكانت تحدثت ساخره : "مليش قيمه ، ها ، يا ما قلتلك قلبك مش بايدك ، و لا عمرك هاتقدر تسيطر عليه ...."
تمالك يحيى نفسه ، ثم استدار عازما على مواجهتها بكل برود...
قال يحيى بنبره تحمل في طياتها الكثير من اللامبالاه : صدفه غير متوقعه ، مع انه كان لازم اتوقعها ، الاستاذ منير قال انه اشترى شقتكو انتو كمان ...
فاتن دون مقدمات : انت تخنت و لا خسيت ؟
يحيى : نعم !
فاتن : اقصد انك اتغيرت... بس ازاي ... مش عارفه...
تنهد يحيى فعفويتها من احدى المزايا التي جعلتها تتغلل داخل قلبه فيما مضى ، لذا حاول الا يظهر تأثره بها الان فقال بسخريه : تحبي اخدلك لفه كده عشان تعرفي ؟
فاتن بابتسامه خجول : اه .. عرفت ..هي الدقن ..ربيت دقنك ، عشان كده شكلك متغير ...
تلمس يحيى ذقنه لا اراديا ، ثم قال ببلاهه : اها فعلا ربيت دقني
ضحكت فاتن برقه ثم قالت بحرج : طب عن اذنك بقى ..
يحيى : استني..
فاتن : ...
تلاقت نظراتهما مره اخرى ، ليعودا و يخفضا بصريهما باحثين في نفس الوقت عن الشيء ذاته...
و تمنى يحيى لو انه انصت الى كلام والدته و ارتأى عروسا يخطبها ، لما كان الان عرضه لنظرة الصدمه التي تملأ عينيها..
لقد فطن لما تبحث عنه كيف و هو الشيء ذاته الذي اوقفها من اجله ، اراد ان يعرف ما حل بها في السنوات الماضيه ، هل اكملت دراستها ، هل عادت للعيش في كنف البغيضه والدتها ، و لكن الشيء الاهم انه اراد معرفة اذا ما كانت ارتبطت باحدهم ، لذا اخفض بصره باحثا عن اي اثر لخاتم في يدها اليسرى او اليمنى ، كما فعلت هي الشيء ذاته قبل قليل..
طال الصمت ، لتقول فاتن بحرج : انا لازم اطلع ادي المفتاح للاستاذ منير ..
يحيى مقاطعا : بس انتي متغيرتيش نهائي..
فاتن بمعنى : لا مش صحيح ، انا اتغيرت اوي
يحيى و قد فهم تلميحها : اتمنى يكون التغيير ده للاحسن
تنهدت فاتن و اعادت بسرعه برمجه قلبها ، و الرجوع الى العقل ، فالماثل أمامها لم يغير نظرته لها ، لذا عليها هي أن تغير نظرة قلبها تجاهه ، عضت على شفتيها نادمه فلقد فضحتها مشاعرها قبل قليل ، ماذا ظنت ، هل ظنت أن ترى الحب و اللهفه في عينيه لها ، غبيه ...!
لذا رمقته بنظره غاضبه علها تنسيه نظرة اللهفه التي بثتها عيناها قبل قليل تجاهه ، ثم قالت ببرود : عن اذنك ...
وقف مراقبا لها و هي تصعد الدرجات ، لتلتفت على حين غره ثم تعود لتشيح بنظرها مهروله في صعودها حتى غابت عن ناظريه ، وليلعن نغسه الضعيفه التي فضحت مشاعره ...
وتمتم : كان لازم تقف متنحلها كده ، حبكت يعني... اديها علمت عليك تاني ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
لمحت فاتن في طريقها لركوب السياره احدى الاعلانات المعلقه على باب البنايه ، مطلوب للعمل كاشير في السوبرماركت القريب من البنايه ...
فكرت قليلا ، ثم قالت للسائق : طب يا اسطى وصل الحاجات لماما ، انا ورايا مشوار قريب من هنا..
السائق : تحبي استنى سعادتك ..
فاتن : لا مفيش داعي ..
غادر السائق ، لتتوجه فاتن الى مبنى السوبر ماركت ، سائلة في الداخل عن تفاصيل الاعلان ، لتحول الى المدير
داخل غرفة المدير ، جلست مستعده لاجراء مقابله سريعه ، قال المدير : حضرتك بتعرفي تمشي امورك فالكمبيوتر و الحاجات دي
فاتن : طبعا ، حضرتك انا خريجه كلية الالسن..
تنهد المدير و قال بدهشه : و جايه تشتغلي هنا ..!
فاتن بحرج : يعني عبال ما الاقي فرصه تناسب درجتي العلميه..
المدير ببشاشه : طب و الله ما انا كاسفك بما انك اول حد يجي للشغلانه ، انا هاجربك اسبوع ، لو مشي الحال ، تبقي انضميتي لاسرتنا المتواضعه ، دلوقتي هاعرفك عليهم ...
تبعته لتتعرف على باقي الموظفين و لحسن حظها كانت من ضمنهم احدى الفتيات..ووالتي اعطتها نبذه سريعه عن كل متطلبات العمل ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
طوال طريق العوده ، فكر يحيى جديا في اكمال نصف دينه ، و اسعاد قلب والدته ، و الأهم أن لا يقع مرة اخرى في ذاك الموقف المحرج ، فالآن ستظن فاتن أنه ما زال معلقا بها ، يأبى الارتباط لان ما زال حبها يستوطن في جدران قلبه
لقد رآها ..نظرة الانتصار في عينيها حينما نظرت الى انامله الخاليه من اي مظاهر الارتباط...
و لكن بمَن ، والدته ما فتأت تلمح منذ فتره ، بابنة خالته ديما ، ابتسم يحيى ، ربما لو خَبُر لؤي نوايا والدته لنزل و بسرعه عن برجه العالي مترجيا ديما أن تغفر له سوء معاملته و حماقته ...
ربما عليه الاقدام على تلك الخطوه من اجل تحريك المياه الراكده بينهما ، لسوف يتلذذ يحيى باثاره حنق اخيه الاصغر ... و لكنه لا يستطيع ان يتورط في لعبه كهذه حتى و ان كانت نيته خيرا ، فلربما اساء لؤي الظن به...
فليومنا هذا ، ما زالت كلمات الحب التي بثتها فاتن لاخيه ، ترن مدويه في اذنيه مخترقه أحلامه الكئيبه ، مع ان هدف لؤي كان بكشف حقيقتها له ليس الا...و لكن ما زالت تلك الذكرى مؤلمه للغايه ، ان تفضل محبوبتك اقرب الناس اليك غير عابئة بالنتائج ....
نحاها عن تفكيره ، فلا وقت لديه للفاتنات المخادعات ...عليه أن يبحث عن فتاه يستطيع استئمانها على اسمه و بيته ، نقر على مقود السياره ، مفكرا بتردد : سلوى ....
و لكنها لا تحرك فيه اي مشاعر خاصه ، شخر ساخرا ثم تمتم : و مين غيرها قدر يحرك مشاعرك ، يمكن الحب ده مجرد رغبه بنزوءها بكلمات منقمه ، امال ايه اللي مخليك لغاية دلوقتي بتحن ليها ، واحده باخلاقها ايه اللي ممكن يعجبك فيها اصلا ، فعلا ، دي رغبه و بس ...طب عملت ايه عشان تتناساها ، اديك سايب نفسك عرضه للفتنه ، يبقى لازم اخد خطوه فعليه و كفايه مماطله ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
جالت سلوى بنظرها بين الحضور ، لتقول شيرين : ايه حبيب القلب لسه مجاش ؟
سلوى : يوووه مش هتبطلي تريئه بقى !
شيرين : اقولك ، تعالي نقعد و اسمعك كام كلمه حمضانين من اللي يعجبوا قلبك...
سلوى : حاضر ، ما انا عارفاكي مش هترتاحي الا اما تديني الموشح اياه
جلست الفتاتان على المقاعد المنتشره في حديقة فيلا منصور ، و التي زُينت خصيصا لحفل ميلاد سلوى..
قالت شيرين بعد أن ابتعدت احدى المهنئات عن ناظريهم : دلوقتي ادامك طريقين ، طريق مضمون مليون الميه و التاني غامض و مفيش فيه بصيص نور ، تختاري ايه..؟
سلوى : اه بس يا ربي .. هاخدك على اد عقلك .. اختار الطريق المضمون...
شيرين : طيب ، عندك مالك جدع و راجل اوي و بيتمنالك الرضى ترضي ، اديه فرصه و سيبك مالاوهام اللي ضيعت من عمرك سنين...
سلوى : انتي اللي بقتولي الكلام ده ، مش فاكره اما كنتي بتشجعيني ازاي ادافع عن حبي ، نسيتي الايام دي
شيرين : مش بس نسيتها ، لا ده مسحتها باستيكه كمان ، و اديكي شايفاني ربنا بعتلي زوج بيتمنالي الرضا ارضى ، صحيح الاول مكنتش بحبه و كانت جوازه و السلام لكنه معاملته الطيبه معايا و حبه ليا خلاني غصب عني احبه و انسى اي حد تاني كنت معلقه نفسي بيه عالفاضي ...صدقيني انا لما بفتكر نفسي زمان بحزن عليا اوي ، ساعات الواحد بيعمل حاجات لو رجع بيه الزمن بيتمنى انه يغيرها ، انا بجد في حاجات كتير ندمانه عليها و كلها اتعملت تحت مسمى اني ادافع عن حبي ، بس كله كان وهم و خلاني خسرت صورتي ادام نفسي و عملت حاجات مكنتش متصوره اني اعملها
سلوى : انا نفسي اعرف مين ده اللي عمل فيكي كده !
شيرين متهربه : سيبك مني ، خليني اكمل البؤين بتوعي
صمتت لحظه ثم اضافت : الحب تصرفات ، افعال ، راجل ياخد خطوه عشان تكوني له ، مش اني اعد حاطه ايدي على خدي و استنى اما يحن الفارس و يتنازل عشان انول الرضا...و في السكه اضيع احلى سنين عمري و يا عالم لو حتى انا فباله اصلا ...
سلوى بامتعاض : يعني انتي شفتي مالك خاد خطوه ، ما هو رجل بتقدم و التانيه بتاخر ، اروح انا اطلب ايده يعني....
شيرين : لا طبعا ، بس لمحيله ، اديه الضوء الاخضر زي ما بيقولوا ، اصلا مش بعيد يكون هو حاسس بمشاعرك ناحية يحيى و يمكن ده اللي معطله انه ياخد خطوه
سلوى : مش عارفه ... انا فعلا بتعجبني فمالك رجولته و طيبة قلبه و اهتمامه بيا و خوفه عليا ...
قاطعتها شيرين : كووووول ده ، انتي بتقولي فيه شعر اهو ، تصدقي انا حاسه انك بتحبيه بس مش قادره تعترفي لنفسك انك كنتي طول السنين اللي فاتت عايشه فوهم ..
سلوى : وهم ايه يا فيلسوفه..؟
شيرين : وهم حبك ليحيى ... صعب اوي لما نضيع سنين من عمرنا مؤمنين بحاجه ، مش سهل علينا نيجي بعد كده و نعترف بغلطنا ، متكابريش يا سلوى ، و ادي اللي شاريكي فرصه ، تعرفي انتي اصلا ويحيى عمركو ما هتنجحوا مع بعض
سلوى بامتعاض : ليه بقى ؟
شيرين : عشان انتو الاتنين شخصيات قياديه ، يحيى طبعه حامي محتاج واحده تهاوده مش تُقفله عالواحده ، و انتي محتاجه راجل مَرِن ، و مالك شخصيته مَرِنه و متفاهم و مستعد يتنازل و....
قاطعتها سلوى : طب هس هس ، مالك اهو جاي ناحيتنا ...
تقدم مالك و الابتسامه تزين ثغره ، مالئة عينيه السودوان بدفء مطمئن ، اقترب من مائدتهما قائلا بحراره : عيد ميلاد سعيد لارق بشمهندسه فالدنيا....
ضحكت شيرين برقه و قالت : و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ...مش ترد السلام الاول
لكزتها سلوى ، لتقول شيرين : انا رايحه اشوف بنتي المفعوصه دي اختفت فين ..
نهضت من مقعدها ، ليقول مالك : ازيك يا بشمهندسه شيرين ، عاش مين شافك...
شيرين : انا كويسه ، و انت شكلك ميه ميه ، حلو اوي النيو لوك اللي انت عامله ده..
ابتسم مالك ، لتقول سلوى : لا ده من زمان ، مع اني ما زلت معترضه ، اللوك الكيرلي كان مخليك كيوت خالص على فكره ...
تنحنح مالك ، لتقول شيرين : لا بس لوك الجيش ده مديه هيبه ورجوله كده ...
مالك متصنعا الجديه : هريتو فروتي وانا واقف .. ثم أضاف بابتسامه : لاده فعلا هريتوا فروة راسي ...
ضحكت الفتاتان ، لتقول شيرين : طب عن اذنكو اما اشوف تالا فين ، و متنسيش يا سلوى تدي مالك حته من الجاتوه الاخضر ...ها....
رمقتها سلوى بنظره محذره ، لتنصرف مسرعه ...
جلس مالك على المقعد بجوارها قائلا بعد أن وضع صندوق مغلف بشرائط الهدايا على المائده امامهما : عقبال مليون سنه يا رب.
سلوى : ميرسي اوي ، تعبت نفسك..
مالك : طب افتحي و شوفي جبتلك ايه ...
فتحت سلوى الصندوق ، متفحصه محتوياته ، لتمسك بعقد ذهبي مزين بفصوص خضراء ، ترافقه اسوره انسيابيه تحتوي على نفس الفصوص ، لتقول : الله ، ده تحفه ، تسلم ايدك ، بس ده كتير اوي..
مالك : المهم يكون عجبك..
سلوى : طبعا ، ده رقيق جدا ، أنا هالبسه اهو
مالك بعد أن ارتدته : و لايق كمان عالفستان ..
ابتسمت سلوى : اه صحيح ، صدفه حلوه ، دلوقتي هيبقى تحفه فالصور...
مالك : امال امتى بقى هتقطعي التورته ..؟
ارتبكت سلوى و قالت : ها .. كمان شويه
ثم سألت متصنعه اللامبالاه : امال يحيى ..فينه عنك ..
تكدر مالك ، ثم قال محاولا اخفاء مشاعره : يحيى مقدرش يجي و بيعتذرلك ، و بعتلك دي معايا.
اخرج مالك من جيبه ، زجاجه من العطر ، قائلا : اتفضلي ..
سلوى بخيبه : متشكره ...
تنهد مالك ثم قال بتردد : ممكن اسألك سؤال خاص شويه ، ده لو مش يدايقك اني اتطفل على خصوصياتك..
سلوى: اتفضل طبعا ، تطفل ايه ده انا بقضي وقت معاك انت و يحيى اكتر ما بقعد هنا ويا اهلي و اخواتي...
مالك محاولا عدم الانزعاج من وضعها له في نفس الدرجه مع يحيى : من غير مقدمات ، بنت جميله و متعلمه وطموحه و ملتزمه و من عيله ، ايه اللي يخليكي لحد دلوقتي مش ارتبطتي و لا حتى بخطوبه .؟
سلوى و قد تذكرت كلمات شيرين و ما زالت متكدره من غياب يحيى ، و ارساله تلك الهديه العاديه.. اقتنعت بنصيحة صديقتها ..
قالت : يمكن مستنيه حد معين ، بس للاسف رغم كل الاهتمام اللي مبينهولي مش بياخد خطوه فعليه
مالك بلهفه : يعني لو الحد ده اتقدملك ، توافقي ...
ابتعلت سلوى ريقها ، فكلامه لا يحمل معنيين ، لذا عليها ان تقرر و بسرعه ، قالت بحرج : احتمال ...
ابتسم مالك ثم قال : انا عندي احساس انه قريب جدا هنسمع اخبار حلوه
ابتسمت سلوى بدورها و قالت : طب يلا خلينا نقطع التورته ..صمتت ثم أضافت بتوتر : انا عايزاك تكون جنبي و انا بقطعها السنادي ...
نهض مالك من مقعده متمتما في نفسه : و كل السنين الجايه ان شاء الله...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
قبعت ليلى في داخل الحمام ، منتظره ظهور النتيجه و الحزن يتملك كل ذره في جسدها ، معلنا نفاذ مخزون الصبر لديه ، لم يعد باستطاعتها تحمل المزيد ...
قرع كِنان الباب متسائلا : الله يا ليلى ، مالك طولتي اوي ...؟
ليلى بعد أن مسحت دموعها : ثواني يا كِنان ..
اتتها النتيجه ايجابيه ، لتخرج من الحمام ، راسمه ابتسامه عريضه على شفتيها : مبروك يا كِنان ، هتبقى اب للمره التانيه ، الف مبروك...
ابتسم كِنان ، ثم احتضنها بحب قائلا : مبروك علينا يا احلى ماما فالدنيا ...
ليلى : طيب انا هاروح اشئر على يامن و بعدين هاحضرلك العشا..
كِنان بتردد : استني ..
ليلى : مالك يا كِنان، انت مش مبسوط بالبيبي الجديد !
كِنان : ده كلام يا عبيطه ، انا هاطير مالفرحه ..
ثم أضاف :اعدي انا عندي حاجات حصلت فالشغل...
ليلى بعد ان جلست بجواره على حافة السرير : خير يا حبيبي ، حصل ايه .؟
كِنان : انا هاتنقل تاني ..
ليلى : قول تالت رابع ... انا تعبت اوي يا كِنان من عدم الاستقرار ده..
كِنان : طب اعمل ايه ، هو ده شغل الصحافه ...و بعدين مجبر اخاكي لا بطل ، محدش هيوظف مصري في دوله اوروبيه زي هنا ملانه كفاءات ، احنا نحمد ربنا اني توظفت في قناة الحقيقه قبل ما يحصل اللي حصل و لا كنا زمانا متلطمين هنا وعايشين عالاعانات بتاعة الدوله...
ليلى : طب ليه منرجعش مصر بقى ، ده فات خمس سنين ، و معتقدش ان بابا قلبه قاسي اوي للدرجادي و هينفذ تهديده ..ده بقاله حفيد يا كِنان...
كِنان : وكلام ديما ، نرميه البحر يعني ، اخر مره اتكلمنا معاها برده قالت ان ابوكي لسه مش مسامح ، لسه بنفس العقليه ، و الادهى عمك و ابن عمك مستمرين لغاية انهارده بيقوموه عليكي ، انا مقدرش اجازف بيكي
يا ليلى ، وانتي كمان ارجوكي فكري فابننا يامن و في اللي جاي فالسكه ..
ليلى بنفاذ صبر : طب سبني اكلم يحيى حتى ، انا عارفه يحيى و تفكيره عمره ما هيكون بعقلية بابا واهل البلد
كِنان بهدوء : منقدرش ، اكيد هايصعب عليه اهلك و اخوه ويمكن يضعف و يقولهم ، مقدرش اخاطر ..
ليلى : يعني ايه ، هافضل كده لباقي عمري، انا تعبت يا كِنان نفسي اشوف اهلي ، اكلمهم حتى ..حرام عليك
كِنان بحب : حرام عليا ، ربنا يسامحك يا ليلى ، انت عايزاني اسلمك للموت بايديا، احنا نصبر، نصبر يا ليلى لغاية اما ربنا يحنن قلب ابوكي ، لغاية اما نتأكد ..
قاطعته ليلى : عمرنا ما هنتأكد ...
ليقاطعها كِنان : مش صحيح ، انا حسيت من كلام ديما اخر مره ، ان ابوكي صحيح لسه مصمم عاللي فدماغه بس فنفس الوقت مرتاح انك بعيده و انه مش هيضطر ينفذ كلامه، يعني هانت يا ليلى ، الزمن اكبر مداوي للجروح ، نصبر شويه لغاية اما يقتنع فعلا ..و ساعتها محدش يقدر يأثر عليه و يخليه يغير رأيه ..انا اكتر حاجه مخوافاني زن ابن عمك ، اصل اللي بعقليته عمره ما هيسامح بحاجه زي دي ..
ليلى و قد شعرت بتأنيب الضمير لانفعالها على زوجها المحب ، و المعاني ايضا من مرارة الغربه ، و المبتعد عن اخوته و خاصه فاتن المقيمه في مصر ، لقد رأت في عينيه مرات عده خوفه وقلقه عليها ، عدا عن تأنيب ضميره لتركها وحيده في مصر دون أي سند حقيقي ، حتى و ان كان يتكفل بمصاريفها و متطلباتها الماديه ، لا يعني هذا ان الوضع صحيح .. ولكنه تخلى عن كل مسئولياته و احلامه من أجلها ، رضي أن يعمل بوظيفه اداريه تاركا الميدان ...و الكثير الكثير من التضحيات ..
قالت ليلى : انا اسفه انفعلت عليك ، بس غصب عني
كِنان : و لا يهمك...
ليلى : طب ها هنلم شنطنا و رايحين فين المرادي..؟
كِنان : فلسطين ، بس مش عارف فين بالظبط الضفه او القطاع لسه معرفتش
ليلى : طب كويس اهو بلد عربي علاقل ، لكن الوضع عندهم عامل ازاي؟
كِنان : حاليا مستقر يعني مفيش خوف..
تنهدت ليلى : مش عارفه يا كِنان ، بس الواحد ميضمنش الاسرائليين دول..
كِنان بتردد : اصل هارجع هناك اشتغل فالميدان ، صحيح مش هاطلع فالتلفزيون ، بس هاعد التقارير و هيكون العائد المادي اكبر بكتييير، و احنا محتاجين الفلوس ، زي ما انتي شايفه في عتريس تاني جاي فالسكه
ابتسمت ليلى مفكره في نفسها : " و كمان تجهيز فاتن ، دي خلصت كليه و اكيد هتفكر تتجوز "
ثم قالت : ربنا يستر ، بس مش عارفه ليه قلبي اتقبض كده !
كِنان : عموما لو حصل اي حاجه ، نقدر نخرج من فلسطين بكل سهوله ، انا وقت الحرب اللي فاتت اصريت اني افضل هناك برغبتي ، لكن كل الجنسيات التانيه غير الفلسطينين بيقدروا يخرجوا عن طريق طواقم الامم المتحده ، اللي بتعمل ممر آمن ليهم...
ليلى : طب الحمد لله ، كده طمنتني ، واهو نبقى على الاقل قريبين من ريحة الحبايب..
كِنان متنهدا : معاكي حق ، بلدنا وحشتني عالاخر كل شبر فيها....
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
جلس الحاج عبدالرحمن على شرفة منزل عائلته المتوارث منذ أجيال ، فوالده الحاج رضوان ورثه بدوره عن والده ، و لم يكن المنزل هو المتوارث الوحيد ، بل العموديه أيضا ، فجده و أباه احتلا هذا المنصب ، و بعد وفاة والده تولى أخاه الكبير عزالدين العموديه ، و لكنه و منذ سنوات افتقد الدفء و الطمأنينه التي كان يبثها منزلهم و بلدتهم في نفسه .
تنهد عبدالرحمن و تمتم : ربنا يسامحها على اللي عملته فينا.
و لكن هل سيسامحها أخاه ، ربما الهته حالته الصحيه السيئه عن التفكير بما حدث منذ فتره ، وماذا عن ابن أخيه الذي يستعد استعدادا حثيثاً للترشح في الانتخابات القادمه ، هل سيرمي بالموروثات و المعتقدات الباليه خلف ظهره...
ضحك ساخراً من نفسه : مش كنت أنا أولى إني أرميها ورا ضهري .
دلف إلى الداخل متكزا على عكازه بعد اصابته في جلطه في قدمه ادت الى تعثر سيره بشكل طبيعي ، و اتجه إلى غرفة الضيافه حيث يجلس أخاه مع بعض أعيان البلده.
فور دخوله ، حيّاه تميم ابن أخيه و قال : مرحب مرحب بعمي ، اتفضل.
شكره عبدالرحمن و اتخذ مقعداً بجوار أخيه الذي حياه قائلاً : مرحب بأخوي...
أحضر تميم فنجاناً من القهوه لعمه و جلس بجواره ، ثم قال : ايه يا عمي ، لسه مفيش أخبار عنها...؟
قال عزالدين : و بعدهالك يا تميم ، قلنا بلاش السيرة دي.
قال تميم : بلاش ايه يابوي ، ده شرفي و اسمي ، ازاي الناس هنا هاتحترمني و...
قاطعه عبدالرحمن قائلا : متنساش اللي بتتكلم عليها دي تبقى بنتي .
قال تميم : معلش يا عمي ، بس الحاجات دي ميتعملش فيها خاطر لحد.
قال عبدالرحمن بعتاب : كده يا ابن أخويا .
قال عزالدين بحده : كفايه كده ، سبنا دلوقت يا تميم ..
انصرف تميم ليعاود الاشراف على حملته الانتخابيه
قال عزالدين : أنا مش عارف مخه هتوديه لفين الواد ده.
قال عبدالرحمن : ربنا يهديه و يريح بالي يا أخويا .
أومأ عزالدين برأسه قائلاً : آمين آمين .....
تنهد عبدالرحمن فلقد حضر إلى هنا ليريح أعصابه من صخب المدينه ، ولكن على ما يبدو صخب بلدته الصغيره بموروثاتها و معتقداتها أشد من ذلك الذي تركه خلفه ....
قال عبدالرحمن مباغتا : تفتكر لو ليلى رجعتلي تاني ، هيجيني قلب و ..
قاطعه عزالدين : الحاجات دي مفيهاش قلب خالص يا اخويا ، ده اسمنا و شرفنا ، انا مبحبش حمقة تميم و تسرعه لكن ده ميمنعش ان عنده حق ، خليك فاكر الليله اياها و عملتها السوده ...
عبدالرحمن بضعف : و الله ما انا عارف ، يمكن ربنا ليه حكمه اننا لحد دلوقتي منعترش فيها...
عزالدين : مسير الحي يتلاقي يا اخوي..
عبدالرحمن : عندك حق ، مسير الحي يتلاقى ...
ثم أضاف : صحيح كنت هانسى انا جاي هنا مخصوص عشان ايه
عزالدين : خير ..؟
عبدالرحمن : شقتنا القديمه ، جارنا الاستاذ منير عرض علينا يشتريها ، و شكله محتاج يجوز حد من ولاده حاجه كده ، وانا قلت ليحيى انت مش هتعارض معدلهاش لزوم عندنا ..
عزالدين : طيب انا هادي تميم خبر و يروح يقابل منير و يتفقوا على كافة شيء
عبدالرحمن : طب خليه يبلغ يحيى بالتفاصيل اول باول
عز الدين : و لا يهمك
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
في طريقه الى المكتب ، تحلق حوله مجموعه من الأطفال الذين تترواح اعمارهم ما بين السابعه و العاشره..
تأفف تميم مسرعا في سيره ، ليبدأ الاطفال في اطلاق النكات : اهو اهو عريس من غير عروسته اهو..
زج تميم على اسنانه ، فإن كان كبار البلد يخشون ذكر تلك الحادثه المشئومه امامه ، الا أنها ما زالت محط أحدايثهم و مسامرتهم اليوميه فا هي تنتقل من جيل لاخر ...
تمتم بغضب : مسير الحي يتلاقي و ارد اعتباري يا ليلى ال*****
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
نزلت فاتن من الباص متوجهه الى البيت ، بعد يوم ناجح في عملها الجديد ، ارتسمت الابتسامه على شفتيها طوال الطريق المؤدي الى البنايه التي تقطن بها مع داده رقيه ...
على مدخل البنايه ، صعدت الدرجات بسرعه كبيره ، مما اخل بتوازنها ، كادت تسقط ارضا ، لولا مساندة احدهم لها ..
وقفت معتدله ثم استدارت لتشكر منقذها ، ابتسمت حين رؤيته : متشكره اوي يا استاذ مالك...
ضحك مالك ثم قال : على فكره انا مهندس مش استاذ ، بس سبحان الله دايما بتنسي ، الظاهر عندك حاجه ضد المهندسين !
ارتبكت فاتن متذكره يحيى لاارديا ، ثم قالت : لا ابدا ، زي ماقلت بنسى يا بشمهندس
مالك : و كمان بتنسى ، اتفقنا من غير القاب ...
ضحكت فاتن برقه : طيب طيب ، متشكره يا مالك ، كويس كده ؟
مالك مدعيا التفكير : اممم مش بطال ...
ضحكت فاتن مره اخرى ثم قالت : البنات قالوا انكو هتنقلوا قريب..صحيح...؟
سارا جنب الى جنب باتجاه المصعد ، ليقول مالك : دعواتك ، الست الوالده ترضى علينا و تديني بركتها
فاتن : ربنا يسهل..
دلفا الى المصعد ، ليقول مالك بتردد : على ذكر ماما ، كانت قالتلي انك بدوري على شغل ...
قاطعته فاتن بجديه : و الحمد لله لئيت شغلانه كويسه اوي ..
مالك : طب الحمد لله ، عموما احنا عندنا فرع جديد هيتفتح و محتاجين ناس كتير ..
لتقاطعه فاتن مره اخرى : زي ما قلت يا بشمهندس الحمد لله حاليا بشتغل و انا شخصيا بحب اخد الحاجه بمجهودي مش بحب الوسايط والكلام ده ، و متشكره جدا ..
فُتح المصعد لتخرج فاتن مسرعه ، ليتمتم مالك : شكلها حمئيه اوي ، ما كل الشغل دلوقتي بوسايط..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
قال مالك بعد انتهائه من تناول العشاء و على شرفة شقتهم بحضور والدته اسماء ووالده الحاج كمال : انا ان شاء الله و اخيرا قررت ان حان الوقت و ....
قاطعته والدته بفرحه : تخطب و تتجوز ، صح يا بني صح ؟
مالك ممازحا : لا يا حاجه ، حان الوقت اني اقولك السر الخطير اللي مخبيه عليكم بقالي فتره كبيره...
اسماء بخضه : يا نهار ابيض سر ايه..
كمال : هتفضلي طول عمرك على نياتك يا حاجه ، و انت الاخر بطل هزارك ابو دم تقيل ده...
اسماء : دمه تقيل ايه ، ده على البي زي العسل ..
مالك : تُشكري يا اجمل ام فالدنيا ، و والله ما انا كاسفك ، خلاص هاخطب و اتجوز كله الا كسفتك ..
اسماء لزوجها : ترجم يا حاج بقى ، ده بيتكلم جد و لا هزار ؟
كمال : لا ده شكله جد ، و عايزنا ندورلك على عروسه و لا شئطتلك واحده..
هتفت اسماء بانزعاج : حاج ...ايه الالفاظ دي ..
مالك : جرى ايه يا بابا ، نحن مش لوحدنا ..في انثى رقيقه بالجوار..
كمال : معلش يا بني القعده عالقهوه ، بتخلي الواحد يقول حاجات.....نهايته مين بقى سعيدة الحظ ؟
مالك مناورا : لما ننقل من هنا ، يبقى نتكلم فالتفاصيل
اسماء بعتاب: بتمسكني من ايدي اللي بتوجعني يعني ، طب خلاص انا موافقه و من بكره لو تحب...
مالك : ايوه كده ، بس برده لازم اشوف بعيني ، بعدين تدحلبي و توقعيني فالكلام وبعدين تخلي بيا
اسماء : شوفوا الواد و عمايله
كمال : مش ده اللي على قلبك زي العسل . ..
لم يشأ مالك ذكر التفاصيل ، حتى يطمئن على موافقه سلوى اولا و التي لمحت له بذلك مما جعله يطمئن و لكن تبقى موافقة عائلتها ، فلا داعي للاستعجال و اخبار والدته الان...
قالت اسماء بعد انصراف والده : مقولتيش عملت ايه فموضوع فاتن..؟
مالك : صحيح ، انا لسه مكلمها فالاسانسير و قالت انها بتشتغل ...شغلانه كويسه كمان
اسماء : غريب ، رقيه مقلتش كده
رفع مالك كتفيه : يمكن لسه اتعينت جديد..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
يحيى : ايه يا ست الكل ، الحاج وحشك باين ..؟
ابتسمت خديجه و تنهدت : اااااه ... ناس كتير اوي وحشاني...
فهم يحيى مقصدها و لكنه اثر الا يزيد تكدرها بذكر ليلى ، فقال محاولا ابهاج والدته : طب انا عندي ليكي خبر حلو جدا..
خديجه : خير يا بني ...
يحيى : انا قررت اني اكمل نص ديني باذن الله
خديجه : بجد يا بني ، دي راويه هتفرح اوي ، استنى اما اكلمها و ابشرها
يحيى مصعوقا من سرعة تصرف والدته ، امسك منها الهاتف مانعا اياها من محادثة خالته : مش ديما يا ماما مش ديما..
خديجه بخيبه : و ليه يا بني ، هي ديما تتعيب فحاجه !
يحيى : لا طبعا ، بس هي زي اختي تمام..
خديجه بفتور : امال مين ؟
يحيى : سلوى
خديجه بتفكير: دي اللي جات مره هنا تطمن عليك اما كنت عيان ، صح .؟
يحيى : هي بعينها ، سلوى منصور !
↚
¤ كيفَ السبيل إلى نسيانِك ¤
------------------------------------------------------
الزواج مؤسسه قائمه على اختيارنا بالعقل ، ومن ثم تأتي الموده و الرحمه ، هذا ما فكره يحيى في طريقه الى مكتب سلوى لطلب الزواج منها ، لقد فكر جيدا ، سلوى فتاه ذات اخلاق عاليه ، و من أسره طيبه ، متعلمه ، طموحه ، جميله ، يعرفها منذ سنوات خلت ، و طوال تلك السنوات لم يلمس بها صفه سيئه ، ربما أزعجه من وقت للآخر حبها الشديد لتولي دوما دفة القياده و لكن هذا على الصعيد العملي ، ربما في حياتها الشخصيه ستترك مساحه للرجل بتولي مهمته الفطريه....
ثم تذكر اعترافها بمشاعرها ناحيته حينما كانا زميلين في الكليه......و هذه نقطه اخرى ستُسهل مهمته ..
ثم تمتم : مع انه مش اكيد انها لسه عندها نفس المشاعر ، هيكون افضل برده ، جواز العقل ينجح اكتر مالحب
طرق الباب متنهدا ، ليأتيه صوتها الجاد : اتفضل..
فتح الباب و دلف الى الداخل، تاركا الباب مفتوحا ، و مترددا بعض الشيء ، و لكنه سرعان ما نحى التردد جانبا ، فاختيار العقل لا يخطىء ابدا ، لِمَ يورط قلبه في الموضوع ، لقد ذاق مرار الحب مره واحده وكفى ، و هنا حتى و إن لم يكلل زواجهما بالنجاح " لا سمح الله " ...لن يُعاني الامرين كما عاني في حبه ، فمن السهل ترويض العقل و تعويده على حذف الاشخاص الغير مرغوبين من حياتك ...
أما عن القلب ، فهيهات ...!
سلوى بابتسامه : خير يا بشمهندس ..؟
يحيى : كل خير ان شاء الله ، اتفضلي اعدي..
جلست وجلس بدوره ، ليقول مبادرا : من غير مقدمات كتير ، انتي انسانه جميله بروحك قبل شكلك ، خلوقه و متميزه مش بس فشغلك كمان في نشاطاتك بره الشغل ، ملتزمه ، شغوفه مش عارف اقول ايه تاني ، فيكي حاجات جميله كتير ، و انا يسعدني جدا لو قبلتي طلبي انك تكوني زوجتي على سنة الله و رسوله...
ظهرت المفاجأه على محيا سلوى ، ليقول يحيى : انا مش عايز رد دلوقتي ، خودي وقتك و فكري ، و ان شاء الله لو حصل قبول من ناحيتك هاجي بيتكم مع اهلي و نطلبك رسمي...
لم تصدق سلوى ما سمعته أذناها ، هل نطق بتلك الكلمات حقا ، هل طلبها للزواج ، حب العمر ، بل حلم العمر كله تحقق ، و بعد ماذا ، لقد يئست تماما و لم يتبق لها أي أمل ، ليفاجئها بطلبه ، وبدون اي مقدمات كما ذكر لتوه ، حاولت السيطره على فرحة قلبها الذي اخذ يدق طربا و احتفالا بتحقيق النصرو اخيرا ، حصلت عليه ، حصلت على يحيى ....
تمتمت في نفسها : يااااااااه ، ده انا عايزه الدنيا كلها تعرف...
سلوى دون تردد : مش محتاجه وقت افكر..
يحيى بابتسامه : و دي حاجه كويسه و لا ازوء عجلي انا بقى ...؟
ابتسمت سلوى : انا موافقه و جدا كمان...
يحيى و قد أقلقه ردها السريع : انتي متأكده..؟
سلوى بحرج بعد أن ادركت بأنها بدت ملهوفه للغايه : اقصد يعني...
يحيى رافعا عنها الحرج : فاهم قصدك ، و انا مبسوط جدا انك ريحتي دماغي مالتفكير ، و خلاص خير البر عاجله ، اديني رقم بابا ، عشان اكلمه و نحدد معاد ان شاء الله
تكدرت سلوى من جملته الاخيره ،هل اختارها بعقله فقط !
نحت عنها الافكار المحبطه و قالت : اوك ، اديني الفون بتاعك اسجلك رقم بابا...
يحيى مخرجا هاتفه : اتفضلي..
قال مالك الواقف بالباب : معاد ايه ده بقى ؟
نهضت سلوى من مقعدها ، قائله دون تفكير: باركلنا يا مالك ، كلامك طلع مزبوط ، و هتسمع اخبار حلوه جدا...و لا انت يمكن عرفت ..؟
نظرت باتجاه يحيى : ده انت اكيد قولتله اول واحد....
مالك بريبه : يقولي ايه ، انتو هتنقطوني ..، ما تقولوا اللي عندكو.!
سلوى بفرح : يحيى طلب ايدي للجواز...
ابتسم يحيى ناظرا لصديقه مالك : و الحمد لله وافقت ، و عشان كده المعاد ، مع والدها عشان اطلب ايدها رسمي ...
صمت مالك ، ليقول يحيى الذي لم يدرك يوما حقيقة مشاعر صديقه تجاه سلوى : ايه مش هتباركلنا ؟
امتقع وجه سلوى ليصبح مطابقا لوجه مالك ، فلقد ادركت انها ارتكبت خطأ جسيما بحقه ، فالبارحه فقط كانت تلمح له بموافقتها على ارتباطهما ، و لكن فرحتها بتحقيق حلم العمر أنستها مالك و كل ما يخصه ، لتطلق فمها مثرثره و معبره عن سعادتها المفرطه..
مالك باقتضاب : الف مبروك ، ده فعلا احلى خبر سمعته من فتره...
نهض يحيى مقتربا من صديقه ، ليصافحه مربتا على كتفه : نحن السابقون ، شد حيلك بقى ، عايزين عيالنا يلعبوا مع بعض و يخشوا المدارس سوا ...
مالك و قد صوب لسلوى نظره قاتله : قريب .. قريب جدا ، انا كنت فعلا بفكر فالموضوع ده من فتره ..
يحيى وقد رن هاتفه : طب تمام ، انا مضطر امشي عشان المكالمه دي ...
ثم استدار قائلا لسلوى : باذن الله هاكلم باباكي بعد ما اخلص شغل ..
سلوى باضطراب : اوك
غادر يحيى ، لتقول سلوى : مالك انا ...
مالك بمراره : هاتبقى زوجه اعز صديق عندي ، انا بجد فرحتي متتوصفش !
سلوى : مالك ..ارجوك...
مالك رافعا يده ليوقفها عن الحديث : انتي مش محتاجه تبرريلي حاجه ، والف مبروك ليكم ...
غادر بعد أن أطبق الباب بعنف لا داع له ، لتجلس سلوى على مكتبها مرتبكه و بشده ...
لم تقو على الانتظار ، طلبت رقم شيرين لتخبرها الانباء السعيده ، و لتنفث قليلا من ارتباكها الذي لا مبرر له
على الهاتف و بعد ان تلقت الخبر ، هتفت شيرين : مش معقول ، كده بدون أي تلميحات..؟
سلوى : زي ما بقولك يا بنتي ، انا نفسي لغاية دلوقت مش مصدقه
شيرين : يبقالك عندي حق عرب ، انا طلعت غلطانه بقى ..
سلوى بتردد : و مالك كمان عرف وباركلنا...
شيرين موبخه : يااا قلبك ... قولتيله كده بسرعه..!
سلوى بحسره : جت صدفه والله ما قصدي اذي مشاعره
شيرين : تاذي مشاعره ، اسمعي لهجتك دي مش عجباني..
سلوى : تقصدي ايه ..؟
شيرين : مقصدش ، بس خلاص طلعي مالك من حساباتك لا تفكري فيه و لا مشاعره ..فهماني؟
سلوى : ده بس صعبان عليا مش اكتر ، لو شفتي وشه كان عامل ازاي..
قاطعتها شيرين : سلوى قولنا ملناش دعوه بيه ... لا بوشه و لا قفاه ...ها يا حببتي
تأفتت سلوى من اسلوب صديقتها ، فكل ما أرادته أن تزيح قليلا من تأنيب ضميرها تجاه مالك عن كاهلها ، ليس أكثر ، أغلقت الخط ، ثم هاتفت والدتها لتزف اليها الخبر السعيد..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
عاد مالك إلى مكتبه مكلوما في قلبه ، لقد تلاعبت به حقا ، تصاعد الغضب في نفسه ثائرا لكرامته ، وقرر" أنا مش لازم ابين كسرتي زي ما عملت قبل شويه ، لازم تعرف اني شلتها خالص من حساباتي ، ايوه ، تروح هي ، يجي بدالها الف ، و كله على سنة الله و رسوله ، زي ما باعت لازم ابيع و افوق لنفسي ، ده انا عندي 27 سنه ،هاستنى ايه ، لو كنت اقدر احب غيرها كنت عملتها من زمان و خلاص مش لازم جواز بالحب ، المهم تعرف اني نسيتها و اشوف حالي انا بقى و افرح اهلي "
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
نزل تميم من شقة الاستاذ منير غاضبا من تعنت الرجل في السعر المطلوب و الذي قيّمه هو شخصيا كثمن للشقه ، اراد مهاتفة يحيى و اخباره بالتفاصيل كما وعد عمه عبدالرحمن و لكن وجد هاتفه مغلق...
بحث في جيبه عن علبة السجائر ، فبعد الجدال الطويل مع منير ، احتاج ان ينفث عن ضيقه ، و لكنه وجدها فارغه.
تمتم : مش وقته ، اما اشوفلي كشك قريب
جالت عيناه في المكان ، و لكنه لم يجد اي كشك بالجوار ، سار عدة خطوات ليلمح عن بعد احد السوبرماركتات الكبيره ، استقل سيارته و بعد دقيقتين كان امام المبنى
دلف الى الداخل ، ليفاجىء بمساحة السوبرماركت الكبيره ، و تأفف : لسه هادور السجاير فين ...
توجه عند الكاشير ، ثم قال للفتاه التي تقوم بمحاسبة احد الزبائن : هاتيلي علبة سجاير اوام ...
قالت الفتاه غير عابئه بالنظر اليه : حضرتك السجاير ، اخر سطر عاليمين...
انزعج تميم من تجاهلها طلبه ، فقال بحده : ايه قلة الذوق دي ، خدامين و بتتكبروا عن شغلكم..
رفعت فاتن عينيها اخيرا باتجاه الزبون الغاضب بعد ان اتمت محاسبة الزبون الاخر ، لتقول : احترم نفسك يا حضرة
تميم و قد راقت له ، لذا اراد ان يطيل الجدال معها : طب اسمعي الكلام و روحي هاتي البتاع اللي طلبته..
عقدت فاتن ذراعيها امام صدرها : مش شغلي اخدم احضرتك ، وظيفتي هنا احاسب و بس!
تميم و قد ذكره تحديها بعروسه الهاربه : طب انا داخل اشتكي للمدير يا حضرة المش خدامه
فاتن : ايه الارف ده...!
الفتاه بجوارها : يا بنتي كنتي جبتي العلبه ، دلوقت المدير هيهزأك ادامه ..
فاتن : ليه لن شاء الله ، انا مغلطتش ..!
الفتاه : مسمعتيش عن سياسة الزبون دائما على حق ..
بعد دقائق استدعاها المدير رؤوف الى مكتبه : انسه فاتن ..
رمقت تميم بنظرة ازدراء ثم قالت : افندم استاذ رؤوف
رؤوف : يا ريت حضرتك و حالا تجيبي طلب الاستاذ ..
فاتن : بس حض..
قاطعها رؤوف : بدون كتر كلام ، اتفضلي بسرعه ...
تجمدت فاتن للحظات ، شاعره بالقهر الشديد ، ثم غادرت مرغمه خوفا من ان تفقد وظيفتها ، خاصه بعد اخبار كِنان لها البارحه بنقله الى فلسطين و ايضا بانتظارهم لطفل جديد ، مما يعني مصاريف اكثر ، لذا ترجته أمس ان يتوقف عن ارسال المال لها ، فلقد امنّت وظيفه جيده ، صحيح ان كِنان رفض ذلك ، و لكن لا يعني انها ستقبل بالاثقال عليه اكثر من هذا ...و هي الداريه بضيق الحال ، فبعد اصرار الداده رقيه على مكوثها في شقتها ، قام كِنان بتوكيلها بتاجير شقته ، لتدر عليه دخلا اضافيا خاصه مع اقامته في احد الدول الاوروبيه ذات مستوى المعيشه المرتفع ، و الان ايضا الحال الاقتصادي بفلسطين ليس جيدا كما تسمع دوما في الاخبار ...
احضرت علبة السجائر ثم دلفت حيث المدير بانتظارها ، و قالت من بين اسنان مطبقه : اتفضل ...
تناول تميم منها العلبه قائلا : ما كان مالاول
ثم اخرج من جيبه بضع من الجنيهات و قال : خلي الباقي عشانك ...
رؤوف : شرفتنا يا استاذ تميم ...
خرجت فاتن ، ليقول تميم : احم متشكر ، ممكن حضرتك تديني معلومات عن البنت دي ،و متفهمنيش غلط انا قصدي شريف
رؤوف مناورا : و الله دي اتوظفت جديد، و اسمها فاتن ..ده اللي اعرفه
تميم : طب متشكرين يا استاذ رؤوف
خرج تميم و مازالت صورة و اسلوب تلك الفتاه مؤثرا فيه و بشده ، فجمالها آخاذ ، كما ان تعاليها عليه قبل قليل جعله ينجذب لها بصوره كبيره
و تمتم : مطلتش اربي ليلى ، لكن دي سهل اربيها ، شكلها بنت ناس على اد حالهم ، بس نشوف سكتها ايه تقضيه و لا هتقولي حلال و حرام ووجع النافوخ ده...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
جلس يحيى برفقه والديه ، في فيلا منصور ، حيث استقبلهم والد سلوى ، السيد محمد منصور ، و زوجته هويده واخويها رائد و عادل ...
بعد ان ابدى والد سلوى مباركته على خطبة ابنته ليحيى ، قالت والدتها هويده : بس احنا مش عايزين الفرح كده على طول ، عايزين وقت نتعرف على بعض ...
سلوى متدخله : بس يا ماما ، انا ويحيى نعرف بعض من زمان ...
قاطعتها هويده : اقصد كعيلتين ، الزواج مش بس واحد وواحده ، ده اسرتين هيتعاملوا مع بعض كتير ، فالاعياد و المناسبات و المشاكل اليوميه ...لازم ناخد وقت كفايه عشان نقدر هل هيحصل توفيق او..
محمد : ان شاء الله كل خير ، و انت يا بشمهندس مفيش داعي للاستعجال ، انا بقول فتره 6 شهور كفايه للخطوبه ، و لا انت ايه رايك يا حاج عبدالرحمن ...؟
خديجه بضيق : 6 شهور ده ايه ، هتتعرفوا عليه و لا هتعملوله ...
عبدالرحمن مقاطعا : و الله الراي راي يحيى
يحيى : اللي تشوفوه مناسب ، انا معنديش مانع ...
تم الاتفاق على كافة التفاصيل المتعلقه بالخطبه ، ليخرج يحيى مع والديه موصلا اياهم الى المنزل..
قالت خديجه بعد وصلوهم الى الفيلا خاصتهم : ياااباي عالوليه امها...دي ..
ضحك يحيى و سأل : مالها مدام هويده بس يا ست الكل ؟
خديجه : يعني مناخيرها كده فالسما ، ال ايه محتاجين نتعرف على بعض ...
يحيى : معلش يا ماما ، بنتها الوحيده و خايفه عليها و عايزه تضمن انها هتعيش مرتاحه
خديجه بامتعاض : ده انت جاهز من مجاميعو وزياده ، يعني هتعيش مرتاحه و ست الستات
يحيى : انا مقصدش الماده ، اقصد العيشه نفسها الناس اللي حواليها ، الحاجات دي مهمه جدا لنجاح الزواج مش بس الماديات...
خديجه : طيب يا بني ، الف مبروك ، ومتنساش تكلم لؤي عشان ينزل و يحضر خطوبتك ...مش كفايه ليل..
تلعثمت خديجه ، ثم انصرفت متعلله بالتعب
يحيى متمتما : مش كفايه ليلى غايبه ، ما تقوليها يا امي ، مش عارف منين جتك القسوه دي كلها..
أضاء هاتفه برساله ، قرأها ليتضح أنها من مالك يطمئن به على المقابله
يحيى برساله على مالك :" الحمد لله ، تمت الموافقه ...و حددنا معاد حفلة الخطوبه كمان "
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
صعدت خديجه مسرعه الى غرفتها ، اقفلت الباب باحكام ثم سمحت لدموعها بالانسياب ، اتجهت الى الخزانه حيث خبأت الحقيبه التي احضرها يحيى من الشقه القديمه
اخرجتها ووضعتها على الارض ثم جثت بجانبها ، فتحتها و طالعت محتوياتها ، محتضنة اياهن قطعه تلو الاخرى....
تنهدت ببكاء : يا ترى انتي فين يا ليلى ...كلهم فاكرين ان قلبي قسي عليكي ، بس قلب الام عمره ما يقسى ، بس اعمل ايه ، بعادك اهون من انك ترجعي طول اما ابوكي ....
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أغلق مالك هاتفه بعد أن بارك ليحيى خطبته ، مباركه خاليه من النوايا الحسنه ، فلقد تمنى قبل قليل أن يحدث شيء او اعجوبه و يرفض والديها طلب يحيى ، و لكن الان عليه أن يكون مخلصا في نواياه تجاه صديقه المقرب ، فلا ذنب له في مشاعره ...
دلفت والدته الغرفه قائله : انا شفت النور والع قولت اجي اطمن عليك ، ها ايه اخبار العروسه ؟
مالك بتلعثم : عروسه ايه دي يا ست الكل ؟
اسماء : انت مش قولت هتخطب قريب و لئيت بنت الحلال ...
مالك : لا يا امي ، انا نويت اخطب فعلا ، بس لسه بدور على بنت الحلال..
اسماء بلهفه : عندي يا حبيبي ، عندي..
مالك مبتسما : مين يا ست الكل ...؟
اسماء : بنت خالك ، مروه ، قمر و مؤدبه و ست بيت درجه اولى ، و من توبنا
مالك معترضا : قرايب لا يا ماما...مش بحب جواز القرايب ده
اسماء : ليه بس يا بني ؟
مالك : يعني مشفتيش كم المشاكل اللي حصلت في جوازة اختي من قُريب ، و من مين ابن عمنا ، لالا.. ده بتحصل تدخلات كتير اوي و الكل عشمان و حكاوي انا مش بستريحلها..
اسماء : يا بني اللي نعرفه احسن من اللي منعرفوش ، و انت بسم الله ما شاء الله ربنا فتحها عليك ، و هتلاقي اللي طمعانين فيك كتير، يبقى ناخد حاجه مضمونه ..
مالك : هي جوازه و لا صفقه يا حاجه ، بس معاكي حق انا مش عايزه واحده كل اللي يهمهما العريس الجاهز اللي معاه شقه و يقدر يجيب شبكه حلوه و الكلا م ده عايز واحده تعيشها معايا عالمره قبل الحلوه...
اسماء بالحاح : طيب مروه يا بني فيها كل ده..
مالك بتصميم : قولتلك يا امي كله الا جواز القرايب ارجوكي...
اسماء بعد تفكير : طب ايه رايك في فاتن ، قريبه الست رقيه ، برده جميله و مؤدبه ، و عينها مليانه ..
مالك مقاطعا : فعلا عنيها مليانه ، دي رفضت اتوسطلها عندنا فالشركه و باصرار غريب
اسماء : اه ، بنت كده عندها كرامه ، بس الحلو ميكملش...
مالك : ليه يا امي ...؟
اسماء : يعني مش عارفينلها اصل من فصل ..
مالك متذكرا : انتي عارفه.. سيبك من فاتن ، انا جه في بالي حد مناسب اكتر بكتييييير
اسماء : مين يا بني ...؟
مالك مفكرا : اما اجس النبض الاول و بعدين هاتعرف كل حاجه يا جميل..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
ديما باستعجال : ياماما يلا بينا ، بابا بيستنانا فالعربيه بقاله ساعه ..
راويه و هي تعدل حجابها : ساعه يا مفتريه ، اه بس تيجي عند الهيافه و تتصدري...
ديما باستنكار: هيافه ايه بس اللي بتقولي عليها دي !
راويه بحرقه : ضيعتي الواد من ايدك ، اما دلوقتي فالحه تتسربعي عشان و لا بلاش...
ديما : اضيع مين بس يا امي ، يحيى عمره ما كان هيتقدملي ، علاقتنا طول الوقت اخ كبير باخته الصغيره ، و بعد اللي حصل مع ليلى ، بحسه فعلا شايفني اخته تمام ، كأنه يا عيني بيعوض غيابها بيا ، انتي بس و خالتو فسرتوا اهتمامه و حبه ليا بطريقه غلط ، متنسيش هو كان قريب جدا من ليلى و غيابها كسرو جامد..
راويه بحزن : اه يا حبيبي ، ده معدش زي الاول ، دايما في كسره في نظرته كده
ديما محاوله تلطيف الجو: طيب يا ست امينه رزق ، سي يوسف وهبي مستنينا تحت ، يلا اوام زبطي نفسك
راويه بمعنى : اه وماله ، خلينا نلحق نسلم على سي مهند بتاعك ...
ديما بغيظ : انتي ليه ماخده منه موقف كده ، مش فاهماكي ؟
راويه : انا اللي مش فاهماكي ، و هو بعيد تبقى ملهوفه عليه ، لسانك يشتغل بربنط لو حد قال نص كلمه عنه ، اما و انتو مع بعض هاتك يا نقار أكنكو على روس بعض ، فهميني بقى ده اسمه ايه ..؟
ديما : اسمه اختلاف في وجهات النظر ، عادي يعني..
زمت راويه شفتيها قائله : اه ..طيب و ماله ...
بعد حوالي ربع ساعه ، وصلت ديما مع والديها الى بيت خالتها ، لتفتح لهم الباب الخادمه ام عيشه و التي رحبت بهم ليدخلا للجلوس في الصاله حيث توجد خديجه وزوجها عبدالرحمن
سلمت ديما على خالتها و زوجها وكذلك فعل والديها ، ليقول مؤيد : امال فين لؤي ، احنا جايين نسلم عليه
عبدالرحمن بامتعاض : انا عارف ، قال هيخرج مع صحابه ..
ديما باعتراض : ده لسه واصل انهارده ، لحق يخطط خروجات..!
خديجه : اه اصل صحابه اصروا عليه ، عزمينه خروجه في مطعم و لا نادي مش عارفه
عبدالرحمن : طيب يا ابو ديما ، خلينا نعد فالبكونه احسن مالكتمه دي
تبعه مؤيد ، لتقول راويه : و ايه بقى ناوي يستقر هنا ، و لا يكمل فالقناه العربيه؟
ضحكت خديجه : هو احنا لحئنا نشوفه عشان نتكلم معاه فالمواضيع دي ، ده يدوب سلم علينا و خدش دش و تنه خارج يشوف صحابه ، ده انا اشك انه سلم على يحيى حتى !
ديما بتردد : هو انتي مش قولتيله اننا هنجي نسلم عليه ، كلنا يعني !
خديجه : اه يا بنتي عنده خبر ....ثم أردفت : انا هاروح اشوف ام عيشه حضرت العشا و لا لسه ؟
قالت ديما: خليكي انتي يا خالتو ، أنا هاشوف أم عيشه خلصت و لا محتاجه مساعده.
خديجه ممتنه : تسلميلي يا حبيبتي....
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أسرع لؤي باتجاه المطبخ بعد أن سلم على خالته و زوجها ، بعد أن اخبرته والدته بأن ديما تساعد أم عيشه في تحضير العشاء ..
وقف على باب المطبخ يراقبها مفكرا " زي النسمه بس اول ما تفتحي بؤك ياااا ساتر"
ابتسم وتمتم " بس ميمنعش برده ليكي وحشه "
تنحنح لؤي على باب المطبخ و قال : تحبوا أساعدكو في حاجه....؟
شهقت ديما مخضوضه ، ثم و بسرعه سيطرت على انفعالها حتى لا تحقق له مراده باستفزازها كعادته..و مما زاد الطين بله هو عدم بقائه في البيت و خروجه مع اصدقائه غير عابىء بحضورها ، بالرغم من معرفته المسبقه بذلك...
تمتمت : يعني مش هامه يشوفني بعد الغيبه دي كلها
لذا قالت ساخره: معقوله المذيع اللامع هيوسخ ايديه فشغل المطبخ !
قال لؤي غير منتبه لنبرة السخريه التي رافقت كلماتها : لامع ايه بس ، أخجلتم تواضعنا .
عضت ديما على شفتها السفلى و عاودت تقطيع الخضار الخاصه بالسلطه.
قال لؤي : و ايه أخبار الشغل عند يحيى ؟
ردت ديما باقتضاب : تمام ، كويس.
قال لؤي مازحاً : لو دايقك في حاجه قوليلي و أنا هاملصلك ودانه.
قالت ديما بتهكم : بقى انت اللي هتملصله ودانه .
تنهد لؤي وقال : معاكي حق ، واحد فاشل زيي هو اللي تتملص ودانه مش العكس !
و استدار مغادراً المطبخ .
لتجُز ديما بقوه على السكينه و كأنها في معركه مع تلك الخضار....
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
اجتمعت اسرة عبدالرحمن مع اسرة مؤيد على مائدة العشاء ، ليسأل مؤيد بصراحته المعهوده : مفيش اخبار عن ليلى ؟
تشردقت ديما بالطعام ، شاعره بالذنب الشديد ، فوحدها من بين الموجودين من يعرف تماما كل اخبارها ، و لكن تحت ضغط كِنان الشديد لم تبح لاي احد بما عرفته ، خوفا على حياة ليلى ، فكما اقنعها كِنان علينا ان نتخذ الحيطه الشديده ، حتى يبرق بصيص من الامل ...
ردت خديجه بصرامه : لو تقصد بنتي ، فبنتي ماتت من خمس سنين ..
راويه يعد ان رمقت زوجها بنظره عتاب : قولنا يا لؤي ، هتقبل عرض القناه المصريه هنا ؟
لؤي : احتمال ...
راويه : طيب خلي بالك احنا عايزين برنامج هادف و له قيمه ، مش اي كلام ..
لؤي : اكيد يا خالتي ، بعدين القناه دي كبيره و برامجها مسمعه كويسه ، و هما لولا انهم مؤمنين بقدراتي مكنوش عرضوا عليا اشتغل عندهم
عبدالرحمن بسخريه : قدراتك ...و لا شعرك الاصفر و عيونك الزرق..
خديجه محاولة كسر حدة كلام زوجها : و يعني هو جابهم منين ، مش منك يا حاج ههههههه
احس مؤيد بالتوتر يلف الاجواء ، فقام بفتح حديث بأحد المواضيع السياسيه ...
لاحظت ديما تكدر لؤي فقالت بهمس : مش صحيح ، ما هو الواد اللي معاك في البرنامج مُز برده ، اشمعنى اختاروك انت ...
لؤي بحنق : موووز ! اشطه.. و الله و كبرنا و بقينا نبصبص اهو...
ديما و قد انزعجت من سوء نواياه : احترم نفسك
راويه لابنتها : ديما ، اغرفيلي شوية رز
دلف يحيى مفاجئا الجميع : الله ، ايه اللمه الحلوه دي...
نهض لؤي من مقعده مسرعا باتجاه اخيه : يحيى ..
يحيى : ياااا ندل ، تيجي و متسلمش عليا ..
لؤي محتضنا اخيه : ملحوقه ، انا اعدلك فيها و تشبع احضان يا عم
ريت يحيى على ظهر اخيه ، ليقول الاخير : طب عن اذنكو ، انا هاخد يحيى و طالعين فوق....
خديجه باعتراض : طب خليه ياكل لقمه الاول..
يحيى : انا كلت بره يا ست الكل..
صعدا الى الطابق العلوي بعد ان سلم يحيى على الضيوف..
اما ديما فقد ازداد غيظها من اهمال لؤي لوجودها
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
ارتمى يحيى بجسده على السرير قائلا : اخيرااااااا
ضحك لؤي : ايه من دلوقت الخطوبه هاتهد حيلك !
ضحك يحيى بدوره و قال : الظاهر كده ...
جلس لؤي على حافة السرير مواجهاً ليحيى و قال بتوتر و بدون مقدمات : هو انت شايفني ازاي يا يحيى...؟
نظر يحيى للحظات يتفرس في وجه أخيه ، ثم قال و هو يغالب ابتسامته : زي القمر يا طعمه انتي ...
تأفف لؤي : على فكره أنا بتكلم جد ، يعني انت شايفني بني ادم كويس ؟
سأل يحيى بدهشه : و ايه اللي يخليني أفكر إنك مش كويس...؟
قال لؤي : أبدا... مش عارف .. كده ساعات بحس إني بني ادم مش كويس.
قال يحيى باستغراب : الله ايه الحكايه ، انت قلقتني اوي ، لتكون واقع فمصيبه ، ما أنا عارفك..
قاطعه لؤي : اديك قولتها ، ما أنا عارفك ، عارف عني ايه بقى ، إني بتاع مصايب و مشاكل ، مش ده قصدك...؟
قال يحيى بجديه : لا مش كده ...
قاطعه لؤي : معلش أصلي متوتر عشان البرنامج الجديد و كده ..
لؤي: سيبك مني ، مش هتقولي بقى قصة الحب الكبيره ورا الخطوبه المفاجئه دي
يحيى : و لا حب و لا حاجه ، انا اخترت بعقلي و الحب و الموده هتيجي فالجواز باذن الله
لؤي : عارف انا جه فبالي مين دلوقت على سيرة الحب دي
يحيى : مين يا نجم..؟
لؤي: فاتن ، فاكرها..اللي كنت..
يحيى مقاطعا : اه فاكرها ..و على فكره انا عمري ما شكرتك على اللي انت عملته معايا
لؤي : ما هو ده اللي نفسي اكلمك فيه..
يحيى : لا ارجوك بلاش نفتح فالقديم ، بس بجد شكرا انا مراية الحب كانت عمياني عن تصرفاتها ، تصدق انه حصل موقفين بعديها بيثبتوا كلامك انت و بابا عنها ، بس يمكن وقتها و من غير مساعدتك كنت حاولت ابررلها ، لكن كل اما افتكر .... صمت ثم أضاف : متشكر بجد ، زماني لحد دلوقتي مخدوع فيها
لؤي : موقفين ايه..؟
يحيى متذكرا الصور و ذهابها الى تلك الشقه : يعني بدون تفاصيل حاجات حصلت كان ممكن التمسلها العذر فيهم او تبررهم بطريقتها وا فضل مخدوع طول عمري
ثم أضاف: لؤي بلاش نجيب سيرتها تاني ، لا بالكويس و لا الوحش
أومأ لؤي ، وقد ازيح عن كاهله عبء ذلك الذنب ، و لن يضطر الى مصارحة اخيه بتلك التمثيليه التي قام بها قبل سنوات مضت، على ما يبدو ان حدس والده ووالدته كانا صحيحين بشأنها فلا داعي لتبرأتها من ذلك الذنب و اعادة الفتور لعلاقته مع أخيه..
ليقول لؤي : لسه فاضل سؤال واحد عنها .
يحيى بتافف : ايه كمان...؟
لؤي : انت كلمتها فموضوع ليلى ، يعني معقول جدا تكون عارفه هما فين ..
يحيى : تصدق انا عمر ما خطر فبالي اني اسالها عن ليلى ، مش عارف ليه !
كان يعلم جيدا السبب ، فقد حاول ان يخرجها تماما من حياته ، و لم يرد أن يتقبل وجود اي رابط بينهما ، حتى و ان كان ذاك الرابط سيوصله الى ليلى ..
ثم قال بعد تفكير : بس مظنش اللي زيها هدور على اخ و لا اب .. دي مقضياها و اكيد مبسوطه انه مفيش عليها لا رقيب و لا حسيب..
ثم تمتم : استغفر الله العظيم ، اهو خلتني اجيب سيرتها تاني ، و اكسب ذنوب
لؤي : طب خلاص خلاص يا عم ، معرفش ان عندك عفريت اسمه فاتن
يحيى و قد تكدر مزاجه : طب قوم يله .. عايز انام
لؤي بابتسامه : تنام و لا تكلم المُزه ؟
يحيى : استغفر الله العظيم
لؤي : بيعجبني ايمانك يا ..
لم يكمل لؤي جملته ، فلقد أزاحه يحيى عن السرير ليقع ارضا ..
لؤي : طيب متزوءش
بعد مغادرة لؤي الى غرفته ، قام يحيى بفتح الدرج المجاور لسريره ، والمحتوي على هاتفه القديم ، ذلك الذي يضم فيديو محبوبته و اخيه ... أشعل الهاتف بعد أن وضع شاحنه في مقبس الكهرباء..
شغل الفيديو ، و استمع لكلماتها ، غير قادر كعادته الى النظر الى الفيديو مره اخرى و رؤية مشاعرها الجياشه تجاه اخيه ، و الذي و مع مرور السنوات عاد كما عهده سابقا ذلك الاخ المحب ، و لكن اليوم لا تكمن المشكله باخيه ، بل عنده هو شخصيا ، فمنذ رؤيته لذلك الفيديو بات ناقما من وقت لاخر على اخيه ، فلولاه لربما ما زالت فاتن ....نفض عنه تلك الافكار الشيطانيه فلا ذنب لاخيه بفعلتها تلك ...
و ان لم يكن لؤي لكان غيره ، اولم توضح له سلوى بانها كانت على علاقه بأنس و صورها خير دليل...
تنهد مكملا الفيديو حتى نهايته ، ليتذكر وجهها البشع عله هذه الليله يحصل على احلاما خاليه منها ...
لقد استطاع ان يطردها من حياته ، و الآن عليه أن ينفيها أيضا من أحلامه ، فقريبا سوف تشاركه الفراش امراة اخرى و اسمها ليس بفاتن ، و لن يكون مبهجا لها أن تنصت لزوجها غارقا حتى الثماله في حب فتاه أخرى....
و بعد سويعات من النوم المتقلب ، نهض يحيى من فراشه بعد أن فشل للمره المليون في طردها من احلامه ، بل على العكس استفاق محملا بذنوب جديده ...
لم يفهم لِمَ يَستَحل عقله الباطن تلك التخيلات التي تراوده بشأنها ....
اتجه الى الحمام الداخلي لغرفته ، اغتسل و توضأ ، ليصلي طالبا من الله أن يغفر ذنوبه و ان يلهمه نعمة النسيان ....
بعد أن انهى صلاته هدأ عقله قليلا
اما قلبه فكان ينبض بقوه... و كأنه يهتف مستنجدا : " كيف السبيل الى نسيانِك " .......
↚
¤ هل خُطَّ حقا سَطْرُ النهايه ؟ ¤
-------------------------------------------------------------------------
يقولون ان اصعب لحظات الحياه هي الوداع ، و لكن عند مالك فوداع حب عمره يفوق كل انواع الوداع وجعا ، ليس لانها تجلس حاليا بجوار اعز اصدقائه واضعا خاتمه حول اناملها الرقيقه ، ليس ذلك فحسب ، و لكن لان الوداع لم يأخذ حقه ، فمحبوبته لم تأتي اليه معتذره ، لم تبرر له تصرفها ، لم تنطق شفتيها كلمة الوداع ، فلا شيء قِيل و لا اسباب فُسرت ، لن يلومها الان ، كان حَرِي به ان يمتلك الجرأه الكافيه لمصارحتها ، ربما حينها كان باستطاعته معاتبتها ، كان باستطاعته ان ينفث عن غضبه منها ، ان يجهر بكلمة وداعا حتى يبدا بالشفاء الفعلي من حبها ، فلا حال اسوء من قلب معلق بحب غير متبادل و قصه حب من طرف واحد لم يُخَطُّ فيها سطر " تمت... النهايه "
و لكن عليه الان المضي قُدما ، و كما يُقال داوِها بالتي كانت هي الدَاءُ...
كان مراقبا لها طوال الامسيه ، تتنقل بين الضيوف ناثرة ابتسامتها الرقيقه على كل ما تقع عليه عيناها ، اعجبه تفانيها الظاهر في انجاح حفل الخطبه الخاص بابن خالتها ، كما انها فتاه جميله و لبقه و من اسره طيبه و هذا ما خبره من خلال تعامله معها في الشركه ، فلقد اوصاه يحيى بمساعدتها و تدريبها لاتقان العمل معهم ...
اقترب منها قائلا : انسه ديما ، ممكن دقيقه من وقتك...؟
ديما مازحه : اوعي تقولي بوظتي الكود البرمجي بتاع الجوافه بتاعتكو دي ..
ضحك مالك و قال : اسمها لغة الجافا مش الجوافه...
ثم اضاف : و اكيد مش هاتكلم فالشغل دلوقت ...
ديما بابتسامه : خير ...؟
مالك : طب ممكن نقعد بعيد عن الدوشه دي ...
جالت ديما بنظرها باحثه عن لؤي ، لتجده منخرطا في حديث مع فتاتين لبسهما ملفت للانظار ...
قالت ديما : اوك ، خلينا نعد فالبلكونه هناك..
سارا جنب الى جنب حتى وصلا لمقصدهما ، ليقول مالك بعد ان جلسا : بصي ، انا لولا ان الموقف بينا هيكون محرج ، كنت فاتحت يحيى بالموضوع الاول ...
صمت قليلا ثم اضاف : عشان كده كنت لازم اعرف رايك الاول و بعد كده هاقول ليحيى و يبقى الموضوع رسمي
ديما مستفسره : موضوع ايه ، انا مش فاهمه..؟
مالك بتردد : انا الحقيقه عايز اتقدم رسمي و اطلب ايدك ...
ديما بتلعثم : ليه ...قصدي يعني بجد .. يعني قصدي ... مش معقول ...
مالك بدهشه : هو ايه اللي مش معقول ؟
ديما بصدق : يعني انت و انا ... بص كده مش لايقين على بعض خالص..
مالك : ازاي يعني ، مش فاهم ...و لا اعتبر ده رفض منك لحتى مجرد الفكره ؟
دون ان تقصد اظهرت قلة ثقتها بنفسها و خاصه بشكلها الخارجي ، لذا قالت مناوره : اقصد انك فاجئتني بطلبك ده...
مالك : طبعا خودي وقتك و فكري زي ما تحبي ، و اتمنى ردك يكون بالقبول و هيشرفني جدا انك تكوني زوجتي و شريكه حياتي
ديما مع نفسها : امال ليه شكلك كأنك عاصر على نفسك شوال لمون ، ييي ليكون يحيى هو اللي زءك عليا
"يا بشمهندس مالك ، البيوت ليهىا حرمه و لولا انك صاحب يحيى كان هايبقى ليا تصرف تاني "
قفزت ديما من مقعدها اثر سماعها صوته ، استدارت قائله : لؤي
لؤي بتهكم : لا بنت خالتك ...
مالك بتلعثم : انا اسف يا لؤي ، بس يعني في موضوع خاص كان لازم اقوله فيس تو فيس لديما..
قاطعه لؤي بحنق : اسمها الانسه ديما ، و موضوع ايه ده انشاء الله ؟
مالك بجديه : انا طالب ايد الانسه ديما للجواز ، و كنت حابب اعرف رايها الاول عشان ميكونش في اي حرج ، انت فاهم يعني عشان يحيى
لؤي بثقه : مش هينفع طبعا ، احنا مش بنجوز بناتنا الا لحد من العيله
مالك بحرج : الله ، انا مكنتش اعرف و انا متأسف جدا ..
ثم غادر مسرعا من الشرفه...
ليقول لؤي بحنق : انتي اي حد يقولك عايز فكلمتين تجري وراه ، ايه فتحاها عالبحري حضرتك..
ديما بحنق : احترم نفسك ، و بعدين انت مالك بيا ..
لؤي : ازاي يعني انا مالي ، مش انتي الحته بتاعتي ...اااا اقصد بنت خالتي
ثم أضاف محاولا اغاظتها : بعدين انتي المفروض تشكريني ، شفتي و انا ابينهولك على حقيقته ، ده تلاقي يحيى اللي زءقه
تألمت ديما من كلماته ، أفي نظره شاب مثل مالك لن يُدخلها ابدا في حساباته ، قالت بغيظ : بالعكس ده كان هيموت واوافق و شاري جدا ، انت اللي بوظت الموضوع بطريقتك المهببه دي
لؤي ساخرا : شاري ، ده ما صدق يلاقي حِجه و يُكت..
ثم اضاف : و بعدين انتي لسه مكملتيش دراستك ، متسربعه عالجواز كده ليه !
ديما : لتاني مره انت مالك ، اتسربع و لا متسربعش دي حاجه متخصكش ، مش كفايه ضيعت عليا فرصه
لؤي بانفعال : هو انتي بجد كنتي هتفكري تتخطبي له ؟
ديما : ليه لا ، مالك ميتعيبش فحاجه ، شاب طموح ووسيم و ناجح و يحيى يعرفه كويس...
لؤي بتردد : احم ..يعني طالما انتي مش ممانعه ترتبطي و انتي بتدرسي ، انا كنت يعني ...
ديما بأمل : كنت ايه ...؟
لؤي : انا كنت يعني ،.. نفسي اسألك سؤال من زمان؟
ديما بترقب : سؤال ايه..؟
لؤي : الصوره اللي بعتيها ليحيى ، كنتي قاصده ، يعني وقتها كنتي صغيره و يجوز كنتي بتحبيه حب مراهقه و كده
ديما بصدمه : هو انت لسه فاكر الصوره اياها !
لؤي بابتسامه : و دي حاجه تتنسي ، دي محفوره فذاكرتي لغاية دلوقتي
قاطعته ديما بغيظ : على فكره انتي غبي جدا
لؤي بضيق : الله انتي هطولي لسانك ..
ديما بغل : و لا اطول و لا اقصر....و غادرت الشرفه مسرعه
لؤي بحنق : استني انا لسه مخلصتش كلامي..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
انسحبت سلوى من جوار يحيى و المهنئين بهدوء بعد رؤيتها لمالك يتجه الى البوابه للمغادره ، اسرعت بخطاها ، لتلحق به ، مناديه : مالك ..مالك .استنى...
استدار مالك فور سماعه صوتها ، ليقف مسمرا في مكانه بانتظارها ، لتقول : ايه ماشي كده بسرعه ..!
مالك : احم .. اصل هاوصل اخواتي لمشوار كده ...
سلوى : اها ، طيب
وقفا ينظران لبعضهما في صمت ، ليقول مالك بتردد : ياه ده انا نسيت...
سلوى : نسيت ايه؟
مالك بحرج : الهديه ، هديه خطوبتك انتي و يحيى
سلوى بتاثر : مفيش داعي ، كفايه مجيتك..
اخرج من جيبه صندوقا مخمليا صغيرا ، و قال : اتفضلي دي حاجه بسيطه ...
امسكت سلوى بالصندوق بانامل مرتجفه لتفتحه قائله : الله ، ده جميل اوي ...
مالك : طب عن أذنك بقى ، انا مضطر امشي..
سلوى : طيب سوق على مهلك.
اومأ مالك منصرفا ....
لتقول شيرين المراقبه للمشهد عن قرب : سوق على مهلك سوق ... اكني شايفه مشهد من فيلم ابيض و اسود
شهقت سلوى مخضوضه : ايه يا بنتي مش تكحي و لا حاجه ، خضتيني
شيرين :اعمل ايه ، ما انتي محتاجه حد يفوقك من جو الاطلال اللي انتي عايشه فيه ده
سلوى : انا بس صعبان عليه ، مشفتيش عينيه كانت عامله ازاي و هو بيباركلنا ..
ضربت شيرين كفا بكف ثم قالت : مشكلته مش مشكلتك ، انتي دلوقتي مرتبطه براجل تفكري فعينيه هو وبس
سلوى : انا مش كده يا شيرين و انتي عارفاني كويس فمفيش داعي للكلام ده كل شويه
شيرين : انا بس بنبهك ، انتي مشفتيش شكلك عامل ازاي لما مالك كان بيكلم قريبة يحيى ..
سلوى : يووه ، مفيش فايده فيكي
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أنهت فاتن دوامها المسائي لهذا اليوم في السوبرماركت و انتظرت على الطريق لتركب مواصله ...
وقفت احدى السيارات الملاكي امامها ، ليقول سائقها بصوت مرتفع : اتفضلي يا انسه فاتن ، اوصلك مطرح ما تحبي...
تفحصت فاتن السائق ، ليتضح لها انه ذاك الزبون ..لتقول : متشكره ، اتفضل حضرتك...
ترجل تميم من سيارته ، و لف ليقف بجوار فاتن ، قائلا : انا بعتذر عن الموقف اللي حصل ، كنت متعصب و طلعته عليكي ، و ياريت تقبلي اوصلك عشان اعتذرلك بجد..
فاتن باسنان مطبقه : و لا يهمك ، حصل خير ، و اتفضل معطلكش..
تميم : اه ، فهمت ...
و استدار ليركب سيارته...
تمتمت فاتن : طب كويس ، طلع بيفهم اهو ....
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
يحيى : انتي غطستي فين ؟
سلوى : كنت بسلم على مالك ، و اداني ده هدية خطوبتنا ...
نظر يحيى للخاتم في اصبعها : بس ده شكله غالي اوي ، و الراجل على وش جواز ، كان يوفره لعروسته..
سلوى : هو كان بيتكلم جد ، هيخطب قريب..؟
يحيى : ايوه ، امبارح قال ان فباله حد معين بس عايز يجس النبض الاول ..
سلوى : مين ؟
يحيى : و الله حاولت اقرره بس مدنيش عقاد نافع ، فمش هاتطفل اكتر من كده ، جايز خايف للموضوع ميتمش و يبقى فيه احراج له..
سلوى متأمله الخاتم الذهبي بفصه الازرق ، و الذي يتلائم جدا مع هديه عيد ميلادها : فعلا غالي اوي
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
عاد مالك الى البيت يجر اذيال الخيبه ، فخطته للارتباط بديما فشلت و بشده ، لقد اراد بخطبتها ان يضرب عصفورين بحجر واحد ، اولا مواصفاتها ممتازه كزوجه ، ثانيا سيرد بخطوبته السريعه كرامته التي بعثرت على يد سلوى ، و الادهى انها شهدت الليله انكساره للمره الثانيه ، بعد فشل موضوع ديما ...
تمتم : مكنش لازم ابين اني مدايق ، بس كان غصب عني...
بحث عن والدته و قد استراح الى فكرة ما : ياه يا ست الكل ، مش تشدي حيلك معايا كده
اسماء : عنيا يا بني ، بس فايه ؟
مالك : العروسه يا ماما ...
اسماء : مروه يا بن..
قاطعها مالك : تاني مروه..
اسماء : بس انت مش قولت في حد فبالك
ماكب : لا ما انا غيرت رايي ، اسمعي ايه رايك نتوكل على الله و نطلب ايد فاتن
اسماء بتفكير : طب خليني ادورلك يمكن نلاقي حد مناسب اكتر..
مالك : انا معنديش وقت اضيعه ، و انا مرتاح جدا لفاتن ..على الاقل عارفين اخلاقها كويس
اسماء : مزبوط مزبوط ، بس برده دي مقطوعه من شجره و...
مالك مقاطعا : و ده يعيبها فايه ، اسمعي يا امي ، انا خلاص لازم اخطب و بسرعه
ضحكت اسماء : الله انت متسربع كده ليه يا واد ؟
مالك محاولا اقناع والدته : واد ايه يا ماما .. انا راجل و بشوف البنات بتعمل فنفسها بلاوي سوده كل يوم و خلاص ربنا فتحها عليا ، و لازم اكمل بقى نص ديني ، فاهماني يا ست الكل !
اسماء : طيب طيب ، بكره هاكلم الست رقيه و افاتحها فالموضوع..
ثم تمتمت : هو انا كان لازم اتسحب من لساني و اقول فاتن ، ما كان دلوقت اقنعته بمروه ، يلا بس البت طيبه برده ، و مش هتتكبر علينا و لا تطمع فينا
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
بعد شكوى الاستاذ منير ليحيى من تعنت تميم في السعر المطلوب ، اضطر الاخير الى حضور المقابله الثانيه للاتفاق على السعر النهائي ، بشكل يُرضي جميع الاطراف...
و بعد مدوالات عديده مع تميم ، تم الاتفاق على سعر مناسب ، ليقول تميم متاففا : و الله كان فايدنا نزود شويه ، بس انت راعيته كتير هو كان من باقي عيلتنا..
يحيى و هو يشغل السياره : يا تميم ، السعر حلو جدا ، و شقة جيرانا باعوهاله بسعر اقل مننا كمان...
تميم : نهايته ، انا هابقى امر على عمي و اديه الفلوس...
يحيى : تحب اوصلك فين بالظبط..؟
تميم : مطرح ما ركنت عربيتي ، ادام مكتب المحامي ..
يحيى : اوك....و انطلق بسيارته ...ليوقفه تميم بعد دقائق : وقف وقف ده انا كنت هانسى...
يحيى : خير ، تحب استناك لما تخلص..
تميم : لا مفيش داعي ، اتكل على الله...
ترجل تميم من السياره ، اما يحيى فقد اضطر الى الانتظار ريثما تضيء اشارة المرور ...
على ناصية الطريق ، كانت فاتن تنتظر مواصله ، لتفاجىء بظهور تميم امامها ..
تميم : ازيك يا انسه فاتن..
فاتن : و بعدين بقى ، مش كنا خلصنا ..
تميم : انا قصدي شريف ، ثم عبث بجيبه و اخرج علبة مخمليه و قال : اتفضلي...
فاتن بريبه : ايه ده ..من فضلك انا مش باخد هدايا من حد معرفوش و اتفضل حضرتك
تميم : دي مش هديه ، ده خاتم ، خاتم شبكتنا ، انا قلت اجيبه و اثبت حسن نيتي ، اصل عارفكم انتو يا بنات البندر لازم تشوفوا الفلوس بعنيكم عشان تصدقوا ان قصدنا شريف
فاتن بانفعال : حضرتك ...اولا ده اسلوب غير محترم انك تطلب ايد واحده ، ثانيا مين قالك اني اصلا ممكن اوافق عليك عشان تتعب نفسك و تكلفها التكاليف دي
تميم بسخريه : و متوافقيش ليه ان شاء الله ؟
فاتن : لاسباب كتير ، بس اهمها ، جوز الدبل اللي فايدك الشمال دول..!
ارتبك تميم و لعن منير مره اخرى ، فلقد اعماه غضبه عن تذكر قلع الدبل الخاصه بزوجاته الاثنتين ..
فبعد هروب ليلى ، اراد ان يثأر لكرامته بأي طريقه ، ليقرر بعد اختفائها باسبوع ان يخطب فتاتين من افضل عائلات بلدته في ونفس الاسبوع و كذلك تمت زفته عليهن سويا ،عله يخرس الشامتين و الحاقدين ...
تميم مراوغا : دول مجرد ذكرى ، اصل محسوبك ملوش حظ فالحب ، ...
فغر تميم فاهه ، فلقد تركته و قطعت الشارع الى الناصيه الاخرى ، ليستشيط غضبا منها : ما عاشت اللي تطنشني يا حلوه..
هرول خلفها ، ممسكا اياها من مرفقها ، لتصرخ فاتن : شيل ايدك يا حيوان !
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
لم يصدق يحيى عينيه و هي تعبر الشارع من امامه ، فبعد حديثه مع لؤي ، اراد ان يسألها عن ليلى و كِنان ، ربما هي الوحيده مَن تعرف لهم طريقا ، بسرعه ترجل من سيارته ، ليفاجأ بتميم جاذبا لها من مرفقها و الغضب يكسو ملامحه..
يحيى مهرولا : ليكون خاد خبر انها اخت كِنان...بس ازاي ؟
يحيى بعد ان اصبح خلفهم تماما : تميم ميصحش اللي بتعمله ده..
استدار الاثنان في نفس الوقت ، لتهتف فاتن : يحيى ...
يحيى مبعدا قبضة تميم عنها : انا مقدر اللي كنت فيه ، بس خلاص ده موضوع انتهى بالنسبالك
تميم : موضوع ايه ، الراجل يقدر يتجوز مش بس اتنين لا كمان تلاته و اربعه طالما مقتدر ايه المانع
يحيى بدهشه : ها ...انت عايز تتجوز فاتن ...؟
فاتن متنقله بنظرها بين الاثنين محاوله فهم ما الصله ، لتستوعب اخيرا متمتمه : تميم ...الي كان خطيب ليلى
فاتن بحنق : هو ده ابن عمك !
نظر يحيى لها بشك ، لتقول فاتن : ياريت تقوله يسبني فحالي ...ثم نظرت باتجاه تميم و بعد ان استوعبت هويته قالت : انت لو اخر راجل فالدنيا لا يمكن افكر اتجوزك ..فاهم ..!
يحيى امرا : استني ...
فاتن بسخريه : متاسفه مش هاقدر..
يحيى بتهديد : لا هتقدري و انتي عارفه كويس ليه ...
لم تفهم فاتن تهديده ..فوقفت صامته ...تقلب الموضوع في تفكيرها
تبادلا النظرات ...ليقول تميم : انتو تعرفوا بعض ازاي ؟
يحيى : جيران ، فالشقه القديمه ، و عن اذنك انا محتاج فاتن في حاجه ضروري عن سعر الشقه بتاعتهم
تميم بشك : و الله..
يحيى : ايوه ، و خود ادي مفتاح العرييه ، وصل نفسك و اركنها مطرح عربيتك ادام مكتب المحامي..
تميم : بس اا
يحيى مقاطعا : اتكل على الله ...ربت على كتفه و اداره بغضب باتجاه السياره ...
تميم بحنق : حلال له و حرام على غيره...
بعد انصراف تميم ، قالت فاتن : احنا مفيش بينا كلام..
يحيى : لا في ، ليلى فين يا فاتن ؟
فاتن بتصميم : معرفش ..
يحيى : متخليش اللي بينا يعمي عنيكي ، انتي متعرفيش ليلى دي غاليه عندي اد ايه وانا لا يمكن اعمل حاجه تاذيها ... ارجوكي تقولي ليلى فين ، او على الاقل تليفونها..
كانت تراقب حديثه و حركة يده المتوتره التي اخذت تعبث بخصلات شعره ، لتلحظ فاتن ما لم تلحظه قبل ايام ، هناك خاتم في يده اليمنى
فاتن بعفويه : انت خطبت؟
ارتبك يحيى لسؤالها العفوي ، متذكرا بانها الخصله التي يفتقدها فيها و بشده ، فلطالما استطاع قرائتها بوضوح نظرا لعدم مقدرتها على المناوره والتلاعب ...او هكذا ظن قبل ان تتضح له حقيقتها..
و لكن ما اربكه حقا ، هو احساسه بالذنب تجاه نظرة عينيها المصدومه ، لقد شعر فعليا بأنه قام بخيانتها ..و انه اغلق خط الرجعه امام قلبيهما ...و هل هذا كلام منطقي اصلا..
تعلقت نظراته المذنبه ، بعينيها المفجوعه و التي تساءلت في صمت : " هل خُطَّ حقا سَطرُ النهايه ؟ "
أجاب يحيى على سؤالها بتردد : ايوه ...خطبت
ثم سأل مستدركا : بس انتي ازاي تعرفتي على تميم ؟
فاتن بسخريه : اتعرفت عليه .... لا يا بشمهندس ده مش تهمه جديده هتلزقهالي ، ابن عمك مجرد زبون جه السوبرماركت و الظاهر دخلت دماغه ، وبقاله يومين قارفني فعيشتي كل اما اروح مالشغل يئطرني زي ما حصل انهارده ، ياريت لو تقدر تقوله يحل عن سمايا يبقى كتر خيرك..ها
يحيى بعدم تصديق : يعني انتي عايزاني اصدق ان بنت انجي الشريف بتشتغل فسوبرماركت ...
فاتن : تصدق و لا عنك ما صدقت...
يحيى : حاسبي على كلامك ، عموما دي حاجه متخصنيش ، انا اللي يخصني ليلى ، عايز اعرف ليلى فين؟
فاتن مغتاظه و محاوله اقناعه بانها لا تعرف مكان ليلى حقا : هو انت فاكرني بكلم كِنان ، و لا حتى اعرف طريقه فين اساسا ..عشان اعرفلك طريق اختك ، صحيح لما هربوا كلمني و كان عايز مساعده ماديه بس اعتزرلته و كانت دي النهايه ، اصلا ماما محرجه عليا اكلمه ، ده بتاع مبادىء و شعارات و كلام فارغ ، و شوف وصلته لفين ، يعني الدنيا كانت خلصت من البنات عشان ...
يحيى بغضب : كفايه ، انا غلطت اساسا اني افتكرت ولو لثانيه ان اللي زيك يفرق معاها اخ و لا صلة رحم اساسا
شاهدته يغادر مستقلا اول مواصله اتيحت له ، لتكمل طريقها هي ايضا الي البيت ...
كانت في حاله نفسيه سيئه للغايه عندما اخبرتها الداده رقيه بتقدم جارهم مالك لخطبتها ...
فاتن بانفعال : داده ، انا مش عايزه اتجوز ، من فضلك تعتذريلهم جامد ، بس انا دلوقت مش بفكر فجواز و لا بفكر فاي حاجه اساسا...
انهارت فاتن ببكاء ، لتقول رقيه : طيب طيب يا بنتي ، هدي نفسك ، و هاعتذرلهم بس متعيطيش ، هو انتي فاكراني هاغصبك على حاجه ، انتي حرة رايك يا بنتي
حاولت فاتن السيطره على بكائها فقالت : انا اسفه يا داده بس انهارده حصلت حاجات فالشغل دايقتني ..و خليتني متعصبه ، سامحيني اني اتعصبت عليكي
رقيه مستغله الفرصه : طب خلاص يبقى احنا نهدى و نروق و الدنيا مطرتش ، مش ضروري ترفضيه انهارده..بكره و بعدو لسه موجودين فكري و انتي اعصابك هاديه و ساعتها نبقى نرفض براحتنا ها يا حببتي
فاتن لم تشا ان تكسف رقيه : حاضر يا داده ...حاضر ...
رقيه : طب يا حببتي ، ممكن تفتحتي السكايب ده عشان سحر زمانها مستنيه اكلمها
فاتن : عنيا يا داده ، انا قايمه اهو..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
سحر :ايه يا ماما مش هتقدري تيجي ، ده عماد خلاص خلص الورق بتاعك ، انت متعرفيش اتعذب اد ايه عشان يلحق يخلصه قبل معاد الولاده...
رقيه : طب هاعمل ايه ، مقدرش اسيب فاتن لوحدها كده ...
سحر : الله انتي مش قولتي ان جارتنا الست ام مالك طلبتها لابنها ، يبقى خلاص هيبقالها راجل تعتمد عليه و مش هتخافي عليها ، دي ام مالك و بناتها لوحدهم عزوه
رقيه بحسره : بس شكلها هترفض ، احساسي بيقولي كده
سحر : ده يبقى دلع بنات مرىء ، ال ترفض ال ، هو مالك يتعيب فحاجه ..
ثم اقتربت من الشاشه هامسه : ده انا كنت هموت و يتقدملي ، في حد يرفض مالك
ابتسمت رقيه و قالت : عندك حق ، بس انا مقدرش اضغط عليها لتفتكر اني عايزه اتخلص منها و لا حاجه دي حساسه جدا
سحر : بس انتي فمقام امها و دي مسئوليتك ، و بعدين ده يبقى حرام عليها ، انا محتاجاكي جنبي اوي يا ماما ، كفايه اخر ولاده كنت لوحدي عشان خاطر كان عندها امتحانات و مرضتيش تسيبها وحدها ، ماما احنا كمان بناتك ، و من حقنا نفرح بوجودك حوالينا زينا زيها و اكتر كمان
كانت فاتن في حاله نفسيه سيئه مما جعلها فاقده للتركيز ، و قبل خروجها من الغرفه ، نسيت ان تخفض صوت المحادثه بين رقيه و ابنتها ، لتجلس في الصاله و يصل الى مسامعها تفاصيل الحوار باكمله..
مما زاد نفسيتها سوءا ، فان رفضت مالك ، سترفض رقيه حتما الذهاب الي ابنتها و معاونتها في ولادتها ..
لكن ما البديل ، ان توافق بالاقتران بجارهم مالك ، ترددت فاتن ، محتاره ، فهي قط لم تفكر جديا فالزواج من قبل ، و مالك شخصيه ممتازه و كما يقولون عريس لقطه ، فلم لا تعطيه فرصه على الاقل من اجل ان توافق رقيه على السفر ، و الخطوبه مرحله لدراسة الطرف الاخر، ان لم ينتج قبول تستطيع ان تعيد النظر في خيارها ...
من اجل الداده رقيه عليها ان تتناسى اوهام حبها الاول ، فلقد رات لتوها بانه قد مضى قدما في حياته ، فلم توقف حياتها من اجله ، و الاهم حاليا هو اتاحة الفرصه لرقيه ان تتخلص من عبء مسئوليتها لتكون بجوار بناتها من لحمها و دمها...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
حدث كل شيء بسرعه كبيره ، بمجرد ابدائها الموافقه على مالك تطورت الامور لتصل حيث هي الان تجلس مع مالك للتحدث في التفاصيل..
قال مالك : طب اخوكي و علاقتكم مش تمام ، امال مين هيكون وكيلك..؟
لم تستطع فاتن البوح بظروف اخيها ، و شعرت بالذنب لكذبها على مالك ، و لكنها ايضا لم تستطع اخبار كِنان بقرب خطبتها ، فهي تعرفه جيدا سيقوم حتما بارسال المزيد من المال لها من اجل تجهيز نفسها للخطبه و الزواج ، مما جعله تخفي عليه ايضا ...على الاقل حتى تقتنع هي شخصيا بمالك و بانها سوف تكمل معه و ايضا حينما تستقر الامور مع كِنان في فلسطين ..كذبه تجر اخرى و لكن ما باليد حيله ان لم توافق سترفض رقيه السفر ...
فاتن : لسه بدري على كتب الكتاب ، عموما انا هاكلمه و احاول اصلح علاقتنا من تاني ..
مالك : انتو عيله غريبه بجد!
فاتن بحرج : ربنا يسامحها ماما بقى ...
مالك : على فكره انا مقلتش للبنات انها والدتك ، مش عايزهم يعملولك زيطه و يصروا تعزميها ...
فاتن : انا قولتلك هاعزمها بس مش مؤكد انها تيجي ...
مالك : طيب دلوقت ايه رايك الفرح يكون كمان شهرين ، حلو تكوني جهزتي نفسك و اكون انا جهزت الشقه....
فاتن بصدمه : طبعا لا ، انا لازم اجهز نفسي كويس ..
مالك : مش هتلحئي تجهزي فشهرين ، ده كلام ، لو عايزنا نتعرف على بعض فتره اطول انا معنديش مانع، لكن لو السبب الفلوس فلازم تعرفي اني مش هاسمحلك تدفعي مليم واحد لا فالشقه و لا فالفرح و لا فجهازك الشخصي كل دي حاجات انا هاتكفل بيها
فاتن بضيق : لو انت فاكر اني مش هاقدر اجهز نفسي ماديا تبقى غلطان ، انا اقدر و باذن الله...
قاطعها مالك : مش كده ، بس انا ماشي على مبدا دينا بيقول ايه ، الراجل هو المتكفل بالمصاريف كلها و انا و الحمد لله مقتدر ، مساعدة العروسه بتكون حسب العرف لتيسير الجواز على الشباب اللي مش قادر ، لكن مش فحالتي
اعجبت فاتن بمبداه و قالت : عموما لسه بدري عالتفاصيل دي ، بس انا محتاجه اكتر من شهرين عشان ندرس بعض، الحقيقه كل حاجه حصلت بسرعه جدا ..
مالك : و هو كذلك ..
فاتن : انت هتعزم حد عالخطوبه ؟
مالك : يعني بس صحابي المقربين جدا ، زي ما اتفقنا انا مش عايز هيصه كتير ،وبس لو حابه حفله كبيره انا معنديش مانع..اللي يريحك
فاتن : لا لا .. انا عايزه الحفله تكون محندقه ، عشان نحضر بسرعه ،اصل داده رقيه هتسافر قريب لبنتها ...
مالك : يبقى اتفقنا و دلوقت حضري نفسك عشان نخرج ونشتري الشبكه
فاتن : بسرعه كده ؟
مالك : سرعه ايه ، انا خلاص هارتب الامور انها تكون كمان اسبوع ، حلو كده تكوني جهزتي
فاتن : كويس ، لانه كمان عشر تيام داده رقيه هتسافر عند سحر ...
مالك : طب يلا بينا ، و نقي الي يعجبك الحاجات دي مفيهاش كسوف
ابتسمت فاتن سعيده بكرمه الواضح جدا ، ربما فكرة الخطبه منه ليس بالسوء الذي ظنته، فمن الواضح انه يتحلى بالرجوله بكل ما للكلمه من معنى
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
استطاع مالك ان يجهز لحفل الخطبه الصغير و الذي سيقام في شقة اهله الجديده و التي جهزها لهم مؤخرا ، بقي عليه محادثة بعض الاقارب و الاصدقاء المقربين لحضور حفله الصغير...
و بالطبع هاتف يحيى ليخبره بامر الخطبه ..
يحيى بمزاح : بئالك اسبوع مش باين ، ايه يا بني متدلئش عليها كده من اولها ، خليك تقيل
ابتسم مالك : خلاص يا سيدي كلها يومين و راجع الشغل ، المهم تشرفني بكره انت و سلوى على حفل الخطوبه ، انا عامل حاجه كده عالضيق في الشقه بس طبعا ضروري تحضروا معايا اليوم ده ..
يحيى : و ليه عالضيق ، كنت اعمل هيصه و فرح اخواتك ، البنات بتموت فالحاجات دي
مالك في نفسه : "ومين له نفس للهيصه"
قال مالك : اصل خطيبتي عندها ظروف و مضطرين نعمل حفله عالسريع
يحيى : طب ممكن اعرف بقى مين العروسه و لا لسه متكتم عالاخبار ؟
مالك : لا ابدا .... دي جارتنا ..
يحيى :اه ، انا فاكر كنت قولتلي مره حاجه عن بنت الجيران و كانت بتكتبلك جوابات ....
مالك مقاطعا بضحك : تقصد سحر ، هههههه ، لا دي اتجوزت من زمان ...
يحيى : طب اسمع ، انا مضطر اقفل ، ابعتلي فمسج عنوانكو الجديد ، و معاد الحفله ، و بما انها عالضيق انا عازمك انت و خطيبتك بعد الحفله نخرج فمكان و نكمل السهره، اهو مش حارمك من حاجه يا عم ..
ثم أضاف : و بالمره نتعرف على خطيبتك ...
مالك : اوك ، و انا كمان مضطر اقفل ، سلام
يحيى : سلام
↚
¤ و عُقِّدَ اللسان ُ عن الكلام ¤
---------------------------------------------------------
أكملت خبيرة التزيين صفا وضع الرتوش النهائيه على وجه فاتن ، لاكمال طلتها الليله ، حيث خطبتها على مالك ، و تمنت فاتن لو أن والدتها كانت بجوارها الآن ، و لكن الاخيره بعثت بصفا معتذره عن الحضور..
تنهدت موبخه نفسها ، كان عليها أن تتوقع تصرف والدتها ، فمنذ متى تعبأ لامرها ، و لكنها اليوم و على غير العاده قامت ببادره لطيفه ، حين اصرت أن تقوم صفا بتزيينها ... حسنا ربما هذه طريقتها للاعتذار..
صفا : ايه رايك يا عروسه...؟
فاتن : تسلم ايدك و ذوقك ، انا مش انا ...
قالت صديقتا فاتن والتي تعرفت عليهما اثناء الدراسه في الكليه ، رؤى و نادين : انا مش انا ، معرفتنيش ، انا توهت مني..
رقيه بضحك : انتو هتبتدوا الغنا من دلوقت ، استنوا و طلعوا مواهبكم فالحفله..
فاتن : لالالا ، مالك مش عايز هيصه و زيطه ، دي بس تلبيس دبل و الشبكه و شكرا على كده
رؤى : و ليه كده ، ده احنا كنا عايزين نظبطك الليلادي
فاتن : معلش بقى ، في الفرح ان شاء الله...
قالت ذلك و شعرت بالقشعريره تجتاح جسدها كله ، هل حقا ستتزوج بمالك ، كيف تسارعت الاحداث في حياتها بهذه الصوره ..و الأدهى أنها لم تخبر كِنان ..أما نوف فلم تستطع القدوم بسبب قرب ولادتها ...
تمتمت لتطمئن نفسها : محدش هيجبرني على حاجه ، لو مرتحتش مش هاكمل فالخطوبه ..
رقيه : بتقولي حاجه يا فاتن ..؟
فاتن : ابدا ، بقول مالك زمانه على وصول..
و بالفعل ، حضر مالك بعد دقائق ، لايصال عروسه و مرافقاتها الى الشقه حيث سيقام حفل الخطوبه الصغير...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
حضّرت ديما حقيبتها ، واستعدت للذهاب الى الصاله الرياضيه
دلفت راويه الى الغرفه و قالت : لسه مصممه تروحي البتاع ده ؟
ديما : ايوه يا ماما ، انتي مش شايفه شكلي عامل ازاي ، جسمي محتاج تظبيط من كل النواحي
راويه : و الله ما محتاجه حاجه ، انتي زي القمر اهو وعودك ملفوف ..
قاطعتها ديما : ملفوف ايه بس ، مش شايفه البلاوي اللي عندي ..
قالت ذلك مشيره على منحنيات جسدها امام المراه..
راويه بمزاح : و الله انتي عبيطه ، دي الحاجات اللي هتجبلك العرسان ، اسأليني انا ..ده الرجاله بتموت فالبلاوي اللي مش عجباكي دي
ديما بضحك : الله الله ، انت ليك فالشقاوه و انا معرفش ، رجاله ايه بقى و ازاي عرفتي بيحبوا ايه ، ها.. قول يا جميل سرك فبير...
راويه : يقطعك و يقطع دماغك السَّو دي
ضحكت ديما و قالت : طب عن اذنك بقى زمان الكابتن هيبتدي التمارين
شهقت راويه : انتي يا بنت مش قولتي هتجيلكم واحده تمرنك انتي و صحابك
ديما : ها .. اه فعلا مدربه .. يلا انا اتاخرت اوي
راويه : استني يا بت انتي..
ضربت راويه كفا بكف ، فلقد انطلقت ديما غير عابئه بتحذير والدتها
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
كان في الاستقبال والدي مالك واخواته و بضع من الضيوف ، ربما بعض المقربين لمالك ، بعد أن سلم الجميع على فاتن ، امسكت بيدها اسماء مع مالك ليجلسا في الكوشه البسيطه المعده في منتصف الصاله..
قالت نور الاخت الصغيره لمالك : و النبي يا فاتن ، خليه يسمحلنا نرقص شويه ، كده مش حفله ، ده جو عزا
قاطعتها اسماء : ياباي على فالك ، عزا ، قومي يا بت من هنا ..
انصرفت نور ، لتقول اسماء : دلوقتي يجي رامي و نلبّس الشبكه...
همست فاتن لمالك : مين رامي ده ..؟؟
مالك : ده ابن عمي ، محترف تصوير ، وهو هياخدلنا صور الخطوبه..
فاتن : اه .. و قد ادركت انها ستُخطب لشخص لا تعرف عنه سوى القليل من التفاصيل..
كان جو الحفله هادئا ، و شيئا فشيئا زاد الصخب مع حضور المزيد من الضيوف ، و قيام اخوات مالك و على خلاف رغبته بتشغيل الموسيقى و ما تبعها من رقص ومرح ...
و بعد دقائق قام مالك بمراقصه فاتن بعد أن أذعن لطلب اخواته ، لتقول فاتن : انا مكنتش اعرف انك جد اوي كده ، بس باقي اهلك فرفوشين خالص
مالك و قد شعر بتأنيب الضمير : مش جد و لا حاجه ، بس اخواتي و انا عارفهم لو فضلت اطاوعهم مش هنخلص من ام الحفله دي...
تراجعت فاتن بعيدا عنه ، ثم قالت بخيبه : طيب خلينا نعد بقى و تلبسني الشبكه..
مالك بعد أن جلس بجوارها في الكوشه : اسف ... مش قصدي.. انا بس مصدع حبتين..
فاتن بابتسامه : متقلقش ، احنا اتفقنا ان الحفله تكون بسيطه ..
أحضرت اسماء علبة الشبكه ليقوم مالك بتلبيسها لفاتن وسط زغاريد السيدات الحاضرات...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
يُقال أن جسم الانسان عندما يتعرض لصدمه شديده، يدخل في حاله من اللاوعي ، مخدرا حواسه عن الشعور بما يتبع تلك الصدمه من ألم و وجع ،و هذا ما حدث ليحيى الناظر لصديقه المقرب يلبس خاتم خطوبته لحبه الاول ..فاتن...
قالت سلوى الواقفه بجواره : مش معقول ، دي ..دي..
لم يتنبه يحيى لحديثها ، فلقد شلته الصدمه عن الاحساس بالمحيطين به ...
تعالت الزغاريد و الموسيقى ، ليتعالي صوت سلوى : يحيى ، انت كنت عارف ؟
شاهدها تُلبِسَه الخاتم بدورها ، و تتأني قليلا ، حتى يقوم المصور بالتقاط بضعا من الصور ، صوره تلو الاخرى ، حتى تم تلبيس الشبكه بكاملها ...
حينها قامت بتعديل التاج المزين لحجابها ، لتتشابك نظراتهما في لقاء مفاجىء، تملكت الصدمه من عينيها ...
لترمش مرارا و كأنها لا تصدق ما بَصُرته الآن ، ثم فغرت فاهها بعد أن تيقنت بأنه هو بعينه ، من احتل جدران قلبها طوال السنوات الماضيه ....
بقيت تحدق فيه لثوان او دقائق ، لا يعرف تحديدا ، لتعود بنظرها الى الجالس بجوارها ، وكأنها سألت عنه ..
نظر مالك باتجاهه ، و الابتسامه تعلو ثغره ، ثم عاد ليهمس شيئا في اذنها ..
لم يعرف كيف تملتكه تلك الرغبة القويه في تسديد اللكمات لصديق عمره ، ليُزيح تلك الابتسامه عن قسمات وجهه ، أراد أن يتقدم منهما ، و ينتزعها من جواره ، معيدا اياها الى مكانها الطبيعي بجانبه ، و تعالت ضربات قلبه مؤيده تلك الفكره و بشده ، و لكن تدارك عقله الحقيقه مرسلا اشارات التحذير ليُخمد صرخات قلبه...
حينها أفاق يحيى من شروده ، ليجد سلوى تقول بغضب : انا بكلمك ، مش ترد عليا ، كنت عارف و سبته يخطبها...!
يحيى بغضب مماثل : انت اتجننتي ، ما قولتلك مقليش اي تفاصيل ..
سلوى بعصبيه : و هنعمل ايه دلوقتي ؟
يحيى و الذي لم يفق بعد من الصدمه : زي الناس هنروح نسلم عليهم..
سلوى باستنكار : انت بتهزر ، مالك لازم يعرف حقيقتها ، زمانه مخدوع هو الاخر..
يحيى و قد جذبها من مرفقها ، بعيدا عن اعين مالك ليقول بغضب جم : مش وقته الكلام ده ، انتي هتعملي فضيحه للراجل ، اهدي شويه ، ده خطبها مش خلاص هيتجوزوا..
سلوى بامتعاض : اوعى تقولي لسه ناوي تعزمهم بعد الحفله..
يحيى بامتعاض :هو انا ناقص ، اسكتي
سلوى : اسكت ازاي....
يحيى بعنف : قولتلك مش ناقص ، اقفلى بؤك انتي فاهمه !
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
همس مالك في اذنها : ده يحيى و خطيبته ، اعز صديق عندي من ايام الدراسه ، ودلوقتي يبقى مدير الشركه اللي بشتغل فيها ...
فاتن بذهول : انت بتتكلم جد ؟
مالك : ايه يعني الغريب في كده !
فاتن باضطراب : ها و لا حاجه ، بس ..
توقفت فاتن عن اكمال جملتها ، فلقد شاهدت يحيى يقترب باتجاههما و برفقته خطيبته..أرادت الهرب و الان ، متوجسه من ردة فعل يحيى ، و الذي بدت عليه الصدمه قبل قليل...
وقف مالك ليسلم على صديقه بحراره
مالك : ما لسه بدري، انتو اتاخرتوا كده ليه..!
يحيى بهدوء لا يعكس النار المشتعله في صدره : معلش الطريق كان زحمه ، و الف مبروك
لكز سلوى ، لتقول بجفاء : مبروك يا مالك ، مش هتعرفنا على خطيبتك..
مالك بابتسامه : طبعا.. فاتن ، دول اعز اصدقاء عندي يحيى و سلوى ...
فاتن :...........
يحيى مصوبا نظره حانقه تجاهها : مبروك يا انسه فاتن..
فاتن بحرج : متشكره
حضرت اسماء ، قائله : يلا يا مالك قوم و ارقص مع خطيبتك ، الناس كلت وشنا من جو النكد اللي عامله ده
مالك و قد لاحظ نظرة سلوى المتفاجئه : نكد ايه ، انا بس مخلي الفرفرشه للاخر..يلا يا فاتن ..
نهضت فاتن تابعه مالك حيث كونت اخواته حلقه في منتصف الصاله ، ليقوما بالرقص وسطها..
بعد دقائق ترك مالك خطيبته بعد اصرار اخواته على اكمالها الرقص برفقتهن ، لينفرد به يحيى..
سأل يحيى : انت مش قولتيلي انك هتخطب جارتكم ؟
مالك : اه ، ما هي فاتن جارتنا
يحيى : هي نقلت عندكو جديد ؟
مالك : لا ده من يجي خمس سنين ، جت و قعدت مع قريبتها الست رقيه جارتنا ..
يحيى بحنق : يعني بئالك خمس سنين على علاقه بيها ..؟
قاطعه مالك : لا مش كده ، لو تقصد اني كنت بحبها و الكلام ده مش مزبوط ، يعني عادي كنا جيران ، وماما رشحتهالي من فتره اني اخطبها و قلبت الموضوع فدماغي و زي ما انت شايف خطبتها
يحيى بانفعال : يعني ايه قلبت الموضوع فدماغك !
مالك : يعني بصراحه كده ...صمت و نظر باتجاه فاتن و التي ترقص برفقة اخواته ...
ليقول : يعني حسبتها بعقلي ، و لئيتها مناسبه ليا من نواحي كتير ..
يحيى بأمل : بالعقل يعني ؟
مالك : بالظبط كده ، و ربنا يسهل و الحب و الموده تيجي ان شاء الله في الجواز
فرك يحيى عنقه ، مترددا ، فلا الزمان و لا المكان يسمحان باخبار الحقيقه لصديقه ، و لكن عن اي حقيقه سيخبره ، هل سيخبره بأنها الفتاه الوحيده التي ملكت قلبه ، هل سيخبره بأنه اقترن بحب عمر صديقه المقرب، أم يخبره بحقيقة أخلاقها ، و لكن اي حقيقه ، فلربما تابت توبه صحيحه ، هل سيقوم بفضح ما ستره الله...تنافرت الافكار في راسه ...
مالك مخرجا يحيى من شروده : طب احنا هنخرج فين بعد الحفله ، يار يت يكون مكان عليه القيمه ، اصل انا حاسس اني غلطت فعمل الخطوبه عالضيق ، فاتن شكلها مدايقه اوي
يحيى : ها ... اه اكيد مكان تحفه ، عيب اصلا تسأل السؤال ده..
انضمت سلوى لهم ، ليقول مالك : طب عن اذنكو ، هاحاول اخلص مالزيطه دي ، عشان نخرج سوا ، احسن الوقت اتاخر جدا
سلوى بحنق بعد انصراف مالك : احنا لسه هنخرج مع البتاعه دي ؟
يحيى بتأفف : سلوى بجد انا مش ناقص ، خلي الليلادي تعدي و بعدين هاشوف اتصرف ازاي..
سلوى بخيبه : لسه هتشوف ، ماشي ، بس خليك فاكر ده صاحب عمرك ، اللي فحياته ما قصر معاك ، و اللي مارتضهوش لنفسك ، يبقى مترضهوش له ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
قاد يحيى سيارته باتجاه المطعم الفاخر و الذي حجز به خصيصا ليحتفل الليله بخطوبه اعز اصدقائه ، و اي احتفال كان ...
جلست بجواره سلوى ، اما مالك فجلس في المقعد الخلفي بجوار فاتن ، تطلع في المرآه الاماميه ناظرا الى فاتن ، والتي تنبأ ملامحها بصراع داخلي مرير .
سأل مالك بفضول : ها حجزتلنا فين .؟
قال يحيى : انا حجزت فريستورانت دونكيشوت
مالك : ده تحفه فعلا
سلوى بامتعاض : فعلا ، بس بيتهيألي فاتن مرحتش هناك قبل كده...
فاتن و قد اخرجها كلام سلوى من شرودها : اه فعلا ، مرحتش قبل كده
مالك : ان شاء الله هيعجبك..الاكل هناك خرافي...و الجو رومانسي جدا
ابتسمت فاتن .. وعادت لشرودها السابق ، و تمنت لو أن مالك انصت لاعتراضها على السهر برفقتهم و اراحها من عبئ تحمل رفقة يحيى و تلك السلوى ، فلم تنس يوما أن الاخيره كانت عاملا في فراقها عن يحيى و تشويه صورتها امامه ، و لكن كيف ارتبط بها ، أكان يكن لها المشاعر كما اعتقدت هي يوما...
تنهدت محتاره ، و غير قادره على توقع ما سيفعله يحيى ، هل سيخبر مالك ...؟
قال مالك قاطعها افكارها : فاتن ، وصلنا خلاص ..هيه.....
فاتن بتلعثم : ايوه .. اها ..
مالك بضحك : لا ده انتي فدنيا تانيه ...
ثم اضاف بعد ترجل يحيى و سلوى من السياره : متقلقيش .. دول هيحبوكي جدا
فاتن في نفسها : انتي هتقولي ، دول بيحبوني حب ...
تبعت مالك و ترجلت من السياره ، ثم سارا جنبا الى جنب ، ليدلفا المطعم سويه ..
قالت سلوى بعد أن جلس الجميع على المائده : ها يا فاتن .. احكيلنا بقى ايه اللي شدك في مالك وخلاكي توافقي عليه ، انا فهمت ان خطوبتكم صالونات ، يعني مفيش حب...
مالك معترضا : فيه احترام و قبول و توافق من كل النواحي ، يبىقى الحب اكيد هيجي بعدين ..
سلوى : طب لو مجاش ، ساعتها الواحد يعمل ايه ، يقضي بقية عمره مع حد مش طايئه ..
هم مالك بالرد عليها ، ليحضر النادل مع قوائم الطعام ، ليقول يحيى بتنهيده : ها تحبو تاكلو ايه..؟
مالك : انا بقترح طبق الشيف السبيشل الليله ..
وافق الجميع على مقترح مالك ، لتعود سلوى بالقول : مالك مجاوبش على سؤالي ، جاوبيني انتي يا فاتن
فاتن و التي كانت متوتره من الموقف باسره : ها.. ..
سلوى بمعنى : لا ده انتي مش معانا خالص ، سرحانه بقى و لا قلقانه من حاجه ؟
مالك بمرح و ناظر لفاتن بحنان : يعني اكيد سرحانه فيا هههههه
فاتن و قد احمرت وجنتاها من تعليقه و نظراته : انا بس محتاجه اروح التواليت ، عن اذنكو..
مالك : طب انا هاجي اوريكي فين ..
فاتن : مفيش داعي ، انا هاعرف السكه لوحدي..
انصرفت فاتن مسرعه ، ليستغل يحيى الفرصه قائلا : طب معلش ثواني ، انا مضطر اعمل مكالمه مهمه .
سلوى بضيق : كمان الشغل ورانا هنا ..
يحيى : عن اذنكو ..
مالك بحنق : ايه انتي بتغيري عليه مالشغل كمان
سلوى بضيق : مش الفكره
ثم قالت بتلعثم : الحقيقه خطوبتك كانت مفاجأه كبيره لينا .. جت بسرعه كده.. و عمري ما تخيلت انك انت بالذات هتتجوز بطريقة الصالونات دي
مالك مبتسما : ما لها طريقة الصالونات ، على الاقل لو الموضوع اتفركش ميكنش الواحد علق قلبه عالفاضي ، وبالعشره الحب اكيد هيجي طالما الطرفين بيراعوا مشاعر بعض...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
جلس تميم في صالون الفيلا مع عمه عبدالرحمن ، الذي سأل : ها هتمشي الليله يا تميم..؟
تميم : و الله كنت مخطط كده ، بس جد جديد و يمكن اعد كمان يومين
عبدالرحمن : خير ، حصل ايه
تميم مبتسما : ابدا ، اصلي ناوي اكمل نص ديني ..
ضحك عبدالرحمن و قال : على اساس انك مش كملته المرتين اللي فاتوا
تميم : و ماله ، الشرع بيقول مثني و ثلاث و رباع ..
عبدالرحمن : ومين سعيدة الحظ ، المرادي مالبلد برده ؟
تميم : ما هو ده اللي جبني هنا
عبدالرحمن : مش فاهم
تميم : اللي عايز اخطبها ، تبقى جارتكم في الشقه القديمه
عبدالرحمن مفكرا : مين يا بني .؟
قال تميم : بالصدفه شافها يحيى و قال انها كانت جيرانكم و اسمها فاتن ، عرفتها ياعمي ؟
عبدالرحمن بغضب : قُطعت سيرتها ، هي و امها
تميم بدهشه : ليه يا عمي ، فهمني الله لا يسيئك
عبدالرحمن : دي بنت مشيها اعوذو بالله .. ابعد عنها يا بن اخوي ، ابعد عنها
تميم بابتسامه : طب كويس
عبدالرحمن : هو ايه اللي كويس ، يعني ان شاء الله صرفت نظر
تميم بتلعثم : اكيد يا عمي اكيد
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أغلقت خديجه الهاتف مع راويه ، والقلق يُزين ملامحها ، ليقول لؤي الجالس بجوارها : ايه خير يا ماما ؟
خديجه : راويه قلقانه اوي على ديما..
لؤي بلهفه : مالها ديما؟
خديجه : اصلها بتقولي انها سجلت جديد فالجيم ، و قالت ساعه و هترجع البيت و دلوقت بقالها يجي ساعتين لا رجعت و لا حتى بترد على تليفونها
لؤي : معقول ، دي الساعه قربت على عشره ، جيم ايه اللي فالوقت ده ؟
خديجه : انا عارفه يا بني
لؤي : طب معرفتيش العنوان و لا اسمه ايه ؟
خديجه : لا ، ليه ؟
لؤي باستعجال : طب كلمي خالتي و اعرفي منها ، و انا هاحضر العربيه و اروح اشوف ايه الحكايه
خديجه : طيب طيب ، هاكلمها حالا...
في غضون نصف ساعه ، وصل لؤي حيث يتواجد الجيم الذي اشتركت به ديما ، صعد الى الطابق الثاني ، ليدلف مباشره الى الصاله الرياضيه ..
جال بنظره بين الحضور الملىء بالشباب والفتيات اللاتي يعتلين أجهزه العدو الكهربائيه ، ليقع نظره على ديما في منتصف الخط ، تقدم منها مسرعا ، ليفاجأ بيد أحدهم على كتفه توقفه عن التقدم : على فين يا حضرة..
استدار لؤي قائلا : و انت مال اهلك..؟
الرجل بهدوء : لو حابب تشترك هنا ، يبقى تملا طلب الاول ، و بالنسبه لمال اهلي ، فهو فعلا مال اهلي ، لان الجيم ده بتاعي...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
فوجئت ديما بحضور لؤي ، استغرقها الامر عدة ثوان لتتخلص من صدمتها ، و التوجه حيث يقف مجادلا للمدرب وائل..
هتفت ديما : لؤي ، انت ايه اللي جابك هنا..؟
لؤي بسخريته المعتاده : خالتي !
ديما : انا بتكلم جد ، انت بتعمل ايه هنا ؟
لؤي : ما قولتلك خالتي ، كانت قلقانه عليكي ، اصلك اتاخرتي و كمان مش بتردي على تليفونك
تدخل وائل قائلا : مزبوط ، اصل انا مانع حد يرد على مكالمات اثناء التمرين..
لؤي : بعد اذنك بكلم مع بنت خالتي ..ها
وائل : يبقى تتفضلوا على جنب ، عشان اعرف اركز مع باقي المشتركين
ديما : اديك اطمنت ، يلا بقى عايزه اكمل التمرين ، خود جنب
لؤي : تكملي ايه ... اتفضلي دلوقت حالا اروحك..
ديما بتافف : قولتلك لسه التمرين مخلصش..هاكمله و نروح ، استبينا يا نجم ؟
لؤي : لا طبعا ، و الجيم ده مش هتدخليه تاني مفهوم..
ديما بتهكم : لا و الله ، و اصله ايه ده ؟
لؤي بحنق : عشان ميصحش يا انسه يا متربيه
ديما : هو ايه اللي ميصحش .؟
لؤي بغيظ : كلامنا مش هنا ؟ اتفضلي اودامي
نظرت ديما له باستخفاف ، ثم اتجهت الى اله السير خاصتها ، و عادت للتمرين ..
لم يتحمل لؤي المنظر ، حيث التصقت الملابس الرياضيه بجسد ديما ، هذا عدا حركتها..
لؤي متمتما : و حاجات طالعه و حاجات نازله كمان ، و اللي ما يشتري يتفرج...
تقدم ممسكا بمرفقها و جارا لها خارج الصاله وسط اعتراضها و ابتسامات الحاضرين و فضولهم الشديد ، عدا وائل الذي خرج قائلا : انسه ديما ، تحبي اندهله السيكوريتي ؟
ديما بحرج : مفيش داعي..
عاد وائل في الداخل تاركا الباب الزجاجي مفتوحا قليلا و ذلك خوفا من حدوث مشكله من القادم المتهور
لتقول ديما : هو انت كل شويه تنطلي زي العفريت فكل حاجه ، مش كفايه طيرتلي العريس المره اللي فاتت..
لؤي : طيرته ، و لا بينته على حقيقته ، ده كان عايز اي عروسه و السلام
ديما : بالعكس بقى انا حسيته عايزني لشخصي بدليل انه فاتحني فالموضوع قبل يحيى
لؤي بتهكم : عيزك لشخصك ... مزبوط فعلا ، بدليل انه خطوبته الليله
ديما : انت بتتكلم جد ؟
لؤي : ايوه ، عامل خطوبه عالضيق و العروسه باين جارتهم حاجه كده
ثم اضاف بعد ان لاحظ الاحمرار يغزو وجنتي ديما : ال عايزني لشخصي ، يا كسفتك يا حازم يا حازم !
ابتسمت ديما لدعابته وقالت : مبسوط اوي حضرتك..
لؤي بتنهيده : طبعا ، اصل لو الواد ده بيحبك كانت هتبقى مشكلة المشاكل يعني بحكم انه صاحب يحيى و انا لازم بقى اتصرف معاه بشكل كويس و كده
ديما : يا سلام ، وايه اللي يمنع تتصرف معاه كويس لو اتخطبنا ؟
لؤي : هتعمليلي عبيطه بقى ، خلاص يا ديما ، احنا كبرنا عالعند ده !
ديما : انت بتتكلم عن ايه ، مش فاهمه ، ابسلوتلي مش فاهمه
لؤي : مش فاهمه اني بحبك ،و بقالي كتير مستني ترجعي ديما اللي على طول بتصدقني و بتؤمن فيا ، اللي لو كل الناس قالت لؤي مش ممكن يعمل ..مش ممكن ينجح ، ترد عليهم و تقول ده هو الوحيد اللي يقدر..
ديما بحسره : اه و ديما دي خدت منك ايه الا التريئه و قلة القيمه، اسمع ده كان لعب عيال بتاع زمان ده
لؤي : فعلا ، كان لازم وقتها افهم انك لسه طفله ، وماخدش رد فعل عنيف زي اللي عملته ، بس انتي متعرفيش كنتي بالنسبالي ايه ، كنتي الوحيده فيهم اللي واقفه فصفي ، ومش هامك رايهم فيا ، ولا شايفاني بنظرتهم ، كنت شايفه لؤي الناجح الطموح مش اللي هما شايفينه ، كنتي فنظري كبيره اوي ، وفاهمه اوي ، متخيلتش ان ده بس جزء منك ، و مكنتش شايف غيره كنت بشوف ديما الناضجه و نسيت انها لسه عيله ، و لو كان جزء جواها كبر و نضج فمش معني ده ان باقي تصرفاتها هتكون بالعقل وا لنضوج نفسه ..
ابتسم لؤي و تابع : بس دلوقتي فهمت ، انتي كبرتي الجزء ده جواكي و اشتغلت عليه عشاني ، عشان احس ان ليا ضهر و في حد مؤمن بيا ، سبقتي سنك عشان تديني امل وثقه يا ديما..انا لولاكي مكنتش بقيت فالمطرح اللي انا فيه انهارده...
ديما بتأثر : طب بس بس ، انا شويه و اعيط
لؤي بابتسامه : بس ايه ، ده لسه التقيل جاي
تنحنح ثم قال : بما انك كنتي هتفكري فالواد مالك ، و يعني مش رافضه مبدا الجواز اثناء الدراسه وكلام البنات الفكسان ده ، يبقى انا اولى مالغريب ، تقبلي تتجوزيني يا ديما ؟؟
ديما بدهشه : ها ..
جثا لؤي على ركبتيه امامها و قال مؤكدا : بحبك و عايز اتجوزك..
ديما : انت بتهرج ، صح !
كان قلب ديما يرقص فرحا ... عندما تغيرت ملامح لؤي ليقول بصدمه : يا نهار اسود.....!
ديما باستنكار : نهار اسود انك طلبتني للجواز، فعلا.. انا كنت حاسه بردو انها حركه ناقصه من بتوعك
لؤي : وافقي الله يكرمك و متكسفيش العبد لله ، ده امه لا اله الا الله على يمينك بتصور بموبايلاتها و فضحتي هتملا المواقع الاجتماعيه ...
نظرت ديما بسرعه الى يمينها ، لتجد رواد الجيم مصطفين خلف الباب الزجاجي ، تعلو ثغرهم الابتسامات ، و تزين ايديهم هواتفهم النقاله بكاميراتها المضاءه
ديما و هي تنتقل بنظرها بين لؤي و المشاهدين من خلف الباب الزجاجي قائله بهذيان : يا نهار ابيض ، كده فضحتنا ادام الناس..
لؤي : حرام عليكي ، وافقي الاول ونبقى نتخانق فالبيت
ديما بتردد : مش عارفه ، انا محتاجه افكر الاول..
لؤي : طب يرضيكي اتفضح كده ، انتي معندكيش اخوات صبيان
ديما مدعيه الجديه : لا معنديش فعلا ..........
ابتلع لؤي ريقه مفكرا في كلماته القادمه ليُحثها على الموافقه
لتتعالي صيحات رواد الجيم : وافقي..وافقي. ....وافقي...
ابتسم لؤي ، ناظرا لها بأمل ، لتقول ديما بهمس : هوافق بس عشان خاطر الجمهور ..ها
لؤي: ها... قولتي ايه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ديما بابتسامه : امري لله ، موافقه
صفق رواد الجيم بحراره ، ليقول لؤي : متشكرين يا جماعه ، نُردهالكم فالافراح بقى
ديما : انت لسه هتعد ترغي ، يلا بينا نروح ، انا عمري رجلي ما هاتعبت الجيم ده تاني
لؤي بابتسامه : ما قولنا مالاول ... ناس مش بتيجي الا....
ديما محذره : نعم !
لؤي : نعم يا روحي نعم ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أمسكت فاتن بمقبض باب الحمام ، ثم أسندت رأسها عليه ، محاولة استجماع شجاعتها في هذا الموقف الذي لم تتوقع حدوثه قط ..
و تمتمت : لولا داده رقيه ، مكنتش وافقت عالخطوبه دي اصلا ، ومكنتش عرضت نفسي للناس دي من تاني ، بس هاعمل ايه دلوقت...؟
عزمت فاتن على الخروج و محاولة التصرف بطبيعتها ، فعلى ما يبدو أن يحيى و تلك السلوى اختارا ان يمثلا على مالك عدم معرفتهما بها ، ربما على الاقل لهذه الليله ..
حركت المقبض و فتحت الباب ، لتضطرب متراجعه الى الخلف..
قال يحيى المتكأ على الحائط المقابل : ايه شفتي عفريت .!
فاتن : لو سمحت ، انا اعصابي تعبانه ومش حمل تريقه..
قاطعها يحيى قائلا بقسوه : اسمعي ، عشان مالك زمانه هيستعوقنا ، مالاخر كده خطوبتك دي لازم تتفسخ ، معاكي لبكره ، اتحججي باي حاجه ، انتي فاهمه !
تنهدت فاتن و قالت بسخريه : و ده من ايه حضرتك ، هو مالك لحق يشتيكلك مني ، مظنش !
يحيى بمعنى : فاتن ، بلاش اللهجه دي معايا ، بس انتي و مالك ..مينفعش ، وصلت المعلومه...؟
فاتن بحنق : بالعكس ينفع و ينفع جدا كمان ...
يحيى بعصبيه : بلاش تعندي يا فاتن ، لو مش عشان اللي عارفه عنك ، يبقى عشان انا مش عايز اخون صاحبي
ثم اضاف بتصميم : انا مش هاديكي الفرصه دي..
فاتن بهدوء : لو على الكلام القديم ، لنفرض لنفرض انه صحيح ، مش معقول جدا اني اتغيرت و تُبت ، ها ..هتفضح اللي ربنا ستره يا يحيى ، ده ربنا غفور رحيم ، هيبقى ضميرك مرتاح ساعتها ، مظنش ان يحيى اللي اعرفه ممكن يكون بالدناءه دي ...
يحيى بسخريه : برافووو، اثرتي فيا جامد ، بس على جثتي لو الخطوبه دي كملت كمان يومين ..
فاتن بغضب : لا هتكمل ، ووريني هتقول لصاحبك ازاي ، مش يمكن ميصدقكش ، انت ليه واثق اوي كده
قاطعها يحيى بغضب : انا قلتلك مش هاسمحلك تخليني اخون صاحبي ، انا مش هاقف اتفرج عليه و هو بيتجوز البنت اللي كنت ماشي معاها ..
فاتن و قد المها وصفه لعلاقتهم ، لذا قالت ببرود : انت محسسني بجد اني كنت عامله بلاوي سوده معاك ، ده معرفتنا كلها متعدتش كام شهر...
يحيى ببرود مماثل : و طب و دلوقتي ، انتي عارفه علاقتنا عامله ازاي ؟
فاتن : علاقة ايه ، ده فاللي خمس سنين اللي فاتوا مشفتكش غير مرتين تخاطيف..
قاطعها يحيى بنبره تهكم : ده في الواقع... طب و الاحلام ..ها قوليلي بقى ازاي اخرجك منها..؟
فاتن بحده : اسمع ، انا مش مضطره اقف و اقولك اي حاجه...
قاطعها مجددا : انتي عارفه حلمت بايه الليله ... حلمتك بيكي نايمه فحضني...
شهقت فاتن ... ليقول يحيى : ها مش كده ببقى بخونه باحلامي ، تحبي اكملك باقي الحلم ، كنا انا و انتي ب...
لم يكمل يحيى جملته ، فلقد صفعته فاتن و بشده ...
زمجر يحيى ساخطا ، اراد ان ينفث عن غضبه منها ومن كل ما يُحيط بهما ، اراد ان يرد لها الصفعه ، و لكنه تراجع ، فليس من شيمه ضرب النساء ، لم يع بنفسه سوى ممسكا بيدها و جاذبا خاتم الخطوبه من اصبعها..
و في خضم صدمتها من تصرفه ، ألقى بالخاتم ارضا ثم قال بعنف : قولتلك بلاش عِند يا فاتن...
وقفت فاتن مُثْقَله بكل أحداث الليله ، تنظر له بأعين مصدومه ، هزت راسها محاولة السيطره على مشاعرها ، و لكن لم تستطع فاجهشت ببكاء مرير ، و تعالت شهقاتها...
" يحيى ....فاتن بتعيط ليه ؟؟؟؟ "
كان ذلك صوت مالك المتسنكر بشده للمشهد امامه ...
نظر يحيى لوجه صديقه الغاضب ، و عُقِّدَ لسانه عن الكلام....
↚
¤ و عليكِ دوما سأغار ¤
-------------------------------------------------------------------------------
تنقل مالك بنظره بين يحيى و فاتن ، و عاد ليسأل يحيى بغضب : فاتن بتعيط ليه ؟
ثم اقترب من فاتن قائلا : ايه اللي بيحصل هنا...!
قال يحيى اخيرا : الدبله ..
مالك : نعم ؟
يحيى بتلعثم : انا كنت بتكلم فالتليفون و لمحتها واقفه هنا بتعيط ، عشان الدبله
ثم اضاف : الدبله ضاعت منها...
مالك بدهشه : ضاعت ازاي و بعدين كل العياط ده عشان الدبله...؟
نظرت فاتن الى يحيى ، الذي اومأ لها لتجاريه في كذبته ، لتقول من بين شهقاتها : ايوه ، اصلها كانت واسعه شويه ، فمش عارفه الظاهر وقعت من صباعي..
ابتسم مالك قائلا : تقومي تتفلقي مالعياط ، يا حببتي انا هجبلك بدالها واحده احسن مية مره ، فداكي مليون دبله يا قلبي ..المهم مش عايز اشوف دموعك دي تاني و على حاجه هايفه كده
حاولت فاتن السيطره على نحيبها ، و الذي ابى الا ان يستمر ، ليقول مالك : و حياه غلاوة داده رقيه عندك لتبطلي عياط ، انا مش متحمل اشوف دموعك دي يا حببتي..
شاهد يحيى باعين حانقه ، تودد مالك محاولا حثها على عدم البكاء ، ليتمتم : حبيتي حببتي ، ده ما صدق..
مالك : بتقول حاجه..؟
يحيى : بقول هادور عالدبله ، اكيد وقعت قريب من هنا...
مالك لفاتن المتسمره في البكاء : خلاص يا حببتي ، كده هيبقى فال وحش علينا ...
فاتن و قد توقفت عن الشهقات: طب انا هافوت جوه ، ازبط وشي...
مالك بابتسامه : مفيش داعي ، وشك قمر منور حتى بالكحله السايحه دي
ضحكت فاتن برقه ، ليخرج مالك منديلا من جيبه و يقول : ثوان بس..
قال ذلك و هو يمرر المنديل اسفل عينيها...
ليقول يحيى ، المشاهد للموقف بغيظ : اهيه ، الدبله ...
مالك : ثوان بس ، ازبط وش القمر ده
يحيى بحنق : ده انت خليته شوارع...
قالت فاتن المحرجه من تصرف مالك و مشاهده يحيى : معلش انا هاخش جوه...
مالك معترضا : قولتلك مفيش داعي ، انتي كده عسل و ربنا
فاتن بحرج بالغ : ثوان بس ، مش هاطول..
دلفت فاتن الى الحمام ، ليقول يحيى متهما : دي بقى اللي مختارها بالعقل و ال ايه مفيش مشاعر ، ده انت واقف تحب على روحك ...
ثم اضاف مقلدا له : حبيتي زي القمر ، حببتي عسل
انفجر مالك ضاحكا : امال هقولها ايه ، يا عيني مفلوقه مالعياط عشان دبله ، دي تلاقيها فاكرني هموتها عشان ضيعتها ، تفتكر انها بتخاف مني ، اصلها انهارده قالتلي اني جد اوي...
يحيى ببرود مخفيا غيظه : خلينا نرجع الطربيزه ، زمانه الاكل وصل..
مالك : روح و هاحصلك..
يحيى بتهكم : ايه ... حبيبة القلب هتوه فالسكه !
مالك : ماتبطل رخامه بقى ، انت ايه حكايتك ؟
يحيى ببرود : ابدا بس مستغربك ، منين مختارها بعقلك و منين اللهفه دي كلها !
مالك :مش لهفه ، ده الواجب و الاصول ، و مش معنى اني لسه محبتهاش يبقى متصرفش بذوق معاها
يحيى بامتعاض : و ماله يا ذوق ...!
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
عاد يحيى الى المائده ، و جلس بجوار سلوى التي قالت بفرح : خلاص الخطوبه هتتفركش و دلوقتي حالا كمان...
يحيى باستغراب : ايه اللي بتقوليه ده..؟
رفعت سلوى كفها و قالت : شايف ده ايه..؟
يحيى بتهكم : موبايل
سلوى : ايوه ، موبايل البتاعه دي ، كان عمال يرن و يرن ، غلبني الفضول ، فتحت شنطتها و طلعته ، و رديت
يحيى مستمعا بعدم تصديق ، لتكمل سلوى : حزر فزر ، مين ؟
يحيى : انتي هتنقطيني ، اخلصي...
سلوى بتأفف : راجل و اول ما سمع صوتي اتلخبط كده ، و بعدين سال عن فاتن ، قولتله زمانها راجعه مع خطيبها، لئيت ده اتعصب و قال خطيبها ازاي يعني ...و بعدين قفل السكه...
امسك يحيى بالهاتف ، محاولا الولوج اليه ، لتقول سلوى : له باسورد ، بس اسم الراجل كِنان...دلوقت هنقول لمالك و نحطها ادام الامر الواقع..
هتف يحيى : انتي متاكده اسمه كِنان..؟
سلوى : ايوه كِنان ، ليه ؟
يحيى شاردا بذهنه : كده يا فاتن ... بتكدبي عليا وانتي عارفه مكانهم
سلوى : مش فاهمه
يحيى و قد انتبه لثرثرة سلوى : كِنان ده اخوها ..
سلوى بخيبه : انت متاكد ؟
قال يحيى و هو يعيد الهاتف لحقيبة فاتن : ايوه و متجبيش سيره عن المكالمه دي ادامها..
سلوى : هي ايه الحكايه..؟
يحيى : هش دول جايين اهم..
عاد مالك ، و برفقته فاتن الى المائده ، ليقول مالك بابتسامه : ايه فين الاكل بقى ؟
سلوى : قولنا للجرسون يأخره شويه ، عشان حضراتكم غطستوا ، كنتو بتعملوا ايه كل ده ؟
مالك بابتسامه : لا ده حصل حتة فصل..هو يحيى مقلكيش
يحيى بضيق : انا لسه يدوب قعدت.. ثم تمتم مع نفسه : مش فاضي احكي غرامياتك !
مالك : طب هاحكيلك ، فاتن يا ستي ضيعت الدبله ، و بعدين جيت لئتها مفلوقه مالعياط ....
قاطعته سلوى : بجد ؟
ثم قالت موجهه حديثها لفاتن : ضيعتي الدبله و كمان بتعيطي فيوم خطوبتك ، ده فال وحش جدا
قال مالك : انا قولت كده برده ...
ثم نظر لفاتن قائلا : اسمعي اقلعي الدبله دي ، انا هاشتريلك واحده تانيه ..
فاتن بحرج: مفيش داعي ...
مالك باصرار : لالا .. انا اتشائمت منها خلاص ، و شفتي كمان سلوى بتقول فال وحش ..و لا ايه رأيك يا يحيى ، دبله جديده احسن ؟
يحيى بنرفزه ناظرا لفاتن : خلاص اقلعيها و ريحينا من زنه ده..
مالك بضيق : انت ايه مشكلتك الليلادي !
سلوى بمعنى : ما انت عارف يحيى مش بيتعود عالناس الجديده بسرعه ..!
مالك و قد لاحظ ارتباك فاتن : ناس جديده !
ثم أضاف : لالا... فكها يا يحيى ، فاتن دي هاتبقى مراه اخوك ، يعني زي اختك تمام ، مش عايز يكون بينكو حساسيه و رسميات ، ها
يحيى بتردد و موجها نظره اتهام لفاتن : اه اكيد .. اكيد
حضر النادل بالطعام لينشغل الجميع بتناول العشاء ، و تبادل الحديث في بعض المواضيع العامه ، عدا فاتن التي آثرت الصمت حتى لا تفضحها مشاعرها ، فلم يكن سهلا عليها الجلوس أمام يحيى دون أن تلقي عليه نظره من حين لآخر ، لم تدري اشوقا له ..ام قلقا مما سيفعله ، و بالطبع لاحظ الاخير مراقبتها له ، لينفرج فاهه عن ابتسامه مملوءه بالسخريه...
مالك بحنان : ايه يا حببتي ، ساكته ليه ، الاكل مش عاجبك..؟
فاتن : ها ...لا ده طعم اوي
مالك بابتسامه : ده انتي اللي طعمه ، طب خودي دي من ايدي بقى....
مد مالك شوكته مقربا اياها من فم فاتن ، لتحمر وجنتا فاتن خجلا ، ليقول مالك : يلا هم يا حببتي
ابتلعت فاتن اللقمه من يده ، لتقول سلوى بغيظ : انا شبعت ، عن اذنكو..
اتجهت سلوى الى الحمام ، ليقول يحيى بتأفف : انا هاطلب الحساب ، و لا لسه عايز تاكل حبيبتك الطعمه حاجه تاني...!
فاتن بحرج : انا شبعت..الحمد لله... و نهضت من مقعدها هي الاخرى مسرعه باتجاه الحمام ...
مالك بضيق : كده كسفتها ، مش معني اني قولت زي اختك يبقى هترحرحها عالآخر ..
يحيى بتأفف : معلش ، انا اسف ، اصل بالي مشغول شويه ، ما انت عارف بالمشاكل اللي فالشغل
مالك بعتاب : تقوم تطلعه على خطيبتي ، هتقول عليا ايه دلوقت !
يحيى : قولت متأسف ، متوجعش دماغي بقى ...!
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
دلفت فاتن الى الحمام ، لتشاهد سلوى تقف امام المرآه تجفف دموعها ...
فاتن بعفويه : الله ، انتي بتعيطي ...؟
سلوى و قد تفاجأت : اااا... ابتلعت ريقها ثم قالت : اصلي حزينه اوي ، مالك ميستهالش يقع فواحده زيك
فاتن بضيق : انا مش هارد عليكي
سلوى : هتردي تقولي ايه اصلا، انا مش عارفه هما بيتهفوا فنافوخوهم ازاي ، الاول يحيى و ربنا كشفك له و دلوقتي مالك ، بس متفرحيش اوي ،ها ...
فاتن بغضب : هو انتي تكدبي الكدبه و بعدين تصدقيها ، اما عجايب و الله
سلوى بسخريه : كدبه ، اه ممكن كدبه بالصوت و الصوره و الشهود ..
فاتن باحتقار : لا شطوره اوي ، و هتعملي ايه بقى بالصوت و الصوره و الشهود الزور بتوعك
سلوى بتصميم : بكره تعرفي ، اوعدك....
اسرعت سلوى بالانصراف لتعود الى المائده ، و في عقلها فكره واحده : الصور و راحت مني ، بس اكيد اللي زي انس عنده مليوون نسخه ، و شاهد بعينه على عمايلها ....
عادت فاتن الى المائده ، ليقول مالك : يلا يا انسات ، زمانه يحيى هيطق بره ...
فاتن بهمس : احنا هنروح معاهم !
مالك : لو تحبي نسهر فحته تانيه ، انا معنديش مانع
فاتن: لا مفيش داعي ، بس مكنتش حابه نتقل على صحابك
سلوى بغيظ : احنا مش صحاب مالك و بس ، احنا نعتبر عيله واحده..
اتخذ الثلاثه مقاعدهم في السياره ، لينطلق يحيى في طريق العوده
مالك بتأفف : الله انتي لسه لابسه الدبله دي يا فاتن !
فاتن : ها ..اه ما انا هاقعلها بقى اما اشتري واحده بدالها
مالك : مين دي اللي تشتري ، انتي بقيتي فمسئولية راجل ، يعني اي حاجه تعوزيها انا اللي هاجبهالك ، اي حاجه ، اشحال الدبله ..
نظر مالك للامام ، مربتا على مقعد يحيى : اسمع وصلني لاي جواهرجي ، خلينا نخلص من الدبله الشؤم دي
يحيى بضيق : جواهرجي ايه اللي هيفتح دلوقتي..؟؟؟
سلوى بغيظ : تقلعها دلوقتي و بكره هيحلها الحلال ..
مالك بخيبه : طب هاتيها اتصرف فيها بقى
خلعت فاتن الدبله ، لياخذها مالك ، و يفتح نافذه السياره ، لتشهق فاتن : اوعي ترميها ..
مالك متراجعا : انتي عايزه تحتفظي بيها يعني ؟
سلوى بضحك مزيف : يمكن هتبيعها و تتنفع بتمنها ولا حاجه
لاحظت فاتن اصرار سلوى على استفزازها ، حسنا لن تنال غايتها ، لذا ردت بلامبالاه : لا مش كده ، بس بجد مش هاقدر ارميها
مالك : لكن دي فالها هيبقى وحش علينا
فاتن بتصميم : برده مش هرميها
ابتسم مالك مداعبا : اه .. يبقى سلوى كلامها صحيح
فاتن مبتسمه هي الاخرى : مش صحيح ابدا ، بس اصلي كنت ناويه اعمل زي بابا
مالك : الله انتي مش قولتي باباكي ..يعني مش بيسأل عليكي وكده
سلوى بفرح : و الله ، و ليه بقى ؟
مالك : لا دي قصه طويله ..، قوليلي الاول يا فاتن باباكي عمل ايه ؟
فاتن بابتسامه : لما بابا و ماما اطلقوا ، ماما قامت راميه الدبله فوشه ، هو صعبت عليه نفسه ، و خاف على ماما جدا ، يعني بالرغم من صعوبة التفاهم ما بينهم بس هو قالي انه كان بيحبها جدا ، و عندهم في قريته فايطاليا اسطوره ان اللي بيرمي دبلته او بيبعها عمره ما هيرتبط بالانسان اللي بيحبه ، عشان كده بابا قام واخد الدبلتين بتوعهم ... وقرر يديهم لاي اتنين بيحبوا بعض ..
مالك بابتسامه : و مين سعدا الحظ بقى اللي خدوا الدبل ؟
فاتن : مش عارفه ، هو قالي انه استنى على باب مدرسه ثانوي، وقام مديهم لاول بنت و ولد شافهم ماسكين ايدين بعض
مالك : رومانسي اوي باباكي ده ..
فاتن بحزن : اه
مالك : لا لا انا مش عايز اشوف نظرة الحزن دي فعنيكي تاني ، انا من السعادي هاكون بابا و اخوكي و حبيبك و سندك العمر كله...و هو الخسران على فكره في حد ميسألش على بنته و خصوصا لو البنت بالرقه و الجمال ده ...معندوش نظر على فكره
تأففت سلوى و لم تدر لم شعرت بالغيره الشديده لملاطفة مالك لخطيبته ، لم يكن السبب هو سوء اخلاقها وفقط و انها لا تستحق شاب مثل مالك ، و لكن هناك اسباب اخرى لم تشأ الاعتراف بها ..
اما يحيى فلقد تشابكت نظراته عبر المراه بفاتن ليلاحظ ابتسامه الرضى تُزين عينيها ، و لكنها اشاحت بنظرها مجددا باتجاه مالك
تمتم يحيى حانقا : ده شكله هياكل بعقلها حلاوه ..
مالك : ها يا يحيى بتقول ايه ؟
يحيى بسخريه : بقول الموقف مؤثر اوي بتاع باباكي يا فاتن ، تصدقو انا الدمعه كانت هاتفر من عيني
مالك و قد انزعج من اسلوب يحيى طوال الامسيه : ما تبطل رخامه بقى !
سلوى بضيق و غير قادره على السيطره على مشاعرها : و انتو كمان بطلوا الاوفر ده ..!
مالك بخيبه : طب متشكرين اوي على العزومه ، وقف هنا يا يحيى ، عشان منزعجكوش اكتر من كده
يحيى بجديه : الله يا مالك عيب كده ، احنا بنهزر معاك ، يعني عشان فاتن تاخد علينا بسرعه ، و لا ايه يا سلوى ؟
سلوى بضيق : طبعا ، طبعا ، متبقاش حساس اوي كده
مالك : لا بجد وقف العربيه ، انا جتني فكره انما ايه ؟؟؟
فاتن بحماس: ايه هي ؟؟
نظر مالك لها مبتسما وقال : هنعمل زي ما عمل باباكي بالظبط
فاتن : بجد..؟
مالك : طبعا ، اركن على جنب يا يحيى .. خلينا نشوف مين سعدا الحظ الليلادي
أوقف يحيى السياره على مضض بعد تصميم مالك ، ليترجل الاخير و برفقته فاتن من السياره ...
فاتن بابتسامه : هنعمل ايه دلوقت ؟
مالك : هاتي ايدك ، و هتشوفي....
أمسكت فاتن بيده الممدوده ، ليقول مالك بتنهيده مصطنعه : استعنا على الشقا بالله
ضحكت فاتن ، و قطعت الطريق الى الضفه الثانيه برفقته...
بقي يحيى و سلوى يشاهدان من بعيد ، سلوى غارقه في مشاعر متناقضه لم تفهم لها سببا ، اما يحيى فلقد راقبهما بقلب منفطر تنهشه الغيره الحارقه ، ليوبخه عقله فلقد عاهد نفسه ان يمضي في حياته قدما ، و يحذفها من قلبه ، و لكن ابى قلبه ذلك متمتما : " عليها دوما سأغار "
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
بعد التجوال لعدة دقائق ، قام مالك و فاتن باهداء الدبله لبائع الدره المشوي و الذي رافقته زوجته على غير العاده في هذه الليله...
عادا الى السياره يسبقهما صوت ضحكاتهم ...دلفا الى الداخل ، ليقول مالك : سوري يا يحيى ، عطلناكو بس هنرودهالكو في الافراح ان شاء الله...
يحيى : المهم تكونو ا اتسطتوا بالجنان اللي عملتوه ده
قهقه مالك : اه لو سمعت الراجل و هو مصدوم و مش مصدق كنت هتفصل ضحك
نظر يحيى مره اخرى عبر المراه لتتلاقي عينيه بفاتن ، و يسأل : و انتي يا فاتن ، فصلتي ضحك برده ؟
فاتن بابتسامه لم تصل الى عينيها : اه لذيذ اوي الراجل ده هو و مراته....
بقي لثوان يحدق في عينيها المملوءه بالحزن و الشجن الذي أعطاه املا ، فعلى ما يبدو لم يؤثر فيها مالك بعد و يملك قلبها...
سلوى بتأفف : ما تيلا يا يحيى .. انا اتاخرت جامد
انطلق يحيى بالسياره ، محاولا التركيز على الطريق وليس على تلك القابعه خلفه ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
بعد أن قام بايصال سلوى أولا ، قال يحيى مقترحا : انا هاوصلك الاول يا مالك ، عشان انا و فاتن نفس الطريق ، هايبقى كده اسهل
مالك معترضا : ازاي يعني ، عايزني اسيب خطيبتي تروح لوحدها فالوقت ده
يحيى بامتعاض : لوحدها ازاي ، ما انا هاوصلها ، و لا انت مش مأمن عليها معايا !
مالك : مش قصدي ، بس ميصحش اسيبها تروح لوحدها
تلاقت عيني فاتن بنظرات يحيى الغاضبه في المرآه ، لن تجبن أمامه ، لذا قالت : عادي يا مالك ، اصلا زمانا هنوصل شقتكو الجديده ، حرام يحيى يرجع الطريق ده كله عشان يوصلني و بعدين يرجع تاني يوصلك
مالك بتردد : يعني مش هتزعلي و تقولي سابني اروح لوحدي ؟
فاتن بابتسامه : طبعا لا ، هو انا عقلي صغير للدرجادي
ابتسم مالك : ما هو ده اللي عجبني فيكي عقلك ...
ثم أضاف مداعبا : وشوية حاجات كمان ، تحبي تعرفيها ..؟
ابتسمت فاتن بحرج ، ليقول مالك : اهو ده ، خدودك دي اللي على طول بتحمر من الخجل ، حياءك
تأفف يحيى مقاطعا ، بعد أن اوقف السياره أمام البنايه التي يقطن بها مالك : وصلنا اهو ، اتفضل
ترجل مالك من السياره و أغلق الباب خلفه ، ليستدير و يتكأ بساعديه على نافذه السياره بعد أن احنى جسده و قال ناظرا لفاتن : تصبحي على خير يا ارق و اجمل بنوته فالدنيا
انكمشت فاتن في مقعدها حرجا من كلمات مالك و نظرات يحيى الغاضبه ، ليضحك مالك قائلا : كسوفه اووي ، بس متقلقيش بكره نتعود على بعض جدا
تنحنح يحيى قائلا بانفعال : تحب اجبلكم شجره و اتنين لمون !
هز مالك رأسه ثم قال بابتسامه لفاتن المحرجه من الموقف : هو صحيح انه my best friend ، بس مش معنى كده ان طبعنا واحد ، انا رومانسي جدا على فكره
نفخ يحيى ضيقا ، لتقول فاتن : طب تصبح على خير بقى و سلم على ماما و البنات
مالك : يوصل يا البي
استغل يحيى ابتعاد مالك عن النافذه ، لينطلق بالسياره بسرعه جنونيه علها تخفف شيئا من غضبه..
تنهدت فاتن و قالت بعد أن استمر يحيى في سرعته الجنونيه : لو فاكر هتخوفني بحركات العيال دي ، تبقى غلطان ، وانا وافقت انك تروحني عشان تبقى عارف كويس اني مش هافسخ الخطوبه ، انت فاهم ؟
ضرب يحيى بيده على المقود غاضبا ، ثم و بطريقه جنونيه ، أدار سيارته ، ليدخل في احدى الشوارع الفرعيه...
هتفت فاتن بحده : قولتلك بطل حركات العيال دي !
أوقف يحيى السياره بغته قائلا بغضب : و ربنا لو ما اتعدلتي و اتكلمتي كويس ، لانزل اعرفك شغل العيال على اصوله ....
لم تستطع فاتن البقاء في السياره ، فتحت الباب غاضبه ، و ترجلت مسرعه في طريق الشارع العام ، ليتبعها يحيى حانقا ...
يحيى بغضب : استنى هنا ، استنى بقولك...
اقترب منها ، و امسك بمرفقها ، لتصرخ فاتن : شيل ايدك ، ...
ليقول أحد الماره : يخرب بيوتكو مليتو البلد
يحيى بحنق : هتخلينا فرجه للرايح و الجاي ، ارجعي اركبي العربيه احسنلك
فاتن بغيظ : لا مش هاركب ، و سبني فحالي بقى ..
انتزعت مرفقها من قبضته و انطلقت مسرعه ، وقف يحيى مراقبا لها بغضب عارم ، حاول تهدئة اعصابه ليرى احد الشباب يقوم بتتبعها و مضايقتها
تأفف وانطلق مسرعا في اثرها ، ليجذب الشاب من قميصه قائلا : اتكل على الله و خلي ليلتك دي تعدي على خير
التفت الشاب ثم قال ساخرا : هو انت فاكر عشان لابس بدله ماركه ، هتستقوي عليا ، لا ده انا هاعرفك مقامك
و قام بدفع يحيى بعنف الى الخلف، على الفور رد له يحيى الضربه مضاعفه ..
فاتن بهلع : يحيى سيبه و خلينا نمشي
لم يسمع رجائها فلقد سدد الشاب عدة ضربات متتاليه ليحيى لينخرطا في قتال تجمع على اثره بعض الماره ....و الذي لم يحرك احدهم ساكنا لفض القتال
فور تجمع الماره لاحظت فاتن ملامح القلق تزين وجه الشاب و الذي سقط ارضا بعد تلقيه عدة لكمات من يحيى ، ليقول احدهم محذرا : ده معاه مطوه....
دون ان تعي تقدمت فاتن امام يحيى ، و في نفس اللحظه نهض الشاب فارا من المكان بعد أن سُمعت صفارات الشرطه في مكان قريب..
اما يحيى فأدار فاتن لمواجهته قائلا بغضب : انتي اتجننتي ؟
قالت فاتن و التي تزين ملامحها علامات الفزع الشديد : انت اللي مجنون ، مجنون ، ده كان ممكن يقتلك
ليقول احد الواقفين بجوارهم : خلاص يا بنتي ، جت سليمه
تطلعت فاتن حولها بحرج ، لتلاحظ المتفرجين على المشهد
اجتذبها يحيى من مرفقها بغضب و قال : ما هو انتي لو مش بتعندي مكنتش اضطريت اعمل كده
فاتن بضيق : طيب سيب دراعي ، انا هاركب العربيه اهو
ركبا السياره ليقول يحيى : انا اسف ، انا فعلا غلطت فحقك ، و مش من حقي اقولك تفسخي الخطوبه ، انتي حره يا فاتن ، بس لو فاضلي ذره حب او معزه عندك ، بلاش يا فاتن ، بلاش تعذبيني بالشكل ده ، مقدرش اشوفك مرات اعز صاحب عندي ، ارجوكي يا فاتن، ارجوكي...
رن هاتف فاتن ليقطع عليه استرساله في الحديث ، اخرجت فاتن هاتفها من الحقيبه
و اجابت :الو ...ايوه يا مالك ........ لا ..شويه
انصت يحيى لجانبها من المكالمه بقلب تنهشه نار الغيره
لتضيف فاتن بابتسامه : انا اول ما اوصل هاكلمك مفيش داعي تتسنى معايا عالخط
حينها انتزع يحيي الهاتف من يدها ، لاغيا المكالمه ، ليقول بغضب : انتي ايه .... ناويه تموتيني !
فاتن بتأفف : اديني الموبايل لو سمحت
يحيى بحنق : طيب ، ابعتيله مسج انك وصلتي ، انا مش هاطيق تكلميه اودامي
فاتن بتحد : لا مش هابعت حاجه ..
رن الهاتف مره اخرى ، ليقوم يحيى على الفور بالغاء المكالمه و اغلاق الهاتف الخاص بفاتن
فاتن بانفعال : انت عايز مني ايه حرام عليك
يحيى بحزن : خلاص معدش ينفع اعوز حاجه منك اصلا ، على الاقل عشان خاطر مالك ، بس كمان عشان خاطره لازم اقولهالك ، سيبيه يا فاتن مش عشاني ، عشان هو يستحق حد يحبه بقلب ليه وحده
قاطعته فاتن : ايوه ايوه فاهمه و انا بالماضي الاسود بتاعي مستحقش حد زيه
يحيى بتنهيده : الماضي محدش له حق يحاسبك عليه لا انا و لا مالك ، بس الحاضر يا فاتن ، دلوقتي ، اللي عملتيه قبل شويه و القلق اللي كان مالي عينيكي بين مشاعرك الحقيقه ، هتتجوزي راجل و قلبك متعلق باعز صاحب عنده ...
ثم صمت منهيا الحديث الدائر بينها ، لتشيح فاتن بنظرها عنه خجلى من تصرفها قبل قليل و الذي فضح مشاعرها امامه ، اما يحيى فلقد قاد السياره بسرعه كبيره ، ليصلا بعد دقائق امام البنايه ، ليوقف يحيى السياره و تترجل فاتن منها مسرعه ...
تبعها يحيى ، لتقول فاتن : انت ماشي ورايا ليه ؟
يحيى : هاوصلك فوق ، الوقت متأخر ..
فاتن بضيق : مفيش داعي ...
يحيى بفروغ صبر : لا فيه ، ثم قال بعد أن همت بالرد عليه : هاوصلك يعني هاوصلك ، متتعبيش نفسك !
تأففت فاتن ، و سارت بصمت ليدلفا المصعد سويه ...
و فور وصول المصعد الى غايتها خرجت منه مسرعه باتجاه الشقه ، و رغما عنها التفتت لتُلقي نظره خلفها لتفاجىء باتكاء يحيى على باب المصعد ناظرا لها و في عينيه حزن كبير ..
لم تقو على مشاهدته ، دلفت مسرعه الى الشقه و اغلقت الباب بعنف ، فليس من حقه أن يُشعرها بتأنيب الضمير ، لقد اختار سابقا البُعد و تصديق الأكاذيب عنها و ما زال ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
لم تستطع سلوى النوم ، امسكت بهاتفها لتطلب يحيى ...
أجابها : انتي لسه صاحيه ..؟
سلوى بقلق : مش جيلي نوم ، هتعمل ايه مع البت دي ؟
يحيى بتأفف و محاولا التخلص من سلوى : خلاص هي وعدتني انها هتفسخ الخطوبه ، متشغليش بالك بقى
فلقد راوده احساس قوي بان فاتن لن تكمل في تلك الخطوبه ، او بالاحرى تمنى ذلك و بشده
سلوى بانفعال : يا سلام ، وانت صدقتها بكل بسهوله كده
يحيى بضيق : ايوه صدقتها ، و مظنش انها بتكدب و قفلى عالسيره دي نهائي ، انتي فاهمه !
كتمت سلوى غيظها و قالت : حاضر حاضر ..
أغلقت الخط مع يحيى ، و لكن لم تستطع العوده للنوم ، هاتفت شيرين
شيرين بتثاؤب : الو
سلوى : شيري بليز صحصحي كده معايا
شيرين : خير ، مالك ؟
روت سلوى ما حصل الليله في خطبة مالك ، لتقول شيرين : بجد ، قابلتيها ؟؟
سلوى بعدم فهم : ايوه ، بس مالك متأثره اوي كده ليه ؟
شيرين بتنهيده : اه... دي هي اللي وجعالي ضميري بقالها مده يا سلوى
سلوى : ازاي يعني ؟
شيرين : عشان صورها و الكلام اللي اقنعتك بيه وقتها
سلوى : انتي عملتي الصح و خيانتها ليحيى مع اخوه كانت واضحه زي الشمس
شيرين : ايوه هي خانته ، بس برده مكنش لازم نشهد و نقول كلام محصلش خصوصا الصور و موضوع انس و مجيها المكتب ، انا اتبليت عليها يا سلوى ، فاهمه ده معناه ايه
سلوى : انتي عايزه توصلي لايه بالظبط ؟
شيرين : عايزه اشوفها واطلب منها تسامحني ، انا اخاف اللي عملته يتردلي فبنتي يا سلوى
تأففت سلوى و قالت : هو ده وقته ، بقولك مالك خطبها ، تقوليلي استسمحها ، ايه العبط ده ، بدال ما تقوليلي طريقه اقنع مالك بيها من غير ما اكلم الزفت انس ده
شيرين بقلق : انس مين ده اللي تكلميه ، اوعي يا بنتي ، ده شيطان في هيئة بني ادم
سلوى بامتعاض : امال ازاي هاكشفها لمالك و اوريه حقيقتها و خيانتها ليحيى قبل كده ؟
شيرين : طب مش جايز تابت ، ليه نفضح اللي ربنا ستره ، و تعالي هنا ، احنا مش اتفقنا خلاص معدش ليكي علاقه بمالك و خصوصياته ، كده انتي بتغلطي فحق يحيى جامد
امتعضت سلوى و قالت : طيب طيب ، انا هاقفل عشان اسيبك تنامي
شيرين : اسمعي ، انا بجد عايزه اقابلها و اعتذرلها
سلوى : ربنا يسهل ....
اغلقت سلوى الهاتف للمره الثانيه على التوالي محبطه من صديقتها و خطيبها ...
و تمتمت : مش هاسمحلها تخدعه ، حرام بجد حرام ...حتى لو هالجأ للشيطان لازم انقذ مالك ، كفايه اللي حصله بسببي ...
فتحت حاسوبها الشخصي ، و دلفت الي الفيس باحثه عن حساب انس ، و بسهوله وجدته نظرا للاصدقاء المشتركين بينهما من ايام الدراسه
بعثت له برساله ، ليرد في الحال بعد أن قبل طلب صداقتها : سلوى ياااااااه عاش من سمع منك
سلوى : معلش بقى ...المهم انت ازيك ؟
انس : الحمد لله ، اتجوزت دلوقتي و بقى عندي بنت و الحمد لله ربنا رزقني بانسانه قمه فالاحترام و التدين
سلوى : الحمد لله ، بس صاحبك للاسف ربنا وقعه في بنت ... مش عايزه اكمل بس انت تقدر تساعده
انس : تقصدي مين ؟
سلوى : مالك يا انس ، فاكر البنت اللي يحيى كان مرتبط بيها زمان ، اللي جبتلنا صورها و كشفتها
انس غير مصدق : فاتن !!!!!!!!!!
سلوى : ايوه ، دلوقتي مالك خطبها و بدون تفاصيل كتير، انا عايزاكي تساعديني نكشف حقيقتها له
انس : عنيا انت تؤمرني ، بس ايه المطلوب مني ؟.
سلوى : عايزاك تشهد ادامه بعمايلها و لو عندك صورها هيكون احسن و احسن
انس : طبعا طبعا لسه عندي اكيد فالجهاز القديم ، بس انتي عارفه بقى انا ورايا مسئوليات و كلك نظر
سلوى : ايوه ربنا يقويك
انس : كده ببلاش ، مش تقدري يا هندسه
سلوى بخيبه : اه بقى كده ، طيب مش هنتخلف ، المهم تكون اد كلمتك و تشهد ادام مالك
انس : متقلقيش
استمرت المحادثه حتى اتفقت سلوى معه على مبلغ معين في سبيل خدماته ، ثم اغلقت حاسوبها راجيه ان يقتنع مالك و يتركها ....
اما انس فابتسم و اخيرا سيشفي غليله من فاتن ، و تمتم : ياااااااه مكنتش فاكر ان اللحظه دي هتيجي ابدا ، لا و كمان هاطلع بقرشين حلوين
قالت زوجته خلود : مالك... مبسوط كده ليه...؟
انس : ها .. ابدا قريت نكته كده
خلود : طيب متنساش بكره ، انت وعدت خديجه هتفسحنا بعد الشغل
انس مبتسما : طبعا طبعا هافسح روح باباها ديجا اكيد
ثم تمتم في نفسه : امال الهبره اللي هاخدها هاعمل فيها ايه
↚
¤ صوره من الصعبِ أن تُمحى ¤
-----------------------------------------------------
حاولت فاتن طلب أخيها كِنان هذا الصباح و الاطمئنان عليه ، فيبدو انه قام البارحه بمكالمتها عدة مرات...
و في المحاوله الثانيه أجابها : فاتن ، اخيرا...
فاتن : خير يا كِنان، مال صوتك ، طمني عليكو
كِنان : الاول انتي طمنيني عليكي ، ايه اللي سمعته امبارح؟
فاتن بقلق : سمعت ايه مش فاهمه ؟
كِنان: امبارح كلمتك وواحده ردت عتيلفونك سألتها عنك ، قالت ثوان و هتيجي مع خطيبك !
تنهدت فاتن مستاءه من تصرف تلك السلوى ، فلقد لاحظت في هاتفها مكالمه وارده من كِنان ، و لكنها اعتقدت ان الخط فُتح تلقائيا ، اما الان فتأكدت بأن سلوى قد قامت بالرد على هاتفها و التعدي على خصوصياتها ايضا ، مما زاد من نقهما عليها
فاتن محاولة اختلاق اي عذر : ده اكيد غلطت في النمره ، مش معقول يعني هاخطب من غير ما اقولك ، و امبارح تحديدا نمت بدري ، فمخدتش بالي انك كلمتني اصلا ...
كِنان : فاتن ، اوعي تخبي عليا حاجه ...!
فاتن :هاخبي اني اتخطبت ، معقول يا كِنان !
عضت فاتن على شفتها السفلى مستغفره ربها على تلك الاكاذيب التي ورطت نفسها بها...
كِنان : طب اسمعي ، انا محتاجلك جدا
سألت فاتن بقلق : خير ، مالك في ايه ؟
قال كِنان : زي ما انتي عارفه بابا الله يرحمه ، و بقية اخواتي هاجروا على كندا ، والوضع هنا اتضحلي انه خطر جدا.
قاطعته فاتن : خطر ... ليه ، البُعدا ناويين على ايه...؟
قال كِنان : بعدين هأشرحلك ، بس دلوقتي أنا مضطر أسَفر ليلى و يامن عشان الوضع و لسه الفيزا على كندا محتاجه وقت كبير زي ما فهمت من أخويا ، فعبال ما تطلعلهم الفيزا هابعتهم مصر ، فعايزك تاخدي بالك منهم يا فاتن.
قالت فاتن بصوت حانِ : دول في عنيا الاتنين ، بس مش خايف حد ياخد خبر !
قال كِنان : الرك عليكي ، أنا مش عايزهم يخرجوا أبداً خصوصا ليلى ، انتي عارفه لو حد شافها بالصدفه هيحصلها ايه .
قالت فاتن : اطمن ، المهم دلوقتي عايزه أفهم الوضع عندكو عامل ازاي ، و بعدين انت ليه مش هتيجي معاهم طالما الوضع خطير.
قال كِنان : ازاي هآجي ، ده هيحتاجوني اوي فالشغل الأيام الجايه
فاتن : طب هيجوا مصر امتي ؟
كِنان : انا لسه مش قولت لليلى ، حبيت اقولك انتي الاول عشان ترتبي امورك ، و اول ما اقول لليلى هابلغك
فاتن : طب خلي بالك من نفسك
كِنان : لا اله الا الله ...
فاتن : محمد رسول الله...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
نظر كِنان إلى زوجته ليلي و هي تلاعب ابنهما يامن بأعينٍ حانيه ، و قلب مُحب ، و استعاد شريط ذكرياته معها ، و كيف قدمت له الكثير و رضت بالقليل القليل ، و لكن اليوم لن يدعها تضحي أكثر من ذلك ، عليه أن يخبرها قراره الذي لا جدال فيه .
قال كِنان بعد أن رقد الصغير في فراشه أخيراً : فاتن كلمتني من شويه.
قالت ليلي : طب مش كنت تخليني أسلم عليها .
كِنان : معلش أصلي كنت عاوزها في موضوع مهم ، و نسيت أقولك.
ليلى : و الموضوع ده سر و لا ممكن مراتك حبيبتك تعرفه.
ابتسم كِنان لفضول زوجته و قال : مش سر و لا حاجه ، ده يخصك انتي و يامن.
سألت ليلى بقلق : خير ...؟
قال كِنان بحزم : أنا قررت إنك هتسافري انتي و يامن و تقعدوا مع فاتن في مصر.
تنهدت ليلي و قالت بفرح : بجد و النبي اخيرا ..ثم استدركت و سألت : و حضرتك ، هتقعد فين .؟
قال كِنان : أنا مش هسافر هأفضل هنا.
ليلى باستنكار: انا مش فاهمه حاجه ، ايه اللي غير رايك فجاه و عايزني انزل لمصر و كمان مش هتكون معانا
كِنان : الوضع هنا خطر جدا
ليلى : ما احنا جينا هنا و عارفين ان احتمال الاوضاع متكنش مستقره
قال كِنان : المرادي في أخبار و تحليلات كتير بتقول إن الوضع هيكون خطير جداً ، و مش آمن ، و أنا مش هقدر أبقى في وسط كل ده و أكون كمان قلقان عليكو ، كده هافقد تركيزي .
قالت ليلي : و أنا مطرح ما يكون جوزي هأفضل معاه ، و لا نسيت احنا متفقين على ايه.
قال كِنان بصوت حانٍ : لا منستش ، بس انتي لازم دلوقتي متنسيش إنه بقى عندنا يامن ، ولو لا قدر الله حصل لواحد فينا حاجه ، يكون التاني موجود و ياخد باله منه .
قالت ليلي بعنف : بعد الشر عليك ، ليه الكلام اللي يحزن ده
ثم أضافت بيأس : طب افرض حد عرف إني نزلت مصر..
قاطعها كِنان : محدش هيعرف ، لانك هتوعديني دلوقتي إنك هتخلي بالك و مش هتخرجي إلا للضروره القصوى يا ليلى ..
قالت ليلي بفتور : جميل اوي ، يعني هنبقى بُعاد عنك و كمان محبوسين ..يا كِنان..
قاطعها كِنان و قال بعتاب : و أنا هاكون وسط النار يا ليلى ، مش عايزه بالي يكون مرتاح.
قالت ليلي باستسلام : عموما لسه بدري عالكلام ده ، لأننا زي ما انت عارف لو حبينا نسافر لازم نسجل أسامينا قبليها بشهر عند السفاره.
قال كِنان بحرج : ما أنا عملت كده و كلها كام يوم و يطلع التصريح.
قالت ليلى بعتاب : ده اللي احنا متفقين عليه ، تخطط كل ده لوحدك من غير ما تقولي .
قال كِنان : أنا آسف ، بس محبتش أقلقك .
قالت ليلى برقه : و لا يهمك يا حبيبي ، بس انا مقدرش اسيبك مقدرش ، لازم تكون معانا.
كِنان لاقناعها : طيب ، اوعدك مش هتاخر ، اول ما ازبط وضعي فالشغل هاحصلكم
ليلى : انا مش مطمنه يا كِنان
كِنان : انا وعدتك يا ليلى ، انا عمري خلفت وعدي !
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
كانت فاتن في طريقها للولوج الى السوبرماركت عندما فاجئها تميم مناديا : انسه فاتن...
استدارت فاتن متأففه ، ليس من ملاحقته لها فقط ، و لكن لمعرفتها بأنه من جعل حياه ليلى و كِنان تعيسه
حتى وقتنا هذا...
فاتن بتأفف : يا حضرة عيب اللي بتعمله ده
تميم : الله انتي هتعمليلي خضره الشريفه ، ما خلاص عرفت اللي فيها
فاتن : اللي فيها انك واحد متخلف و مش متربي
تميم : ما تخلصي وتقوليلي سعرك كام ، مش فاضي لدلع النسوان المرىء ده
فاتن : استغفر الله العظيم ، انت عارف لو ممشتش من هنا انا هاقدم فيك بلاغ فالقسم
قالت ذلك و دلفت مسرعه الى السوبرماركت
ليتمتم تميم : ماشي ماشي ، شكلها محترفه بنت الايه بس مسيري اعرف تمنك ، ثم ابتسم و قد عنّت له فكره !
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
حضر مالك مسرعا الى المقهى الذي بعثت سلوى بعنوانه على الرساله تخبره بأنها تحتاجه في امر مهم ، جال بنظره ليجدها تجلس في احد الزوايا و برفقتها..أنس ..لم يصدق عيناه
و تمتم : الله ، ايه الحكايه ، انس ...؟
تقدم منهم ، ليقف انس مسلما عليه بحراره ، جلس مالك و سأل بقلق : مالك يا سلوى ، ايه اللي حصل.؟
سلوى : انا مش هاتكلم هاسيب انس يشرحلك كل حاجه ، بس عموما الموضوع له علاقه بخطيبتك
مالك : فاتن ، مالها ، و ايه علاقة انس بيها اصلا...!
انس ببرود : قول ايه علاقتها بالشعب كله..!
مالك بغضب: احترم نفسك ..
انس : اسمع ، انا مش هاتكلم ، هاوريك الصور الاول و بعدين هاوضحلك كل حاجه عشان متتحمئش كده عالفاضي..
نظر مالك لسلوى ، لتقول : شوف الصور الاول يا مالك..ارجوك
اخرج فلاشه من جيبه و قال : معلش هاتعبك ، شغلها عندك عالفون و شوف بعينك...
قام مالك بالفعل بتشغيل الفلاشه ، ليشاهد مجموعه من الصور لاحدى الفتيات بملابس فاضحه و اوضاع مخله ، لم يدقق مالك النظر في الصور ، بل اغلق الهاتف قائلا : اعوذ بالله منك ، ايه ده !
اجتذب انس الهاتف و قام بفتحه و قال : بص كويس ، دي خطيبتك المصونه ، الانسه فاتن..
عاد مالك يتفحص الصور ، ليهتف غير مصدق : مش معقول .. بجد مش مصدق !
لتقول سلوى : لا صدق ، كمل يا انس احكيله كانت مرافقه مين..
انس : سيبك مني ، انا مش هاتكلم كانت بتعمل معايا ايه ، الصور دي احسن دليل ، بس صديق عمرك يحيى ، اساله كده مين البنت اللي كان ماشي معاها من خمس سنين ، مين اللي كان هيموت عليها و ادته اكبر الم في حياته كلها ، دي على كلام سلوى كمان خانته مع اخوه ...
سلوى متدخله : يحيى كان هيقولك ، بس خاف عليك مالصدمه ، و ما زال مش عارف يتصرف انت شايف الوضع محرج اد ايه ، عشان كده انا قررت اشيل عنه المسئوليه واتصرف بمعرفتي
مالك : انتو بتهرجوا ، بجد انا مش مصدق...
سلوى باعين مترجيه : صدقني يا مالك ، و اهي الصور عندك ، في واحده محترمه تتصور بالطريقه دي
هز مالك راسه ، ممسكا هاتفه و قال امرا : من فضلك يا انس تسبنا لوحدنا..
انس بلامبالاه : و ماله ، عموما العفو يا صاحبي ، و انتي يا انسه سلوى متنسيش اتفاقنا
سلوى بتلعثم مختلقه حجه واهيه : ااا اكيد اكيد هاكلمك و اقولك لوطلبك اتقبل عندهم.....
انصرف انس ، ليسأل مالك : و انتي عرفتي المعلومات دي ازاي..؟
سلوى : من زمان ، وقت ما كان يحيى مرافقها ، انس صعب عليه ان يكون مخدوع فيها ، قام وراني انا وشيرين الصور عشان ننبه يحيى ، و وقتها سابها و كمان اكتشف خيانتها مع اخوه وتفاصيل كتير مفيش داعي لذكرها ..
مالك بتصميم : لا فيه يا سلوى ، انا مكنتش اتخيل انك تفضحي ستر واحده بالشكل ده ، و مش مره لا مرتين ، ايش عرفك مش ممكن تكون دلوقت تابت و حابه تبدا حياتها من جديد ، دي بقالها خمس سنين جيرانا عمري ما سمعت عنها كلمه كده ولا كده ، و لا حد شاف منها حاجه وحشه ...
سلوى ببكاء : ارجوك مدافعش عنها ، انا مش هاقدر استحمل اكتر من كده
مالك بضيق : تستحملي ايه ، مستكتره عليها اني ادافع عنها ، هي كانت اذتك فايه ، يحيى و اديه خطبك ، ليه بقى تقلبي فدفاترها القديمه ، ها يا سلوي ليه ...؟
سلوى : انت محسسني اني بتبلى عليها ، ادامك الصور اهي...
مالك : الصور دي مش دليل ، و الاول انا لازم اتاكد من صحتها ، مش جايز متلفقه ، ها يا سلوى ، جايز و لا لا ، اتاكدتي من الصور يا حضرة البشمهندسه ..!
هزت سلوى راسها نافيه : متتعبش نفسك..
مالك: يعني ايه ، مش لازم نقطع الشك باليقين ، و لا عايزاني اصدق االلي اسمه انس ، اللي كلنا عارفين ازاي ممكن يبيع اهله عشان الفلوس ده غير علاقاته و اخلاقه اللي للاسف اكتشفناها متأخر
سلوى ببكاء : انا اسفه يا مالك ..
مالك : على ايه ؟
سلوى : عشان ضيعتك من ايدي ، عشان جريت ورا وهم ، عارف انا دلوقتي بس اتأكدت اني عمري ما حبيت يحيى ، يحيى كان بس حاجه صعبه مش قادره اطولها ، و انا البنت اللي اتولدت و في بؤها معلقه من دهب وكل طلباتها مجابه ، يمكن حتى من قبل يحيى...
صمتت ثم اضافت بخجل : فاكر قصيدتي بتاع مجهول ، اهو انا مسبتش مجهول ده الا اما لئيت اللي اصعب منه ، لما جه يحيى فطريقي ، و للاسف فضلت ماشيه ورا نفسي الاماره بالسوء و اللي مصورالي حاجات مش حقيقه ، لغاية اما ضيعتك من ايدي
كان مالك يستمع لها بصدمه ، لتكمل : عارف اتاكدت ازاي ، لما شفتك معاها ، تمنيت الزمن يرجع لورا و اصحح غلطتي وارفض يحيى ، انا عمري ما حبيته ، انا محبتش فحياتي ادك يا مالك
مالك معترضا : الكلام ده ميصحش يا سلوى ، راعي انك خطيبة اعز صديق عندي
سلوى بحرج : طب هتعمل ايه ..؟
مالك : هتاكد مالصور الاول
سلوى بحسره : قلتلك مفيش داعي ، دي مش صورها ...دي بتاعة اختها و متعدله عشان تبقى صور طبق الاصل عنها
مالك بخيبه : انا بجد مصدوم فيكي يا سلوى ، بجد صدمة عمري...
سلوى برجاء : ارجوك يا مالك متقساش عليا ، انا كان كل همي انك متفضلش مخدوع فيها ، ايوه انا غلطت لما كدبت على يحيى و دلوقتي عليك بالنسبه لصورها ، بس ده ميمنعش ان يحيى كان شاهد بعينه على خيانتها له مع اخوه ، عشان كده انا اتصرفت بالشكل ده ...
قاطعها مالك بقسوه : خانته مع اخوه و لا ابوه ، انتي مالك ، مش يمكن دلوقتي تابت ، و غيرت من نفسها ، ها ليه مفكرتيش و لو لثانيه انك كده بتفضحي واحده ممكن تكون احسن منك مليون مره....انتي دخلتي جواها ، عرفتي علاقتها بربنا عامله ازاي ، عرفتي اخلاقها دلوقتي عامله ازاي ...
سلوى بهذيان : انا اسفه اسفه اوي ، انا مستعده اعمل اي حاجه عشان تسامحني ، حتى لو تحب انا اروح و اعتذرلها معنديش مانع ، انا مستعده اعمل اي حاجه
مالك بحزن : انا مضطر امشي دلوقتي ...
سلوى برجاء : مالك...
غادر مالك غير عابىء برجائها ، اما سلوى فجففت دموعها عازمه على تصحيح اخطائها
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
بعد اعترافها لمالك ، لم تستطع ان تستمر في مهزله خطوبتها ليحيى ، دلفت الى مكتبه راغبه في تخليص نفسها من ثقل الذنب الذي اقترفته ، حتى و ان كانت فاتن سئية الاخلاق لا يبيح لها هذا ان تكذب و تفتري عليها..
قال يحيى بخضه : مالك يا سلوى ، انتي كنتي بتعيطي..؟؟؟
خلعت سلوى الدبله ووضعتها على مكتبه قائله : احنا محتاجين نتكلم
يحيى و قد فاجئه تصرفها : الظاهر كده فعلا ، قلعتي الدبله ليه ؟
سلوى : عشان خطوبتنا كلها غلط ، انت لا عمرك حبتني ولا هاتحب حد غيرها ، و انت حر ، بس انا كمان كنت معيشه نفسي فوهم حبك و خلاص فُقت
يحيى : انتي تقصدي ايه ؟
سلوى: اقصد فاتن ، انت لسه بتحبها و ده كان واضح اوي ليلة الخطوبه ، و صدقني انا مدايقتش لاني وقتها كمان اكتشفت اني عمري ما حبيتك ، بس حزينه عليك اوي انك معلق نفسك فواحده انت شخصيا شفت خيانتها بعينك
يحيى : ملوش لزمه الكلام عنها ، لو حابه تفركشي انا مش هازعل منك ، في النهايه الخطوبه معموله عشان الطرفين يدرسوا بعض ولو محصلش نصيب .
قاطعته سلوى : لا في لزمه اتكلم عنها ، على الاقل عشان اريح ضميري..
يحيى : تقصدي ايه مش فاهم ؟
سلوى بتردد : الصور اللي ورتهالك مكنتش صورها ، دي صور اختها بس متعدله فالفوتوشوب ، انس عدلها ، و بالنسبه انها جت المكتب له ، فده مش صحيح ، على الاقل انا و شيرين مشفناش حاجه كده
يحيى بعنف : امال كدبتي عليا ليه ....استفدتي ايه من ده كله ، ما انا كنت هاسيبها اصلا
سلوى : كنت خايفه لتضعف و تصدق حججها ، كان باين اوي انك متاثر بدفاعها عن نفسها و محبتش احطك فالاختبار ده ، قولت امد لك ايدي، عشان بجد يا يحيى حتى لو انا مش بحبك انت حد كويس اوي و تستاهل واحده على الاقل متخونكش مع اخوك
يحيى : كفايه لوسمحتي ، انا بجد مش مصدق انتي تعملي كده ، تتبلي عليها طول المده دي ، وكمان كنتي عايزاني اقول لمالك عنها
سلوى باقتضاب : مالك عرف كل حاجه ، و عرف علاقتك بيها ، انا اسفه يا يحيى ، اضطريت اقوله ، بس هوطلع اعقل منك مصدقش الصور ، بس انا اعترفتله بكل حاجه عملتها ، و قولتله انك كنت ناوي تصارحه بكل حاجه بس خايف عليه مالصدمه ... انا اسفه اسفه اوي..
يحيى : انا مش عارف اقولك ايه ، كل ده يطلع منك ، و كمان مالك...
سلوى : متقلقش مالك عاقل و اكيد هيعذرك..
يحيى بقسوه : كفايه كفايه ، ارجوكي تسبيني دلوقت
سلوى ببكاء : انا اسفه
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
توجه مالك الى السوبر ماركت حيث تعمل فاتن ، لم يقو على الانتظار ريثما تنهي عملها ..
ابتسمت حين تلاقت اعينهما ، همست بشيء لزميلتها ، ثم تقدمت منه قائله : ايه المفاجأه دي؟؟
مالك : احنا محتاجين نتكلم
فاتن و قد امتقع وجهها : بس انا عندي شغل
مالك : ارجوكي يا فاتن ، ضروري دلوقت
أومأت فاتن و قالت : طب الاول هاخد اذن من المدير..
بعد دقائق ، اقتادها ليدلفا الى احد المقاهي القريبه ، لتقول فاتن : انت عرفت مش كده ؟
مالك : ايوه ، و مش مصدق اي حاجه وحشه عنك...
ترقرقرت الدموع في عيني فاتن ، ليقول مالك : مش عايز دموع ، احنا اتفقنا على ايه ؟
ابتلعت فاتن ريقها مومأه برأسها ، ثم سألت : يحيى اللي قالك ؟
هز مالك راسه نافيا : لا سلوى ..
فاتن : قالتلك ايه ...؟
مالك : كل التفاصيل ، بس عارفه ايه اللي انا متاكد منه
صمتت فاتن محرجه ، ليقول مالك : انا متاكد ان يحيى هو الخسران الوحيد ..
فاتن : انا كنت هاقولك ، بس كنت عايزه اطمن على داده رقيه ، اصلها مكنتش راضيه تسافر الا اما تطمن عليا، و مكنتش اعرف انك انت و يحيى صحاب، انا كنت ناويه اقولك مكنتش هاقبل انك تكمل فالخطوبه دي
مالك: انا متاكد من ده ، و متسألنيش ازاي...انتي فيكي حاجه لمست قلبي ، صحيح مش الحب بالمعنى المعروف، بس حاسس بيكي وبطيبة قلبك و بجد يحيى خسرك
فاتن : متشكره لذوقك اوي يا مالك ...
ابتسمت ثم قالت مداعبه : فعلا الدبله كانت فال وحش اوي...
ضحك مالك : مش بقولك ، يحيى خسرك ...
فاتن بحرج : انا فعلا كسبتك كأخ و صديق
مالك بضيق : تقصدي ايه ؟
فاتن بهدوء : يعني خلاص انا مقدرش اكمل فالخطوبة...
صمتت ، ليسأل مالك : انتي لسه بتحبيه ؟
لم تجب على سؤاله ، ليقول مالك :انتي عارفه اني هافضل طول عمري اخ و صديق فاي حاجه اوعي تتردي انك تلجأيلي
فاتن بابتسامه : بس طنط واخواتك ... انا مش عايزه اخسرهم..
مالك: انا هاشرحلهم كل حاجه ، متقلقيش
فاتن : بجد متشكره اوي يا مالك
مالك : وانا هاكلم يحيى...
قاطعته فاتن : لو بخصوصي ، ارجوك لا
مالك : ليه يا فاتن ، الصور واضح جدا انها متفبركه ، يعني لحد بيفهم زينا اكيد لو دقق هيعرف الفرق
فاتن : عشان واضح جدا ، كل حاجه كانت واضحه جدا بس هو محبش يتعب نفسه
مالك : امرك ، انا مقدرش اعمل حاجه تزعلك
فاتن بابتسامه : متشكره اوي يا مالك...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
لم ينفذ مالك طلب فاتن ، لن يستطيع ان يقف مكتوف الايدي امام خطأ صديقه ، عليه أن يساعده ليرى الحقيقه ، توجه بسيارته الى مقر الشركه ، وهنالك على البوابه اصطدم بسلوى المغادره من الشركه و على محياها علامات البكاء الشديد...
قال بعد أن امسكها حتى لا يختل توازنها : حاسبي ..
سلوى ببكاء : اسفه ..
مالك : انتي هتروحي و انتي بالحاله دي ؟
سلوى : مش قادره ، اعصابي تعبانه تعبانه اوي...
قالت ذلك ، رافعة كفيها الى وجهها مخفيه دموعها ، ليقول مالك بعد ان لاحظ عدم ارتدائها للدبله : ايه اللي حصل ، انتي قولتي ليحيى ...؟
سلوى : ايوه قولتله و فسخت الخطوبه ، خلاص مش هاكدب على نفسي اكتر من كده ...
مالك بتنهيده : طب اتفضلي هاوصلك
سلوى : مفيش داعي تتعب نفسك ، انا كويسه..
قاطعها مالك : اتفضلي ارجوكي انا مش حمل مناهده
طاطأت سلوى راسها و تبعته ، ليقوم بتوصيلها الى البيت ، همت بالترجل من السياره ليسأل مالك بتردد : يحيى عامل ايه دلوقتي ..يعني عشان فسختي الخطوبه
سلوى بسخريه : عادي جدا ، اصلا متأثرش الا اما جبت سيرتها
تنهد مالك و قال : طب اتفضلي دلوقت
سلوى : مالك ..انا...
مالك : معلش انا مضطر امشي..
ترجلت سلوى من السياره ، لينطلق مالك مره اخرى باتجاه الشركه..
و الى مكتب يحيى توجه ، حيا السكرتيره و التي اشارت عليه بعدم الدخول نظرا لتعليمات يحيى، لكن مالك لم يكترث لتحذيرها ، و دلف الى المكتب ، ليجد يحيى متكئا بذراعيه على المكتب و كأنه في خضم تفكير عميق...بعد ثوان تطلع امامه ، ليقول : انت واقف عندك بتعمل ايه ، لو جاي عشان تحاسب و تعاتب..
رفع مالك يده موقفا يحيى عن الحديث : مش وقت عتاب... انا عذراك و مقدر موقفك..انا يمكن كنت فمكانك يمكن مش بالظبط
يحيى : مكان ايه مش فاهم ؟
مالك : مش وقته الكلام ده ، المهم انا جاي عشان اوريك حاجه ..
فتح مالك هاتفه و قال : ثوان بس ، الكمبيوتر بتاعك...
يحيى بعدم فهم : اودامك اهو...
جلس مالك امام الحاسوب الخاص بيحيى ، ثم وصل جهاز الحاسوب بالهاتف النقال الخاص به و قال بعد دقيقتين : اتفضل شوف معايا
يحيى : اشوف ايه ؟
مالك : صور فاتن ، عشان تتاكد انها متلفقه وملعوب بيها جد
ا
يحيى بحسره : اه ، ما سلوى قالتلي حاجه كده
مالك : عموما ، انا هاسيبلك الصور عشان تقطع الشك باليقين ، ده احنا مهندسين و اكتر ناس تفهم البلاوي اللي ممكن تتلفق لاي حد بشوية حرفنه فاستخدام البرامج
يحيى : عموما دي حاجه متخصنيش ، دي حاجه من الماضي ،انا بس كان صعبان عليا اني اخبي عليك اني كنت يعني ..مع خطبتك من فتره كبيره ...
قاطعه مالك : مبقتش خطيبتي خلاص ، احنا سبنا بعض ، لانه مش هينفع يا يحيى ..
يحيى : و هي عامله ايه ... اقصد يعني....
قاطعه مالك : عادي جدا ، يا يحيى انا قلتلك مالبدايه خطوبتنا كانت حسبة عقل ، لا انا حبيتها و لا هي كانت هيمانه فغرامي ، و انا كان عندي اسبابي الخاصه اني اعجل بالخطوبه منها او من غيرها اي كانت ، ومش وقت اني اقولها، بس هازيدك من الشعر بيت ، هي وافقت عالخطوبه بسرعه عشان خاطر الداده بتاعتها مكنتش راضيه تسافر تعد عند بنتها وهي بتولد الا اما تطمن ان فاتن بقت مسئوله من راجل ..
يحيى : ......
مالك : هتفضل ساكت كده كتير ، لو بتحبها يا يحيى متصدقش الحاجات الوحشه عنها ، انا مش عارف حصل ايه تاني ما بينكو ، بس بجد فاتن دي بنت كويسه جدا ...
يحيى : انا شلتها من حياتي و تفكيري من زمان يا مالك ، فملوش داعي الكلام ده ، انا بس مش حابب يحصل حاجه تأثر على ثقتك فيا ، انا كنت هاتصرف من نفسي و .
مالك مقاطعا : مش محتاج تبررلي حاجه ، اللي حصل حصل ، و انا مش زعلان منك بالعكس ، انا مقدر انك مكنتش حابب تفضحها و يمكن كنت خايف عليها كمان...
يحيى : يعني انت مش زعلان اني موقلتلكش على طول ...؟
مالك مقاطعا : المفروض اكون مدايق ، بس تقول ايه ، العبد لله قلبه كبير
يحيى بشك : انا مش عارف ليه حاسس ان وراك مصيبه كبيره و بداري فيها بجو السهتنه و القلب الكبير اللي انت عاملهولي ده..!
ضحك مالك وقال : عشان فعلا انا ورايا مصيبه كبيره
يحيى : نهارك اسود ، هببت ايه ؟
مالك : مش وقته ، انا ورايا شغل كتير فالفرع الجديد ، انت ناسي !
شاهد يحيى مالك يغادر المكتب و التساؤلات تملا نفسه ، فحتى ان كانت صورها ملفقه ، هل مشاعرها تجاه اخيه كانت ملفقه هي الاخرى ، تنهد متحسرا ، هل بامكانه تناسي تلك الحادثه ، هل بامكانه أن يغفر لها خيانتها ، لقد كانت صغيرة السن ، و لربما ما زالت متأثره بما غرسته والدتها في نفسها ، اما الان فلربما تغيرت ، و لكن كيف سيتأكد يوما ، و إن تأكد ، هل بامكانه يوما أن يمحي من ذاكرته صورتها و هي تبث كلامات الحب و اللهفه لأخيه الأصغر ...هز راسه نافيا.. فتلك الصوره من الصعب أن تُمحى ....
اخمد الوجع المعتمل في قلبه فعليه ان يعيد تركيزه في المهم الان ، و هي ليلى و التي عن طريق فاتن سيصل اليها...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
قال لؤي بحنق : انا مش عارف باباكي مش موافق نتجوز دلوقتي ليه ، ما انتي تقدري تكملي دراستك و احنا متجوزين ، ايه المشكله ..؟
ديما و قد سرتها لهفته : طب ما هو وافق نكتب الكتاب ، و بعدين هي كلها سنه ، تغمض عين تفتح عين تلاقيها طارت هوا
لؤي : اهو ...
قام لؤي باغلاق عينينه ثم فتحهما سريعا ، قائلا : بضيق : يعني مطرتش و لا حاجه
ضحكت ديما و قالت : انا مش فاهمه انت متسربع كده ليه ...؟
لؤي : عشان خايف .. خايف اوي
ديما بدهشه : خايف من ايه ؟
تنهد لؤي متذكرا حال اخيه يحيى ، و تساءل هل اخطأ حينما اختار ان يستمر في اخفاء الحقيقه بشأن فاتن عنه ، او ربما كان هذا في مصلحته ...
لؤي : مش عارف ، خايف لتروحي مني
ديما مقاطعه : انا مش فاهمه حاجه ، بس اطمن انت مش هتخلص مني بسهوله ، بس ايه سبب المود اللي انت فيه ده ؟؟؟
لؤي مبتسما : انا عايز اقولك حاجه بس ياريت متغيريش رايك فيا يا ديما
ديما باهتمام : عايز تقولي ايه ؟
لؤي : انا من فتره ، غلطت فحق يحيى جامد ، و تقدري تقولي كدبت عليه ، بس الكدبه دي اتضح ان فيها مصلحته و ده بتأييد من بابا كمان ، و دلوقتي مش عارف هل اقوله الحقيقه و لا افضل مخبي عليه عشان مصلحته
ديما : طب ما توضحلي كدبة ايه دي ..عشان اقدر احكم
ابتلع لؤي ريقه ثم قال : طب اوعديني الاول مش تغيري رايك فيا يا ديما
ديما بثقه : طالما اعترفت بغلطك و ندمان ، يبقى اكيد مش هاغير رايي فيك
لؤي : و هنكتب الكتاب زي ما اتفقت مع باباكي
اومأت ديما : و هنكتب الكتاب ، بس قولي عملت ايه ، انا الفضول هيجنني
قص لؤي ما قام باقترافه من خداع فاتن و كذبه على يحيى ، لتقول ديما : انا مش مصدقه ، انت تعمل كده و مع مين ... اخوك يا لؤي ... حرام عليك ، بجد حرام عليك ، و الغلبانه دي اللي اتبليت عليها ، مش خايف ليتردلك ده في اهل بيتك ..
قاطعها لؤي بتاثر : انتي مش فاهمه ، وقتها انا كنت ضايع بمعنى الكلمه ، و بابا كمان شجعني ، بس و الله ندمت .. ندمت جدا و كنت عايز اقوله لما شفته مكسور .. بس انتي عارفه كلنا اتلهينا مع هروب ليلى ، و لما كلمت بابا منعني اني اقوله ...
ديما بحده : اسمع يا لؤي ، انت لو مش عايزني اغير نظرتي ليك ، و عايزانا بجد نكمل مع بعض ، يبقى لازم تقول الحقيقه ليحيى ، ولو قدرت توصل لفاتن كمان لازم تروح عندها و تعتذرلها و تترجاها تسامحك ، انت اتبليت عليها يا لؤي ، انت مستوعب الذنب اللي عملته فحقها
لؤي : عارف و عشان كده ضميري مش مستريح ، بس انا خلاص قررت اني اقول ليحيى و اللي يحصل يحصل ...
ديما : اتمنى يا لؤي ...
لؤي : بس بعد ما نكتب الكتاب
ديما بخيبه : انت هتغير رايك ..
قاطعها لؤي بتأثر و الدموع تملأ عينيه : لا مش كده ، بس خايف من ردة فعل يحيى ، و جايز لما اقوله يقاطعني ، و انا مش عايز اعمل مشاكل ما بينا قبل ما تم الخطوبه ، مش عايز امي تحس بحاجه كفايه قهرتها على ليلى
ديما و قد المها رؤية دموعه فقالت بعفويه : الله انت هاتعيط ؟؟
تنحنح لؤي محرجا : لا ده بس حاجه كده جت فعنيا
قالت ديما مطمئنه : انا متأكده ان يحيى هيعذرك ، اوعى تفتكر اننا مش فاهمين ازاي بباك كان بيفرق ما بينكو و ازاي كان بيقسى عليك انت بالذات ،و يحيى اول حد فاهم ده و فاهم كويس طريقة بباك الغلط في تربيتكو و خصوصا بعد اللي حصل مع ليلى ...
و تنهدت متسائله هل تخبره بكل ما تعرفه عن ليلى ، ام عليها اولا ان تطلب الاذن منها و من زوجها كِنان
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
قام تميم بتتبع فاتن و هي تخرج من السوبرماركت بعد انتهاء دوامها ، حتى يتسنى له معرفة عنوانها ، ومن ثم البحث عن اي معلومات تفيده في الايقاع بها في حبائله ..
تمتم : كل حد له سعره ، بس اللي يعرف المفتاح ، وعمي بيقول انها شمال ، يبقى ايه جو الشرف اللي هي عايشه فيه ده ، تكونش هتتجوز ، اكني لمحت فايدها دبله ، و لا ما انا فاكر...
شاهدها تدلف الى احدى البنايات ، تبعها مسرعا....و على البوابه سأل عنها الحارس..و الذي اخبره برقم الشقه التي تقطن فيها بعد ان اعطاه حفنه من الجنيهات... و مما زاد من غبطته بانها تقطن وحيده في تلك الشقه ، ليتمتم : دي طلعت شمال رسمي
صعد مسرعا من خلال المصعد حيث الطابق الرابع ، هم بدق الجرس ولكن استوقفه رنين هاتفه ، نظر في الشاشه ليجد رقم والدته
اصابه التوتر الشديد ، فوالدته لا تطلبه الا في الحالات الطارئه ..ابتعد عن الباب متوجها الى المصعد و
تلقي المكالمه و التي اخبرته فيه والدته بضروره حضوره الى البلده لنقل والده الى المشفى بالقاهره
تمتم : المره الجايه يا ست فاتن بقى ..ده انتي طلعتي شمال رسمي
↚
¤ قلب مُتْرَع بالندم ¤
-----------------------------------------
أجل يحيى حديثه مع فاتن بخصوص ليلى ، حين زُفت اليه الانباء الساره بطلب لؤي يد ديما ، و ها هو الآن يستعد لحضور عقد قرانهما ، فلقد أصر لؤي وبشده أن تكون الخطوبه و كتب الكتاب معا ...
مما اضطر يحيى إلى تأجيل اي شيء يتعلق بليلى الآن ، خاصه لانكار فاتن معرفة اي معلومه عن كِنان ، مما يدعو الى التريث قليلا ، و البحث عن طريقة ما لاقناعها بالبوح بما تعلمه عن اخته...
دلف يحيى الى غرفة اخيه قائلا : محتاج مساعده يا عريس ؟
لؤي : عريس ...من بؤك لباب السما ، تفتكر ينفع نخليها دخله بالمره
يحيى بضحك : ايوه لو حابب ديما تلبسك طرحه بدالها الليلادي
لؤي : تؤتؤتؤ ليه بس ، انت شايفني قُليل ، ده انا هادبحلها القطه من دلوقتي
يحيى : انت بتتكلم عن ديما ، متأكد ...؟
لؤي بتنهيده : اه جيت عالجرح ...هي مستفزه و فيها كل العبر بس اعمل ايه ، القلب و ما يريد بقى !
يحيى بابتسامه : ربنا يتمملكم على خير
لؤي بحرج : معلش بقى يا يحيى ، يعني انت تفسخ وانا اخطب ..
يحيىى : متشلش فبالك ، انا اصلا كنت حاسس اني اتسرعت فالخطوبه من سلوى ، بس اللي حصل بقى
لؤي بمزاح : تصدق ربنا نجاك من الوليه امها ، على راي الحاجه عايزه 6 شهور خطوبه بتاع ايه ده
ابتسم يحيى قائلا: صحيح ، مش عارف ليه ماما مكنتش طايقاها بالشكل ده
لؤي : طب تعال والنبي ساعدني اعمل الفيونكه دي
يحيى مقتربا منه : ثوان ..
نظر لؤي في المرآه بعد قيام يحيى بمساعدته في ربط الببيون ، ليقول : دي عووجه كده
اعاد يحيى النظر ثم قال : ما كنت البس كرافت عاديه ، حبكت دي
لؤي بامتعاض : ديما اصرت عليها ، ال هتكون لايقه مع فستانها اكتر
يحيى بتهكم : لا واضح جدا انك دبحلتها القطه
لؤي بغيظ: اهو ده اللي باخده منك ، بقولك ايه اعمل حاجه مفيده فليلتك دي و ابعتلي ديما تزبطهالي
يحيى : بقى ديما هتسيب الهيصه اللي عندها و تيجي تساعدك
لؤي: بس انت روح قولها ، دي مش بترفضي طلب ابدا حتى لو ايه..
يحيى باستسلام : اما نشوف..
توجه يحيى الى غرفة ديما و التي تقوم فيها بالتحضيرات الخاصه بها لهذه الليله ، طرق الباب ، لتفتح له خالته راويه و التي سألت : لسه ديما مخلصتش ادامها ساعه كده
تنحنح يحيى : معلش ، بس ممكن اقولها كلمه كده..
راويه : حاضر يا بني
بعد دقيقه كانت ديما بالباب مرتديه ماسك ذو لون وردي على وجهها ، قائله بضيق : خير يا يحيى ، ارجوك تقولي انه خير، اصلي لسه مش مطمنه للواد اخوك ده
ابتسم يحيى قائلا : اهو الواد اخويا ده مزنوق ، و عايز منك مساعده ضروري
ديما مستفسره : عاوز ايه السعادي .؟
يحيى و قد ادرك انها لن تذهب لمساعدة لؤي ان عرفت بالحقيقه : بصى انا معرفش تحديدا ، بس هو باين انه محتاجلك جدا ..
ديما بتأفف : يا ربي ، هاعمل ايه دلوقت ، الماسك لسه فاضله ربع ساعه عبا ل ما اشيله
يحيى : طيب هي المساله مش هتحتاج اكتر من خمس دقايق ، و ترجعي و تشيلي الماسك براحتك
ديما : فكره برده ، هو انهي اوضه ؟
يحيى: انا هاوصلك
تبعت ديما ابن خالتها ، ليصلا الى الغرفه المنشوده في الفندق و الذي سيقام فيه حفل الخطوبه ، ليقول يحيى : انا هستنا بره
لم تطرق ديما الباب ، بل فتحته بعنف ، قائله : عايز ايه السعادي ؟
ادار لؤي راسه ليقول بخضه : اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
ديما بغضب : عايز ايه ، انجز !
لؤي بضحك محاولا العبث في الماسك خاصتها : وده المفروض يعمل ايه ، يحولك لفامبير مثلا
ابتعدت ديما عنه قائله : يوووووووه انا الحق عليا اللي جتلك اصلا
هرع لؤي للامساك بمرفقها قائلا : بموت فيكي و انتي نرفوزه كده
ديما بتأفف : اوصره ، عايز ايه ؟؟
لؤي : ممكن تربطيلي البتاعه دي
ديما بغيظ : بس كده !
لؤي بابتسامه : ايوه يا حببتي ..
ديما بغضب : بقى مخليني اجي على ملا وشي عشان ببيونه
لؤي بامتعاض : خلاص بلاها ببيون و هانزل سبور كده
ديما باعتراض : استنى هازبطهالك و امري لله
لؤي محاولا اغاظتها : و مالك مدايقه كده ، ده في الاستديو البنات هتبقى هتموت و تساعديني... اشي هات اسرحلك شعرك ، اشي حواجبك ، اشي...
صرخ لؤي ، فلقد امسكت ديما بحاجبيه بشده و قالت : عارف لو بس شميت ريحه خبر ان في جنس انثى لمستك ، مش هايحصل طيب لحواجبك الشقر اللي فارحنلي بيهم دول
تمتم لؤي بعد ان افلتت حواجبه : انا اللي جبته لنفسي
ديما : بتقول حاجه !!!!!!!!
لؤي : تراني مره احبك
ضحكت ديما : حلو اوي الغزل الخليجي ده ، تراني تاثرت مره ابكي من جماله
لؤي : اتريئي اتريئي
ديما : اهو زبطهتالك ، اي خدعه تاني
لؤي : ما تجيبي قطمه
ديما بعدم فهم : قطمه ايه
لؤي : من الفراوله اللي مغرقة وشك دي
اقترب منها قائلا : خصوصا اللي فوق الشفايف ، هنا
مد اصبعه ، لتبعده : هاقول ايه بس انا اللي جبته لنفسي
وخرجت مسرعه من الغرفه ، ليتمتم لؤي : هو انا بحبها ليه البت دي !
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
كانت فاتن مرتابه قليلا من العيش بمفردها ، بعد سفر الداده رقيه لابنتها سحر ، و مما زاد قلقها هو رنين جرس الباب مرات متتاليه قبل قليل ، آثرت فاتن عدم الفتح لهذا القادم ، فلقد تجاوزت الساعه العاشره مساء...و لكن الرنين لم يتوقف...
تمنت ان للباب عينا سحريه لترى مَن الطارق و لكن تصميم الشقه على الطراز القديم ، جذبت المكنسه بيدها احتياطا ، ثم و بايد ترتجف فتحت الباب نص فتحه ، لتهتف احداهن : فاتن ..افتحي انا ليلى...
لم تصدق فاتن اذنيها ، فلقد اخبرها كِنان بان ليلى لن تصل مصر الا بعد يومين على الاقل ، فتحت الباب على مصراعيه و صاحت غير مصدقه : ليلى ليلى مش معقول...
ابتسمت ليلى بضعف : ازيك يا فاتن ، و حشاني اوي اوي ...
احتضنتها فاتن بشده : يااااه يا ليلى يااااه ، انا مش مصدقه اني شفتك تاني ، متتصوريش وحشتوني اد ايه انتي و كِنان
ليلي ببكاء : و انتي اكتر يا فاتن ، انا الدنيا هنا وحشتني اوي اوي
فاتن و قد لاحظت الارهاق الشديد على محيا ليلى ، و التي تحمل بين ذراعيها ابنها يامن : حمد الله عالسلامه يا احلى مراة اخ فالدنيا...هاتي يامن عنك...
سلمت ليلى ابنها لفاتن قائله : معلش هنتقل عليكي...
التقطت يامن و تراجعت الى الخلف ، قائله بعتاب : كده هتزعليني منك ، انا ما صدقت اشوفك تاني ، و اشوف العفريت الصغير ده..
ربتت على شعره قائله : يا حبيبي ده فسابع نومه
دلفت ليلى الى الداخل و جلست على اول مقعد في طريقها و قالت : معلش يا فاتن هاتعبك ، لو ممكن كوباية مايه ، و هاتي يامن جنبي هنا...
وضعت يامن حيث اشارت ليلى ثم سالت بقلق : انتي كويسه ؟
ليلى : ايوه ، بس تعب السفر و كده ..
ابتعلت فاتن ريقها ، ثم تحسست جبهة ليلى ، لتقول : طب احتياطا انا هاجبلك مسكن ..
قاطعتها ليلي : مش هاقدر اخد ادويه انا حامل
هتفت فاتن : اه ده انا نسيت الف مبروك يا حببتي
ابتسمت ليلي : حاف كده ، ما تجيب بوسه يا جميل ...
احتضنتها فاتن بحب و قالت : معلش انا معرفتش اسلم عليكي كويس ، اصلي اتفاجأت بيكي
ابتعدت عنها و قالت : الحمام على اليمين اهو ، خشي خودي شاور و حالا الاكل هيكون جاهز..
ليلى : طب هاخش انيم يامن الاول ..
فاتن : هاتيه عنك و فوتي انتي الحمام ، انا هازبط حبيب عمتو ده..
ابتسمت ليلى و اتجهت الى الحمام ، اما فاتن فوضعت الصغير النائم في الفراش ثم انطلقت لتحضير العشاء..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
بعد تناولهن العشاء ، سالت فاتن : كِنان مقليش انكو هتيجو انهارده
ليلى : موعد السفر اتقدم ، و مجتش فرصه نكلمك ، كنا بنحضر نفسنا ولما كلمتك تليفونك كان مغلق
فاتن بقلق : طيب كِنان هيرجع امتى ؟
ليلى : وعدني قريب ، بس مش عارفه ليه قلبي مش مطمن
فاتن بقلق : ليه بس بتقولي كده ؟
ليلى بتنهيده : الوضع هناك خطر جدا ، وانا عارفه كِنان متمسك بمبادئه اوي ، و مستعد يغامر بحياته عشان يوصل الحقيقه
فاتن محاولة طمأنتها : خلينا نفكر بطريقة ايجابيه و بلاش نقدر البلا قبل وقوعه ..
ابتسمت ليلى : معاكي حق ..
لاحظت فاتن القلق الشديد الذي يزين ملامح ليلى و لم يكن سببه فقط الخوف على كِنان ، لذا سألت بتوتر : طب هتكلمي حد من اهلك..؟
ليلى : كِنان محرج عليا جدا ، و مش عايزه ازعله ، هاستني اما يجي و نشوف هنعمل ايه
فاتن: ربنا يستر ، بس زي ما اتفقتي مع كِنان يا ريت بلاش خروج لغاية اما يجي
ليلى بابتسامه : يا خراشي ده انتي شاربه من اخوكي بقى
فاتن : معلش يا ليلى ، استحملي لحد اما يجي كِنان..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
جلس لؤي بجوار ديما في الكوشه و قال : الف مبروك يا مراتي يا حببتي
ديما بجديه : خطيبتك ، مراتك دي بعد ما اخلص دراسه
لؤي : يا بنتي متفصلنيش عايز اكمل البؤين الرومانسي اللي حفظتهوملك
ديما : بؤين و رومانسي فجمله واحده ...طب ازاي ؟
لؤي بغيظ : طب و النعمه لا انا قايم من جنبك
ديما بدلال : طب اعملها كده وريني ...
لؤي : بس لولا الحاج داخل علينا يبارك كنت قمت و لا همني
تقدم والدهما بالتهنئه و المباركه لهما ، اما يحيى فلقد ارتاى ان يجلس في اخر القاعه ، فمزاجه لا يسمح له بالانخراط في كل هذا الهرج الدائر فالحفل..
سالت ديما : يحيى مش باين يعني !
لؤي : اه صحيح ، فينه مش شفتهوش خالص بعد ما الماذون مشي...
قالت ديما بقلق : انت مش هترجع فكلامك ، صح ؟
لؤي بضيق : ديما ، انا وعدتك و ان شاء الله اول حاجه هاعملها بكره هاكلمه فالموضوع ، و ربنا يستر
ديما بتنهيده : ربنا يستر
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
بعد انتهاء الحفل قام يحيى بقيادة السياره لايصال ديما و برفقتها لؤي الى المنزل..بعد ان اصرا على ان يتجولا في السياره احتفالا بخطبتهما
ترجل لؤي من السياره بعد ان توقفت امام البنايه التي تقطن بها ديما ، وقال ليحيى : ثوان و راجعلك
ترجلت ديما هي الاخرى بمساعدة لؤي ، الذي امسك بمرفقها ليساعدها على صعود الدرجات ..
ركبا المصعد سويا ، ليقول لؤي : مش هاين عليا اسيبك الليلادي خالص..
ديما بدلع : و لا انا ...
لؤي بلهفه : بجد ؟
ديما : لا طبعا ، ورايا ميت حاجه بكره ، مش عارفه هاصحى ازاي اصلا..
لؤي بمزاح : كده برده ، و انا اللي فاكر مشاعرنا متبادله ، اخص عليكي
ضحكت ديما و قالت : انت زعلت ..؟
وصل المصعد ليقول لؤي : اتفضلي حضرتك..
ديما بزعل : مش هتوصلني لباب الشقه..؟
لؤي مدعيا الضيق : امري لله..
و على باب الشقه ، امسك يدها مقبلا اياها برقه : هتوحشيني من هنا لبكره اووي
ديما بخجل : هو احنا هنشوف بعض بكره ؟
لؤي بتنهيده : بكره و بعد بكره واللي بعده..
ابتسمت ديما : يعني مش هتزهق مني..
لؤي : عمري ..و اقترب منها ليصبح جبينه ملاصقا لجبينها و همس : بحبك
ديما بحرج : ميرسيه
ابتسم لؤي و قال : لا ميرسي على واجب حضرتك ...
ابتسمت ديما و قالت : طب تصبح على خير بقى
لثم لؤي جبينها و قال : الاول مش هتديني حتة بونبونايه تصبيره كده ..
فُتح باب الشقه ، ليطل منه والد ديما قائلا بضيق : انت لسه هنا ؟
ابتعد لؤي عن ديما مسرعا و قال بتلعثم : انا كنت بوصيها تتغطي كويس ، اصلها بردت ..آآآآآ. .. تصبحوا على خير، و ديما تغطي كويس ..ها.....
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
استلقى يحيى في فراشه ، بعد ان اخذ حماما منعشا عله يقضي على الكآبه التي تجثم على صدره ، فغدا سيضطر الى مقابلتها ، لن يستطيع تأجيل المواجهه اكثر من هذا ...
لقد تيقن بان لديها معلومات عن اخته و زوجها ..و تنمى بشده ان تثق به و تخبره بكل ما تعرفه ، و لكن من اين ستأتي الثقه ، لقد اتهمها مرات عده بما ليس فيها ، خاصه بالنسبه لتلك الصور ، لقد فحصها جيدا في الايام الماضيه لتنجلي له الحقيقه بانها صور بالتاكيد معدله عن طريق الفوتوشوب ، و الادهى ان جسم الفتاه في الصور لا يطابق جسم فاتن...
فلن ينسى يوم ان حادثته عبر السكايب مرتديه ذلك القميص الفاضح بالخطأ كما قالت ، حينها لم يستطع يحيى ان يشيح بنظره عنها ، لتنحفر صورتها في ذاكرته و بالاخص المفاتن التي ابرزها لباسها ، و بالمقارنه مع الصور التي احضرها مالك فان الموجوده فيها تفوق فاتن حجما ..
و لكن حرفنة أنس في رسم وجه مطابقا لوجهها جعلت من الصعب عليه التمييز انذاك خاصه بعد مشاهدته لها تبُث كلمات الحب لاخيه ...
حسنا لقد تبرأت من احدى التهم ، و لكن ماذا عن علاقتها بأخيه ، هل سيضعف غدا و ينسى خيانتها ...
فتح يحيى درج الكوميدينو بجانبه و اخرج هاتفه القديم ، شغل الفيديو و انصت لحديثها الموجع لقلبه ..و لكن ربما عليه ان يشاهده هذه المره ، حتى تكون حصانته ضدها قويه غدا ...فمن الصعب عليه ان ينظر لعينيها التي تشع براءه و يبقى قلبه متحجرا من ناحيتها ، عليه الان النظر الى عينيها الخائنه و استحضارهما حينما يقابلها غدا...
تنهد يحيى بحرقه ، مفكرا ، لقد أخطأ و تسرع بالنسبه للصور ، هل أخطأ ايضا و تسرع بالنسبه للفيديو مع أخيه ، و لكن والده لن يكذب عليه ..
تنافرت الأفكار في رأسه ، فلمحبوبته شخصيتين على النقيض تماما من بعضهما ، و تذكر صديقه مالك و كيف لم يصدق عنها الصور مطلقا ، لِمَ تصرف بعقلانيه...
توقف يحيى عند تلك الفكره ، فلقد تصرف مالك تبعا لعقله و ليس قلبه ، لذا استطاع أن يصل الى الحقيقه بشأن صورها ، ربما عليه الاقتداء بصديقه و التفكير بعقله الان
شغل الفيديو من البدايه ، ليشاهده مره تلو الاخرى ، ليزيد الالم الكامن في قلبه ، و لكنه شاهده بتمعن و دقه هذه المره ، كما فعل في الصور ، و في منتصف الفيديو لاحظ ما لم يلحظه عندما شاهد الفيديو سابقا ، لقد كانت هناك ورقة على الطرف الاخر من السرير ..
اعاد الفيديو من جديد ، ليلاحظ انها في البدايه كانت تختلس النظر الى تلك الورقه و التي كانت موضوعه بجوارها ، ليقوم لؤي على الفور بازاحتها الى الطرف الاخر من السرير ...
لقد شغلته تعبيرات الحب و اللهفه التي تزين وجهيهما عن النظر الى ما يدور حولهما ...
و تذكر كلماتها : " ده كان تمثيل ...تمثيل ..."
ايعقل ، نهض بسرعه الى غرفة مكتبه و الملاصقه لغرفة النوم الخاصه به ، فتح الباب المشترك بين الغرفتين و امسك جهاز الحاسوب الخاص به ، و في غضون ثوان قام بنقل الفيديو من الهاتف الى الحاسوب ، ليقوم بمشاهدته باحد البرامج المتطوره على جهازه...الذي اتاح له تكبير الصور ليرى بوضوح بعض الكلمات المكتوبه على الورقه و التي تطابق بعض ما قالته فاتن في الفيديو...
تمتم غير مصدق : مش معقول ... طب ليه يا لؤي ..ليه !
تملك منه الغضب ، توجه الى غرفة لؤي ، فتح الباب بعنف ليرتد محدثا صوتا افاق لؤي من مضجعه ، ليقول الاخير : خير اللهم اجعله خير..
اضاء يحيى النور ، و اغلق الباب مجددا و صاح بغضب : قوم فز و كلمني ..
لؤي باستغراب : مالك يا بني ؟
تقدم يحيى و اجتذب لؤي من مؤخرة عنقه قائلا : عملت كده ليه فهمني ..؟
لؤي بوجع : اااه سيب رقبتي ، انت اتجننت باين ، عملت ايه ..؟
افلت يحيى عنقه و قال باقتضاب يحمل الكثير من الغضب : فاتن ...
ابتلع لؤي ريقه و قال بتلعثم : تقصد ايه..؟
يحيى بعصبيه : انت عارف اقصد ايه..
لؤي بدفاع : انا اخر مره كلمتك فالموضوع قولتلي انك معدتش حابب نتكلم عنها نهائي ، انا كنت ناوي اقولك ، و الله كان اول حاجه هاعملها بكره
صاح يحيى بغضب جم : تقولي ايه بالظبط ؟؟
ولم يتسطع يحيى أن يتمالك اعصابه ، هتف مكررا : تقولي ايه.. تقولي ايه ...ثم شرع في تسديد اللكمات لاخيه الاصغر
حاول لؤي تفادي تلك اللكمات ، مترجيا : اسمعني يا يحيى ... ارجوك اسمعني
توقف يحيى عن ضربه ، ثم قال بخيبه : اسمع ايه ، حرام عليك ، تعيشني فعذاب كل السنين دي ، عشان ايه
لؤي مطاطا راسه : انا اسف بس ، ....
يحيى بغضب : انت هتنقطني ، و لا مكسوف من عملتك ، انا بس نفسي افهم ليه يا لؤي ، ليه ؟
لؤي بانكسار : عشان حاجات كتير اوي يا يحيى ، بس لازم تعرف ان دي حاجات كانت فالماضي و معدش ليها وجود دلوقتي ..ارجوك تصدقني
يحيى باستنكار : اصدقك ، بعد ما ضيعت روحي مني بدون ما يرفلك جفن ..عايزني ارجع و اصدقك ، بعد ما ضيعت احلى حاجه حصلتلي فحياتي ، بعد ما دفنت قلبي فقبر مليان قماءه و خسه ، بعد ما خلتني اظلمها و اتخلى عنها ، فوقت ما هي كانت محتاجاني جنبها ، دي ما كانتش لسه فاقت من صدمتها في امها و قسوتها وانانيتها ، خلتني اقتلها بسكينه مليانه ظلم و دناءه ...
ثم امسك لؤي من بيجامته ليهزه بعنف مكملا : ليه يا لؤي ، ليه ، دي كانت طفله ، مصحيش ضميرك و لو لحظه ، ها ، مصحيش و انت شايف عينيها للي مليانه براءه ، مليانه ثقه فيك ، مكنتش مخوناك ، بس للاسف طلعت اكبر خاين ..
هز لؤي راسه و الدموع تملأ عينيه و قال : مكنتش انا يا يحيى ، كنت وصلت لمرحله اني خلاص معدتش قادر استحمل ضغط ابويا ، معدتش قادر استحمل اني الفاشل فالعيله ، مطقتش المقارنات المستمره معاك و اللي انت دايما بتكسبها و على طول كفتك هي الراحجه عند ابويا ، طهقت يا يحيى ، طهقت و كرهت نفسي و فشلي اللي بشوفه فعيون ابويا كل يوم ، و شويه بشويه كرهتك انت كمان يا يحيى ، كرهت حبهم ليك ، و دفاعهم عنك ، يا اخي حتى بعد ما جبت فاتن البيت برده بابا هاودك رغم كرهه الشديد لبيئتها و امها و اسلوبهم في الحياه ، التمسلك العذر و خادك بالهواده عشان يراعي مشاعرك ، كنت وصلت لنقطة الانفجار بعد ما ديما بعتتلك الصوره كنت فاكراها بتحبك هي كمان ، معرفش سيطرت عليا فكرة الانتقام و عملت الفيديو و فاتن بسهوله صدقتني ووثقت فيا..
يحيى بتهكم مملوء بالمراره : اه ما انا كنت موصيك عليها جامد ، كنت فاكراك هتصونها و تحميها ، بس طلعت اكبر مغفل فالدنيا ، انا بايدي دمرت اللي بينا
ثم ضحك بسخريه : كان كلامي ليها اوامر ، متلبسيش ده ، حاضر ، متروحيش لوحدك حاضر ...تقدري تعتمدي على لؤي فغيابي ..اكيد ..اكيد صدقتني و صدقتك ، خلتها تثق فيك ، خلتها تصدق شيطان مش بني ادم ....
قاطعه لؤي بمراره : ايوه كنت شيطان وقتها ، حقدي عماني اني افهم انك ملكش ذنب في اللي بيعمله ابويا ، بس صدقني بابا شجعني اني اكمل فاللعبه دي ، قالي انه متاكد ان مشيها بطال ....
صمت ثم اضاف : بس بعد هرب ليلى و نفسيتك اللي بقت زيرو و ليلك نهارك قافل على نفسك الاوضه ، فاتحت بابا فالموضوع و صارحته ان انا اللي فبركت الفيديو و خدعت فاتن و نفسي اقولك و اريح ضميري
وقتها بابا اعد و حكالي حاجات كتير اوي عنه و عن والدتي و ازاي كان هيضيع عيلته و نفسه بسبب الهانم انجي الشريف...
يحيى بفضول : مش فاهم ايه علاقة ابويا بانجي الشريف ...؟
لؤي : هاقولك بابا حكالي ايه
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
Flash Back
عبدالرحمن : اياك يا لؤي ، اياك ، احنا ما صدقنا نخلص منها
لؤي : ولو ... يا بابا انا لازم اريح ضميري و هو حر بقى ..
عبدالرحمن : يعني عايز ترجع التعبانه دي لبيتنا تاني ، حرام عليك امك طيب ، كفايه اللي شافته من امها
لؤي : تقصد ايه يا بابا ؟
عبدالرحمن : قبل سنين فاتت ، عملت حاجه لحد دلوقتي بندم ندم عمري عليها ، اول ما جينا القاهره ، كان يحيى لسه صغير و مامتك كانت حامل فيك فالشهور الاولى ،وقتها كانت ساكنه جنبنا الست انجي الشريف و خالتها و الله اعلم كانت خالتها و لا مين ...
المهم مش عارف ازاي لعبت بيا و بدات تشاغلني و للاسف ضعفت و انخدعت بيها ، بنت حلوه و كمان وقتها كانت بتمثل و شفتلها كذا مسلسل ، فانبهرت ازاي البنت دي اللي بتطلع فالتلفزيون بصتلي انا ، الفلاح اللي موظف بسيط فالحكومه ، و ابتدت علاقتنا ، كان وقتها ابويا تاركلي ورث كبير منه اشتريت الشقه اللي ساكنين فيها دي ، و باقي ورثي كان ارض فالبلد ، و من غير تفاصيل كتير بيعتني اللي ورايا و اللي ادامي ، حتى الشقه الي احنا ساكنين فيها اضطريت ابيع نصها لعمك عشان ارضيها و اجبلها الهدوم الماركه لافلامها و المجوهرات لزوم تظبط ادوار بنت الطبقه الراقيه ....
امك كانت شايفه و ساكته و صابره لحد ما عرفت اني بعت نص الشقه لاخويا عز، وقتها اشتكتله و حكتله القديم و الجديد ، قام اخويا عشان يفوقني شاغلها هو الاخر و طمعها فالفلوس اللي عنده و طمعت و ادتني استمارتي ...
انا كنت هاخسر اخويا عشانها ، كنت ناوي اقتله و اقتلها اول ما عرفت علاقته بيها ، قالتلي انه ضحك عليها و اغواها ، كانت واخدانا تسليه ، و يوم ولادتك ، كنا متفق مع امك هتسميك محمد على اسم ابوها ، يوميها كنت رجعت تاني للتعبانه دي و خدعتني تاني و صممت اسميك زي ما هي عايزه ...
كانت بتقولي هنعيش سوا و انك هتكون زي ابنها تمام ، و كل ده عشان تنيمني و يفضل اخويا يشاغلها و تستفيد منه لانها كانت فهمت الفوله و انه بيشاغلها عشان يكشف حقيقتها ليا ، المهم والدتك حتى فدي مرضتيش تكسفني و سمناك لؤي ...
خدتك من حضنها و هي لسه مربعنتش و سبتلها يحيى و خلاص هاروح اتجوز البومه دي و هنبقى عيله تانيه ...
صمت و الدموع تملأ عينيه : انا عمري ما هاقدر انسى منظر يحيى و هو ماسك فرجلي و عاوزني اخده معانا ، يوميها زقيته ...و خرجت بيك عشان اروحلها ...
مسح عينيه ثم أكمل : قالتلي محتاجه اسبوع تزبط امورها ، و خليتك عندها لحد ما نكتب الكتاب ، ده كان اتفاقنا ، و جه معاد الجواز لقتها بتردحلي و بان وشها الحقيقي ، مقدرتش تستحمل تربيتك و خلاص اخويا لما شاف ممنيش فايده بطل مشاغلته ليها ...و انا كنت عالحديده ، فخلاص معدتش انفع ، سابتني و ابتدت تدور على صيده جديده
و لما عرفت حقيقتها و رجعت ندمان امك سامحتني على طول و بدون ما تعاتب ، امك اتحملت اوي عشان يحيى و عشانك ، عشان متهدش البيت ، منجيش دلوقتي احنا و نرجعلها كل الماضي بوساخته من تاني ، ده موضوع و انتهى بلاش تفتحه تاني يا بني ، بلاش توجع قلب امك ...انت متخيل لو يحيى رجع علاقته بيها هيجرى ايه لامك ، حرام يا بني ، اهي غارت بخيرها و شرها ، و بعدين انت ترضاها لاخوك يرتبط ببنت امها كده ، ده انت نجدته و قدمتله خدمة العمر ..
انت عايزه يعيش اللي عشته مع امها ، يحيى ميستاهلش كده ، انا مش راضي اقسى عليه ، لاني و لغاية دلوقتي بحس بالذنب اوي ، انا كنت هبيعه هو و امك عشان واحده رخيصه ...
ولو انت حكتله الحقيقه ديه هيرجع لها يا لؤي ، هيرجعلها و انا مش هاقدر اعمل حاجه ، قلبي مش هيطاوعني اكسره تاني زي ما كسرت نفسه و هو طفل ، و امك اللي هتدفع التمن ...
لو بتحبه بحق ، يبقى خليك راجل ، و خود القرار عنه ، انت متخيل الصراع اللي هيكون فيه ، ما بين امه و قلبه ..... و صدقني اللي بيمشي ورا قلبه بيخسر كتير
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
يحيى بمراره : يعني خادوها بذنب امها و ابويا..
لؤي : انا اسف يا يحيى ، انا من فتره حبيت اصارحك بس انت سكرت الباب فوشي و قولتلي انك شفت عليها حاجات ....
قاطعه يحيى : مش صحيح ، كنت اعمي و مش عايز اشوف الحقيقه اللي كان فوقها شوية رمال ، يمكن خفت اني اشيل الرمله و مقدرش على المشاكل الجايه..
لؤي : انا ما صدقت يا يحيى نرجع زي زمان ، ما صدقت اتخلص من عقد ابويا
ثم أضاف : و صدقني طول السنين اللي فاتت انا كنت مفكر اني كده بريحك من حمل تقيل ، انك تتحط في مكان هتضطر تختار فيه ما بين امك و ما بينها ، انا مش عايزك تكرهني يا يحيى
يحيى ببرود : مقدرش اكرهك يا لؤي ، و لا احملك الذنب كله ، انا اللي اخترت اني اصدقكو فالنهايه من غير ما اتاكد ... من غير ما اقطع الشك باليقين..
لؤي : و ناوي على ايه..؟
يحيى : ناوي اصلح غلطتي ...
لؤي : و انا مستعد اجي و اعتذر لفاتن و احاول اخليها تتفهم موقفك
يحيى :مش وقته يا لؤي ، مش وقته...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
تواجد كِنان و معه طاقم القناه الخاص بالتصوير في احد البيوت المحاذيه للحدود بين قطاع غزه و بين الجانب الاسرائيلي ، لرصد الهجوم الاسرائيلي على الفلسطيينين العُزل ..
قال كِنان للمصور هاني : عايزك تصور كل البيوت الي حوالينا دي ..
هاني : طب انا راح اطلع على سطح البيت مِشان الصوره تكون شامله..
كِنان : و هو كذلك..
اخرج كِنان هاتفه ، مسجلا ملاحظاته على المنطقه التي فر السكان منها بعد تهديد الاسرائيلين بقصف البيوت على قاطنيها بحجة وجود عناصر من المقاومه الفلسطينيه تختبا في ضواحي هذا الحي..
بعد ان انهي التسجيل ، حاول طلب رقم ليلى عدة مرات و كذلك فاتن ليطمئن على سير احوالهن ، و لكن لا توجد اي شبكه في هذه المنطقه...
قال هاني الواقف خلفه : شكلهم قصفوا الخطوط بهاد الحي ، كِنان ، خلينا نرجع مع باقي الطاقم ، لان سمعنا اخبار راح تخش القوات البريه الصهيونيه هون وتتمركز بالحي ...
كِنان بقلق بالغ : انا لازم اطمن على عيلتي ضروري
هاني : يلا كِنان ، في المكتب الاتصالات شغاله..
اومأ كِنان تابعا هاني...
كانا في طريقهما لركوب السياره ، عندما هز المنطقه انفجار عنيف ، تبعته عدة انفجارات مهوله ...
انبطح كِنان و هاني ارضا ، احتماء من الشظايا المتطايره في كل مكان ، ليقول كِنان متسائلا بقلق : بس مش سامع صوت الطيارات ...
هاني بريبه : هاي الانفجارات من قصف الدبابات كِنان ..
كِنان : يعني ايه..؟
هاني : يعني دخلوا بري ولاد الكلب ..احنا لازم نركب السياره و نمشي من هالمنطقه بسرعه..
دوى صوت انفجار اخر ، ليقول هاني : يلا كِنان ما في وقت..
كِنان : طب فين باقي الطاقم ، سعيد و اسيل ...
هاني بذعر : ما بعرف مفروض هلاء نتجمع هون ...
كِنان : يبقى خلينا نستنى وصولهم ، مش معقول هنسيبهم هنا فالخطر ده...
هاني : طب انا راح شغل السياره عبال ما ييجوا
نهض هاني ، و كذلك فعل كِنان ....و حين إقدامهم على ركوب السياره ، سقطت احدى الصواريخ على البيت المقابل ، لتتناثر الشظايا على كل ما يحيط بذلك البيت..
صاح هاني بانفاس متقطعه : كِنان ... كِنان ... بسرعه اركب السياره ...
قام هاني بتشغيل السياره ، و ما ان فعل حتى سقطت مجموعه من الصواريخ على السياره مسببه انفجارها السريع ...
صاح كِنان الذي بُطِح ارضا من شدة الانفجار : هاني ..
ثم لم يعد يشعر بما حوله ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
لم يذق يحيى طعم النوم ، و في الصباح هيىء نفسه لمقابلتها ، نظر في الساعه ليجد أنها لم تتخط السابعه ، و لكنه لن يستطيع الانتظار أكثر من هذا ، لقد اضاع خمس سنوات من عمرهما ، و خمس سنوات ايضا من عمر ليلى ، لو انه فقط نحى كرامته جانبا لربما كانت بجوارهم الآن ..
هبط الدرجات بسرعه كبيره ، ليجد أن البيت يغمره السكون التام ، فالليله الماضيه سهر الجميع احتفالا بخطبة لؤي و ديما ....
ركب سيارته و انطلق الى عنوانها ...و قلبه مملوء بالندم الشديد ، ندم على ما اضاعه من عمريهما ، ندم على تخليه عنها ، ندم على كل تلك السنوات التي تركها تعافر في الدنيا وحيده ، بدون سند و حمايه ، ندم لانه فَطر قلبها مرارا و تكرارا ، ندم لانه لم يعطيها فرصة الدفاع عن نفسها ، ندم لتسرعه في الحكم عليها ..
لقد خذلها و بشده ...
اوقف سيارته امام البنايه التي تقطن بها ، دلف الى الداخل ... ليستقل المصعد متوجها لمقابلتها بقلب مُتْرَع بشتى أنواع الندم
↚
¤ حكايتُنا كروايه و لكن تَفْتَقِدُ النهايه ¤
-----------------------------------------------
استفاقت فاتن على رنين جرس الباب ، اسرعت بازاحة الاغطيه عنها ، لتفتح قبل أن تستفيق ليلى و صغيرها يامن ، فلقد امضيا يوما مرهقا جدا في السفر البارحه..
لبست الاسدال و اسرعت لتفتح الباب بأعين نصف مفتوحه ، تثائبت بشده ثم ادارت القفل و فتحت ...
لتعقد المفاجأه لسانها ...
قال يحيى الواقف امامها : انا اسف اني جيت فوقت بدري كده ، بس اللي عايز اقوله ميتأجلش ..
فاتن بضيق : انت معرفتش اخر الاخبار ، يعني مالك مقلكش ، احنا خلاص فركشنا الخطوبه
تنحنح يحيى قائلا : مش ده اللي جاي اكلمك بخصوصه..
فاتن بامتعاض : امال ايه ، انا مفيش بيني و بينك اي كلام من اصله ..
يحيى : لا في كلام كتير ، كتير اوي يا فاتن ....انا اسف اوي يا فاتن ، اسف اني صدقت كل الحاجات اللي تقالت عنك ، انا عارف اني غلطت فحقك جامد، و بتمنى تقدري تسامحيني يا فاتن ونبدا من جديد ...
فاتن مقاطعه : احنا اللي بينا انتهى من زمان يا يحيى و ارجوك تتفضل...
يحيى برجاء : انا بس عايزك تسمعيني دلوقتي مش اكتر من كده ، صدقيني انا ندمان جدا على كل لحظه ظلمتك فيها ...
فاتن مقاطعه اياه : صدقني يا يحيى ، الكلام ده متأخر اوي ... اوي ، متاخر خمس سنين يا يحيى ، و خلاص معدش ينفع ، احنا معدناش ننفع لبعض ، ارجوك متحرجنيش اكتر من كده
قال يحيى بتصميم و غير مكترث لما قالته قبل قليل : اسمعي احنا مش هينفع نكمل كلامنا كده عالباب ، ممكن ادخل و نتكلم
امتعضت فاتن من طلبه : تدخل ازاي يعني ، انت فاكرني ايه حضرتك ...!
استدرك يحيى قائلا : هي الداده سافرت ؟
أومأت فاتن ، ليقول يحيى : يبقى ارجوكي تجهزي نفسك بسرعه ، وتنزلي معايا فالكافيه تحت عشان نقدر نتكلم ..
فاتن بحده : متأسفه مش هاقدر ، و قولتلك مفيش بينا كلام يتقال اصلا....
لفت انتباه يحيى حركه ما خلف فاتن ، حيث قام احدهم بفتح باب الغرفه المواجهه لباب الشقه ثم اغلقه بسرعه ، ليقول يحيى : انتي لوحدك ؟
فاتن بتأفف : ما قولتلك داده رقيه سافرت...
يحيى بحنق : فاتن ، متكدبيش عليا ، مين عندك جوه...؟
ارتبكت فاتن و اجابت بتلعثم : ااااا ...مفيش حد..
يحيى بغضب : فاتن ، انا شفت حد فتح باب الاوضه اللي وراكي و رجع قفله تاني ...
امسكت فاتن بمقبض الباب لتغلقه قائله : عن اذنك وقفتنا كده متصحش
منعها يحيى من اغلاق الباب و قال بخيبه : ده انا ما صدقت يا فاتن ... هتخليني ارجع للشك تاني ليه ؟
فاتن بغضب : شيل ايدك عن الباب لو سمحت ...
يحيى بحده : مش هاشيل ايدي الا ما اعرف مين اللي عندك جوه ...!
ارتجفت يد فاتن ، وارتخت قبضتها عن الباب عندما دفعه يحيى بمرفقه ، لترقرق الدموع في عينيها ، خوفا على ليلى ، لقد عرفت الجانب المظلم في شخصية يحيى ، عندما يسيء الظن بأحدهم فإنه لا يعطي فرصه ثانيه و لا مساحه للتبرير ، بل ينفي ذاك الشخص من حياته نهائيا ، و هذا ما حدث معها ، و الآن دور ليلى ، تملك الرعب من كل ثنايا جسدها ، و لم تستطع توقع ردة فعله إن رأى اخته الهاربه منذ خمس سنوات ..خمس سنوات بدون حتى اي كلمة اعتذار ....
ابتلعت فاتن ريقها و قالت بصوت خفيض : ارجوك يا يحيى ، تمشي من هنا ..ارجوك..
تملك يحيى الغضب الشديد ، هل يوجد ما تخفيه عنه خلف ذلك الباب الموصد ، حلت الكآبه على قلبه مره اخرى ، أكان مخطئا في لوم نفسه البارحه ، و لكن الدلائل كلها اثبتت براءتها ..
زمجر يحيى بغضب : ابعدي عن طريقي يا فاتن ، انا لازم اعرف مين اللي عندك فالاوضه
فتح الباب على مصراعيه ، و دلف الى الداخل ، أما فاتن بقيت مسمره على باب الشقه ، غير قادره على تحريك قدميها و تحذير ليلى...
و على باب الغرفه حيث ترقد ليلى مع صغيرها ، امسك يحيى بمقبض الباب ، ثم عاود النظر اليها ، لتتطلع إليه بأعين راجيه..
بقى يحيى لثوان ينظر الى عينيها المترجيه ، تترجاه ان لا يفتح ذلك الباب الموصد ، لتغرز برجائها هذا سكينه موجعه في قلبه ، ليبعث بدوره رجاء مماثل وهمس " ارجوكي متخيبيش ظني فيكي تاني "..
ادار وجهه ، ثم اسند رأسه على الباب ، و كأنه يخشى ما ينتظره بالداخل ، لا ، لن يحتمل ان تشوه صورتها امامه مره اخرى ، ربما عليه الرحيل الان و ابقاء ذكراها نقيه في عينيه ، و العوده حين يلملم شتات نفسه ليستطيع الحديث معها بخصوص ليلى ...
ابتعد يحيى عن الباب ، ليقترب منها قائلا : انا اسف مكنش لازم...
" عمتو عمتو .... انا عايز الحمام ... وماما نايمه "
تجمد يحيى في مكانه ، باترا جملته ، و محدقا في فاتن بذهول ، ليرى الرعب يملأ عينيها ، استدار يحيى و اخفض بصره تجاه صاحب الصوت قصير القامه ..
لتحدق فيه زوج من العيون الفضوليه ، ليقول الصغير : انا يامن ، و انت مين....؟
صمت يحيى ، ليسأل الصغير مره اخرى : مين ده يا عمتو .... صاحبك...؟
ابتسم يحيى وأجاب : انا يحيى ...
يامن : طب سلام يا يحيى ، عمتو انتي مش هتساعديني..!
افاقت فاتن من صدمتها لتقول : اه طبعا ، تعال يا حبيبي...
امسكت فاتن بيد الصغير ، ثم قالت ليحيى : انا راجعه حالا..
و بعد ثوان عادت تفرك يديها من التوتر ، ليقول يحيى : مين ده يا فاتن ؟
فاتن بتلعثم : ده يامن...
يحيى : ايوه يعني ابن مين ، و انتي عمته فعلا ...؟
شبكت فاتن كفيها ، و قالت بتلعثم : ايوه ..اصل...
يحيى بصدمه : اصل ايه ... ابن مين ده يا فاتن ..؟
شهقت فاتن حين رؤيتها لليلى واقفه بباب الغرفه و الدموع تتدفق من عينيها ، ليستدير يحيى و يهتف غير مصدق لما يراه : ليلى ..
صمت لحظه ثم هتف ثانيه : ليلى ....
اسندت ليلى راسها على الباب ، لتهرع فاتن إليها متسائله : ليلى انتي كويسه ...؟
أومأت ليلى ، ليقول يحيى بصوت اجش : انا مش مصدق عنيا ، ليلى ..........
ليلى ببكاء : يحيى ، انا اسفه ، اسفه اوووي ..
يحيى محاولا السيطره على انفعاله : من امتى و انتي هنا ؟.
تبرعت فاتن بالبرد : امبارح بس ..
هز يحيى راسه باستنكار: خمس سنين يا ليلى ، نهون عليكي ، و كأن مكنش ليكي اهل ، طب بابا و ممكن افهم ، بس احنا ذنبنا ايه ... ذنبنا ايه نعيش خمس سنين قلقانين عليكي ، خمس سنين يا ليلى ، خمس سنين و لا حتى مكالمه تليفون ..
ليلى بضعف : انا اسفه ، بس كنت خايفه اوي ، خايفه اوي يا يحيى ...
يحيى بغضب : تخافي مني يا ليلى !
اندفع يامن قائلا : ماما انتي صحيتي .. ليقطع عليهم استرسالهم في الحديث
نظرت ليلى لابنها المتشبث بساقها ، ثم عادت بنظرها في اتجاه يحيى و قالت : ده ابني ، يامن...
ثم عبثت بشعر الصغير و قالت : عارف مين ده يا حبيبي...؟
يامن : ده يحيى..
ليلى مصححه : ده خالو يحيى..
يامن بعد تفكير : يعني ده اخو عمتو فاتن...
ليلى بابتسامه ضعيفه : لا يا حبيبي ، ده اخويا انا...
قالت فاتن : طب تعال معايا ، هاحضرلك الفطار يا بطل..
يامن : انا عايز بيضه ... بيضه مسلوقه
فاتن بابتسامه : حالا ، هات ايدك عشان تساعدني
اتجهت فاتن و برفقتها يامن الى المطبخ ، لتفسح المجال ليحيى و ليلى ان يتحدثا على انفراد...
وقفا صامتين لثوان ، ليقول يحيى بمراره : خمس سنين ، ليه كده يا ليلى ، خمس سنين و كنتي موصايها متقولش حاجه ، متقولش انك هنا مش كده ، كنت محرجه على فاتن متجبش سيره ، ليه يا ليلى ، فاكراني هاعمل ايه ، ها..
صمتت ليلى و الدموع تنهمر من عينيها ، ليهتف يحيى بغضب : كنتي فاكراني هاعمل ايه ، هاموتك ، و لا اضربك و لا ايه ، ايه.....
بقيت ليلى صامته ، ليهتف يحيى ثانيه بغضب : قوليلي كنتي خايفه مني ليه ، ها يا ليلى ، البعد خلاكي قاسيه اوي كده ليه ، علمك الجفا ، علمك تسيء الظن بيا ، ليه ، انا مش جتلك قبل الفرح و ترجيتك تقوليلى الحقيقه ، تعرفيني انتي مبسوطه و لا تعيسه ، كنت مستعد اقف قصاد الدنيا دي كلها عشانك ومكنش هيهمني حاجه ، ليه مصارحتنيش ، ليه اخترتي تدبحينا كلنا بسكينه الذنب ، ليه سبتينا خمس سنين قلوبنا مليانه ندم و احساس صعب اوي بالذنب ، محدش فينا عارف كان المفروض يعمل ايه و لا يتصرف ازاي ..ليه تحرقي قلوبنا كل السنين دي ...ليه مصارحتنيش يا ليلى ليه !
ليلى ببكاء : عشان مكنتش عايزه اعملك مشاكل ، كفايه اللي كنت فيه ، انت مش عارف انا تعبت السنين اللي فاتت ببعدي عنكم اد ايه ، اوعى تفتكر اني كنت مبسوطه اوي ، اوعى تفتكر اني قدرت افرح بحاجه زي الناس، على طول الخوف والذنب كانوا مكبلني ، بس وقت ما قررت اهرب مكنش ادامي اي بصيص امل ، و مكنتش اقدر احملك مشاكلي ، مكنتش هاستحمل اشيل ذنبك ، مكنتش هاستحمل اكون سبب القطيعه ما بينك و بين بابا ، مكنتش اضمن انك مش هتتهور لو تميم اتصرف بغباوته ، مكنتش اضمن هايعمل ايه ، و لا يقوم ابويا عليك ازاي ، و لا جايز عقله يصورله ان انت السبب ، مكنتش متأكده من اي حاجه ...
تنهدت بحرقه محاوله السيطره على دموعها و تابعت : لو كلهم مش فهموا هروبي ، انت الوحيد اللي المفروض تفهم ، انت اللي كنت شايف طريقة بابا معانا كانت عامله ازاي ، كان لاغي رايي تماما وكأني مليش كيان وكأني مش انسانه ليا الحق اختار شريك حياتي ، انت اكتر واحد كنت بتفهمني يا يحيى ، ارجوك تفهمني دلوقتي ، ارجوك تسامحني ، ارجوك متشلش فقلبك مني ، انا عارفه اني غلطت فحقكم اوي ، بس غصب عني ...
يحيى بحرقه : غضب عنك خمس سنين بدون حتى ما ترفعي تليفون لاهلك
ليلى بمراره : ايوة ، لاني اخترت اني اكمل مع كِنان ، اخترت امشي في الطريق اللي هو شايفه صح ، و كِنان كان خايف من اللي هيحصلي لو ابويا او تميم عرفوا مكاني ، قالي نستنى ، نستنى لغاية اما ربنا يفرجها وابوكي يغير رايه ، و استنيت ..استنيت يا يحيى ، خمس سنين ، مستنيه اللحظه دي ، اني ارجع و املي عنيا منكم ، اننا نتكلم و نتعاتب ، بس مش كده ، كنت فاكره انك هتاخدي فحضنك وطبطب عليا ...
صمتت لتنخرط في بكاء شديد ، ليتقدم يحيى منها قائلا : انتي لسه هتوجعيلي قلبي تاني ، كفايه دموع الله يخليكي...
ليلى من بين شهقاتها : قولي انك مسامحيني يا يحيى ، قولي انك...
احتضنتها يحيى بشده ، قائلا : مسامحك يا ليلى ، انا سامحتك حتى من قبل ما تطلبيها ، بس قلبي كان موجوع اوي ، منك او من الظروف ، من كل حاجه ، من كل حاجه
ارخت ليلى راسها على صدره ، مطمئنه ، ليقول يحيى : وحشتيني اوي اوي يا ليلى ، و حشتيني اوي
ليلي بصوت متحشرج : انت اكتر يا يحيى ، وحشني صوتك و كلامك و حنيتك عليا
ظلا على هذا الوضع لبضع دقائق ، يحيى محتضنا اياها يود لو يدخلها بين جدران قلبه ، فلقد طال البعد عن اخته الغاليه ، اما ليلى شيئا فشيئا هدأت ، لتقول بمرح : طب بس بقى ، احسن فاتن تدخل علينا و بعدين تغير و لا حاجه ..
ابعدها عنه برفق ، مبتسما : بقى فاتن هاتغير عليا ، ده احتمال صعب اوي اوي دلوقتي يا ليلى
ثم أضاف مقبلا جبينها : وحشتيني اوي ووحشني هزارك الماسخ ده
ضحكت ليلى : بقى انا هزاري ماسخ
يحيى : لا مش ماسخ ، بس دمه تقيل
ليلى : بقى كده !
تنهد يحيى ثم قال بضيق : امال فين الاستاذ كِنان ؟؟؟؟؟؟
ليلى باحراج : طب تعال نعد الاول ...
قالت ليلى بعد ان جلسا : ارجوك يا يحيى متاخدش موقف منه ، هو كان خايف عليا مش قصده يبعدني عنكم
يحيى : مش وقته الكلام ده ، المهم انتي كويسه ، و فين كِنان اصلا..؟
قصت ليلى على يحيى ظروف كِنان و اضطراره للبقاء في فلسطين ، ليقول يحيى : بس القيامه قايمه هناك
ليلى بتوتر : ربنا يستر و يرجعلي بالسلامه..
يحيى : و فاتن كانت على اتصال بيكي ؟
ليلى بتوتر : ايوه ، و ياريت متاخدش منها موقف ، احنا اللي اكدنا عليه متقولش اي اخبار عننا
يحيى : انا لازم اقولهم يا ليلى ، لازم اطمنهم عليكي
ليلى : بلاش دلوقتي يا يحيى انا وعدت كِنان اما يجي هنقرر هنعمل ايه
يحيى : برده خايفه يا ليلى ؟
ليلى : و بابا غير رايه ؟
صمت يحيى ، لتقول ليلى : يبقى خلينا نستنى اما اطمن على كِنان الاول..
يحيى مقترحا : انا مش هاقول لبابا ، بس ماما و لؤي ... و هما اكيد هيتفهموا موقفك
ليلى بحيره : مش عارفه ، انا خايفه من ردة فعلهم ...
يحيى : تاني هتخافي يا ليلى ، ارجوكي تطمني ، انا عارف ماما و لؤي لا يمكن يعملوا حاجه تضرك
أومأت ليلى و الدموع تملأ عينيها : دول وحشوني اوي يا يحيى
يحيى : طيب انا هاروح اديهم خبر ، و بالمره اوضب مكان عشان تعدي فيه انتي و فاتن لغاية اما نقول لبابا و نقدر نتفادي ردة فعله ..
ابتسمت ليلى و قالت : انتو خلاص حليتو مشاكلكم و هترجعوا لبعض يا يحيى
يحيى بتردد : مش عارف ، انا لسه محتاج اتكلم مع فاتن و اقنعها
ليلى : طب مستني ايه ، روح كلمها دلوقتي..
يحيى : دلوقتي لازم اروح و افرحهم بيكي يا ليلى ، اما فاتن فشكل الطريق طويل اوي ادامنا
دلفت فاتن و برفقتها يامن ليقطع الحديث الدائر بينهما متسائلا : ماما ..احنا مش هنكلم بابا بقى...؟
ليلى بحب : مش دلوقتي يا حبيبي ، تعال اعد مع خالو الاول
اطاع يامن والدته ، و تقدم ليجلس بالقرب منها...
ليقول يحيى : معلش انا مضطر امشي دلوقتي ، مش قادر استنى ... لازم افرح ماما و لؤي
ليلى بابتسامه قلقه : طيب خلي بالك من نفسك
يحيى مبتسما : متقلقيش كل حاجه هتتحل باذن الله
ليلى : و نعم بالله ....
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
دخلت طواقم الاسعاف ، لنقل الجرحى و المصابين من الحي بعد أن دكته القوات الصهيونيه بوابل من صواريخ الطائرات و قنابل الدبابات ، اراد المسعفون انهاء عملهم في غضون ساعتي الهدنه ، و التي ابرمتها الامم المتحده مع الجانب الاسرائيلي حتى يتسنى للاسعاف الدخول بشكل آمن الى الحي...
قال المسئول : بسرعه شباب ، فتشوا عن اللي فيهم روح قبل ما اليهود يخرقوا التهدئه ، احنا متعودين هيك منهم ، والشهيد غطوه بقماشه و الله معكم ، ما في وقت كاف ننقل الجثث ، هلاء المهم الجرحى ، و لو ضل معنا وقت بنرجع للي استشهدوا رحمة الله عليهم....
استمع كِنان لصفارة سياره الاسعاف تقترب من المنطقه ، حيث يستلقي على الارض نازفا و بشده ، اراد النهوض طلبا للمساعده ، لتخور قواه و يفقد الوعي مره أخرى ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
بعد خروج يحيى حاولت ليلى ان تفهم موقف فاتن تجاهه
ليلى بابتسامه : يا سلام ، يعني هتخبي عليا ؟
فاتن : اخبي ايه !
ليلى : يعني انتي و يحيى ...
فاتن : انا و يحيى ايه ... مفيش حاجه اسمها انا و يحيى..
لكزتها ليلى في كتفها قائله : يعني مش هتديه فرصه تانيه ..
فاتن بحسره : خلاص يا ليلى ، حكايتنا خلصت ، و للاسف ملهاش نهايه زي الروايات ، لان البطله هنا مش هتقدر تسامح ، ده من شويه افتكر في راجل عندي مخبياه فالاوضه ، يعني لسه فكرته عني زي ما هي ، و انا خلاص عايزه ابدا حياه جديده من غير ما يكون فيها وجع و حزن ، انا تعبت اوي و عايزه حد يفرحني ، يُقف جنبي مش كل شويه يجي عليا
ليلى : بس انتي كده بتكدبي على نفسك ، انتي لسه بتحبيه ، انا شفتها في عينيكي دلوقتي ....
همت فاتن بالرد عليها ، ليدق جرس الباب، استغلت فاتن الفرصه لتتهرب من الحديث عن يحيى ، و اسرعت لتفتح الباب ..
هتفت بعد ان فتحت الباب : انت ..و على الفور حاولت اغلاق الباب بسرعه ، ليضع تميم يده حاجزا بينها و بين الباب ، ويقول : مش كده يا قطه
دفعها للداخل ، لتصرخ فاتن : اطلع بره يا حقير..
لم تكمل صريخها ، فلقد كمم فمها بيده ، لتركله فاتن بشده في قدمه محاوله الافلات من قبضته... و لكنه لم يتأثر بضربتها الضعيفه ، و بقى مطبقا على جسدها و مكمما لفمها ..
خرجت ليلى من المطبخ اثر سماعها صوت دربكه في الخارج ، لتشهق بفزع : تميم...
لم يصدق تميم عينيه ، لقد انتظر هذه اللحظه اعواما طويله ، خمس سنوات ، خمس سنوات من العار و نظرات الشفقه من بعض العيون في بلدتهم ، خمس سنوات و قلبه يتحرق شوقا للانتقام...
شاهدها تتراجع الى الغرفه التي خرجت منها ، لتصرخ فاتن بعد أن ازاح يده عن فمها ، لم يتردد ثانيه ، امسك براس فاتن و خبطه عده مرات في الحائط لتفقد وعيها ، اما هو فاندفع هائجا خلف ليلى التي كانت تضع الهاتف على اذنها ربما تستنجد باحدهم ..
تقدم نازعا الهاتف منها بعنف : يااااااه انا استنيت اللحظه دي من زمان زمان اوي ، خمس سنين
ليلى بذعر : تميم ، اوعي تتهور، خلينا نتفاهم..
قاطعها بغضب : نتفاهم ...ايوه ايوه هنتفاهم
ليلى بامل : و كل اللي عايزه هيحصل
تميم : انا عايز حاجه واحده ، اغسل العار اللي مهما قاوحت و مهما عملت برده لسه الناس بتنهش فسيرتي
حاولت ليلى الفرار من امامه ، ليقبض على مرفقها ، لم تجد ليلى بدا سوا الصراخ ...
اسرع تميم ليطبق على فمها قائلا : انتي دلوقتي تنجري من سكات و تطلعي معايا
اومأت ليلى موافقه اياه في الظاهر فقط ، و فور ان ارخى قبضته عن فمها ، قامت بالصراخ مره اخرى ، ليقوم تميم و على الفور بتكميم فمها ثانيه ، قائلا : اه يا واطيه ... انا هاخد بتاري منك دلوقت
دفعته ليلى بمرفقها ، ليدلف يامن الى المطبخ ، صارخا بهلع : ماما ماما
ارتبك تميم فور رؤيته الصغير ، لتستغل ليلى الفرصه و تهرب من قبضته ، لكنه على الفور اجتذبها من شعرها ، ليدفعها داخل المطبخ ثانيه ، و ترتطم بالحوض ...
تألمت ليلى و لكنها و بسرعه امسكت بالسكين الموجود على حافة الحوض و لكن يد تميم اطبقت على كفها ، قائلا بغضب : بقى كده يا بنت عمي ...
عادت ليلى للصراخ ، ليعود تميم و يكمم فمها مره اخرى ، ليصاب بالذعر حين تعالت صرخات الصغير ، أراد الانتقام و في نفس الوقت عدم توريط نفسه
لتلاحظ ليلى ارتباكه ، استغلت ضعفه و اطبقت باسنانها على كفه المكممه لفمها ، ليصرخ تميم من الالم ، و يفلت قبضته عن فهما و عن السكين ، لتلتقطها ليلى و تستدير و لكن تميم كان اسرع منها ، فقد اعاد توجيه السكين لتستقر في صدرها ...
شعر تميم بالهلع الشديد فور رؤيته الدم ينفر من صدر ليلى ، لذا و بسرعه خرج من المطبخ ، ليفاجأ بدخول رجلين و برفقتهما فتاه الى الشقه...
صرخ احد الرجلين : اوعى تسيبه يهرب...
حاول تميم الفرار ولكن الرجلين احكما قبضتهما عليه ..
اما الفتاه فكانت ترقد بجانب فاتن ، المستلقيه على الارض تنزف من راسها بغزاره ...
احد الرجلين : اطلبي الاسعاف بسرعه ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
مالك : يحيى انت فين ؟
يحيى : معلش مشغول اوي يا مالك ، اقفل و لما افضى هاكلمك
مالك : استنى دي حاجه ضروري جدا ..
يحيى بقلق: حاجه ايه ..؟
مالك : انت فين الاول..؟
يحيى : انا بره المكتب ..هاروح الفيلا
مالك : لو سايق وقف
يحيى بنرفزه : فيه ايه ، ما تنطق ؟
مالك : مش عارف اقولك ايه بس اختك ليلى و معاها فاتن دلوقتي فالمستشفى
يحيى بصدمه : انت بتقول ايه ، ايه اللي حصل و مستشفى ايه ؟
رفض مالك اخباره بالتفاصيل على الهاتف ، و اكتفى باعطائه عنوان المشفى ، ليهرع يحيى باقصي سرعه ليصل بعد عشردقائق
في الاستقبال وجد مالك ، جالسا على احد المقاعد و برفقته احد الفتيات ، و على ما يتذكر يحيى انها اخته الصغيره نور..
مالك مسرعا في اتجاهه : يحيى
يحيى : طمني هما فين ، كويسين ... ارجوك قولي انهم بخير ، و ايه اللي حصل ؟
مالك : طب اقعد الاول ..
يحيى : اعد ايه ، انا عايز اشوفهم و اطمن عليهم
مالك : مش هينفع ، فاتن لسه الدكتور بيعملها فحوصات و ليلى ...
يحيى بذهول : ليلى مالها و فحوصات ايه دي اللي فاتن بتعملها ، ما تنطق !
مالك بهدوء : اقعد يا يحيى خليني افهمك ، اصلا دلوقتي مش هتقدر تدخلهم ...
جلس يحيى مذعنا ، ليقول مالك : كنت انا و نور راجعين الشقه بتاعتنا عشان نجيب شوية حاجات نسيوها البنات ، لفت انتباهي صوت ولد صغير بيعيط جامد من شقة الست رقيه ، الحقيقه قلقت جدا على فاتن ، و بالصدفه جارنا كان نازل برده بيقولي سمع اصوات صريخ مالشقه و بابها كان مش مقفول كويس ، ساعتها اتكهربت دخلنا الشقه و لقيت فاتن غرقانه بدمها على الارض وواحد خارج بيجري مالمطبخ ...
يحيى بصدمه : ايه اللي بتقوله ده ...؟؟
مالك مكملا بغضب : الكلب ابن عمك تميم ، اتهجم عليهم
كان يحيى يستمع غير مصدق ، ليكمل مالك : فاتن ان شاء الله هتبقى كويسه ، بس ليلى
يحيى بهلع : ليلى ايه ...؟
مالك بحسره : ليلى اصابتها شديده ، و لحد دلوقتي في غرفة العمليات ..
نهض يحيى بغضب من مقعده : و تميم الكلب ده فين ...؟
مالك : احنا قدرنا وا لحمد لله نسلمه للشرطه
يحيى : الكلب الحقير ...ثم سأل بهلع : و يامن فينه ...؟
مالك : مع فاتن مرضيش يقعد معانا ، كان بيعيط جامد و الدكتور سمحله يستنى معاها ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
استغل تميم المكالمه المسموحه له في قسم الشرطه ليطلب رقم عمه عبدالرحمن..
عبدالرحمن مجيبا : خير يا تميم يا بني ...؟
تميم : لقتها يا عمي لقتها
عبدالرحمن : هي مين ؟؟
تميم : ليلى ، ليلى بنتك اللي فضحتنا و خلت سيرتنا على كل لسان
عبدالرحمن : ليلى ، هي فين و عملت فيها ايه ؟
تميم بحسره : ملحئتش اعمل ياعمي ، انا دلوقتي فالقسم ، بس البركه فيك
عبدالرحمن : انطق هي فين..؟
تميم : دلوقتي فالمستشفى ...
عبدالرحمن : انت متأكد و مستشفى ايه
اخبر تميم عمه باسم المشفى بعد ان قراه على سيارة الاسعاف حين اقتادته الشرطه للقسم
سألت خديجه الجالسه بجوار عبدالرحمن : انت قولت ليلى ، لقيتوا ليلى ؟؟
اسقط عبدالرحمن الهاتف من يده و قال: ايوه يا خديجه ، ايوه
صرخت خديجه بعنف : هي فين ... فين ..؟
عبدالرحمن ببكاء : يا ريته ما قالي
خديجه بصدمه : ليه يا حاج ، ليه ..انت لسه مصمم عاللي فدماغك
عبدالرحمن بضعف : ده شرفنا يا خديجه ، شرف عيلتنا كله
لطمت خديجه على وجهها: حرام يا حاج ، حرام ، ربنا مقلش كده
عبدالرحمن : اسكتي يا خديجه ومتزوديش همي
أتى لؤي على صوت صريخ والدته ليسأل : مالك يا ماما ، فيه ايه ؟؟
خديجه تولول : ليلى ، ليلى تميم عتر فيها
لؤي بذعر : بتقولوا ايه ، و عمل فيها ايه الحيوان ده ؟
عبدالرحمن بحرقه : معملش حاجه ، ده اتمسك و دلوقتي فالقسم، بس انا اللي هاعمل
لؤي : بابا استهدي بالله كده ، وقولي ليلى فين دلوقتي ..؟
عبدالرحمن : بيقول تميم ، نقولها مستشفى الفؤاد ..
لؤي بلهفه : انا هاروحلها حالا، و انت يا امي خليكي هنا جنب بابا ، اوعي تخليه يخرج
عبدالرحمن مستندا على عكازه : انا هاجي معاك ..
لؤي: بلاش يا بابا...
عبدالرحمن : بيك من غيرك هاروح
خديجه ببكاء : و انا كمان يا لؤي خدني ليها ارجوك
لؤي باستسلام : حاضر يا امي حاضر...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
في صمت مطبق انتظر يحيى مع والديه و أخيه ريثما تخرج ليلى من غرفة العمليات...
ليقول لؤي بحسره : احنا السبب ، احنا السبب
عبدالرحمن ناهرا : اسكت الله يكسفك
لؤي بحده : لا مش هاسكت ، اسلوبك ده هو السبب ، كان يجرى ايه لو سمعتها ....
يحيى مقاطعا بحزن : مش وقت معاتبه يا لؤي ، ادعيلها تقوم بالسلامه ....
عبدالرحمن بغضب : ان شاء الله عنها ما قامت
خديجه بغضب مماثل : حرام عليك ، حرام عليك ، مش كفايه بعدها عننا خمس سنين
خرج الطبيب مع طاقمه لينهض يحيى و لؤي مسرعين باتجاهه ..
يحيى : طمنا يا دكتور ، هتبقى كويسه ان شاء الله
الطبيب بجديه : احنا قدرنا نوقف النزيف ...
لؤي مقاطعا : هي اصابتها فين بالظبط ؟
الطبيب على عجاله : هي جت هنا مصابه بجرح عميق في الصدر ، ادى الى نزيف داخلي و تلف الرئه اليسرى ، احنا قدرنا نوقف النزيف ، لكن المريضه حاليا حالتها حرجه جدا ، ده غير اننا و للاسف اضطرينا نعمل اجهاض للجنين..
شهقت خديجه مفزوعه : يا ضنايا ..هي كانت حامل ؟
أومأ الطبيب : ايوه ، و للاسف اضطرينا نعمل كده حفاظا على حياتها ...
خديجه بلهفه : طب ممكن ندخل نشوفها يا دكتور ...
الطبيب بانفعال : طبعا لا ، احنا هننقلها العنايه المركزه لغاية حالتها ما تستقر ، و بعد كده ممكن نسمح بالزياره السريعه..
خديجه بتوسل : ارجوك يا دكتور ، انا مشفتهاش بقالي خمس سنين و خايفه يجرالها حاجه و هي فاكره اني مش مسمحاها، ارجوك ارجوك يا بني
احتضن يحيى والدته التي انهارت ببكاء ، ليقول للطبيب : ارجوك و لو خمس دقايق ...
اومأ الطبيب قائلا : بس توعدوني محدش يرهق المريضه
يحيى و لؤي : اكيد يا دكتور اكيد
الطبيب : اوك احنا هننقلها لغرفة العنايه و هابعت الممرضه تبقى تسمحلكم بزياره مقتضبه
بعد ان غادر الطبيب ، قال يحيى لاخيه : طب اول ما يسمحولنا اديني خبر على طول
لؤي : ليه هتروح فين ؟؟
يحيى : هاروح اطمن على فاتن ...
قال عبدالرحمن المستمع لحديثهما : انا قايم عند اخويا ، احسن ما اتنقط اكتر من كده
فلقد اودع اخيه عزالدين قبل أيام في نفس المشفى
انصرف عبدالرحمن لتقول خديجه : طب ممكن اجي معاك يا يحيى ، عايز اشوف يامن
يحيى : مش وقته يا ماما ، و بعدين الولد في حالة صدمه و جايز يخاف من اللمه والناس الجديده
خديجه بحسره : ماشي يا بني
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
وقف يحيى على باب الغرفه التي وضعت فيها فاتن ريثما يطمئن الاطباء من عدم حدوث اي مضاعفات او نزيف داخلي اثر الضربه التي تلقتها في راسها
اسند راسه على الباب مثقلا بقلقه الشديد على ليلى ، تنهد و من ثم طرق الباب ..
بعد ثوان ، فتحت فاتن الباب ، لتنظر اليه بأعين مَلْئى بالدموع ...
قال يحيى محاولا التخفيف عنها : مالك قالي انهم مسكوا الكلب ده و ان شاء الله هياخد جزاءه
أومأت فاتن براسها ثم سألت بضعف : و ليلى ، طمني عليها ارجوك
يحيى باسى : لسه حالتها حرجه
تمتمت فاتن : يارب تقوم بالسلامه
يحيى متسائلا : يامن كويس ؟
فاتن : ايوه ، نايم جوه ...
قال يحيى : طيب لو احتجتي حاجه ، كلميني على طول
فاتن باقتضاب : متشكره
استاذن يحيى منها ، عائدا حيث وضعت ليلى في غرفة العنايه المركزه ..
و في الطرقه وجد والدته و أخيه ينتظران ريثما يسمح لهما بالدخول ...
وقف بجوارهما ، لتأتي الممرضه قائله : لو سمحتوا يا جماعه بس خمس دقايق و ياريت محدش يرهق المريضه او يعرضها لضغط نفسي...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
دلف الجميع الى الغرفه حيث ترقد ليلى و جسدها موصول بعدد من الاجهزه الطبيه ، لتشهق خديجه بحزن : يا حببتي يا بنتي
يحيى : ماما ارجوكي ...تسيطري على اعصابك ، انتي ناسيه الدكتور وصانا بايه
اومأت خديجه لتتقدم مع ابنيها حيث سرير ليلى ...و التي احست بوجودهم فورا ، لتترسم على شفتيها ابتسامه بوهن ، لتهمس بضعف : ماما ...
اقتربت خديجه ممسكه بيدها : ايوه يا حببتي وحشتيني اوي اوي يا قلب امك
ليلى : انتي اكتر ... و انت يا لؤي مش عايز اشوف دموعك دي
قال لؤي الذي لم يستطع ان يسيطر على مشاعره : انا اسف اوي يا ليلى ، كنت غبي جدا ، كنت غبي ومفكرتش الا فنفسي ...
ليلى بضعف : هششش انا اللي اسفه
يحيى بتأثر : ليلى ارجوكي تريحي نفسك و مفيش داعي تتكلمي
خديجه : اه يا بنتي
ليلى مقاطعه بضعف : انا عايزاكم تسامحوني كلكم ، و بابا فين بابا ..انا عايزاه يسامحني
يحيى : انتي اللي تسامحينا يا ليلي ، و ارجوكي كفايه كلام عشان متتعبيش نفسك
ادارت ليلى راسها الناحيه الاخرى ثم عادت تنظر باتجاههم و طلبت : يحيي ، طمني على فاتن ، هي كويسه...
ثم سألت مستدركه بفزع : و يامن ، يامن، فين يامن ...؟
قاطعها يحيى : كلهم كويسين و يامن مع فاتن وكويس اوي متقلقيش
ابتسمت ليلى ثم قالت : طب انا عايزه اشوفه هو وفاتن
خديجه : حاضر يا بنتي ، بس تشدي حيلك شويه
ليلى بانفعال : ارجوكم ، دلوقتي
لؤي مطمئنا : حالا ، انا هانده فاتن و معاها يامن متقلقيش
دلفت الممرضه امره : يلا ياجماعه كفايه كده
خديجه : طب خلينا كمان شويه
الممرضه : مش هينفع حضرتك
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
خرجت فاتن باكيه بعد مكوثها دقائق قليله في غرفة ليلى و برفقتها صغيرها يامن ، الذي تشبث بعنقها معطلا اياها عن السير بصوره صحيحه ، نظرا لثقل وزنه بالمقارنه مع بنية فاتن الجسميه الصغيره
فور خروجهم ، هرع يحيى و خديجه لالتقاط الصغير منها ، و الذي ما ان امسكته خديجه حتى شرع في البكاء صارخا و بشده
لتتناوله فاتن مره اخرى محاوله تهدئته ، و نحت مشاعرها تجاههم جانبا الان ، فالموقف صعب للغايه ، لذا قالت : اصله مش متعود عليكم ، انا كنت بكلمهم كتير و بيشوفني عالكاميرا عشان كده واخد عليا جدا
استطاعت فاتن أن تُهدأ من روعه ، لتقول خديجه بحرج : انا مش عارفه اقولك ايه يا بنتي ...
ليقطع حديثها خروج الممرضه من غرفة العنايه و على محياها علامات الجديه ، ليرتاب الجميع و بشده .
ليسأل يحيى بقلق جم : حصل ايه ارجوكي طمنينا
الممرضه باضطراب : انا استدعيت الدكتور ، و ربنا معاها
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
تلقى ابو فراس الاتصال من المشفى بصدمه كبيره : شو يعني محتاجين اهلهم مِشان يتعرفوا على الجثث ..
جلس على المقعد ، فقدماه لم تستطعا حمل ثقل هذا الخبر ، ليسأل زميله : شو يا ابو فراس ، طمنا الله يخليك
ابوفراس بحزن عميق : استشهدوا ... الطاقم كله ، استُشهد و هو بيدافع عن الحق و بيحاول يظهر ظلم و غطرسة الصهاينه .. مع انهم واضح جدا صحفيين و لكن هدول الكلاب ما بيفرق مَعهم حَدا
الزميل : انا لله و انا اليه راجعون ..
ابوفراس : بترجاك تكلم اهلهم و بسرعه ، وانا راح حاول اتواصل مع اهل كِنان ...
اومأ زميله مسرعا ، اما ابوفراس فسارع للاتصال بالشخص الوحيد الذي كلفه كِنان باللجوء اليه إن حدث أي مكروه له أو لزوجته ليلى ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
لقد عرفت ليلى بحدسها منذ فتره ليست بالبعيده ، بأنها لن تكون أميره كما في الاساطير ، و لقد علمت و بيقين بأن أميرها لن يكون كأبطال الروايات ، بل هو بطل حقيقي ، و البطل الحقيقي لن يدافع عن الحق و يعبر البحار المَسْجوره محاولا اظهار الحقيقه و يخرج منها سالما دون أي عواقب....
في الحياه هناك دوما عواقب ... للرأي و القرارات ، اختار كِنان أن يخاطر بحياته من أجل ايصال صوت الحقيقه ، من أجل أن يجد المعدومين في الارض منصه للتعبير عن مآسيهم أي كانت بُقعتهم الجغرافيه ، لقد آمن بمبادئه و سعى حثيثا لتطبيقها على أرض الواقع
ابتسمت ليلى ، متذكره كلماته : " لما ربنا يريد مش هاكون ندمان لاني عشت حياتي بالطريقه اللي انا مؤمن بيها ، صحيح هيكون في اخطاء بس الواحد بيعيش يجرب و يتعلم بس اهم حاجه انه في النهايه حاول ..."
زادت ابتسامتها، صحيح ان حكايتهم لم تكن كالروايات ... لا بل هي كالروايات روعه لكن تفتقد لنهايه مبهجه كنهاية الروايات عادةً ، و مع ذلك ستفارق الحياه غير نادمه على ارتباطها بزوجها البطل ، و تنهدت مغمضة عينيها الى رحلتها القادمه بجوار زوجها الشهيد
قال الطبيب الواقف بجوار سريرها بأسى بالغ : انا لله و انا اليه راجعون، جسمها مقدرش يتحمل الصدمات ، اجهاض + تلف الرئه اليمني ، و اللي انهك جسمها فعلا هو الالتهاب الناتج عن جرح السكينه و الحمى اللي مسكت فجسمها كانوا كفيلين بتعطيل وظايف الجسم للاسف
الممرضه : ربنا يصبر اهلها ، دي لسه صغيره
↚
¤ وصية أخ ¤
------------------------------------------
وقف يحيى على باب الشقة التي ورثتها فاتن من أخيها كِنان ، و انتقلت للعيش فيها مع يامن ، انتظر ريثما تفتح له الباب ، حيث سيصطحب يامن لزيارة اهله
بعد ثوان فتحت فاتن الباب معتذره : معلش يا يحيى ، يامن مش عايز يزورهم انهارده
يحيى برجاء : طب هنفضل كده لحد امتى يا فاتن..؟
فاتن : مش فاهمه ، الولد لسه محتاج يعدي صدمة موت مامته و باباه ، ده يدوب مفتش اربع شهور ، و الدكتوره قالت لازم نراعي مشاعره و منضغطش عليه فحاجه
يحيى بضيق : ما هو بيسكت و يبقى كويس طول ما انتي موجوده ، مفيهاش حاجه لو جيتي معانا ...
همت فاتن برفض اقتراحه ، حينما سمعت صوت يامن مناديا بفرح : خالو...
التفتت فاتن ليتقدم يامن قائلا : خالو تعال العب معايا باللعب اللي جبتهالي
ابتسم يحيى ثم قال : الاول ناخد اذن عمتو
يامن برجاء : عشان خاطري خليه يخش جوه يا عمتو
لم تشأ فاتن أن تعكر مزاج يامن فلقد لاحظت سعادته لرؤية خاله ، لذا قالت بابتسامه : طبعا يا حبيبي ، اتفضل يا يحيى ....
دلف يحيى رافعا يامن عاليا ثم قذفه في الهواء ، ليقوم بالتقاطه سريعا ...
ضحك يامن قائلا : كمان مره يا خالو
لتقول فاتن بضيق : بلاش احسن تقع تتعور
يامن : لا خالو مش بيوقع ، خالو شاطر اوي...
عاد يحيى لقذفه عده مرات ، و من بعدها اقتاده يامن لمشاركته اللعب في العابة الجديده
قال يحيى : انت ليه مش رضيت تيجي عند تيته و خالو لؤي انهارده ؟
يامن بتردد : عشان خايف اروح معاك ، يجي الراجل الوحش يعور عمتو فاتن ، و بعدين ارجع مش الاقيها زي ما ماما و بابا مش رجعوا تاني
فُطر قلب يحيى لاجابة الصغير ، فقال محاولا طمأنته : بس الراجل الوحش ده خلاص البوليس خده و اتحبس ، ومش هيخرج مالسجن طول عمره ، و احتمال كبير يموت كمان
فلقد تم البدء في محاكمة تميم ، و هناك احتمال كبير بصدور حكم الاعدام بحقه ...
نظر يامن له مبتسما ، ثم قال : بس برده انا مش هاسيب عمتو احسن تخاف
ليقول يحيى : يعني لو عمتو فاتن جت معاك ، كنت هترضي تيجي تزورهم
أومأ يامن ، ثم قال : خلينا بقى نركب عربيه جديده يا خالو
أومأ يحيى ، لينشغل مع يامن في العابه الطفوليه ، و بعد حوالي نصف ساعه حضرت فاتن لتقول : مش كفايه يا يامن ، كده هتعطل خالو
يامن معترضا : اااا خليه كمان شويه ، خليك يا خالو
يحيى : حاضر يا حبيبي ، انت العب شويه و انا هاقعد اتكلم مع عمتو ، اتفقنا ؟
اوما يامن : بس مش تمشي
يحيى : حاضر مش هامشي....
جلس يحيى بجوار فاتن المراقبه للصغير ، ثم قال : انا عارف ان يمكن مش وقته الكلام ده ، بس انا نفسي تسمعيني ، نفسي تفهمي اني ندمان جدا على اللي فات ، نفسي تديني فرصه تانيه ، تدينا فرصه تانيه ..
همت فاتن بالرد ، ليمنعها يحيى قائلا : اسمعيني الاول ، انا غلطت زمان ، غلطه كلفتني خمس سنين واكتر من عمري و انا بعيد عنك ، اوعي تفتكري اني نسيتك لحظه السنين اللي فاتت ، بالعكس انا كنت بتعذب في بُعدي عنك ، و دلوقتي بتعذب اكتر بسبب غبائي ، بندم فاليوم الف مره اني اتسرعت فحكمي عليكي ، بس لازم تفهمي اني وقتها كنت صغير ، كنت مؤمن اوي بنزاهة و اخلاق والدي و اهلي ، مكنتش متصور ان ابويا الحاج اللي مربيني على الحلال و الحرام ممكن يغلط ، زمان غلط و دفعني معاه تمن غلطته ، انا مش بحاول ابرر لنفسي بس بحاول افهمك انا ليه اتصرفت كده وقتها ، لو انتي مكاني كنتي هتختاري ايه ، تصدقي اهلك اللي بالنسباله فوق كل الشبهات و لا تصدقي حد معرفتك بيه متتعداش كام شهر...
صمت لحظه ثم اضاف : انا اتربيت في بيت مفيش في مجال للنقاش او ان حد يخرج فيه عن المألوف ، و جيتي انتي كنتي بره كل المألوف اللي عرفته ، يمكن كنت خايف او مش واثق فحبك ، يمكن مكنتش مصدق انك ممكن تحبي حد مش شبهك فحاجه كده ، يمكن توقعت الاسوء و ربنا جزاني لسوء ظني...
تنهد مضيفا : بس اوعدك اني اتغيرت اوي و مش هيجي يوم و اشكك فيكي تاني ..انا لسه بحبك يمكن زي الاول و اكتر بكتيير و نفسي تسامحي و نبدا من جديد
قالت فاتن بحسره : للاسف يا يحيى ، انا مقدرش ابدا معاك اي حاجه ، انا مسمحاك جدا ، بس دي صفحه طويتها من حياتي و مش مستعده ارجع ليها تاني
قال يحيى بخيبه و متعلقا باخر امل : طب ولو قولتلك عشان خاطر يامن ، عشان خاطر كِنان وليلى ، اكيد مش هيفرحهم انه يتربي كده مشتت ، ليه ميكنش في بيت يجمعنا كلنا
حينها تذكرت فاتن وصية ليلى لها بمسامحة يحيى و البدء من جديد على الاقل من اجل يامن ..
Flash back
ليلى في سرير العنايه المركزه : انا حاسه اني خلاص ...
قاطعتها فاتن ببكاء : بعد الشر عليكي
ليلى بهذيان : ارجوكي اسمعيني ، انا قلبي مقبوض اوي على كِنان ، انا شايفه دم دم كتير ، و كِنان عمّاله بينادي عليا ...
فاتن مقاطعه : ايه الكلام اللي بتقوليه ده ، ان شاء الله كِنان بخير و انتي هتقومي بالسلامه
ليلى : بس انا شايفاه ...و هما حاملينه ، يا حبيبي نزف جامد اوي، و هناك مش عندهم امكانيات ، المصابين كتير اوي ، السراير جنبه مليانه و في ناس على الارض مش لاقيه حتى سرير ...
انخرطت فاتن في البكاء محتضنه يامن الغافي في حضنها ، و غير قادره حتى على مواساه ليلى من اثر كلماتها الموجعه
ابتسمت ليلى : متعيطيش يا فاتن ، انتي لازم تكوني قويه ، اوعديني تكوني قويه
اومأت فاتن ، لتقول ليلى : لو جرالنا حاجه ارجوكي تاخدي بالك من يامن و سامحي يحيى ،سامحيه يا فاتن ، انا مش عايزه يامن يتيتم ، خليكوا انتو فمقام مامته وباباه ، عايزاه يتربى فاسره طبيبعه بين ناس تحبه و تفهمه مش زي ما حصل معايا و مع كِنان ، كِنان اتحرم من امه و هي عايشه ، و انا اتربيت مع اب قاسي ، شايفه يا فاتن حتى مش راضي يجي يشوفني ، حاسه اني هموت و هو لسه غضبان عليا ، مش عايز يسامح ...
لهثت ليلي لتقول فاتن : ارجوكي متتعبيش نفسك ...
ليلى : يبقى توعديني ، اوعديني تسامحي يحيى و لو عشان خاطر يامن
حينها قامت فاتن بوعد ليلى و لكن الواقع شيء اخر ، نفضت عنها تلك الافكار الموجعه ، فلن تعود لسابق عهدها ، تتخذ القرارت المصيريه في حياتها من اجل احبائها دون اقتناعها هي شخصيا
فاتن : ارجوك يا يحيى متضغطش عليا بيامن ، انا حابه ابدا من جديد ، اعمل ريفرش لحياتي ، و الفتره الي عرفنا فيها بعض كانت مليانه مواقف صعبه ، و ذكرياتها بتتعبني اوي ، انا مليش خُلق ارجع للوضع ده تاني ...
يحيى مقاطعا : الوضع كله اتغير ...
فاتن مقاطعه : انت مش فاهمني و انا مش عايزه اجرحك ، فارجوك تنسى اني ممكن اوافق على طلبك ، و بالنسبه ليامن ، شويه شويه هيرجع لطبيعته ، بس الحكاية محتاجه وقت و صبر ، و زي ما انت شايف تقدر تيجي و تاخده يقعد مع جدته وقت ما تحب
يحيى بضيق : انا بردو مش هيأس يا فاتن ..
فاتن بتنهيده : طيب يا ريت تتفضل لانه بجد ميصحش قُعادك هنا..
يحيى : انتي فايدك تخليه يصح ...
قاطعته فاتن : ارجوك يا يحيى ، كفايه....
قال يحيى بتردد : طب انا هاسيبلك فلوس ...
همت فاتن بالاعتراض ، ليقول يحيى : دي ليامن ، مش من حقك تمنعي عنه خير اهله يا فاتن
فاتن : بس هو مش محتاج و عمامه بيبعتوله فلوس تكفي و زياده
يحيى : برده مش من حقك ترفضي ، و يا ستي اعمليله حساب فالبنك و حوشيهمله
فاتن بضيق : يبقى تعمله انت ، انا مش هاتصرف ففلوس تخصك
يحيى بحنق : اشمعنى بتقبلي من اعمامه ؟
فاتن : كِنان كان موصيني انا و ليلى ، نعتبرهم فمقامه ، كان عارف ان شغله خطر و فاي وقت جايز يحصله حاجه ، كان موصيني نعتمد عليهم في اي حاجه تخص يامن ...
تنهد يحيى و قال : براحتك يا فاتن ، انا مش هاضغط عليكي و مقدر الظروف و الحزن اللي انتي فيه و اللي احنا فيه كلنا ...
نهضت فاتن منهيه الحديث ، ليقول يحيى : طيب مع السلامه دلوقتي يا بطل
يامن : طب هتيجي بكره
نظر يحيى لفاتن التي طأطأت راسها رافضه للفكره ، ليقول يحيى : هاجي اخدك عند تيته..
قاطعه يامن : لا مش عايز ..مش عايز ....
يحيى موجها نظره عتاب لفاتن : طب خلاص يا بطل متزعلش نفسك ، انا هاجي بكره و نخرج انا و انت اي مكان تحبه..
يامن : بس على شرط
يحيى : ايه يا بطل
يامن : كمان عمتو فاتن تيجي معانا
تنهدت فاتن ، ليقول يحيى : ده بقى دورك انك تقنع عمتو ، هتبقى ادها و لا ...
يامن بفرح : ادها ..متقلقش يا خالو انا شاطر اوي و هاقنعها
ابتسم يحيى مودعا يامن ، و موجها نظرة رجاء لفاتن ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
دخلت خديجه حيث يجلس يحيى في الشرفه و سالت : طمني يا بني ، وافقت ؟
يحيى بضيق : لا يا امي ، منشفه دماغها و مش قابله حتى مجرد نقاش فالموضوع
خديجه : طب لو تخليني اكلمها ، جايز لسه شايله فقلبها مني ..
يحيى : لا يا ماما ، فاتن مش كده ، و لما سامحتك كان بجد من قلبها مش عشان كانت متاثره بموت ليلى و كِنان
خديجه : و انت يا بني ، مسامحني و لا لسه شايل في قلبك من ناحيتي انا و ابوك ؟
امسك يحيى بيدها مقبلا اياها و قال : انا عمري ما اقدر ازعل منك يا ست الكل ، و لما عرفت انت اتحملتي اد ايه عشانا اتكسفت من نفسي ازاي وقتها مكنتش حاسس بيكي ..
خديجه مقاطعه: انا غلطت لما خدتها بذنب امها ، بس كان غصب عني و ربنا اخد مني نور عيني بنتي حببتي ، و دلوقتي كمان حتى اللي فاضل منها مش بيحب يجي و لا يشوفني ، ربنا مش بيقبل الظلم و انا ظلمتها اوي ، احنا كلنا ظلمناها ...
احتضن يحي والدته : متقسيش على نفسك يا امي ، و لا انتي السبب فمصير ليلى ، كله مقدر و مين عارف ايه الحكمه في كده ، و يامن بيحبكو جدا بس لسه ده طفل و مش فاهم ليه اهله راحوا و فاتن دلوقتي كل دنيته ، بالصبر يا امي كل شيء هيهون...و ان شاء الله كلها مساله وقت و يبقى يامن فحضنك
دلف لؤي قائلا : يا جماعه ، وحدوا الله ، مش كل اما اغيب عنكم شويه الاقيكم بالحاله دي
خديجه : هو اللي حصلنا قليل ، ليلى راحت مني في غمضة عين ، كنت ما صدقت انها رجعتلي ، بس رجعت عشان قلبي يتوجع عليها من تاني ، و ابوكو اللي مبقاش قادر حتى ينطق بحرف و لا يقدر يروح و لا يجي ...
و تذكرت خديجه كيف صدم زوجها بوفاة اخيه و ابنته في نفس اليوم ، ليفقد النطق و الحركه في قدميه اثر حدوث جلطه فيهما
توقفت خديجه عن الكلام محاولة السيطره على دموعها ، ليقول لؤي : طب عشان خاطر يامن متيعطيش ..
خديجه : و هو فين يامن ، ده مش بيحب يجي عندنا خالص...
سال لؤي : انت مفاتحتش فاتن فموضوع جوازكم ؟
يحيى بحسره : مش موافقه يا لؤي ، و مش عارف ازاي هاقنعها ...
لؤي بندم : انا اسف يا يحيى ، انا السبب فاللي انتو فيه ، انا مستعد اعتذرلها تاني و لو حتى توصل اني اوطي على رجلها ابوسها ، بس تسامحك و ارتاح مالذنب اللي بيخنقني كل يوم ده
يحيى : هي سامحتكم كلكم من قلبها بجد ، بس للاسف مش قادره تسامحني و مش عايزه...
نهض يحيى مغادرا ، لتتحسر خديجه : ربنا يسامحنا علي عملناه فيه
ليقول لؤي : انا خايف خايف اوي يا امي ، خايف ربنا يعاقبني عقاب كبير على عملته فيحيى
خديجه : انت كنت صغير و للاسف ابوك كان السبب فاللي انت وصلتله ..
لؤي : بس كده مش عدل ، انا بقيت ناجح و هاتجوز الانسانه اللي بحبها ويحيى هيتحرم من الانسانه الوحيده اللي حبها في حياته
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
طرق مالك بانامله على مقود السياره بعد أن أوقفها أمام البنايه التي تقطن بها فاتن ...
قالت سلوى الجالسه بجواره : تفتكر هترفض تقابلنا ...
شيرين و الجالسه بجوار ابنتها في المقعد الخلفي : انا بقول مالك يكلمها الاول ، و يديها خبر ، بلاش نحرجها ، مهما كان هي اكيد نفسيتها لسه تعبانه من اللي حصل لاخوها ومراته ..
مالك : اوك ، انا هاكلمها دلوقتي ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
دُق جرس الباب ، لتتنهد فاتن و تسير بخطي متثاقله نحوه ، فلقد اخبرها مالك قبل قليل باصرار سلوى و شيرين على الاعتذار لها عما بدر منهما في حقها ....
فتحت الباب ، ليقول مالك : انا متشكر اوي انك قبلتي ..
قاطعته فاتن : مفيش داعي تشكرني ، انا قلتلك قبل كده ، اني كسبتك كاخ و مش معقول يبقى اخويا عنده ضيوف وانا مقبلش استقبلهم في بيتي ...
ابتسم مالك بامتنان ثم قال : طب انا هاستنى تحت فالعربيه ...
غادر مالك لتتقدم سلوى و شيرين بحرج ، لتقول فاتن باقتضاب : اتفضلوا...
دلفت شيرين و برففتها ابنتها تالا ، و بجوارها سلوى الى الداخل ..
حين جلس الجميع ، بادرت سلوى قائله : انا مش عارفه ابدا ازاي ، بس قبل ما اطلب منك تسامحيني ،
عايزاكي تعرفي اني قبل ما اغلط فحقك ، غلطت فحق نفسي جامد ، لما خليت انانيتي و حبي لنفسي يسيطروا على دماغي بالشكل البشع ده ، حللت و بررت تصرفاتي بحجة اني بعمل الصح ، و طالما هدفي خير يبقى مش مهم الطريقه اللي اعمل الخير بيها ، انا اتبليت عليكي و ندمانه اوي و نفسي انك تصفي من ناحيتي و تسامحيني ، انا اعترفت بغلطتي ادام يحيى و مالك و لو تحبي ادام الدنيا كلها ، مستعده اعمل اللي يرضيكي ....
صمتت سلوى ، لتتابع شيرين : احنا جايين و كل املنا انك تسامحينا من قلبك ، مش عشان خاطر مالك او اي حد تاني ، لانها لو مطلعتش من قلبك مش هيبقى ليها معني...
فركت فاتن يديها ، ثم قالت : و انا مسامحه ، الدنيا دي قليله اوي و محدش يستاهل اننا نشيل فقلبنا منه ، انا موت كِنان و ليلى خلاني اغير نظرتي في حاجات كتير ، و طالما انتو حسيتو بغلطكم يبقى المسامح كريم ، بس يا ريت بجد تكونوا فاهمين انتو غلطتو فحقي ازاي ، و ميكنش مجيكم هنا عشان خاطر خايفين على زعل حد..
قالت سلوى بابتسامه باهته : معاكي حق تقولي الكلام ده ، انا مش عارفه مالك قالك ايه ، بس انا مش بعمل كده عشان اغير نظرته ليا و احسن صورتي اللي اتشوهت ادامه ، انا بعمل كده لاني مقتنعه فعلا اني غلطت فحقك جامد و انا مش حمل اني اتسال يوم القيامه عن الغلط البشع ده ...
نظرت فاتن لعيني سلوى و اللتان تبدوان صادقتان للغايه ، و قررت ان تصدقها ، بالرغم مما عرفته من مالك ، بانها تكن له المشاعر و كذلك هو ، و لكن ما يعقد ارتباطهما حاليا هو تردده ناحيتها بعد معرفته بما اقترفت من كذب و افتراء بحق فاتن ...
فاتن : طب انا هاقوم اجبلكم حاجه تشربوها ..
قاطعتها شيرين : احنا مش حابين نتقل عليكي ، خليها مره جايه ، انا متاكده اما النفوس تصفى اننا هنبقى صحاب جدا ، على الاقل دي امنيتنا يا فاتن ، و دلوقتي عن اذنك احنا مضطرين نمشي...
ابتسمت فاتن مودعه الفتاتين و تمنت لو ان باستطاعتها ان تودع صفحة يحيى من حياتها و نهائيا ، فلقد عرضها حبها له للكثير من الالام ...
و التي بمجرد تذكرها يعتمل الالم في قلبها مجددا ، و لكن ذلك لم يمنعها من مسامحه والدته و اخيه حين قدما لهما الاعتذار مترجيين أن تسامحهما على ما بدر منهم تجاهها ، ففقدان كِنان و ليلى ، علمها بأن الحياه لا تستحق أن نثقل قلبنا بالبغضاء تجاه احدهم ، خاصه بعد اعترافهم و رجائهم لها بالصفح ، فيكفيهم موت ليلى المفاجىء و صدمتهم الكبيره بفقدانها ....
تنهدت متمنيه أن يأتي يوما و يختفي كل ذلك الالم و تبقى فقط الذكرى التي تشعرنا بالشجن ليس الا...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
جلست فاتن محاولة تطبيق نصائح الطبيبه و حث يامن على الموافقه للذهاب و زيارة جدته و اخواله ، لذا قالت برفق : ايه يا حبيبي ، احنا مش اتفقنا انك هتروح كل اسبوع زياره عند تيته ، دي بتحبك اوي ، و خالو يحيى و لؤي حابين يلعبوا معاك ....
على الفور اختفت ابتسامة يامن ليقول : انا بخاف اروح ازورهم ، ارجع مش الاقيكي زي ما حصل مع بابا وماما ، انا مش عايزاك تسبيني انتي كمان ...مش هتسيبني انتي كمان يا عمتو
فاتن بتأثر : عمري يا حبيبي ، عمري ما هاسيبك ...
ارادت فاتن المحاولة مره اخرى لاقناعه ، و لكن رن هاتفها ، معلنا مكالمه جديده من خالد ، الاخ الاكبر لكِنان و الذي اخبرها البارحه بأنه قَدِم الى مصر ...
اجابت محاولة اخفاء حزنها من كلمات الصغير قبل قليل : ازيك يا ابيه خالد ؟
خالد : ازيك انتي يا فاتن و ازاي يامن ، طمنيني عليه ...
فاتن : بخير و الحمد لله ، بس انت مش ناوي تيجي تشوفه...
خالد بنبره جديه : ما هو ده اللي مكلمك عشانه ... يامن ...احنا محتاجين نتقابل عشان مش هينفع كلام فالتليفون
فاتن : انت قلقتني اوي ، خير ؟
خالد : مش هينفع تليفون ، و الكلام ده كمان هيكون لاهل ليلى ، انا هاكلم البشمهندس يحيى عشان هما كان يكون عندهم علم بالموضوع
فاتن بقلق بالغ : ارجوك تفهمني في ايه ، ماله يامن ...؟
اغلقت فاتن الخط و القلق يتاكلها ، بعد رفض خالد الافصاح عما يريد الحديث بخصوصه ، و لكنها تيقنت ان الامر مصيري ، تُرى هل يتعلق ذلك بوصية كِنان و التي اخبرها خالد بأنه كتبها بعد فترة من انتقاله الاخير الى فلسطين ، و لكنها ظنت انه اخبرها بكل محتوياتها ، فبعد استشهاد كِنان ، حضر خالد و اخيه الى مصر ، و اخبرا فاتن بأن كِنان اوصى بأن تترك الشقه التي كان يمتلكها لليلى و يامن و لها ، و لكن بعد وفاة ليلى اصبحت ملكيتها تعود لها و للصغير يامن ، و بقيت امور اخرى قال حينها خالد بأنه يرى أن يؤجلها ريثما تستقر حالتهم النفسيه و الخروج من صدمة وفاته المفاجئه...
و لكن ما علاقة أهل ليلى بالوصيه ، و لِمَ أصر أن تتم المقابله بحضور يحيى ....
ظلت الافكار تعصف برأسها ، حينما دقت الساعه الواحده هيأت نفسها للخروج ومقابلة خالد ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
فوجىء يحيى بمكالمة خالد ، الاخ الاكبر للراحل كِنان ، خاصه مع اصراره الشديد على مقابلته اليوم ..
اوقف يحيى سيارته امام المقهي الذي اتفقا على الحضور اليه ، ترجل من سيارته و دلف الى المقهي
في الداخل وجده ينتظر و برفقته فاتن و يامن ، و ما ان لمحه الصغير حتى هرول مسرعا في اتجاهه : خالو انا كنت مستنيك
التقطه يحيى قائلا : ازيك يا بطل ..؟
يامن : كويس اوي ..
تقدم يحيى حاملا يامن ، الى الطاوله التي يجلس عليها خالد ، و مد يده مصافحا خالد : حمدالله عالسلامه يا استاذ خالد
خالد : الله يسلمك
جلس يحيى على المقعد ، واضعا يامن على ركبتيه ، ثم سأل : ازيك يا فاتن ..
فاتن باقتضاب : الحمد لله
تنهد خالد ثم قال : انا مش عارف اقولكم ايه ،اهو فات اربع شهور على وفاتهم ، و مش هاقدر استنى اكتر من كده ، انا عارف انكم متعلقين اوي بيامن بس برده لازم تفكروا فمصلحته
فاتن مقاطعه : انا مش فاهمه حاجه ، ما احنا متابعين مع دكتوره هنا و حالته النفسيه ان شاء الله هتتحسن
خالد : طب معلش ممكن الكلام ميكنش ادام الولد
قال يحيى مقترحا : ايه رايك يا بطل تعد عالتربيزه اللي جنبنا و كل اللي نفسك فيه هخلي الجرسون يجبهولك
صفق يامن فرحا : اممممم موافق جدا
انطلق يامن ليجلس في الطاوله المجاوره
ليقول خالد : انا اقصد وصية كِنان ليا ، هو كان مقدر خطورة الوظيفه اللي اختارها لنفسه و كان موصيني لو حصله اي حاجه اني اخد بالي من يامن و من ليلى ، و مع موقف اهل ليلى منها كان خايف اوي ليحصلها حاجه ، و للاسف حصل اللي حصل ، فدلوقتي يامن مكانه الطبيعي انه يتربى في بيت عمه ..
يحيى : انت بتقول ايه ، هو احنا قصرنا فحاجه ...
قاطعه خالد : بشمهندس يحيى ، ارجوك تقدر موقفي ، ده ابن اخويا ، اللي موصيني عليه قبل وفاته ، و كان شايف ان المكان الطبيعي له يكون في بيت عمه الكبير..
فاتن بضيق : يعني ايه الكلام ده ، مش احنا اتفقنا ان يامن هيفضل هنا معايا
خالد : انا مرضتش اتدخل مراعاة للحالة النفسيه اللي كنتو فيها ،و خصوصا ان يامن مش بيثق الا فيكي ، لكن دلوقتي مقدرش اخليكي تشيلي الحمل ..
قاطعته فاتن بانفعال : هو انت شفتني اشتكيت...
ليتدخل يحيى بانفعال هو الاخر : حضانة الولد قانونا تكون مع جدته ، والدة امه..
ليقاطعه خالد بعتاب : قانونا يا بشمهندس الوصيه تُنفذ ، بس هو حضرتك هتوصل الموضوع للمحاكم ؟
يحيى بحرج : مش قصدي ابدا و لكن اللي بتطلبه ده مستحيل ، انت مش عارف ان يامن هو اللي مصبرنا كلنا على فراقهم ، لولاه انا مش عارف والدتي كان هيحصلها ايه
خالد : بعد الشر على والدتك ، و لكن خلينا ننحي العواطف على جنب ، و نفكر بعقلانيه شويه ، دلوقتي لو يامن فضل مع فاتن مش هيجي يوم و تتجوز ، قولي انا اضمن منين ان زوجها مش هيتقل من وجوده
فاتن بانفعال : و مين قالك اني عايزه اتجوز دلوقتي اصلا .
قاطعها خالد بهدوء : قولنا نفكر بعقلانيه يا فاتن ...و انا قدامي اسبوع هنا فمصر ، ارجوكم تسهلوا عليا الموقف ..
يحيى بهدوء : ده انت مش جاي تتناقش و تشوف مصلحة الولد فين ، انت جاي و مقرر و خلاص
خالد : انا مقدر موقفكم كلكم ، ومش هازعل من اي انفعال ، بس انتو كمان ، انت يا بشمهندس حط نفسك مكاني ، دي وصية اخويا و اللي اخت حضرتك الله يرحمها كانت موافقه عليها ، من اول ما دخلوا فلسطين ، كِنان كلم المحامي ، لان كان مقدر خطورة شغله و ليلى كانت مقدره برده موقف اهلها و الاتنين وقعوا على ان لو حصل حاجه ليهم يبقى الولد في رعايتي ...
يحيى بأسى : ده كان قبل ما ليلى تيجي و تعرف موقفنا ، كانت خايفه من رد فعل بابا ، و الا مكنتش وافقت اننا نتحرم منه
خالد : مين قال هتتحرموا منه ، و لكن الافضل انه يبقى في بيت مستقر ، و انا و زوجتي هنحاول نوفرله الموضوع ده ...
فاتن بحده : و انا لا يمكن اسمحلك تاخده مني ، ده حتى مش بيطيق يروح يزور بيت جده ، انت عايز يجراله حاجه...
خالد : انا اسف اوي يا فاتن ، بس مقدرش اخالف وصية كِنان ، هو كان شايف ده عشان مصلحة يامن ، متنسيش ان كِنان اتربي بعيد عن امه ، و كان نفسه يامن يعيش في بيت مستقر ....
قال يحيى على حين غره : عموما حضرتك اتسرعت اوي، يامن كان هيتربي في بيت مستقر ، و لكن عشان الظروف متسمحش انا و فاتن كنا مأجلين نكلم حضرتك في الموضوع
ارتسمت ملامح الدهشه على وجه فاتن ، ليسأل خالد : موضوع ايه ؟؟؟
يحيى بثقه : موضوع جوازي انا و فاتن ، يعني يامن هيتربي في بيت مستقر ، بين عمته و خاله ، و اظن لو حضرتك اصريت على تنفيذ الوصيه تبقى بتيتمه مره تانيه ...
فغر خالد فاهه ، قائلا : الكلام ده حقيقي يا فاتن ..؟
ابتلع يحيى ريقه وقال : قوليله يا فاتن ، احسن ما ينفذ كلامه و ياخد يامن معاه ...
فاتن بتردد : اصل...
يحيى : الحاجات دي مفيهاش كسوف....
فاتن : ايوه ايوه صحيح ، بس احنا مأجلين الموضوع عشان الظروف
خالد بتنهيده : طب الحمد لله ، كده فعلا هاسافر و انا مطمن على يامن ...
ثم أضاف : ها و ناويين امتى ان شاء الله ، ارجوكم خلال الاسبوع ده قبل ما اسافر عشان اطمن على يامن
فاتن بحده : الاسبوع ده ايه ، احنا لسه ما اتفقناش على حاجات كتير
خالد بقلق : يبقى لما تتفقوا ان شاء الله ، و اشوف بعيني ، انا مش مستعد اتنازل عن وصية كِنان الا و انا مطمن بقلبي و عقلي
فاتن : يعني ايه ؟
خالد بضيق : يعني هاضطر اخد يامن معايا ، لغاية اما يتم الجواز فعليا ، لاني خايف حد فيكم يغير رايه ، او تحصل ما بينكم خلافات ، انا واعي جدا لموقف اهل يحيى من والدتك ..
قاطعه يحيى : متقلقش يا استاذ خالد ، احنا هنتجوز خلال الاسبوع ده ، و تقدر تسافر و انت مطمن ...
شهقت فاتن : انت بتقول ايه ؟
يحيى : بقول المفروض يتعمل ، صحيح الظروف متسمحش لكن احنا هنسرع فالجواز عشان مصلحة يامن ، مصلحته ان يتربى في بيت مستقر ، كلام الاستاذ خالد مظبوط جدا
قال خالد مباغتا : ممكن يا بشمهندس حضرتك تسمحلي بكلمه على انفراد مع فاتن ؟
نظر يحيى لفاتن بأمل ، ثم قال : انا هاروح اعد مع يامن ، خدوا راحتكم
قال خالد بعد انصراف يحيى : اسمعي انا اتفاجأت جدا بموضوع جوازكم ده ، و عندي احساس انك انتي كمان اتفاجئتي زيك زيي...
صمتت فاتن ، ليقول خالد : بس اللي انا متأكد منه ان يحيى بيحبك ، هتقوليلي ازاي عرفت ، هقولك اني شايف اللي انتي يمكن مش قادره تشوفيه ، شفته دلوقتي اول ما دخل و جت عينه عليكي ، شفته و احنا فالعزا ، اد ايه كان خايف عليكي و بيحاول يخفف عنك ، بس اللي مش متأكد منه هو موقفك ايه تجاه مشاعره ديه ، انا مش عايزك تتسرعي و توافقي ترتبطي بيه عشان مصلحه يامن ، صدقيني يامن مش هيكون ناقصه حاجه و هو معايا ، خودي وقتك و فكري كويس ...
فاتن بأمل : يعني مش هتاخد يامن مننا
خالد باسف : مش هقدر ، انا لازم انفذ وصية اخويا ، مش هيرتاحلي بال و يامن مشتت كده ...
فاتن : ومين قال انه هيكون مشتت ..
قاطعها خالد : فاتن انتي زي اختي و معزتك فغلاوتك كِنان الله يرحمه ، بس انا مقدرش اخل بوصيته الا لو كان البديل حاجه افضل ، و انا ملاحظ ان يامن متعلق بيكي جدا ، لكن انتي لوحدك مينفعش ، ده ولد و مسيره يكبر و مش هتقدري عليه ، محتاج راجل يوجهه و يشد عليه وقت اللزوم ، و انا زي ما قلت مضمنش لو اتجوزتي ، جوزك هيعامله ازاي ، لكن لو يحيى فهو خاله و الخال والد زي ما بيقولوا ، في الحاله دي ممكن اوي اني ارجح كفة انه يتربى هنا و اني منفذش الوصيه بحذافيرها
نظرت فاتن ليحيى الجالس برفقة يامن على الطاوله المجاوره ، لتجده منسجما و بشده مع خاله ، على عكس قلقه الواضح منذ قليل تجاه عمه خالد ، بالرغم من معرفتها بأن كِنان و ليلى كانا دائمين التواصل معه عبر النت ، و كذلك يامن ، و لكن هل ستتزوج يحيى فقط من أجل أن تضمن سعاده ابن اخيها الراحل ، هل ستكون تضحيتها في محلها ، هل ستعود مره اخرى الى ذلك المكان المليء بالوجع و الألم و عدم الامان ...
ابتسمت ليامن عن بُعد محتاره .......
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
امضت فاتن الساعتين المنصرمتين في التفكير بيامن و مستقبله ، هل سيكون حاله أفضل مع عمه ، او برفقتها ، هي بالتأكيد لن تستطيع التخلي عنه ، فلقد تعلق قلبها به بصوره كبيره ، و لكن هل بامكانها أن تعود ...
قطع عليها تفكيرها رنين جرس الباب ، تقدمت ناظره في العين السحريه ، لتفاجأ بخديجه والدة يحيى..
تمتمت : اكيد وحشها يامن
فتحت الباب بابتسامه باهته ، لتقول خديجه فور رؤيتها : انا اسفه جايه من غير معاد
فاتن متراجعه للخلف : بالعكس حضرتك تيجي فاي وقت ، البيت بيتك و من حقك تشوفي حفيدك الوقت اللي تحبيه ، اتفضلي..
دلفت خديجه ، لتقتادها فاتن للجلوس قائله : يامن نايم ، ثوان اصحيه ..
قاطعتها خديجه : ارجوك سيبيه نايم ، انا مش جايه له ، انا جايلك انتي مخصوص..
جلست فاتن في المقعد المقابل قائله : خير حضرتك ...
خديجه بهدوء : شوفي يا بنتي ، انا جيت قبل كده هنا و اعتذرتلك و انتي لان اصلك طيب سامحتيني فوقتها و مش كسفتي ست اد امك ، و امك دي هي السبب فقسوتي عليكي ، و دلوقتي جايه هنا عشان اكمل اعتذاري ، و اتمنى انك تسامحيني من قلبك ، انا فهمت انتي سامحتيني ليه ، عشان صعبت عليكي بعد موت ليلى ، لكن دلوقتي انا عايزاها تكون من قلبك
همت فاتن بالرد ، لتقول خديجه : ارجوكي اسمعيني الاول
صمتت فاتن لتقول خديجه : انا اسفه فاللي هقوله ، بس ده لاني عايزاكي تفهمي موقفي تجاهك كان نابع من ايه ، مش ببرر لنفسي ، بس حابه اقول اللي ليا و اللي عليا...
تابعت : انا شفت كتير اوي من امك يا بنتي ، الاول جوزي بقى على علاقه بيها ، صرف اللي وراه و اللي ادامه عشان يرضيها ، و استحملت و سكت ، لغاية لما مبقتش قادره استحمل ..دخلت اخوه فالموضوع ، قام قالي اني لازم اهاوده لغاية اما يكشفها له على حقيقتها ...
فاتن بامتعاض : ارجوكي ، انا مش حابه نتكلم فحاجات قديمه ، وراعي انك بتتكلمي عن امي
خديجه بحزن : ارجوكي انتي تسمعيني ، عشان تقدري تفهمي ...
هزت فاتن راسها استنكارا، لتقول خديجه : اسمعيني و دي اخر مره هادوشك بيها
صمتت فاتن ، لتكمل خديجه : قام اخوه مشاغلها ، و لما اكتشف كان هيرتكب فيهم جريمه ، بس هي قدرت تقنعه معرفش ازاي ان اخوه خدعها و هددها و كلام كتير خلاه يسامحها و يرجع علاقته بيها ...
طبعا جوزي لسه فيه شويه نزاهه يمكن و كان عايز يتجوزها ، عايز علاقتهم تكون فالنور ، و هي وقتها كانت فهمت انه خلاص صرف كل اللي حيلته عليها ، وفهمت كمان انه اخوه كان بس بيحاول يكشف حقيقتها له ...يعني طول ما هي على علاقه بيه هيفضل اخوه وراها و تقدر تستغله ، تعرفي انها خدت من اخوه فلوس كتير عشان تبعد عنه و كل مره ترجع علاقتها بجوزي ، عشان اخوه يرجع يدفعلها تاني و تالت
فاستمرت تلاعبه و تديه وعود و انها عايزه تعمل معاه عيله و عايزه تربي ابنه ، لؤي اللي لسه فاللفه ، و ال ايه هتسبلي يحيى ، عشان يا عيني صعبت عليها انها تاخد كل ولادي ، و جوزي كان مصدقها و باصملها بالعشره ..
و جه فعلا و انا لسه والده.. خاد لؤي من حضني و ودهولها ، وقتها كلمت اخوه ، قالي اصبري حبه ، خلاص هي عمرها ما هتستحمل تربي ابنك ، و انا فهمتها كويس و خلاص معدتش هادفعلها حاجه ، و فعلا سمعت كلامه و جاب نتيجه ، مفيش كام يوم لقيت جوزي راجع و معاه لؤي و ندمان و عايزني اسامح بعد ما كشفت حقيقتها ادامه ...
صمتت تسمح دموعها ثم اكملت : انتي فاهمه هي عملت فيا ايه ، فاهمه يعني ايه تخليني اسيب ابني اللي لسه فاللفه ، فاهمه حرقة قلبي وقتها ، بس صبرت و اتحملت عشان اكشفها ، عشان مهدش بيتي ، كان صعب اوي اني اتعامل معاكي عادي ، كان صعب اني اتحمل تبقى مراة ابني ، لما عرفت رجعت النار تاني تقيد جوه قلبي ، و خادتك بذنبها ، و دي الحاجه اللي ندمانه عليها ، انا ظلمتك و ربنا خاد نور عيني مني ، خاد ليلى ، الاول بهروبها و لما رجعت ، رجعت عشان تروح مني تاني ، و دلوقتي بترجاكي تسامحي تسامحي من قلبك ...مش هقولك عشاني او عشان يحيى ، عشان يامن ، عشان يفضل عايش وسط اهله ، مطرح ما ليلى كانت حابه يفضل، انا متاكده انها مكنتش هاتحب انه يتربى بعيد عنك و عن يحيى
فاتن باقتضاب : انا مصلحة يامن عندي بالدرجه الاولى ، و هافكر بعقلي عشانه
خديجه : انا عارفه ان المفروض جوزي يجي و يعتذرلك ، بس هو كده ، دايما متعصب لرأيه حتى لو غلط ، ظلمنا كلنا ، كان قاسي على ليلى و لؤي اوي ، و ليلى اديها راحت منه و اتشل لا بقى قادر ينطق و لا يمشي ، و لسه بيكابر و مش مستعد يعترف بغلطه ، فحتى لو رجع تاني ينطق مظنش يجي و يستسمحك ، في ناس كده مش بتتعظ ابدا ..و انا متشكره اوي انك سمعتيني ، و اتمنى يجي يوم و تسامحيني من قلبك
نهضت خديجه من مقعدها لتقول : انا ازعجتك جدا ، بس حاجه اخيره ، انا بجد هاتشرف بيكي تكون مرات ابني الكبير ، و الحقيقه انا ذُهلت من مدى قوتك و حكمتك ، كنت متخيله انك هتنهاري بعد وفاة اخوكي و اللي حصل كله ،لكن طلعتي اد المسئوليه وقدرتي تشيلي مسئولية يامن فوقت كلنا مكناش قادرين حتى ناخد نفس، كنا فحالة صدمه ، لكن انتي اتخطيتي الصدمه بسرعه عشان الطفل الصغير ده ، كتمتي حزنك و اتغلبتي على صدمتك عشانه ، انا بجد فخوره بيكي يا بنتي ..
ابتسمت فاتن ببرود مودعه جدة يامن ، لتعود غير قادره على التفكير الصحيح فيما هو الافضل لمستقبله ..
هل فعلا أراد كِنان أن يتربي يامن بين أعمامه في كندا ، و هو الذي رفض على حد علمها السفرو الهجره معهم ، نظرا لحبه الشديد لوطنه و عروبته ، هل أراد حقا أن ينشأ يامن في بلد اجنبي ..
تنهدت فاتن ، فبالتأكيد لم يكن له خيار اخر ، مع موقف اهل ليلى من زواجهم ، ربما كانا خائفين من ردة فعلهما ..
بالتأكيد سيحظي يامن بحياه كريمه جدا مع عمه خالد ، فلقد خبرت من كِنان الكثير الكثير عن اخوته وبالرغم من البعد في المسافات الا انهما كانا يقفان بجواره دوما ، و لكن كِنان بنفسه العزيزه كان يرفض مساعدتهما الماليه كما اخبرتها ليلى على الدوام
و حين حل الصباح ، في ليله لم تذق فيها للنوم طعما ، جلست تُعد الافطار ، وجلس يامن في المطبخ مراقبا لها كعادته ...
قالت فاتن : ايه رايك نلعب لعبه الاسئله ...
يامن : ايه اللعبه دي يا عمتو
فاتن بابتسامه : يعني اسالك سؤال و تجاوب عليه و مش تكدب ابدا و تقول اللي نفسك فيه
اوما يامن : حلو ، اسالي يلا
فاتن : بتحب مين اكتر ، التفاحه و لا الشيوكولاته
يامن : شيكولاته طبعا
فاتن : طيب بتحب مين اكتر ، انا و لا الشيكولاته
يامن بعد تفكير : انتي طبعا
ابتسمت فاتن و استمرت في لعبتها ، لتسأل : طيب مين بتحب اكتر عمو خالد و لا خالو يحيى
يامن دون تردد : خالو يحيى طبعا
اقتربت فاتن منه لتجلس بجواره : طيب لو قولتلك ان عمو خالد بيحبك اوي و نفسه تيجي تعيش معاه و هيجبلك كل اللي نفسك فيه ..
قاطعها يامن : و انتي هتكوني معانا
فاتن : لا يا حبيبي ، انا هافضل هنا
يامن : يبقى مش اروح عنده انا
صمت ثم اضاف : انتي مش هتوديني عنده ، اتفقنا ؟
فاتن : اتفقنا يا حبيبي
لم تنجح لعبتها مع يامن في مساعدتها على اتخاذ قرارها ، صحيح انه متعلق بها و بخاله يحيى اكثر من عمه ، و لكنه في النهايه طفل لا يعرف اين تكمن مصلحته
سيكون من المستحيل عليها أن تتخلى عنه ، و لكن ما البديل أن تعود للبيت الذي طُردت منه ، و ان اختلف مكانه و هيئته ، فما زال الالم غائرا في صدرها من ظلمهم لها ، هل ستشعر يوما بالامان في كنفهم ، و لكن هل سيكون لحياتها معنى دون وجود يامن بها ، هل تستطيع النظر في عينيه و الصمود امام توسلاته بعدم تركها له ، هل تستطيع ان تنام هانئة البال بعد ان تُخلف وعدها للراحله ليلى ..
تنافرت في راسها الافكار ... و قرارا ... لم تستطع أن تتخذ حتى الان ....
ليرن هاتفها مخرجا اياها من افكارها ، لتعود اليها مجددا فور رؤيتها اسم يحيى يزين الشاشه ، و بالتأكيد يريد ان يسمع قرارها و الذي لم تتخذه بعد ....
↚
¤ من أجل يامن ¤
-------------------------------------------------------
أنت لا تقترن بالشخص الذي تستطيع العيش معه ، بل الشخص الذي لا تستطيع العيش بدونه ، او تلك هي نظرية نوف في الحب و الزواج ، و التي لجأت اليها فاتن طلبا للمشوره بعد ان عجزت عن اتخاذ قرارها ...
و بعد مكامله طويله على الهاتف مع اختها المحبه ، استطاعت فاتن ان تتخذ قرارها ....
احتضنت فاتن أختها نوف بشوق كبير ، فلقد حضرت مع تركي خصيصا لحضور عقد قرانها على يحيى
قالت نوف بحب : انا مبسوطه اوي علشانك يا فاتن ، و مبسوطه اكتر عشان يامن ، هيتربى فوسط ناس بتحبه و مش هيحس باليتم ابدا ، مش هيبقى زينا يا فاتن ، و لا زي ابوه الله يرحمه
قالت ذلك و انهالت عبراتها ، لتقول فاتن : انتي هتخليني اعيط انا كمان ..كفايه الله يخليكي
نوف : مش قادره يا فاتن ، انا عمري ما هسامح انجي دي انها حرمتني اتعرف على اخويا ، و يوم ما عرفته يدوب كنت بكلمه تليفون او نت ، مقدرتش اقابله ولو مره و اخده فحضني ...انا مش عارفه ازاي انتي لسه بتوديها و بتكلميها ، مش قادره افهمك
فاتن بتأثر : يمكن عشان انا الوحيده اللي عشت معاها ، مش قادره انسى فضلها عليا ، حتى لو جت فمره و كانت هتضيعني بسبب انانيتها ، بس انا قررت اني اسامحها ، و اعاملها لوجه الله
نوف بابتسامه : يقطعني نكدت عليكي ، يلا بقى عشان تركي مستني تحت فالعربيه
ابتسمت فاتن بفتور و قالت : انا و يامن جاهزين اهو
داعبت نوف شعر يامن قائله : دلوقتي هنحضر فرح عمتو فاتن و خالو يحيى ، مبسوط يا بطل
يامن بمرح : ايوه انا مبسوط اوي اوي عشان انا و عمتو فاتن هنعيش مع خالو يحيى
لتبتسم فاتن فعليا اثر كلامه ، شاعره بأنها اتخذت القرار الصحيح على الاقل بالنسبه له ، فعلى ما يبدو ان يامن متعلق بخاله يحيى و بشده ، اما عنها فلم تقو على تركه في رعاية عمه ، لم تتخيل حياتها من دونه ، لذا قامت قبل ايام بابلاغ خالد بقرارها فعليا الموافقه على الزواج من يحيى ...
تنهدت حين تذكرها رد فعل يحيى ، فلقد كان سيجن فرحا بموافقتها ، و لكن للاسف لم تكن هي بنفس الحماسه ، فقلبها مملوء بالالم الشديد تجاهه...
قالت نوف : مالك يا فاتن...
فاتن بضيق : قلبي مقبوض..
نوف بمرح : طب اقعدي عشان افكك..
ابتسمت فاتن و جلست : ها هتفكيني ازاي ، كده هنتاخر على تركي..
نوف : مش مهم ، قوليلي ايه اللي تاعبك
فاتن : حاسه اني مش هاقدر انسى ..
نوف : بصي انا قولتلك و هاقولك تاني ، ايه البديل اللي ادامك ، تسيبي يامن ، مش هتقدري ، و لا اعتقد ان كنان الله يرحمه كان يحب ان ابنه يتربى فكندا ، كان اولى هو يعمل كده و يفضل جنب اخواته ، ووصيته كده لانه كان مضطر ...
تابعت : هتقدري تحبي حد تاني ، برضه مظنش ، ده انتي حتى من قبل ما يعرف غلطه فيكي و يطلب تسامحيه كنت لسه بتحبيه ، دلوقتي بعد ما ندم و سامح هتقدري فجاه تشيليه من قلبك ، معتقدش نهائي برده
امسكت بيد فاتن ثم اكملت : تعرفي انا حاسه بيحيى اوي ، عارفه لو فيوم تركي لا سمح الله ، لا سمح الله ، عرف بحكايتي مع انس ، هيكون نفسي ينسى و يسامح و يفهم اني دي كانت غلطه ، صحيح غلطه كبيره ، بس تفضل غلطه و مش لازم ادفع تمنها ببعده عني..فاهماني يا فاتن
فاتن : ايوه ، بس انتي وقتها مغلطتيش فتركي ، زي ما يحيى كان قاسي فحكمه عليا
نوف : طب هتعملي ايه ، انا حاسه انك مش مقتنعه باللي هتعمليه
فاتن ببكاء : مش عارفه ، مش عارفه..يمكن فعلا عمه عنده حق ، مفروض سبته ياخد يامن
حينها صاح يامن : لا مش عايز ، مش عايز...
شهقت نوف و فاتن في نفس الوقت فلم تنتبها لاستماع يامن لهما ..
نوف : يا حبيبي ، ده سامع و فاهمنا
احتضنت فاتن يامن محاوله تهدئته ، ليظل يكرر : مش عايز عمو ، مش تسيبني و خالو يحيى قال هيجي و ياخدنا نعيش عنده ، انا عايز اروح عند خالو ....خالو كبير و مش هيقدر يجي الراجل الوحش تاني ، هيخاف منه...
لعنت فاتن نفسها و ترددها ، لقد اتخذت قرارا غير مقتنعه به ، نعم اتخذته من اجل يامن ، الان عليها ان تكون قويه كما وعدت ليلى و تتحمل نتيجه قراراتها ، فلا مجال للعوده الان ، على الاقل من اجل يامن ..
بعد قليل ستصبح زوجه بكل معنى الكلمه ، لمن لم يستطع قلبها ان يغفر له ، بالرغم من كل الحب الذي يعتمل في جدرانه تجاهه ، و لكنه حب مطعم بالخيبه و عدم الامان ، تنهدت بحرقه فلا وقت للتفكير في رثاء نفسها ، فبيدها قتلت حقها في الاعتراض من اجل ....من اجل يامن ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
ارتدى يحيى بذلته ، متسائلا ، ماذا سترتدي عروسه ، ضحك ساخرا : عروسه رفضت حتى تنقي شبكتها ..
تنهد محاولا ان يكون متفائلا ، فلقد وافقت على الزواج منه ، مما يعني انها تحبه حقا و تريد البدء من جديد
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
تم عقد القران في الفيلا في حفل متواضع يخلو من الهرج و الزينه مراعاة للظروف ، و بعدد قليل جدا من الضيوف فمن جهة يحيى حضرت عائلته ، و من الاصدقاء مالك فقط ، اما فاتن فحضرت معها نوف و زوجها تركي ، و اخوة كنان ، رامي ، واخيه الاكبر خالد ، اما انجي فلم تحضر بالرغم من تأكيد خديجه على فاتن بضرورة دعوتها و بأن خلافاتهم اصبحت من الماضي ...
بعد انصراف المأذون تحلق الجميع حول العروسين
وتقدمت خديجه من فاتن مقبله اياها من وجنتيها قائله بحب : الف مبروك يا بنتي
ثم احتضنت يحيى قائله : الف مبروك يابني ...
يحيى : الله يبارك فيكي ..
ليقول يامن الجالس في المنتصف بين يحيى وفاتن : تيته مش هتقوليلي مبروك انا كمان
ضحكت خديجه قائله : مبروك يا قلب تيته
ليقول لؤي مداعبا : مبروك على ايه يا مفعوص انت ؟
يامن بتنهيده اثارت ضحك الحضور : عشان خلاص هانام و انا مطمن على عمتو
اثارت اجابته فضول الجميع ، لتسأل ديما بجديه : ازاي يعني ؟
عقد يامن ذراعيه و اجاب : اصل بابا كلمني فالحلم ، و قال انه نفسه يطمن على عمتو فاتن و قال اني لما اكبر لازم اخد بالي منها ، بس انا لسه شويه لما اكبر، فدلوقتي خالو يحيى كبير و يقدر ياخد باله منها
تأثر الجميع بكلمات الصغير ، لتحتضنه فاتن بحب ، اما يحيى فقال مطمئنا : انا فعلا هاخد بالي منها اوي، و مش عايزك تقلق ابدا
كان الجميع متأثرا بكلمات يامن ، حينما لفت انتباههم صوت انصراف عبدالرحمن بكرسيه المتحرك ، لتقول خديجه : عن اذنكم
ليسأل خالد : باين الصدمه كانت شديده عليه ، بس دلوقتي في علاج طبيعي ، و يقدر مع الوقت يرجع يتكلم تاني و يمشي باذن الله
قال لؤي : بس هو مش عايز ، و رافض العلاج ، من بعد موت عمي و ليلى حالته ادهورت جدا ..
لتقطع ديما استرسال لؤي في الحديث قائله : الله انتو هتقلبوها غم كده ليه ، انهارده مفروض فرحتنا الكبيره بجواز يحيى و فاتن
ثم تابعت بمرح : يلا يا يحيى لبس عروستك الشبكه ..
بعد أن قام يحيى بتلبيس فاتن الشبكه ، قُدمت لهم التهاني من قِبل الجميع ، لينتهي الحفل سريعا ، و ينصرف المدعوون ، لم يتبق سوى لؤي و ديما ...
لتقول ديما : يلا يا يامن ، انت الليلادي هتيجي و تغير جو معايا و مع تيته
لؤي بفضول : انتي هتباتي هنا الليله ؟
ديما : ايوه ..
لؤي هامسا بمرح : دي هتبقى ليله فل
لكزته ديما هامسه : هبات عند خالتي ، عشان خاطر يامن ..ها
يامن بضيق : بس انا مش عايز اسيب عمتو ، انا مش عايزك تسيبيني
لتتدخل فاتن فورا : طبعا يا حبيبي هتفضل معايا ، اكيد
ديما : بس يعني ..
قاطعتها فاتن بحده : يعني ايه ، انتي ازاي تفكري اني ممكن اسيبه ؟
ليقول يحيى : يا ريت تسبونا لوحدنا
انصرف لؤي مع ديما ، ليقول يحيى : مكنش لازم تنفعلي عليها كده
فاتن بحده : انت ازاي اصلا تطلب منها تاخد يامن ...!
يحيى بانفعال : مين قالك اني طلبت منها اساسا ؟
يامن بتثاؤب : مش تتخانقوا ، الملايكه تزعل منكم
نظرت فاتن تجاه يامن و الذي على ما يبدو غلب عليه النعاس لتقول بتأفف : فين اوضتنا ، عشان انيمه ..
يحيى بضيق : اتفضلي معايا فوق ...
تبعت يحيى و الذي حمل يامن الغارق في النوم على كتفه ، ليصعدا الدرج المؤدي للطابق العلوي ، و الذي تقبع به غرفتهما...
فتح يحيى الباب قائلا بابتسامه : المفروض اشيلك انتي ، بس الظروف بقى
زمت فاتن شفتيها من محاولته التلطف معاها ، و دلفت الى الداخل متسائله : فين حاجة يامن عشان يغير هدومه ..؟
أشار يحيى الى باب موجود في منتصف الحائط الى اليسار ، قائلا : في الاوضه التانيه مكان مكتبي ، انا وضبتها تكون اوضه ليامن ...
تنهدت فاتن و سارت باتجاه الباب ، لتفتحه و تدلف الى الداخل ، بقيت دقائق تحضر ملابس ليامن و تعد له الفراش ، ثم خرجت لتقول : هات يامن هاغيرله هدومه و انيمه
قال يحيى : لا ده تقيل عليكي اوي ، خليني اساعدك
سار يحيى باتجاه الغرفه ، ليدلف و يضع يامن على السرير ، ووقف جانبا ..
قامت فاتن بتغيير ملابسه ، و تدثيره بالفراش جيدا ...
ليقترب يحيى طابعا قبله على جبينه قائلا : تصبح على خير يا بطل
همهم يامن بكلام غير مفهوم ، لتقول فاتن : امال فين هدومي ...مش لاقيه حاجه يعني
يحيى : ازاي ، انا وصيت ام عيشه تحطهملك ، مش معقول ...
سارت فاتن باتجاه الخزانه ، و فتحتها قائله : اهو مفيش غير حاجة يامن
يحيى : اه ، لا مش هنا فالدولاب ده ، لا دول فاوضة الهدوم ، تعال اوريكي فين
تبعته فاتن ، ليعبرا من الباب المشترك الى الغرفه الملاصقه لغرفه يامن ، ليقتادها يحيى الى غرفه اخرى تابعه لغرفتهم ، عباره عن خزانه للملابس على الطراز الحديث
قال يحيى : اتفضلي اهي حاجتك هنا ، و تقدري تغيري هدومك فالاوضه دي ..
اومأت فاتن قائله : طب عن اذنك بقى
ابتسم يحيى و غادر الغرفه ...
في الغرفه ، وجدت فاتن حاجيتها مرتبه في قسم خاص و القسم الاخر لملابس يحيى ، لتلاحظ بعض الملابس الجديده بل الكثيره جدا ، و على الطاوله في المنتصف وجدت صندوقا و عليه ورقه ، تقدمت لتقرا المكتوب فيها : " ده عشانك يا فاتنتي " ... لم تفتح الصندوق ، فهي غير مستعده بتاتا لما ستراه به...
تنهدت ثم قررت ان تفتحه ، فلقد غلبها فضولها ، و كما توقعت وجدت به قميصا ابيض اللون خاصا بهذه الليله ...
احست باختناق شديد فور دخولها هذه الغرفه ، اختناق مما هو ات .... تنهدت محتاره كيف ستتهرب منه ....
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
بعد دقائق خرجت فاتن مرتديه بيجامه ذات لون سماوي ، و اتجهت الى غرفة يامن ، دلفت الى الداخل و اغلقت الباب ...
جلس يحيى على السرير منتظرا عودتها ، مرت نصف ساعه ليتملك القلق منه ، اتجه الى غرفه يامن فاتحا الباب ، ليفاجا بالمنظر أمامه
فقد كانت فاتن مستلقيه على السرير بجوار النائم يامن ، و حين رؤيته نهضت مسرعه من الفراش ، لتتقدم منه مستفسره بقلق : خير ... في حاجه ...؟
فرك يحيى عنقه قائلا بحرج : هو انتي هتنامي جنبه ؟
فاتن بجديه : طبعا ، ده تقريبا كل ليله بيقوم مفزوع من نومه يسأل على مامته ، و لو اتاخرت ثانيه عنه بتجيه حالة انهيار و يفضل يعيط جامد و يفتكر انه كلنا هنسيبه زي باباه و مامته الله يرحمهم ، ما انت عارف كده ، و عارف تعليمات الدكتوره
يحيى بتأثر : بس السرير ضيق اوي مش يسعكم ..
فاتن بامتعاض : المفروض عملت حسابك و جبت سرير تاني فالاوضه
تنهد يحيى مقدرا حالتها النفسيه و قال : احنا نبدل، ناموا فالاوضه بتاعتنا و انا هنام فالسرير هنا و امري لله
فاتن : اها تمام كده
تقدمت فاتن لتحمل يامن ، ليقول يحيى : هاتي عنك ..
حمله واضعا اياه على سريره في الغرفه المجاوره ، لتقوم فاتن باحكام الغطاء عليه جيدا ...........
همت فاتن بالخلود للنوم ، و لكن منعها استمرار يحيى بمراقبتهما ، لتسأل بعد أن رقدت بجوار يامن : مش هتنام ؟
عبث يحيى بشعره قليلا ، ثم قال بتردد : اها.. انا هاطفي النور ..
قام يحيى باطفاء جميع الانوار المضاءه ، و ظنت فاتن بأنه غادر الغرفه ، لتفاجأ بثقل جسده على السرير ..
أضاء يحيى المصباح الموجود بجوار السرير ، و قال : انا اسف اوي ..
نهضت فاتن من رقادها ، لتجلس مقابله له ، وقالت : و لا يهمك
يحيى بتأفف : مش هتسأليني اصلا بعتذر عن ايه ..
فاتن بلامبالاه : مش هتفرق كتير ...
هز يحيى راسه ، و كأنه يحاول ان ينهي نفسه عن الرد عليها بطريقه معينه ، ثم قال : مش مهم ، هاقولك اسف ليه ...
أمسك بيدها اليسرى قائلا : اسف عشان ظروف جوازنا كانت كده ، كان نفسي اعملك فرح كبير ، و تلبسي الفستان الابيض و تتزفي ...
صمت ثم قال : فاكره اما قولتيلي انك مش متخيله انك هتبقى عروستي و تتزفي ليا ، اهو دي اكتر حاجه مخلياني اتاسفلك عشان مخالفتش توقعاتك ، و مش كنتي عروسه و اتزفيتي زي ما اي بنت بتحلم
انتزعت فاتن يدها من كفه و قالت : تصبح على خير ، مش وقت حوار و اسف ...بلاش يامن يصحى
نظر يحيى باتجاه يامن وقال : ده غرقان فسابع نومه ، و اديكي شفتي نقلناه من اوضه لاوضه من غير ما يحس بحاجه ، اسمعيني شويه بس
عقدت فاتن ذراعيها امام صدرها و قالت بامتعاض : اتفضل..
قال يحيى : اولا ...
و قام بانتزاع يدها اليسرى ليضعها في كفه و قال : هاتي ايدك دي
ثم سأل دون مقدمات : عجبتك الدبله ؟
فاتن باقتضاب : جميله
عبث يحيى بدبلتها قائلا : كان نفسي انتي تختاريها ، عموما لو مش عجباكي الشبكه ممكن نبدلها ، او اقولك اجبلك واحده جديده ، انا مش بفهم اوي فالحاجات دي ، بس ديما ساعدتني ، معظم الحاجات على ذوقها
قالت فاتن : ذوقها حلو اوي ، و مفيش حاجه عايزه اغيرها ...
ليقول يحيى : بس مش واسعه شويه ..؟
فاتن : بالعكس
ابتسم يحيى ثم قال : انا مش جايلي نوم ، ايه رايك لو نسهر شويه ..
هزت فاتن راسها رافضه ، ليقول : بس شويه صغيرين خالص
ثم اقترب منها ليقبل جبينها ، لتشيح فاتن براسها بسرعه ، قائله : انا تعبانه و عايزه انام
يحيى بامتعاض : طب مش المفروض نصلي سوا
فاتن بتلعثم : مش هينفع اصلي دلوقت
يحيى : اها .. طيب انا هاقوم اصلي بس الاول
أ مسك براسها ، و قال حين حاولت ان تنأى عنه : استني بقى ، عايز اقول الدعاء
تنهدت فاتن ، ليقول يحيى بعد دقائق : عايز افهم لامتى هتفضلي واخده موقف مني ..
فاتن بهدوء : سؤال وجيه فعلا ، و معنديش له اجابه للاسف
يحيى بهدوء مماثل : و انا هاستنى لما تعرفي الاجابه ، و مش هزهق يا فاتن ، انا شايفنا حاجه حلوه اوي فالمستقبل ، على طول كنت شايفنا كده
ثم نهض قائلا : طب تصبحي على خير
انصرف يحيى الى الغرفه المجاوره ، لترقد فاتن في الفراش شاعره باختناق كبير ، فسوف تقضي ليلتها في بيت مَن آذوها سابقا ، في بيت لرجل ظلمها و بشده ، ووالده عاملتها بمنتهى القسوه ، و اخ زوج اوقعها في مكيده لاغراضه الشخصيه للانتقام ، حاولت أن تُغمض عينيها ، و لكن هل تستطيع أن تشعر بالأمان في هذا البيت ، هل تغيروا حقا ، ام كل هذا مجرد قناع مزيف غرضه فقط مراعاة مصلحه الصغير يامن ، و لربما حاولوا أن يكيدوا لها مره اخرى لاخراجها من حياته
كيف لم تفكر في هذا من قبل ، تنهدت محاوله ابعاد تلك الافكار السوداء عن مخيلتها ، فلقد احست منهم بصدقهم في الاعتذار و الندم على ما اقترفوه بحقها
ولكنها لم تستطع أن تتغلب على شعورها بعدم الامان ...
و ازاحت الغطاء ، لتقوم و تتوضأ و تصلي ، مستغفره ربها على كذبها قبل قليل امام يحيى ...!
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
ارتعشت شهد و اجابت : انا مش عارفه ازاي طاوعته ، مش عارفه ازاي قدر يضحك عليا..
صفعها اخيها عمرو قائلا : عشان انتي واحده رخيصه ...
شهد بضعف : اضربني اقتلني ، انا استاهل ، بس ارجوك خلصني من العذاب ده ، بقاله شهور بيبتزني ، و خلاص معدتش قادره اكدب على بابا و اطلب منه فلوس عشان الحيوان ده ميفضحنيش ...
عمرو : الكلب الحقير ، بعد ما وظفناه عندنا و بقى بني ادم ، بيستغل براءتك..
توقف ثم قال ساخرا : براءه ايه ، ما انتي خلاص بقيتي حاجه مسخه..
بكت شهد بحرقه ، ليشعر عمرو بتانيب الضمير فقال : انتي بس ازاي قلبك طاوعك ده وحتى متجوز و عنده بنت ، ازاي قدر يلعب بعقلك ازاي...
شهد : عشان كان بيقولي الكلام اللي حابه اسمعه منكم ، انت و بابا و ماما ، كل واحد منكم بيجري ورا الشغل و انناصب و الفلوس و محدش حاسس بيا ، محدش بيسالني جيتي منين ، هتروحي فين ، طب مين صحابك ، محدش بحسه قلقان عليا ، كل حاجه عندكو تتحل بالفلوس ، لو سقطت اعملي شوبنج و فكي عن نفسك ، لو تعبت احسن دكاتره بس مفيش كلمة سلامتك اوعي تتعبي نفسك ...و شفت ازاي هو بيحب مراته و ازاي بيتكلم بحب و اهتمام عنها و عن بنته ، اتمنيت اكون مكانهم ..
تنهد عمرو و قال مقاطعا : انا بقى هاحرق قلبه عليهم و ادفعه التمن غالي.. غالي اوي ...
شهد برجاء : هما ملهمش ذنب ، ارجوك اوعى تاذيهم فحاجه
عمرو بتهكم : قلبك عليهم يا ختي ...
شهد : ايوه لانه ملهمش ذنب فوساخته ..
عمرو : اسمعي ، انتي تنيميه دلوقتي خالص و انا هاتصرف معاه الحقير ده
شهد : هاتعمل ايه..
عمرو : هالبسه طرحه
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
كعادتها ديما ، نزلت الى المطبخ لاعنه تلك العاده السيئه التي لم تستطع ان تتخلص منها حتى الان..
احضرت قطعه من الخبز تكفي لصنع سندويتشا متمتمه : يا رب يجي يوم و اخلص من اكل الساعه واحده بليل ده ...
فتحت الثلاجه محاوله ايجاد شيء خفيف لتضعه في الخبز : جبنه ..امم ممكن
امسكت بالجبن ، لتشهق مفزوعه بعد أن لمس أحدهم كتفها : يا ماما....
ضحك لؤي ، لتقول ديما بحنق : يخربيتك يخربيتك ..
لؤي مستمرا في ضحكه : بيتي هو بيتك ، يعني كده بتدعي على نفسك ، ايه مش عايزه بيتنا يعمر
تنهدت ديما محاولة التنفس بشكل طبيعي : يعمر منين ، ده انتي قطعت خلفي يا راجل
نظر لؤي باتجاه السقف ، ثم عاود النظر اليها قائلا بحسره : احنا مش اتفقنا تبقى بنوته كيوت كده و تقولي حاجات شبه البنات مش كلام القهاوي بتاعك ده
ديما بلامبالاه و هي تضع الجبن في الخبز : ده اللي عندي ، مش عاجبك ...
لؤي بتنهيده : لا عجبني اوي ، اوي ، و نفسي ادوق ..
ديما مقاطعه بحده : تدوق ايه يا منيل انت ...
لؤي بمرح : ادوق السندوتيش ده ، متخليش دماغك السو دي تروح لبعيد ، اقولك اعمليلي واحد زيه
ديما : حاضر..
بعد دقيقه ، جلس الاثنان على طاولة المطبخ ليأكلا معا ، ليقول لؤي بهدوء : متشكر
رفعت ديما حاجبيها متسائله : ومالك سهمت كده ليه ..؟
لؤي بحزن : اصل افتكرت ليلى ، كانت دايما بتعملي سندويتشات لما كنت اسهر اذاكر ، تحسي كده انه زمن و راح ، ياااه بجد قلبي وجعني عليها اوي...
ديما و الدموع تملأ عينيها : اه يا حببتي ، بس انا متاكده انها فمكان احسن مليون مره ، و بعدين انا عمري ما هاسامحك انك مش قولتلي ، كنت جيت المستشفى وودعتها يا قلبي عليها
لؤي بحرقه : و الله لو شفتيها ، مكنتيش قدرتي تجمعي زي ما حصل معانا ، مكناش عارفين نتصرف و لا نعمل ايه و مجاش فبالي ابدا اكلمك ، كان املنا كبير انها هتخف بس اللي حصل...
ثم قال بندم بعد ان راي دموع ديما تنسال دون توقف : الله انتي هتعيطي ، انا اسف ...
استمرت ديما في البكاء ، ليقول لؤي : شويه و هاعيط انا كمان...
ديما بصوت متحشرج : اصلها وحشتني اوي
لم يتمالك لؤي نفسه ، لتنهمر دموعه هو الاخر ...ثم نظر كليهما باتجاه الصوت القادم
قالت فاتن الواقفه بباب المطبخ بحرج كبير : انا اسفه يا جماعه ... بس نسيت اجيب ميه و يامن غالبا هيفوق و يكون عطشان..
توقفت فاتن عن الثرثره ، عندما استمرا يحدقان فيها و الدموع تملأ عينيهما ...
فركت فاتن يديها بحرج : ان...
قاطعتها ديما : معلش اصلنا افتكرنا ليلى ...
نهض لؤي من مقعده قائلا : تصبحوا على خير...و غادر المطبخ مسرعا
سألت فاتن باستغراب : و هو كمان كان بيعيط عشانها..؟
ديما بتنهيده : انا عارفه ان لؤي غلط فحقك جامد ، بس صدقيني هو قلبه مفيش اطيب منه ، و زي ما شفتي دمعته قريبه خالص ، و مش بيعمل فيها سبع الرجال و بيخبي مشاعره ، اللي فقلبه على لسانه و بيبان على وشه ، انا متاكده لما تعاشريه هتغيري نظرتك ليه تماما
فاتن بصدق : تعرفي ، انا فعلا قبل شويه كنت بشكك فيه و في اعتذاره ، بس بعد ما شفت دموعه مش عارفه ليه غيرت رايي
همت ديما بالرد عليها ، حينما دلف يحيى الى المطبخ ، لتقول : طب عن اذنكو ..
و على الباب غمزت ليحيى هامسه : انا هادعك فانوسي و اسيبك مع الاوزه بقى ...
تمتم يحيى : عنده حق الواد لؤي ....
فاتن : نعم ..؟
يحيى بجديه : بقول ايه اللي منزلك هنا السعادي .؟
فاتن : بجيب ميه ليامن
يحيى بضيق : طب كنتي طلبتي مني و كنت هانزل بنفسي ، بدل الاحراج ده
فاتن بحده : اه بقى انت خايف على شكلك ادامهم يعني
يحيى بنرفزه : لتاني مره بتعلي صوتك عليا الليلادي ، انا صحيح مقدر مشاعرك وفاهم موقفك مني ومراعي الظروف ، بس في حاجات انا مستحيل اقبلها ، اولها مش عايز صوتك ده يعلي عليا تاني ، انتي فاهمه ...؟
فاتن بحرقه : انا فاهمه ، فاهمه اوي ، و انت عمرك ما هتتغير ، اساسا مش مهم الا انت و اللي شايفه صح
لازم يحصل ...
اقترب يحيى منها قائلا : انا اسف ، للمره المليون اسف مش قصدي ادايقك ، بس انتي بجد طريقتك نرفزتني جامد ...
ابتعدت فاتن عنه ، ليمسكها من ذراعها معيدا اياها لمواجهته : ارجوكي متعيطيش
فاتن : مين قال اني بعيط ..و لا هاعيط تاني عليك و لا بسببك
جذبها يحيى من خصرها ، ليضمها اليه ملصقا جبينه بجبينها و قال : و مين قال اني عايزك تعيطي عليا و لا بسببي
حاولت فاتن الابتعاد عنه ، و لكنه احكم ذراعه حولها قائلا : تعرفي انا اول مره اشوف عينيكي بجد ..
تسارعت انفاس فاتن و دقات قلبها ، لتقول بضيق : يامن ، انا لازم اطلع احسن يصحى ومش يلاقيني ..
تنهد يحيى : حاضر ، هانطلع فوق
و مباغتا حملها يحيى بين ذراعيه ، لتقول فاتن بحرج : نزلني ، و المصحف لو منزلتنيش
قاطعها يحيى : اولا لو هتحلفي يبقى بالله ، ثانيا : هتعملي ايه يعني .. هتصوتي و تصحيهم وتحرجي نفسك
شعرت فاتن بالغضب الشديد منه ، و من لا مبالاته تجاه كل ما يحيط بهما ، في حين ان هناك دوامه من الافكار و الشكوك تعصف بمشاعرها ، ودون ان تفكر كثيرا ، امالت راسها قليلا ، لتطبق باسنانها على عنقه و بشده ....
لعن يحيى بشكل فج ، و لكنه لم يضعها ارضا ، و لم تأتي حركتها بالنتيجه المطلوبه ، ليقول يحيى بضحك : بقى كده ، طب استني اما نطلع فوق
فاتن و بانزعاج طفولي لفشل خطتها : نزلني و لا هاعملها تاني
ضحك يحيى بتسليه : شكلك مش فاهمه الحركه دي معناها ايه اصلا ..
ازداد غضب فاتن من تسليته بها ، فاعادت الكره مره اخرى و قالت بغل : معناها نزلني حالا...
جز يحيى على اسنانه متألما ، ثم قال : عموما انتي كده هتحرجي نفسك جامد
و سار مكملا طريقهما الى الاعلى ، لتنكمش فاتن حرجا بعد أن فشلت محاولتها بالتخلص منه ، و على باب الغرفه وقف قليلا ليقول : اهو عشان تبقى فاكره اني شلتك فليليتنا المهببـ... ليليتنا الجميله دي
فتح الباب ، و سار حتى وضعها على السرير ، هامسا : تصبحي على خير يا مراتي يا حببتي يا احلي حاجه حصلتلي فحياتي
تمتمت فاتن : اوووووفر و دمك تقيل
قال يحيى من على باب غرفة يامن :سمعتك يا البي ...
مطت فاتن شفتيها و استلقت في الفراش ، متمنيه أن تكون قد اتخذت القرار الصحيح فعليا ..من اجل يامن طبعا ..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
جلست نوف مع تركي في صالون الفيلا قائله بحرج : معلش يا طنط جينا بدري كده، بس اصلنا مسافرين انهارده و لازم اودع فاتن ..
خديجه : يا حببتي انتو تنوروا فاي وقت ، و انا هابعت ام عيشه تشوف فاتن عشان تودعيها
تركي : بعتذر منك مره ثانيه ، بس احنا سايبين الولاد عند جدتهم و زمانهم طلعوا عينها ..
ابتسمت خديجه : المره الجايه ضروري تيجوا و معاكم الاولاد ، اهو يامن كمان يتعرف على ولاد عمته
نوف بابتسامه : باذن الله...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
بعد دقائق ، جلست نوف في غرفة يامن برفقة اختها و قالت : كان نفسي اودعه الخلبوص ده
فاتن : انا هاصحيه ..
امسكتها نوف من معصمها : لا سيبيه ، انا عايز اطمن عليكي انتي الاول
فاتن : الحمد لله ، انا كويسه
نوف مداعبه : بس شكلك خربتيها اخر حاجه
فاتن : هي ايه دي ؟
نوف بمرح : يووه هتخبي عليا ، بس انا كنت فاكره انك ماخده موقف من يحيى ، بس الحمد لله ربنا يتمملكم على خير...و يسعدكم اكتر و اكتر...
فاتن : و الله انا مش فاهمه انتي بتتكلمي فايه ، لو تقصدي اللي فهمته ، فده محصلش ..
نوف باستنكار : يا حببتي انا سترك و غطاكي ، هتتكسفي مني ..
فاتن : و الله ما حصل حاجه بيني و بينه ، انا كنت مخنوقه مخنوقه اوي و كدبت عليه و فهم انه مش هينفع..
نوف بعتاب : برده هتخبي عليا ، امال ايه اللي شفته على يحيى قبل شويه ؟
فاتن : شفتي ايه يا بنتي بس ...
اشارت نوف على عنقها و قالت : الlove bite
فاتن بدهشه : لوف ايه و بتاع ايه ...و قصت على نوف ما حدث و كيف اغتاظت من يحيى
لتقهقه نوف عاليا : يا نهارك ، بقى انتي بنت انجي الشريف ، اعدي كده عشان افهمك الحركه دي هتتفهم ازاي
استرسلت نوف في الحديث و تنوير فاتن كما اسمت حديثها ، لتشهق فاتن باحراج : هار اسود و تركي دلوقتي هيشوفه كده ...و يفهم اني .........
نوف : متقلقيش انا خدت بالي منه و هو بيقفل زرار القميص الفوقاني و مش هيبان حاجه ، بس انتي الحقي احسن يفتحه تاني و باقي العيله تشوفه
نهضت فاتن مفزوعه : يا خبر ..طب هاعمل ايه ؟
امسكتها نوف من مرفقها ، لتجلسها بجوارها قائله : اسمعيني الاول ..
فاتن : اسمع ايه ، اما اشوف المصيبه دي الاول
نوف بهدوء : لا لازم تسمعيني ، عشان لو كدبتي مره ، مش هينفع تكدبي تاني ، ده بقى جوزك و ليه حقوق عليكي ، فاهماني يا فاتن
تنهدت فاتن ، لتقول نوف : خليكي عاقله و بلاش تحملي نفسك ذنوب يا فاتن ، انتي اخترتي تكوني مراته ، و لازم تكوني مستوعبه يعني ايه جواز ، ها يا حببتي ، بلاش تكدبي تاني ، و ربنا هيكافئك عشان بتراعي ربنا فجوزك
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
ارسلت فاتن رساله الى يحيى على هاتفه : " ارجوك تطلع دلوقت حالا "
ودع يحيى تركي و نوف موصلا اياهم الى بوابة الفيلا حيث تنتظرهم السياره التي ستقلهم الى المطار ، ثم بسرعه صعد قلقا الى فاتن ...
دلف الى الغرفه ، ليسال : خير ، قلقتيني ما هو يامن لسه نايم اهو ..
نظرت فاتن بريبه تجاه يحيى ، ثم هدات اعصابها قليلا ، فلقد لاحظت انه بالفعل اقفل الزر العلوي لقميصه مخفيا عنقه بشكل كبير ...
قالت فاتن : كويس ...
يحيى بعدم فهم : هو ايه اللي كويس
فاتن : ها ..كويس انه يامن الحمد لله نايم و مش قلق و لا صحي مفزوع زي عادته
ابتسم يحيى و قال مقتربا منها : اه ، فهمت انتي بعتيلي ليه ..
و مباغتا ضمها الى صدره متنهدا : خلينا نروح اوضة يامن احسن
دفعته فاتن بعنف : انت اتجننت ، اصلا فهمت ايه ، انت مش بتفهم اصلا ...
يحيى بحنق : امال ايه تعال بسرعه و كويس ان يامن نايم ، و الحركات دي
قال يامن بنعاس : انتو هتتخانقوا تاني ...!
فاتن بحنق : كده صحيته
يحيى بانفعال : بقى انا الي صحيته
فاتن بتهكم : لا انا ..
يامن : انتو مش عايزني اصحى ليه !
توقف الاثنان عن الجدال ، لتقول فاتن : صباح الخير يا بطل
يامن بحيره : صباح الخير يا احلى عمتو ، و صباح الخير ا احلى خالو..و مش تتخانقوا عشان تفضلوا حلوين
ابتسم يحيى : تعال يا بطل ، احنا انهارده هنعمل حاجات كتير كتير ، بس الاول تخلص حمامك و تزبط نفسك
يامن بتثاؤب : هنعمل ايه
يحيى : اما تصحصح كده الاول ..
فاتن : يلا يا بطل ..
نهض يامن ، لتقوم فاتن بمساعدته في اتمام اموره الصباحيه و تبديل ملابسه ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
سال يحيى : ها يا بطل ، جاهز ..؟
اوما يامن و سال بصوت خجول : بس مش هنفطر الاول
ابتسم يحيى : هنفطر و نتغدى و نتعشى ، بس قول لعمتو تجهز و تلبس الاول ..
فاتن : هو انتو هتخرجوا ؟
يحيى : احنا كلنا انا و انتي و يامن ، يلا بقى غيري هدومك
فاتن : لا معلش ، انا مش حابه اخرج..
صاح يامن : عشان خاطري انا عايز اخرج مع خالو
فاتن : يا حبيبي انت هاتخرج مع خالو و انا هاستناكو هنا
نظر يامن لخاله ، ليقول يحيى : مفيش خروج من غير عمتو
ليصيح يامن : مش سمعتي ، مفيش خروج من غير عمتو
امتعضت فاتن ، و قالت مستلسمه : حاضر يا حبيبي ، حالا هاغير هدومي ...
بعد دقائق جهزت فاتن ، ليقول يحيى : يلا بينا ...
نظرت فاتن له بهلع ، ليقول يحيى : مالك ، اكنك شايفه عفريت ..
فاتن بضيق : انت انت ....
تقدمت منه فاتن لتقف على اطراف اصابعها ، و تغلق الزر العلوي لقميصه ، ثم ابتعدت عنه مسرعه
يحيى بعدم فهم : الله هو ممنوع افتح الزرار ده و لا ايه..!
قال يامن المراقب للمشهد ببراءه :اه ... عشان مش تبرد ...
نظر يحيى ليامن ، ثم عاد بالنظر الى فاتن و التي اعتلت وجنتيها الظلال الحمراء ، ليضحك متذكرا : ده انا نسيت
ثم اضاف مقهقها : بس فهمتيها دلوقتي ازاي ...
صمتت ، ليتابع مع نفسه : دي اكيد نوف اللي فهمتك ، عموما متقلقيش تركي مشفش حاجه ، انا عمري ما اخرج اسرارنا الخاصه لاي حد مهما كان...
فاتن بحنق : احنا معندناش اسرار خاصه ..
تافف يامن : خالو خالو خلينا نخرج قبل ما تتخانقوا تاني
تململت فاتن بحرج ، ليقول يحيى : عندك حق ، يلا بينا ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
رن هاتف فاتن في السياره ، ليسال يحيى على الفور : مين ؟
اخرجت فاتن هاتفها من الحقيبه ، و نظرت للشاشه مجيبه : دي ماما ...
امتعض يحيى ، اما فاتن اجابت : ازيك يا ماما ؟
انجي على الطرف الاخر : تمام ، و مبروك جوازتك و عقبال الجوازه التانيه و التالته ...
ضحكت فاتن ، لتقول انجي : معلش يا حببتي انا محتاجاكي جنبي
فاتن : خير فايه ؟
انجي بتنهيده : هاعمل عمليه و محتاجاكي جنبي فالمستشفى
فاتن بقلق : عمليه ايه ؟
انجي : عمليه بسيطه فوشي ، يعني عارفه محتاجه شوية تزبيطات و رتوش عشان صورتي تبقى بيرفكت ادام الكاميرا...
تنهدت فات بضيق : حاضر يا ماما ، بس و الله العلميات دي بتبوظ وشك مش العكس
انفعلت انجي : لو مش عايزه تيجي عنك ما جيتي ، بس بلاش الحجج خيبانه دي
فاتن بضيق : لا ازاي ، انا ضروري هاكون جنبك ، قوليلي امتى و فين و انا مش هتاخر
اقفلت فاتن الخط بعد ان اخبرتها انجي بتفاصيل العمليه، ليضرب يحيى على المقود بغضب قائلا : مش هتروحي عندها تاني ، انا مش بثق فيها نهائي ...
فاتن باعتراض : انت هتمنعني اقف جنب امي يا يحيى ؟
يحيى بحده : دي مش ام ، دي ..استغفر الله العظيم ، انا لا يمكن استأمنها عليكي ابدا ...
فاتن بعصبيه : امي دي خط احمر ، مش هيمنعني عنها الا الموت..
يحيى : اللي يسمعك يقول انها الام المثاليه ، دي دمعه منزلتش على ابنها ، بسؤال مفتكرتش حفيدها ، في ام كده ؟
فاتن: انا بعاملها عشان ربنا ...ثم اضافت بحده : و كلمه تاني عنها مش هاسمح ... انت فاهم ؟
يحيى بغضب : تاني بتعلي صوتك ، طب مالاخر كده .. مرواح عندها مفيش... نقطه وسطر جديد .
تمتم يامن الجالس في المقعد الخلفي : يوووه هيتخانقوا تاااااني ....!
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
اغلقت انجي الخط ناقمه على ابنتها و حظها الجيد ، فكما سمعت فيحيى اصبح ميسور الحال جدا ، نظرت في المرآه ، إلى وجهها الذي كبر وبشده في السنوات الماضيه ، و تحسرت على نفسها ، فلقد قام زوجها الاخير بتطليقها ، و الان عليها ان تبحث عن ممول جديد لحياتها الشخصيه و الفنيه ...
حاولت ان تطرد عنها الافكار المحبطه ، مفكره اليست فاتن بمدينه لها بالكثير الكثير ، الم تتكفل بتربيتها دونا عن كل ابنائها ، حسنا حان الوقت لترد لوالدتها الجميل ....
ابتسمت انجي : كويس اني احتفظت بعلاقتي بيها لغاية دلوقتي ، ممكن اوي تنفعني ، ممكن جدا
↚
¤ لولاكِ .. لم نكن هنا ¤
----------------------------------
ضحك يامن فرحا : انتو جيتو، انا كنت فاكر انكم هتنسوني ...
ليلى و كِنان معا : احنا مستحيل ننساك ، حد ينسى روحه
يامن : طب يلا عشان تشوفوا خالو يحيى جابلي ايه هو و عمتو فاتن
سأل كِنان باهتمام : انت مبسوط معاهم ؟
يامن : اوي اوي ...بس ..
ليلى بقلق : بس ايه ؟
يامن بتكشيره : بيتخانقوا على طول ، و مش بعرف اصالحهم
نظر كِنان لليلى و قال باتهام : شايفه البيه اخوكي ، ده اللي قولتيلي هياخد باله منها ، اهو مطلع عينها
ليلى بامتعاض : اسمحلي يا زوجي العزيز ، الولد قال بيتخانقوا ، هو و هي ، مش هو بس...
ثم نظرت ليامن و سألت : طب اخر مره كانوا بيتخانقوا على ايه يا حبيبي ..؟
يامن : شوفي يا ماما ، احنا خرجنا عشان خالو يحيى عملنا فسحه جميله و فضل يودينا من حته لحته ، و انا كنت مبسوط اوي ، بس هما كانوا بيتخانقوا عشان عمتو عاوزه تزور مامتها و خالو يحيى مش راضي، وفضلوا طول اليوم مكلضمين كدهوت ..
قام يامن برسم تكشيره على وجهه ، مقلدا اياهم
قالت ليلى باتهام : شايف ظلمته ازاي ، بقى عاوز فاتن تروح للعقربه دي برجليها ، مش يحيى عنده حق برده
قال كِنان معتذرا : انا اسف ، معاكي حق ..
ثم اضاف مبتسما : انتي على طول معاكي حق..
ابتسمت ليلى بدورها ، ثم قالت ليامن : قول لعمتو فاتن تسمع كلام خالو...و تاخد بالها منه ..
كِنان : اخوكي شحط كبير ويقدر ياخد باله من نفسه ، قول لخالك يا يامن ياخد باله من عمتك ، ها يا حبيبي ، لغاية اما تكبر و تبقى تاخد بالك منها يا بطل
ليلى بامتعاض : يا ساتر ، مش كفايه الراجل اتجوز اختك و هيربي ابنك ..
كِنان معترضا : الله الله ، اعد الجمايل انا بقى ، و ابنك مش ابننا !، لعلمك اخوكي واخده مصلحه ، عشان فاتن عمرها ما كانت هتسامحه ..
ليلى معترضه : مش صحيح ، فاتن بتحبه و كانت بيامن او بدونه هتسامح
يامن منتقلا بنظره بين الاثنين : الله انتو كمان هتتخانقوا ...يا ربي ....
انتبه الاثنان ليامن ، ثم انفجرا بالضحك ، و قاما باحتضانه قائلين معا : يلا حضن جماعي ...
ثم افلتاه ، ليقبل كِنان جبين زوجته : اسف اتعصبت عليكي
ليلى : و لا يهمك ثم قبلت يامن ، و قالت لكِنان : طب انا هاسبقك
اوما كِنان ، لتنصرف ليلى و يسأل يامن : انت كمان هتمشي ؟
اومأ كِنان ، ليقول يامن : امتى بقى هتاخدوني معاكم ؟
كِنان بحب : الاول لازم تكبر و تتعلم و تعمل حاجات كويسه كتير كتير و تعيش كتير كتير ، يجي عشروميت سنه كده ، و بعدين بعدين لما ربنا يريد هتكون مبسوط ومش ندمان لانك عملت حاجات كويسه و هتلاقينا مستنينك على ...
قال يامن مقاطعا بغبطه :على باب الجنه
كِنان : صح يا بطل ..
يامن : مع السلامه يا بابا ..
استدار كِنان ليغادر ثم عاد ادراجه مسرعا ، ليقول ليامن الذي عاد للانشغال بالعابه : يامن
يامن : ايوه
كِنان : قول لعمتو فاتن مش تروح عند انجي
يامن : حاضر
كِنان : اوعى تنسى ...
يامن بابتسامه : مش هانسى
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
ارتدت فاتن ملابس للخروج و احكمت لف حجابها ، ثم خرجت من غرفة الملابس ، لتواجه بيحيى الواقف في منتصف الغرفه و تبدو عليه علامات الضيق الشديد
سأل حالما وقعت عليها عيناه : خارجه على فين ان شاء الله ...؟
فاتن بتنهيده : خارجه عشان ماما هتعمل عمليه و لازم اكون جنبها ...
يحيى بتأفف : برده مصره على العناد يا فاتن ..
هزت فاتن راسها استنكارا : ده مش عناد ، ده دوري تجاه امي ، امي يا يحيى ، عارف ربنا وصانا ايه بامهاتنا ، و لا تحب اعد شويه و افهمك
يحيى بانفعال : انتي هتتريئي....
قال يامن الذي لتوه افاق من نومه : تاني تتخانقوا ...
نظرت فاتن باتجاه يامن ، ثم قالت بعد أن جلست على السرير بجواره : حبيبي ، انا لازم اخرج دلوقتي و احتمال اغيب النهار كله ، خليك عاقل و مش تتعب حد هنا...
تقدم يحيى و جلس خلفها على السرير و قال ليامن : هتسيب عمتو تخرج يا يامن..
هتفت فاتن مستديره لتواجهه : انت هتستغل يامن فالحاجات دي كمان ؟
يحيى بحنق : استغله ؟؟؟؟
يامن بعد ان ازاح الاغطيه ووقف على السرير : على فكره ، بابا قال تخلي بالك من عمتو
فاتن بمعنى : قوله يا حبيبي ، قوله يمكن يفهم
يحيى : برده كلمك فالحلم ؟
يامن : ايوه لسه من شويه ، و ماما قالت تسمعي كلام خالو..
ابتسم يحيى : قول يا حبيبي ، قول ، و قالوا ايه تاني
عبث يامن بشعره محاولا التذكر ، ثم قال : بابا قال انك شحط كبير و تقدر تاخد بالك من نفسك
ضحكت فاتن بشده ، ليقول يحيى : بقى كده ..
فاتن بابتسامه مديره وجهها ناحية يامن : طب انا مضطره امشي يا يمونتي ، هتخاف و لا هتبقى بطل ؟
يامن : لا بطل و هاسمع كلام الدكتوره و مش هخاف طالما خالو يحيى معايا ، هو كبير و مش هخاف و انا معاه
نضهت فاتن قائله : طيب هات حضن لعمتو يا حبيب قلب عمتو...
احتضنها يامن قائلا : كده مش هينفع ، لازم حضن جماعي ، تعال يا خالو ..
ابتعدت فاتن عن يامن فورا ، ليقول يامن : لا مش تروحي ، تعالي معانا فالحضن
يحيى مبتسما : احبيب خالو انت
فاتن بضيق : لا ده حضن رجاله ، مع بعضيكو بقى
يامن بتكشيره : لا لازم انتي معانا ، و الا مش يبقى حضن جماعي ، زي بتاع ماما و بابا
نهض يحيى جاذبا يامن الواقف على السرير الى جواره ثم نظر لفاتن ، و قال مقلدا يامن : مش سمعتي ، تعالي معانا فالحضن ...
رمقته فاتن بنظره حانقه ، ثم اقتربت ليحتضنهما يامن سويا ، و بدوره قام يحيى باحاطتها بذراعه اليمنى ، هامسا في اذنها : ياااه الحضن الجماعي ده حلو جدا ، و رقيق اوي و خدوده بتحمر بسرعه ...
فاتن بغيظ : و جلنف و ينقط ...
انسحب يامن فجاه ، قائلا : حمام ، انا هاروح الحمام بسرعه بسرعه ...
نزل يامن مسرعا عن الفراش ، و دلف الى الحمام ، لتقول فاتن : ايدك ..لو سمحت ...
يحيى بابتسامه : ايوه ، انا اسمح جدا ...و جذبها واضعا راسها على صدره ..
حاولت فاتن الابتعاد ، ليقول يحيى متنهدا : حاضر ..
ابعدها عنه برفق ، ثم قال : طب اقعدي احنا محتاجين نتكلم
فاتن : انا لازم اروح لماما
يحيى امرا : اعدي هنا الاول ، قلت محتاجين نتكلم
جلس يحيى على السرير ، مربتا بيده : هنا اعدي جنبي
جلست فاتن بجواره ، ليقول يحيى : انا مش عايز امنعك عن مامتك و الكلام اللي قولتيه ، انا بس مش مطمن ليها ، و مش عندي ثقه فيها نهائي و مش قادر افهمك ، ليه لسه مصره على علاقتك بيها ..
فاتن : قولتلك ، انا بعاملها لربنا ...
تنهد يحيى : يبقى استنى هاوصلك
فاتن : و يامن هيفضل مع مين...
يحيى : هناخده معانا ، اوصلك و اروحه تاني
فاتن : متشكره
يحيى بابتسامه : العفو ...ثم امال راسه قليلا مقبلا وجنتها..
لتنهض فاتن بحرج... ليمسك يحيى بيدها و يرجعها لتجلس بجواره ....
تنهد ، ضاغطا على يدها بين كفيه : انتي مش عارفه انا حاسس بايه ، انا فرحان بينا اوي اوي ، بس فنفس الوقت قلبي موجوع اوي لاني عارف انك قبلتي بجوازنا عشان خاطر يامن ، اللحظه اللي طول عمري بحلم بيها جت لما اختي راحت ، عشان ليلى راحت ، احنا حصلنا ، انتي فاهمه ....
هز راسه و زاد من ضغطه على يدها ، مكررا : انتي فاهمه ...فاهماني ، انا قلبي لسه بينزف على ليلى ، كان نفسي اوي تكون معانا ، كان نفسي تفرح شويه ، عمرها ما فرحت بحاجه ، حتى لما راحت كانت السبب فاننا حصلنا ، راحت عشان تكون السبب فاحلى حاجه فحياتي ...
فاتن بتاثر: كان ممكن نحصل لو انت صدقتني ووثقت فيا بس للاسف ، انت السبب فوجع قلبي و قلبك...
هم يحيى بقول شيء ما ، ليخرج يامن من الحمام قائلا بلهفه : وحشتوني ...
ابتسم يحيى ، ناظرا لفاتن بتساؤل ، لتقول : لسه بيخاف يرجع مش يلاقينا زي...
اوما يحيى ثم قال : تعال هنا يا بطل ، اقولك هنعمل ايه لغاية اما تيجي فتونتنا ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
بعد ان اوصل فاتن حيث تقطن والدتها ، انطلق بالسياره مع يامن ليعدوا الى الفيلا ، ريثما تحادثه فاتن لياتي و يوصلها مره اخرى معه
فور وصوله ، رن هاتفه ...
اجاب : ازيك يا مالك ، خير ؟
مالك : ازيك يا عريس ، معلش بكلمك لان في حاجه ضروري مش تتاجل..
يحيى بضيق : قول عالسريع...
اخبره مالك بالمشكله ، ليقول يحيى : كده تليفون مش هاينفع ، تعال بالدوكيمنت عالفيلا ...
مالك : لا انا هاتصرف
يحيى : اسمع تعال ، اصلا فاتن عند مامتها هتعمل عمليه ، فمفيش داعي تتحرج اصلا...
مالك مداعبا : ده انت حظك فقر يا صاحبي ، حبكت عمليتها فالايام المفترجه دي..
يحيى : بطل رخامه و انجز ، انا مستنيك
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
دلف انس الشقه مناديا بغبطه : ديجا ...خلود ...انتو فين ...
خرجت خلود من المطبخ ، مبتسمه : ديجا نايمه ، بس شكلك عندك اخبار حلوه ...
القى انس بمفاتيحه على اقرب طاوله ، ثم قال : ايوه ، اولا قبضت مكافاه محترمه ...
هتفت خلود : مبروك يا حبيبي ، ايدك الحلاوه بتاعتي بقى
انس : مش الاول تسمعي ثانيا...
خلود : قول ، ثانيا ايه ؟
اخرج انس سلسلة مفاتيح من جيبه قائلا : دول مفاتيح شاليه ...و جهزي نفسك و البنت عشان كمان شويه هنطلع نقضي اجازه اسبوع هناك
خلود بغبطه : انت بتتكلم جد ، بس مش هيكلفك كتير الشاليه ده؟
انس : لا ده مجانا ، ابن صاحب الشركه ادهولي اقضي فيه اجازتي...
خلود : ده لازم مبسوطين من شغلك جدا...
انس : جدا جدا ...
اسرعت خلود لتحضير نفسها و ابنتها ، ليسخر انس : و الله دي عيله عبط ، الاول اخته و دلوقتي هو الاخر ...
اه ما ربنا مش بيدي كل حاجه ، عندهم فلوس ياما و علاقات و منظره ادام الناس ، بس جوهر مفيش...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
جلس مالك مع يحيى في الشرفه ، ليقول مالك : امال فين يامن ؟
يحيى : مع ديما و ماما ، شكل نفسيته اتحسنت شويه ..
مالك : يمكن مع اللمه و العيله مش هيرجع يخاف ...
اوما يحيى ثم قال : ايه بقى ، الشغل و خلص ، ايه الموضوع التاني اللي شاغل بالك؟
مالك بحرج : بص انت عارف يعني اني من زمان ...
يحيى مقاطعا : لو تقصد موضوع سلوى ، فاحنا اتكلمنا فيه قبل كده ، و لازم تكون متاكد ان ابدا مكنش في مشاعر من ناحيتي ليها و هي كمان ، انا في الفتره اللي اتخطبنا فيها محستش باي تغيير في علاقتنا ، كانت بتعاملني زي ما كنا قبل الخطوبه...
مالك : مش ده قصدي ، انا فاهم ده كويس ، بس شويه متردد ، عشان اللي عملته و كدبها ...
يحيى : انت لسه بتحبها ، صح ؟
مالك : ايوه ، بس مش عارف انسى ازاي قدرت تكون بالقسوه و الافترا ده
يحيى مفكرا في وضعه مع فاتن : كلنا نستحق فرصه تانيه ، لو بجد حسينا ان البني ادم اللي ادامنا ندمان بجد
مالك : يعني رايك ..
قاطعه يحيى : الراي رايك انت ، شوف احساسك ايه و امشي وراه ، لان مش دايما العقل بتكون حسبته صح ، مش دايما يا مالك ، انا اكبر غلطه عملتها فحياتي لما مشيت ورا العقل و نسيت قلبي ، قلبي اللي طول السنين اللي فاتت مكنش مصدق ...
مالك بضحك : ايه ده ايه ده ، مالك قلبتها دراما ليه ، انا متاكد ان الميه هترجع لمجاريها ، بس محتاجه وقت و صبر ...اصل فاتن دي انسانه حساسه اوي ..
يحيى بانفعال : و اللهِ ...!!!
مالك محاولا اغاظته : وربنا ما بكدب ، اصل و احنا مخطوبين ...
لم يكمل مالك حديثه ، فلقد نهض يحيى بسرعه ، جاذبا مالك من ذراعه : يلا وريني جمال خطوتك ، و على فكره نظام الحاج ابويا هيرجع تانى، مفيش صحاب رجاله هيدخلوا الفيلا دي نهائي ...
ضحك مالك : بس انا بابي مفتوحلك على طول ..
يحيى و هو يسير بجوراه ليوصله الى البوابه : ايه الوالد غير رايه ؟
مالك بتنهيده : لا ، اقصد بيتي انا ...
يحيى بابتسامه : خلاص قررت
اوما مالك : ايوه و همشي ورا قلبي ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
قالت فاتن بابتسامه ، حين دلفت الى شقه والدتها : الف حمد الله على سلامتك ، انا مكنتش اعرف ان العمليه هتكون سهله كده
انجي بعد ان جلست : قولتلك رتوش بسيطه ، و اللزقه دي هاشيلها بكره ...
فاتن : طب انا هاقوم احضرلك حاجه تاكليها ..
انجي : استنى انا محتاجه اتكلم معاكي شويه ..
جلست فاتن على المقعد المجاور : خير يا ماما ..
انجي بابتسامه : ابدا ، اخبار الجواز معاكي ايه ..
فاتن : الحمد لله ..
انجي : بصي بقى .... انا مش هاتكسف منك و هاخش فالموضوع على طول ...
فاتن : ايوه ...
انجي : انا كنت محتاجه فلوس و املي فيكي كبير ...
تنهدت فاتن : و انا يا ماما مش هتاخر فمساعدتك ، لو مبلغ بسيط ..
قاطعتها انجي : بسيط ايه ، انا بتكلم فكذا مليون
شهقت فاتن : ملايين ايه و انا هاجيبها منين ...!
انجي بامتعاض : من جوزك ، انا اعرف انه ماشاءالله على قلبه فلوس ياما..
قالت فاتن معتذره : انا مستحيل استلف منه و بعدين حضرتك هتعوزي الفلوس دي كلها فايه؟
انجي بامتعاض : خايبه و هتفضلي طول عمرك خايبه ، امال متجوزاه ليه ، ان مكنش يهنيكي و يدلعك و تبقى كل طلباتك اوامر...
فاتن قاطعه على والدتها استرسالها في كلام حفظته عن ظهر قلب : انا هاقوم اعملك الاكل...
تبعتها انجي محاوله اقناعها ، و لكن باءت كل محاولاتها بالفشل ...
لتقول مستسلمه : طب انتي معاكي كام دلوقتي ...؟
فاتن : يعني يجي 2000 جنيه
شهقت انجي : يا نهاري ...بس ..
فاتن بحرج : دول اللي حوشتهم من شغلي..
انجي بتافف : طب هاتيهم انا محتاجه امشي اموري
فاتن : حاضر ، من بكره يكونوا عندك ان شاء الله ....
تنهدت انجي ثم قالت : طيب خلصي الاكل و بعدين روقي الشقه اصل اللي بتشتغل معدتش قادره على مرنبها ، بعد ما الندل طلقني...
فاتن : حاضر ياماما ، بس انتي لو تمسكي ايدك شويه
انجي : لا يا حببتي انا بحب اصرف وادلع نفسي و متقلقيش يروح راجل يجي غيره ، عندي الحكايه مسالة وقت مش اكتر ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
فتح انس باب الشاليه ، و دلف مع اسرته الى الداخل ... بحث عن مقبس النور ليضيء الشاليه ، فلقد ارخى الليل بظلاله على المكان ...
لتقول خلود : بسرعه يا انس ، ديجا بتخاف مالضلمه..
انس : طب اعمل ايه مفيش و لا واحد شغال فيهم ....
صرخت خلود بشده ، ليخرج انس هاتفه النقال محاولا الرؤيه عن طريقه انارته ، هاتفا : مالك يا خلود ...
ليفاجأ بضربه شديده على راسه مفقده اياه الوعي على الفور ....
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
اغلقت فاتن باب الفيلا و تنهدت راجيه ان لا تثير حنق يحيى ، فلقد كلمها عده مرات في الساعتين المنصرمتين ، طالبا منها العوده و لكن لم تستطع فلقد قامت بمساعدة والدتها في ترتيب شقتها و حاجياتها و كذلك قامت بعمل اكل يكفي لاسبوع كامل لها بعد اصرار الاخيره
سمعت اصواتا و ضحكات في غرفة المعيشه ، حاولت المرور دون ان يراها احد ، لتفاجأ بخروج يامن راكضا باتجاهها : عمتو انتي جيتي اخيرا....
انحت فاتن ارضا لتحتضنه قائله : انا مش قلت هتاخر يا بطل
يامن : ايوه ، بس مش فاكر انه هيكون كتير كده
خرج يحيى من الغرفه ، تكسو ملامحه علامات الغضب الشديد : تعالي سلمي على خالتي و جوزها ، جايين يباركو للعروسه اللي سايبه بيتها اللي مكملتش فيه يومين قعاد على بعض
تنهدت فاتن و تبعته الى الداخل برفقة يامن ....
بعد ان قدمت لها المباركات و النقطه من اقارب يحيى ، قالت راويه : و الله انتي بنت اصول يا حببتي ، اه ، الواحده مهما كان لازم تقف جنب والدتها ، ربنا وصانا خير بامهاتنا حتى لو....
تنحنح زوجها مؤيد مقاطعا : فعلا فعلا
ليقول يامن الجالس في حضن فاتن : انا ماما وحشتني اوي
قال لؤي مداعبا و محاولا التخفيف عنه : يعني ايه عمتو فاتن مش عاجبك ، خلاص خلينا نرجعها تاني
يامن محتضنا فاتن بشده : مش ترجعي ، مش ترجعي خليكي معايا
تطلعت فاتن بنظره عتاب تجاه لؤي ، و الذي ربما لم يتسوعب بعد مخاوف يامن ، ثم قالت : انا مش هارجع نهائي ، مستحيل يا حبيبي ، انت مش تقلق ...
تنهد يامن و قال : انا بحبك اوي يا عمتو ، وقبلها من وجنتيها ، ثم اعاد الكره مره اخرى
ليقول لؤي بمزاح : يا بني ارحم نفسك ، كفايه بووووس ، اصلا عيب اوي
ضحك الجميع ، ليقول يامن : ليه عيب ، مش انت كنت بتبوس ابله ديما قبل شويه
شهقت ديما ، و نظر لؤي بحرج تجاه والد ديما ، ثم قال بتلعثم : بيتهيأله اكيد غلطان يعني مش ببوسها ابدا انا
يامن مدافعا بعند طفولي : مش غلطان ، كنا عالمرجيحه بره و بوستها
نهض مؤيد من مقعده قائلا بحنق : طب عن اذنكو يا جماعه و الف مبروك ليكم ، يلا يا راويه
ثم جز على اسنانه : اتفضلي يا ست ديما
نهضت ديما محرجه ، لتغادر مع والديها و رافقهما يحيى ، اما لؤي فقال بحنق : كده سيحتلنا ، هاقول ايه بس لو مكنتش ابن الغاليين ..
ضحكت خديجه وقالت : تستاهل ، بقى قلة الادب كمان ادام الواد الصغير
لؤي : انا ايش دراني انه كان مركز معانا ، جيل ما يعلم بيه الا ربنا
خديجه : يعني كلامه صحيح
لؤي بتافف : انا طالع اوضتي احسن...
خرج من الغرفه ، و عاد يحيى ، لتقول خديجه : انا هاطلع اشوف الحاج ، زمانه نسي ياخد الدوا
انسحب خديجه .. ليعاود يحيى الجلوس ، قائلا : ما بدري ...
فاتن بضيق : ما انا قولتلك هافضل معاها اليوم كله
يحيى بتافف : نهايته ، قومي نيمي الولد
نظرت فاتن له بتحد : ايه ده انت هتعملي سي السيد من اولها كده ، ثم قالت مقلده له : قومي نيمي الولد ..
قال يامن : الولد مش ينام ..
يحيى مستسلما : هاتبقى انت و الزمن عليا يا ابن اختي ...
يامن : موش فاهم
ضحكت فاتن ، ليقول يحيى متنهدا : ضحكتك حلوه اوووي ، مش كده يايامن ؟
يامن : ايوه حلوه اوي ، وانت كمان حلو اوي يا خالو
يحيى باعتراض : لا مش حلو
يامن : لا حلو
يحيى : بس عمتو شايفه اني مش حلو
يامن بعد تفكير : خلاص يبقى مش حلو
ضحكت فاتن بشده ، ليقول يحيى : انا قايم اتخمد احسنلي
يامن : ليه تتخمد !
يحيى : احسن ما اتنقط
انصرف يحيى ، لتقول فاتن : احكيلي يا بطل ، عملت ايه فغيابي ؟
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
بعد ان فشلت في استغلال زوج ابنتها ، قلبت انجي في دفاترها القديمه ، لتعاود الاتصال بخميس ، و ها هي الان تنهي جلسه مقززه من التملق له و تلبية رغباته الشاذه و المقرفه ...
قالت بعد أن غادر السرير : ايه مستعجل كده ليه ، ما بدري ؟
خميس بقرف : بدري ليه يا ختي ، ماخلصنا
انجي بدلال : الله مالك يا خوختي ، كنت عاوزاك فمصلحه كده
خميس : مصلحه ايه دي ، ما انا سايبلك الفايه ...
انجي بتافف : الفايه ايه ، بقى ليله مع انجي الشريف تسوى الفايه بس
خميس : امال ايه ، ده مفيش حته فجسمك عليها القيمه ، و كتير اوي على جسمك المدندل ، ولا وشك الملزوق ده
انجي : بقى كده ، ده انت زمان كنت هتموت و اعبرك
خميس : لا يا اختي انتي كنتي سلمه عشان اوصل للهطة القشطه اللي دفعتيني عليها ياما
انجي : تقصد فاتن ؟
تنهد خميس : امال بنت عمتك ...
انجي بخبث : طب لو قولتلك اني ممكن ...
قاطعها خميس: لا تقولي و لا تعيدي ، مش هتضحكي عليا تاني ...
انجي : عيب عليك ، لو تحب هاجبهالك دلوقتي حالا
نظر خميس لها بشك ، لتقول بعد ان رات اللهفه في عينيه : بس طبعا كله بتمنه
خميس : قولتلك مش هنعيده تاني
انجي : بقولك هجبهالك دلوقتي حالا...ها قولت ايه ، قرر و بسرعه
خميس بشك : ازاي يعني ، دي مكنتش بطيقني ، ايه الجديد ؟
انجي : الله ، انت عايزها يعني تدوب فغرامك ، خود اللي انت عايزه منها و انتهينا
خميس : لا يا ختي ، انا مليش فالجو ده ، لو هتيجي يبقى برضاها ، اما غصب و اغتصاب و تلبسوني جريمه ، تؤ معطلكيش يا نجمه
تنهدت انجي ، ثم قالت بعد تفكير : طب لو قولتلك مش غصب و برضاها ، استاهل ايه ساعتها
خميس : مش خساره فيكي فيلم بحاله
انجي : يبقى اتفقنا ، اديني يومين كده و هتجيلك برجليها ، تتمنالك الرضا ترضى
خميس : اما نشوف !
↚
¤ و انفجر البركان ¤
------------------------------------------------------
صعدت فاتن الى الغرفه برفقة يامن استعدادا للنوم ، و في الداخل وجدت يحيى مستلقيا على السرير في غرفتهما ، على الفور اسرع يامن ليجلس بجانبه ، قائلا : خالو ، انا بقيت بطل و هاعمل زي ما وعدتك الصبح ...
نهض يحيى ليجلس على السرير ، قائلا : برافو عليك ، انا مبسوط منك جدا
اقتربت فاتن منهم ، لتسأل : ممكن اعرف ايه الوعد ده و لا سر ؟؟؟
يامن : انا هنام فالاوضه لوحدي ، عشان انا بطل و مش هخاف خلاص ...
نظرت فاتن ليحيى بحنق ، ثم قالت ليامن : طب اسبقني عالاوضه يا بطل...
توجه يامن نحو غرفته ، لتقول فاتن بضيق : انت ليه عملت كده ، انا مش عايزه اضغط عليه ...
يحيى : يا فاتن ، انا كلمت الدكتوره ، و قالت ضروري بقى ناخد خطوه اكبر ونخليه يعتمد على نفسه شويه
نادى يامن من الغرفه : عمتو ، يلا...
همت فاتن بالتحرك ، ليقول يحيى : استني ...
نهض ليقترب منها مقبلا جبينها ، ثم قال : انا حابب نبدا من جديد ، و نبدا صح الليلادي زي اي زوجين بيحبوا بعض ، فاهماني يا فاتن ...
تنهدت فاتن ، ثم اومأت براسها ، ليقول يحيى : صدقيني مش هتندمي لو وثقتي بيا تاني ، انا عمري عمري ما هاخذلك ..انا بحبك اوي..
عاد يامن للنداء : عمتو
لتتوجه فاتن لمساعدته بتغيير ملابسه و الخلود للنوم ، و بعد دقائق خرجت من غرفته ، لتتوجه الى الحمام ، شاعره بالاختناق مره اخرى ...
حاولت ان تتغلب على مشاعرها السلبيه تجاه يحيى ، حاولت حقا ان تبدا من جديد ، لذا اخذت حماما سريعا ، ثم توجهت الى غرفة الملابس لانتقاء شيء مناسب لهذه الليله ...
تشجعت و ارتدت القميص الذي ما زال يتوسط الطاوله في غرفة الملابس ، ثم ارتدت الروب الخاص به و احكمت اغلاقه ...
خرجت مرتابه ، لتواجه بيحيى الواقف منتظرا ، و فور رؤيتها ارتسمت على وجهه ابتسامه مطمئنه ...
اقترب منها ممسكا بيدها : انا متشكر اوي انك قررت تثقي بيا تاني
ابتسمت فاتن ببرود ، ليقوم يحيى بضمها الى صدره قائلا بحب : طول ما انا جنبك مش عايزك تخافي من حاجه او تقلقي تاني ، انا هكون سندك و باباكي واخوكي و جوزك وكل حاجه ليكي
ارخت فاتن راسها على صدره ، مستمعه لدقات قلبه المتسارعه بحب و شغف ، و التي تماثل سرعة دقات قلبها و لكن السبب مختلف ، فقلبها يدق خوفا و قلقا من الثقه به من جديد
ابعدها عنه برفق ، ليتطلع اليها بنظرات ملؤها الحب و الرغبه ...
قال بهمس : بحبك ..ثم اخفض راسه ليطبع قبلات صغيره على جبينها ، ثم عينيها المغمضتين ، لتفتحهما حين احست باقتراب انفاسه من شفتيها ، لترتجف بشده حين لامسهما بشفتيه ، ليطبع عليهما قُبلته الاولى
تجمدت في مكانها ، ليس خجلا ... بل خوفا ، خوفا استحوذ على كل حواسها ، مفقدا اياها فرحتها به ، بمَن حلمت ان يكون زوجا لها طوال السنوات الماضيه ، لقد رسمت دوما في خيالها بأنه سيأتي يوما ما و تتجلى له الحقيقه ، ليعود اليها نادما ، و راجيا المغفره و تصورت بأنها فعلا ستقدر على العفو و البدء من جديد..
حاولت أن تنحي الخوف جانبا ، تشبثت بكتفيه علها توقف ارتجاف يديها ، ليقوم بتعميق قبلته ، حينها ازاحت فاتن وجهها متهربه منه و مريحه اياه على صدره ثانيه ، لتحاول السيطره على دموعها التي ابت الا ان تتدفق معلنه عن مشاعرها الحقيقه
ربت على راسها قليلا ، ثم قال متنهدا : بتعيطي ليه ، انا مش هاغصبك على حاجه ...
تمتمت فاتن بحسره : هو انا لسه هاتغصب ، ما خلاص
ابعدها عنه قائلا بحده : تقصدي ايه ؟
ازعجتها نبرته ، لذا اجابت بصراحه : اقصد احنا ، ده ، جوازنا ..
يحيى بعنف : انا مضربتيكيش على ايدك عشان توافقي ، انتي وافقتي بكامل ارادتك و متقوليش عشان يامن ، كفايه تكدبي على نفسك ...انتي لسه بتحبيني و كفايه مكابره
ضحكت فاتن بسخريه : مكابره ، طب يا سيدي اهو انا بعترفلك اني لسه بحبك ، انا باااااااحبك ، لا مش بس بحبك ، انا بموت فالتراب اللي بتمشي عليه ، من خمس سنين فاتوا و لغاية دلوقتي ، بس الحب مش كفايه ، مش كفايه..... و عمره ما هيكون كفايه ...
يحيى بمراره : امال ايه .. قوليلي يا فاتن ، قوليلي و انا مستعد اعملهولك ، فهميني ايه اللي يرضيكي ، قوليلي ...فهميني يا فاتن ارجوكي
هزت فاتن راسها محاوله حثه على التوقف ، ليقول بحنق : قولتلك اسف ، غلطت ، ندمان ، كنت صغير ، مش فاهم ، مش واثق فنفسي اصلا قبل ما اكون مش واثق فيكي ، هتمسهالكي ذله طول عمري ، ليه مش مستعده تسامحي و تنسي ، انسي يا فاتن و اوعدك اني هاكون جدير بيكي و بحبك ، ارجوكي اديني فرصه اثبتلك
صمتت فاتن ، لم تدر كيف تجيبه ، فقلبها يأبى أن يعطيه فرصه أخرى ، على عكس عقلها الذي حثها مرات عده على التصرف بمنطق ، فكلنا معرضون ان نخطىء و نُسيء التقدير و التصرف ، و ها هو نادم على ما اقترفه بحقها فماذا تريد بعد !
استفزه صمتها ، ليقول : متفضليش ساكته كده ، انا زهقت من دور الضحيه اللي انتي مُتقمصاه ده ، انطقي اصرخي اعملي اي حاجه....بس ارجوكي تقوليلي ازاي اكفر عن ذنبي ، اعمل ايه ، عايزاني اعمل ايه عشان ترضي ...
راقبته بصمت ، نعم ، هذا ما تريده ، ان تصرخ ، ان تعترض ، ان تنفث عن غضبها منه ، لقد سامحته حين اتي معتذرا ، فلا الوقت و لا الظروف سمحتا لها بالعتاب ، لذا اختصرت الوقت و قررت أن تسامح في حينها ، و لكنها لم تعِ أن غفرانها السريع سيعود ليرتد طاعنا قلبها بسكينه مُدميه ..
ليصرخ قلبها الان ساخطا ..
أين حقي ، أين ثمن وجعي طوال تلك السنوات
ببساطه تناسيتِ ألمي ، استمعتِ لصوت العقل والواجب ، واخمدتِ نزيفا تملكني طوال خمس سنوات خلت
نعم .... لم تستطع حينها أن تَرُد اماً مكلومه في ابنتها .. فسامحت ..
لم تستغ أن ترفض دموع اخ موجوع على اخته و مكبلا بالذنب تجاه صديقه الذي ودع الحياه دون أن يعترف بخطئه في حقه .. فسامحت
لم تقو على رؤيه الألم و الذنب الكامن في عيني محبوبها بعد وفاة أخته ، لم ترد أن تكون سببا اضافيا في وجعه ، فسامحت ...
نعم سامحت و غفرت ... والان انفجرت....انفجر البركان الكامن في صدرها طوال تلك السنوات ....
فاتن بغضب : مفيش حاجه تقدر تعملها هترضيني ، مفيش حاجه هتخليني احس معاك بالامان ، مفيش حاجه هتقنعني انك الراجل اللي هنام جنبه وانا مطمنه .. مطمنه انه سندي و ضهري و اماني ، اللي لو كل الناس جت ضدي هيقف معايا ، هيدافع عني .... مش عند اول كلمه تتقال يقوم مدور وشه و فايتني
تنهدت بعد ان ازاحت قليلا من الغضب الذي يُثقل صدرها ، ثم تابعت دون أن تعي ما تقول ، او هل يستحق الماثل امامها ان تنفث عن كل غضبها في وجهه ، تابعت لانها ارادت ان تتخلص و للابد من هذا الالم ، علّها تستطيع البدء من جديد
تابعت : ايوه مش انت الراجل اللي هاستأمنه على نفسي...
ثم وجهت ضربتها القاضيه : انت كلمه توديك و كلمه تجيبك ... انت فنظري مش راجل اصلا...
رأت الصدمه تعلو ملامحه ، ثم تبعها الالم ، ليأتي الغضب مزيحا كل تلك المشاعر جانبا
شاهدته يرفع قبضته ليوجه بدوره ضربته الموجعه ، ليصفعها بكل ما اوتي من قوه ، و لكن مهلا ، لِمَ لا تشعر بأي ألم...؟
شهقت مفزوعه ، فلقد تراجع محبوبها عن هدفه في اللحظة الاخيره ، ليهوي بقبضته الى زجاج المراه القريبه منها ، محولا اياها الى عشرات القطع الصغيره المطعمه باللون الاحمر القاني ...لون دمه و الذي يتساقط بغزاره من قبضته...
لتشهق مره اخرى بهلع : ايدك ، انت مجنون مجنون...
تلفتت يمينا و يسارا لتبحث عن شيء تضمد به جرحه النازف ، متمتمه بهذيان : انا اسفه...اسفه... انا مش عارفه قلت كده ازاي ....
التقطت طرحتها ، ثم استدارت لتساعده ، و لكن أين هو ؟؟؟
لقد غادر الغرفه ، ولم يغلق الباب بعنف ... كما تصورت انه لربما قد يفعل ...
هرعت مسرعه من الغرفه ، تنظر أين اتجه ، ولكن لم تلمح له ظلا ...
همت بلبس اسدالها و الخروج للبحث عنه حين سمعت صراخ يامن ...لتهرع مسرعه اليه ...و تقضي ليلتها محاوله تهدئته فعلي ما يبدو قد عاودته الكوابيس و مما زاد الطين بله استيقاظه على صوت شجارهما ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
جلست انجي في شرفة شقتها ناظره الى الحياه الدائره امام عينيها ، لتعود بشريط حياتها الى سنوات خلت ..
حين قررت و بملء ارادتها أن تحتفظ بجنينها ، ان تحتفظ بفاتن ، ربما انذاك ادركت انها لربما يوما احتاجت مَن تتعكز عليه ، مَن يؤنسها في وحدتها ، مَن يسأل عنها من وقت لاخر ، مَن يُعلمها بأنها لن تتدثر في فراش الموت وحيده ، بل سيكون هناك شخصا يمسك بيدها ، يساعدها في احلك اللحظات شده ...
و لكن ما لم تعرفه ، بأن قطار الحياه سيمضي مسرعا ، و بأن تلك اللحظه ستأتي على عُجاله ، فالليله تجلس مترقبه ماذا سيحل بها غدا ، هل ستُنسى بسهوله ، هل ستضيع كل تلك النجوميه و الشهره هباء ، هل ستبقى فاتن هي متابعتها الوحيده ، تتابع ما سيفعله الزمن بها ، لا.. لم تأتي تلك اللحظه بعد ، لا زالت في اوج عطائها ، و على فاتن مساعدتها ، نعم ، عليها أن تجني شيئا من وراء تربيتها ، من وراء قرارها باعطائها حق الحياه.. عليها أن تفهم أن هناك ثمنا لتلك الحياه ، كما حدث مع ...
ابنتها من الثري الخليجي ....نوف ، و التي اصر والدها على انجي ان تحتفظ بالجنين و عدم اجهاضه ، فلقد راى في ذلك حرمانيه كبيره ، كما أن موافقتها على ولادتها زادت من حسابها البنكي بضعا من الالوفات..
اما كِنان ، ابن ذلك الرجل صاحب القلم و المبدأ ، لقد ادركت بحملها متأخره و بعد أن طلقها زوجها ، لم تدرِ كيف تتصرف هل تخاطر بحياتها و تجهضه ولكن لم تحتر كثيرا فحين أعلمت والده بالخبر تهلل فرحا ووعدها بانه سيتولى مسئوليته و ليس عليها ان تقلق ، ذلك العجوز المهترىء ، أراد طفلا ليعطيه سببا للعيش ، ليشعره بانه ما زال شابا ...
تنهدت : يلا الله يرحمه هو وابنه ...
تابعت النظر فيما يدورحولها في المدينه ، فكلٌ اختط له طريقا ، و الطريق الذي سلكته هو طريق المجد والنجوميه ، و لن ترضى باقل من الصفوف الاولى ، و لن يكلف ذلك فاتن سوى ليله واحده مشابهه لعشرات الليالي التي قضتها هي شخصيا في كنف ذلك البغيض خميس ، و مع غيره...!
تمتمت : ليله واحده ، ولا من شاف و لا من دري ، ده حقي ، حقي اللي مش هتنازل عنه و لازم تدفعيه
رن هاتفها بالمكالمه المنتظره ، اجابت بلهفه : ها يا موكا ، عندك الstuff اللي طلبته
موكا : عندي و على انواع كمان
انجي : ازاي ..
موكا : فيه اللي طلبتيه يتحط فاي مشروب ، و في حُقنه
انجي : حلو اوي ، اوي ، انا عايزه مالاتنين ، متتاخرش
موكا : متقلقيش ، قبل ما اروح البيت هامر عليكي وادهوملك
انجي : و انا في الانتظار...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
قال عمرو بابتسامه : بص يا البي ، لو سمعت الكلام مش هامس شعره واحده من مراتك و بنتك
نظر انس باتجاه صاحب الصوت ، ليهتف غير مصدق : عمرو ، ايه اللي حصل ؟؟؟
نظر عمرو باتجاه مساعديه : بينله مفقشِ مالخبطه..
انس و الذي رُبط الى كرسي و غير قادر على تحرير نفسه : ايه اللي بيحصل هنا ، ايه الهزار البايخ ده؟
عمرو : هزااار ، يا راجل ، بقى انا مكلف نفسي ومأجر الاربع شحوطه دول و تقولي هزار
نظر انس بريبه تجاه الاربع رجال الواقفين خلف عمرو ، و تبدو على ملامحهم علامات الاجرام و البلطجه ..
ليقول برعب : فكني و بعدين فين مراتي وبنتي..؟
عمرو: اها فوقنا اهو ، اسمع يا جميل ، مراتك وبنتك في الحفظ والصون ، و في شحطين زي دول مستنيين بس اشاره مني ، و يعملوا ما بدالهم معاهم ، و النوعيه دي لا بيفرق عندها ست او طفله و لا حتى بقره ..
ضحك عمرو: كله عندهم مزاااج و كيف ، فلو مش عايز حد يتعرضلهم ، تخليك حلو و تسمع الكلام ،ها..
انس برعب : انت بتعمل كده ليه ، كنت اذيتك فايه و لا مراتي و بنتي عملولك ايه ..!
عمرو بغضب : شهد ، اختي يا حقير...
امتقع وجه انس ، ليقول عمرو : عرفت ليه ...
انس : انا انا ...مكنش قصدي حاجه وحشه ، بس الانسان ضعيف ...
قاطعه عمرو : ضعيف و فهمنا ، لكن كمان ندل و حقير ، بعد ما وسخت اختي بقذراتك كمان بتهددها تفضحها و تنشر صورها...
انس مدافعا : بس هي لسه زي ما هي بنت ..و الله ما جيت جنبها ، بس صور و ..
صفعه عمرو : اخرس يا كلب ، اخرس ...
ثم استدار قائلا : هاتوله مراته هنا ، عايزها تتفرج ..
انس : بلاش ، اعمل فيا ما بدالك ، بس مراتي لا ، خلود ملهاش ذنب ، ارجوك
عمرو : انا مش حقير زيك ، و هاخد حقي فواحده ملهاش ذنب ، بس ان حكم الامر هاخده منها ، لو مطلعتش راجل و فديتها بنفسك ، هاضطر للاسف اوسخ ايدي لاول مره فحياتي ، و اخد حقي من واحده ست ...
انس متوسلا : انا افديها بروحي ، قول اعمل ايه و انا مستعد ، بس ابعد الكلاب دول عنها و عن بنتي...
عمرو مفكرا : جميل ...يلا قلعوه هدومه...
تقدم الاربعه منه ، فاكين قيده ، و تدافعوا على تمزيق ملابسه ، ليتوقع انس ان يتلقى ضربا مبرحا ..
قال عمرو : اتمدد عالكنبه اللي هناك..
نظر انس بريبه الى الرجال الواقفين على اهبة الاستعداد للفتك به ، ثم توجه الى الكنبه وعليها تمدد
اغلق عينيه ، مستعدا لتلقي الضربات ، و لكنه فوجيء بعمرو امرا : يلا يا زيكو عاوزك تعمله مساج هادي...
فتح انس عينيه و هب واقفا ، ليعيده المدعو زيكو الى الكنبه مره اخرى ، جاثما فوقه ...
ليضحك عمرو ساخرا : على فين يا حلوه ، ده التقيل لسه جاي ..
انس : يا حقير ..
عمرو : بقى انا اللي حقير ، خلاص حقك عليا ، روح يا زيكو هات مراته و اتكيف بيها ...
انس صارخا : لا اااااا..
عمرو : يبقى تسمع الكلام ...
اوما انس : بس اتاكد الاول أنهم بخير ..
عمرو: و هو كذلك ، خود كلمهم ..اهما فالاوضه اللي جنبينا على فكره ...
فتح عمرو مكبر الصوت على الهاتف ، لتخبره خلود بانها محبوسه مع ديجا في غرفة مغلقه و لكن لم يتعرض لهما احد ...
بعد انهاء المكالمه ، قال عمرو : يلا شغلوا الكاميرا ..
انس : انت هتعمل ايه ، حرام عليك
عمرو : يووووه ، انت هتسمع الكلام و نخلص فليلتنا المهببه دي ، و لا نخلّص الليله مع مراتك و المحروسه بنتك
قال انس باستسلام : هاسمع الكلام بس سيبوهم ابوس ايدك..
ضحك عمرو : مش ايدي اللي هتبوسها ، انت هتبوس حاجه تانيه خااالص..
عاد المدعو زيكو ليجثم فوق جسده بعد ان تجرد من ملابسه هو الاخر ، ليصرخ انس متقززا و معترضا ..
اقترب عمرو منه ، ثم انحنى قليلا ليقول له امرا : الوش ده مينفعش عالكاميرا ، انا عايز وش الاكستاسي ، عايز وش الانبساط فاهمني يا هندسه ..
انس و الدموع تملا عينيه : حرام عليك
عمرو بهدوء : لا مش حرام عليا و لا انا بظلمك ، انا هاعمل فيك اللي كنت ناوي تعمله مع اختي ، لا اكتر و لا اقل ، العين بالعين يعني ، و لو فكرت تروح تشتكي او اي حاجه مالنوع ده ،اهو شايف اللي حواليك دول شويه فلوس و يشيلوا الليله ، انت لعبت مع الكبار و افتكرت نفسك هتنفد منها ، وتطلع بقرشين ، و مين عالم مع كام واحده عملت عملتك دي ، عموما لو استمر وش القرف ده مراتك و بنتك موجودين و يقضوا الغرض..ولو بعد الليله دي فكرت مجرد تفكير تاذي اختي ، بسهوله هاوصل لحبايبك و المره الجايه لو بكيت دم مش هيشفعلهم عندي ، فاهمني يا هندسه
اوما انس شاعرا بالقهر الشديد
ليقول عمرو : شايف احساس الظلم و القهر صعب ازاي ، عموما انا قلت العين بالعين و مش هاعمل اكتر من اللي انت كنت ناوي تعمله فاختي ، هافضحك بكام صوره و كام بوز ، و فيديو متاخد بزاويه معينه يصور ان الموضوع تم و كانه حقيقي ، انا هامشي على كلام ربنا و مش هاظلمك ، مع ان فايدي اخليك ..و لا بلاش ...لان الحق كله مش عليك ، الحق كمان علي صدقت و رخصت نفسها ....
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
بعد ان ادت صلاة الفجر ، نزلت الى الطابق السفلي ، لتبحث عن مكنسه لتُلملم بقايا المراه التي حطمها يحيى بقبضته...
و في المطبخ فوجئت بمن لم تتوقع مكوثه هنا اصلا ، وجدته يجلس على الطاوله يحتسى فنجانا من الشاي ، وقفت على الباب متردده اتدخل و تقطع عليه خلوته ، فعلى ما يبدو لم يلحظ وجودها بعد ، اتخذتها فرصه لتدرس مزاجه ، كان يبدو عليه الارهاق و كانه لم يذق للنوم طعما كحالها ، و لكن ما خفف عنها هو الشاش الموجود على كفه ، لقد اوقف النزيف و الحمد لله ، فلقد قضت ليلتها ما بين هدهدة يامن و ما بين تخيلها لتلك الصور المزعجه عنه بانه صار هائما في الشوارع نازفا متالما او كتلك الافلام حينما يلجا البطل لاقرب ملهى ليلى ليثمل مداويا الامه ، و لكن ها هو هنا يقبع في المطبخ مرتديا ملابسه من الليله الماضيه ، اذن لم يخرج .....
رفع راسه لتتلاقي عينيه الغاضبه بنظراتها النادمه ، تقدمت منه : اسفه ... انا معرفش كنت بقول ايه اصلا..
قاطعها : انا طالع الاوضه ، هاغير هدومي و رايح الشركه ، ياريت تفضلي هنا لغاية اما اخلص...
قال ذلك واضعا فنجانه على الطاوله ببطء لا يضاهي العاصفه الكامنه في عينيه...
نهض مارا بجوارها ، لتتشبث بذراعه قائله : يحيى ، ارجوك تسمعني ...
ابعد يدها بهدوء مستفز و سار مكملا طريقه للاعلى ..
وقفت محتاره ، هل تطيعه و تبقى هنا ريثما يتنهي من تغيير ملابسه او تصعد و تحاول البدء في اصلاح ما افسدته الليله الماضيه ...
التقطت المكنسه و الى غرفتهما اتجهت .... في الداخل سمعت صوت المياه تتدفق في الحمام ، جيد ، ستنظف المكان ريثما ينتهي من حمامه ...
بعد دقائق انهت التنظيف ، كما على ما يبدو انه انهى حمامه ، فلم تعد تسمع صوت تدفق المياه من الحمام ، جلست على السرير تنتظر خروجه ، لتشاهده خارجا من الحمام من خلال بقايا المراه المحطمه ، اخفضت بصرها محرجه ، فلقد خرج مرتديا منشفه صغيره على خصره فقط...
بعد ثوان وقف امامها قائلا : انا مش قولتلك تستني تحت ..
فاتن بتلعثم : كان لازم انضف ، احسن يصحى يامن و يتعور ...
يحيى امرا : لما اكلمك تبصيلي ...
فركت فاتن يديها بباطن الفراش ، ليقول : بصيلي ...
فاتن بحرج : انت مش هتلبس هدومك ..
ضحك يحيى ساخرا : ايه مكسوفه مني ..
رفع وجهها بانامله ناظرا لها و الغضب المكبوت يستوطن في عينيه، ليقول بسخريه : مكسوفه ليه ، ها ، تكونيش غيرتي رايك و شايفه راجل ادامك...
فاتن بصدق : انا اسفه ...
افلت وجهها و استدار ليدلف الى غرفة الملابس ، صائحا ليوصل صوته الى مسامعها : انا كنت غلطان ،غلطان فكل حاجه ، مكنش لازم اتعب نفسي و ازيح الرمله ، حبنا مش مكتوبله يشوف النور ، مع اول هبة ريح هتيجي الرمله تاني و يدفن من تاني ، حبنا هيفضل طول عمره حب تحت الرمال ، لانه لو تنفس شويه هايبقى عشان يجرحك او يجرحني ، يبقى خليه مدفون ، بس المرادي هنكون اتعلمنا و محدش فينا يستجري يزيح الرمله...
صمتت فاتن و الدموع تنهمر من عينيها بغزاره ، ليس اعتراضا على ما قاله قبل قليل ، و لكن لان قلبها و عقلها اتفقا للمره الاولى ، و لان عقلها و اخيرا اقر بالحقيقه ، اقر بانه يقبع تحت امرة جسد يتحرك بعواطفه ، فالآمر و الناهي في قرارتها هو القلب ، و قلبها انفجر معلنا الليله الماضيه بانها قط لن تشعر بجوار مَن يحتل جدرانه بالامان ، و تمنت لو انها اعلنت ذلك بطريقه لا تجرح محبوبها بها ، و لكن .. نعم لما قاله قبل قليل ، حبهما لن يكتب له النجاح ، لن ينجو يوما و يصحو من تحت الرمال ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
حينما استيقظ يامن ، نزلا سويا لتناول الافطار مع جدته و التي ارسلت بام عيشه لتطلب منهما الحضور..
على السفره سألت خديجه بقلق : و الله يا بنتي انا مش حابه ادّخل ما بينكو ، بس اصل يحيى يعني خرج و كأنه رايح الشركه ...
أومأت فاتن : ايوه ، فعلا قالي وراه حاجات مهمه مش هيقدر يأجلها ..
تنهدت خديجه : طيب يا بنتي ...
همت خديجه باضافه شيء ما ، حينما رن هاتف فاتن ، لتستأذن منها تاركه اياها برفقة يامن...
في الشرفه ، اجابت على والدتها : ايوه يا ماما ...في ايه عالصبح كده خلاكي تكلميني
انجي بتافف : بفكرك ، مش وعدتيني تجيبي فلوس انهارده
فاتن : معلش ، نفسيتي تعبانه ومش هاقدر ، انا هاديكي العنوان هنا ، فوتي و اديهوملك
انجي بحنق : بقى عايزني اجي مذلوله بيتهم عشان يشمتوا فيا ، انتي معندكيش احساس
فاتن بحده : بقى انا اللي معنديش احساس بردو..!
انجي بتلعثم : مش قصدي ، بس انا محتاجه الفلوس جدا ، ومش هاقدر اخرج بوشي الملزق ده ، ارجوكي تيجي و تجيبيهم ، مش هيكلفك نص ساعه من وقتك
فاتن بهدوء لا يعكس الالم الموجود بداخلها : حاضر ، هاجبلك الفلوس
اغلقت الخط غاضبه ، نعم غاضبه من املها في ان تتغير والدتها ، و تحدث المعجزه ، حسنا عليها الان أن تنفث عن غضبها من انجي مره واحده و الى الابد ، حتى يهدأ بركان الغضب الذي انفجر الليله الماضيه
ستذهب لوالدتها ، لكي تُخمد صوت الطفله بداخلها ، و الذي ما فتأ طوال السنوات الماضيه يبحث عن قلب والدته ، يبحث عن كلمه تعاطف ، لمسه حب ، نظره قلق ، و لكن للاسف لن يأتي أياً منها ،لا في الماضي و لا في المستقبل
عادت الى السفره ، قائله بحرج : انا مضطره اخرج ، عندي مشوار مهم ..
يامن بخيبه : يعني تسيبني انتي كمان انهارده
جلست بجواره ، واضعه يده الصغيره بين كفيها : لو مش عايزني اروح هافضل معاك ، بس انت قولتلي امبارح انك هتبقى بطل و مش هتخاف تاني ، وانا مش هاطول كلها ساعه بالكتير وهارجع ، ها ..ايه رايك؟
يامن بعد تفكير: طب انا هاعمل ايه و انتو مش هنا ؟
خديجه بغبطه : هتقعد معايا يا قلب تيته ، و هنلعب سوا و احكيلك حواديت ياما
يامن بابتسامه : انا بحب الحواديت ، خلاص يا عمتو ، انتي اخرجي بس تعالي بسرعه
اومأت فاتن مبتسمه ، ثم شكرت خديجه و صعدت لتتغيير ملابسها ، لتخرج الى شقة والدتها ، عاقده العزم على ان تنفث غضبها منها علها تهدأ النار المعتمله في صدرها و تلفظها من حياتها و الى الابد...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
فتحت انجي باب الشقه بعد أن اخذت احتياطها فقد بدت فاتن غاضبه منها على الهاتف و لربما لن تجلس و تحتسي برفقتها الشاي كما خططت ، لذا حاولت رسم ابتسامه على شفتيها : فاتن حبيبتي انا اسفه اتعصبت عليكي على التليفون
دلفت فاتن الى الشقه ، لتقول : اسمعي آدي الفلوس
عبتث في حقيبتها مخرجه النقود ، لتتابع : و دي اخر مره تلجأيلي فيها ..
قاطعتها انجي : طب الاول خشي جوه ، مينفعش كلام كده عالباب ..
فاتن بحسره : احنا مفيش بينا كلام ، كل اللي بيربطني بيكي هو صلة الرحم ، لان ربنا وصانا بامهاتنا ، غير كده مكنتش هاجي و اجبلك الفلوس ، انا بجد معدتش قادره اتعامل معاكي ، فارجوكي انا بمر بظروف صعبه دلوقتي ، ياريت متحاوليش تكلميني الا لو انتي بجد هتتغيري او لو في حاجه طارئه ، اما عشان تطلبي فلوس او خدمات هايفه انا مش مستعده ، مش مستعده انا تعبانه اوي منك ومن كل الدنيا....
فكرت انجي سريعا ، فتقدمت محتضنه فاتن بشده : يا حببتي يا بنتي ، انا مش عارفه ازاي مكنتش حاسه بيكي..
دفعتها فاتن بعنف ، قائله : مش هتمثلي عليا تاني ، عن اذنك ...
استدارت فاتن مغادره ، لتصرخ بعد قليل متألمه ، فلقد استخدمت انجي الحقنه المخدره و التي خبأتها في جيبها ، ضاربه اياها في عنق فاتن...
فاتن بوجع : انتي عملتي ايه ؟
انجي و هي تسحبها من ذراعها : خشي جوه ..
فاتن : ايه ده ...انا مش قادره.... ثم ترنحت بشده
اغلقت انجي باب الشقه بقدمها واسندت فاتن التي اختل توازنها لدقائق حتى غابت عن الوعي ...
ثم حاولت حملها و ادخالها غرفة النوم استعدادا لتنفيذ مخططها...
تحاملت على نفسها و حملت فاتن و بصعوبه شديده اوصلتها الى غرفة النوم ، لتُلقي بها على السرير ، ثم جلست قليلا لتأخذ نفسها ، ومن بعد اكملت المخطط ، قامت بتجريد فاتن من ملابسها ، ثم رفعت الغطاء لتغطيها به ، ريثما تنتقل للخطوه القادمه..
خرجت الى الصاله ، و اجرت المكالمه مع بواب البنايه : ها يا عكاشه ، طلعهولي دلوقت
عكاشه : طب مش كنت اطلعلك احمد احسن
انجي : احمد ايه و بتاع ايه ، انا عايزه ابنك ابو عقل خفيف ده
عكاشه : حسن ده اهبل ، ميغركيش طوله و عرضه ، و الله اهبل رسمي زي العيال الصغيره ، هتعوزي منه ايه بس ؟
انجي : يوووووه طلعه عندي وخلاص ، انت هتاخد فلوس و كمان هتتشرط
عكاشه : حاضر يا ست هانم ، هابعتهولك اها ...
بعد دقائق ، صعد عكاشه مع ابنه حسن الى شقة انجي ، لتقول : عن اذنك بقى يا عكاشه ..
عكاشه : طيب لو غلبك كلميني على طول
انجي : اتفضل فلوسك اهي ..
تناول عكاشه النقود و انصرف متمتما : لا حول و لا قوه الا بالله ، الوليه دي مجنونه رسمي
قالت انجي لحسن و الذي ارتسمت على ملامحه علامات الخجل الشديد : انا جبتلك حاجه حلوه اوي
حسن بلهفه طفوليه : ايه ايه
انجي : تعال اوريك
توجهت انجي الى المطبخ يتبعها حسن ، لتريه كيسا كبيرا مملوءا بالحلويات..
مد حسن يده لتناول احداها ، لتضربه انجي بخفه على يده : مش دلوقتي ، الاول تسمع الكلام و تبقى ولد شاطر
اوما حسن ، لتقول انجي : تعال ورايا
تبعها ليدلفا الى غرفة النوم ، و فور رؤيته لفاتن الممده على السرير ، قال حسن : خلينا نطلع ، احسن العروسه دي تصحى
ابتسمت انجي مشجعه : لا مش هتصحي ، و لو عايز اديك الحاجات الحلوه ، اقلع هدومك زي العروسه و نام جنبها
طأطأ حسن راسه خجلا ، لتقول انجي : ها هتسمع الكلام و لا اقول لباباك
حسن بخوف : لا هاسمع الكلام ، بس دوري وشك
اطاعته انجي ، لتسأل بعد دقيقه : ها قلعت ؟
حسن بخجل : ايوه
قالت انجي : طب روح نام جنب العروسه
ثم اضاءت كاميرا الفيديو الموجوده على التسريحه ، و قالت لحسن المستلقي على السرير بجوار فاتن : دلوقتي هاقولك تعمل ايه مع العروسه ، و انا هاقف هناك ، ماشي
اوما حسن ، لتبدأ انجي بالتقاط بعض الصور على هاتفها ، لفاتن وحسن الذي امرته باحتضان فاتن و التظاهر بانه نائم هو الاخر ، لتلتقط عدة صور لهما معا ، و كأنهما عاشقين نائمين من شدة التعب بعد ان انهيا لتوها جوله من الحب الملتهب ..
بعد ان انهت التقاط الصور ، قالت امره : يلا قوم عشان اديك الحاجه الحلوه
قال حسن معترضا : بس انا عجبتني اوي العروسه النايمه ، اصلها ناعمه اوي
انجي : الله ، ما تسمع الكلام بعدين معاك
حسن : خليني كمان شويه نايم جنبيها
انجي بتافف ، فبعد قليل ربما افاقت فاتن : اسمع دلوقتي هتفوق و تزعل منك ، ولو سمعت الكلام هوريهالك تاني و تالت متقلقش ....
اوما حسن ، ثم اطاعها مرتديا ملابسه لتعطيه مكافئته و بعد قليل خرج تاركا انجي تستعد لخطوتها القادمه
اطفأت كاميرا الفيديو ، واخفتها في غرفة اخرى ، ثم جلست على حافة السرير ، محاوله ان تُلبس فاتن ملابسها مره اخرى...
بعد قليل بدأت فاتن في التململ ، لتستفيق شيئا فشيئا ، تطلعت حولها باعياء : ايه اللي حصل ؟
انجي و هي تمد كوبا من العصير : اشربي ده و انا مستنياكي بره ، و هافهمك ايه اللي حصل
شاهدت انجي تغادر الغرفه باعين نصف مفتوحه ودوار شديد في راسها ، التقطت العصير و نهلته مره واحده عله يعيد اليها شيئا من توازنها
بعد دقيقتين خف الدوار نسبيا ، لتلحظ انها لم تعد ترتدي حجابها ، و ملابسها غير مهندمه بالمره ، لتُدق نواقيس الخطر ، التقطت حجابها الملقى على الارض وكذلك حقيبتها
و اسرعت الى الخارج تسأل بقلق : هو انا اغمى عليا ...؟
انجي بابتسامه : تعال اقعدي الاول
جلست فاتن على المقعد المقابل ، لتقول انجي : امسكي شوفي الصور دي وانتي تفهمي ايه اللي حصل
التقطت فاتن الهاتف متيقنه بان هناك مصيبه ستحل بها ، نظرت الى الصور غير مصدقه ما اقترفت تلك الحقيره بحقها
فاتن بهستيريا : انتي ايه، انتي ايه ، شيطانه ، شيطانه مش ممكن تكون امي ،امي ايه ، انتي مش ممكن تكوني بني ادمه اصلا...
قاطعتها انجي بعنف : اسمعيني الاول قبل ما تاخدك الجلاله ، الواد ده اهبل و معملكيش حاجه اصلا ، مع ان الصور بتقول انه عمل ، انا مطاوعنيش قلبي استغلك بردك لازم يكون الموضوع برضاكي ،و الا كنت جبت اي حد مالشارع و خلاص ، لكن راعيت مشاعرك و جبت واحد اهبل مش فاهم حاجه فاي حاجه ، بس مش دي قصتنا ...المهم دلوقتي انا عايزه ايه و تنفيذه بالحرف و الا الصور دي توصل لحبيب القلب..
نهضت فاتن من مقعدها ، و اقتربت لتبصق في وجه والدتها : انتي احقر انسانه قابلتها في حياتي ..
ثم اتجهت الى الباب ، لتغادر هذا المكان القميء ، لتجتذبها انجي من ذراعها : رايحه فين استني ، و الله لو ما سمعتي الكلام و جيتي راضيه لخميس لابعت صورك دي لحبيب القلب ، انتي فاكراني بهزر
ابعدت فاتن يدها بعنف ، ثم عاودت البصق في وجهها مره اخرى ، و غادرت مسرعه غير عابئه بمظهرها او انها نسيت ان تلبس حجابها ، ارادت الابتعاد عن تلك المراه ، ارادت ان تستنشق هواء نقيا لا تلوثه تلك البشعه بأنفاسها
ارادت أن تهرب ، تهرب بعيدا ، بعيدا عن الالم و المكائد و الخيبه و المؤامرات ، متسائله لِمَ انا ، ماذا صنعت لاستحق هذا العذاب ، لم تخف من انجي وصورها ، فواضح جدا انها فاقدة للوعي و لكن هل سيفهم يحيى ذلك ، هل سيفهم بأنها لم تكن متعبه بعد جوله من الحب الملتهب ، هل سيرى الحقيقه هذه المره ، بالتأكيد لا ، هكذا حدثها قلبها ، و لكن لا يهم الان ، فلقد انهي هذا الصباح ما كان بينهما ، لقد قال بلسانه بأنه حبهما مكتوب له أن يُدفن و يستوطن تحت الرمال ، وها هي مكيده انجي اتت لتثبت ذلك ...
لتثبت انه لن يصحو ابدا ، وان حدث و افاق ، ستأتي عاصفه اخرى لتطمره بين الرمال ، خرجت من البنايه غير قادره حتى على البكاء ، فلقد شُلت جميع حواسها ، لم تدرِ هل بسبب ذلك المخدر الذي ما زالت اثاره في جسدها ام بسبب ذلك البركان الذي انفجر بداخلها الليله الماضيه ، و في الشارع سارت على غير هدي..
سارت حتى ادّمت قدميها مشيا ، سارت حتى هدأ نزيف قلبها و لم تعد قادره على المضي قُدما ، لتسقط ارضا غير قادره على التقدم اكثر من ذلك ، فلقد هدأ و اخيرا ... ذلك البركان...!
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
"Faten .. Faten …Faten … Faten …Faten …Faten…Faten"
هذا ما طبعته أنامل يحيى على الملف المضيء على شاشة حاسوبه في مكتب الشركه ، فبدلا من كتابة بعض الحلول البرمجيه لاحدى المشاكل التي تواجه النظام في شركته ، ما انفك يكتب اسم مَن تحتل جميع مساحات عقله المستخدمه وتلك غير المعترف بها من قِبل العلماء ، ناهيك عن قلبه وكيانه و روحه ، " فاتن " ، لقد انتهى كل ما بينهما ، لن يستطيع خداع نفسه أكثر من ذلك ، لن يستطيع أن يكون زوجا لامراه لا تراه رجلا في عينيها...
طُرق الباب ، ليأذن لسكرتيرته بالدخول ، دلفت وفي يدها مظروف قائله : في واحد جه وجاب الظرف ده و قال ضروري جدا تشوفه حضرتك بنفسك و قال انه خاص جدا..
يحيى : من مين ؟
السكرتيره : مشي بسرعه و مقلش اسمه و لا اي معلومات عن نفسه ، بس شكله راجل غلبان اوي
يحيى : طب حطيه هنا عالمكتب..
وضعته حيث اشار و خرجت مغلقه الباب خلفها....
تنهد يحيى ممسكا بالظرف ، ليفتحه متطلعا على محتوياته ، و التي على ما يبدو مجموعه من الصور..لِ..لزوجته ترقد في الفراش عاريه في حضن رجل اخر
لم تصدق عيناه تلك الصور ، بالتأكيد انها لعبه ، و لكن ممن ، دقق في الصور جيدا ، و من النظره الاولى تبدو صور حقيقيه وغير ملعوب بها ..تملكه الغضب...اراد العوده الى البيت و مواجهتها ولكنه فكر في يامن ، يكفي شجارهما الليله الماضيه فلا ذنب له في مشاكل الكبار يكفيه ما حل بأبيه وأمه...
هاتف زوجته على الفور ، و لكن لم يتلق ردا ، كاد أن يُجن ، بالتأكيد هناك خطأ ما ، و عليه ألا يتسرع ، نعم عليه ألا يتسرع ..
هاتف البيت ليسأل عنها ، لتخبره والدته بأنها خرجت منذ الصباح و لم تعد حتى الآن و لقد تجاوزت الساعه السابعه مساءا
حينها دُقت كل نواقيس الخطر في راسه ...
تمعن في الصور ، فزوجته فاقده للوعي فيها ، و كذلك الرجل برفقتها ، لا لن يصدق أن فاتن بتلك الحقاره مره اخرى ، و لكن مَن الفاعل و كيف و لِمَ؟؟
عاود الاتصال بزوجته و لكنها لم ترد لا اول مره و لا في المره العاشره ، ليتملك الرعب الشديد منه ، بالتأكيد فاتن في خطر ، و لكن لِمَ قام الفاعل بارسال الصور ، ما الهدف ، لم يطلب نقودا ...
ثم حلت المصيبه على قلبه ، بالتأكيد قام ذلك الرجل بالاعتداء على زوجته ، لقد كانت محقه الليله الماضيه ، فا هو لم يكفل لها الامان ، لم يكن رجلا حقيقا ويمنع عنها الاذى ..انه لا يستحق ان يكون زوجا لها ..و لكن عليه انقاذها و مساعدتها و لكن كيف ، اين يبدأ ؟
مَن وراء ذلك ، مَن قام بارسال الصور له ...هل عادت اشباح الماضي ..لقد ظن أنها قد عولجت و الى الابد..
ولكن هناك شبحا ما زال قائما .... ما زال يُخيم عليهما ...هتف قلبه و عقله معا : الحقيره امها..!
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
قال عكاشه لابنه الاصغر احمد : خود يا بني طلع الحاجه للست انجي و قولها ان الظرف وصل لصاحبه
قال حسن معترضا : لا انا هاطلع ، نفسي اشوف العروسه
عكاشه : لا ملكش صالح بيها
احمد متأففا : متخليه يابا ، انا ورايا مشوار مهم ، ثم غادر مسرعا
ليقول عكاشه : طب اطلع و خليك عاقل و الا .. انت عارف هتاكل علقه محترمه
امسك حسن بالاغراض: لا عاقل عاقل ، بس اشوف عروستي
ضرب عكاشه كفا بكف متحسرا على ابنه الاكبر و الذي اتم عامه الخامس والعشرون دون اي تقدم ملحوظ على عقله ، فقط من ينمو هو الجسد ...
على الباب دق الجرس ، لتفتح له انجي و يسلمها الاغراض ...
سألت انجي : و الظرف وصل ؟
اوما حسن ، لتتراجع انجي الى الخلف حتى تغلق الباب و لكن حسن اعاقها ، مانعا اياها من اغلاقه..
قال حسن : انا عايز اشوف عروستي...
انجي بتأفف : عروستك مشيت يا اهبل
حسن : متقوليش اهبل ، انا عايز عروستي
انجي : امشي انجر من هنا ، مكنش ناقصني الا الهُبل اللي زيك
حينها دفعها حسن بقبضته الى الداخل ، لتسقط انجي ارضا صارخه : اخرج بره ، يا مجنون
اغلق حسن الباب ثم قال : انا عايز عروستي
و اندفع الى داخل الشقه باحثا عنها في غرفة النوم ، ليخرج قائلا : ودتيها فين ؟
نهضت انجي متألمه من وقوعها ، لتقول : قولتلك مشيت ، يلا اطلع بره ، اما صحيح اهبل
قال حسن بغضب : مش اهبل متقوليش اهبل ، انا عايز عروستي
صرخت انجي : اطلع بره ..اطلع بره .. وهمت بفتح الباب لتستدعي المساعده ، و لكن امسكها حسن من شعرها مانعا اياها من ذلك
ليقول : فين عروستي ، فين عروستي
انجي صارخه : سيبني يا حيوان
حسن : فين عروستي ، انا عايز اشوفها ... عايز اشوفها
دفعته انجي بصعوبه عنها ، و حاولت مره اخرى ان تفتح باب الشقه ، ليعاود الامساك براسها ، ليقول : فين عروستي
صرخت انجي مستنجده ، ليقول و هو يخبط راسها بالباب : فين عروستي، فين عروستي
استمر في ضرب راسها بالباب مرات عده ، حتى سمع اصواتا في الخارج تصرخ و تدق الجرس
و لكنه لم يسيطر على غضبه ، استمر في خبط راسها بعنف شديد ، مرددا بانهيار : فين عروستي ، خبتيها فين ، ردي ، فين عروستي
لينفتح الباب اخيرا ، و يتراجع هو و انجي الى الخلف ليقع وتقع انجي فوقه مضرجه بدمائها التي ما انفكت تسيل من راسها ،
↚
قاد يحيى سيارته بسرعه جنونيه ، الى الشقه حيث تقطن تلك الحقيره ، انجي ، لم يعبأ باشارات المرور ، أو باعتراض ابواق السيارات العديده و التي قطع عليها طريقا ، لم يعبأ بشيء ، فلقد تآكله الخوف و القلق على فاتن ، تُرى ما حالها الآن ، و هل سيجدها هناك ، في شقة انجي ، حسنا لن يغادر حتى يعثر عليها ، و إن كلفه الأمر ازهاق روح تلك التي تُسميها محبوبته ... أُماً ...
ضرب المقود مرات عده ، لاعنا غبائه ، و ضعفه ، لِمَ لم يُصر على رايه ، لِمَ لم يمنعها من زياره تلك البشعه ...
صف سيارته في اقرب نقطه متاحه ، و ترجل بسرعة البرق عاديا في اتجاه البنايه ، ليشاهد عددا من افراد الشرطه تجر رجلا يشبه كثيرا ذلك الرجل الموجود في الصور مع فاتن..
جُن عقله ،فاهو المعتدي على زوجته ، شريك المجرمه والدتها ، تقدم غير عابىء بافراد الشرطه و انقض مسددا له لكمه تلو الاخرى ، صارخا بعنف : هاقتلك و ربنا لاقتلك ..هاقتلك يا كلب يا **** يا ****
قام رجال الشرطه بدفعه بعيدا ، ناهرينه : ده اهبل ، فاقد الاهليه يا جدع ، احتسبها عند الله...
صرخ يحيى مفجوعا : ماتت ، قتلها ، فاتن ماتت...
امسكه احد الرجال المشاهدين للمشهد من ذراعه قائلا :فاتن مين ، ده بينله قتل الفنانه انجي الشريف ، لسه من شويه جه الاسعاف و نقل الجثه
يحيى بهذيان : و فاتن ، فاتن فين ...؟؟؟؟
لم يدم تساؤله طويلا ، فلقد رن هاتفه برقمها ، لم يصدق عينيه ،اجاب فورا : فاتن فاتن انتي فين
تنحنح الرجل على الخط : حضرتك انا مش فاتن ، انا اللي لقتها ..
يحيى : لقتها فين و انت مين و فين هي وو
قاطعه الرجل : اهدى يافندم ، هي دلوقتي في المستشفي و..
قاطعه يحيى : مستشفى ايه انطق..
قام الرجل بابلاغه باسم المشفى ، لينطلق يحيى مسرعا مره اخرى و القلق يتملك منه بشده على محبوبته ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
في الاستقبال سأل عنها ، لتخبره الموظفه بأنه بالفعل تم استقبال حاله مجهولة الهويه و عليه اولا الذهاب لمكتب الطبيب ، فلقد مُنعت عنها الزياره نظرا لحالتها
في الطريق الى الطبيب ، رن هاتفه برقمها ، ليجيب : الو...
الرجل : حضرتك وصلت المستشفى عشان اسلمك حاجتها
يحيى و الذي يتاكله القلق على فاتن : سيبها فالاستقبال انا هابقى اخدها بعدين
اغلق الخط ، دون ان يشكر الرجل على نقل محبوبته الى المشفى و اسعافها ، فلقد شُل تفكيره عن اي شي اخر عدا الاطمئنان عليها و رؤيتها...
دلف الى غرفه الطبيب ، و ساله عنها ، ليقول الطبيب : اتفضل اقعد الاول
جلس يحيى ليقول بنفاذ صبر : هي فين ؟؟
الطبيب : هي كويسه و الحمد لله ، بس احنا قيمنا حالتها و عندها انهيار عصبي ، عشان كده خدت شويه مهدئات و احتمال تفوق كمان شويه
يحيى : اكيد بعد ما اعتدي عليها الكلب ..
قاطعه الطبيب : مفيش اي اثار اعتداء ، لكن كان واضح ان جسمها او هي واخده جرعه مخدر كبيره
يحيى : ازاي مفيش اعتداء ، ازاي مش فاهم ..
الطبيب : ايوه ، اخت حضرتك لسه بنت ، عذراء ، و مفيش اي اثار اعتداء من اي نوع جنسي او عنف جسدي..
يحيى برجاء : طب انا عايز اشوفها يا دكتور، لو سمحت انا مش هاقدر استنى اما تفوق
اومأ الطبيب ، ليقول : انا هاخلي الممرضه تاخدك عندها...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
دلف الى الغرفه ، و خرج قلبه من مكانه حرفيا ، و اخيرا اطمئن عليها ، بخير و على قيد الحياه ، لا شيء اخر مهم الان ، لا شيء..
اقترب منها مراقبا ، كانت متسلقيه على السرير ، مغمضه العينين ، لا يدري ، أنائمه ، أم من اثر المهدأ...
جلس بجوارها ، ليتأملها عن قرب ، فطوال خمس سنوات و اكثر ، لم تسنح لها الفرصه ليملي عينيه من وجهه الملائكي بهذا القرب .......
و دون أن يعي ، لامست انامله خصلات شعرها المبعثره على الوساده ، ليكرر حركته مره اخرى ، لطالما احب شعرها ، و تمنى يوما أن يكون له الحق فيما يفعله الان...
تململت قليلا ، ليترك شعرها و يقترب مقبلا اياها من جبينها ، ثم عينيها ، لينثر قبلاته على كل قسمات وجهها ، ثم أخذها بين ذراعيه، رافعا اياها عن وسادتها و ضاما اياها الى صدره ، راغبا في حمايتها ، لتتململ مره اخرى و هي حبيسه لذراعيه ..
و كأنها استفاقت ، رافضه هذا الوضع ، على الفور اعادها للاستلقاء مره اخرى ، مطمئنا : انا يحيى ، متخافيش ، معدتيش تخافي ابدا ..
فتحت فاتن عينيها ببطء ، لتهمس بعد ثوان : يحيى ، انت عرفت ، اكيد عرفت ، و هتسبني تاني
عاد يحيى ليرفعها عن وسادتها و يضمها الى صدره : هششش ، ارتاحي ، انا مش هسيبك ابدا ، ابدا
حاولت فاتن الافلات من بين ذراعيه ، قائله : لا هتسبني ، هتبعتلك الصور و تسبني
لعن يحيى بشكل فج ، و زاد من احتضانه لها ، قائلا : بعتتها الحقيره ال***** بعتتها ، بس عارفه شفت ايه
تجمدت فاتن بين ذراعيه ، ليمسح بيده على ظهرها مطمئنا : شفت اد ايه انجي حقيره و قذره ، شفت ازاي انها مفروض تتعدم فميدان عام ، و شفت طيبه قلبك ، شفت قلبك بجد ، اللي رغم كل اللي عملته معاكي، برده مرضتيش تخذليها و فضلتي تمدي ايدك ليها ، شفت ده يا فاتن ، ده بس اللي شفته ...
تنهدت فاتن ببكاء ، لتلف ذراعيها محتضنه اياه بدورها : يعني مصدقتش اني ..
قاطعها يحيى دافنا وجهه في عنقها : مصدقتش ، و لا عمري هاصدق عنك حاجه وحشه تاني ، مصدقتش و عمري ما هاصدق
فاتن بهمس : بس انا هافهمك ، لازم افهمك...
روت عليه ما حدث معها حين ذهابها الى شقة والدتها ، ليقول يحيى بمرار : كان نفسي اخدلك حقك بايدي ، بس الواد الاهبل سبقني ، سبقني و عمل اللي كنت هموت و اعمله ... بيقولوا قتلها
شهقت فاتن ، ليقول يحيى : اوعي تزعلي و لا تنزلي دمعه عليها ...
فاتن و مازالت تريح راسها على صدره : خدني البيت ، انا عايزه اروح ، زمانه يامن مخضوض و مش فاهم انا طولت ليه ، هيفتكر اني مش هارجع تاني
تنفس يحيى بعمق مستنشقا رائحتها ، ثم قال: بعد الشر عليكي..
ثم ابعدها عنه برفق ، و قال : الاول اكلم الدكتور...
هزت فاتن راسها نفيا : انا كويسه ، ارجوك ، عشان خاطر يامن..
اوما يحيى ثم قبل جبينها : حالا ..هنروح بيتنا
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
هرعت خديجه و يامن يسبقها الى الردهه ، فور رؤية سيارة يحيى تدلف الى الفيلا ، ليهتف يامن : عمتو رجعت تاني ، خالو يحيى بطل و رجعهالي ، انا بحب خالو اوي
شاهدت خديجه من خلال النافذه ، ابنها الاكبر يترجل من السياره ، ثم يسير باتجاه الباب الامامي ليفتحه و يُخرج فاتن... حاملا اياها بين ذراعيه..
ليقول يامن : هي عمتو نايمه !
قالت خديجه بقلق : ايوه يا حبيبي ، الظاهر نايمه ...
فور دخوله الفيلا ، تقدمت خديجه لتسأل بقلق : ايه اللي حصل ؟
يحيى باقتضاب : مش ادام يامن...
امسك يامن بساق يحيى قائلا : عمتو نايمه ، مش كده ، مش ماتت ، مش كده...
همست فاتن : نزلني يا يحيى ، عشان اطمنه ...
قال يحيى : فوق
ثم قال موجها حديثه ليامن : عمتو كويسه ، يلا على اوضتنا ، عشان عمتو تنام في السرير
اوما يامن و تبعه للاعلى .. ليتركا خديجه في حيره من أمرها : استرها معاهم يا رب
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
في غرفتهما وضعها يحيى برفق على السرير ، ليقول يامن : وحشتيني اوي يا عمتو..
فاتن مربته على حجرها : تعال هنا يا بطل
اسرع يامن ليجلس على ركبتيها ، لتقول فاتن مقبله اياه من وجنته : و انت اكتر يا بطل ، انا لولاك مكنتش قدرت اتحمل الدنيا دي...
يامن : دنيا حلوه ، حلوه اوي عشان انتي مش مُتي
احتضنته فاتن بحب ، ليقول يحيى : طب خلي عمتو ترتاح و تعال عشان الوقت اتاخر و لازم ننام بقى..
اوما يامن ، ليساعده يحيى في الخلود للنوم .. ليجد فاتن قد استغرقت في نوم عميق بدورها...
جلس بهدوء على حافة السرير ، محتارا هل يوقظها لتبدل ملابسها ، ام يتركها لتنعم بالراحه ...
طبع قبله على جبينها ثم نهض ، ليعود بعد دقائق يستلقي بجوارها بعد ان اخذ حماما سريعا...
بقي يحدق في السقف عاجزا عن اغماض عينيه ، ليسمع صوتها هامسا : يحيى
ادار وجهه ناحيتها قائلا بقلق : فاتن
فاتن : انا اسفه اوي ، انا عارفه اني جرحتك بس مكنتش اقصد ، انا كنت تعبانه تعبانه اوي و عايزه اخلص مالوجع و الحزن اللي كنت فيه ، مش عارفه ازاي طلعت كل غلي فيك
يحيى بتنهيده : نامي دلوقتي و نتكلم بعدين ، انتي اللي حصلك كتير كتير اوي ، ارتاحي يا فاتن
هزت فاتن راسها ، ثم اعتدلت في الفراش ، و جلست مضيئة المصباح الجانبي : لازم اتكلم ، لازم اقولك اني كنت غلطانه ، انا عمري ما حسيت بالامان اد انهارده ، و انا مروحه معاك البيت ،و لما جتني المستشفى ، لما قولتلي انك مش مصدق من غير حتى ما اوضحلك حاجه ...
قاطعها يحيى و الذي جلس بدوره : متتسرعيش يا فاتن ، انا كنت غلطان لما ضغطت عليكي بيامن و اتجوزنا بسرعه ، انتي من حقك زي اي بنت ، تفكري كويس ، تفكري فنفسك اولا، تفكري مين هو الراجل اللي تقدري تعتمدي عليه ، و انا فعلا مكنتش الراجل ده ، لا انهارده و لا قبل خمس سنين فاتوا ، كان لازم اعرف و اقدر ان انجي دي تعبانه ، مكنش لازم اسمحلك تفضلي على علاقه بيها ، كان لازم اكون اوعى من كده ، لكن للاسف كان عندك حق في كل اللي قولتيه ، و لغاية ما اثبت اني جدير بيكي انا بعفيكي من اي وعود او اي حقوق ليا كزوج ، لاني فعلا مكنتش راجل في ...
قاطعته فاتن : قولتلك مكنتش اقصد يا يحيى ، صدقني ...
ثم امسكت بيده و التي ما زالت مضمده بالشاش و تابعت : و ايدك دي اكبر دليل على اني غلطانه ، كان ممكن جدا تطلع عصبيتك عليا و تضربني و في نظر رجاله كتير كنت استاهل عالكلمه اللي قولتهالك ، بس انت قدرت تمسك نفسك لاخر لحظه و بدال ما تأذيني عورت نفسك ، هو ده الراجل في نظري ، اللي مش ممكن يمد ايده على واحده ست ، خاصه لو كانت مراته ، حتى لو عصبته لاقصى درجه ..
رفع يحيى يدها الممسكه بكفه ، ليقبلها قائلا : انتي تعبتي اوي و لازم ترتاحي ، نامي يا فاتن ...
فاتن : لا مش هنام ، الا اما تقولي انك مسامحني ، و انك كنت غلطان و حبنا مش هيفضل تحت الرمله ..
قاطعها يحيى : عايزاني اسامحك ، يبقى تقومي زي الشاطره تغيري هدومك و تاخدي دش عشان تعرفي تنامي و الصبح نتكلم ...
فاتن بتنهيده : حاضر
انزلت قدميها الى الارض ، لتحاول النهوض ، وقفت ثوان ، ثم عادت للجلوس متألمه ..: اه
يحيى : في حاجه بتوجعك
فاتن : رجليا ، اصل انا مشيت كتير كتير ، لحد مبقتش قادره امشي تاني
يحيى و قد جلس الى جوارها على حافة السرير و قال محاولا كسر الحزن الذي لوّن صوتها : امري لله ، هساعدك
نهض ليحملها بين ذراعيه قائلا : يا مسهل يا رب
ابتسمت فاتن و دست راسها في عنقه ، ليقول مازحا : اوعي تعمليها تاني ، هيبقى شكلك وحش
ضحكت فاتن برقه ، ثم اطبقت باسنانها بخفه على عنقه ، قائله : بس كنت تستاهل عشان تبطل تعاندني
يحيى و هو يدلف بها الى الحمام : بقى انا اللي بعاند برده ..!
ثم سار حاملا اياها حتى اجلسها على حافة البانيو ، و تنهد قائلا: ما علينا ، تحبي احضرلك الحمام..
تثاءبت فاتن ثم قالت و هي تفك ازرار بلوزتها : اممم فعلا انا نفسي تحضرلي الحمام
فرك يحيى عنقه ثم قال و هو يتابع حركه اناملها : حاضر
توقفت فاتن عن حل الازرار و عقدت ذراعيها امام صدرها لتقول مشاكسه : حاضر ..و الله طالعه من بؤك زي السكر ، بس انت بتعرف بيحضروه ازاي ؟
يحيى بخيبه : انتي مش هتكملي .؟
فاتن بعد فهم : اكمل ايه ..؟
يحيى مستدركا : احم ااا....اقصد مين ده اللي بيحضروه !
فاتن بضحك : الحمام ، انا نفسي افهم بيتحضر ازاي ؟
ضحك يحيى : اه صحيح ، هما بيحضروه ازاي ، انا على طول بسمع فالافلام الراجل يقول لمراته حضريلي الحمام ، يعني بتعمل ايه مش فاهم...
ضحكت فاتن ثانيه : امال بتسالني ليه احضرلك الحمام...
يحيى بابتسامه جانبيه : الحق عليا يعني كنت عايز اساعدك...
غضنت فاتن حاجبيها و قالت : ميرسي اوي ، انا هاكمل لوحدي بقى ، اتفضل ...
يحيى : طيب لو احتجتي مساعده متتكسفيش
ابتسمت فاتن : متشكره ، ثم اشارت بيدها ناحية الباب : يلا ... اتفضل ...
خرج يحيى مغلقا الباب ، ثم وقف مسندا ظهره عليه ، و تنهد فالطريق امامه طويله لكي يكسب ثقتها ثانيه ، فلن يستطيع ان ينسى كلماتها ، و عليه ان يسيطر على مشاعره و رغباته .. حتى يتاكد من صدق احساسها تجاهه و ان اعتذارها قبل قليل لم يكن فقط بداعي الظروف و الصدمه التي تعرضت لها في والدتها ، فهي الان في حالة هشه و لربما اختلطت عليها مشاعرها ، ربما اردات فقط من يقف بجوارها و يخفف عنها و هذا لا يعني انها غيرت نظرتها اليه على الاقل لن يحصل الامر بين ليله و ضحاها ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
في الصباح فوجئت فاتن بقبلات تدغدغ وجنتها ، فتحت عينيها لترى يامن منحنيا بجوارها ....
ضحكت و قالت برقه : ايه الصباح الجميل ده يا يمونتي...
يامن : ده خالو ... بعتلك البوسات دي عشان بيحبك
فاتن : انت متاكد ؟
اوما يامن ثم قال بحماس طفولي : و يلا كفايه نوم ، و قومي عشان خالو محضرلنا فطار تحفه ...
نهضت فاتن لتجلس على السرير و سالت : خالو محضرلنا فطار ....؟
يامن : ايوه ، و هنفطر فاوضتي كمان ، يلا بقى قومي...
امسك بذراعها ليشدها حتى تنزل عن الفراش قائلا : اعملي حمام بسرعه يلا ...
ضحكت فاتن لحماسته و قالت : طب اسبقني انت عالسفره و انا هاحصلك بسرعه بسرعه ...
بعد دقائق دلفت الى غرفة يامن ، قائله بمرح : صباح الخير على حبايبي الحلوين
يامن بابتسامه : صباح النور يا كسلانه
يحيى بابتسامه هو الاخر : صباح النور
اقتربت فاتن لتطبع قبله على وجنتي يامن ، ثم جلست بجواره ..
ليقول يامن ببراءه : دول لخالو...؟
فاتن : هما ايه دول ؟
يامن : البوسات
صمتت فاتن بحرج ، ليقول يحيى : لا الظاهر مليش بوسات
نظر يامن باتجاه فاتن قائلا بعد تفكير : كده حرام ، هو بعتلك بوسات ، و انتي لا، انتي مش بتحبيه ؟
يحيى ليغيظ فاتن : الظاهر كده يا يامن
فاتن بتكشيره طفوليه : لا ازاي ، انا بحبه جدا
يامن : خلاص يبقى تروحي تبوسيه
فاتن مغيره الموضوع : بس ايه الفطار الجميل ده ...
يامن بتصميم : مش تاكلي قبل ما تبوسي خالو
يحيى بمرح : شكلي هتباس يعني هتباس
ضحكت فاتن برقه ، ثم وضعت اناملها على شفتيها ، ثم رفعتهما لتنفخ في الهواء ، مرسله قبلتها ليحيى ، ثم قالت : اهو ...
ليقوم يحيى بمد يده في الهواء ملتقطا قبلتها ، ثم وضعها على فمه قائلا : وجووووون
رن هاتف فاتن ليقول يحيى فورا : وده مين عالصبح كده...؟
تنهدت فاتن ثم قالت بحزن : حاسه انه تليفون يخص ..
ترددت قليلا ثم قالت : يخص انجي....
ليشهق يامن متذكرا : انجي انجي ، بابا قال مش تروحي عند انجي
يحيى : انا هارد اشوف ايه الحكايه ؟
نهض يحيى ليتجه الى غرفتهما ، و تبعته فاتن قائله ليامن : كمل اكلك وانا هارجع حالا..
في غرفتهما ، رفع يحيى هاتفها قائلا : دي نوف
غضنت فاتن حاجبيها بدهشه ، ثم تلقت المكالمه : الو
نوف بحزن : ازيك يا فاتن يا حببتي ، انا لسه شايفه الخبر عالفيس ، البقاء لله
تنهدت فاتن ثم قالت : لحقو ينشروا الخبر
نوف : مش بس الخبر ، صورتها كمان و هي ميته
فاتن : انتي بتتكلمي جد ؟
نوف : ايوه ، وصوره صعبه جدا ، و نهايه من ابشع ما يكون ، وشها كأنه مضروب في خلاط ..
ترقرقت الدموع في عيني فاتن ، ليسرع يحيى باحتضانها قائلا : متستهلش دموعك
نوف : انا اسفه كنت فاكره انك تعرفي ، بيقولوا اللي اتهجم عليها اهبل ....
فاتن : ايوه ، ابن البواب ، كان بيطلعلها حاجات كانت طلبتها ، و حصل اللي حصل
لم تشأ فاتن أن تخبرها بمكيده و الدتها ، فلا يجوز الان عليها سوى الرحمه...
نوف : طب انا هاقفل دلوقتي ، و هارجع اكلمك تاني ، ها يا حببتي
فاتن : لا اله الا الله
نوف : محمد رسول الله
قالت فاتن بعد أن اغلقت الخط : انا لازم اروح اشوفها..
رات الدهشه على عيني يحيى ، لتقول : عشان الاجراءات و الدفن ، مين هيعملها
تنهد يحيى و قال : انتي مش هتروحي حته ، انا اللي هاروح ، متقلقيش انا هتكفل بكل حاجه ، مع انها متستاهلش
فاتن ببكاء : معلش يا يحيى هاتعبك
يحيى بدهشه : انتي هتعيطي عليها ، بعد كل الل عملته فيكي ..
فاتن من بين دموعها : مش بعيط عليها ، انا بس اعصابي تعبانه من اللي حصل ، كان نفسي تتغير ، كان نفسي و لو مره احس انها امي بجد ، دي ماتت و مش قادره حتى اترحم عليها
اقترب يحيى ليمسح دموعها بانامله و قال : انا اسف
فاتن : و انت ذنبك ايه بس
يحيى : عشان خلفت وعدي ليكي من خمس سنين فاتوا ، عشان سبتك تعافري فالدنيا لوحدك ، عشان كنت سبب تاني فوجعك ، عشان عرفت اد ايه خسرت فالخمس سنين اللي فاتوا ، خسرت انك تكوني جنبي ، خمس سنين بحالهم ، و لما رجعت برده مش قادر اسعدك
قاطعته فاتن : متقولش كده يا يحيي ، انا صحيح متغلبطه جامد بس سعيده اوي انك جنبي ، و مبسوطه بينا و مش عايزاك ترجع تفتكر اللي فات ، احنا هنبدأ من جديد ...
تنهد يحيى و قال بحزن : طب انا مضطر امشي ، عشان اشوف الاجراءات بتاع الدفن
شاهدته يغادر و في قلبها خيبة كبيره ، لقد جرحته و بشده ..و لن تستطيع ان تُنسيه كلماتها تلك بسهوله
↚
--------------------------------------------------
يقولون ان الزمن يشفي الجراح ، و لكن جرحها ليحيى لم يبرأ بعد ، فلقد مضت ثمانية اسابيع منذ وفاة انجي ، و منذ تلك الليله المشئومه حينما سمحت لنفسها بالانهيار و ترك العنان للبركان الغاضب بداخلها أن ينفجر ، نعم لقد استراحت ، و لكن في المقابل آذت مشاعره ، لقد جرحته بكل معنى الكلمه ...
خرج يحيى من غرفة الملابس ، و توجه ناحية المرآه ليعقد ربطة عنقه ..
نهضت فاتن من على الفراش : استنى انا هاعملها
ابتسم يحيى مداعبا : تااااني
فلقد حاولت فاتن مرات عده ان تتقن عقد ربطة العنق و لكنها تفشل كل مره
مطت فاتن شفتيها و قالت : ما انت مش بتعلمني صح
يحيى بعد تفكير : طب اقولك ، انا هالبسهالك و بصى فالمرايه و احفظي الطريقه
اومأت فاتن ، ليقوم يحيى بوضع الكرافت حول عنقها ، ثم قال : الاول بتخلي حته اطول مالتانيه زي كده
ثم تابع : و بعدين بناخد الاطول و بنلفها و بنطلعها من الدايره هنا
ابتسم يحيى ، عندما راى نظرات فاتن الشديده التركيز في المراه ، ليتابع : و بعدين يا ستي بندخلها في العقده هنا ....
ثم قال بجديه : بعدين مش مفروض يحصل كده
فاتن باهتمام : يحصل ايه ؟
يحيى مقبلا وجنتها بخفه : ان خدودي تحمر كده ، ده انا هابقى فرولايه اما اوصل المكتب
ابتسمت فاتن بخجل ثم تلاقت نظراتهما في المرآه ليكمل : و بعدين بنسحبها لتحت جامد...
سحب يحيى الربطه ، ثم ترك يده لثوان على صدرها قائلا : و كمان قلبنا مش مفروض يدق بسرعه كده
ابتسمت فاتن بارتباك ، ليسأل يحيى بشجن : بيدق عشان خايف...؟
وضعت يدها فوق كفه قائله بحرج : بيدق عشان بيحب
" مين بيدق.. انا مش سمعت جرس "
استدار الاثنان ليجدا يامن خلفهما و علامات الاستفهام تملأ عينيه الفضوليتين
تمتم يحيى : فصيل اوي الواد ده
ضحكت فاتن و قالت : يلا يا بطل عشان ناخد حمام و ننزل نفطر مع تيته
سبقها يامن الى الحمام ، لتقول متذكره : يحيى متتاخرش انهارده نوف جايه مع تركي و الولاد عشان هيتغدوا معانا
فلقد حضرت نوف الى مصر لتقضيه اجازه قصيره برفقة زوجها و ابنائهم الصغار
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
دخل لؤي الى المطبخ و هو يصفر : الله ... ايه الريحه التحفه دي ؟
ديما : كبسه
لؤي : اوبا .. انا من زمان كان نفسي ادوقها
ديما : اه ، خالتو قالتلي اعمل اكله خليجي عشان العزومه بتاع اخت فاتن و جوزها ، دورت عالنت و لقيت الكبسه طريقتها سهله اوي
لؤي: طيب هناكلها ازاي دي ؟؟؟
ديما : يا سلام صعبه اوي دي ...
اغترفت ديما قليلا في الملعقه ، ثم وضعتها في فمها : كدهون ..مش افتكاسه يعني
لؤي بخبث : تؤتؤ ، كده غلط
ديما بعدم فهم : هو ايه اللي غلط !
لؤي بابتسامه عريضه :مش بتتاكل كده
رفعت ديما حاجبيها و قالت : امال ازاي يا حيلتها
لؤي :اغرفيلي و انا هاعلمك بتتاكل ازاي يا اوزتي ....
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
اندمج يامن باللعب مع اميره الابنه الكبرى لنوف ، و التي تقاربه في العمر ، اما ابنها الاصغر ، فوضعته نائما في غرفة فاتن ، لتجلسا سويا على حافة السرير ...
قالت نوف : ها طمنيني عليكي ، ان شاء الله كل حاجه تمام دلوقتي ما بينكم..
اومات فاتن : الحمد لله ، بس حاسه ان يحيى لسه واخد على خاطره مني ...
نوف : ازاي يعني ...
تنهدت فاتن و فركت يديها بحرج ، لتقول نوف : الله ده الموضوع كبير بقى...
فاتن : مش عارفه ، هو احنا كويسين و مفيش مشاكل ، بس اصل يعني احنا زي ما احنا..
ابتسمت نوف : ايه احنا زي ما احنا دي ..اغنيه جديده...
فاتن بتكشيره : انتي هتتريقي
نوف بعد تفكير : ليكون قصدك ... يادي النيله..
صمتت فاتن ، لتقول نوف : يعني انتو لسه برذر اند سيستر ..
اومات فاتن ، لتقول نوف مداعبه : ايييه الله يرحمك يا انجي يا بنت ام انجي ، فينك تشوفي بنتك البيور دي
فاتن : يوووه بطلي تريقه
نوف : زمانتها بتتقلب فتربتها على وكستها فيكي ، بس خلينا نتكلم جد ، بصي انا عايزاكي تبحثي عن شقك الضائع ...
فاتن بامتعاض : شق ايه يا ختي ...!
نوف مداعبه : شقك اللي اكيد ورثتيه من الله يرحمها ، اقصد طريقتها مع الرجاله و ازاي كانت تقدر تضحك على دقن التخين فيهم ، و ده جوزك حلالك يبقى نشغل الشق الضائع ده بما يرضي الله...
نهضت فاتن : يووه الحق عليا اللي حكتلك اصلا..
امسكتها نوف من ذراعها قائله : اقعدي يا عبيطه ، ده انتي شكلك محتاجه اعاده برمجه ...
و بعد حديث طويل مع نوف ..قالت فاتن بحرج : بس انا مقدرش اعمل كده ...
نوف : طب خليكي هبله ، لغاية اما تلف عليه واحده من اياهم ..
فاتن : يحيى مش مالنوع ده و ملوش فقلة الادب
نوف : يا بنتي كلهم بيموتوا فقلة الادب و بعدين انتي جرحتيه فنقطه صعبه اوي و الظاهر انك مش قادره توصليله انك مكنتيش تقصدي ، عشان كده كرامته مش سمحاله انه يقرب منك زي اي زوجين ..اسمعي كلامي و ان شاء الله خير ...
اومات فاتن : هاحاول ...
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
انهمك الجميع في تناول الطعام و تبادل الاحاديث العامه ، ليقول تركي هامسا لنوف : شوفي ابن خوك وش يسوي ...كل شوي يبوس البنت ..
نظرت نوف الى الطرف الاقصى من المائده حيث يجلس يامن بجوار ابنتها اميره : الله ، عسل اوي
تركي بحنق : شنو اللي عسل ، البنت مفروض تعرف ان ما لازم حد يبوسها ...
نوف بتافف : طب شنو اعمل ، يعني اقوم اضربه ...
لاحظ يحيى نظرات تركي الغاضبه تجاه يامن و ابنته اميره ، ليقول يحيى : يامن ، كفايه لعب و كول كويس ...
يامن : انا باكل كويس ..كويس اوي
سالت فاتن : ماله يامن ...؟
همس لها يحيى : تركي مدايق عشان كل شويه بيبوس بنته
ضحكت فاتن و قالت بعد ان رات يامن مستمرا في تقبيل اميره : احنا مش قولنا وقت الاكل ..نحترم الموجودين و و مش نلعب و ناكل بطريقه كويسه
يامن بصوت لفت انتباه الجميع : دي الطريقه الكويسه...كويسه خالص
ليصوب الجميع نظراته تجاه يامن و اميره التي اطعمها يامن لتوه ملعقه من الرز ثم قام بتقبيلها ليعود و يكرر الامر مرات عده
تركي غاضبا : اميره ، تعالي هنا حدي و بعدي عنه هاي طريقه زفت ، ال كويسه ال
صاح يامن ببكاء : مش تاخد صاحبتي
لتقول نوف : كده خليته يعيط ، بتحط عقلك بعقل ولد صغير..
توقف الجميع عن تناول الطعام ، اما يامن فاسرع للجلوس بجانب فاتن مدافعا : دي طريقه كويسه ، خالو لؤي كان بيعمل كده مع ابله ديما فالمطبخ
تشردقت ديما في طعامها ، اما لؤي فصوب نظره حانقه ليامن متمتما : انت مبتسترش ابدا
اما باقي الجالسين فحاولوا كتم ضحكاتهم ، عدا والد ديما .. مؤيد.. الذي قال بغيظ : انا موافق على طلبك يا لؤي..
لؤي بريبه : انا وا لله ما طالب غير رضاك عني يا عمي ..
مؤيد كاتما غيظه : طلبك اننا نقدم معاد الفرح ...
هتف لؤي : ايوه بقى ...اقصد انا متشكر اوي يا عمي ، متشكر اوي
همست راويه لزوجها : بس يعني لسه مفتش سنه على ليلى و ..
قاطعها مؤيد : انتي عايزاني استنى لغاية العزومه الجايه و الاقي يامن بيقولنا شافهم مبلبصين مع بعض...
شهقت راويه بضحك : يقطعك ضحكتني ..
مؤيد : بتضحكي يا ختي و سايباني اغلي ...يا عم ما هو ابن اختك!
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
بعد انتهائهم من تناول الطعام جلس الجميع لتبادل اطراف الحديث في جلسه مرتبه في حديقة الفيلا ...
همس يامن لاميره : تحبي اخوفك ...
اميره : ما بخاف انا
ضحك يامن ، لتقول اميره بغيظ : ليش تضحك
يامن : عشان بتتكلمي مش زينا، بس حلو كلام حلو..
اميره بفضول : طب شلون تخوفني ؟
يامن : تعالي تعالي مش هنا
تبعته اميره ليدلفا الى الفيلا ، ثم الى احدى الغرف و التي تتميز بشرفه كبيره ...
كان الباب مفتوحا ، ليقول يامن : صاحي ...
اميره : مين ؟
يامن : جدو
دلفا سويه ، ليجداه جالسا في الشرفه ، لتهمس اميره : ايي يخوف جدو
استدار عبدالرحمن بكرسيه المتحرك ، ليدلف سريعا داخل الغرفه و يرتعب كلا من يامن و اميره
يامن لاميره : اجري اجري...
عبدالرحمن هامسا : استنوا يا ولاد..
تسمر يامن و اميره في مكانهما مرعوبين ، ليحرك عبدالرحمن كرسيه في اتجاه المكتب مخرجا من الدرج العلوي بعض الحلوي قائلا : خودوا دول عشانكم
نظر يامن لاميره ، ثم قام باخذ الحلوى من جده ، معطيا اميره حصتها ...
قالت خديجه من على الباب : انتي هنا يا اميره ، ده اهلك هيمشوا ..
خرجت اميره تعدو من الغرفه ، لتقول خديجه : و انت يا يامن يلا عشان متزعجش جدو ..
يامن : انت عايزني امشي يا جدو ..
خديجه : يا حبيبي جدو مش بيتكلم
رفع يامن كتفيه و قال : اتكلم قبل شويه .. ثم خرج ليودع صديقته الجديده
سالت خديجه بتردد : كلامه صح يا حاج ، انت بتتكلم ؟
نظر لها نظره طويله ثم قال : ايوه ايوه يا خديجه
شهقت خديجه ثم قالت بعتاب : كده يا حاج ، و ساكت كل المده دي
عبدالرحمن : ايوه ساكت و هفضل ساكت ، عشان اللي زيي ميستحقش انه حتى يتكلم ،و كفايه اللي جرالكم من كلامي ، كفايه و ياريت متجبيش سيره لحد لاني مش هاتكلم مش هاتكلم
ترقرقت الدموع في عيني خديجه حزينه على حال زوجها ، فهو من اوصل نفسه لهذا الوضع عازلا نفسه عن الجميع ، ربما لتيقنه من انه لو تحدث ستفتح عليه جبهه من اللوم الموجه من ابنائه ....
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
بعد أن رقد يامن في فراشه ، حاولت فاتن ان تطبق بضع من نصائح نوف ، و ان تتحلى ببعض الجراه ...
و عندما توجه يحيى الى غرفة الملابس تبعته و في الداخل ..قال يحيى : طب انا هاستنى فالاوضه ، خودي راحتك...
قالت فاتن بسرعه : انا مش عارفه مالي ...
يحيى بقلق : مالك ، عيانه ، في حاجه بتوجعك !
فاتن : لالا ، اقصد مش عارفه مالي زهقت من الهدوم اللي عندي و مش عارفه انقي البس ايه...
يحيى بضيق : هو انتي ناويه تخرجي السعادي ...
مطت فاتن شفتيها ، فيبدو ان اسلوبها فعلا بحاجه لاعاده برمجه كما قالت نوف ، فا هو لم يفهم تلميحها بل اثارت حنقه منها ...
فاتن بتردد : لا اخرج ايه ...انا اقصد ...
يحيى :تقصدي ايه ، لو حابه من بكره نخرج و اشتريلك هدوم جديده و كل اللي نفسك فيه ..
فاتن بابتسامه :انا نفسي فحاجه واحده بس ...
يحيى مشجعا : من بكره تكون عندك ، بس قوليلي ايه هي .؟
فاتن مداعبه : يعني مينفعش الليله تكون عندي ...
ضحك يحيى : مالليله تكون عندك ، بس اعرف الاول نفسك فايه ...
اقتربت فاتن منه : نفسي تصدقني ...
يحيى مازحا : اصدقك ، يا بنتي انا خلاص حرمت اكدبك فاي حاجه ، كفاية اخر مره كدبتك فيها عشت فعذاب خمس سنين بحالهم...
فاتن بعتاب : امال ليه مش مصدق انك الراجل الوحيد اللي ممكن احس معاه بالامان ..
قاطعها يحيى : فاتن ارجوكي ، انا مقدر الحاله النفسيه اللي انتي فيها ، اللي مريتي بيه كتير اوي ، و مش عايز استغلك و استغل الحاله الهشه اللي انتي فيها و افرض نفسي عليكي ،لازم تكوني متاكده ، لاني مقبلش ابدا اظلمك و تكملي معايا و انتي مش مقتنعه مليون فالميه فيا كراجل يقدر على الاقل يكون امانك و سندك
فاتن : طب اعمل ايه بس عشان تقتنع..
يحيى مداعبا : اممم هافكر و ابقى اقولك ... و يلا عالسرير عشان تنامي زي البنات الحلوين
ازعجتها لامبالاته ، فقالت بعناد : لا مش هنام و هتقولي دلوقت حالا
عبث يحيى بشعره مفكرا كيف يتهرب من هذه المواجهه ، لعلمه بانها ما زالت في حالة من الصدمه بعد ما اقترفته والدتها بحقها ، حتى و ان مر بعض الوقت ، ما فعلته انجي ليس بالهين ، كما انه يعلم انها بحاجه للمواساه ، بحاجه لاخ ..صديق ..شخص تعتمد عليه و لربما كان هو خيارها الوحيد ، اذن حتى الان هي معه بدافع الحاجه و ليس لانها تراه الرجل المناسب في نظرها ...
و اكثر ما يخشاه يحيى الان ...ان يتسرع مره اخرى و يزيد الطين بله ...و لربما لن يصمد حبهما امام العاصفه القادمه ، عليه ان يعيد بناء الثقه في قلبها من جديد ، و ان يحصن قلبيهما بسد منيع ..حتى لا يطمر الحب مره اخرى و يندثر تحت الرمال ...و لهذا يحتاج وقتا اكبر ..
لذا قال يحيى بخبث محاولا جعلها تتراجع : طيب ، انتي يعني بجد بجد ممكن تعملي اي حاجه عشان اقتنع
فاتن بلهفه : ايوه طبعا ...
يحيى : امممم طب ثوان بس
سار يحيى ليقف امام القسم المخصص لملابسها ..ليعبث به و كانه يحاول انتقاء شيئا ما ...
شاهدته فاتن يسحب بيبي دول ذو لون احمر داكن ...و يقول : هو ده ...
ثم امسك به بكلتا يديه ، عارضا اياه امامها : ممكن تلبسيه الليله ...عشاني
تمتمت فاتن : البس ايه ، هو في حاجه تتلبس اصلا ...
فتصميم البيبي دول يمتاز بالشفافيه و مخصص لان يظهر مفاتن الجسم بشكل صارخ
ابتسم يحيى حين رؤيته التفكير العميق و الخجل الشديد على قسمات وجهها الملائكي ، ليقول متصنعا الخيبه : خلاص معلش ، انا قلت برده انك لسه محتاجه وقت عشان تتاكدي اني الراجل...
قاطعته فاتن : اخرج بره ..
يحيى : نعم ؟
فاتن و هي تفرك يديها بحرج ، و متذكره نصائح نوف : هالبسه اهو ، بس اخرج الاول ...
خرج يحيى مفكرا : مش هتلبسه ...ده اكيد...
ليصفر مذهولا بعد دقائق ، فلقد راى من خلال المراه بانها فعلا قامت بارتدائه ..شاهدها متردده تتقدم خطوه و تتراجع خطوات ، و يبدو انها لم تلحظ مراقبته لها ...
تركها تتصارع مع خجلها لعدة ثوان اخرى ، ثم لم يستطع ان يكبح نفسه ، نهض من على السرير ، لتتراجع هي فورا الى غرفة الملابس ، ابتسم فيبدو انه خطته اتت بالنتيجه التي كان يتوقعها و لكن ما لم يتوقعه هو عدم قدرته الان على الالتزام بها ... فليذهب التأني الى الجحيم ..او اي مكان آخر ... لا يهم ... المهم الان هو ان يخمد بركان المشاعر الذي اشتعل في جسده بفعل محبوبته ، لقد الجم تلك المشاعر و حجمها طوال سنوات خلت ..و لكن ليس بعد ..الان سيطلق لها العنان
تبعها الى غرفة الملابس ، و قد قطع على نفسه عهدا ، بان لا يخذلها في المستقبل مهما كلفه الامر ، لن يعيد اخطاء الماضي ، لقد تعلم الدرس جيدا ، و كم كان درسا قاسيا ...
كانت تعبر الغرفه حينما جذبها من مرفقها قائلا : انتي غيرتي رايك ..
شهقت فاتن بخضه : اااا ... لا بس ...اخرج بره..
يحيى مبتسما : ليه ، انتي هتعملي ايه جوه ؟
فاتن مطاطاه راسها بحرج : مش هاعمل حاجه ، خمسه و جايه ..
قال يحيى بخبث : انا قلت انك لسه محتاجه وقت عشان تتاكدي...
قاطعته فاتن : لااااا ارجوك
يحيى : طب اثبتي ..
فاتن بامتعاض : ما انا لبست البتاع ده اهو ...
يحيى : مش عارف ، حاسس انك متردده ..
فاتن : لا و ربنا ...انا متاكده ...
يحيى : طب خودي لفه وريني شكله ايه البتاع ده ..
كشرت فاتن ، ليقول يحيى : خلاص انا قلت...
اسرعت فاتن لتنفيذ ما طلبه ، ليستغل الوضع قائلا : طب عشان اصدق بجد، ممكن تنزلي الحماله اليمين دي لت...
قاطعته فاتن بحنق شديد : عنك ما صدقت ...ثم اسرعت تبحث عن شيء ترتديه فوق البيبي دول ...
ليسرع يحيى و ينحني واضعا ذراعه حول خصرها ، ليحملها قائلا و هو يكتم ضحكاته : خلاص صدقت و بصمت بالعشره ..
اخفت فاتن وجهها في عنقه ، ليقول يحيى مداعبا : شكلي هاتعض علي اللي عملته
ضحكت فاتن برقه : تستاهل ، بس لو مكنش شكلي هيبقى وحش بكره كنت عملتها ....
ضحك يحيى و سار بها ، حتى وضعها على السرير ، ثم قال : الدنيا بقت حر اوي ...
و بيد واحده خلع التيشرت ، و القى به على الارض ، لتسرع فاتن بالتقاطه مدخله اياه في راسها بسرعه ، و من ثم في ذراعيها ..فلم تعد تحتمل نظراته التي اخجلتها ...
ليقول يحيى بابتسامه :بقى كده ، بعد ما صدقتك و غرغرتي بيا ...
ضحكت فاتن خجلى ، ليقول يحيى : عموما انتي ظنك فيا وحش ، لسه بدري شويه على فبالك ...
فاتن بغيظ : مفيش حاجه فبالي ..
يحيى و قد سار باتجاه غرفة الملابس : طيب طيب متزوءيش ...
عاد بعد دقيقه حاملا بيده علبه مخمليه كبيره ، ليجلس بجوارها على السرير قائلا : دول عشانك ..
امسكت فاتن بالعلبه و فتحتها ، لتشهق قائله : ايه كل الدبل دي...
يحيى : اعمل ايه ما انتي مش رضيتي تختاري دبلتك ، قولت اشتري المجموعه كلها و انتي تبقى تنقي براحتك ...
تطلع فاتن له بحب و قالت بعفويه : انا بحبك اوي اوي يا يحيى
، ثم عادت تتطلع الى مجموعه الدبل و قالت بعد ان التقطت واحده : انا هالبس دي ..
يحيى : طب هاتي انا هالبسهالك..
فاتن : بس في مشكله ..
يحيى : ايه ..
قبلت فاتن وجنته خجلى ثم قالت برقه: مش عليها اسمك ..
تناول يحيى العلبه منها واضعا اياها جانبا : انتي خليتي فيها اسامي ...
وقربها منه مقبلا اياها بكل شغف السنوات التي مضت و السنوات التي لم تاتي بعد ...
و في الصباح الباكر جدا جدا استفاقت فاتن على صوت خفيف و اضاءه بسيطه ، فتحت عينيها ببطء لتجد يحيى ممسكا بهاتفه يلتقط لها صوره تلو الاخرى ...
وضعت فاتن كفيها تلقائيا على وجهها و بحرج سالت : انت بتعمل ايه ..
يحيى : بصورك ..لاني اكتشتف ان معنديش اي صوره ليكي ، انا عايز اعمل البوم كامل ، انا تعبت من كل الصور الوحشه اللي كانوا بيحاولوا يقنعوني بيها عنك ، عايز اصورك كتير كتير ، عشان لو جت الرمله و دفنت صوره ، هلاقي بدالها الف بتقولي انت ايه و مين ...و اقدر بسهوله ازيحها و انا مطمن...
ازاحت فاتن خجلها مما حدث بينهما الليله الماضيه و اعتدلت في جلستها ، لتسال بحزن : انت لسه مش متاكد ان حبنا مش هيدفن تاني تحت الرمله..
جلس يحيى على السرير مقابلا لها و بابتسامه جانبيه قال : انا مش بس متاكد ، انا متيقن ..خلاص يا فاتن احنا حبنا بقى فوق فوق الرمال و الجبال و الوديان ...
قاطعته فاتن بضحك : يا سلام بتتريق حضرتك ... امال ايه اللي بصورك عشان لو جت الرمله و الكلام اللي يقطع القلب ..ده شويه و كنت هاعيط...
يحيى : كانت مومنت و راحت لحالها ...و بعدين يلا خليني اكمل تصوير ...
نهضت فاتن من الفراش : يبقى خليني اصورك انا كمان معنديش ليك و لا صوره ..
يحيى : طب هتصور كده ...و اشار بيده الى صدره العاري و اكمل بخبث : هاتي التيشرت بتاعي ...
فلقد عاودت فاتن ارتدائه مره اخرى ، قالت معترضه : عندك مليون واحد غيره ...
يحيى بتصميم : لا ده احلى فالصور .. ..
فاتن : يباي ، خلاص هاديهولك ..و اتجهت لتبدله في غرفة الملابس
ليجذبها يحيى اليه قائلا : طب هاخليهولك بس بشرط
فاتن بزعل: تؤ مش عايزاه خلاص...
يحيى : انتي زعلتي ، امري لله هاصالحك بقى
و اخفض راسه مقبلا اياها بشغف ...لتتجاوب معه بعد قليل مقابله شغفه بشغف مماثل ...
"و انا لما ابوس يقولوا عيب "...
ابتعدت فاتن مخضوضه حين سمعت صوت يامن ، اما يحيى فانفجر ضاحكا ، لتقول فاتن بغيظ: بتضحك ..
يحيى هامسا : مفروض كنا قفلنا الباب ...
يامن : انت بتقولوا ايه ..
يحيى : بنقول يلا حضن جماعي ...
اندفع يامن ليلتقطه يحيى ..محتضنا اياه و زوجته ...سعيدا و مطمئنا لان حبهما سيبقى دوما و ابدا ... حب فوق الرمال ...
حب وقف صادما و قويا امام كل المطبات و العواصف ..مع انها لم تكن كثيره طوال السنوات التي خلفت هذه الليله .. بل كانت كلها مطبات سعيده اثمرت عن انضمام فردين جديدين لعائلتهما الصغيره عبدالرحمن و ليلى .... و اللذان سميا على اسم جدهما و عمتهما ... اما اسم كِنان فلقد اطلقه لؤي و ديما على ابنهما الاكبر ، اما ابنته الصغرى فسماها خديجه .....
و بعد مرور العديد العديد من السنوات و في حفل زفاف يامن و اميره ..همس يحيى لزوجته : انا متأكد ان حبهم هيكون شبه حبنا تمام
فاتن مداعبه : حب تحت الرمال
ابتسم يحيى محتضنا زوجته بحب و مصححا : حب فوق الرمال
تمــــــــــــــت بحمد الله
خلصتي؟ الرواية الجاية أقوى وأحلى… تعالي وعيشيها معانا👇